منتديات أولاد أم النور
بسم الآب والإبن والروح القدس الإله الواحد آمين
♥️†††♥️†††♥️
كيف عرفت ابويا Omy10
مرحبا ً بك زائرنا العزيز
ينبغي عليك أن تعرّف بنفسك لدخول المنتدي
وإن لم يكن لديك حساب بعد، فنحن نتشرف بدعوتك لإنشائه
منتديات أولاد أم النور
بسم الآب والإبن والروح القدس الإله الواحد آمين
♥️†††♥️†††♥️
كيف عرفت ابويا Omy10
مرحبا ً بك زائرنا العزيز
ينبغي عليك أن تعرّف بنفسك لدخول المنتدي
وإن لم يكن لديك حساب بعد، فنحن نتشرف بدعوتك لإنشائه
منتديات أولاد أم النور
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالرئيسية  المجلةالمجلة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  التسجيلالتسجيل  

 

 كيف عرفت ابويا

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
فرايم حبيب
خـادم أم النــور
خـادم أم النــور
فرايم حبيب


شفيعـي : دائمه البتولية
الهواية : كيف عرفت ابويا Unknow11
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



كيف عرفت ابويا Empty
مُساهمةموضوع: كيف عرفت ابويا   كيف عرفت ابويا Emptyالإثنين 30 أغسطس 2010, 9:20 am




[size=21]حدث ذات مساء أن انتابني شعور غريب عندما كنت اذرع الطرقات في حديقة منزلي. وكان الغسق قد بان في الأفق، وانتشر عبير الأزهار في كل مكان. لقد جرى شئ غريب فسألت نفسي: ماذا جرى حتى ارتعبت هكذا؟
توقفت لحظة في مسيري وتطلعت حولي فشاهدت الخدام داخل المنزل يهيئون الطعام، ويوقدون الأضواء. أما أنا فما زلت في الحديقة اتلمس طريقي، وأقف مشدوهة ومنذهلة، بعد أن ظهر لي ذلك الشئ المريع. كل شئ في الخارج بدأ عاديا وهادئا فَلِمَ الخوف والارتباك الذي لازمني؟ سأستنشق عبير الأزهار، وأجمع باقة من النرجس أحملها إلى غرفتي وأتابع مسيرتي. لكني شعرت فجأة أن شيئا غريبا أخذ يمس رأسي. فذعرت وخلت المكان مسكونا بالأرواح، وصرخت مذعورة: ما هذا؟ وماذا جرى؟
أسرعت نحو المنزل وأنا مذعورة، وإذا غمامة باردة من الضباب تغمر رأسي. وتحركت الغمامة ثم توارت، وتطلعت حولي فإذا البستان يبدو قائما أمام نظري. وهبت نسمات باردة داعبت أوراق الصفصاف المنتشرة في الحديقة ولازمني شعور من الخوف والحيرة، فأخذت ارتجف وبت مشدوهة وحائرة.
خاطبت نفسي قائلة: ما لك يا بلقيس! اضبطي عواطفك! ليست تلك الغمامة سوى صورة ابتدعها خيالك ليداعبك. وكان لا بد من دخول البيت لأن وقت العشاء كان قد اقترب، فحملت باقة النرجس وتثاقلت بخطواتي أقصد باب المنزل.
كانت نوافذ البيت تعكس أنوار الحب الدافئ في الداخل. وقلت في نفسي أن هذه الحجارة البيضاء التي تكوّن الجدران، والأبواب الخشبية للمنزل ستقدم لي حماية من كل شئ غريب. ففي الداخل يقين واطمئنان.
ولما أوشكت دخول المنزل شاهدت شيئا غريبا يهبط على مقربة مني، وكاد يمس كتفي. ومن عادتي أنني لا اكترث للأمور غير الطبيعية واهزأ بها، لكن الآن غمرني شعور بأن شيئا غريبا قد حصل، وإن أمرا غير طبيعي قد تراءى لي. إذ حالما وطئت قدماي أرض المنزل إذا بلمسة غريبة تمس يدي اليمني فصرخت وأغلقت الباب ورائي.
وللحال هرع الخدام نحوي وهم خائفون أن يظهروا أية ملاحظ أو يوجهوا أي انتقاد لأني ظهرت كشبح أمامهم. ولم أجرأ على الكلام إلا ساعة حان ميعاد نومي. عند ذلك تحدثت مع الجاريتين وأخبرتهما عن الشيء الغريب الذي تراءى لي. وسألت: هل تعتقدان بوجود أرواح؟ وكانت إحدى الجواري مسلمة وإسمها نورجان، والثانية مسيحية وإمسها ريشام، وحاولتا في بادئ الأمر تحاشي الإجابة على سؤالي إلا أن نورجان تجرأت وقالت: أتريدين يا سيدتي أن استدعي الملأ، وهو الأمام في أحد مساجد البلدة. فقد يحضر جالبا معه بعض الماء المقدس الذي به يظهر الحديقة ويطرد الأرواح.
وكنت حينذاك قد استعدت وعيي الكامل، وتأثرت في أعماق قلبي بأنني استسلمت للاعتقاد بالخرافات. ولم أشأ أن ينشر هذا الحادث في البلدة، فاتسمت وقلتُ لنورجان: لا أريد أن يدخل هذا المكان أي رجل ليطرد الأرواح منها. وعلى الأثر تناولت نسخة من القران الكريم الذي كان بجانبي ضمن غلاف جلدي أزرق، وقلبت بعض صفحاته ثم استسلمت للنوم.

أنه مازال ينزف, من أجلى ومن أجلك


مسيحيتنا فوق الزمان


أفقت عند الصباح على صوت المؤذن وهو يدعو للصلاة وكان صوته مثل السابح الذي يجاهد للخلاص من الغرق, كان صوتا ناعما ورقيقا وقد اخترق الفضاء وأعاد إلى الوعي السليم. وهذا النداء للصلاة يتكرر خمس مرات كل يوم من المآذن في البلاد الإسلامية. ويبدو أن نداءه للصلاة انتعش روحي، لا سيما بعد ما حدث لي ذلك الحادث الغريب البارحة، وبعد تلك الليلة المزعجة التي مرت بي. وأني أذكر أنني سمعت هذا النداء يتكرر طوال الست والأربعين سنة من حياتي. وبالطبع انتقل تفكيري إلى مصدر النداء، وإلى الآله العلي الذي ترفع الناس الصلاة إليه صبحا ومساء.


قبل بضعة دقائق كان مؤذن قرية وان الباكستانية يفتح باب المئذنة المطلة على منزلنا. ودخلها ليتسلق إدراجها الملتوية البالية، التي أفنت نعال المئات من أحذية المؤذنين الذين تسلقوها عبر الأجيال. وأتصوره يتريث عند الباب الأعلى المطل على الناس ليلتقط أنفاسه بعد تسلق الإدراج العديدة. ومشى بضع خطوات على الشرفة ثم هتف بذلك النداء الذي اعتاد المؤذنون أن يدعو فيه الناس للصلاة طوال الأربع عشر قرنا من ظهور الإسلام. حيُ على الصلاة حيُ على الفلاح.


أجل لقد تجاوب صوت المؤذن مع ضباب الصباح ونسيمه العليل، وتماوج الصوت في الطرقات والأزقة، وسمع بجلاء في ليلة نوفمبر الباردة. وكان قد وصل الصوت نوافذ غرفتي واخترق جدرانها الحجرية التي تلونت بلون فضي من أشعة الشمس المشرقة. وعندما سمعت آخر مقطع من نداء المؤذن تذكرت الاختبار المريع، والمظهر الغريب الذي حصل لي الليلة الماضية في حديقة منزلي. وقد حاولت أن أنساه بأن أجعل تفكيري يتجه إلى أعمالي الروتينية. وهكذا نهضت من نومي، وقرعت الجرس الذهبي الموضوع على مائدتي الرخامية قرب فراشي.


ولدي سماع رنات الجرس وقرعاته الموسيقية العذبة هرعت نورجان مسرعة. والمعروف أن الجاريتين نورجان وريشام تنامان في الغرفة المجاورة لغرفتي وكانت قد نهضتا قبل ساعة وهما تنتظران ندائي وأوامري لهما. ومن عادتي أن أتناول شاي الصباح وأنا في السرير. وتعده لي ريشام. أما نورجان فهيأت المشط والفرضاة وأخذت تستعد لترتيب شعر رأسي. في حين أن ريشام دخلت الغرفة تحمل صينية عليها إبريق شاي من الفضة وفنجان اعتدت أن أشرب الشاي منه.


ولا بد من كلمة عن أوصاف الجاريتين، فنورجان كانت في مقتبل العمر وهي قصيرة وسمينة، أما ريشام فكانت أكبر سنا، وأطول قامة وأهدأ سلوكا. شربت الشاي المنعش، وعلى الأثر شعرت ببعض الراحة. وسولت لي نفسي بأن تفكر بأن الشاي ربما كان أفضل من الصلاة في تهدئة أعصابي. ولو عرفت أمي أني لا أقدّر للصلاة قيمتها لاضطربت وحزنت في قلبها، لأنها كانت من دعاة الصلاة. وكثيرا ما رأيتها تفرش سجادة الصلاة على أرض الغرفة وتتجه بوجهها تجاه مكة المكرمة، ثم تقوم بعد ذاك بالفرض المقدس، وتؤدي الصلاة على الطريقة الإسلامية المعهودة، وفيما أنا أفكر بأمي حانت مني التفاته إلى خزانة الملابس التي ورثتها عنها. وكانت مصنوعة من خشب الصندل، ومغشاة بالفضة. وكانت رحمها الله قد ورثتها عن أمها من قبلها. من أجل ذلك اعتبرت هذه الخزانة ذكري محببة لي من أمي الراحلة، وكنزا ثمينا يجدر بي أن أحتفظ بي مدى الحياة. وبعد أن شربت فنجان الشاي بدأت الجاريتان عملهما، واحدة في تقليم إظفاري والأخرى في تمشيط شعري. وفيما هما تشتغلان تحدثتا عن إختبار القرية وكانت ريشام تعطي بعض الملاحظات عن الحديث الذي دار بينهما.


فقد ذكرت ريشام أن ولداً ترك بيته في القرية ليذهب إلى المدينة ليحظى بفتاة يتزوجها هناك. ثم ذكرت أن جريمة قتل حدثت في بلدة قريبة من مسكن عمتها، وارتجفت ريشام عند ذكر ذلك لأن الفتاة المقتولة كانت مسيحية. وقالت إنها كانت تعمل خادمة في بيت أحد المرسلين وقد عثر على جثمانها في أحد أزقة تلك القرية.


وسألت: هل جرى تحقيق لمعرفة القاتل؟


أجابت ريشام: لا يا سيدي! وأدركت أن ريشام لكونها مسيحية لم تشأ أن تتكلم عن جريمة القتل وربما كانت تعرف من قتل الفتاة. ويبدو أن أخاها لما عرف أنها تعمدت وغيرت دينها ثارت حميته ورغب أن يمحو هذا العار عن العائلة فقتلها. وكان هذا شائعا لكل من يترك الإسلام ويعتنق دينا جديدا.


قد تكون الشريعة قاسية نوعًا ما في هذا الشأن، أنما جماعة المتحمسين للدين، وإتباع التقاليد يأخذون القانون بأيديهم، ويثأرون بشدة لمن تسوّل له نفسه ترك الإسلام واعتناق دين جديد.


والغريب أن الأثيرية كانت تعلم من قتل تلك الفتاة التي اعتنقت المسيحية، أنما لم يستطع أحد أن يثأر لها أو يحرك ساكنا، لأن هذه كانت العادة المتبعة أن أحد المقربين يمحو العار عن العائلة بقتل من يشذ عن التقاليد المرعية. وقد حدث قبل سنة أن أحد الخدام عند أحد المرسلين المسيحيين وجد مذبوحا وجثته مطروحة في أحد الخنادق، لكن لم تتخذ أية إجراءات عدلية في هذه القضية.


لقد حاولت أن أنسى هذه القصص الأليمة لذلك نهضت من فراشي وللحال جلبت لي الجارية بعض الفساتين من خزانتي لاختار أيها أشاء، فأشرت إلى فستان مطرز بالجواهر. وبعد أن لبسته تركت الجاريتان غرفتي. وكانت الشمس قد ملأت جوانب الغرفة بنورها المشرق الوضاء، وانعكست تحلي صورة كانت على المائدة ضمن إطار ثمين. وكانت الصورة تمثل شخصية في أحد مطاعم لندن الأنيقة.


مثلت الصورة رجلا في مقتبل العمر شديد البأس ذا شارب أسود وعينين متقدتين بالحماسة، وقد مثلت زوجي السابق القائد خالد الشيخ. وسألت نفسي: لماذا أبقيت هذه الصورة في غرفتي لأنني أخذت أكرهه، ومتلات نفسي حقدا عليه لأني كنت أتصور أنني لا أستطيع العيش بدونه, أنه في ريعان الشباب وهو الجنرال خالد وزير داخلية الباكستان. ويظهر بجانبه سيدة مرحة هي أنا. وكنت منحدرة من عائلة إسلامية محافظة، وكانت عائلتي طوال سبعة قرون أسياد تلك المنطقة من ولاية هندية في الشمال الغربي مما كان يعرف قبلا ببلاد الهند. وقد أخذت تلك الصورة قبل ست سنوات، وكنت في ذلك الوقت أعيش بين باريس ولندن وأعمل مضيقة للسياسيين والصناعيين من كل إنحاء العالم.


وقابلت نفسي الآن بما كانت عليه في ذلك العهد، فوجدت أن الابتسامة الندية فارقت محياي. وهذه البشرة الناعمة قد تحولت إلى بشرة قاسية، وذلك الشعر اللامع الجميل قد خطة الشيب، وذلك الوجه الأملس قد تجعد من كثرة العناء ووفرة الهموم ومرارة العزلة والوحدة. أجل لقد تحطم ذلك العالم السعيد الذي كنت أنعم به كما تمثله الصورة عندما تركني زوجي خالد قبل خمس سنوات. وتأثرت من حياة المدن الكبيرة والعيش في لندن وباريس أو راولبندي الهندية، من أجل ذلك قصدت الإنعزال والسكن في هذا المكان الهادئ وضمن أملاك سكنها أجدادي.


آثرت السكن في هذه البقعة من الأرض الواقعة على سفوح جبال الهملايا. وقد قامت قرية بالقرب من ممتلكات أجدادي على إحدى التلال الجميلة عرفت بإسم واه، وكنت قد قضيت أيام طفولتي في تلك القرية، ووسط الحدائق التي غرسها أفراد من أسرتنا من الجيل السابق. وكانت منازل القرية بقبابها العالية وغرفها الجميلة قديمة العهد وأثرية، وهي تشبه البيوت المبنية على جبل صفدكو المكسو بالثلوج والمجاور لقريتنا.


وسكنت عمتي معي في أحد المنازل الرئيسية التابعة للعائلة ولما كنت أنشد العزلة اخترت مسكنا متواضعا في ضواحي قرية واه. وكان البيت مثل الجوهرة، مبنيا وسط أرش تبلغ مساحتها 12 فدانا، وضم حدائق غناء، وأراض واسعة، يتوسطه ذلك المنزل المتواضع الذي اخترته مسكنا لي. ويتألف من طابقين العلوي للنوم والسفلي للأكل والاستقبالات، وتوفقت لأني حظيت بمثل هذا الجو الذي يقدم لي الراحة والهناء والإستقرار والسكينة.


[url=http://www.om-elnor.com/vb/customavatars/avatar20688_1.gif]كيف عرفت ابويا Avatar20688_1[/url]


وقدم لي المنزل أكثر ما كنت أتمني لأن الحديقة تحتاج من يرعاها، وكانت هذه تسلية لي، أقضي معظم أوقاتي في العمل مع الطبيعة الخيرة وفي الأرض الطيبة. ومع الوقت حولت الإثني عشر فدانا إلى حدائق غناء إذ ملأت تلك الرقعة من الأرض بالمياه الجارية، والحدائق بالأزهار الجميلة النادرة. وهكذا غدت تلك البقعة من الأرض والمنزل الذي اخترته واحتي المفضلة، والفردوس الأرضي الذي أنشده. وقد لقبت بالمتنسكة، وبالسيدة المتوحدة، وبالفعل فأني انعزلت عن حياة المدن، وآثرت العيش مع الطبيعة الجميلة وبالقرب من حدائق منزلي وأزهارها.


وحولت نظري عن الصورة التي كانت على المائدة، وتطلعت من النافذة المطلة على قرية واه. وأعاد إسم القرية ذكريات جميلة إلى نفسي، فقبل عدة قرون كانت تلك المحلة خربة إلى أن مرّ أحد أباطرة المغول بقافلته منها. فتوقفت القافلة تنشد الراحة. ونام الإمبراطور قرب أحد الينابيع التي تتفجر في ممتلكات أرضنا. وفيما هو مرتاح تحت إحدى شجرات الصفصاف هتف من شدة فرحه وإرتياحه بالكلمة واه. وعلى الأثر أطلق إسم واه على تلك الناحية. ومع الوقت نمت وترعرت فغدت قبلة للزائرين، ومحطة للقوافل الذاهبة والايبة في تلك منطقة.


وحالا تذكرت ما حدث لي الليلة الماضية من اختبار غريب. وحاولت طرد تلك الأفكار من ذاكرتي، إلا أن تلك الرؤيا ظلت تتراءى أمي. وقلت لأطوي صفحًا عما حدث، فهذا يوم ثان، وهذا صباح جميل. ولدي كثير من الأشغال والأعمال التي تلهيني عما حدث.


استنشقت نسيم الصباح العليل، وأنا واقفة بالقرب من نافذة غرفتي، وشاهدت الخدام وهم يكنسون ساحة الدار، وتصاعدت رائحة الطعام الموضوع فوق المواقد، وكانت دواليب طاحونة الماء وهي تدور وتدفع بالماء تسمع من بعيد، فتأوهت وقلت هذه قرية واه، وأنا أسكن فيها. وها هو منزلي يقدم لي الراحة ويعيد السكينة إلى نفسي. فما أحلى هذه البقعة من الأرض! وما أجمل السكن في هذه القرية!


في هذه البقعة من الأرض عاش الأمير الإقطاعي نواب محمود حياة خان قبل سبع مئة سنة. ونحن من سلالة ذلك الأمير العظيم. ومنذ ذلك الزمان وعائلتنا تعرف في بلاد الهند بآل حياة من قرية واه، ومنذ ذلك العهد، والقوافل تمر من الطريق المجاورة لقريتنا، وما أكثر القواد والأباطرة الذين سلكوا ذلك الطريق أثناء أسفارهم، لما كانوا يعرجون علينا لزيارة أحد من أصلافنا. وحتى في أيام صباي كان النبلاء والزوار من أوروبا وأسيا يسلكون نفس الطريق قاصدين زيارة أمراء قرية واه، وبعضا من أسلافنا الغابرين؟ أما الآن فلا يستعمل تلك الطريق سوى البعض من أفراد أسرتي الذين يفدون لزيارتي. ومعنى هذا أنني لا أرى أناسا أغرابًا، وجل من أراهم هم من أفراد عائلتنا الكبيرة.


لم أكن لأبالي بحياة العزلة لأن الخدام الأربعة عشر الذين كوّنوا حاشيتي كانوا كفاية لتسليتي. وأسلافهم وآباؤهم من قبلهم خدموا أسرة آل حياة لأجيال طويلة، أنما تسليتي الكبرى في عزلتي كان حفيدي محمود. وهو يبلغ الآن الرابعة من عمره. وأمه كانت توني إحدى بناتي الثلاث، وهي نحيفة وجذابة المنظر واشتغلت كطبيبة في مستشفى العائلة المقدسة في مدينة راولبندي المجاورة. وكان زوجها من أصحاب الأملاك الشهرين في تلك الناحية، بيد أن حياتهما الزوجية لم تكن هينة، وكل سنة كانت العلاقات الزوجية تتدهور بين ابنتي وزوجها. وكثيرا ما كانت توني ترسل محمود عندي عندما تكون مشغولة. وزاد ترددها علي عندما استاءت العلاقات الزوجية بين الوالدين، ويوما ما جاء الوالدان يعرضان عليّ أن أعتني بمحمود، وكان يبلغ سنة واحدة من العمر، وريثما يسويان أمر خلافاتهما. قلت لهما: لا أريد أن يكون محمود مثل الكرة تتقاذفه الأيدي هنا وهناك، فإذا شئتما تبنيته واعتبرته ولدي. ولما لم تستطع توني أن تسوّي علاقاتها مع زوجها طُلقت منه، وكانا قد وافقا أن أتبنّى محمود. وفي البداية كانت توني تسكن قريبة مني فتحضر بين الآن والأخر لترى محمود. وهكذا عشنا نحن الثلاثة على مقربة من بعضنا البعض، لأن ابنتي الثانيتين كانتا بعيدتين عني.


ولشدما غدا محمود تسليتي الكبرى. وها قد مضى عليه ثلاث سنوات في رعايتي: وهذا الفتى الناشئ بطلعته الملائكيه وعينيه العسليتين كان مجلبة للفرح والسعادة لي. وكانت ضحكته تشيع السرور بين سكان المنزل وترفع من معنوياتي وتبدد سحابة كابتي. وكثيرا ما فكرت في مصيره للمستقيل، وفي شعوره تجاهي، وهو يعيش مع جدة منكسرة القلب ومعزولة عن الناس. أما أنا فخصصت له ثلاثة من الخدام ولبيت جميع حاجاته، وحاولت دوما أن أجلب السرور إلى قلبه.


[center]
وذات يوم انزعجت كثيرا لما علمت من الخدام أن محمود غير راغب في الأكل خلافا لعادته. فهو دائما يتردد على الخبز ويتناول ما شاء من الحلوى والكعك الشهي. ولما علمت من الخادمة أنه يرفض تناول الطعام سألته عن سبب ذلك قال: إنني لست جائعًا. وقالت نورجان ربما كان محمود يشكو من أرواح شريرة تهاجمه. فأنبّتها على هذا القول، وقلت نحن لا نؤمن بمثل هذه الخرافات. ولكني عدت فتذكرت الحادث الغريب الذي حصل لي في الليلة سابقة وقلت ربما كان في المسألة سرّ مستغلق علينا، والأفضل أخذه عند طبيبه الخاص للمعالجة.


عدت فعرضت على محمود أقراصا من الحلوى اللذيذة التي كان يحبها والتي كنت قد استوردتها له من الخارج خصيصا. وعلى الأثر فاضت عيناه بالدموع وقال: أحب هذه الشوكلاتا يا ماما، لكني عندما أحاول ازدراد أي شئ يعروني ألم شديد. فسرت في جسمي قشعريرة باردة عندما تطلعت إلى حفيدي وهو منكمش ويائس مع أنه كان على الدوام روحا مشتعلة، وفتى مملوءًا بالحيوية والنشاط.


وللحال استدعيت منصور سائق السيارة، وكان مسيحيا، وقلت له أن يعد السيارة لنأخذ محمود فيها عند الطبيب في بلدة راولبندي المداورة. وعندما فحص الطبيب الفتى قال: إنه لا يرى فيه أي مرضي. فزاد انزعاجي إذ لا علاج يستطيع إعادة هذه الحيوية المرحة إلى شخصية محمود الفتية. وقلت في نفسي ربما كانت نورجان مصيبة في ادعائها بأن أرواحا شريرة تطارد هذا الصبي الناشئ. ولما كان ما يشكو منه محمود هو فوق طاقة الأطباء فلا بد أن ما أصابه جاءه من عالم الروح. وفيما أنا أفكر بمثل هذا تذكرت ما قاله مرة والدي عن قديس سكن في تلك الناحية شاع عنه أنه يصنع عجائب. وعند ذاك ضحكت من مثل هذه الادعاءات، انما الآن بدأت نفسي نسول لي بتصديقها: وعندما اقتربنا من المنزل بعد عودتنا من زيارة الطبيب قلت في نفسي: ألا يمكن أن تكون قضية محمود لها علاقة بما تراءى لي من غيمة مفاجئة في الحديقة، ومن شبح مس أهداب شعري، وأنا أطأ عتبة المنزل في تلك الليلة التي ظهرت لي تلك الرؤيا المريعة وحصل لي ذلك الاختبار الغريب؟!


وعندما تحدثت مع نورجان عن مسألة محمود طلبت مني أن أستدعي إمام المسجد ليصلّي من أجله ويرش جنبات الحديقة بالماء المقدس.وبدأ الخوف على وجه نورجان وتطاير غبار الحتاء عن أصابعها وهي تصر على استدعاء الملآ لتطهر البت من الأرواح الشريرة. كنت في الماضي أعتقد ببعض ما كانت به نورجان، أما الآن فقد تركت هذه الأفكار القديمة وهجرت بعض العادات المتوارثة التي كان يمارسها أبناء قومي، حتى أنني ابتعدت عن القيام بالمراسيم الدينية، كالصوم والصلاة خمس مرات في اليوم. انما القضية التي أمامنا الآن هي قضية هامة وتمس صحة الحفيد محمود، وهو الولد الذي تبنيته والعزير لديّ. والحبيب إلى قلبي. وما كان مني بعد جدال بسيط مع نورجان أن فوضتها بإستتدعاء إمام المسجد لمعالجة هذه المشكلة.


جلست في اليوم التالي مع محمود قرب نافذة غرفتي بإنتظار قدوم الملا. قرع الباب ودخل المنزل وعباءته تتطاير مع هبات الهواء. وتأسفت في قلبي لأني استدعيت مثل هذا الرجل الوقور في مثل هذا الطقس المضطرب. وما أن استقر به المجلس حتى فتح المصحف الشريف وكان محمود يراقب حركاته بلهفة فائقة. وكان لون بشرة الإمام يشبّه لون غلاف المصحف. وما هي إلا برهة قصيرة حتى تناول يد محمود وأخذ يتلو آيات من القرآن الكريم. وهي آيات يستعملها المسلمون المؤمنون عند المرض، أو عند الشروع في عمل خطير أو القيام بأشغال تجارية أو ركوب البحر للسفر.


ثم وضع الإمام يده على رأس محمود وهو يتلو بصوته الرخيم بعض الآيات الكريمة. وبالطبع فان تلاوته للآيات كان باللغة العربية لأن لا أحد يحبذ ترجمة القرآن إلى لغات أجنبية ويفضل المسلمون إستعمال القرآن بالعربية. ثم وجه الإمام القرآن نحوي وقال: هذه آيات من سورتي الفلق والناس، أريدك أن تعيدي تلاوتها. قلت: لا أريد لأن الله نسيني وأنا بدوري نسيته. وتطلع الإمام إليّ محدقا وحدجني بنظرات مؤنبة فتغيرت لهجة كلامي لا سيما وأنا التي استدعيته إلى منزلي، وغايتي مصلحة الحبيب محمود وصحته الغالية. وما كان مني إلا أن تناولت المصحف الشريف وقرأت الآيات التي أشار إليها الإمام.


وتردد الإمام علينا لمدة ثلاثة أيام متتالية، وكان في كل مرة يتلو آيات من القرآن الكريم. ولحسن الحظ تحسنت صحة محمود، وما عتم أن استعاد نشاطه وحيويته. وأصبحت في حيرة من أمري هل أصدّق ما جرى، وهل حقيقة أن تلك الآيات الكريمة هي التي شفت محمود؟! وهكذا أخذت تبرز حوادث خفية وأحداث غريبة، وهذه بدأت تتحرك لتغير دنيا أفكاري وتحطم الجو الفكري الذي عشت فيه طوال حياتي، لا سيما بعد ذلك المظهر الغريب الذي تراءى لي، والإختبار المريع الذي مرّ بي في إحدى الليالي الماضية.



بعد تلك الإختبارات التي مرّت بي، وجدت نفسي مدفوعة إلى كتاب الله العجيب القرآن الكريم. وقلت في نفسي علني أجد في مطالعة هذا الكتاب تفسيرا للحوادث الغريبة التي مرّت به، وعساني أجد فيه ما يملأ فراغ نفسي. والغريب أن اللغة الباكستانية (الأوردو) تستعمل نفس حروف الهجاء العربية. ويفضّل وجود القرآن الكريم باللغة العربية خشية التشويه لدي الترجمة.


وكنت وأنا صغيرة قد بدأت أتعلم العربية ليتسني لي مطالعة القرآن. وأذكر أن ذلك كان لما بلغت من العمر أربع سنوات وأربعة أشهر وأربعة أيام. وهذا هو العمر المناسب للناشئين لدراسة القرآن الكريم. واحتفلت عائلتنا بهذه المناسبة حيث دُعي جميع الأقارب إلى حفلة خاصة. وأذكر أن زوجة الملآ الذي كان إماما للمسجد هي التي بدأت تعلمني الحروف العربية.


وأتذكر بنوع خاص العم فتح. وكان هذا عمي بالفعل، لا لقبا يستعمله الناس للدلالة على احترام الشيوخ والمسنين إذ يلقبون كل رجل محترم بكلمة عم، مع أنهم بالفعل لا يمتون بصلة قرابة لهم. وكان عمي فتح يراقب حركاتي في تلك الحفلة. وقد طفح وجوهه بالفرح عندما تلوت قصة الملاك جبريل وهو يهبط بالوحي على النبي محمد وهو في غار حيراء عام 610 بعد الميلاد. واستغرقت دراستي لكتاب الله فترة سبعة أعوام وعندما أنهيت هذه دراسة أقيمت لي حفلة كبيرة تفوق سابقتها عند بدايتي بالدراس.


أجل لما كنت في السابعة من عمري كنت أقرأ القرآن الكريم كواجب وفرض محتم. أما اليوم فقد أقصده عند الحاجة وفي المناسبات. والآن أخذت أفتش عن بعض الآيات التي ربما تقودني لمعرفة ذلك الاختبار الغريب الذي حصل لي في الحديقة في تلك الأمسية التاريخية. فتناولت نسختي من القرآن التي ورثتها عن والدتي، واستلقيت على فراشي وقرأت سورة العلق، وهي أول سورة نزلت على النبي وهو في غار حراء. وتهت بعذوبة الكلام وأعجبت ببلاغة التعبير. وعندما طالعت ما ورد عن طلاق لم أجد منفرجا لحالتي لأني تذكرت زوجي وهو ينطق بكلمة الطلاق ثلاث مرات ويتركني. وتصورته والشرر يتطاير من عينيه وهو يقول: لم أعد أحبك. وتساءلت في أعماق نفسي ماذا جرى لتتركني بعد تلك السنوات الطويلة التي عشناها بالمحبة سوية؟ وهل انتهى أمر زواجي وأصبحت مطلقة؟ وهل هذا ما كتبه القدر لي أن أعيش وحيدة بقية أيام حياتي؟


وفي اليوم التالي تناولت المصحف الشريف، وأخذت أقلب صفحاته عساي أجد بعض الآيات التي تعيد اليقين والاطمئنان إلى نفسي. وما أكثر الانذارات والتحذيرات التي مرّت أمام نظري. وفي القرآن الكريم تشريع وإرشادات لحياة طاهرة ومستقيمة. ولما قرأت الآيات من سورة مريم عن يسوع دهشت أن القرآن الكريم يعترف به أنه مولود من عذراء وأنه من روح الله. لكنه لا ينعته بابن الله كالإنجيل خشية أن تشوه عقيدة التوحيد. والإسلام لا يرضى بمشاركة أحد لله في الألوهية، وفكرة الثالوث تدعو إلى الشرك، والإبتعاد عن الوحدانية. وكنت أكرر العودة إلى هذا الكتاب عساي أجد فيه منفرجا لما يجول في أعماق نفسي من اضطراب وانزعاج وعساي أجل ضمن صفحاته السلام القلبي الذي كنت أنشده.


ولشد ما قصدت الحديقة وبدأت أتجول في دروبها، وأراقب أزهارها ورياحينها عساني أجد السلام المنشود وسكينة النفس في الطبيعة الجميلة وفي الأرض الطيبة، أو في الذكريات الماضية. وكان محمود يرافقني في تلك الجولات وكثيرا ما كنت أراه يقفز ويركض في تلك الطرقات التي أحببتها منذ صفري. ورغم أن الفصل كان خريفا فأننا شعرنا بالدفء وسحرنا بجمال الطبيعة الفتان.



وتصورت في تلك الغدوات والدي، وهو يسير بجانبي، لابسا عمامته البيضاء وبزّته الرسمية، لأنه كان وزيرا للدولة الباكستانية الناشئة حديثا. وأسمع نداءه لي يتجاوب في أعماق نفسي، وكان يدعوني ببلقيس السلطانة. وكانت بلقيس ملكة سبأ المشهورة، وأضاف إلى إسمي السلطانة، ليذكرني بتلك الملكة العربية، وليسبغ على هذا اللقب الملوكي.


