في البدء كلمة
بعد ان عرفته على حقيقته خرجتُ اتمشى ليلاً وفي القلب غصة ، والكثير من الصور والاحداث تتزاحم في الفكر عن انسان يتظاهر بالقداسة لكنه شيطان اكبر ، أسير متنهدًا واضعًا احدى ذراعيَ على الاخر فوق صدري واتمتم مع نفسي الحزينة المصدومة : إن ارتداء الاقنعة لا بد وان يعقبه سقوط لا محالة ما دامت هذه الاقنعة وضعت اصلاً للتضليل واخفاء الحقيقة والتعتيم ...... فمن الممكن ان تخدع الاخرين وذاتك ..... فتختلق حدثًا او موقفًا او كذبةً وتصدقها وتوهم بها الاخرين ...... ولكن هل من الممكن ان نخدع الله ..... لنفكر مليًا ماذا سيقول واحدنا للرب ؟.... لاسيما اؤلئك الذين يضعون على رؤسهم هالات القداسة !!
ففي مجتمع كمجتمعنا وللاسف تعلمنا ان نتصنع ونوهم الاخرين .... تعلمنا ان نتصنع وأن نُقلد الاخرين وان نكون مثل هم ما يريدون ويتمنون وليس كما نحن نُريد . ومنذ نعومة اظافرنا خضعنا لمقارنة ومنافسة مع الاخرين ( أنه يشبه اباه وأمه ..... لماذا لا تكون مثل أخيك او رفقيك هادئًا متفوقًا ..... أنظر إلى فلان كيف يتصرف وتصرف مثله .... انه نسخة من خاله او عمه) فيحاول كل منا ان يتماهى مع من شبه به من قبل الاهل والاصدقاء ..... ومن هنا كانت بدايتنا في التصنع والتقليد
كلنًا وللاسف نتصنع وفي اوقات مختلفة ربما لأسباب نفسية او اجتماعية أو.... وفي مواقف كثيرة نكون على غير طبيعتنا ..... ولكل منّا اسبابه ان كانت بوعي او من دون وعي ، فنقول للضرورة احكام او الاتكيت يتطلب ذلك .....
لكن لماذا ؟؟
لماذا نفعل ذلك فقط لنرضي من حولنا؟؟
فقط لنريح الاخرين وانفسنا لا؟؟!!
اخوتي
من اتعس الامور واقساها على انساننا ان يعيش بوجوده عديدة ، فيكون متخبطًا في ذاته ولا يشخص الاحداث ولا الاشخاص . ليعيش بعدم وضوح يجعل منه ممثلاً بارعًا متعدد الاقنعة . وما اكثر الممثلين اليوم وفي اكثر من مجال ومكان!!
ولعلي اقسوا فأقول : صعب على الإنسان ان يتصرف بزيف وتحايل فيمثل ادوار بطولة بارعة في فيلم اسمه الحياة! والاصعب ان يقضي حياته باكملها وهو لا يدرك قيمة نفسه ولا يتحسس عظمة الوجود فيقضي الوجود على الفراغ ..... وسيعيش علاقات فاشلة لانه لم يظهر شخصيته الحقيقة ، فيمر امام معضلة الوجود مرور الكرام !
للامانة
بقلم الاب يوسف جزراوي