وما أكثر الأحاديث القيّمة التي دارت بيني وبين والد عند ذاك. وقد ذكرنا دولة الباكستان التي نشأت من جديد بعد التقسيم. فقد خُلقت هذه الجمهورية الإسلامية الجديدة المعروفة بباكستان بعد انفصالها عن الهند، لتكون موطنا للمسلمين في جنوب أسيا. وأذكر أن والدي صرّح بأن باكستان هي أكبر دولة في العالم تسير بموجب الشريعة الإسلامية. وأشار إلى أن 96 في المائة فمن سكان الباكستان مسلمون. في حين أن البقية أقليات بوذية وهندية ومسيحية.


ورفعت عيني إلى ما وراء أشجار حديقتنا الوارفة، ورانت مني التفاته إلى الأزهار الجميلة، والأعشاب اليانعة التي تكسو التلال المجاورة، وكنت جد متلهفة أن أحتفظ بتلك الذكريات الجميلة. وهذه الأحاديث مع والدي كانت تهئ لي تسلية ومتعة بالغتي الأثر. وكان والدي يشعر أنني أتجاوب معه في الحديث لا سيما عندما ذكرنا التغير السريع المفاجئ الذي طرأ على بلادنا. والآن قد توارى والدي من الوجود ولم تبق لي إلا هذه الذكريات.


وأذكر عندما وفقت عند قبره في المقبرة الإسلامية في ضواحي لندن وكان قد سافر لعاصمة أنكلترا ليجري عملية جراحية لكنها للأسف لم تنجح. ومن عادة المسلمين أن يدفن الجثمان خلال 24 ساعة من الوفاة. وعندما وصلت إلى المقبرة كان القبر ما زال مفتوحا، وكأن المسؤولين تريثوا ريثما أحضر. وعندما تطلعت إلى الجثمان لم أصدّق أنني أرى والدي، وكانوا قد فتحوا التابوت لالقي نظرة أخيرة على ذلك الوالد الطيب الذكر. وتعجبت كيف أن هيئته تغيرت، وفارقته تلك الحيوية التي كانت تلازمه إثناء حياته. وفقدت والدتي بعد سبع سنوات من وفاة والدي. وهكذا بقيت وحيدة في هذه الدنيا بعد أن فقدت الوالدين الحبيبين.


أنا الآن وسط حديقتي أعيش على ذكريات الماضي، وقد نمت الأشجار، وأينعت النباتات وازدادت الظلال في جنبات الحديقة. وكل هذه التغيرات لم تجلب لي راحة وتوفر لي سكينة النفس، بل ان الذكريات الماضية ما برحت تزيد في الأمي النفسية، واضطراب أفكاري. وفيما أنا في غمرة تأملاتي في الحديقة، سمعت صوت المؤذن يدعو إلى صلاة المساء. وتأوهت في أعماق قلبي وقلت: يا إلهي اين تلك السكينة التي وعدتني بها؟!


وعلى الأثر عدت إلى غرفتي وتناولت المصحف الشريف الذي ورثته عن أمي، وأخذت أقلب صفحاته، فتأثرت من تلك المقاطع العديدة والآيات الوفيرة التي تشير إلى اليهود والمسيحيين الذين وجدوا قبل ظهور القرآن الكريم والنبي العربي. وقلت في نفسي لماذا لا أقرأ تلك الكتب المقدسة التي أشار إليها القرآن الكريم والخاصة بهؤلاء المؤمنين؟! ومعنى ذلك أنه لا بد من مطالعة التوراة والإنجيل. وظلت هذه الفكرة تشغل بالي ودفعني الشوق لأعرف فكرة الكتاب المقدس عن الله. وماذا يقول الإنجيل عن المسيح. لذلك فكان لا بد من الحصول على نسخة من الكتاب المقدس لالبي رغبة نفسي المتعطشة لهذه المعرفة.


وغدت مشكلتي من أين أحصل على نسخة من الكتاب المقدس، ولا حانوت في ناحيتنا يتعاطى بيع مثل هذه الكتب. وقلت في نفسي ما دامت ريشام جاريتي مسيحية فلا بد وأن تكون لديها نسخة من هذا الكتاب السماوي. لكن ريشام لم تتجاسر أن تظهر بمظهر الحائز على نسخة من الكتاب المقدس خشية أن يحدث لها ما حدث لغيرها ممن تركوا الإسلام واعتنقوا الدين المسيحي. وفكرت في بقية الخدام المسيحيين. وكانت عائلتنا لا تحبذ استخدام من هم مسيحيون لعدم الثقة بولائهم. أما أنا فلم أكترث لهذا، إذ المهم عندي كان أن يقوم هؤلاء بواجباتهم بأمانة وإخلاص. لذلك أنا لم أتزعج من هذه الناحية واستخدمت عددا منهم من بينهم ريشام جاريتي الأمينة ومنصور سائق سيارتي النشيط.



كان المرسلون المسيحيون قد قدموا للبلاد لنشر بشارة الإنجيل، وأدركوا أنهم يستطيعون اكتساب بعض المهتدين إلى المسيحية من الطبقات الفقيرة. وفعلا فان معظم الذين اعتنقوا المسيحية عند ذاك كانوا ممن يكنسون الشوارع أو ينظفون المجاري. ودعي هؤلاء المهتدون (بمسيحيي الأرز) لأنهم في اعتناقهم الذين الجديد كانوا يقصدون الحصول على طعام وملابس وتعليم. وكان المرسلون على استعداد ليوفروا لهم هذه الحاجات. وكثيرا ما استغربنا من المرسلين كيف أنهم يعنون بمثل هؤلاء الناس المعدمين، والفقراء المساكين.


تذكرت أن منصور سائق سيارتي كان قد طلب مني قبل مدة أن أسمح لبعض المرسلين أن يتجولوا في حديقتي. وكان أحدهم قد أعجب بترتيبها وجمالها، وهو يطل عليها من وراء السياج. فسمحت لمنصور أن يجلب من يروم من هؤلاء المرسلين للتجوال في حديقة منزلي. وذات يوم شاهدت شخصين أمريكيين يجوبان أطراف الحديقة ويتجولان في جنباتها. وعرفت أن أحدهما كان القس داود متشل ترافقه زوجته. وقد ارتديا ملابس أوروبية، وكنت قد أوصيت البستاني أن يزودهما ببعض البذور إذا هما شاءا ذلك.


ولمستها فرصة سانحة للحصول على كتاب مقدس. وطلبت من منصور أن يقوم بهذه المهمة. فاستدعيته لغرفتي فوقف أمامي بسرواله الأبيض العريض، وكان متهيج الأعصاب ومذعورا. فقلت له: هدئ من روعك يا منصور! كل ما في الأمر أني أريد منك أن تحصل لي على نسخة من الكتاب المقدس من أصحابك المرسلين. وكان منصور يجهل الكتابة والقراءة، ولم يملك كتابا لنفسه. فأستغرب هذا الطلب. ولما ألححت عليه هز رأسه ووعد بإتمام المهمة.


كان جلب كتاب مقدس وإعطاؤه لأحد أفراد عائلة إسلامية عريقة مسألة خطيرة، لأن ذلك قد يكون له عواقب وخيمة، ولذلك تريث منصور باستجابة الطلب، لا سيما وانه سمع عن الذين كانوا يقتلون بسبب انتمائهم للدين المسيحي. وفيما أنا معه في السيارة في طريقنا إلى مدينة راولبندي المجاورة قلت له: لم أحصل يا منصور بعد على نسخة من الكتاب المقدس! أجاب: سأحضر لك يا سيدتي نسخة قريبا. ومرّت ثلاثة أيام فلم يلبّ طلبي فاستدعيته إلى غرفتي وقلت له: سأطردك من خدمتي إن لم تجلب لي نسخة من الكتاب المقدس من أحد أصحابك المرسلين.


وأمتقع لون وجهه إصفرارًا من شدة الخوف، وقد أدرك أنني جادة فيما أقول. وفي اليوم الثاني وجدت نسخة صغيرة من الكتاب المقدس على مائدتي، ومطبوعة باللغة الأردية وهي لهجة هندية تستخدم حروف الهجاء العربية في الكتابة. ويبدو أن مرسلا إنكليزيا كان قد ترجمها إلى الأوردو قبل 180 سنة. وكانت لغة الكتاب صعبة وقديمة وعسيرة الفهم. وربما كان منصور قد حصل على تلك النسخة من أحد أصدقائه. فقلّبت الكتاب وحاولت أن أقرأ بعض السطور فتعذر عليّ ذلك عندئذ تركت الكتاب المقدس جانبا.


وما هي إلا لحظات حتى جاءت إبنتي توني لتزورني. وشاهدت محمود يركض وراءها ويتناول هديته منها. وبعد برهة كان محمود يطير الطيارة التي جلبتها له أمه. وجلست مع توني لنتناول الشاي معًا. ولاحظت إبنتي الكتاب المقدس على المائدة أمامي. فتعجبت وقالت هل هذا هو الكتاب المقدس المختص بالمسيحيين؟! ليتك تقرأين لنا ماذا يقول هذا الكتاب؟! وكانت عائلتنا تنظر باحترام إلى أي كتاب مقدس. وكانت عادتنا أن نفتح الكتاب بدون تعيين صفحات خاصة. وعندما تناولت الكتاب حدث شئ غريب إذ فتحته على بعض الآيات من رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية. فقرأت رومية 25:9-26: "سادعو الذي ليس شعبي شعبي والتي ليست محبوبة محبوبة ويكون في الموضع الذي قيل لهم فيه لستم شعبي أنه هناك يدعون أبناء الله الحي". وعلى الأثر انتابتني رجفة، لكني تماسكت في أنفاصي وجعلت أسائل نفسي: لماذا أثرت هذه الآيات عليّ لهذا الحد؟!


وخيم صمت رهيب على الغرفة، وتطلعت إلى إبنتي توني وكانت تتوق لتعرف ما عثرت عليه من كلام الله الذي أثار عواطفي. لكنني لم أستطع قراءة تلك الآيات بصوت عال، لأن شيئا غريبا استحوذ على مشاعري وجعلني أتطلع إليها ككلمات هابطة من السماء لا مجرد كلمات للتسلية بل للتفكير والتأمل.


وسألتني توني: ماذا جرى يا أماه؟!


لكنني أقفلت الكتاب وتمتمت بعض العبارات، وقلت أن هذا الكلام هو كلام وحي صادق. وعلى الأثر غيرا مجري الحديث في حين أن تلك الآيات الكريمة أخذت تذكي نارًا في قلبي، وكأنها تمهد لحدث خطير في حياتي. وسرعان ما غدت ممهدة لأحلام عجيبة، ولأعظم اختبار روحي سيحصل لي.



وثاني يوم تناولت كتابي المقدس، ولم أكن لأذكره أمام توني لأني غيرت مدري الحديث عند ذلك. لكن الآيات التي قرأتها من رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية ظلت تتفاعل مع وعيي، وفي عمق تفكيري. وعند المساء انعزلت في غرفة نومي، حيث نشدت الراحة وعدت للتأملات الهادئة. ثم تناولت ذلك الكتاب وجلست بين وسائدي الناعمة البيضاء وأعدت تلاوة تلك الآيات الثمينة. ثم تابعت ما ورد في رومية 31:9 فقرأت ما يلي "لكن إسرائيل وهو يسعى في أثر ناموس البر لم يدرك ناموس البر."


[b][size=21][font=arial][color=darkgreen]وقلت في نفسي أن اليهود ضلوا السبيل، وبهذا يصرح أيضا القرآن الكريم. وقد يتصور المرء أن كاتب الرسائل كان مسلما لأنه يستمر في الحديث عن إسرائيل بأنهم لم يعرفوا صلاح الله. وتابعت قراءة ال


عدل سابقا من قبل sarah في الثلاثاء 31 أغسطس 2010, 2:41 pm عدل 2 مرات (السبب : حذف ما يشوه الموضوع نتيجة للنقل)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فرايم حبيب
خـادم أم النــور
خـادم أم النــور
فرايم حبيب


شفيعـي : دائمه البتولية
الهواية : كيف عرفت ابويا Unknow11
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



كيف عرفت ابويا Empty
مُساهمةموضوع: كيف عرفت ابويا 2   كيف عرفت ابويا Emptyالإثنين 30 أغسطس 2010, 10:17 am




[size=21]وبعد هذا الحلم أخذت أطالع القرآن الكريم والكتاب المقدس طوال ثلاثة أيام متنقلة من كتاب إلى آخر. وكنت أقرأ القرآن كواجب، وكتقليد متوارث، في حين أن إقبالي على مطالعة الكتاب المقدس كان تلمسًا للحياة الجديدة التي كنت انشدها والتي بدأت اكتشف معالمها. وعندما كنت أفتح ذلك الكتاب كنت أشعر بإحساس من الذنب بعتريني، وربما كان ذلك ناشئا عن تربيتي الخاصة ونشأتي الأولى. وكانت العادة المتبعة أن يوافق والدي أثناء صغري على الكتاب الذي أرغب في مطالعته. وظل هذا جاريا حتى غدوت راشدة. وأذكر كيف أنني وأخي هرّبنا مرة كتابا إلى غرفتنا للمطالعة مع أنه كان كتابًا كله طهارة وبراءة، وكان ذلك عملا شاذا منا. والآن عندما أفتح الكتاب المقدس لا طالعه أشعر أنني أقدم بعمل غير مستقيم إذ أعصي أوامر والدي.
كانت غايتي معرفة من كان المعمدان الذي ترائ لي في الحلم. ولدي مطالعتي جذبت نظري قصة الزانية التي جلبها قادة اليهود إلى يسوع. وارتجفت لأني خشيت العقاب الصارم الذي سيفرضه عليها. والقوانين الإلهية في الشرق لا تختلف كثيرًا عن القوانين المتبعة في الباكستان. إذ يعاقب المجتمع الزانيات بأقسى العقوبات. وقرأت قصة هذه الزانية بلهفة وتصورتها وهي تقف أمام يسوع، ولا بد من أن أقاربها كانوا يتأهبون لرجمها بالحجارة وهم بإنتظار الحكم الذي سيصدره يسوع عليها، لكن النبي قال للحاضرين: كان منكم بلا خطية فليرمها أولا بحجر (يوحنا 7:8).
وتصورت عند ذاك كيف أن الرجل تفرقوا ذات اليمين وذات اليسار، لأن المسيح أنبّر على الفكرة أن الذي كان بينهم بلا خطية فليبادر إلى رجمها بالحجارة. ومعنى هذا أننا كلنا مذنبون ولا أحد منا بلا خطية, ووقع الكتاب من يدي وأنا منغمسة في تفكيري، ومتأملة في جواب المسيح لقادة الشعب. ويبدو أن في جواب النبي هذا تحديا صارخًا لمن يدعون أنهم قادة الشعب الروحانيين!
وحدث أنه بعد ثلاثة أيام حلمت حلمًا آخر. وخلاصته أنني وأنا غرفتي إذا بالجارية تعلن عن قدوم رجل يبيع الروائح والعطورات وأنه يرغب في مقابلتي إذ لدية أصناف من العطورات تليق بسيدة هذا المنزل العظيم. وكان قد حدث نقص في العطورات في الباكستان عند ذاك، وخشيت أن ينضب ما لدي من مخزون من هذه المادة الكمالية للتجميل. وكان الباعة يقصدون البيوت وهم يحملون الحقائب على ظهورهم، ويبيعون ربات البيوت كميات من العطور مما يحملون. فنهضت عن الديوان الذي كنت جالسة عليه وذهبت لمقابلة ذلك البائع، وكلي فرح وحبور. وشاهدت رجلا يلبس سترة سوداء ويحمل حقيبة كبيرة على ظهره. وعندما فتح الحقيبة تناول قارورة ذهبية وأزال غطاءها وأعطاني إياها لاشمها. وكان العطر الذي فيها يبرق كالبلور، والرائحة الطيبة تفوح منها. ولما حاولت لمسها أخذ القارورة من يدي ووضعها على المائدة قرب فراشي. وقال: سوف ينتشر عبير هذه القارورة ويملأ الأجواء. ورائحتها الطيبة ستملأ الدنيا كلها.
وعندما أفقت في الصباح كان الحلم ما يزال حيّا في مخيلتي. وتدفقت أشعة الشمس الذهبية على نافذتي فغمرت الغرفة بالضياء؟ وأنتشر عبير الأزهار، ورائحة الأشجار فملأت جنبات الغرفة برائحة ذكية. وعندما جلست إلى المائدة وجدت عوضا عن القارورة الكتاب المقدس موضوعا هناك. وكأنه برائحته الطيبة ينتشر في العالم أجمع، وسيعم المسكونة كلها.
وجلست هنيهة أفكر في هذا الحلم الغريب، وفي الحلم الأخر الذي سبق أن حلمته. والغريب أنه لمدة سنوات عديدة لم أكن لأحلم أبدًا. والآن في ليلة واحدة خطيت بحلمين. وقلت: هل ثمة علاقة بين الحلمين؟! وهل لهذين الحلمين صلة بالحقائق الفائقة للبيعة التي أخذت تتراء لي وتشغل تفكيري مؤخرًا؟!
وقمت بعد ظهر ذلك اليوم بجولتي المعتادة في أطراف الحديقة، وكنت ما زلت مذهولة من أمر هذين الحلمين الغريبين. ولكني شعرت بأن سلامًا قلبيًا أخذ يغمر كياني مما لم يكن لي به عهد في الماضي. أجل شعرت أنني في حضرة الله. وابتعدت عن أشجار الحديقة ووقفت في بقعة خالية منها وإذا الهواء حولي يحمل لي رائحة ذكية أنه لم يكن عبير الأزهار ولا رائحة الأشجار، بل عبيرًا من نوع إسمي وأشمل. أنه كان عبير روح الله النابع من السماء!


بقيت محتارة ومنذهلة فترة من الزمن، وأنا أفكر في هذا العبير الذكي الشامل الذي غمرني. وقلت في نفسي: ماذا جرى يا ترى؟! ليس هذا ميعاد تفتح الأزهار أو تورق الأشجار، لأن الفصل خريف. فلا بد وأن يكون اختبارًا روحيًا جديدًا أخذ يفد علي كما وفد على ذلك الاختبار الغريب في السابق. وأردت شخصًا أفضي له بهذا الأمور التي استغلق فهمها علي. وقلت لا بد لي من شخص مطلع على الكتاب المقدس يرشدني. فمن أقصد يا ترى؟ أأقصد المعرفة من أحد الخدام المسيحيين، وهذا ليس معقولا، لأنهم هم بدورهم لا يقرأون أو يكتبون، ولا يعرفون هذه الأمور التي أريد التحدث عنها. والأفضل لي أن أتصل بهم هو ضليع بمواد الكتاب المقدس ويكون متعلمًا وخبيرًا في أمور الدين.


وعلى الفور طرقت أفكاري فكرة جديدة. وحاولت في بادئ الأمر طردها من ذهني لكنني لم أستطع، لأني قلت أن هذا أحسن مصدر أستقي منه المعلومات الصحيحة عما تراء لي من أحداث غريبة تتعلق بالكتاب المقدس. وناديت منصورًا وقلت له هي السيارة واتركني أسوقها لوحدي. فقال متعجبًا: لوحدك! قلت: نعم. فذهل من هذا الأمر وتركني مكرهًا. ومن النادر أنني سقت السيارة في مثل ذلك الوقت المتأخر من المساء. ورغم أنني كنت ضابطة في الجيش الهندي الملكي لقسم النساء في الحرب العالمية الثانية، وكثيرًا ما سقت سيارات الإسعاف وسيارة الموظفين آلاف الأميال، لكن ذلك كان زمن الحرب، وفي أيام الحرب يعمل الإنسان أمورًا صعبة يتعذر عليه القيام بها أيام السلم. ولا يتوقع من النساء النبيلات في الباكستان أن يسقن سيارات في الأيام الاعتيادية لا سيما في الليل.


بيد أنني لم أشأ أن يعرف منصور ماذا أنوي أن أعمل خشية أن يشيع خبر ذهابي لبيت المرسلين لاستشارتهما في الأمر، وتسبب عن ذلك الكثير من القيل والقال. وكنت قد اقتنعت في أعماق نفسي أن أحسن مورد استسقي منه المعلومات عن هذه الأمور التي تراءت لي في أحلامي، ولها علاقة بالكتاب المقدس هما القس ميتشل وزوجته. وكانا قد زارًا حديقتي في الصيف للتفرج عليها بصحبة منصور سائق سيارتي.


أجل رغبت في الحصول على جواب بسؤالاتي: من هو يوحنا المعمدان؟ وما هذا العبير الذي يفوح حولي، والرائحة الذكية التي غمرتني وأنا أتجول في جنبات حديقتي؟! وما سر هذه الإختبارات الروحية التي أخذت تفتح أفاقًا جديدة أمام حياتي؟! وهكذا قصدت بيت هذا المرسل وزوجته، مع أنني لم أعرف الكثير عنهما سوى زيارتهما في الصيف لحديقتي. وكان أخر ما يتوقع الناس رؤيته أن أكون برفقة مرسلين مسيحيين وأنا بلقيس الشيخ من سلالة أولئك الحاكمين في الباكستان، وممن عرف عنهم أنهم من المسلمين الغيورين على دين الإسلام!


[url=http://www.om-elnor.com/vb/customavatars/avatar20688_1.gif]كيف عرفت ابويا Avatar20688_1[/url]


كانت سيارة المرسيدس خاصتي تنتظرني عند مخرج الدار. وقد وقف منصور قريبًا من بابها الذي أغلقه ليحتفظ بالدفء داخلها، لا سيما وأننا كنا في فصل الخريف، وكانت الأمسية باردة. وتطلع إلي باستفسار للتأكد من قراري بالذهاب بالسيارة بدونه. بيد أنني كنت مصممة أن أذهب لوحدي، فدخلتها وجلست قرب المقود وسقتها وسط نور الغسق الخافت، جاعلة الكتاب المقدس على المقعد بالقرب مني.


في قرية واه يعرف الواحد أين يسكن الأخر، ذلك لأن القرية صغيرة والناس يعرفون بعضهم البعض جيدًا. وعرفت أن بيت المرسل ميتشل كان يقع قرب معمل للإسمنت في ضواحي القرية. وكانت عائلتنا تستفيد من مدخل ذلك المعمل، وهذا المعمل كان يخدم المجتمع، وبالأخص الذين عاشوا على بعد خمسة أميال عن المدينة. وكانت بيوت تلك السكنة قد بنيت ليستخدمها أفراد الجيش البريطاني إثناء الحرب العالمية الثانية. ومع مرور الزمن تغير لونها وقدمت أبوابها، وتساقطت أجزاء من سقوفها فكنت ترى العطب قد بدأ يغشاها، وبانت الثقوب فيها. وأمتلأ قلبي بمزيج من اللهغة والخوف وأنا أقترب من البيت الذي كنت أقصده. وأنا لم أزر بيت مرسل مسيحي من قبل، وخفت أن يشع الخبر في القرية، ويكثر القيل والقال حول تلك الزيارة. غير أنني في الوقت ذاته كنت متلهفة لأن أعرف من هو يوحنا المعمدان، وتواقة لأجد تفسيرًا لأحلامي الغريبة، ومعنى لذلك الاختبار العجيب الذي حصل لي. وفي الوقت ذاته خشيت أن يؤثر المرسل عليّ عند محاولته الإجابة على أسئلتي.


وقلت لنفسي: ماذا يقول أفراد عائلتي عني عندما تصلهم أخبار زيارتي لبيت المرسل المسيحي هذا؟ وتذكرت أقوال جدي، وكان قد رافق القائد البريطاني نيكلسون عندما اجتاز ممر خيبر في إحدى حروبه مع أفغانستان. أنه كان يكره الاحتكاك بالمرسلين لأنهم في عقيدته يشترون ضمائر الناس بالمال. وكان أفراد عائلتنا يقرنون المرسلين بالفقراء والمنبوذين، وليس بالعائلات العريقة، وبالإشراف من علياء القوم. وفكرت بأن تلك الزيارة ربما تجلب العار لعائلتي. وتصورت نفسي أتحاجج مع عمي أو عمتي وأدافع عن نفسي بتقديم حجة الأحلام التي حلمتها والاختبار الغريب الذي حل بي سببًا لأغير ديني. على كل كنت مقررة أن أعرف معنى أحلامي الغريبة وأتزود بمعلومات أوفى عن يوحنا المعمدان، لذلك صممت القيام بتلك المقابلة والزيارة لبيت المرسل ميتشل.


كانت البيوت تتشابه كثيرًا في ذلك الحي السكني. وبعد التفتيش في الأزقة الضيقة عثرت على بيت هذا المرسل قرب معمل الأسمنت فأوقفت سيارتي على بعد مسافة من البيت خشية أن يراها أحد من سكان قرية واه واقفة أمام منزل مرسل مسيحي. وكانت هذه احتياطات اتخذتها خشية شيوع خبر زيارتي هذه عند أفراد عائلتنا. وأخيرًا قرعت الباب ودخلت حاملة الكتاب المقدس بيدي. وبدت ساحة الدار نظيفة وأنيقة. وكان المرسلون يحفظون بيوتهم بشكل مرتب ونظيف.


وفجأة فُتح الباب وخرجت جماعة من نساء القرية كنّ يرتدين اللباس الوطني الباكستاني، وقد حضرن اجتماعا مع زوجة القس ميتشل. وكان في وسعهم معرفتي لأن لا أحد لا يعرف الأخر في تلك القرية. ومن المؤكد أن النساء شاهدنني ساعة خروجهم من غرفة الاجتماع وخشيت أن تشتغل ألسنتهم بالقيل والقال عن زيارتي لبيت المرسل المسيحي. ولما مررت بالقرب مني لمست كل واحدة جبهتها بإصبعها كما جرت العادة في تبادل التحايات في الباكستان.



وقصدت زيارة القس ميتشل، فلم أجده بل استقبلتني زوجته التي كانت قد أنهت اجتماعها الديني مع النساء، وأخذت تشيعهم إلى الخارج وسط الظلام. وبعد أن خلا المكان اقتربت تلك السيدة مني ورحبت بي. وهي سيدة نحيفة وأنيقة، وكنت قد شاهدتها مرة في المدينة. أما الآن فلم أتميّزها تماما، لأنها أخذت تلبس الملابس الباكستانية، والزي الهندي. لكنها عرفتني ورحبت بي ورددت القول: أهلا وسهلا بالسيدة بلقيس.


اطمأنت نفسي لما دخلت البيت وتواريت عن عيون النساء. وجلسنا في غرفة الاستقبال المؤثثة بأثاث بسيط وأنيق. وظلت زوجة المرسل واقفة مقابلي بينما أجلستني على كرسي مريح. وكانت الكراسي في غرفة الاجتماع مرتبة بشكل دائرة، وقد أخبرتني أنه كان هناك اجتماع للنساء المحليات. وقالت: لا بد من فنجان شاي قبل كل شئ. قلت: جئت لأسأل القس ميتشل سؤالا. أجابت: إن زوجي ذهب في رحلة إلى أفغانستان. ولما كانت السيدة في مقتبل العمر ظننت أنها لا تستطيع الإجابة على سؤالي. لكني تجرأت وقلت لها: أتعرفين شيئا عن الله يا سيدتي؟


وعلى الأثر جلست زوجة المرسل على كرسي وتطلعت إليّ باستغراب. وكان الهدوء بخيم على جو الغرفة، ولم يسمع فيها صوت سوى صوت احتراق الحطب في الموقد. وبعد فترة قصيرة أجابت: أخشى أنني لا أعرف الكثير عن الله لكنني أعرفه شخصيا. وكان هذا تصريحا جريئا ومفاجئا. فهي لا تعرف الكثير عن الله لكنها من ناحية ثانية قد عرفته شخصيا، والله يسيطر على مجريات حياتها.


وزادت ثقتي بالله لدي سماع اعترافها، بسيطرة الله على مجرى حياتها وزاد يقينها بالله الحي يقيني. وبدون توقف أو تريث قلت سأطلعك على بعض من أحلامي التي أخذت أحلم بها مؤخرًا. فقد حظيت بالحلم بزيارة يسوع إلى منزلي. وبعد ذلك حضر يوحنا المعمدان. وجئت لأخذ معلومات أوفي عن المعمدان. ثم أخبرتها عن الاختبار الغريب الذي حصل لي. وعن ذلك التهيج الذي ألم بي إذ شعرت أنني أقف على قمة جبل وعلى مفترق طريق، وأمام باب وأسع للحياة.


وأضفت أنني سمعت عن يسوع عن طريق القرآن الكريم لكن من هو يوحنا المعمدان؟! وحدقت السيدة ميتشل فيّ، وكأنها تريد أن تمتحني لتعرف أنني صادقة في عدم معرفة شئ عن يوحنا المعمدان. ثم أردفت قائلة: ان المعمدان كرز بمغفرة الخطايا وهو مرسل من الله ليعد الطريق للمسيح. وهو الذي قال عن المسيح: هذا حمل الله الرافع خطايا العالم. وهو الذي عمّد المسيح في نهر الأردن.


وأسرعت دقات قلبي عندما ذكرت كلمة معمودية. وكنت أعرف القليل عن المسيحيين لكن المسلمين يسمعون كثيرًا عن الحفلات الغريبة التي يحتفل بها المسيحيون عند معمودية أحد منهم. وتذكرت أنه كثيرًا ما عقب معمودية أحد المهتدين من الإسلام إلى المسيحية بالقتل. والغريب أن مثل هذا كان يحدث تحت حكم الإنكليز مع أنه كان مفروضًا وجوب توفر الحرية الدينية للجميع. ومنذ صغري وأنا أقول تعمد مسلمًا ومات مسلمًا. وتابعت حديثي بقولي: يا سيدة لا انسي بأني مسلمة ورجائي أن تخبريني عما عنيت بالقول أنك تعرفين الله شخصيًا أكثر مما أنت تعرفين عنه.


أجابت: أنا أعرف المسيح وهو ابن الله المتجسد الذي جاء إلى عالمنا بشكل إنسان عن الله خالقة. انه قبل أن يموت على الصليب فداء عن خطايا البشر. فقد جاء إلى عالمنا بشكل إنسان فهو الإله المتجسد وعن طريقه نحن نعرف الله معرفة شخصية.


وبعد هذا رانت فترة من السكون على جو الغرفة، ولم نكن لنسمع سوى صوت سيارات الشحن وهي تمر بالقرب من المنزل. وقاطعت السكون بقولي، وكانت السيدة ميتشل أذانا صاغية متلهفة لسماع أقوالي. فقلت بعد أن التقطت أنفاسي: لقد حدثت أمور غريبة لي وأنا في حديقة منزلي مؤخرًا. ثم تراءت لي أحلام محيرة لم أجد لها تفسيرًا. وهذه الأحداث سواء أكانت حلوة أم مرة هي من عالم الروح. وإني أشعر أن نفسي في حوامة من الماء الجاري حولي، أو وسط حرب روحية. وها أنا في حاجة إلى كل مساعدة إيجابية. فهل ترغبين أن تصلي من أجلي؟!


ودهشت السيدة ميتشل من هذا الطلب الذي لم تكن تتوقعه وقالت: كيف تريدين أن نصلي؟ أنصلي ونحن واقفات أم راكعات أم جالسات؟! وهذه الأشكال من الصلاة لم يكن للسيدة بلقيس عهد بها لأنها كمسلمة كانت تصلي على الطريقة الإسلامية المعروفة. وما هي لحظات حتى كانت السيدة ميتشل تخر ساجدة على أرض الغرفة، وما كان مني إلا أن تبعتها وركعت مثلها.


ورفعت إلى الله صلاة مؤثرة، وكان صوتها ناعمًا. وسمعتها تقول: إن لا شئ مما أقوله يمكن إقناع السيدة بلقيس من هو يسوع. لكن شكرًا لله الذي يرفع القناع عن قلوبنا، والغشاء عن عيوننا، فنرى يسوع حمل الله الرافع خطايا العالم أمامنا. فيا روح قدس الله اغمر قلب هذه السيدة بروحك المشرق المنير لترى الله وتعرفه عن طريق يسوع المسيح، مخلص العالم وفادي الأنام. آمين.


وبقيت وإياها راكعتين حتى خلت أنه مرّ دهر من الزمان علينا. وقد ارتاح قلبي لتلك السكينة التي غمرته، وشعرت في أعماق نفسي بانفراج وطمأنينة وبالفعل فق كنت في حاجة إلى مثل هذه السكينة وذلك الهدوء. وعندما نهضنا قالت السيدة ميتشل: هل الكتاب الذي تمسكينه بيمينك هو كتاب مقدس؟ وكنت أحمل الكتاب ومقربة إياه من صدري. فأجبتها بالإيجاب. عادت فسألت: هل وجدته سهل الفهم؟


أجبت: ليس تمامًا لأن الترجمة التي لدي قديمة وأنا لست معتادة عليه. وللحال توجهت إلى الغرفة المجاورة وجلبت لي كتابًا آخر وقالت: هذا عهد جديد مترجم بلغة إنكليزية حديثة. وهذه الترجمة تعرف بترجمة فيلبس اشتهرت ببساطتها وسهولة فهمها. ونصحتني أن أبدًا بقراءة إنجيل يوحنا، ووضعت في الإنجيل علامة من ورقة خاصة لتكون دليلًا. وقالت إن كاتب هذا الإنجيل هو يوحنا تلميذ المسيح، وهو يوضح لك أكثر ما تريدين معرفته عن يوحنا المعمدان وعن مكانته كممهد للطريق أمام المسيح.


فشكرتها وقلت: لا بد وإن أكون قد أخذت الكثير من وقتل الثمين. وعندما تأهبت لأن أترك المكان قالت: جميل أن يكون حلم قد قادك إليّ. والله كثيرًا ما يتكلم لإتباعه ونبيه عن طريق الرؤى والأحلام. وفيما هي تساعدني بلبس معطفي تحيرت إذا كان من المناسب أن أطلعها عن حلمي الثاني المتعلق ببائع العطور، وقارورة الطيب وبرائحتها الذكية التي كانت حولي. وأخيرًا تجرأت وقلت: أتظنين يا سيدة ميتشل أن هناك علامة بين الرائحة الذكية وقارورة العطور التي تراءت لي في حلمي الآخر وبين يسوع ورائحته الذكية؟!


وفكرت قليلًا وهي تضع يدها على مزلاج الباب وقالت: لا أستطيع الآن أن أجد هذه العلامة لكن دعيني أصلي عساني أجدها فيما بعد. وفيما أنا أسوق سيارتي وفي طريق عودتي للمنزل شعرت مرة ثانية بالرائحة العطرة التي تغمرني، وكان ما شعرت به الآن مشابها الاختبار الذي حصل لي في الحديقة حيث غمرتني نفحات من رائحة عطرة أدركت أنها منبعثة من تلك القارورة التي تراءت لي في الحلم.


ولما عدت إلى البيت قرأت ما أوصتني به السيدة ميتشل ذلك الفصل من إنجيل يوحنا حيث يتكلم البشير عن يوحنا المعمدان. وكان المعمدان رجل جريئا وقد عاش في البرية، وكان يرتدي لباسًا مصنوعًا من وبر الإبل، ويتغذى على العسل، ويجوب ذلك القفر المجاور لنهر الأردن داعيًا الناس إلى التوبة وممهدًا الطريق لمجيء المسيح. وكان صوته يدوي في تلك البرية: توبوا لقد اقترب ملكوت الله.


وجلست على الديوان في غرفتي، ومرت في خاطري ذكريات سبعة قرون عاشها أفراد عائلتنا. وكيف أستطيع التخلص من التقاليد، وإذا كان المعمدان علامة من الله بعثه للناس هاديا ومنبها وداعيا للمسيح الذي هو ابن الله المتجسد، فلماذا لا يكون ذلك الرجل ليدعوني أنا أيضا لاستقبال يسوع وقبوله مخلص؟! وكانت هذه فركة جريئة لم ترق لي عند ذاك فأثرت أن أنبذها من تفكيري وأظل محافظة على التعاليم التي توارثتها أبا عن جد. فاستسلمت للكرى علّ النوم يحل أزمات اضطرابي، ويهديني إلى الطريق السوي الذي يتحتم عليّ سلوكه.


ونمت تلك الليلة نوما هادئًا تخللته بعض الأحلام المنعشة. وفي الصباح أفقت على صوت المؤذن، وهو يدعو إلى الصلاة وكنت قد استعدت سكينة نفس وصفاء أفكاري. أعلن المؤذن للملأ طريق الحق، فقلت: هنا السراط المستقيم، وحمدت الله أنني ابتعدت عن تأثير المسيحيين الذين يحاولن التأثير على أفكاري وزعزعة أركان إيماني. فأنا مؤمنة بالله وهذا يكفي لخلاصي ولحصولي على الراحة والاطمئنان.


وفجأة حضرت ريشام ولم تكن لتجلب الشاي كعادتها بل حملت لي رسالة قالت إنها وردت الآن من السيدة ميتشل. وكل ما قالته الرسالة: أقرأي يا سيدتي العدد 14 من الإصحاح الثاني من رسالة بولس الثانية إلى أهل كورنثوس. فتناولت العهد الجديد الذي كانت قد أعطتني إياه السيدة ميتشل وبعد أن فتحت الإصحاح والآية، قرأت ما يلي: "شكرًا لله الذي يقودنا في موكب نصرته في المسيح كل حين. ويظهر بنا رائحة معرفته في كل مكان".


جلست في فراشي وأعدت قراءة هذه الآيات الثمينة، وكان كياني قد بدأ يتهدم، لكن معرفة يسوع انتشرت مثل العبير والرائحة الطيبة فأنعشت نفسي. وتذكرت أنه في الحلم وضع البائع قارورة العطور على المائدة قرب فراشي. وكانت كلماته أن عبير هذه القارورة سينتشر حتى يملأ أرجاء العالم. والغريب أنه في اليوم الثاني من الحلم وجدت الكتاب المقدس موضوعا في المحل الذي تصورت فيه أنه مكان قارورة الطيب. وهكذا أتضح لي أن كلمة الله ستنتشر في كل أرجاء العالم، وأن رائحتها الطيبة ستشمل الجميع. هكذا تفسّر هذا الحلم من تلقاء نفسه ولم أدعه يشغل بالي.


وكان من المناسب أن أتناول الشاي كعادتي، لأن هذا الشراب سيعيد الحياة إلى بؤرتها اللائقة بها سريعا، وتمنيت إلا يعتور ذلك السبيل شئ يعكر مزاجي أو أمور ثانية تتلف إطار حياتي السعيد. وكانت السيدة ميتشل قد دعتني أن أزورهم مرة ثانية في البيت، إلا أنني أثرت عدم القيام بتلك الزيارة في ذلك الوقت، ووجدت أن الطريق الصحيح والمنطقي هو أن أبحث بنفسي عن هذه القضايا الروحية من طيات الكتاب المقدس الذي كان بحوزتي.


وبعد هذا بأيام، هرعت نورجان إلى غرفتي، ونظرات غريبة تعلو محياها. وقالت بلهفة وارتباك: لقد حضر القس ميتشل وزوجته لزيارتك وهما يرغبان بالاجتماع بك. وأمسكت أنفاسي هنيهة من الزمن وقلت في نفسي: ما الداعي لزيارة هذا المرسل وزوجته لي؟ ولأهدئ من اضطرابي قلت للجارية أن تدخلها إلى غرفة الإستقبال. ولم أكن لأجتمع بالقس ميتشل من قبل، فتأثرت من شخصيته التي دلت عليها عيناه الحادتان، وقامته العارمة. ولمست فيه نفس الدفء الذي لمسته عند زيارتي لزوجته في بيتهما. وصرح الإثناء أنهما سعيدان لرؤيتي، ولإتاحة الفرصة لهما للأجتماع بي. ويعتبرانها فرصة سعيدة أن تسمح لهما بزيارتهما في بيتها العامر.


واقتربت السيدة ميتشل مني وهزت يدها بيدي، ثم وضعت ذراعها حول عنقي وعانقتني. ولم يكن أحد من أفراد عائلتنا ليتجاسر أن يعانقني بمثل هذا الشكل المحب. وقد شعرت بأنه لا يوجد أي تصنع في معانقتها هذه، ومع أنني استغربت هذا اللقاء في البداية إلا أنني الآن شعرت براحة واطمئنان. وحياني القس ميتشل بلهجته الأمريكية وقال: أنا سعيد بأن ألتقي بسيدة الزهور.


قالت السيدة ميتشل: على أثر زيارتك لي أبرقت لزوجي عن زيارتك الميمونة لي. ومنذ زرنا حديقتك ونحن نتوق لزيارتك في منزلك. فلقد أعجبنا تنظيم حديقتك، وبالأزهار الجميلة التي ملأت جنباتها وأحواضها، ومنذ ذلك الوقت أي من الربيع الماضي ونحن نرغب في زيارتك شخصيا. وعندما أبرقت لزوجي عنك لم أشأ أن أستعمل إسمك الخقيقي لأبعد عنك القيل والقال. ولما اخترت بما أدعوك به تطلعت إلى الزهور الجميلة التي أينعت في المزهرية التي تملأ نافذة غرفتي، وكان البستان قد أعطاني بعض البذور من أزهار بستانك فقلت: إن أحسن ما أدعوك به هو سيدة الأزهار. وهذا هو الإسم المستعار الذي اتفقت مع زوجي أن ندعوك به. فضحكت وقلت: يكفي أن تدعوانني بلقيس.


كنت أتوقع أن يضغط المرسل على لاعتنق الدين المسيحي، وأن يحاول اقناعي بمزايا المسيحية وبضرورة اعتناقها، لكن شيئا من مثل ذلك لم يحدث. وهكذا كانت الزيارة موفقة، شربنا فيها الشاي، وتبادلنا الأحداث. وإثناء محادثنا العائلية سألت القس عن السر في تسمية المسيح بابن الله لأن المسلمين يعتبرون هذا نوعا من الشرك، لأن القرآن الكريم في أماكن عديدة يصرح أن الله لم يكن له أولاد، وإشراك ابن الله مع الروح القدس مع الله يخلق فكرة للثالوث، ويجعل الله ثلاثة أشخاص. وهذا يخالف تعاليم القرآن الكريم التي تدعو إلى الوحدانية وتنص بصراحة أن الله واحد لا شريك له.


وأوشح القس ميتشل في جوابه عن فكرة الثالوث بقوله: لنعتبر الله الشمس، لكن هذه الشمس تظهر بمظاهر ثلاثة. فهي نور وحرارة وإشعاع. وهذه الآفة الثلاثية تكوّن الشمس الواحدة. ولم نشأ التوسع في مثل هذه الأحاديث الجدلية، ولم يطل بنا المقام حتى تركني الضيفان. وبقيت لوحدي وليس لي ثمة رفيق أو أنيس سوى هذين الكتابين: القرآن والكريم والكتاب المقدس.


أخذت أطالع هذين الكتابين بلهفة شديدة. وحاولت أن أدرس القرآن الكريم دراسة مستفيضة، لأن الكتاب الذي يوضح لي أركان ديني، ولإيماني به ككتاب منزل من عند الله، وللولاء الذي توارثته عن آبائي وأجدادي لهذا الكتاب السماوي. كان هو الكتاب المفضل وفي الوقت نفسه رغبت في مطالعة الكتاب المقدس لأروي جوعا روحيا أخذ يستحوذ علىّ. وفي كثير من الأوقات كنت ألقي الكتاب المقدس جانبا لعدم فهمي لآياته، ولأني أدركت أن هناك فيه بعض الاختلافات عما ورد في القرآن الكريم.


وهكذا قضيت أسبوعا كاملا وأنا مكبة على مطالعة هذين الكتابين السماويين. أجل لقد عشت في عالم مغمور بالجمال الآسن، وحظيت ببستان روحي خلق لي وعيي الجديد في عالم الروحانيات. مهّد لكل ذلك الحلمان الغريبان اللذان تراءيا لي في منامي، والحضور الغريب لله الذي مسّ حياتي وتراء لي بشخصه وأنا أسير في حديقة منزلي.


وانتابتني موجة عارمة من التلهف الداخلي لزيارة السيدة ميتشل والاستفسار عن بعض تلك الاختبارات الروحية، وتلك الأمور الغريبة التي شعرت بها. وتأكدت في الأيام التالية أن هناك طريقا معبدا أمامي للارتواء من عالم الجمال الذي خلقته لنفسي. وأتضح لي بأن قراءتي للكتاب المقدس ومطالعته ودراسته هي السبيل الأمثل للارتواء من ذلك الجمال الآسن، وهو الطريق الوحيد لولوج عالم الخير والجمال. وعالم الروح الآسنى.


وفي أحد الأيام جاء محمود وهو ممسك أذنه بيده ويشكو من الألم الشديد فيها فتفحصتها بانتباه، لكن الألم كان يشتد عليه وقد أصفر وجهه، وزالت عنه حيويته ونشاطه، ورغما عن كونه لا يبكي من الآلام بسهولة إلا أنه في هذه المرة كان يصرخ من ألم أذنه، ورأيت الدموع تنساب على خديه. فطمأنته بكلام لطيف وهرعت إلى الهاتف واتصلت بستشفي العائلة المقدسة حيث تشتغل أمه. فأقترحت والدته أن نجلبه بعد ظهر الغد إلى المستشفى لأجراء فحص طبي له. وقالت أنه في وسعي أن أبقي معه في غرفة مجاورة ريثما يفرغ محمود من فحوصاته.


ومن حسن حظنا أن توني كانت معفية من الواجبات في تلك الأمسية فاستقبلتنا بترحاب. وأخذت تلاعب محمود، وتسليه في كتاب ملآن بالصور المضحكة، وكنت أسمع وأنا مستلقية على فراشي قهقهة وضحكات توني ومحمود في الغرفة المجاورة. ولما كنت لوحدي في غرفتي أخذت أقرأ في الكتاب المقدس. واصطحبت معي القرآن الكريم إلا أنني كنت أقرأه كواجب وكشيء عادي، أما قراءتي للكتاب المقدس فكانت بقصد الإطلاع على بعض شخصياته، ومعرفة الله حق المعرفة، والدخول في شركة وثيقة مع الخالق ورب الوجود.


وانطفأت فجأة الأنوار الكهربائية وخيم الظلام على غرفتي، ولكن المسؤولين أسعفونا بالشموع. وجاعت استجابة أشواق قلبي. وأردفت الطبيبة قائلة: يبدو أنك تريدين أن تجعلي الله إلها شخصيا لك!


وامتلأت عيناها بالدموع وانحنت نحوي بكل رقة وحنان وهي تقول: يا سيدة الشيخ أن هناك سبيلا واحدا للخطوة بمعرفة الله وهذا السبيب يجب أن تسلكيه لوحدك. وفي وسعك معرفة الله شخصيا إذا سعيت بنفسك وراء هذه الغاية. ويظهر أنك مؤمنة، فماذا لا تصلين لهذا الإله الذي تنشدينه؟! تحدثي إليه وكأنه صديقك.


جلست في فراشي وقد خيّم السكون على المكان. ولم أعد أسمع صوت توني ومحمود في الغرفة المجاورة. وحدقت بالراهبة الطيبة العطوفة وأنعكس ضوء الشمعة على نظاراتها وباتت كملاك هابط من السماء وقلت: أتقترحين أن أتحدث مع الله كأنه أبي؟ هذا ما تجدينه هو السبيل الأمثل لحصولي على راحة البال، وسكينة النفس! وبالفعل فقد هزت هذه الفكرة كياني وتأثرت منها بنفس الشكل الذي تأثرت من ذلك الاختبار الغريب الذي حصل لي، والرؤيا المجيدة التي تراءت لي. والظاهر أنني اهتديت لحل مشكلتي، وباتت الحقيقة واضحة الآن أمامي.


والغريب أن الراهبة لم تذكر لي شيئا عن الصلاة عند المسيحيين. لكني بقيت طوال الليل قلقة وأنا أفكر بالصلاة إلى الله ولقد دعوته أبا لي. وما جعلني أزداد حيرة أن الأطباء لم يجدوا شيئا في أذن محمود يسبب له ذلك الألم الشديد. وفي الوقت نفسه توقف محمود عن شكواه بأن أذنه تؤلمه. فاستغربت هذه الأمور وقلت أن سرًا خفيًا يكمن وراء كل ذلك. فقد يكون الله بطريقته العجيبة الخاصة أستخدم هذه الأمور ليجمعني بالطبيبة الوقورة سنتياغو.


وجاء السائق منصور في اليوم الثاني بسيارة المرسيدس وعاد بي وبمحمود إلى المنزل في بلدة واه. وشاهدت سطح بيتي حالما تركنا الطريق العامة، واقتربنا من حديقة الدار التي نمت فيها الأشجار العالية. وكنت دوما أنشد هذا المنزل كمكان للخلوة والاعتزال، وكبقعة للتأملات الهادئة وكواحتي في الحياة. وعندما اقتربنا من البيت هرع الخدام لاستقبالنا واحاطوا بالسيارة مستقسرين. فطمأنتهم بأن حالة محمود جيدة، وأنه لم يعد يشكو الماّ في أذنه، بيد أن فكري لم يكن متجها للاستقبالات ولا مشغولا بالاستقسارات، بل جل ما أشغل تفكيري وأستحوذ على مشاعري هو كيف أستطيع أن أجد الله وكيف أتبره لي أباّ.


وبعد أن وصلنا البيت صعدت إلى غرفة نومي، واتعزلت عن الجميع في تلك الخلوة وأخذت أفكر في طريقة أجد فيها الله. وقلت في نفسي: قلما يفكر المسلمون بأن الله هو أبوهم السماوي. ومنذ طفولتي علموني أن أحسن طريقة لإرضاء الله هي أن أقوم بالفروض الدينية، وأن أصلي خمس مرات في اليوم. ثم كان مفروضا عليّ أن أطالع القرآن الكريم لأنه كتاب الله المنزل من السماء. لكن هذه الأمور لم تفدني في الاهتداء لمعرفة الله شخصيا. وظلت كلمات الطبيبة تتردد في أذني: تكلمي مع الله وأعتبريه أباَ لك!


وعند منتصف الليل أفقت من نومي لأن ثاني يوم كان عيد ميلادي. فيوم 12 ديسمبر قبل سبعة وأربعين عامًا رأيت النور لأول مرة، واستقبلت وجه هذه الحياة. وعادة في أيام أعياد الميلاد يبتهج صاخب العيد لأنه يتذكر طفولته وذكريات سابقه، وإحساسات لأزمته منذ نعومة أظفاره. وفعلا فأنه عندما كان يحين عيد ميلادي كانت تقام احتفالات وتجري استقبالات في بيتنا، ويتوافد على بيتنا العدد الكبير من أفراد العائلة للتبريك وللاشتراك في حفلات الميلاد. أما الآن فلا احتفالات أو مهرجانات، وقد نتبادل التحيات مع الأهل والأصدقاء على الهاتف لا أكثر ولا أقل. وهكذا تحسرت في نفسي كيف أنني خسرت أفراح الصبا واحتفالات الماضية.


وفكرت في والديّ لأنهما يحتلان المكانة الرئيسية في تفكيري. فاستعدت ذكري أمي الراحلة، وتحسرت على ما خسرته من عطف وحنان. ثم تذكرت أبي، وكان من الرجال الذين تفتخر بهم ونعتز فيهم. فهو قد حصل على رتب رفيعة في الحكومة الهندية زمن حكم الإنكليز. وتصورته ببزّته الرسمية، وبعمامته البيضاء وهو يقف أمام المرآة قبل ذهابه إلى مكتب عمله. وكان يشملني بعطفه وبمحبته. فنظراته الودية كانت تملأني حبا، وعيناه البراقتين يسحرانني من فرط محبته لي. ثم أن ضحكته اللطيفة وهيئته الكاملة وشخصيته الجذابة كانت تفترض على الجميع أن يحبوه وأن يحترموه.


وتذكرت عند رؤيتي إياه في مكتبه وكيف كان يحنو على ويعطف بي، ومع العلم أن المجتمع عند ذال كان يؤثر الصبيان على البنات، لكن والدي كان يتطلع إلى الصبيان والبنات على السواء. وكطفلة صغيرة كنت أحوم حول مكتبه راغبة في الاستفسار عن بعض الأمور. فكان عندما يراني يترك قلمه جانبا، ويناديني فأدخل مكتبه وأنا خجولة منحنية الرأس. ولكنه سرعان ما يبتسم لي ويضع كرسيه قرب كرسيّ ويقول: يا حبيبتي الصغيرة اقتربي مني. ثم يضع يده على عنقي وهو يقول ماذا تريدين أيتها الحبوبة الصغيرة أن أعمل لك؟ ولم تتغير معاملته اللطيفة لي حتى لما كبرت. وعندما كان لدي سؤال أو بدت مشكلة أمامي كان يترك شغله جانبا ويحاول الإجابة على أسئلتي. وهكذا في منتصف الليل دلفت هذه الذكريات عن والديّ في ليلة عيد ميلادي. فشكرت الله على ذينك الوالدين الممتازين اللذين أنعم بهما عليّ. وفيما أنما أشكر الله شعرت أنني أتحدث مع أبي السماوي. وقلت في نفسي لقد فقدت أبي الأرضي لكن بقي لي الأب السماوي.


وقجأة برقت شعاعة من الرجاء أمامي وقلت في نفسي: لماذا لا أفرض أن الله هو الأب العطوف عليّ، وعلى جميع الناس. فإذا كان أبي الأرضي يترك أشغاله جانبا ويصغي إليّ فلماذا لا يكون الأب السماوي مثله؟! فالله هو أب الجميع وهو رحمن رحيم. وإله محبة وعطف وحنان. وللحال أصابتني رجفة واهتاجت مشاعري فركعت على ركبتي فوق سجادة صغيرة وتطلعت إلى العلاء. وبتفهم جديد وبأسلوب رقيق دعوت الله أبي عندما استغرقت في صلاتي. لم أكن مستعدة لمثل هذا الاعتراف تماما لكن هذا ما جرى لي. وهذه كانت صلاتي إذ تجرأت فدعوت الله أبّا!!



وأخيرًا بعد تردد وحيرة نطقت بالتحدث مع الله. وكأن بركانا تفجر داخل كياني، ووجدت نفسي واثقة بأن هذا الإله الذي دعوته أبّا بدأ يسمعني. ومثلما كنت أنادي أبي الأرضي أخذت أدعو بلهفة الأب السماوي، وصرخت من أعماق قلبي: يا الله أبي! وبدأ صوتي عاليا أكثر من المعتاد، لا سيما في تلك الغرفة الصغيرة حيث أنام. وفي ذلك المكان ركعت على السجادة الصغيرة التي اعتدت أن أصلي عليها وكانت على مقربة من فراشي، ولم تكن الغرفة خالية لأني تأكدت أن الله موجود فيها. ولشدّ ما تستطعت أن أتلمس حضورة الإلهي، وأن أشعر بأن يده الحنونة تلمس أهداب شعري. ورأيت عينيه المملوءتين بالمحبة والحنان تتطلعان إليّ. وهكذا قضيت وقتا طويلا وأنا راكعة أصلي، وما أسرع ما أخذت أعوم في بحر محبته!!


اعتذرت لله لأني لم أكن لا عرفه من قبل. ورغم ذلك فحبه الشامل الآن يغمرني ورحمته تشملني. ولاحظت أن حضور الله كان شبيها بذلك الحضور الرائع الذي اختبرته في حديقة منزلي، وهو يشبه ذلك الحضور الإلهي الذي تمثل لي وأنا أطالع الكتاب المقدس، والإنجيل الظاهر. وأخذت أتحدث مع الله الأب وقلت: يا أبتاه أنا مرتبكة، وعليّ أن أسوي بعض المشكلات الآن. ودنوت من المائدة التي أضع عليها الكتابين العزيزين القرآن الكريم والكتاب المقدس جنبا إلى جنب، وأمسكت الكتابين ورفعتهما إلى فوق. كل كتاب منهما في يد. وقلت أجبني يا إلهي أي كتاب هو كتابك الحقيقي؟!


[b][size=21][font=arial][color=darkgreen]وعلى الأثر حدث شئ غريب لم أكن أتوقعه أول عه


عدل سابقا من قبل St.Mary'Son في الإثنين 30 أغسطس 2010, 12:52 pm عدل 1 مرات (السبب : حذف تشوهات بالموضوع نتيجة للنقل المباشر)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فرايم حبيب
خـادم أم النــور
خـادم أم النــور
فرايم حبيب


شفيعـي : دائمه البتولية
الهواية : كيف عرفت ابويا Unknow11
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



كيف عرفت ابويا Empty
مُساهمةموضوع: كيف عرفت ابويا 3   كيف عرفت ابويا Emptyالإثنين 30 أغسطس 2010, 2:26 pm




[size=21]وقد دلت كلمات المسيح على حزم وعلى عدم قبول أية تسوية. ورأيت أن هذه الكلمات لا تشجعني على اتخاذ قراري الهام هذا. وقلت في نفسي لا توقف الآن عن التفكير في هذا الأمر، عسى المستقبل يفتح أمامي بابا للانفراج. وبدون شعور مقصود عدت إلى الغرفة واستدعيت منصور وقلت له لينقلني إلى راولبندي المجاورة لأني أقصد قضاء بضعة أيام هناك. وأنزعج سكان الدار من عزمي المفاجئ على ترك البيت. وقلت للخدام أنه في استطاعتهم أن يتصلوا بي عن طريق ابنتي توني أن استدعت الحاجة إلى ذلك. وفعلا توجهت إلى المدينة المجاورة وقضيت بعض الوقت في التسوق إذ ابتعت بعض الألعاب لمحمود، واشتريت بعض الملابس الهندية لي، وبعض الروائح والعطور. وفكرت أنه بتغيير الجو وبالتلهي بشراء بعض الإغراض أسلي نفسي، وأبعد عني تلك الأفكار التي أقضت مضجعي وحيرتني عن الحضور الإلهي، والرؤى التي وأكبت ذلك.
وذات يوم عندما قصدت إحدى الحوانيت لشراء بعض القماش فتح التاجر أمامي بالة من القماش المطرز الجميل وتراءى لي شكل الصليب مرسوما على أطرافه. فأنبت البائع لعرضه قماشا عليه شكل الصليب. وهكذا تركت المدينة راولبندي وعدت إلى بلدتي واه. ولم أكن لا تخذ قرارًا حازمًا بالبقاء على ديني أو باعتناق المسيحية.
وفي إحدى الليالي وأنا مسترخية قرب الموقد في غرفتي وجدت نفسي مدفوعة لتناول الكتاب المقدس. وكنت في تلك الليلة قد أنهيت قراءة العهد الجديد إذ وصلت إلى آخر إصحاح من سفر الرؤيا. وقد أعجبني ذلك السفر كثيرا لما فيه من الرموز والألغاز. وكنت قد تأثرت بالعدد 20 من الإصحاح الثالث من ذلك السفر عندما يقول المسيح:
ها أنا واقف على الباب وأقرع. إن سمع أحد صوتي وفتح الباب أدخل إليه وأتعشى معه وهو معي.



توقيع صوت صارخ :
أنه مازال ينزف, من أجلى ومن أجلك


مسيحيتنا فوق الزمان





[url=http://www.om-elnor.com/vb/customavatars/avatar20688_1.gif]كيف عرفت ابويا Avatar20688_1[/url]




كيف عرفت ابويا Male



كيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_pos






كيف عرفت ابويا Icon1 رد: أقدر أقوله يا بويا


وعندما قرأت هذه الآية بتمعن للمرة الثانية تأوهت ووقع الكتاب من يدي. وقلت هذا تفسير لحلمي حيث ترائى لي المسيح وهو يتغذى معي. والغريب أنني لما حلمت حلمي لم تكن لي معرفة بسفر الرؤيا. واغلقت عيني فترة من الزمن فأرتسم لي السيد جالسًا على مائدتي، وشعرت بحضوره الأقداس، وبابتسامته الدافئة. وتراءى لي، وهالة من المجد والكرامة تعلو هامته. بدأ لي كأنه الأب السماوي لأن المجد الإلهي الذي يرافق الله رافقه. وعندئذ تحققت أن حلمي كان من عند الله، وقد بدأ الطريق واضحًا أمامي وعليّ إما أن أقبله أو أرفضه. ولماذا لا أرحب بالملك السماوي أن يسكن معي دائما.


أجل لقد وضح حل لمشكلتي إذ في وسعي الآن أن أفتح الباب للمسيح وأرحب به ليسكن معي دائما. ولقد كان صعبا للغاية الوقوف عند مفترق الطريق أما وقد بأن الحل، فلابد من اتخاذ قرار حاسم لأني عرفت أي طريق يتحتم عليه سلوكه. وللحال جثوت على ركبتي وقلت: يا إلهي! لا تتريث لحظة واحدة من الدخول إلى قلبي، فكل خلية مني تنتظرك فأدخل إلى حياتي. ولست في حاجة للكفاح والقلق بعد لأني لست أخشى مما سيحصل لي في المستقبل. وهكذا أنا قبلت المسيح مخلصًا وسيدًا لحياتي، وسلمت نفسي وحياتي لذلك الملك السماوي. وما أجمل هذا الموقف إذ في بضعة أيام التقيت بالله الأب والآن أنا أحظى بلقاء ابن الله!


وعلى الأثر استلقيت على فراشي لكن أفكاري ظلت مضطربة وملتهبة وقلت في نفسي لماذا لا أخذ خطوة حاسمة فأني أذكر أني قرأت في سفر الأعمال كيف أن الروح القدس حل على التلاميذ، وكيف أن جميع الحاضرين تعمدوا من ذلك الروح الإلهي. أليس مفروضا عليّ أن أسلك نفسي المسلك؟! وقلت وأنا أضع رأسي على وسادتي: ارشدني يا إلهي لأنه ليس من مرشد لي سواك. فإذا كنت تريدني أن أتعمد بالروح القدس فأنا مستعدة لذلك. ولما أيقنت أنني سلمت إرادتي لله استرسلت في نوم هادئ عميق.


وصباح يوم 24 ديسمبر من عالم 1966 استيقظت مبكرة وكان الفجر لم يبزغ بعد، وأشارت الساعة إلى الثالثة صباحًا. ورغم أن الغرفة كانت باردة إلا أن أفكاري كانت ملتهبة ومهتاجة. فتركت فراشي وجثوت على ركبتي وتطلعت إلى فوق فتراءى لي نور وهاج، وبأن الله في وسطه. وعلى الأثر تناثرت دموع سخية من عيناي ورفعت يدي تجاه مصدر ذلك النور وقلت: عمدني يا أبي بروحك القدوس الطاهر! ورنت كلمات المسيح التي وردت في سفر الأعمال في أذني وهي تدوي وتقول: لقد عمّد يوحنا بالماء وأما أنتم فستعمدون بالروح القدس (أعمال 5:1).


وصرخت من أعماق قلبي قائلة: يا يسوع إن كانت هذه الكلمات التي نطقت بها في سالف من الزمن تنطبق عليّ فهبني هذه المعمودية المقدسة. وأخذت أجهش بالبكاء، وأنا مستلقية على الأرض الباردة، وقلت لا أريد أن أنهض من هذا المكان حتى أحصل على هذه المعمودية المباركة.


وفجأة أمتلأ قلبي بالخوف لأني شاهدت فجر ذلك اليوم التاريخي وجه الله. شعرت بشئ خفي يهاجمني يشبه أمواج البحر المتلاحقة، وغمرتني موجة من الماء السماوي حتى بللت أطراف أصابعي، وغسلت نفسي وطهرتها. وبعد قليل من الزمن سكت الموج المتدفق وهدأ هذا البحر المضطرب، وصرت كأن نفسي تطهرت من أدرانها وشاع الفرح في قلبي وغمر كياني، فتطلعت من نافذتي فإذا الفجر قد بدأ يبزغ فقلت: هذه ساعة تاريخية مجيدة إذ تمت فيها معموديتي وتسنى لي أن أرى وجه الله وسط ذلك النور الملتهب.



توقيع صوت صارخ :


[center]أنه مازال ينزف, من أجلى ومن أجلك




مسيحيتنا فوق الزمان












[url=http://www.om-elnor.com/vb/customavatars/avatar20688_1.gif]كيف عرفت ابويا Avatar20688_1[/url] كيف عرفت ابويا Male



كيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_pos






كيف عرفت ابويا Icon1 رد: أقدر أقوله يا بويا


وأخذت أسأل نفسي: هل السماء التي ذكرها الكتاب المقدس أحسن من هذا لاختبار الروحي الذي حصل لي؟ فإن أعرف الله هو منتهى فرحي وإن أعبد الله الأب السماوي هو منتهى سعادتي وإن أكون قريبة من المسيح هو السلام الذي تشتهيه نفسي. إني أشكر الله الذي منحني هذه الأفراح السماوية وعمدني بروحه القدوس وعرفني بابنه يسوع وهذه هي السماء التي انشدها في هذه الحياة.


ولم أنام بعد ذلك، وفي الصباح الباكر هرعت الجاريتان الأمينتان لخدمتي. وللمرة الأولى في حياتي لم أتفوه بكلمة قاسية، بل تدفق اللطف من لساني وخيم على البيت جو هدوء وسلام لأنه سلام نابع من العلاء. ودخلت أشعه الشمس الغرفة لتجلب معها الدفء والإشراق الروحي، فران على البيت جو من السكينة والاطمئنان والمحبة والسلام. وبقيت طوال اليوم أتغني بمديح الله وحمده ولم أستطع الاحتفاظ بالفرح في قلبي حتى أن ريشام أخذت ترتل ترتيلة الفرح والحمد، وهذا شئ لم تفعله من قبل.


وتطلع إليّ محمود قبيل الظهر وقال: يبدو أنك فرحة يا أماه ماذا حصل لك؟ فدنوت منه ومررت بيدي على شعره الناءم وقلت للطاهي: أعطِني بعض الحلوى وكان قد صنع لنا أكلة طيبة من قمح وسكر وزبدة. وناولت محمود صحنا من هذه الأكلة الهندية اللذيذة وقلت له في السهرة سنحتفل بعيد الميلاد في بيت الصديق ميتشل وزوجته. واستغرب محمود قولي عيد الميلاد. وقال هذا عيد للمسيحيين. قلت أنه عيد ميلاد المسيح لدي المسيحيين وهو يصادف يوم ذد. وهذا العيد يشبه ما تعوده المسلمون في عيد رمضان. فبعد أن يصوم المسلمون ذلك الشهر الفضل من شروق الشمس حتى غروبها يتناولون الحلوى والمأكل الطيبة عند الإفطار وفي يوم العيد المجيد. ويصوم المسلمون في شهر رمضان لأنه الشهر الذي نزل فيه الوحي على النبي محمد. وعيد الميلاد عند المسيحيين هو عيد مجيد يتبادل الناس فيه الهدايا ويتلذذون بالمآكل الشهية والحلويات اللذيذة والفواكه الطيبة. ولابد من أن ينالك شئ من هدايا العيد يا محمود!


وكنت مصيبة في أقوالي لأننا عندما ذهبنا لزيارة القس ميتشل في بيته مساء عيد الميلاد انتشرت الروائح الذكية من الغرفة، وتعالت ضحكات الفرح من الداخل، وما كان من القس إلا أن رحب بنا واقتادنا إلى غرفة الاستقبال وكانت طافحة بمباهج العيد، وبانت شجرة عيد الميلاد وهي مضاءة بالشموع في إحدى زوايا الغرفة. وتعالت ضحكات ولدا القس ميتشل من الفرح، وكانا أكبر من محمود بقليل. وما أسرع ما شاركهما محمود في مباهج العيد وأفراحه وفي التمتع بالألعاب والهدايا.


ولم أستطع أن أحتفظ بالسر في قلبي وقد غمر الفرح سكان ذلك المنزل إذ صرحت يا داود مستعملة اسمه الأول بدون تفكير. أنا مسيحية لأن قد تعمدت بالروح القدس. وحدّق القس لحظة بي موجها نظراته الثاقبة إليّ وسأل: ومن أطلعك يا سيدة بلقيس على الروح القدس، ومن عرفك بالمعمودية؟ وضحك فرحًا وهتف بكلمة هللويا! وجاءت زوجته من المطبخ وهي راغبة في الاستفسار عما حدث لي. فقلت وأنا أبتسم: يسوع أخبرني عن الروح القدس وعرفني بالمعمودية. فقد قرأت ما ورد في سفر الأعمال وطلبت من الله أن يهبني روحه القدس. والله الجواد منحني هذه الهبة السماوية.


واقترب القس وزوجته مني وبدأ القس يذرف الدموع بينما عانقتني زوجته عناقا أخويا مقدسا. ووقفنا الثلاثة وأيدينا متشابكة نحمد الله من أجل ما فعل. ومنذ تلك الليلة قررت أن أدون جميع هذه الحوادث في مذكرة خاصة. فسجلت كل الأعمال العجيبة التي صنعها الرب معي. ولم يخطر ببالي ماذا سيحصل لي إذا شاع خبر تنصري لكني قلت حسن أن يكون لدي سجل لهذه الاختبارات الروحية التي مرت بي. فهي ذكري مجيدة وثمينة لي. وعندما جلت لأدون هذه الاختبارات الروحية المجيدة لم أكن لأتحقق بعد أن الله بدأ يمهد لتعليمي ولأعطائي ما يلزم من التهذيب المسيحي.








[url=http://www.om-elnor.com/vb/customavatars/avatar20688_1.gif]كيف عرفت ابويا Avatar20688_1[/url]



كيف عرفت ابويا Male



كيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_pos






كيف عرفت ابويا Icon1 رد: أقدر أقوله يا بويا


لقد انتظرتني مفاجئات عديدة خلال الأيام التالية إثر مجابهاتي الثلاث السابقة للحضرة الإلهية. وما أسرع ما أخذت أحظى بأحلام ورؤى! وهذه تختلف عن الأحلام السابقة إذ أنها بدأت تتفاعل معي في المخاطرات العظيمة التي وجهت دفّة حياتي. إن أول اختبار جعلني ارتجف خوفا إذ بينما كنت مستلقية على فراشي بعد ظهر أحد الأيام وأنا أفكر بالله إذ أخذت أشعر أنني محمولة على أجنحة الريح خارج نافذتي. وتلمست أنني أرى الأرض تحتي وأني قد عبرت النافذة منطلقة إلى الفضاء. وما كان هذا حلما لأنني كنت صاحية من أجل ذلك صرخت من شدة الخوف. ومن ثم عدت إلى السرير وبقيت مدة من الزمن منذهلة مما حدث لي. وبدأت أتنفس بثقل وأشعر بتخدر طرأ على سأقي. ولم يدم هذا طويلا إذ عاد الدم يجري كعادته ساريا في أطراف جسمي كالمعتاد.


قلت يا إلهي! ماذا جرى لي؟ وسرعان ما أدركت أن الاختبار هذا كان من نوع جديد أتذوقه. وحصل لي مثل هذا الاختبار مرة ثانية في المساء. فتجرأت وتكلمت مع الله. ولقد أدركت أن سياحتي في الهواء كانت سياحة روحية. ولكن ما الغية منها يا ترى؟ فعدت إلى كتابي المقدس أستشيره وأفتش عن جواب لما حصل لي لأني خشيت أن الذي حصل لي ربما لم يكن مصدره الله. وعندما قرأت في سفر الأعمال ما ورد في الإصحاح الثامن والعدد التاسع قول الكتاب: (كان قبلا في المدينة رجل اسمه سيمون يستعمل السحر ويدهش شعب السامرة قائلا أنه شئ عظيم، خشيت أن يكون ما حصل لي هو ضرب من السحر. ولكن عندما قرأت ما ورد في الإصحاح الثني عشر من رسالة بولس الثانية إلى أهل كورنثوس حيث يقول: (اختطف هذا إلى السماء الثالثة). وإن ما سمعه الرجل لا يمكن أن يترجم بلغة بشرية أدركت أن هذا كان اختبارا جسديا وأن الله وحده يعرف سر ذلك. كما أن روح الرب هي التي حملت فيلبس تلميذ المسيح أن يعمد الخصي الحبشي في تلك المدينة النائية. إذا وقي وسع روح الرب أن تعمل العجائب.


وها أنا بدوري سمعت كلمات لكني لم أستطع ترجمتها أو تفسيرها، بيد أن المشاهد التي مرت أمامي لن أنساها. وفي إحدى الرؤى المجيدة تراءت أمامي قبة تتعالى إلى السماء، وبدت مئات الكنائس، منها القديمة ومنها الجديدة، وهي مبنية بأشكال هندسية متنوعة. وبرزت بينها كنيسة ذهبية الشكل. وتغير المشهد حالا لأرى مساحات كبيرة من المدينة تتخرج أمامي. واستطعت أن أتميز ناطحات السحاب والأبراج والمباني الفخمة ورجلا يركب حصانا أحمر اللون شاهرًا سيفه في يده اليميني ويهبط إلى الأرض فوق كتل من الغيوم وفي بعض الأوقات رأيت البرق يسطع فوق الغيم، ومرات أخرى كنت أسمع وقع حوفر حصان تدق الأرض الصلبة. وقلت لابد أن يكون هذا المشهد قد أعطي لسبب غير معلوم لدي وخفي عن إدراكي.


ولدي قراءتي للكتاب المقدس تبين لي أن هذا كان اختبارا مغايرا للاختبارات السابقة. عوضا من أن أقتصر على قراءة كلمة الله أخذت أعيشها. وهذا زاد من بهجة حياتي وإشراقها. وتصورت نفسي ألج ذلك العالم الذي عاش فيه المسيح في فلسطين. وتصورته يذرع الطرق البرية والدروب الحجرية في منطقة الجليل حيث قضى سنوات ثلاث في التبشير. وراقبته وهو يعلم ويعظ ويعيش مع الناس ويذيع رسالته الإلهية ويعيش حياته اليومية. وما أكثر ما أظهر للناس قوة الروح، وفائدة الإيمان. وأدهش الأمور كان ذهابه مختارًا للصليب. وما أعظمه عندما خرج من ذلك الاختبار الرهيب منتصرًا إذ قام في اليوم الثالث من الأموات.


كذلك اكتشفت أن تأثير قراءتي للكتاب المقدس جعل كل من كان له علاقة معي يشعر به. وذات يوم عندما كانت إحدى الجواري تعد أدوات زينتي فإذا الأمشاط الفضية والفراشي والأدوات الأخرى تقع على الأرض. وحدثت ضجة كبيرة في شقتي. وخافت نورجان وشخصت بعينيها المرتبتين نحوي، وتوقعت أن أصرخ عليها وأنهال عليها بالكلام القاسي. وفعلا كنت على وشك أن أعمل ذلك، بيد أن مطالعتي لكلمة الله علمتني ضبط النفس وطول البال. فأمسكت نفسي وقلت بكلمات رقيقة: لا بأس يا نورجان فالأغراض لم تنكسر.


ثم أظهرت جسارة نادرة في حياتي وهذا اختبار جديد أحظى به. وحتى هذا التاريخ كنت أخاف من توبيخ الناس، إذا هم عرفوا أنني أميل إلى الدين المسيحي. وكنت أخشى أن يهزأ أقاربي وأهل ضيعتي بي إذ يقولون عني: ها هي السيدة بلقيس الشيخ ابنة العز والثراء انضمت إلى جماعة مسيحية الأرز، وغدت من زمرة الكناسين والمتسولين. وكنت أخشى أن عائلتي تقاطعني وقد تسوّل النفس لوالد محمود أن يأخذ الولد مني كنا أنني خشيت أن أحد المتعصبين يتجاسر فيعتدي على حياتي لاعتقاده أن من يترك دينه يستحق أن يعاقب بالموت.






[url=http://www.om-elnor.com/vb/customavatars/avatar20688_1.gif]كيف عرفت ابويا Avatar20688_1[/url]



كيف عرفت ابويا Male



كيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_pos






كيف عرفت ابويا Icon1 رد: أقدر أقوله يا بويا


وما كنت راغبة أن أرى مع المرسل وزوجته، وانشغل بالي كثيرا من تقولات النساء اللواتي شاهدنني في بيت المرسل ميتشل يوم اجتماعهم في منزله. ولاحظ الخدام في البيت عندي أي شيئا غير عادي حاصل لي. وعندما تأملت في هذه الأمور بت في حالة قلق واضطراب لأني بدأت أتحسس هذا الضغط الاجتماعي الواقع علي، بيد أنني بعد تلك المجابهات الثلاث التي فيها حظيت بالحضرة الإلهية وجدت نفسي مستعدة لأن أقدم اعترافا مفاجئا لأني ما دمت قد اتخذت قراري بأن أكون مسيحية فماذا يمنع أن أعلن هذا جهارًا؟ ولماذا أعترف بالمسيح بالشفاه فقط؟ وأخاف من أن أكون تلميذة حقيقية له؟! وفيما أنا أتطلع إلى العالم الخارجي من خلال نافذة غرفتي اتخذت هذا القرار الجرئ أن أعلن مسيحيتي جهارًا غير مبالية بالنتائج لأن الله سيقف بجانبي، وتتطلب التلمذة الحقيقية أن أكون من إتباع المسيح الأوفياء، والتلاميذ المضحين.


لم أتوقع حدوث نتائج فورية. وبعيد عند الميلاد لسنة 1966 جاءت الخادمة تقول أن زوجة القس ميتشل ترغب في رؤيتك يا سيدة! قلت: دعيها تحضر إلى هنا. وجاءت السيدة الزائرة. وقالت: جئت لأدعوك إلى غداء يا سيدة بلقيس وسيكون الغداء لنفر من الأخوة المسيحيين الذين يرغبون الاجتماع بك. وأعتقد أنك ستسرين من هذا الاجتماع؟ وفي بادئ الأمر جفلت عندما ذكرت بعض الأخوة السميحيين، ولمحت سينوف، وهو اسم زوجة اقس داود، ذلك الارتباك فقالت: معظم الضيوف هم من الأجانب، بعضهم إنكليز وآخرون أميركان وبدى في عينيها عاطفة الالتماس. فأجبتها بحماسة: سأكون مسرورة بحضوري.


وعهدي بالمسيحيين خجولين ولقد عرفت ذلك عندما احتككت بهم في احتفالات الدولة الرسمية، ولما كنت زوجة أحد كبار الموظفين كنت أعمل كمضيفة لأولئك الضيوف. وفي تلك الحفلات كان المدعوون يحضرون ببدلاتهم الرسمية حتى الخدام كانوا يلبسون لباسًا خاصًا لتلك المناسبات. وكانت الموائد تزين بالأزهار الجميلة، وكانت المآكل تقدم على أطباق خاصة. وما أكثر أصناف التي كانت تقدم. وما أشهى الأطعمة التي كان يتناولها المدعوون! وكان عادة بين الحضور مسيحيون من مختلف الطوائف لكن أحدا منهم لم يكن ليذكر نوع دينه أو اسم طائفته. وعرفت بأن الذين سأجتمع بهم في بيت القس ميتشل لن يختلفوا عمن اعتدت الاجتماع بهم في الحفلات الرسمية.


وفي اليوم التالي سقت سيارتي بنفسي وتوجهت إلى بيت القس داود. فاستقبلني مع زوجته بترحاب زائد ولم أكن لأجد صعوبة في الاهتداء إلى منزله لأن هذا صار معلوما لدي. وعرفني المضيفان على المدعوين من الأصدقاء. ولم أكن لأدري أن بعضا من هؤلاء سيكون له أثر كبير على حياتي. ومن بين المدعوين كان كين وماري أولد. وهو مهندس مدني إنكليزي عيناه زرقاوان تتلألان تحت نظاراته السميكة أما زوجته ماري فكانت ممرضة أميركية وكانت الابتسامة الحلوة لا تفارق شفتيها. وجميع من صادفتهم هناك كانوا من الأصدقاء الأوفياء وكانت المحبة تشيع في قلوبهم والدفء يغمر وجوههم.








[url=http://www.om-elnor.com/vb/customavatars/avatar20688_1.gif]كيف عرفت ابويا Avatar20688_1[/url]





كيف عرفت ابويا Male



كيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_pos






كيف عرفت ابويا Icon1 رد: أقدر أقوله يا بويا


كان الجميع توافين لسماع اختباراتي وهكذا أصبحت الشخص الرئيسي في تلك الحفلة. وقد فكرت أنه سيكون احتفالا صامتا يقتصر على الأكل والشرب لكنه سرعان ما تحول إلى محادثات ودية معظمها أسئلة وأجوبة. وأصغى الجميع لأقوالي. وخيم جو من السكون على الغرفة حتى الأولاد الحاضرين ظلوا صامتين. وانتهزتها فرصة مناسبة لأخبرهم عن أحلامي وعن اجتماعاتي المتكررة بحضور الأب السماوي. وكان اجتماعا لطيفا وممتعا. وفي النهاية ذكر القس داود أنه رغم المآكل الطيبة التي أعدتها سينوف لضيوفها إلا أن الغذاء الروحي الذي حصلوا عليه من سماع اختباراتي كان أحلى وألذ.


وذكر المهندس كين أنه كان قد رآني قبل لأنه كان يسكن واه منذ أمد بعيد. وقال: كثيرا ما كنت أمر بالقرب من حديقتك في الصباح الباكر فأعجب بهندستها وبأشكال أزهارها وروعة جمالها. وقد لاحظتك بعض الأوقات في الحديقة لكنك لم تظهري لي كسيدة عادية. ولأنك في الماضي كنت تتعزلين عن العالم، وتؤثرين حياة الوحدة والانفراد. أما بعد هذه الاختبارات الروحية التي مرت بك فالابتسامة العذبة أخذت تعلو محياك، واللطف يشع في حركاتك وسكناتك وشتى تصرفاتك. ولاحظ كين هذا التغيير الذي طرأ عليّ وقال: لابد أن تكون هذه الأعجوبة التي حصلت لك هي نتيجة التغيير الذي حصل لك. ولا شك أن هذا إحدى العطايا السماوية وهذه من أثمن الكنوز ومن أروع ما يملكه الإنسان!


وجرت أحاديث متنوعة مع باقي الضيوف. ولمست أن هؤلاء المسيحيين كانوا من طراز آخر عما عهدته مع الذين يحضرون الحفلات الرسمية أو ممن اجتمعت بهم في حفلات الغداء الأخرى. وعند المساء تحدث كل شخص عما عمله الرب في حياته. ورغم أن الآكل كان ممتازا إلا أن الأحاديث الروحية والغداء الروحي تذوقه الجميع فاق في لذته باقي المآكل والأطايب. لقد كانت روح الله مهيمنة على ذلك الاجتماع وتمنيت لو حظيت باجتماعات روحية أخرى مماثلة لأني شعرت بحضور الله بيننا وتغذينا بالغذاء الروحي الذي أنعش نفوس جميعنا.


وعندما كنت على وشك ترك الاجتماع إذا بالمهندس كين وزوجته يمسكان يدي ويقولان: يا سيدة بلقيس أنت في حاجة إلى شركة أخوية وأصدقاء مسيحيين ونحن نرغب في دعوتك لبيتنا مساء الأحد لحضور بعض الاجتماعات بانتظام. وكان منزل المهندس أولد مبنيا من الطوب، ولديه غرفة للاستقبال بالكاد تتسع لعشرة أشخاص. وكان بين الحضور اثنان من الباكستان والباقون كانوا أمريكان أو إنكليز. ومن الذين تعرفت عليهم في تلك الاجتماعات طبيب مختص بأمراض العيون وموجته تعمل معه كممرضة وكلاهما كانا موظفين في المستشفى المحلي. وفي الاجتماعات المسائية هذه كنا نرنم بعض الترانيم الروحية ونقرأ فصلا من الكتاب المقدس ويصلي الواحد من أجل الآخرين. وما أسرع ما غدوت قبلة الانظار في كل اجتماع لأن الجميع رغبوا التعرف عليّ والتحدث إليّ.


وفي أحد أيام الأحد لم أشعر برغبة لحضور اجتماع المساء فاعتذرت عن الحضور لكن ذلك أثر عليّ وأخذ القلق يستحوذ على روحي ويغمرني شعور بعدم الارتياح مع أن المسألة كانت بسيطة جدا فجبت أرجاء المنزل الأحظ الخدام ومع يعملون ومع أن كل شئ كان منتظما إلا أنه تراءى لي أن كل شئ كان غير منتظم. وعلى الأثر هرعت إلى غرفتي وجثوت على ركبتي للصلاة. وجاء محمود إلى غرفتي خلسة ولم أشعر إلا ويداه تلمسان يدي. وسألني: هل أنت بخير يا ماما؟ فطمأنته أنني بصحة جيدة. قال لكنك غير مستقرة ويظهر أنك مضطربة من شئ إذ تحومين في أرجاء المنزل وكأنك تنشدين أمرا خفيا.










كيف عرفت ابويا Male



كيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_pos






كيف عرفت ابويا Icon1 رد: أقدر أقوله يا بويا


ثم تركني وأخذ يقفز ويعدو في أرجاء المنزل. وقلت في نفسي: إن ملاحظة محمود في محلها. فأنا قد فقدت شيئا. والآن أنا أدرك الشئ الذي فقدته. إني أضعت حاسة الشعور بحضور الله وربما كان السبب هو عدم حضوري ذلك الاجتماع في بيت المهندس أولد. أجل أنني فقدت شركة أخوية في الوقت الذي أنا فيه محتاجة إليها. وعلى الأثر تكلمت بالهاتف مع كين وقلت له: سأحضر الاجتماع. وفي تلك اللحظة شعرت بالدفء يملأ جوانب نفسي. وقد ذهبت إلى الاجتماع كما وعدت وهناك شعرت أنني أتحسس مجد الله. ولذلك صممت أن أحضر كل اجتماع، وتذكرت كلمات كين لي أنك بحاجة إلى شركة أخوية مسيحية مستمرة. ومن ذلك الوقت صممت أن أحضر كل اجتماع إلا إذا كان يسوع نفسه لا يريدني الذهاب.


وكلما تقربت من الله كلما وجدت نفسي أجوع لكلمة الحق والحياة. وأخذت كل يوم أطالع الكتاب المقدس وما أسرع ما أصبح هذا الكتاب الغذاء الروحي لحياتي وهاديا لخطوات في هذه الدنيا. وفعلا فرائحته الذكية كانت تغمرني ساعات وحدتي وتسدد خطوات عيشي. وذات صباح تأخرت في النوم ولم أطالع الكتاب المقدس كعادتي كل صباح. وفي تلك الليلة بقيت أتلوى وأتقلب على فراشي لأني حلمت أحلاما مزعجة. فعرفت أن ما انتابني من قلق وعدم ارتياح كان بسبب مخالفة وعدي لله وعدم مطالعتي كلمته المقدسة ذلك الصباح. وكانت هذه هي المرة الثانية التي فيها خسرت حضور الله وحرمت من تلمس مجده الأسني.


وتركني هذه الاختبار بحالة تهيج وارتباك لأني شعرت أنني أجلس على عشر الحق بدون أن أدركه. وكانت قد مرت بي أوقات تذوقت فيها الحظوة بحضور الله فشعرت بفرح عميق وسلام وأطمئنان. وهكذا توالت عليّ حالات من الاطمئنان والاستقرار وأخرى من الاضطراب والارتباك. وقلت ما السر يا ترى في هذه التقلبات من الشعور. وما هو المفتاح الذي يجعلني أظل قريبة من الله؟ وفكرت في الماضي وفي الأوقات التي كنت أشعر فيها بقرب الله وبحضوره معي، وتذكرت أحلامي السابقة ولقاءاتي الماضية مع الله واستنشاقي العبير الذكي لما كنت في حديقة منزلي. كما تذكرت زيارتي الأولى لبيت القس داود، والأوقات الأخرى التي فيها بدأت أقرأ الكتاب المقدس بانتظام. ولم أنس الاجتماعات المسائية في بيت المهندس أولد. ففي جميع هذه المناسبات كنت أشعر أن الله معي ويرافقني وأحظى بحضوره وبجلاله الأسنى.


وفكرت في الأوقات الأخرى عندما كنت أشعر أنني فقدت الإحساس بقرب الله مني وبكلمات الكتاب المقدس ساعة أحزنت روح الله القدوس. ففي الرسالة إلى أهل أفسس يقول بولس الرسول: لا تحزنوا روح الله القدوس (أفسس 30:4). فقد يكون ذلك عندما أنبت الخادمة بكلام قاس أو عندما تقاعست عن تغذية نفسي بالروحانيات أو عندما تكاسلت في الذهاب إلى الاجتماعات أو الاشتراك مع الأخوة بالتأملات الروحية والصلاة.


وقد اكتشفت أن مفتاح البقاء في شركة مع الله والخطوة برؤية مجده الأسنى هو الطاعة. فعندما كنت أطيع ما يوحي به الله إليّ كنت أظل بقربه واحظي برؤية أبي السماوي. وراجعت ما كتبه يوحنا في إنجيله عن قول المسيح: إن أحبني أحد يحفظ كلامي ويحبه أبي وإليه يأتي (يوحنا 23:14). ولما عرفت سر استمرار بقاء الله معي صليت من أجل الطاعة ولأكون خادمة أمينة للرب. وظننت في بادئ الأمر أن هذه تضحية مني لكني اكتشفت أن هذا هو السبيل الذي يبقيني قريبة من الأب السماوي ومن الحظورة برؤية مجد الله.


ومرارا كثيرة سمعت صوته الإلهي يقول: يا بلقيس أغفري لزوجك السابق زلاته ولا تحقدي عليه! وكثيرا ما كنت أبيت مذهولة إذ من المعقول أن أحب الكثيرين من بني الإنسان إما أن أحب هذا الرجل الذي أساء إليّ فصعب عليّ جدا! وكثيرا ما عاليت بصوتي قائلة يا ابتاه! هذا أمر لا أستطيع تنفيذه! إنني لا أريد أن أغفر لخالد أو أسامحه عما عمله معي! ومرة طلبت من الله إلا يهدي زوجي إلى هذا الدين الذي ينيل المرء سكينة النفس والسلام القلبي كيلا يتمتع بما أتمتع أنا به الآن. ولشد ما كان الغضب يستحوذ على مشاعري وأنا أفكر بذلك الزوج القاسي الذي سولت له نفسه أن يطلقني ويتركني وحيدة في هذه الدنيا.








كيف عرفت ابويا Icon1 رد: أقدر أقوله يا بويا


وشعرت أن حضور الله عندذاك كان باردا. وربما كانت مخيلتي هي التي تصور لي تقارب الله مني وابتعاده عني. فلما قلت: لا أقدر أن أغفر لزوجي وأصفح عن أعماله السابقة. إذا صوت المسيح يتجاوب في داخلي أن نيري هين وحملي خفيف لأني وديع ومتواضع القلب (متى 30:11). لكني كررت القول: ليست لي القدرة لأغفر له لا سيما بعد أن أخذت استعيد الآلام الكثيرة التي سببها لي. وتدفقت روح الكراهية إلى نفسي. وعند ذلك شعرت أنني منفصلة تماما عن الله. فبكيت مثل الطفل وغدوت مرتبكة وخائفة. وإذا بالله يظهر لي بأعجوبة فائقة في الغرفة فارتميت عند قدميه وصرخت أني أكره خالد ولا يتسنى لي أن أغفر له. وإذا الصوت يتعالى في أرجاء الغرفة مدويا.


وبهدوء زائد ألقيت حملي على الله وجعلت آلامي بين يديه الرحيمتين فشعرت للحال بنور وهاج يبرق في داخلي شبيه بنور الفجر المتدفق والمتلألئ. فهرعت إلى خزانتي وأخرجت صورة خالد التي أخذناها معا عندما كنا نتمتع بهناء الحياة الزوجية. وصليت قائلة: يا إلهيّ ويا أبي السماوي! خذ حقدي واملأني من حبك المتدفق، واجعلني أن أحب خالد من أجل المسيح فادي ومخلصي! وظللت مدة من الزمن أتطلع إلى الصورة وأنا مشدوهة وراحمة. وإذا الإحساس السلبي يفارقني وعوضا عنه يغمر قلبي إحساس فائق من المحبة والعطف. وعدت فتطلعت إلى الصورة التي كنت أكره رؤيتها فإذا بي أحبها وأحنو على صاحبها. ورفعت دعاء إلى الله ليهب ذلك الزوج الهناء وقلت: باركه يا إلهي! أعطِ خالد فرحا وصرورا وهبه سعادة في حياتي الجديدة.


وعندما عملت هذا شعرت بالغمامة السوداء ترتفع عن هامتي وبالحمل الثقيل ينزاح عن كاهلي. وتمتعت بسلاح فائق ووجدت نفسي أعيش في ضياء مجد الله وأحظى بسنائه الأمجد. ولأتذكر هذه الحادثة هزعت إلى حيث أختزن الحناء وتناولت كمية منه ورسمت علامة الصليب على يدي لتذكرني بهذا الوعد الذي قطعته على نفسي في حضرة الله الرحيم. وصممت أن لا أعود فأبتعد عن الشركة مع الله وإن كان ذلك يأخذ وقتا طويلا، ألا أنني كنت عازمة أن آخذ درسا بأن لا أبعد الله عني بل أعيش بضياء مجده دائما. وهذا اختبار كان فرصة مناسبة لتدريبي وترويض نفسي ورحبت به رغم تهيج عواطفي رثورة روحي. وهكذا تعلمت كيف أحظى بحضور الله.







[url=http://www.om-elnor.com/vb/customavatars/avatar20688_1.gif]كيف عرفت ابويا Avatar20688_1[/url]




كيف عرفت ابويا Male



كيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_pos






كيف عرفت ابويا Icon1 رد: أقدر أقوله يا بويا


كنت أغط في نومي في إحدى ليالي يناير عام 1967 فإذا بالسرير يهتز والغرف تتحرك ففقت مرتعبة إذ خلتها زلزلة. ولشد ما استولى على رعب شديد وظننت أن روحا شريرة تسكن المكان. وفجأة حملت من فراشي ولست أدري أكان بجسمي المادي أم الروحي ودفعت مثل الهشيم الذي تتقاذفه الرياح أثناء العاصفة. وأفاق محمود مرتعبا، وهرع لحمايتي. وقلت في نفسي يبدو أن الموت اقترب مني وغدوت أشعر بنزاع الموت في روحي. وتراءى لي حضور مريع، ورؤيا غريبة اكتنفتني مثل الغمامة السوداء. وبالغريزة صرخت يا إلهي! ويا سيدي يسوع! وأنتفض جسمي كما ينتقض حيوان كاسر يود الانقضاض على فريسته.


صرخت لله من أعماق نفسي واستنجدت بيسوع المسيح. ولست أدري إن كان تصرفي هذا صوابا لكني على الأثر سرت قوة دافعة في جسمي فعدت وصرخت: يا يسوع! يا يسوع! وعندما هدأت ثورة نفسي جثوت على ركبتي أصلي لله وأحمده من أجل حضوره ورؤياي المجيدة!


وعدت أستسلم للنوم حول الساعة الثالثة من صباح ذلك اليوم. ولم أستيقظ إلا عندما جاءت ريشام تجلب شاي الصباح لي. وقد شعرت عند ذاك بانفراج لأزمة نفسي. وأغلقت عيني برهة فإذا بي أشاهد الرب يسوع واقفا أمامي. وكان يلبس رداء أبيض اللون وطاقية حمراء. فأبتسم لي وكلمني بلطف قائلا: لا تنجزعجي فهذا لن يحدث مرة ثانية. وخلت أن هذه الرؤيا كان مصدرها روح شريرة. وكان المسيح ما زال واقفا أمامي. وسمعته يقول: لقد حان الوقت يا بلقيس أن تتعمدي بالماء! ولم ترق لي هذه الدعوة لأنها مجرد معمودية بالماء لأني كنت أبغي معمودية بالروح لتغير كياني وتخلق مني خليقة جديدة. وعلى الأثر ارتديت ملابسي وطلبت من الجاريتين ألا يزعجاني حتى الظهر. ووقفت قرب النافذة أفكر وكأن الصباح باردا والبخار يتصاعد من ينابيع الحديقة المتدفقة بالماء.


وأخذت أفكر بالمعمودية وكانت معروفة في العالم الإسلامي لأن المرء كان بوسعه أن يقرأ الكتاب المقدس بدون أثارة ضجة أي عداوة, لكن المعمودية وممارستها كسر في المسيحية، كان أمرا أعظم خطورة لأن المعروف أنه عند المعمودية يترك الإنسان دينه القديم ويعتنق المسيحية. والمعمودية هي المحك النهائي لمن يروم اعتناق المسيحية. وعند المسلمين كانت المعمودية تعني ارتداد عن الإسلام. وعند ذاك تغلب على الخوف لأني خضيت أن أعامل كمنبوذة أو خائنة. ورغبت قبل كل شئ أن أتأكد أن الدعوة للمعمودية كانت موجهة من شخص يسوع لا من شخص وهمي. ولكني حديثة العهد بالمسيحية لم أكن لأثق بالأصوات. وقلت: ليس من سبيل لفحص انطباعاتي أفضل من الكتاب المقدس. فقرأت الفصل في العهد الجديد الذي يشير إلى معمودية المسيح في نهر الأردن. وقرأت ما قاله بولس الرسول عن موت الإنسان القديم وبروز خليقة جديدة للذين اعتمدوا في المسيح. وقلت ما دام الكتاب المقدس يدعو للمعمودية وما دام المسيح نفسه قد تعمد فلا يبقى عليّ إلا أن أطيع.


وعلى أثر أخذي هذا القرار قرعت الجرس داعية ريشام لتطلب من السائق منصور أن يهيء لي السيارة لأن أروم زيارة بيت المهندس أولد بعد الغداء. وعندما حان الوقت قصدت بيت هذا الأخ المسيحي وما هي إلا لحظات حتى كنت جالسة في غرفة الاستقبال مع كين وماري أولد. وفاجأتهم باعترافي أنني أبغي أن أتعمد لأن المسيح يريد ذلك مني. وحدثني كين بنظرة استغراب وكأنه أراد أن يتفحص عمق قصدي ومدى تصميمي. ثم انحنى إلى الأمام وقال: هل أنت يا سيدة بلقيس مستعدة لتحمل العواقب وقبول ما سيحدث لك. لأن أهل البلاد هنا ينعتون المسيحيين بالكناسين لأنهم يظنونهم من حثالة القوم. ومؤخرًا سألني أحد الباكستانيين إذا كنت من جماعة الكناسين من بلادي؟ وتذكري أيضا أنك من اليوم وصاعدًا لن تعودي السيدة بلقيس الشيخ المشهورة بالمجد العريق والسيدة المسلمة المحترمة صاحبة الأطيان والممتلكان إذ ستصبحين من طبقة الكناسيين ومن جماعة المسيحيين المنبوذين في هذه البلاد! وهل تدركين أن والد محمود في وسعه أن يأخذ الولد الذي تبنيته مدعيا أنك وليّة أمره غير ملائمة لذلك؟










كيف عرفت ابويا Male



كيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_pos






كيف عرفت ابويا Icon1 رد: أقدر أقوله يا بويا


وبدأ قلبي يضطرب لأن كنت أخشى فقدان حفيدي الحبيب محمود. وخشيت أن ما قاله كين ونطق به بصراحة سيحل بي أن عاجلا أو أجلا. فاتضحت الصعوبات التي تترقبني وأدركت السبيل الصعب الذي سأسلكه. ولكني بقيت ثابتة وإطاعة أو أمر سيدي المسيح أمر محتم عليّ فأجبت: أعرف كل هذا يا سيد كين! وكثيرون من الناس سيقولون عني أني ارتكبت جريمة وعملت عملا لا يتمشى مع مسلك عائلتي على مدى الأجيال لكنني مصممة أن أتعمد. وأرد أن أطيع الله!


وقاطع حديثنا قدوم القس ميتشل وزوجته غير المنتظرة. وقال المهندس كين لهما: لدينا أمر هام فبلقيس تريد أن تتعمد. أجاب القس داود: لكن ليس لدينا هنا أدوات للمعمودية المقدسة. وأشارت ماري إلى ودود مثل هذه الأدوات في كنيسة بشاوار المجاورة إذا لابد وأن تكون جميع المعدات في تلك الكنيسة متوفرة للمعمودية. وغار قلبي في مكانه لأن بشاوار هي عاصمة إحدى الولايات الهندية على حدود. وهي مدينة يسكنها مسلمون محافظون ومشهورون بشرعهم في أخذ الثأر والانتقام من المسيحيين. وأمر معموديتي لن تخفى عليهم ولا تمر ساعات إلا وكل المدينة تكون قد عرفت بأمر معموديتي.


وتركت للمهندس كين أن يعنى بعمل الترتيبان وتهئية الأمور في بشاوار. وفي ذلك المساء كلمني عمي فتح بالهاتف. وكيف أحب ذلك الشيخ الوقور وأحترمه. ومنذ صغري وهو مهتم بتنشئتي على المبائ الدينية الإسلامي. وأول ما قاله لي على الهاتف: هل حقيقة يا بلقيس أنك تقرأين الكتاب المقدس؟ واستغربت كيف أنه عرف ذلك. ثم استطرد يقول: إياك أن تتحدثي مع أحد المسيحيين عن ذلك الكتاب. فأنت تعرفين أنهم ماهرون في المحاجة وقد يسهل عليهم استمالتك إلى دينهم. ولا تسمحي لأحد منهم أن يزورك في بيتك لأنك إن خالفت هذا فسيقاطعك جميع أفراد عائلتك. ولم أستطع مقاطعته على الهاتف لأن كلامه كان بصورة الأمر. وعندما توقف ليلتقط أنفاسه انتهزت الفرصة لجاوبته فقلت: تأكد يا عماه أن لا أحد يدخل بيتي بدون دعوتي وأذني. وكان معروفا عند الكثيرين أنني كنت لا أحب الزوار ولا أسمح لأحد بالتردد على بيتي إلا بعد أن يعمل ترتيبات مسبقة وينال أذني. وختمت قولي بأني أجتمع بمن أريد رغم حبي بالانعزال.


وبعد أن قطعنا الحديث على الهاتف قلت: يظهر أن المقاومة لي ستكون شديدة لا سيما من أفراد عائلتنا. فهذا عمي بمجرد سماعه أنني أقرأ الكتاب المقدس أنزعج. فكيف يكون موقف باقي أفراد العائلة ساعة يعلمون أنني تعمدت وأصبحت مسيحية؟ وغدوت غير متأكدة إذا كنت قادرة أن أقاوم الضغط من عشرات الناس الذي كنت أحبهم وممن كانوا من أقاربي المقربين. غير أنني آثرت عدم الإفتكار بالعواقب وترك الأمور للتقدير لا سيما وأن كين لم يكن قد حظي بجواب بعد من مدينة بشاوار.


وثاني يوم وأنا أطال
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فرايم حبيب
خـادم أم النــور
خـادم أم النــور
فرايم حبيب


شفيعـي : دائمه البتولية
الهواية : كيف عرفت ابويا Unknow11
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



كيف عرفت ابويا Empty
مُساهمةموضوع: كيف عرغت ابويا 4   كيف عرفت ابويا Emptyالإثنين 30 أغسطس 2010, 5:51 pm




[size=21]توجهت على الأثر لبيت المهندس كين وحالما اجتمعت به وبزوجته صرخت: أليس من سبيل لأتعمد حالا؟! واقتادتني بلطف ماري زوجة المهندس إلى غرفة الاستقبال وقالت: لقد سألت القسيس المسئول فقال أن المسألة تحتاج إلى بعض الوقت إذ لابد من أن تدرس اللجنة المسئولة طلب السيدة بلقيس للعماد. قلت: لكن ربما يحدث ما يغير الأوضاع في هذه الأيام المقبلة وكانت أفكاري متجهة إلى الإمكانيات التي ربما تحدث عن مقاومة أفراد عائلتي في ظروف متأزمة كهذه!
وأفاد المهندس كين أن شيئا غريبا حدث له الليلة الماضية إذ سمع صوتا يقول له أنظر إلى صفحة 654 من الكتاب المقدس. واستغربت هذه الطريقة الغريبة بإشارة إلى بعض آيات الكتاب المقدس لأن العادة المتبعة أن نشير إلى السفر والإصحاح والآية لا إلى الصفحة. وكانت الإشارة إلى سفر أيوب حيث يقول: لماذا آخذ لحمي بأسناني واضع نفسي في كفي. هو ذا يقتلني لا أنتظر شيئا فقط أزكي طريقي قدامه (أيوب 14:13).
وتعجبت أن كان إيماني قد وصل إلى هذا الحد. وللحال تناولت ذراع كين وقلت: أعطِني الماء لمعموديتي الآن! وإذا أراد الله أن يقتلني فليعمل ذلك لأني مستعدة للذهاب عنده لأني هناك أكون في السماء مع ربي! وتطلعت إليّ كين خشية أن أكون قد قسوت عليه بالكلام. وقلت: آسفة إن كنت قد أظهرت مثل هذا الجرأة بيد أنني أصر على تنفيذ ما طلبه الله مني لأنه هو الذي أمرني لأتعمد. فهي تريد أيها الأخ أن تساعدني على إتمام هذا؟!
وجلس كين على الكرسي بعد أن كان طوال الوقت واقفا وأمر يده على شعره الرمادي الكثيف وقال: من كل بد أريد مساعدتك. ثم وجّه الكلام لماري وقال: ما دام الفس داود وزوجته سيذهبان بعد ظهر اليوم إلى أبت فلما لا نرافقهما إلى هناك لنرى ماذا يمكن أن نعمل في أمر معمودية السيدة بلقيس. وعلى الأثر توجهنا إلى منزل القس داود وجلسنا في غرفة الاستقبال نطلب إرشاد الله بالصلاة. وصرح كين يقوله: نحن متأكدون أن الله هو الذي أرشد السيدة بلقيس إلى هذا الأمر وكان طلبه لها بصورة غريبة الشكل. وما دامت هي تصر على المعمودية وهذه إرادة الله لها، فماذا نكون نحن حجر عثرة في هذا السبيل؟ وقلنا للقس داود ما دمت متذهب بعد ظهر اليوم إلى أبت أباد فلماذا لا نرافقك كلنا إلى هناك ونعمل ترتيباتنا للمعمودية على أثر هذه الزيارة المنتظرة؟
ورأينا أن هذه الفكرة مقبولة وهي الطريق الأمثل لحل مشكلة المعمودية فهرعت إلى منزلي وطلبت من ريشام أن تهئ لي بعض الملابس الأضافية التي قال كين أنني أحتاج إليها وخاصة بعض الملابس التي لا تتأثر بالماء. ولكني وسط كل هذه الترتيبات والاستعدادات شعرت بعدم الارتياح وأحسست أن الله لم يعد قريبا مني لأنه بطرق عديدة ومناسبات شتى ألح عليّ بأن أتعمد ولم التقاعس يا ترى؟! أليس هذا ما يريده الله مني؟!
ولما لم يعد في وسعي التأجيل والانتظار أكثر قمت في يوم 24 يناير عام 1967 بمعمودية غير عادية. إذ طلبت من ريشام أن تملأ الحمام بالماء واستغربت الجارية هذا الطلب لأني لم أكن معتادة أن أخذ حماما في مثل ذلك الوقت. وصرفت ريشام عن الحمام وأقدمت على عملية ربما تسبب لي مشكلة لاهوتية لكني لم أفكر في القضايا اللاهوتية لأن رغبتي كانت أن أطيع الله وألبي هذه الحاجة الملحة التي دعا إليها الكتاب المقدس. وفكرت أن أعمد نفسي بنفسي إذ ربما تظهر عوائق تؤخر معموديتي الرسمية، ولم يعد في وسعي الانتظار إلى بعد الظهر. وكانت رغبتي العظمى ومنيتي الكبرى أن أظل قريبة من الله وأحظى بحضوره الدائم. ولن تتحقق لي هذه الأمنية إلا عن طريق إطاعة أوامر الله. لذلك دخلت غرفة الحمام وغطست جسمي في الإناء ووضعت يدي على رأسي وقلت: بلقيس, أعمدك باسم الأب والابن والروح القدس.
ونهضت من الماء فرحة وطروبة وبدأت أسبح الله وأشكره. وفرحت لأن ذنوبي قد غسلت بالماء المقدس وأنني أصبحت مقبولة لدي الله. كيف لا والمسيح نفسه تعمد ورتب هذا السر لإتباعه. ولم أقل لريشام ماذا فعلت. وهي بدورها لم تسألني لأنها تعودت ألا تكون فضولية. وبعد مضي بعض الوقت كنت على استعداد لمرافقة المهندس كين إلى أبت أباد. ولم يؤنبني ضميري على ما فعلته بمخالفتي بعض المبادئ اللاهوتية إنما المهم عندي أن عملي كان سريعا ومستجيبا لإرادة الأب السماوي ومرويا لنفسي المتعطشة للمعمودية.
أما الأخوة المسيحيون فكانوا يهتمون بعمل ترتيبات لعمادي الرسمي. وقلت في نفسي سأتركهم يعملون ما يريدون عمله أما أنا فقد فعلت ما طلبه الله مني. وحاولت أن أقرأ الكتاب المقدس لكن روحي كانت مغمورة بالفرح ولم أستطع حصر أفكاري عند ذاك. وتهللت نفسي لأني عدت أتمتع بمجد الله كعادتي. لأنني عندما أطيع الله وأجعل الكتاب المقدس رائدي أشعر بحضور الله وبنشوة علوية تنتابني.

توقيع صوت صارخ :
[center]أنه مازال ينزف, من أجلى ومن أجلك


مسيحيتنا فوق الزمان


المشاركات: 9,333





كيف عرفت ابويا Male



كيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_pos






كيف عرفت ابويا Icon1 رد: أقدر أقوله يا بويا


وجاءت ريشام بالخبر بأن آل أولد قد حضروا وأخبرت محمود أنني سأكون متغيبة عن المنزل طوال بعد الظهر. وذهبت لألاقي كين وماري. ثم سافرنا معا إلى أبت أباد وكانت السفرة ساعتين بالسيارة. وشاهدنا أشجار الصنوبر والسرو تزين جانبي الطريق ولم نشعر بطول الطريق بسبب المناظر الجميلة والأحاديث الحلوة التي تجاذبناها. ولم أخبر آل أولد عن معموديتي في حمامي الخاص. لكني أخبرتهم أنني أنا السيدة العريقة في المجد. ربما ينبذني أبناء قومي ويضطروني لترك بلادي.


وعندما وصلنا محجتنا كان القس ميتشل وزوجته ينتظراننا في مركز الإرسالية هناك. وقد رافقهما طبيب كندي باسم بوب وزوجته باس ماديتر. وكان برفقتهما رجل باكستاني هو القس باهادور وقد أنيط به أمر معموديتي. وقالت سينوف: هذا حدث نبوي يا سيدة بلقيس! وربما عن طريقك يجري تقارب بين الطوائف المسيحية المختلفة إذ لأول مرة يجري اجتماع لأفراد من طوائف مختلفة معمدانيين ومشيخيين واسقفيين لحضور حفل عماد مشترك. وبعد ذاك خيم على جو الغرفة صمت وهدوء إذ أغلقت الأبواب وأنزلت الستائر. وتصورت نفسي أحد المسيحيين الذين عاشوا في سراديب روما ومارسوا شعائرهم الدينية في الحفاء.


وفيما نحن نستعد للمعمودية المقدسة سألت: أين جرن المعمودية؟ فأجاب كين: لا ضرورة للجرن لأن المعمودية ستكون بالرش لا بالتغطيس! لكني قلت: لكن المسيح تعمد بالتغطيس في نهر الأردن. وكنا قد اجتزنا في سفرتنا بأحد الأنهار قبل وصولنا مركز الإرسالية فقلت: لماذا لا تأخذوني إلى ذلك النهر. وتذكرت أن الدنيا باردة والطقس لم يكن مواتيا. لذلك لم أشدد على هذا الرأي. ولم أبال كيف سأعمد الآن لأن كنت مرتاحة البال إذ قد عمدت نفسي في غرفة الحمام بمنزلي.


وتعمدت مرة ثانية بحضور الأخوة المؤمنين وقد جرى العماد بطريقة الرش. ولما انتهت المعمودية شاهدت الدموع تتساقط من أعين الكثيرين وقلت إن مثل هذا البكاء يا أخوتي لا يشجعني. ودنت مني سينوف وهنأتني وعانقتني وقالت: هذه دموع الفرح يا سيدة بلقيس! ثم رتلت لنا ترتيلة جميلة مناسبة. وقرأ كين فصلا من الكتاب المقدس. وعندما حان ميعاد العودة قفلنا راجعين وكانت السفرة مريحة وموفقة وشعرت أنني بين جماعة من الأخوة المسيحيين الغيورين.


وعندما وصلنا منزلي استقبلتني المسئولة عن الخدم وقالت بصوت متهدج: لقد جاء نفر من أفراد عائلتك يسألون عند يا سيدتي! وسمعتهم يقولون أنك تحضرين اجتماعات المسيحيين وتعاشرين هؤلاء الأجانب الدخلاء. فأمرتها أن تتوقف عن هذا الكلام. ثم أخذت تذكر الذين حضروا وكانوا من الوجهاء في عائلتي بينهم أعمامي وعماتي وغيرهم من الأقارب الذي لا يقصدون زيارتي إلا إذا كان هناك أمر مهم. وغار قلبي في داخلي وملأ الرغب حنايا نفسي. وقلت ربما كان هؤلاء يضمرون شرا لي. وعندما حان موعد نومي انعزلت في عرفتي وتطلعت من نافذتي فوجدت أن الثلج قد توقف سقوطه وشاهدت معالم حديقتي التي أحببتها والطبيعة الجميلة التي من صنع الخالق في الخارج. وشعرت أن هذه المعالم حولي توحي لي بالراحة والسكينة لا سيما وأن بيتي هذا كان واحتي المفضلة والبقعة التي اخترتها للانعزال والوحدة.


وسألت نفسي: هل يا ترى يظل هذا البيت لي؟ وهل أستطيع الاحتفاظ به؟ وقد نشأت وترعرعت في ارجائه وأحببته منذ نعومة أظفاري! وكنت حتى هذا التاريخ أشعر بالاطمئنان من حيث المسكن والمال والممتلكات والجاه والمكانة الاجتماعية. ولكن هذ أعوان الشر يكسرون عن أنيابهم وسوف يوجهون قواهم ليسلبوا كل ها مني. وكان أمني واستقراري نابع من نفوذ عائلتي. ولست أدري ما هو مصيري إذا كلهم بدأوا يقاومنني؟! لكن عدت فقلت: هذا كان أمر الله وأنا أطعت أوامر الأب السماوي! وتطلعت إلى ظلال الأشجار وهي تتماوج أمامي وأنا وافقة بالقرب من نافذتي فركعت وصليت وقلت: إلهي, لا تسمح لهذه الظلال أن تهبط عليّ فتشوه جمال حياتي وطمأنينيتها. وما كدت أنهي صلاتي هذه إذا بالباب يقرع وتجئ الجارية حاملة لي طردا وهي تقول: هذا الطرد جاءك الآن يا سيدتي! وما إن أزلت لفافته إلا وبكتاب مقدس جميل ومكتوب عليه هذه العبارة: إلى أختنا العزيزة فى عيد ميلادها. وقرأت التوقيع فإذا به كين وماري أولد.


ومن شدة فرحي رفعت الكتاب إلى صدري وشكرت الله لوجود أمثال هؤلاء الأصدقاء الأوفياء والأخوة المسيحيين المؤمنين. وعندما بدأت أقلب صفحاته الكتاب وقع نظري على هذه العبارات: سأنشر كلام الله في أقاصي الأرض. وفعلا فإن السر الذي استغلق عليّ في بادئ الأمر تحقق. عندما انتشر كتاب الله في كل المسكونة.



كيف عرفت ابويا User_offline [url=http://www.om-elnor.com/forums/images/designs/frequency_blue/buttons/reputation.gif]كيف عرفت ابويا Reputation[/url] [url=http://www.om-elnor.com/forums/images/designs/frequency_blue/buttons/report.gif]كيف عرفت ابويا Report[/url] [url=http://www.om-elnor.com/forums/images/designs/frequency_blue/buttons/quote.gif]كيف عرفت ابويا Quote[/url] [url=http://www.arabchurch.com/forums/images/designs/frequency_blue/buttons/multiquote_off.gif]كيف عرفت ابويا Multiquote_off[/url] [url=http://www.om-elnor.com/forums/images/designs/frequency_blue/buttons/quickreply.gif]كيف عرفت ابويا Quickreply[/url] [url=http://www.om-elnor.com/forums/images/designs/frequency_blue/misc/blog/blogpost.gif]كيف عرفت ابويا Blogpost[/url]



المشاركات: 9,333






كيف عرفت ابويا Male



كيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_pos






كيف عرفت ابويا Icon1 رد: أقدر أقوله يا بويا


استيقظت صباح الغد والخوف يغمرني لأني خشيت أن أفراد عائلتي لابد وأن يزوروني في ذلك اليوم إما مجتمعين أو أفرادا. وخفت من مجابهتهم ومن تهديداتهم وانذاراتهم ووعيدهم الصارخ لي. وفي الوقت ذاته أني أكره أن أسبب لأحدهم أي إزعاج أو أذى. وشككت بأن الله سوف يستجيب لطلباتي. ولبست أجمل ملابس وأخبرت البواب أنني على استعداد لاستقبال أي زائر في ذلك اليوم. وجلست على كرسي مغشي بالحرير الأبيض في غرفة الاستقبال استعدادا لقبول الزوار. وبدأت أقرأ بينما كان محمود يلعب قريبا مني بالعابة المتنوعة التي نثرها على السجادة الفارسية ذات النقوش البديعة التي كانت تفرض غرفة الاستقبال. ولما صار الظهر ولم يحضر أحد قلت في نفسي ربما كانوا يفكرون في زيارتي بعد الظهر. وبعد الغداء نام محمود أما أنا فبقيت أنتظر الزوار المرتقبين.


وحدث أن وقفت سيارة عند مدخل الدار. وكنت أعدّ نفسي للمعركة. لكنها عادت فتابعت سيرها. فسألت الخادمة عن سر وقوف السيارة ثم متابعتها السير فأجابت: إن أشخاصا جلبوا بعض الأغراض للمنزل. وخيّم الظلام وهبط الليل ولم يحضر أحد. وامتلأت الغرفة بالظلام وخلتها أشباحا. وتطلعت إلى الساعة فإذا هي تشير إلى السابعة. وفجأة قرع جرس الهاتف، فقلت ربما بدلوا رأيهم واستعاضوا عن الزيارة بالمحادثة الهاتفية. وعندما أخذت السماعة فإذا المتكلم هو ماري أولد. وكان صوتها الناعم ممزوجا بالقلق. وعرفت أن خبر اهتدائي للمسيحية لابد وأن يكون قد انتشر وقدوم أقاربي أمس للزيارة لدليل على أنهم قد أطلعوا على مجريات الأمور. وسألت ماري إن كانت مرتاحة ولا شئ يعكر صفاءها لأني لمست في صوتها نغمة القلق وعدم الارتياح. فأكدت لي ماري أنه بخير وأنها رغبت في الاستفسار عن أحوالي ولا تودّ أن تتركني وحيدة. وبعد هذه المحادثة القصيرة تطلعت إلى الساعة وكانت تدل على الثالثة فقلت: لا يأتي أحد من أفراد عائلتي بعد هذا الوقت. وشعرت أنه بإمكاني ترك المنزل وزيارة عائلة أولد لمعرفة السبب الذي حمل ماري أن تحدثني وعما كان يقلقها.


أخذت سيارتي وسرت إلى بيت المهندس كين. وعندما اقتربت من المنزل كان كل شئ مظلما وعندما وقفت عند المدخل شعرت بخوف يستخوذ عليّ. وموجة من الرد تغموني. فدلفت إلى مخيليتي أفكار قاتمة. وقلت لا تدل تصرفاتي على الحكمة إذ ليس من المناسب القيام بمثل هذه الزيارة تحت جنح الليل. وشاهدت على الأثر بين الظلال شيئا أسود رجف قلبي منه. وأردت الرجوع إلى السيارة لكني شجعت نفسي وقلت إن كنت من رعايا الملكوت السماوي فالملك السماوي لابد يحميني.


وبقيت واقفة وسط الظلال مسلمة أمر حياتي لله الأب السماوي. وبدد خوفي تكراري لكلمة يسوع. إذ قلت يا يسوع يا يسوع! وحالما تفوهت بكلمة يسوع زال الخوف عني وشعرت نفسي بالتنفراج وقتل الآن أنا حرة!


وتبسمت عندما دنوت من بيت المهندس أولد. وقد شاهدت نورا يشع من بين الستائر، تشجعت وقرعت الباب. وإذا بماري تفتحه ببطء وباحتراس. وعانقتني وأدخلتني البيت بسرعة ونادت زوجها وتنجت بانفراج. وعندما رآني المهندس شكر الله على سلامتي وقال: كنا قلقين عليك لأن القس الباكستاني بعد أن عمدك كان قلقا على سلامتك وقال: ليس من الحكمة أن نتركك وحدك. فعرفت عند ذاك سبب اضطراب ماري الذي بدأ على الهاتف. قلت: لابد وأن البلاد بأسرها ستعرف قريبا عن اعتناقي المسيحية لكن لا بأس فالله معي، وأنا أطعت أوامر سيدي. ونحمد الله لأنه لم يحدث حتى الآن شئ يعكر علينا صفاء الحياة حتى أن أحدا من أفراد عائلتي لم يزورني أو جاء ليعاقبني. وأشكر الله الذي استجاب صلاتي.


وما هي إلا بضع دقائق حتى كنا الثلاثة جاثين رافعين صلاة الشكر لله لحمايته لي وضارعين إليه أن يستمر في مثل هذه الحماية. وبعد ذلك الاجتماع القصير بعائلة أولد رجعت إلى منزلي وأنا مزودة بنعمة الله. ولمست كيف أن ذكري للمسيح والاستنجاد به بدد الخوف عني. وعرفت من الخدام أن لا أحد جاء ليزورني أثناء غيابي حتى أن جرس الهاتف لم يدق. وذهبت إلى فراشي وأنا أردد الدعاء: لاحترس من الغد وليبعد الله الشر.





كيف عرفت ابويا Male



كيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_pos






كيف عرفت ابويا Icon1 رد: أقدر أقوله يا بويا


وفي اليوم التالي بقيت في غرفة الاستقبال أفكر بمصيري وأدرس الكتاب المقدس وأصلي إلى أبي السماوي ليحميني. وكثيرا ما رأنت مني التغاتة إلى نقوش السجادة العجمية البديعة فأخذت أتأمل في براعة النقش وجمال الصنعة. ولم يحضر أحد من أقاربي وقلت ربما في المسألة أمر خفي علي وحال دون قدوم أي من أقارب لزيارتي، خاصة أنهم لابد وأن يكونوا قد سمعوا عن أمر معموديتي. وقلت لأسالن بعض الخدم عن أقاربي. وفي الباكستان أن رمت استقصاء بعض الأسرار فاقصد جماعة الخدام لأنهم يعرفون كل كبيرة وصغيرة. وناديت نورجان وقلت لها: افيديني عن أخبار عائلتي وعن أخوتي وعماتي وأعمامي.


أجابت بعد أن أصعدت قهقهة عصبية: الغريب أن جميعهم مشغولون في هذه الأيام. فأخوك سيذهب غدا إلى مسابقة في إحدى الألعاب وعمك فتح مضطر للذهاب ليؤدي شهادة خارج الولاية في إحدى المحاكم. أما عمتك أمينة فقد اضطرت أن تذهب إلى لاهور، وإثنان من أبناء عمك اضطرا لترك البلدة لأعمال خاصة بهما. فقلت في نفسي أن أخي يهتم بالألعاب أكثر من اهتمامه بمصير أخته، ويبدو أن لكل من هؤلاء الأقارب شاغلا يلهيه عني. وطلبت من نورجان بأن لا تستمر في سرد مثل هذه التفصيلات عن أفراد عائلتنا. وكأني كنت على مثل اليقين بأن أفراد عائلتي يريدون أن يتركوني وشأني. واتكلت على الله وسلمت أمور للمشيئة البانية.


وشعرت أن أفراد عائلتي سيفدون عليّ الواحد تلو الآخر. وهكذا كان. أول زائرة لي كانت عمتي أمينة وهي في السبعين من عمرها. امتازت بجمالها الشرقي. وكونها عريقة المجد. ولسنين عديدة كانت بيننا علاقات ثقة متبادلة ومحبة مشتركة. وجاءت لزيارتي ووجهها شاحب اللون، وعيناها ذابلتان من الحزن. وجلسنا لنتبادل أطراف الحديث وقد تلمست السر في زيارتها لي الآن. وتركتها لتبدأ بالحديث. فأخذت تعاتبني بكلمات متقطعة وبصوت متهدج وأول ما قالته: سمعت يا بلقيس أنك أصبحت مسيحية. فهل هذا صحيح؟ فابتسمت لها. لكنها غيرت جلستها على الكرسي واستمرت في العتاب فقالت: ظننت أن الناس ينقلون أخبارا غير صحيحة عنك! وحدجتني بنظرات فاحصة لترى إن كان كلامها صحيحا.


أجبتها: ما يقوله أناس عني ليس كذبا. فأنا قد سلمت نفسي ليسوع. وأنا قد تعمدت بالماء وبالروح. وقد غدوت مسيحية يا عمتي لأن هذه هي إرادة الله لي. فضربت عمتي يديها على خديها وقالت: ما أفظعها من غلطة يا بلقيس! ثم جلست برهة هادئة وكأن الكلام أتعصى عليها. وما هي إلا لحظات حتى كانت تلف عنقها بالشال المزركش وتقف كالصنم المتجمد وتخرج من البيت بحزن وكابة. وشعرت بأنني سحقت غما لكنني طلبت من الله أن يحميها ن كل أذية وصليت من أجلها.


عرفت أن الله سيسمع صلاتي من أجل أفراد عائلتي وألا لكنت تركتهم ولا أبال بهم وبمن أحب منهم وقلت في صلاتي: ليت هؤلاء يعرفونك يا إلهي كما عرفتك أنا والشئ المثالي أن تسمح لكل فرد منهم أن يأتي إليك ويسلّم قيادة حياته لك. وأنا أدرك أنك تحبهم رغم أنهم لا يغيرون دينهم وأني أضرع إليك أيها الإله الرحيم أن تشمل كل واحد من هؤلاء الأقارب ببركاتك وتغمرهم بنعمتك ومحبتك وبتدئا بعمتي أمينة. وthanks يا إلهي.


ورفعت مثل هذه الصلاة في اليوم التالي وكانت مخصصة من أجل ابن عمي إسلام. وكان محاميا وفي مقتبل العمر ويسكن في بلدة تبعد 45 ميلا من واه. وكان هذا القريب قد ورث عن عمي بعض الصفات التي تميز عائلتنا. فالابتسامة العريضة لن تفارق شفتيه والنكتة الجميلة واللطيفة تطرب سامعيه ومحدثيه. وكان إسلام عزيز لديّ ومحبب إلي. وقد جاء ليزورني الآن ومن هيئته تلمست أنه لا يعرف التفاصيل عن أمر اهتدائي. وبعد أن تبادلنا بعض الأحاديث الودية واستعدنا بعض الذكريات عن أمجاد عائلتنا قال: هل تعرفين يا بلقيس متى يكون اجتماع العائلة العام الذي اعتدناه كل عام؟ لأني سوف أعرج عليك وأنقلك معي في سيارتي. أجبت: ليس لي علم عن ميعاد هذا الاجتماع. وغصصت بضحكة خفية لأني تنسمت أنني سوف لا أحضر هذا الاجتماع لأنه سيكون مخصصا بأمر ارتدادي.


ورغبت أن أصارح إسلام بما جرى. وأطلعته على أمر قبولي المسيحية دينا لي. وطلبت منه ألا يضطرب. وقلت له: إذا ما حظيت أيها الأخ الكريم إلى اجتماع العائلة فقل كلمة خير بحقي. ولاحظته وهو يترك منزلي أنه حزين وأدركت أن الذروة باتت وشيكة وقلت الأفضل أن أتوجه إلى لاهور وراولبندي في أقرب وقت ممكن خشية أن يشوه الناس الحقائق عني، وتسمع بذلك ابنتي توتي وابني خالد. وما أكثر القصص التي ستحوكها ألسن العامة حولي! أما ابنتي خالد فكانت في أفريقيا ومن المتعذر زيارتها أو الاتصال بها، بيد أنه في ميسوري الآن مقابلة ابني وابنتي.




كيف عرفت ابويا User_offline [url=http://www.om-elnor.com/forums/images/designs/frequency_blue/buttons/reputation.gif]كيف عرفت ابويا Reputation[/url] [url=http://www.om-elnor.com/forums/images/designs/frequency_blue/buttons/report.gif]كيف عرفت ابويا Report[/url] [url=http://www.om-elnor.com/forums/images/designs/frequency_blue/buttons/quote.gif]كيف عرفت ابويا Quote[/url] [url=http://www.arabchurch.com/forums/images/designs/frequency_blue/buttons/multiquote_off.gif]كيف عرفت ابويا Multiquote_off[/url] [url=http://www.om-elnor.com/forums/images/designs/frequency_blue/buttons/quickreply.gif]كيف عرفت ابويا Quickreply[/url] [url=http://www.om-elnor.com/forums/images/designs/frequency_blue/misc/blog/blogpost.gif]كيف عرفت ابويا Blogpost[/url]






[url=http://www.om-elnor.com/vb/customavatars/avatar20688_1.gif]كيف عرفت ابويا Avatar20688_1[/url]




كيف عرفت ابويا Male



كيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_pos






كيف عرفت ابويا Icon1 رد: أقدر أقوله يا بويا


توجهت في اليوم الثاني إلى لاهور حيث يقيم ابني خالد. وكان قد نجح في عمله التجاري مما شجعه أن يبني له بيتا جميلا محاطا بشرفات مطلة على الحديقة والمرجة الخضراء المحيطة بالبيت. وكنت قد أخبرته هاتفيا برغبتي بزيارته، ولذلك عندما وصلت مدخل الدار أوقفت سيارتي ومن هناك توجهنا نحو الشرفة المطلة على المدخل. وحالما رآني خالد هب لاستقبالي. وقال: إني سعيد يا أماه أن أراك! وطوال بعد ظهر ذلك اليوم أطلعته على كل ما جرى لي. وشعرت أنه لم يدرك ما كان يجول في أعماق نفسي وما يتردد في خاطري.


وكان لابد لي من أن أزور ابنتي توني التي تعمل طبيبة في أحد مستشفيات راولبندي. وفكرت كيف أفاتحها في مسألة اعتناقي المسيحية. لأنها لابد وأن تكون قد سمعت أخبارا غريبة عن هذا. وكانت توني تعرف أن أمها تطالع الكتاب المقدس لأنها لابد وأن تكون قد سمعت هذا من زميلتها سنتياغو لدي زيارتي للمستشفى لمعالجة أذن حفيدي محمود. ولكن توني لم تكن لتدرك التأثير الكبير الذي تركه حديث الطبيبة الراهبة في نفسي، وأثره على تغيير مجري حياتي. وهي التي شجعتني أن أصلي دائما لأبي السماوي وأطلب إرشاده وهدايته.


ولما شاهدتني توني من بعيد صرخت: أماه! أماه! ودهشت عندما شاهدتها تدنو مني وهي لا تلبس لباس الطبيبة. وبأن شعرها الكستنائي الذي كان مغطي بالقبعة المقواة. ومدت ذراعيها لتعانقني واحترت كيف أفاجئها في أمر قضيتي. وأخذ قلبي يزداد في الخفقان والنبض يسوع، وفكرت بطريقة لطيفة خشية أن ينفجر الضغط ويؤذيها. وقلت لها: استعدي يا توني لسماع المفاجأة التي سأطلعك عليها. فأنا قبل يومين قد تعمدت.


وجمدت توني في مكانها وبقي ذراعاها ممدودين وبانت عينيها وهي تذرف الدموع. وتأوهت بصوت خافت وممزوجا بالبكاء بحيث لا يقدر أحد أن يسمعه لطالما ظننت أن هذه ستكون النهاية، أنك ستتركين دينك وتعتنقين المسيحية. وحاولت أن أهدئ من روعها ولكن بدون جدوى. وقالت: ما دمت لست في الوظيفة الآن فلأذهب معك إلى شقتي، ونفكر في هذه المسألة. ولما دخلنا غرفتها دق جرس الهاتف وكانت المتكلمة نينا وهي قريبة لي تعيش في تلك البلدة وقد رغبت نينا الاستفسار إذا كان ما سمعته عن أم توني حقيقي. فأجبتها توني إن ما سمعته عن أمي صحيح. والقت توني سماعة الهاتف وهي مضطربة ومرتبكة. فقلت لأتركها تجمع أفكارها ولأعطيها بعض الوقت لتستعيد صفاءها. ولأجل هذا استعددت لمغادرة البلدة والعودة إلى واه. وودعت توني وقلت لها: زورني كلما شعرت أنك قادرة على ذلك وسوف نتحدث مطولا في هذه القضية.


وعدت إلى منزلي وحالما وصلت البيت تجمع الخدم حولي ورأيت ريشام ممتقعة اللون ونورجان تفرك يديها من شدة الاضطراب. وقالت لي: طوال غيابك وجرس الهاتف يدق، وأقاربك يفدون لزيارتك. وما إن أتمت حديثها حتى قرع جرس الهاتف وكان المتكلم في هذه المرة هو جميل زوج أختي وكان يشتغل مع شركة زيت إنكليزية. وقال: يا بلقيس سمعت شيئا غريبا عنك لم أستطع تصديقه فقد أخبرني أحد زملائي أنك غدوت مسيحية. وقد هزئت منه وسخرت من كلامه لأني لا أصدق مثل هذا الكلام عنك! وكانت كلماته تجئ بسرعة فلم أستطع الإجابة عليها. وعندما توقف عن الحديث وكنت أظنه أكثر اختبارا في شؤون الدنيا قلت له: نعم إن القصة صحيحة وما سمعته هو الواقع. وخيم صمت لمدة ثم قال جميل: إنك فقدت أكثر مما تدركين. إنك فقدت أعزاءك والقي سماعة التلفون وانقطع الحديث.


قلت في نفسي: لم كل هذه الضجة! هل لمجرد اختلاف في وجهة نظراتنا لقضية دينية؟!




[url=http://www.om-elnor.com/vb/customavatars/avatar20688_1.gif]كيف عرفت ابويا Avatar20688_1[/url]


كيف عرفت ابويا Male



كيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_pos






كيف عرفت ابويا Icon1 رد: أقدر أقوله يا بويا


وبعد عشرة دقائق حدثتني توني بالهاتف وقالت: لقد أخبرني العم نواز بأن والد محمود يفكر في أخذ الصبي لأن لا محكمة تسمح لك بالاحتفاظ بالولد بعد تركك الإسلام. وأخذت تذرف الدموع وتجهش في البكاء وحاولت تعزيتها لكنها ظلت تبكي من شدة الحزن. وفي مساء ذلك اليوم وفيما كنت أتناول طعام العشاء مع محمود جاءت توني لتزورني مع بعض القريبات. وكانت وجوه الزائرات مصفرة وعيونهن ملأي بالدموع. وطلبت منهن أن يشاركنني طعام العشاء لكنهن اعتذرن بأنهم قد تعشين. وسررت أن أرى توني وابنتي أختي يفدن ليزارتي. وبعد أن تركنا محمود ليلهو بلعبه بدأت الزائرات بالمعاتبة. قالت ابنة أختي: أتدركين مغبة ما عملتيه؟ وماذا يعني هذا لبقية الناس؟ ومددت يدي لأمسك بيدها وقلت: ليس لي ثمة سبيل أيتها العزيزة سوى أن أطيع! وتطلعت توني إليّ بعينين دامعتين وقد رجتني أن أبرح واه وأترك منزلي. وختمت رجاءها بقولها: أتركي هذا المكان ما دام هناك أحد يستطيع مساعدتك؟ أتركيه لأنك سوف تهاجمين؟ هكذا يقول الناس. وقد يجبر أخوك على أخذ أجراء حاسم ضدك. ثم أخذت تجهش بالبكاء.


أجبت برفق: أنا آسفة يا توني. أنا لا أريد الهرب لأن إذا هربت الآن فسأظل مشردة طوال حياتي. واستحوذ عليّ إحساس فائق من قوة التصميم. وقلت: إنها مشيئة الله وهو قادر أن يعتني بي بسهولة في بيت! وما دام الله معي فلن يستطيع أحد طردي من منزلي. وجلست على الكرسي لأحافظ على اتزاني، وشعرت أن رواية تمثل أمامي وختمت قولي هاتفة دعوهم يأتوا ليهاجموني لأن الله معي! وشعرت بإحساس فائق من التصميم ويستحوذ على مشاعري، وكان حضور الله الدافئ الهادئ قد ابتعد عني. وبقيت مضطربة ولم أسمع الأصوات حولي لكنني تحققت بما سيحدث وتصورت العواقب التي ستنجم عن اعتناقي المسيحية واقترابي من الأب السماوي. واستعدت كبريائي وعنادي وشخصيتي المعهودة وجاهرت بتصميمي أن لا أحد يستطيع طردي من بيتي!


وأردفت توني تقول: إذا أنت أصبحت مسيحية يا ماما! لكنه ليس من الضروري أن تصبحي شهيدة مسيحية! وركعت قرب الكرسي الذي كنت أجلس عليه ووضعت رأسها على كتفي وقالت: ألا تدركين يا أماه أننا نحبك ونسعى لراحتك ولسلامتك! ولمست شعرها الناعم وقلت: إني أشعر بذلك ن أعماق قلبي. وطلبت الغفران من ربي لأنني استسلمت لعواطفي ثم قلت: إني أسلم أمري لربي. وحيثما شاءت مشيئته السماوية أن أهذب. فإذا شاء أبي السماوي أن أترك البيت تركته. وعلى الأثر شعرت بحضور الله. وكأن روحه تدفق عليّ وتغمرني فتقوت عزيمتي وتعمق إيماني وزاد ثباتي.


ولم تستغرق هذه المحادث مع توني وابنتي أختي أكثر من بضع دقائق ورغم أن الزائرات استمررت بالحديث لكني أخذت أشعر أن الحياة أخذت تسير في ناحية ثانية وعلى مستوى آخر. إذ إنني الآن مسلمة أموري لله، فهو الذي يهديني ويقود دفة حياتي. وقبل أن تغادر توني البيت قالت: إذا جاء والد محمود يطلب أخذ الصبي فأرجوك يا أمام ألا تعطيه إياه. فأنا أحق به لأنني لم أغير ديني وأنا أمه الشرعية. وشعرت أن توني وابنتي أختي كن قلقات عليّ، وغدوت أنا بدوري قلقة عليهن ولا أروم لهن الارتباك والاضطراب وصليت إلى الله قائلة: من الصعب أن أتكلم لشخص لا يعرف الأب السماوي حقيقة. ومن ليس له إيمان وطيد بك فساعد يا إلهي أفراد عائلتي ليعرفوك على حقيقتك وأنك أبو الجميع. وهدئ قلقهم لأنني أنا قلقة عليهم.


واستسلمت لنوم هادئ شعرت فيه أن جسمي يحمل على أجنحة الأثير. وما عتمت أن وجدت نفسي أقف قرب منحدر مكسو بالعشب الأخضر ومحاط بشجر الصنوبر العالي وعلى مقربة مني شاهدت نبع ماء يسيل بمائه العذب. وفوق ذلك المنحدر ترفرف الملائكة وكأنهم كتلة من الضباب وشعلة من النور. وسمعت كلمة ميخائيل تردد على الأفواه. وزودني منظر الملائكة بشجاعة وهتافهم باسم القديس ميخائيل بقوة دافقة. وعلى الأثر نهضت من نومي وتوجهت إلى غرفة محمود وأشرت للملاك أن يحرس محمودا بظل جناحية ثم عدت إلى فراشي وركعت لأصلي لإلهي ومما قلته في صلاتي: لقد أريتني يا إلهي أجوبة عديدة لمشكلتي فأرشدني إلى أي شئ تريد وعرفني مصير محمود لأنني لا أستطيع العيش بدونه. أرشدني إلى الطريق الذي يجب أن أسلكه, وأنا مسلمة أموري إليك.


وشعرت في تلك اللحظة أنه من الضروري الرجوع إلى كلمة الله، وفتحت الكتاب المقدس ووقع نظري على بعض الآيات من سفر التكوين وكان قول الله بإبراهيم: لا تمد يدك إلى الغلام ولا تفعل به شيئا (تكوين 12:22). فشكرت الله الذي أراني إرادته في هذه الآيات. وأعطاني الجواب المفيد. وأكدت لتوني بأن لا شئ سيحدث لمحمود، وأشرت إلى الآية التي أعطتني الجواب، وإلى جواب الله لي. ولست أدري ماذا كان رد الفعل عندها وهل هي صدقت ما قلته لها من كلام الله، وهل لمسها روح الله فآمنت بما قلته لها، لكنها اطمأنت وشاهدت الابتسامة تعلو محياها لأول مرة بعد ذلك القلق الذي استحوذ عليها خلال اليومين السابقين.


وظل تدفق الأصدقاء لزيارتي يستمر. وذات يوم جاءت ريشام لتقول لي أن هناك سبعة أشخاص هم من أعز الأصدقاء يرومون مقابلتك. وأحببت أن أقابلهم ومحمود بالقرب مني، فاصطحبته إلى الطابق السفلي حيث قابلتهم ورغبت أن يعرف محمود ما يجري في تلك المقابلات. وأجلست كل من هؤلاء الأصدقاء على كريس بشكل دائرة حولي. وقال أحدهم الذي كنت أعرفه منذ أيام صغري: نحن نحبك يا بلقيس، وكلنا مشغول البال بما عملته. لكن لدينا اقتراح قد يكون مفيدا لك. وأنحني برقة تجاهي وقال بصوت منخفض: ما رأيك أن تبقي مسيحيتك سرا ولا تعلينها جهارا! قلت أتريدون مني أن أحتفظ بإيماني الجديد في خفاء؟ هذا لن يكون لأن معناه خداع ومداهنة مع الله. فأنا أجاهر بإيماني القويم وأن استدعت الأمور إن أموت فدعوني أموت صادقة وأمنية وأذهب شهيدة الإيمان بالله.







[url=http://www.om-elnor.com/vb/customavatars/avatar20688_1.gif]كيف عرفت ابويا Avatar20688_1[/url]



كيف عرفت ابويا Male



كيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_pos






كيف عرفت ابويا Icon1 رد: أقدر أقوله يا بويا


وأقترب الأصدقاء والأقارب مني وكان أحدهم صديقا لوالدي فحدجني بنظرة عتاب وقال: الجميع مهتم بمصلحتك ومسألتك يا بلقيس نمس جوارح قلوبهم. وامسكت نفسي وملكت عواطفي وقلت: يظهر أنه يتعذر عليّ أن أفعل ما ترغبون. فإيماني آخذ بالنمو بسرعة فائقة وهي مدة لا تزيد عن الشهر أصبح هذا الإيمان أهم شئ في حياتي. وابتسمت واقتبست لهم بعض الآيات من كلمة الله كان أبرزها ما ورد في إنجيل متى قول المسيح: كل ما يعترف بي قدام الناس أعترف أنا أيضا به قدام أبي الذي في السماوات ولكن من ينكرني قدام الناس أنكره أنا أيضا قدام أبي الذي في السماوات (متى 32:10-33).


وقال رجل مسن آخر من بيت أولئك الزائرين: أنت يا بلقيس في وضع خاص وفي الوسع أن تشذ حالتك عن غيرك، والله لن يهتم إن كنت تؤمنين به جهارا أو سرا. وإذا لم تعلني مسيحيتك فهو يعلم أنك تؤمنين به. وأخذ يقتبس لي آيات قرآنية لإثبات نظريته وليؤثر عليّ بعدم إعلان مسيحيتي جهارًا.


وابتسمت قليلا في حين أن الزوار كانوا عابسين وأخيرًا عرفوا أن حديثهم لن يؤدي إلى نتيجة إيجابية. وعندما نهضوا ليتركوا البيت وجهوا لي إنذارا مضمونه إذا وقعت يا بلقيس في مشكلة فتأكدي أن لا أحد من عائلتك أو أصدقائك سيقف بجانبك أو يهب لنجدتك. بيد أنني هززت برأسي إشارة إلى أني فهمت ما يريدون أن يقول لي. وكنت قد تمنيت لو تركت محمود يلعب في الحديقة كيلا يسمع مثل هذه الأحاديث والتهديدات. ولما تطلعت إليه وهو يجلس على كرسيه الصغير أخذ يبتسم وكأن لسان حاله يقول: لا تهتمي فكل شئ سيغدو حسنًا. وقد لاحظت بعض الأقارب عيونهم تتغرف بالدموع. وكانت إحداهن صديقة حميمة لوالدتي فاقتربت مني وقبلتني وشددت على قبول النصحة بأن أبقي اعتناقي للمسيحية أمرًا سريًا. ثم أجهشت بالبكاء وتركتني مع جملة الزائرين وباقي الأصدقاء.


وبعد أن ترك هؤلاء السبعة البيت غدا المكان شبه القبر حتى أن ضجة محمود الاعتيادية هدأت. ولمدة ثلاثة أسابيع لم يسمع ضجة في البيت ولا أصوات غريبة. ولولا اجتماعاتي مع آل ميتشل وآل والد وحضوري الاجتماعات الأحدية المنتظمة للعبادة لشملتني وحشة عارمة واستحوذ جمود على حياتي. وأخذت معركة العائلة تتراءى لي بوضوح يوما بعد يوم. وقد لمست ذلك في نظرات ابن عمي الذي شاهدته في السوق في أحد الأيام. كذلك تطلعت ابنة أختي إليّ بجفاء وهي تسير في شوارع راولبندي عندما كنت في تلك مدينة. ولمسته في رفض عمتي الدعوة لحضور حفلة غداء عندي.


أجل لقد خالفت روابط الدم والقرابة. ولم أستطع الآن أن أسمع شيئا من أقاربي لأنهم قاطعوني. حتى إن الخدام في منزلي هدأت ضجتهم. وغدوا جديين وعابسين وهم يروحون ويجيئون في جنبات الدار. وما كانوا ليكلموني إلا في أمور الشغل رسمية. وذات يوم ظهرت هذه المقاطعة بشكل غريب إذ دخلت نورجان غرفتي لترتب أدوات زينتي، وعقبتها ريشام التي بدت مقطبة وعابسة، ولم تنطق إحداهما ببنة شفه. فانزعجت من صمتها لأني انتظرت منهما بعض الحديث عن أحوال البيت. وتحمست وقلت: يبدو أن هناك شيئا خاطئا فافيداني عنه؟ فقالت نورجان: إن جميع الخدام المسيحيين من بينهم منصور قد تركوا الخدمة في هذا البيت باستئناء ريشام. إنهم هربوا في منتصف الليل وتحت جنح الظلام وتركونا بدون سابق إنذار.


[url=http://www.om-elnor.com/vb/customavatars/avatar20688_1.gif]كيف عرفت ابويا Avatar20688_1[/url]



تاريخ التسجيل: Aug 2007

كيف عرفت ابويا Male



كيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_pos






كيف عرفت ابويا Icon1 رد: أقدر أقوله يا بويا


ماذا تعنى مثل هذه المقاطعة لي؟ أولا أن أربعة من خدامي تركوني، وفي بلدة مثل واه حيث الأعمال محدودة، وحيث أنه من المتعذر الحصور على وظيفة جديدة بسهورة، فقرارهم بتركي لم أستطع تعليله. وفكرت أن ذلك لابد وأن يكون نتيجة الخوف. فمنصور خاف لأني طلبت منه مرة أن يدبر لي كتابا مقدسا، كما أنه ساقني في بعض الأحيان بالسيارة إلى بيت المرسل ميتشل. وقد يكون الثلاثة الآخرون من الخدام المسيحيين قد حذوا حذوه، وتركوني خوفا من بعض العواقب المنتظرة. ولابد وأنهم سمعوا بالبركان الذي يتأجج ويستعد للثوران.


وتساءلت لماذا لم تترك ريشام عملها، وهي مسيحية مثلهم. وكانت قد حضرت لتمشط شعري وتقوم بخدمتي الصباحية، وسألتها وهي تمشط شعري ما هو موقفك تجاه عملك معي؟ فعضت شفتيها وقالت بصوت خافت: ربما يكون من الأنسب لي أنا أيضا أن أترك الخدمة عندك يا سيدتي! لأني أشعر بأنني وحيدة وليس ثمة أحد يستطيع أن يحميني. وقلت لها أنا لا ألومك يا ريشام إنما عليك أن تقرري ذلك. وكوني حكيمة وتذكري قول المسيح أن كثيرين من اتباعه يضطهدون من أجل اسمه! وطأطأت ريشام رأسها وعيناها تدمعان وقالت: أنا أعلم ذلك يقينا. وظلت طوال ذلك اليوم واجمة حتى أن زميلتها نورجان تأثرت من حالها وكأن أمرها يهمها كثيرًا.


وفي اليوم التالي لم أقرع الجرس في الصباح كعادتي لأني توسمت ألا يكون أحد من الخدام قد بقي في خدمتي. وتراءى لي شبح ريشام قريبا مني رغم أن الصباح في موسم الشتاء يكون قاتما، فشكرتها على بقائها، واستحسنت منها أخذ قرارها بالبقاء. وسمعتها تقول: كما أنك تخدمين الرب أنا أخدمه! وبعد أن ترك باقي الخدام المسيحي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فرايم حبيب
خـادم أم النــور
خـادم أم النــور
فرايم حبيب


شفيعـي : دائمه البتولية
الهواية : كيف عرفت ابويا Unknow11
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



كيف عرفت ابويا Empty
مُساهمةموضوع: كيف عرفت ابويا 5   كيف عرفت ابويا Emptyالإثنين 30 أغسطس 2010, 7:18 pm




[size=21]ويوم الأحد طلبت من محمود أن يظل خارج غرفة الاستقبال خشية أن يشوه منظرها بالعابه المتناثرة. وملأت المزهريات بالأزهار، ورتبت السجاجيد العجمية ذات التقوش الجميلة. وأزلت الغبار عن المفروشات ومن قرب النوافذ. وعندما حان موعد الاجتماع سمعت السيارات تقف عند المدخل، والبوابة تفتح على مصراعيها. وتوافد المدعوون وكنا في الاجتماع 12شخصا. فبدأنا بالترنيم والصلوات وقراءة فصل من الكتاب المقدس. ثم تكلم البعض عن اختباراته الروحية وما صنعه الله في حياته. وكان محمود يجلس في غرفة مجاورة ويصغي بهدوء لما يجري في الاجتماع وتصورت الآلاف من الأشخاص غير المرئيين الذين لابد وأن يرافقونا في الابتهالات والصلوات لله الأب السماوي. بأرواحهم إذ يتعذر وجودهم جسديا.
وبعد الاجتماع تحسست أن الأخوة المسيحيين كانوا قلقين على سلامتي فسألتني ماري: أما زلت قلقة على مصيرك، ومهتمة كثيرا بما حدث لك من تغيير في حياتك؟ ابتسمت وقلت لا أستطيع أن أعمل شيئا لأنه إذا أراد أحد أن يؤذيني ففي وسعه أن يفعل ذلك بسهولة لأن البيت ليس محصنا كفاية. وعلى الأثر نهض كين ليتفحص الأبواب والنوافذ فوجدها غير منيعة. فشبكة الأسلاك الموضوعة على النوافذ مع الزجاج لا تحول دون دخول أي معتد للبيت. وهز رأسه وقال: فعلا إن هذه الوسائل لا تضمن لك الحماية الكافية يا سيدة بلقيس! وإني أقترح وضع قضبان من حديد لتدعم الأسلاك بسهولة. فأجبته سأنظر في هذه الأمور يوم غد. وعندما وعدته بذلك تصورت في مخيلتي اختفاء مجد الرب من حولي. وقلت في نفسي: هل اختفاء الله وعدم حضوره راجع إلى تفكيري الخاطئ، أو هو واقع حقيقي؟ إنما اختباري كان أنه لما أبتعد عن خطة الله يبتعد الأب السماوي عني ويتواري.
وبعد أن تفرق المجتمعون شعرت بأني أسعد من المعتاد، إذ أن اجتماع الأخوة المؤمنين بعث فيّ حيوية جديدة. وعندما فكرت ثاني يوم باستدعاء أحد الحدادين من القرية لوضع بعض القضبان على النوافذ إذا بي أشعر باختفاء الحضرة الإلهية عني وانحجاب مجده الاسني عن منزلي. فقلت ربما كان اختفاء الله راجع لاستسلامي للخوف. وعندما بادرت إلى استدعاء أحد الحدادين بدأ أهل القرية يتهامسون فيما بينهم عن خوفي ومحاولتي حماية المنزل من المعتدين. وكنت أسمع تقولات الناس وهم يعلنون قائلين: ما نوع هذا الدين لأن المرء إذا أصبح مسيحيا يبدأ يعيش في الخوف. وقلت هذا هو السر في انحجاب نور الله عني ساعة خوفي وارتباكي. ونمت تلك الليلة نوما هادئا بعد أن اتخذت قرارا بأن أطيع الله وأن أعدل عن وضع قضبان حديدية على نوافذ بيتي. وكنت متأكدة أن هذا هو القرار الصحيح في هذا الموضوع.
وصحوت أثناء نومي على صوت مفاجئ. فجلست في فراشي لكن بدون أن يلازمني أي خوف أو رجل. وللحال ظهر أمام منظر يخلب الألباب إذ شاهدت من خلال جدران غرفتي الحديقة بأسرها وكانت هذه الرؤية بطريقة فائقة للطبيعة. وكانت الحديقة مغمورة بضوء أبيض لامع فرأيت كل ورقة شجر أو زهرة في البستان. وقد خيمت على الحديقة سكينة وجللهاء الصفاء. وسمعت أبي السماوي يكلمني ويقول: لقد فعلت الشئ الصحيح يا بلقيس. وتأكدي أنني معك دائما! وعلى الأثر تواري ذلك النور الفياض وانحجب ضياء الله، فأشعلت مصباحي ورفعت يدي إلى العلاء شاكرة ربي وحماية أبي السماوي الذي تراءى لي وسط ظلام الليل وأضطراب الحياة. وهتفت من أعماق قلبي قائلة: لا أستطيع يا أبتاه أن أشكرك كفاية لأنك تعتني بي كثيرا ولا تتركني وحيدة!
واستدعيت صباح ذلك اليوم الخدام وقلت لهم في وسمعكم أن تناموا في بيوتكم إن أردتم، أما أنا ومحمود فسنبقى في هذا البيت الكبير وحدنا. وتبادل الخدام نظرات الاستغراب والدهشة بين بعضهم البعض، فبعضهم فرح لهذا الخبر، بينما بات البعض الأخر مشدوها ومذعورًا. وكان هذا قرارا حازما مني أني لا أروم حمايتي بنفسي، فالله هو الذي يحميني، والحماية التي انشدها مصدرها ذلك الأب السماوي. وعلى أثر اتخاذي مثل هذا القرار عاد المجد الإلهي للظهور وأخذ أمد بقائه يطول.
وصدف ذات يوم والجارية ريشام تمشط شعري أن قالت: لقد سمعنا يا سيدتي أن ابن عمتك كريم قد توفى. وكان كريم هذا هو الذي وعد بأن يأخذ محمود لصيد السمك، وليدربه على هذه الهواية. وكنت ممن أحب هذا الشاب الناشئ والطموح. وقلت في نفسي بعد أن تأكدت من هذا الخبر المشؤوم من ريشام، لماذا أبحث عن وفاة كريم الخدام، وربما كانت هذه مجرد إشاعات أو ربما كانت ريشام مخطئته في الاسم، وكان المتوفى شخصا أخر باسم كريم. وبعد الاستفسار والتحري عرفت أن هذا الخبر صحيح وليس إشاعة, وأفادني من أرسلته للاستفسار بأن كريم مات الليلة الماضية أثر نوبة قلبية مفاجئة وأن جنازته ستكون في ذلك اليوم, وتألمت كثيرا عندما عرفت أن عمتي طلبت من عائلتها أن يخبروني بذلك، لكن لا أحد من العائلة نفذ طلبها. وجلست قرب النافذة أفكر في هذه المقاطعة العائلية حتى عند وفاة أحد المقربين الأعزاء. وقلت ها أنا محرومة من حضور الحفلات العائلية لمدة ستة أشهر، ولم تكن المقاطعة قد أثرت عليّ مثلما أثر عليّ هذا الحادث وحرماني من حضور جنازة أحد الأقارب الأعزاء على قلبي.
وفيما أنا جالسة على الكرسي الهزاز قرب فراشي رفعت قلبي بالصلاة لله. وكعادتي بعد كل صلاة كنت أحظى بجواب من أبي السماوي. وما أن فرغت من صلاتي حتى شعرت بعباءة توضع على أكتافي وتجلب الدفء لجسمي. وفي غمرة هذا الشعور والنشوة النورانية تسربت إلى ذهني فكرة مفاجئة وجاءتني خطة غير عادية وجرئية. فقلت إن هذه هي خطة الله وهذا وحي من العلي. وها هو أبي السماوي يكلمني.
كيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_pos






[center]كيف عرفت ابويا Icon1 رد: أقدر أقوله يا بويا


وبذكري وفاة كريم جلست قرب نافذتي المطلة على الحديقة مستعيدة لذاكرتي أيام الصبا عندما كنت ألعب مع كريم رفيق صباي، وإذا ريح موسمية فجائية تهب، وتحني الأشجار العالية، وترعب المواطنين. وكثيرا ما يحدث هبوب مثل تلك الرياح العاصفة في الهند. وكأن هذه العاصفة التي الرياح العاصفة في الهند. وكأن هذه العاصفة التي هبت وأنا جالسة قرب نافذتي استعيد فيها الذكريات الماضية كانت رسالة لي ن السماء. وسمعت صوتا يحدثني في وسطها وكان واضحًا إذ أنه صوت الله. ولشد ما سمعت أصواتا عديدة تقول لي أنه من عدم اللائق ذهابي لحضور جنازة كريم. فذهابي ربما يزيد من أحزان الفاقدين ووجودي في الجنازة قد يسئ إلى من هم في الذهاب وإذا حضور الله الاسنى أخذ يتواري عن أنظاري، فأحسست بأن هناك علاقة ويظهر أن الله يريدني أن أحضر الجنازة وأن أقوم بهذا العمل الفائق للطبيعة. وأذن فسوف ألبي رغبة الله ولأذهبن هناك رغم المقاطعة العائلية، ولأواجهن الأقارب رغم كل عداوة أظهورها لي.


وأصعدت نهدات عميقة ونهضت من مكاني وتركت النافذة وقلت بصوت عال: لقد بدأت يا إلهي أتعلم أن ألبي أوامرك، وها هو شعوري الداخلي، وإحساس ضميري يقولان: إن هذا العمل صالح. ويظهر أن أبي السماوي يقول لي أن أذهب لحضور الجنازة.


وما أروع هذه الاختبارات التي أخذت أتحسسها عن حضور الله وإبتعادة عني! وكنت على وشك تفهم هذا العمل الإلهي، واستجلاء السر في حضور الله وتواريه. إنما همي الأكبر كان الحظوة بالتمتع بحضور الله وزمانا أطول وفي فترات أكثر. وهذا درس بدأت أتعلمه ولم أتحقق إن كنت في الشهرين القادمين سأحصل عليّ هذه النعمة، لتقودني خطوة إلى الأمام في فهم مقاصد الله، والتعلم متى يكون حضور الله وظهوره لي، ومتى يكون ابتعاده وتواريه عني.


وأخيرًا ذهبت إلى بيت الفقيد كريم، ورغم أنني وعدت الله بأن أطيعه شعرت كأني مثل الحمامة المتوحدة المطروحة أرضًا فريسة لعدد من الأفاعي والثعابين. وتنفست عميقًا قرب البيت الحجري الذي عرفته منذ الصغر، وعرفت فيه الجدران المبيضة بالكلس، والسقف المزين بالنقوش. ذلك البيت الذي طالما اجتمعت فيه مع كريم ونحن صغار نلعب ونلهو معا. وعندما دخلت أعتاب البيت شاهدت أهل القرية يتطلعون إليّ بعيون فاحصة، وكانوا جالسين حول جثمان الفقيد الراحل. ورغم شيوع الحزن وهيمنة جو من الهدوء على المكان كنت ألمس نظرات السخرية تصوّب إليّ من معظم الحاضرين. حتى إن ابنة عمي التي كنت وإياها من أعز الأصدقاء حدجتني بنظرات ساخرة. ثم أشاحت بنظرها عني وبدأت تتحدث مع جارتها وكأنها لا تحب أن تحدثني أو تراني.


وجلست على إحدى الفرشات الموضوعة على الأرض، والمحاطة بعدد من المخدات والوسائد مثل عادة القرويين من أهل الشرق. وعدّلت الساري الذي كنت أرتديه وجلست أرضًا، وكأن حضوري جعل السكون يهيمن على المكان، لأني غدوت قبلة الأنظار حتى إن الذين يسبحون الله بمسابحهم تمجيدا له توقفوا عن ذلك النوع من التمجيد وتطلعوا إليّ. ورغم أن اليوم كان من أيام الصيف الحارة، ورغم أن الغرفة كانت مكتظة بالحضور شعرت بموجة من البرد تنتابني. فلم أنبس ببنت شفة بل أغلقت عينيي، ورفعت صلاة خافتة لأبي السماوي. ثم قلت: يا يسوع كن معي لأني أمثلك لدي هؤلاء الأصدقاء والأقارب، وكلهم حزين لفقدان هذا العزيز كريم، والقريب الحبوب من الجميع.


وخيّم صمت وسكوت على المكان دام حوالي ربع ساعة. ثم واصل الحضور حديثهم، وبدأوا يعزون الفاقدين. وشعرت أن الوقت قد حان لي لأقوم وأعزي امرأة كريم، فتركت المكان الذي كنت متكئة فيه ودخلت الغرفة الجاورة حيث كان جثمان كريم مسجى على حمالة كما هي العادة عند المسلمين، إذ لا يوضع الجثمان في تابوت مقفل، لأنه على حد تعبيرهم لابد للمتوفى من الجلوس ليتسنى له الإجابة عن بعض الأسئلة للملاك الذي يجئ له ليستنطقه لدي دخوله السماء. وعلى الأثر تقدمت من أرملة الفقيد وعزيتها، وتطلعت إلى وجه الراحل الهادئ وجسده المسجى والملفوف بالأكفان البيضاء. ورفعت دعاء لله من أجل روح هذا الفقيد. وبالفعل كنت أتمنى من كل قلبي لو استطعت التحدث معه، لكنه غدا في عالم آخر.


وسمعت صلوات وأدعية من أفراد عائلة هذا الفقيد، وتعزيات الأقارب، وأدعية المشيعين. ووقفت سيدات وتلون آيات من القرآن الكريم، وكان من المفروض أن يشيع الجثمان إلى مثواه الأخير قبل الغروب. ويرافق المشيعون النعش حتى المقبرة، وهناك يضعونه على الأرض حيث يتلو الأمام آيات من القرآن الكريم. وفيما كنت أستمع إلى التنهدات المواسية والتعزيات الرقيقة، والأدعية الإلهية، شاهدت أم كريم تجثو أمام النعش وهي وحيدة فشعرت بدافع يدفعني أن أتقدم نحوها وأرفع إليها تعزياتي. وفكرت في نفسي هل أتجاسر أن أقف بجانبها؟ وهل من المناسب أن أقترب منها أمام هذه الجماهير الساخطة عليّ؟ إذ ربما اعتبروا ذلك تحديا صارخا مني. وهل من المناسب أيضا أن أقرب تعزياتي بتعزيات من الأب السماوي؟ ولكني تجاسرت وقلت إن وجودي كمسيحية بينهم لابد وأن يستدعي وجود روح المسيح في ذلك المكان، وعنايته الإلهية ستشمل هذه الأرملة الثكلى, لذلك تجرأت ودنوت من أم كريم ووضعت ذراعي حولها وقلت لها بصوت خافت: إنني جد حزينة لوفاة أحد الأعزاء على قلبي. والله العظيم يعزيك ويباركك! والتفتت أم كريم إليّ وكانت علامة الشكر تنعكس في عينيها الدامعتين. فتأكدت أن المسيح كان حاضرا وهو لابد وأن عزى قلبها الحزين. وقبلت أم كريم هذه المشاركة الوجدانية مني بكل ارتياح مع أن الآخرين كانوا يرمقوني بنظرات عاتبة! والدليل على ذلك أني لما رجعت إلى مكاني بعد أن قدمت فروض التعزية لأم كريم شاهدت عددا من أقاربي يتركون المكان واحدا تلو الأخر.











[url=http://www.om-elnor.com/vb/customavatars/avatar20688_1.gif]كيف عرفت ابويا Avatar20688_1[/url]



كيف عرفت ابويا Male



كيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_pos






كيف عرفت ابويا Icon1 رد: أقدر أقوله يا بويا


وعلى الأثر بدأت أجاهد ضد عواطفي. فقد انتابني حزن شديد على وفاة كريم، وانزعاج أقاربي بسبب وجودي هناك، وتجاسري على حضور الجنازة. وأخذ قلبي يخفق بسرعة ووصلت العداوة حجها. وكان كل ما أستطيع عمله هو أن أظل جالسة مدة أخرى من الزمن، ثم أترك الغرفة. وعندما تركت لاحظت أن أكثر العيون كانت شاخصة إليّ، وحدجني الكثيرون بنظرات عاتبة. وتوجهت إلى سيارتي وجلست قرب مقودها وأنا أجمع أفكاري وأستعيد ما جرى لي، وقلت في نفسي أني أطعت الله فيما عملت وأن كان الثمن الذي دفعته غاليا. والأفضل لو أني بقيت في البيت ووفرت عليّ الانغماس في هذه الأحزان.


وبعد بضعة أسابيع وكانت حرارة الشمس قد اشتدت بسبب قدوم فصل الصيف الحار، سمعت عن وفاة ابن عم آخر لي. وقد وصلني الخبر أيضا عن طريق الخدم. ووجدت نفسي منساقة للذهاب إلى بيت الفقيد لأكون من عداد المشيعين والمعزين. وفكرت أن الأفضل ألا أفكر بمصلحة ذاتي بل أشارك أرملة ابن عمي الثكلى حزنها، لا سيما وأنه كان لديها ولد في الخامسة من عمره ويقارب ذلك عمر محمود. وكانت تلك الأرملة تشعر أنها متروكة ووحيدة, فوقفت قرب النعش وبكيت على زوجها الراحل وشاركتها أحزانها. وعندما دنوت من الأرملة لأعزيها تلاقت نظراتنا وشاهدت في عينيها الدامعتين شيئا من التردد. غير أنها بتصميم فائق رغم معرفتها أن ذلك يخالف إرادة العائلة مدّت يدها إليّ، وعندما امسكتها بكيت. وتبادلنا كلمات قليلة لكن قلبي ما برح يصلي من أجلها بحرارة. وقد رجوت الروح القدس أن يعزيها وتأكدت أن روح الله سيستجيب لدعائي. لأن المسيح نفسه قال: طوبى للحزانى لأنهم يتعزون. وهتفت تلك الأرملة من قلب مكلوم: thanks يا بلقيس! فعانقتها وتركت الغرفة من دون أن أتكلم بشئ.


وهكذا حدث أن حصلت بجنازتان في العائلة في مدة متقاربة من الزمن. وكان هذا من غير المعتاد خاصة وأن أفراد عائلتنا كانوا معدودين. وفي كلا الحالتين سمعت صوت أبي السماوي يدعوني للخروج من بيتي والذهاب إلى الأمكنة التي يحتاجون فيها إليّ. وقررت أن أطيع أوامر الله وأن أذهب بشرط أن لا أتكلم كثيرا بل أجعل مجرد حضوري أن يكون شاهدا أمينا على إيماني. وشعرت أن الله كان طوال الوقت يرافقني. وما أكثر الدروس القيمة التي تعلمتها من حضوري حفلات الجنازة هذه!


وحدث هذا الاختبار لي في إحدى الجنازات. فالعادة عند المسلمين أنه عند الوفاة لا يأكل الناس إلا بعد دفن جثمان الميت. ومعنى هذا صيامهم طوال ذلك اليوم. وذات يوم وأنا جالسة وسط الحشد المكتظ من المعزين شعرت بحاجتي إلى تناول الشاي كما اعتدت كل بعد ظهر. وكان هذا صعبا عليّ، فلم أقدر أن أضبط عواطفي لذلك نهضت من مكاني مدعية أني أود غسل يدي وتسللت من بيت الفقيد إلى مقهى مجاور حيث شربت فنجان شاي، ومن ثم رجعت إلى مكاني بين المشيعين. وعلى الأثر شعرت بوحدة غريبة ولمست أن الصديق الوفي الذي كان يجانبي قد تركني. وفعلا فإن روح الله فارقني لأني قلت لمن حولي من الناس ما هو غير صحيح، ساعة اعتذرت لهم أن أريد غسل يدي وذهبت لأتناول فنجان شاي. وعزيت نفسي أنها كذبة بيضاء لكن رغم ذلك فالله لم يكن راضيا عن ذلك لأن لم أشعر بحضوره الإلهي بجانبي ولم أتمتع بالراحة المرجوة التي أحصل عليها بوجود روحه القدوس يحل عليّ.


وأخذت أعاتب نفسي وأقول: هل يتحتم عليّ أن أتمسك بعادات المعزين عند المسلمين؟ فأنا مسيحية ولم أتعود البقاء بدون فنجان شاي بعد الظهر كما هي عادتي. وفي غمرة هذه التساؤلات لم أشعر بحضور الله بجانبي. وفي النهاية عرفت أنني على خطأ وأن ما قلته كان كذبا. وصليت لله ليغفر لي تفكيري الخاطئ. وقلت له: لقد سعيت بالحصول على استحسان الناس لي مهملة الحصول على استحسانك يا إلهي! لقد أذيتك في هذه التصرفات النابية وأعدك ألا أعود إلى مثلها في المستقبل. وعلى أثر هذا الإقرار الخطير لمست روح الله تغمرني وكان يتساقط عليّ مثل المطر على أرض عطشي. فارتاحت نفسي لأني عرفت أن الله معي. وهكذا تعلمت أن أحظى بحضور الله. وعندما كنت لا أشعر بأن الله قريب مني أدرك أنني أسأت إليه بتصرفاتي فاستعيد أحداث الماضي بذاكرتي، فأتذكر كل كلمة تفوهت بها أو فكر مرّ بخاطري فاكتشف في النهاية كيف ضللت سبيلي، وكيف ابتعدت عن الله فأطلب الغفران من أجل خطيئتي وسوء تصرفي!


تعلمت أن أعمل مثل هذا بجسارة متزايدة. وروّضت نفسي على طاعة إلهي. وتعودت على ذلك في المستقبل. ولما كنت أشعر بضعفي الحاضر كنت أنشد قوة الله بالصلاة، وأطلب عونه وإرشاده. وأدركت منذ ذلك الحين أنه لا يوجد ما يدعى بالكذبة البيضاء. فالكذب كذب ومصدره إبليس. والكذب من الوسائل التي يستعملها إبليس ليبعدنا عن الطريق السوي، ويقودنا إلى الكذب الحقيقي، ويغرس فينا هذه الصفة البغيضة. وكل كذبة إنما تقودنا إلى تجربة، وهي من المغريات التي يلجأ إليها إبليس. وهكذا نحن نميل مع العالم عوضا من أن نتبع يسوع الذي هو مصدر لكل حق. وهو القائل: أنا هو الحق.


وحدث مرة أن دعاني مرسل لأحضر بعض اجتماعاته ولم أكن راغبة في ذلك وحاولت خلق المعاذير واصطناع بعض الأعذار فأنا بإنذار خفي يهز نفسي، وعوضا عن اختلاق بعض الأعذار لجأت إلى قول الصدق. فقلت أنني آسف إذ لا أستطيع حضور الاجتماعات. وحاولت مرة أخرى أن أكتب رسالة لصديق لي في لندن. وعندما بدأت في الكتابة أخذت أبسط له الأعذار في تأخري بالكتابة إليه لكوني قد تغيبت عن بلدتي بيد أنني أدركت أن ما أكتبه كان أتوماتيكيا، والعذر الذي أقدمه ليس صحيحا، توقفت عن الكتابة ومزقت الورقة وقلت: هذا ضرب من الكذب والخداع! ثم عدت فكتبت له الحقائق بصورة واضحة وصريحة. وهذه أمور صغيرة نجعلها تمر بنا، ونقول أن لا قيمة لها لكن هذه الصغائر هي مرتع للكبائر. وتغدو أمور حياتنا أسهل إذا استغنى المرء عن ابتداع وسائل للتحايل، والالتجاء إلى الكذب فيركن إلى الصراحة وقول الحق مهما كلفه الأمر.




كيف عرفت ابويا User_online [url=http://www.om-elnor.com/forums/images/designs/frequency_blue/buttons/reputation.gif]كيف عرفت ابويا Reputation[/url] [url=http://www.om-elnor.com/forums/images/designs/frequency_blue/buttons/report.gif]كيف عرفت ابويا Report[/url] [url=http://www.om-elnor.com/forums/images/designs/frequency_blue/buttons/quote.gif]كيف عرفت ابويا Quote[/url] [url=http://www.arabchurch.com/forums/images/designs/frequency_blue/buttons/multiquote_off.gif]كيف عرفت ابويا Multiquote_off[/url] [url=http://www.om-elnor.com/forums/images/designs/frequency_blue/buttons/quickreply.gif]كيف عرفت ابويا Quickreply[/url] [url=http://www.om-elnor.com/forums/images/designs/frequency_blue/misc/blog/blogpost.gif]كيف عرفت ابويا Blogpost[/url]








كيف عرفت ابويا Male



كيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_pos






كيف عرفت ابويا Icon1 رد: أقدر أقوله يا بويا


ورويدا رويدا بدأت أتعلم كيف أعيش مع المسيح حياة صحيحة. وبدأت أروض نفسي بأن أجعله رفيقي الدائم. ولم يكن هذا سهلا علي في بداية، إذ كثيرا ما كنت أزوغ عن الطريق المستقيم، أما المهم أنني استفقت إلى هذا الأمر الخطر وصممت أن أسلك السلوك الصحيح مهما كان السبيل إليه صعبا وعسيرا. ومع الوقت اكتشفت الفائدة العملية من هذه المحاولة. وحاولت بكل قوتي أن أطبق الوعد الإلهي القائل: اطلبوا أولا ملكوت الله وبره وكل هذه تزاد إليكم (متى 33:6). وكنت أردد في أعماق نفسي إذا وضعت الله في رأس قائمة حياتي. فجميع حاجاتي الأخرى ستلبى لي أن عاجلا أو أجلا.


وحدث ذات يوم أن جاءت ريشام إلى غرفتي ودلت ملامح وجهها على شئ من الارتباك وقالت لي بأن سيدة تروم مقابلتي وهي في غرفة الاستقبال. وسألتها إن كانت تعرف السيدة. أجابت: تظن إنها أم كريم. فقلت لها أنت غلطانة لأن أم كريم لا تقوم بزيارات وهي في غمرة أحزانها وتلبس الحداد على ولدها الراحل. فنزلت إلى الطابق الأسفل لأرى بنفسي، عندما لمحتها عرفت إنها بالفعل هي أرملة ابن عمي كريم. وحالما سمعت وقع إقدامي تقدمت مني وعانقتنا وقالت: لقد جئت بنفسي لأقول لك أن وجودك في الجنازة كان سبب تعزية كبيرة لي. ولم أستطع أن أقول ذلك يوم الجنازة لأن لم يكن لدي مجال لذلك. إنني شعرت عند حضورك أن شيئا جديدا وخاصا تسرب إلى حياتي. ولمت نفسي لأني لم أكلمها عن يسوع يوم الجنازة لكنها كانت في غمرة أحزانها والجو لم يكن مواتيا. أما الآن فهي عندي في غرفة الاستقبال فسوف أحدثها ماذا يعنى يسوع لي وكيف أنه ساعدني لتغيير طرق حياتي القديمة. وكيف أنه منحني شخصية جديدة تستمد حيويتها وكيانها من عبير روحه الكي الرائحة. وصرحت لي أرملة كريم أن زيارتي لها يوم الجنازة كان لها أثر كبير على نفسها وهي عنت الشئ الكثير لها. وقد جئت لأشكرك لشعورك معي يا بلقيس وحضورك بشخصك لتعزيتي! وهكذا انتهت هذه الزيارة القصيرة التي بدت لي ممتازة لا سيما أنها اتاحت لي أن أشهد لتلك الأرملة عن المسيح.


ولقد كان لهذه الزيارة المفاجئة أثران كبيرا: الأول أن شخصا آخر لاحظ التغيير الذي طرأ على حياتي بعد إيماني بالمسيح مخلصا وفاديا. والثاني توقعي أن تكون تلك البادرة فاتحة لإنهاء المقاطعة العائلية عني. وإن كانت تلك المقاطعة لم تنته بسرعة لأن لا أحد من العائلة زارني أو حدثني على الهاتف. وكلما قرع جرس الهاتف توقعت أن يكون المتكلم أحد أفراد عائلتي لكنه كان دائما أحج الأخوة المسيحيين. ودهشت عندما سمعت صوت أم ابن عمي الذي توفى مؤخرا وحضرت جنازته. فقالت لي تلك السيدة الثاكلة: إنني أستحسن المساعدة المعنوية التي قدمتها لزوجة ابني الراحل يوم جنازته فقد أخبرتني أنها تأثرت منك في أعماق قلبها وتكلمت إلى روحها بكلمات المحبة والعطف والمتبادل. وتجاه هذا الإطراء قلت أنا لم أفعل شيئا بل إن المسيح هو الذي عمل كل ذلك. وهكذا فإن وجودي مع المحزونين ساعة حزنهم جلب التعزية إلى قلوبهم. وهذا عمل الروح القدس المعزي لأن عملي لا يقارن بما يعمله المسيح لأولئك الحزاني. فهو الرفيق المساعد والروح المعزي للجميع.


وطوال الأسبوع الذي احتفل فيه محمود بعيد ميلاده السادس توافد الزائرون علينا من الأصدقاء والأقارب. ورغم أن زيارتهم كانت قصيرة إلا أنهم قصدوا مشاهدة محمود وتهنئته بعيد ميلاده وقد جلبوا له بعض الألعاب والحلوى. وإن كانت حجتهم الظاهرية رؤية محمود وتهنئته إنما قصدهم الحقيقي كان تخفيف آلام المقاطعة العائلية عني. وبذلك أزالوا ذلك الجدار الذي حجب الكثيرين من الأقارب عن التقرب مني. وفي ذلك الوقت كان قد مرّ عام كامل على قرار قبولي دعوة المسيح لأكون من إتباعه واحدي تلميذاته.


وتطلعت بشوق ولهفة إلى عيد ميلادي وهو يصادف عيد ميلاد المسيح. وقلت سأحتفل بهذا العيد بفرح زائد لأنه يكون قد مر عليّ عام كامل وأنا مسيحية. وكنت قد شاهدت الاحتفالات بعيد الميلاد في أوروبا عندما كنت أعمل مضيفة في تلك البلاد، ولم أكن أدرك عند ذاك المعنى الحقيقي لذلك العيد. فقلت الآن أنا مسيحية وعيد ميلاد المسيح هو عيد ميلادي للحياة الجديدة في المسيح. واستعرت من بعض الأخوة المسيحيين مغارة اصطناعية تمثل الرغيان. وعندما جاء المرسل ميتشل وزوجته جلبا لي شجرة سرو حية، فزينتها بالشموع والشرائط البيضاء. واجتمعنا حولها ورنمنا ترانيم ميلادية واحتفلنا نحن الأسرة الصغيرة بعيد ملك المجد. ولن أنسى رؤية محمود وهو يرقص فرحا ويقفز من شدة سروره بعيد ميلادي وميلاد المسيح.


واكتشفت بعض الخطأ في تصرفات الناس في عدم فهم المعنى الحقيقي للعيد, فأنه رغم البهجة التي ترافق هذه الأعياد لا يشعر الكثيرون بالمعنى الحقيقي لميلاد المسيح. وقلت في نفسي لماذا لا يكون لعيد الميلاد معنى غير هذه المظاهر الخارجية والزينات والبهرجات؟ لماذا لا يعبر هذا العيد عن التغيير الذي حدث فى حياتي! وعليّ أن أبرهن أن العيد له معنى روحي. ولأبرهن على ذلك سوف أقيم حفلة عامة أجعلها مشتركة للجميع وأدعو إليها أهل البلدة وبعض الأخوة المرسلين ليشعر الجميع حقيقة بمولد ملك المحبة يسوع. وفيما أنا أفكر بإقامة حفلة مشتركة أدعو إليها الأغنياء والفقراء إذا بشئ داخلي يقول لي: ألم تسمعي يا بلقيس الانذارات التي وجهت إليك بألا تجعلي إيمانك يظهر علانية للناس! وتذكرت ما قاله الجنرال عامر لي لدي زيارته لي: لا أستطيع أن أقدم لك الحماية إذا وقعت في خطر وحدث عليك اعتداء مع دمت تصرين على إعلان ارتدادك عن الإسلام.


أجل أن حفلة ميلادية مفتوحة للجميع ستجعلني عرضة لتهديدات متنوعة. وقلت: لماذا لا أستشير ربي وإلهي؟ فصليت وجاءني هاتف من السماء قائلا: إن حضور الأب السماوي سيكون أبرز إذا قمت بحفلة عامة أحياء لذكري ميلاد ملك المحبة ورب المجد يسوع المسيح. وعلى أثر ذلك قررت أن أقيم حفلة عامة مشتركة احتفالا بميلاد الرب يسوع. وحضر الكثيرون من المدعوين وتجمعوا حول شجرة الميلاد في غرفة الاستقبال.







تاريخكيف عرفت ابويا Male



كيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_pos






كيف عرفت ابويا Icon1 رد: أقدر أقوله يا بويا


كما حضر بعض الأخوة المسيحيين ورنمت زوجة القس ترنيمة ميلادية مثيرة. كذلك حضر بعض أقاربي من بلدة راولبندي وفرحت لقدومهم وقلت في نفسي كيف يكون رد فعل أقاربي للحفلة. ولكونهم من طبقة اجتماعية عالية لم يرغبوا الاختلاط بأفراد من طبقة الفقراء والكناسين. لذلك عزلوا أنفسهم وجلسوا في غرفة مجاورة. وخيّم جو من السكون والبهجة على المكان وكنت أذهب من غرفة الاستقبال إلى الغرفة التي جلس فيها أقاربي. وكان موقفي كمن يذهب من حمام بارد إلى حمام ساخن. وعندما رأى أقاربي تصميمي على الاستمرار في الحفلة اظهروا بعض التساهل وقبلوا الاشتراك معنا، فجلسوا حول شجرة الميلاد يتمتعون بمنظرها الجميل وهي مضاءة بالشموع. وعند انتهاء الحفلة ران على المكان جو من التفاهم وروح الأخوة، ورأيتهم يمتزجون معا, الغني مع الفقير، المواطن مع الأجنبي، وتحدث المدعوون مع المساكين وجماعة الكناسين. وكأن الحفلة بشرت بسنة جديدة مغايرة للسابقة. وقد بانت أمامي طرق عديدة وجديدة، وشعرت أني أقف على مفترقها. وقد تقودني الخاطئة منها إلى الاضطراب. لذلك كان عليّ أن أختار الطريق الصالح والمستقيم.


وبعد هذه الحفلة أخذ نوع آخر من الأقارب والأصدقاء القدماء يزورني. وكانت غايتهم أن يقنعوني بالعودة إلى ديني القديم. وكنت أظنهم في بادئ الأمر ممن يهمهم التفرج على مباهج العيد، وزخارف شجرة الميلاد. واحترت كيف أجيب هؤلاء وبأي لهجة أتحدث إليهم. فهل أجيبهم بعدم الكلام وبالصمت التام؟ أم أتجرأ فأفصح عن أفكاري وأجرأ على المجاهرة بعقائدي. وبدّد حيرتي جواب الأب السماوي. وكان المقياس الصحيح لي معرفة ما سأعمل وكيف يجب أن أسلك هو تلمسي لحضور الله، فأن ابتعد هذا الحضور الإلهي معناه أنني على خطأ وإذا أقترب فمعناه أن مسلكي صحيح. وذاك هو الطريق المستقيم الذي يجب أن أسير فيه.


وذات يوم سمعت قرعًا على باب داري وكانت الساعة حول الثانية بعد الظهر. وأخبرتني ريشام عن زائر يروم مقابلتي. ولمست في قولها التردد والوجوم لأني كنت قد أخبرتها بآلا يزعجني أحد بين الظهر والساعة الثالثة. إذ في ذلك الوقت أرغب أن انشد الراحة والسكون. ولم أظهر رغبتي هذه بشكل الأمر بل بشكل رجاء. وقبل سنة كنت أصدر أو أمر مشددة أما الآن فلكوني من إتباع المسيح أصبحت أميل إلى اللطف والكلام المفعم بالمحبة. وأخذت أدرك أن الوقت ليس لي بل لربي وإلهي. لذلك إن حدث ما يستدعي وجودي فلا مانع من إزعاجي لأن الوقت ليس لي. وكان زائر الذي جاء يروم مقابلتي إنكليزيا وكانت رغبته أن يتحدث معي عن الله.


وكان هذا الزائر ينتظرني في غرفة الاستقبال. وشاهدته يرتدي لباسًا باكستانيا من سروال فضفاض وسترة من قماش أبيض. وكان وجهه أصفر اللون وشعره منفوشًا. ولم أتميزه بادئ الأمر لأنني خلته قطعة من أثاث البيت. واعتذر لي لأنه جاء ليزورني على غير ميعاد سابق. وأنه قدم من كراتشي خصوصا ليقابلني وهو من الذين تركوا دينهم المسيحي واعتنقوا الإسلام. ويلذ له أن يتحدث إليّ في شؤون هذين الدينين الذين عرفهما. واعتقدت في داخلي أن هذا مبعوث من قبل عائلتي ولأنهم يعرفون أني أحب الإنجليز فاختاروا لي هذا المرتد عن المسيحية عساه يستطيع إقناعي بالرجوع والعودة إلى الإسلام.


ولشد ما أفصح هذا الزائر عن الغاية من مجيئة فقال: إن شيئا واحد يزعجني حقيقة إذ أتعجب كيف إن مسلما يعتنق المسيحية، لا سيما وإن كتابهم المقدس مترجم وقد تغير وتبدل من كثرة الترجمات على ممر الأجيال وكأنه يعبر عن فئة من الناس الذين يقولون أن الكتاب المقدس قد تعرض للتشوية والتبدل بسبب كثرة الترجمات التي مرت عليه. فقلت له: لقد سمعت الكثير من أمثال هذه التهم الموجهة للكتاب المقدس. ولكن هل يستطيع أحد أن يدلني عن الفصول التي تغيرت أو الأماكن التي بدلت فيها الترجمات المعاني الأساسية فيه؟ وعلى أثر سماع هذا أنحني ضيفي على كرسيه ويداه تداعبان أطراف ذلك الكرسي ولم يتفوه بشئ أو يجب بكلمة.









كيف عرفت ابويا Icon1 رد: أقدر أقوله يا بويا


وتابعت قولي: إنني أخشى ألا تكون هناك أجابة على أسئلتي هذه! وفي المتحف البريطاني نسخ قديمة من الكتاب المقدس نشرت حوالي 300 سنة قبل أن يولد النبي محمد، وهذه النسخ القديمة كلها تطابق ما هو موجود لدينا الآن. ويقول الاخصائيون في أمور الكتاب المقدس أن لا شئ أساسي تغير عن الأصل. وهذا مهم لي شخصيا لأن هذا الكتاب هو كلمة الله الحية. وهو يتكلم إليّ شخصيا، ويغذي روحي ويرشدني إلى طريق الحياة الأمثل. وعندما سمع الزائر هذا التشديد مني على صحة الكتاب المقدس، وعن رغبتي في معرفة الفصول التي جرى فيها تبديل أو تحرير، أغلق فمه ولم يجب بشئ. لكنه عاد فقال: أنت تقولين أن الكلمة ما زالت حية. قلت: نعم لأن المسيح هو كلمة الله الحية. والقرآن الكريم نفسه يشهد بأن المسيح من روح الله. وعلى الأثر تركني هذا الزائر الإنكليزي مع أنني دعوته أن يعود لزيارتي لمتابعة مثل هذه الأحاديث الروحية عن كلام الله والكتاب المقدس. لكني لم آر وجهه مرة ثانية للآسف.


وحظيت مرة أخرى بزائر من نوع ثان. فقد جاء بقصد التحاجج لا سيما فيما يتعلق بالثالوث الأقدس. وقال: المسيحيون يعبدون ثلاث آلهة بدلا من إله واحد. وهذا الثالوث في رأيه يشمل الله ومريم ويسوع. فقلت له أنت مضطلع على القرآن الكريم وأنك تقرأه بلا شك. أفلا تتذكر كيف أن القرآن نفسه ينعت المسيح بأنه روح الله. ولابد وأنك سمعت عن المتنسك الهندي الشهير ساهر سندر الذي تراءى له المسيح في رؤيا وفسر له معنى الثالوث. لقد اهتدى سندر إلى المسيحية بعد أن كان من الهنود السيخ المتعصبين, والتفسير الذي حصل عليه هذا المتنسك هو أن الشمس واحدة لكنها مصدر للنور والحرارة. وإن كانت الشمس هي التي تعطي النور والحرارة ألا أن الحرارة ليس نورا ولا النور حرارة. لأن لكل منهما شكل خاص أو عمل خاص. وهكذا في فكر الثالوث الأقدس هناك الله والمسيح والروح القدس. والأخيران منبثعان عن الله ويختلفان شكلا لكنهما يعطيان نورا للعالم وحرارة للمخلوقات. والثالوث ليس ثلاثة أشخاص بل هم أقانيم ثلاثة لشخص الله. وكما أن الشمس واحدة والحرارة والنور مظهران، هكذا فإن الله وحدة والمسيح والروح القدس اقنومان يتعاونان على إظهار الله بكامل قدرته وجبروته وبعظيم مجده وسنائه.


وساد جو الغرف سكوت ولما فرغت من المحادثة وجدته مستغرفا في التفكير. وأخيرا نهض من مكانه وشكرني لأني أفسح له المجال وأعطيته بعض الوقت للتحدث في مثل هذه الأمور الجوهرية. وشاهدته يسير في طريقه بعد أن ترك بيتي وقلت: هل أمثال ذلك المرتد الإنكليزي أو هذا المتحمس لأمور الدين مبعوثون من الله؟ ولم أكن لأهتم بالنتائج لأن الأمر الذي كان يهمني هو الطاعة. فالمهم عندي هل يريد الله ذلك مني؟ وهل هي رغبته أن أتكلم لهذه الجماعة في هذه الأمور؟ فأنا طوع بنان ربي وإلهي! وكل ما أعمله يجب أن يكون نابعا من عنده لأني أسير حسب وحيه وإرشاده.


وبمجئ الربيع أعطاني الله طرقا أخرى للشهادة إذ أتيح لي أن أذهب للاهور وبعد أن زبت ابني خالد هناك ابتعت مائة نسخة من الكتاب المقدس لأوزعها لمن يلذ له مطالعتها. كما اشتريت كمية من الكراريس الدينية، وأخذت أوزعها في شتي المناسبات والاجتماعات. وقد وضعت البعض منها في الاستراحات العامة والفنادق. ويوما ما عندما دخلت إحدى الاستراحات وجدت قسما من هذه الكراريس التي وضعتها هناك للمطالعة مطروحة بين النفايات. فرفعت يدي وقلت لماذا يحصل مثل هذا!؟! وكثيرون مما اجتمعت بهم استمعوا إلى شهادتي عن المسيح. أجل لقد انتهزت كل فرصة سانحة لأشهد للمسيح ولا أنسى مقابلتي لذلك الإنكليزي المرتد، أو المتحمس الذي جاء يحاججني عن صحة الثالوث الأقدس أو القائد عامر عندما قدم لزيارتي. لقد تكلمت مع كل هؤلاء عن وجود الله وظهور نور حقه لي. واستغربت أن كل هذه الشهادات لم تأت بثمر جيد، لكن قلت إنما علينا أن نبذر بذورا ونترك عملية النمو لله.





[url=http://www.om-elnor.com/vb/customavatars/avatar20688_1.gif]كيف عرفت ابويا Avatar20688_1[/url]




كيف عرفت ابويا Male



كيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_pos






كيف عرفت ابويا Icon1 رد: أقدر أقوله يا بويا


والتجأت للصلاة لأنها متنفسي الأوحد. وفيما أنا أصلي شعرت أن المسيح حاضر ومستجيب لطلباتي. وشعرت بروحه تملأ جو الغرفة وتفيض علينا بالراحة والاطمئنان. وسمعت في قلبي سؤالا يوجهه المسيح لي إذ يقول: فكّري يا بلقيس في عدد المرات التي سمحت لك بالاجتماع بأقاربك للشهادة، ولا تنسي الزوار الذين جاءوا ليباحثوك، وسؤالي هل كنت تشعرين بحضوري في شتى هذه المناسبات؟ وهل تراءى لك مجدي وأطعت أوامري، وعملت إرادتي الإلهية؟ أجبت بكل إتضاع: نعم يا سيدي الرب. لقد لمست مجدك بسنائه الباهر, وسمعت صوتك الإلهي يشجعني ويهديني إلى الطريق الأمثل الذي يجب أن أسلكه! فقال: إذا هذا كل ما تحتاجينه وهذه هي الطريقة التي يجب إتباعها مع أصدقائك وأقاربك وزائريك فلا تقنطي إن كنت لا تحصلين على نتائج سريعة. فليست النتائج هي المشكلة، لأن كل ما يجب أن يزعجك هو حضوري أو عدمه. فأنشدي حضوري دائما ولا تبالي بالنتائج فهي تأتي تلقائيا.


وتابعت تأدية شهادتي بطرق مختلفة وقد كان هذا المنهاج مثيرا لي ومشجعا لاستمراري في الشهادة المسيحية. فقد أزال الرب عن عيني فكرة النتائج وذكرني بحضوره أو عدمه. وبدأت أسر بالاجتماع مع الأصدقاء والأقارب ولا أشعر بمغبّة الاخفاق. وتعلّمت أن أنتهز الفرص للشهادة سواء أكانت المحادثة تدور حول مواضيع سياسية أم اجتماعية، وكنت أشرع إلى الله أن يلهمني ما أقول وأية أسئلة أختار، وأنسب الأجوبة للسائلين. وعلى سبيل المثال لما كنت أتحدث إلى قريبة لي ذكرت زوجي السابق. وقد أصبح الآن سفير لباكستان فى اليابان. وكنت أرجو أن لا أكون قد أسأت إليه بشيء في تصرفاتي. وسألتني قريبتي: كيف تستطيعين أن تغفري له وقد قام بطلاقك وهذا كان أمرًا صعبًا عليك. فقلت لها: أنا وحدي لا أستطيع أن أغفر له لكني طلبت من سيدي المسيح أن يساعدني ويسوع ساعدني على ذلك. وهو دعانا أن نأتي كي يساعدني ويسوع ساعدني على ذلك. وهو دعاني أن نأتي بأثقالنا وأحمالنا ونضعها بالقرب منه. وربما سمعت قوله الشهير: تعالوا إلىّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم. فهو الذي رفع حمل الكراهية عني، وأزاله عن كاهلي، ومنحني روح المحبة والتسامح.


وتأثرت قريبتي بأقوالي ومن حديثي عن المسيح. وقالت: هذا ما يعنيه الدين الحقيقي، وهذه علامات المسيحية العملية! وأني كنت أجهل مثل هذا من قبل. وإذا كانت المسيحية بهذا الشكل الرفيع فسأجرب أن أتعلم عن يسوع وأن أطلع على تعاليم المسيحية! ولكن كما يبدو لم تتابع قريبتي ما وعدت به ولم تستمر في مواصلة التعرف على المبادئ المسيحية. وكنت في بعض المرات ألاحظ أن مجد الله يختفي عني فأقع في حبائل إبليس. فهو يزين لي بأن حججي قوية وما أقوله جميل وجذاب. وسألت مرة لماذا أعتقد أن كل الحق معي مع أننا كلنا نعبد نفس الإله. فسواء كنا مسيحيين أم مسلمين، بوذيين أم برهميين فنحن ندعو ذلك الإله بأسماء مختلفة ونقترب منه بطرق متنوعة في حين أنه يبرز في النهاية نفس الإله. قلت معلقة على هذا أنت تعني أن الله مثل قمة الجبل وكل الطرق يمكنها أن توصلنا إلى تلك القمة. ولتقبل هذا التشبه أن الله مثل قمة الجبل لكن هناك طريقًا واحدًا يؤدي إلى الوصول إلى تلك القمة وهي طريق المسيح. فهو القائل أنا هو الطريق والحق والحياة. لا يأتي أحد إلى الأب إلا بي. وهكذا في جميع أجوبتي كنت أجعلها ترتكز على روح الله وتنبع من الكتاب المقدس. ولست أدري مدى تأثري على محدثي الذي جاء ليكلمني عن الله أكان قد أقترب أكثر إلى الله أم لا؟ لكني تأكدت من شئ واحد أني تقدمت خطوة كبيرة في الطاعة والإصغاء.


وحدث ذات ليلة مفاجأة خطيرة واختبار مريع لم أكن قد حظيت بمثله بعد أن أصبحت مسيحية, إذ حدث وأني أستعد للنوم أن شعرت بقوى شريرة تقترب من نافذة غرفتي. وقلت ربما كان هذه أبالسة وأرواح شريرة، فارتميت على الأرض وطلبت من ربي أن يغطي جسدي بجناحي حمايته، وعلى الأثر شعرت برداء سماوي يغطيني وقد احتضنني تحت جناحيه كما تحتضن الدجاجة فراخها. وهكذا عاد الدفء إلى جسدي، والراحة والاطمئنان إلى قلبي، ونهضت وإذا أعوان الشر قد ابتعدت عن نافذتي. وتوجهت ثاني يوم لبيت المرسل ميتشل لأطلعه على هذه الرؤية المريعة. وتوجهت بسيارتي وكانت الشمس مشرقة والطبيعة جميلة. ورغم هذا عندما أتذكر ما رأيت كنت أرتعب من شدة الخوف. وعندما وصلت البيت ترددت في اخبار هذه العائلة بما رأيت لكن سينوف لا حفظت الاضطراب على وجهي وسألتني: هل من شئ خطير حدث يا بلقيس؟ قلت: إن أعجب من نفسي إذ أجعل الخوف يلازمني رغم أنني أصبحت مسيحية والمسيحية تستهدف عدم الخوف بل سكينة النفس وسلام القلب.


فقالت سينوف: لست أفهم تماما ماذا تعنين. فنهضت وجلبت كتابي المقدس وفتحت لها ما ورد في الإصحاح السادس من رسالة بولس إلى أهل أفسس حيث يقول الرسول المطوّب: البسوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا أن تثبتوا ضد مكائد إبليس. لأن مصارعتنا هي مع أجناد الشر الروحية في السماوات. ثم رويت لها بالتفصيل ما جرى لي في تلك الليلة. وما تراءى لي من أجناد الشر. وقل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فرايم حبيب
خـادم أم النــور
خـادم أم النــور
فرايم حبيب


شفيعـي : دائمه البتولية
الهواية : كيف عرفت ابويا Unknow11
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



كيف عرفت ابويا Empty
مُساهمةموضوع: الجز الاخير من كيف عرفت ابويا   كيف عرفت ابويا Emptyالثلاثاء 31 أغسطس 2010, 9:15 am


رد: أقدر أقوله يا بويا
[size=21]وعلى أثر قطع الشجرة تحققت أثر ما عملت، لأنه بزوالها توارى مجد الله عني. ولمدة طويلة كنت أقف قرب النافذة أنطلع إلى الفراغ الذي أحدثه زوال هذه الشجرة إذ لم أعد أسمع هتاف الأولاد ونداءاتهم بعضهم لبعض. وقلت أن حالتي تشبه هذه الشجرة، ولا تختلف كثيرًا عنها. وقد كان هذا التغيير الذي حصل لي نابع من روح الله. فطلبت من الله أن يستمر في ظهوره لي، لأني أحسست أنه ساعة أمرت بقطع الشجرة ابتعد روح الله عني لأني حرمت هؤلاء الصبية من متعتهم المفضلة. ووجدت أنه في وسعي الآن أن أعمل شيئا جديدا أجذب إليه الأولاد وأستعيد لهم أفراحهم. فحديقتي كانت مملوءة بالأشجار التي تعطي ثمرا طيبا إثناء الصيف، فوجهت دعوة لأولاد القرية أن يقصدوا حديقتي، ويقطفوا من الأثمار ما شاءوا. فلبوا الدعوة فرحين ورغم أنهم حالوا عدم تكسير الأغصان إلا أنهم بعد تلك الزيارة كنت ترى الكثير من الأغصان المهشمة تغطي جنبات الحديقة.
لقد أدركت أن البستان كان الحاجز الذي وقف بيني وبين ظهور الله لي، لذلك أفسحت المجال لأولاد القرية أن يمتعوا أنفسهم بأثماره اللذيذة. أجل أنهم أساءوا إلى البستان وإلى الأشجار لكن هذا البستان هو ملك لله وأنا أعطي ثمره لهؤلاء المحتاجين عن طيبة نفسي. وهذه كانت وسيلة من أبي السماوي ليخرجني عن نطاق أنانيتي الضيقة إلى أفق أوسع، ومجال أنبل..
وحدث أنه في أحد أيام نوفمبر الباردة أن دخل محمود غرفتي وكان قد بلغ الثامنة من عمره، ودلت ملامحة على أنه فتى وسيم الطلعة، وحاصل على مقومات الرجولة الحقة وقال: هناك سيدة تريد أن تراك يا ماما‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍! هي تحمل طفلا بين ذراعيها وحالتها تستدعي الشفقة والرحمة. قلت له: أنت تعلم أنني لا أقابل أحدا في مثل هذا الوقت المخصص لراحتي. وكنت قد نسيت ما قلته لريشام ونورجان ألا يمنعوا أحدا من مقابلتي. وهكذا أنا ندمت لقولي لمحمود هذا. وقلت في نفسي ماذا يكون موقف الله مني في مثل هذه الحالة التي فيها أطرد امرأة محتاجة مع طفلها من بيتي؟! وعلى الأثر ناديت محمودا وكان لم يبتعد كثيرا عني وقلت له: أتعرف ماذا تريد هذه المرأة؟ أجاب: ربما يكون الطفل مريضا! فقلت له دع المرأة تنتظرني في غرفة الاستقبال مع طفلها. فنزلت إلى الطابق الأسفل وما هي إلا لحظات إلا وكنت مع المرأة وطفلها ومحمود.
كانت المرأة قروية، وترتدي زيّ فلاحة، وملابسها رثّة وحالتها تدل على أنها فقيرة ومعوزة. وسألتها وقلبي يتفطر شفقة ولوعة عليها وعلى طفلها، ماذا تريدين مني أن أعمل لك؟ قالت: لقد سمعت عن أعمالك النبيلة والخيرة وأنا جئت من قريتي التي تبعد 12 ميلا عن هذا المكان وقد أتيت ماشية على أقدامي من هناك لأقصدك لمساعدتي. وبالفعل كانت المرأة تعبة، وقد بدأ عليها أنها منهوكة القوى. فطلبت من الخادمات أن يجلبن لها بعض الطعام والشاي. وسألتها أن كانت ترضع طفلها، وفي بعض القرى من هذه البلاد تستمر الأمهات في إرضاع أطفالهم حتى الثالثة من عمرهم. أما الطفل فقد جذب انظاره الشمعدان البلوري الذي كان معلقًا في غرفة الاستقبال. وعند رؤيتي هذا الطفل الهزيل صليت من أجله، وحالما حسست خده شعرت بالحرارة العالية التي عليه فعرفت أنه مصاب بالحمى. وبدأ فمه ناشفا وجسمه هزيلا. وتصورت عند ذال الأجيال من عائلتي وهم يتطلعون إليّ وأنا أقترب من هذه الطفل الهزيل وأعاشر هذه الفلاحة المسكينة، مع أنهم لا يرضون بأن يسمحوا لظل أحد من هؤلاء التعساء أن يقع في طريقهم.
تلوعت متحسرة على هذه المرأة المسكينة وطفلها المريض. وطلبت من الله أن يشفي هذا الطفل البريء الناشئ. كما طلبت من الخادمة أن تجلب بعض الفيتامينات للمرأة لتقوي جسمها ما دامت لا تزال ترضع طفلها. وأخبرتني كيف أن زوجها حدث له حادث أقعده عن العمل مدة طويلة. وبقيت تحدثني قرابة النصف ساعة وعندما أرادت ترك المنزل لوحت لها بيدي أن تتريث قليلا علنا نهتدي إلى طريقة لمعالجة الطفل، ولحصولها على عناية أفضل. وفكرت ماذا يقول الناس في واه عني؟! فعادت إليّ شخصيتي القديمة وغدوت عصبية ومتهيجة، لأني تأكدت من أقوال الناس عني.. كيف أن هذه السيدة ذات الجاه والأطيان والممتلكات تعطف على مثل هذه الفلاحة وقد يتقاطر عليّ على أثر هذه المعاملة الرقيقة معها الكثيرون من البؤساء والمعوزين. بيد أنه كان لا مناص لي من تقديم هذه المساعدة لهذه المرأة المحتاجة. وتذكرت أنني وعدت الله أن أكرس كل ما لديّ له. وقبل أن تنصرف حدّثت إدارة المستشفى أن يقبلوا هذا الطفل المريض عندهم، وأن يساعدوا أمه بتقديم بعض المقويات لها. وطلبت من إدارة المستشفى أن تحاسبني عن كل هذه المصروفات.

توقيع صوت صارخ :
[center]أنه مازال ينزف, من أجلى ومن أجلك

[url=http://www.om-elnor.com/vb/customavatars/avatar20688_1.gif]كيف عرفت ابويا Avatar20688_1[/url]

كيف عرفت ابويا Male



كيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_pos






كيف عرفت ابويا Icon1 رد: أقدر أقوله يا بويا


ولم أعد لأسمع عن هذه المرأة شيئا وسألت الخدام عندي إن كانوا يعرفون ماذا جرى لها، وإذا كان زوجها قد عاد إلى العمل. وكما هي العادة أن الخدام يعرفون الكثير من الخفايا التي نجهلها نحن، وكان الجواب مشجعا بأن المرأة ذهبت إلى المستشفى وقد عولج طفلها وأخذت بعض المقويات الجسدية، وأن زوجها قد تعافى وعاد يزاول عمله. وكنت في قلبي قد لمت هذه المرأة لعدم شكرها لي عما عملته تجاهها من خير وإحسان. لكن الله أنبني في ضميري، وقال: هل أنت تنتظرين شكرا على أعمال الرحمة والرأفة والإحسان؟! وها هو المسيح يقول: من عمل خيرا لأحد هؤلاء الأصاغر فكأنه عمله لي، وطلبت المسامحة من الله على تفكيري الخاطئ، وقلت أنني أزعجتك يا إلهي من كثيرة ما أطلبه منك من الغفران والمسامحة..!


والظاهر أنه في تلك الأيام كانت لي أوقات قليلة من النجاح في أن أمكث طويلا مع الله، وقريبة منه لأني كثيرا ما كنت أزوغ عن الطريق القويم وأعود إلى حياة العالم. وقلت في نفسي هل هذا هو المنهاج الذي يجب أن نسلكه نحن المؤمنين الحقيقيين؟! وها أنا كثيرا من المرات لا أصارح الله فيما يجب أن أعمله، وأبقي خططي مخفية عنه، فأرتكب أخطاء جسيمة أعود فأندم عليها، وأطلب من الله الغفران لأجلها.


وذات يوم ونورجان تمشط شعري إذا بعصفور صغير غريب يرفرف قرب النافذة. فصرخت انظروا ماذا بعث الله لنا هذا الصباح! وساد السكون برهة. ثم قالت نورجان بحياء: أنك يا سيدتي عندما تبدأين بالكلام عن الله تتغير هيئتك كثيرا. ويبدو أن هذه الملاحظة كانت لدى جميع من كان يسكن معي في المنزل. ووصلتني في ذلك اليوم كتب مقدسة مصورة كنت قد أوصيت عليها من مركز الإرسالية في إسلام أباد. وكنت قد اختبرت فائدتها من محمود، وكان الخدام يسرون بها، ويحبون رؤية الصور التي فيها. ففكرت أن أعطي نورجان نسخة منها. وذات يوم جاءت لتحدثني عما حصل لها. قالت ووجهها يطفح بالبشر والإشراق: أن هذه الكتب المصورة تخبرنا عن يسوع. قلت لها: وما أحلى أن يفتح المرء قلبه لهذا الملك السماوي ويسمح له أن يحل فيه. أجابت نورجان: لقد فتحت له أبواب قلبي. وقد جاء ليسكن فيه وأنا أشعر بالحب يملأه وبالسعادة تغمره. وهذا شعور لم أشعر به طوال أيام حياتي السابقة.


ولم أستطع أن أصدق ما سمعت فرميت بذراعي عليها وعانقتها معانقة أخوية. وقلت: هذا خبر سار يا نورجان! وقد أصبحنا الآن ثلاثة من المسيحيين في هذه الدار، ريشام وأنت وأنا. فلنفرح وتبتهج لأننا أخوات في المسيح. وشربنا الشاي معا ولم يكن هذه أول مرة أشرب فيها الشاي مع الخدام، ولم أكن لأعمل هذا قبل اهتدائي إلى المسيحية. وفرحت لأننا غدونا مسيحيات مؤمنات. وسررت في أعماق قلبي لأنني اكتسبت نفسا ضالة للمسيح. وقلت في نفسي، ماذا حدث لهذه السيدة بلقيس الشيخ التي تسكن هذا القصر المنيف والتي تتمتع بثروة كبيرة، وبأملاك واسعة، والتي كانت تحب الأثرة والانعزال ماذا جرى لها الآن وهي قد ولدت ولادة جديدة، وتسلك سلوكا متواضعا مع الخدام وعامة الناس. أليست هذه عجيبة من الله؟! أنا في الماضي كنت أصدر الأوامر وأتحاشى عِشرة الطبقات الوضيعة من الناس، وإذا رأيت غبارا على أثاث بيتي أو تأجر الطعام عن وقت ميعاده انفر في الخدام وأوبخهم. بيد أنني الآن قد خلقت خليقة جديدة، والله القدير هو الذي صنع هذا. هو أبي السماوي وأنا أشعر بشركة روحية معه، وأتمتع برضاه وأحظى بحضوره.


أنا لا أصبو أن أصبح قديسة بيد أنني بدأت أشعر بمسئولياتي المسيحية. وما دمت قبلت المسيح سيدا لحياتي ترتب عليّ أن أعمل أعمالا ترضيه، ولا تحط من اسمه. وقد علمني أن الأعمال هي التي تتكلم ولها تأثير أكثر من الكلام. وأخذت أتفهم معنى الشهادة الحقيقة للمسيح. وعندما لاحظت أن نورجان لا تحضر اجتماعاتنا المسائية يوم الأحد، سألتها عن السبب. فأمتقع لون وجهها اصفرارا وقالت وهي مذعورة، أنا لا أستطيع حضور اجتماعات عامة لأني متزوجة لرجل مسلم متعصب، ولديّ منه أربعة أولاد فإذا قلت له أنني غيرت ديني وتركت الإسلام فسيطردني من البيت ويطلقني حالا. فأخبرتها بأن المؤمن الحقيقي عليه أن يعلن إيمانه جهارا، إذ لا مناص من هذا. وتركتني نورجان وهي تقول بكلمات غير واضحة: أنا مؤمنة بالكلام لكن لا أستطيع أن أعلن هذا جهارا، أو أطبق ذلك علنًا.


وحدث بعد بضعة أيام أن ذهبت لأزور الأم راعوث، وكانت مبشرة في مستشفى العائلة المقدسة. وكنت قد تعرفت عليها وأخذت التذ كثيرا بأحاديثها. وإثناء الحديث قالت لي أن الكثيرين في الباكستان هم من جماعة المؤمنين بالسر مثل نورجان. وتعجبت كيف يمكن أن يكون مثل هذا، لأن المؤمن الحقيقي لا يستطيع أن يضع نوره تحت المكيال ويبقيه في الخفاء. بل عليه أن يجاهر به علنا. قالت الأم راعوث: لنذكر نيقوديموس فقد كان من المؤمنين لكنه ظل محافظا على إيمانه سرًا. ولنرجع لقراءة ما ورد في الإصحاح الثالث من إنجيل يوحنا عنه، ففتحت كتابي المقدس وقرأت عن ذلك الفريسي الذي جاء إلى المسيح خلسة في الليل ليخطي بمعرفة أوفى عن ملكوت الله. وكنت قد قرأت ذلك الفصل عدة مرات من قبل لكنني لم أتأكد أن نيقوديموس كان من جماعة المؤمنين بالمسيح سرًا. وعلقت الأخت قائلة، ربما كان نيقوديموس قد أعلن عن إيمانه بصراحة لكنه كما يذكر الإنجيل أنه كان حريصا. ألا يعرف بذلك الإيمان أخواته من الفريسيين..





[url=http://www.om-elnor.com/vb/customavatars/avatar20688_1.gif]كيف عرفت ابويا Avatar20688_1[/url] كيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_pos






كيف عرفت ابويا Icon1 رد: أقدر أقوله يا بويا


وفي اليوم التالي دعوت نورجان إلى غرفتي وقرأت لها ما ورد عن تيقوديموس وقلت لها: إني أعتذر لك لأنني سببت لك هذا الانزعاج الفكري. وإني أعتقد أنه مع الوقت سيظهر لك الرب الطريق الذي فيه ستعلنين إيمانك بالمسيح جهارا. وفي الوقت الحاضر من المستحسن أن تظلي حريصة على أن تصغي إلى إرشاد الرب وتسيري بموجب ما يوحيه إليك رب المجد. ولمع وجه نورجان من شدة الفرح، وقد زال عنها ذلك الارتباك الذي أزعج أفكارها، فأخذت تردد كلمات بعض الترانيم وتطلب من الله أن يرشدها لتعمل العمل الصحيح. وقلت لها: نحن لا تودّ أن تفرض عليك الأمور فرضا، بل تصرفي بموجب وحي الله وإرشاده، وكل شخص مسئول عن أعماله، والله ديان عادل بدين المرء حسب نواياه. وكنت قد اكتشفت الصعوبة التي تعترض أي شخص يريد أن يعتنق المسيحية في ذلك الجزء من البلاد.


وحدث ذات يوم أن دق جرس الهاتف. وكان المتكلم أحد أعمامي الذي خالفني بشدة لإعتناقي المسيحية. وظل مقاطعا إياي حتى صوته بصفة الأمر إذ قال: يا بلقيس أسمع أنك تعقدين اجتماعات مسيحية في بيتك، وتعملين على حمل غيرك لاعتناق المسيحية. أجبته: ربما كانت هذه وجهة نظري في الحياة! وتصورت وجهه يحمر من شدة الغيظ، وأوداجه تتضخم وبصوت خشن قال: ألا يكفي لك أنك اتخذت قرارات نابية بشأن معتقداتك! إنما المطلوب منك الآن أن تتركي أمر هداية الآخرين والتأثير عليهم. قلت: أستحسن أيها العم اهتمامك بهذا الأمر لكن لا تنسى بأن كل إنسان حر في أن يسير دفة حياته كما يشاء، فهو سيد نفسه وربان سفينه حياته. فأنت تسير كما تشاء، والمفروض أن أسير أنا بدوري كما أشاء.


وفي اليوم التالي كان سائق سيارتي الجديد يرجعني إلى بيتي بعد أن قمت بزيارة لابنتي توني وإذا برجل يعترض السيارة ويبغي إيقافها عنوة. ومن عادة هذا السائق أن يتوقف ليساعد بعض الركاب المقطوعين لكنه في هذه المرة لم يتوقف وقال لي لا تطلبي مني أن أقف هذه المرة، لأن ذاك الرجل الذي أعترض سبيل السيارة يضمر لنا شرًا. ولسنا ندري ما هو مزمع أن يعمل! وبعد أسبوع من هذا الحادث وكنت مستريحة بعد الظهر في غرفتي إذا بإحدى الخادمات تدخل عليّ وقالت هامسة: الرجاء ألا أكون قد أزعجتك يا سيدي! إنما عليّ أن أحذرك من أمر خطير. فأخي كان حاضرا اجتماعا صاخبا في جامع راولبندي البارحة، وسمع بعض الشباب يتذمرون من الأعمال التبشيرية التي تقومين بها، وقد أصروا علي أنه لا بد من اتخاذ أجراء صارم لإيقافك عند حدك. وأرتج صوت الخادمة من الخوف والاضطراب، وتابعت قولها بأنه يجب علينا أن نكون صريحين وحذرين. ونحن جماعة الخدام هنا نخاف عليك وعلى حفيدك محمود كثيرا.


وتراءى لي بعد أن سمعت عن هذه التهديدات أنه ربما كان من الأفضل لي أن أظل مؤمنة بالمسيح، ولكن لا أعلن ذلك جهارًا. ففي هذه البلاد وحتى بيت أفراد عائلتي، فذكر المسيح في عرفهم كفرًا، والدعوة إلى المسيحية زندقة. فلنكن حكماء كالحيات ولأجعل مسيحيتي أن تظل سرًا، وإن كانت أعمالي تُظهر بأنني مسيحية





[url=http://www.om-elnor.com/vb/customavatars/avatar20688_1.gif]كيف عرفت ابويا Avatar20688_1[/url]



كيف عرفت ابويا Male



كيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_pos






كيف عرفت ابويا Icon1 رد: أقدر أقوله يا بويا


مضي شهران منذ سمعت التقرير عن إنذار الشباب إليّ سوى تلك النظرات المعادية التي كان يوجهها إليّ أولئك الشباب المتعصبين. وبتّ متحيرة إن كانت هذه الإنذارات حقيقية أو إنها لا أساس لها. وأقترب عيد الميلاد، وهو ثاني عيد أحتفل به بعد أن اهتديت إلى المسيحية. وكان بعض الأفراد من عائلتي يزوروني إلا أن العلاقات مع العائلة ما برحت متوترة هكذا أفادني أحد أعمامي. وفكرت أن أقيم حفلة غداء أو عشاء عامة يوم عيد الميلاد، وأن أدعو إليها بعض الأقارب والأصحاب، عساي أستطيع تسوية العلاقات المتوترة بيننا، وإزالة روح العداء من نفوسهم. وقضيت بعض الوقت وأنا أعدّ قائمة المدعوين. وبعد أن فرغت من أعدادها وضعتها ضمن الكتاب المقدس. وفي اليوم التالي وكنت مزمعة أن أوزع الدعوات حصل أنه لما سحبت القائمة من طيات الكتاب المقدس أن وقع نظري على حفلة العرس المذكورة في الإنجيل. وقلت في نفسي: إن أقمت الحفلة وجعوت إليها أصدقائي وأقاربي الأغنياء فهؤلاء بدورهم سوف يدعونني إلى حفلة مماثلة، وكأنني ما عملت شيئا، لكن الأفضل أن أدعو لهذه الحفلة الفقراء والمساكين، والعرج والعمي، فهؤلاء يشعرون بالفرح الحقيقي لأن ليس لديهم الوسائل أو الإمكانيات لدعوتي. وسيكون لي ثواب يوم القيامة، ووقت الدينونة الأخيرة.


وسألت ربي: هل هذه هي إرادتك أيها الأب السماوي؟ وأمسكت الكتاب المقدس بيد، والقائمة الجديدة الحاوية على أسماء الفقراء والمساكين باليد الثانية، فإذا إصبع الله الخفي يشير إلى حفلة العرس التي ورد ذكرها في الإنجيل ولم يحضرها المدعوون من الإغنياء فأضطر صاحب الدعوة أن يدعو عامة الناس. فقلت يبدو أن هذه هي إرادة الله. وحوت القائمة الجديدة أسماء بعض الأرامل والأيتام والمعوزين والقرويين وحتى بعض المتسولين العائشين في بلدة واه. وبعثت هذه الدعوات بنفسي وكلفت الموظفين عندي أن يوزعوا البعض الآخر. وهكذا انتشر خبر هذه الحفلة. وعلمت أن القرية بأجمعها عازمة على الحضور.


وأخذت أفكر كيف استقبل كل هؤلاء الناس. وماذا يحل بالسجاجيد العجمية التي جلبتها مؤخرًا لغرفة الاستقبال؟! وكيف يصمد الأثاث أمام أقدام جماهير القرويين، وجماعة الفقراء والمتسولين؟! قلت أستطيع إزالة بعض الأثاث والمفروشات من الطريق، وبذلك أضمن عدم تلويث هذه القطع الثمينة من الأثاث والمفروشات.


وعندما بدأنا بتهيئة الهدايا تحمس حفيدي محمود للعمل، وكان قد بلغ الثامنة من عمره. فشرع يلف الهدايا للذين سيحضرون حفلة عيد الميلاد. وكنت قد جلبت قمصانا صوفية للأولاد، وفساتين ملونة للفتيات، وقطعا من القماش الأرجواني أو الزهري للسيدات، وسروايل سميكة للرجال، مع أنواع من الأحذية المختلفة الألوان والمقاييس. وأستغرق لف هذه الأغراض ضمن طرود بعض الوقت، وساعدني للخدام باللف، ومن ثم ربطنا كل هدية بشريط ففضي، وأعددناها لتكون جاهزة يوم الاحتفال بمولد ملك المجد، ذكرى لتقديم المجوس هداياهم للطفل يسوع مخلص العالم. وكنت قد طلبت من الفخاريين في القرية أن يعدوا لنا 500 سراج، كتلك الأسرجة المستعملة في الباكستان للإضاءة والتنوير، وطلبت من بعض النساء اللواتي توافدن عليّ أن يعدوا فتائل لها من خيطان قطنية. وإثناء عملنا كنت أنتهز الفرصة لأتحدث للعاملين عن يسوع المخلص، وعند إضاءة الاسرجة تحدثت عن مثل العذارى الجاهلات والحكيمات. وكانت الاستعدادات للحفلة قائمة على قدم وساق، والجميع مستعد للمساعدة والعمل.


وتقدمت نساء القرية لمساعدتي في صنع بعض الحلويات الباكستانية من الجوز واللوز، ثم زيناها بورق لامع وشفاف. وحين أقترب ميعاد الحفلة توافد الكثيرون إلى البيت، وظلوا يأتون طوال أسبوع ليتفرجوا على الزينات الجميلة، والاسرجة المضاءة، وليأخذوا هداياهم الميلادية. وقضى محمود وقتا ممتعا مع أولاد القرية. وكانت عيون هؤلاء الصبية تلمع من شدة الفرح بحفلة الميلاد. وظل محمود يرحب بالأولاد ويفسح لهم المجال الاشتراك في تلك المناسبة المجيدة. وانتهزت الفرصة لأتحدث مع القرويين كيف علّمنا يسوع أن نعامل بعضنا البعض بهذه الطريقة الحية وبروح المحبة، وسأل الكثيرون: هل فعلا أن يسوع كان يعاشر أمثالنا من الطبقات المنحطة من الناس؟ وكنت أجيب: ما نصنع الآن ليس سوى صورة مصغرة عما صنعه ابن الله مع بني البشر أمثالنا في سالف من الزمن.


وبعد انتهاء موسم العيد جلست لأنفّس عن عواطفي المكبوتة وأفسح بعض المجال لتأملاتي وخيالاتي. وسألت الله بخشوع إذا كان هذا ما يريده الآب مني؟ وأحسست بأنني أسمع صوته يقول لي: نعم هذا ما أريده أن تهيئي للملكوت الإلهي على هذه الأرض. وظل كثيرون من الفقراء يتذكرون هذه الحفلة المباركة يوم العيد. وفيما أنا جالسة أتأمل في الأحوال العامة للبلدة تذكرت ما سمعته من أحد الخدام، وكان قد حضر جنازة في بلدة واه أن زوجة الأمام ذكرت له بأنني ارتكبت خطأ فظيمًا بتركي دين الإسلام. ولكن أحد الحضور الذين سمعوا تذمرات زوجة الأمام قال: هل رأيتم هذه السيدة مؤخرًا؟ وهل أنتم تعملون مثل ما تعمله هذه السيدة من الإحسان وما تظهرة من العطف على المعوزين لا سيما بعد أن أصبحت مسيحية؟ وإذا كنت ترومون معرفة شئ أوفي عن الله تعالوا للاجتماع بها والتحدث إليها.


بيد أنه كانت جماعات أخرى في لبدة واه ممن نظروا إلى الحفلة الميلادية التي أقمتها بعيون شزراء، وبعدم الرضي. وسمعت من أحد العمال الذين يشتغلون في حديقتي أنه سمع حديثا عني، تلوكه الألسن من أنني أصبحت مشكلة لهم. وصرح البعض أنه لا بد من القيام بعمل حاسم لوضع حدّ لمثل هذه الأمور! ولشدّ ما بدأت تصلني إنذارات في بعض الأوقات المتقاربة أو المتفرقة، كلها تنذر بسوء المصير أن لم أرتدع عن أعمالي الخيرية والاجتماعية تجاه أوليك المنبوذين، وظلت هذه الإنذارات تتوارد عليّ بانتظام طوال ذلك العام.


ويبدو أن الله كان يحاول أن يهيئني للأوقات الصعبة، وللظروف القاسية التي تنتظرني. وجاء مرة ثلاثة من أولاد القرية إلى بيتي، وتصورتهم مبعوثين من الله إليّ لأنهم كانوا في حالة تدعو إلى العطف والشفقة، وقد تعوّد أمثال هؤلاء أن يجيئوا ليلعبوا مع محمود. وجاء محمود بعد أن فرغ من اللعب معهم وهو مرتعب وخائف وقال: أتعرفين يا أماه ماذا يقول هؤلاء الأولاد البسطاء؟ إنهم سمعوا أن بعض الناس في القرية يعملون الخطط لقتلك. وللحال بدأ بالنحيب والبكاء وقال: إن متِ فسأقتل نفسي!






كيف عرفت ابويا Male



كيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_pos






كيف عرفت ابويا Icon1 رد: أقدر أقوله يا بويا


وماذا أستطيع أن أجيب محمود أو أعمل له في مثل هذه الحالة وكان قد بلغ الثامنة من عمره؟ وما أسرع ما قربته مني واحتضنته وعانقته؟ ثم مررت بأناملي على شعره، وحاولت نهدئة روعه، وأخذت أروي له ماذا حدث ليسوع في الناصرة بلدته، وكيف قام أهل تلك البلدة عليه ورغبوا في طرده، ورجموه بالحجارة لكنه اجتاز من وسطهم واختفى عنهم وأبوه السماوي لم يتركه فريسة في يد الأشرار وقساة القلوب. وهذه كانت إرادة الله أنه سمح بذلك, ولكنه في النهاية تقدم لمساعدته وإنقاذه. وهذا ينطبق عليّ وعليك يا محمود لأن لنا حماية تامة تحت جناحي الإله القدير والأب السماوي. وسأل محمود متلهفًا: أتعنين أننا لا نؤذى أبدًا ولا ينالنا شئ من الشر كالذي ذكره أولئك الأولاد؟ أجبت: لست أعني هذا إذ إن يسوع نفسه في النهاية تألم ولم يحصل ذلك إلا عندما حان الوقت لذلك. فعندما سمح الأب السماوي له أن يموت تقدم للصليب فداء عن كل خاطئ أثيم، وكان هذا بإرادة الله ونحن لا يترتب علينا أن نعيش أيامنا تحت كابوس الخوف الدائم، وضمن تصورات أن أمورًا فظيعة ومؤلمة ستحدث لنا بل علينا أن نعيش بثقة وبإيمان بأن مشيئة الله ستتم، وإن الله القدير لن يتركنا أبدًا!


وتطلع محمود إليّ ببراءة الطفولة، وقد أخذ الخوف يزول عنه، وما عتم أن أبتسم وأنطلق يعدو ويقفز ويتابع لعبه مع رفاقه. وليتني حصلت على هذه السكينة والاطمئنان التي حصل عليها محمود، وما أحلى براءة الأولاد وبساطة إيمانهم! وتركت غرفتي وأخذت أتجول في جنبات الحديقة وأنا حاملة الكتاب المقدس بين يديّ. ولم أكن مرتاحة البال أو فرحة، لأنني أخذت أفكر بمصيري إذا طردوني من بيتي. وهذه الفكرة بدأت تعكر عليّ صفاء الحياة. وكان الفصل خريفًا، والطقس جافًا، وكنت وأنا أسير في الحديقة أسمع صوت الأسماك عندما تقفز في الغدير الجاري، أو زقزقة الطيور على الأشجار، واقتراب أسراب منها إلى البيت. وكانت الأزهار ما زالت تفوح بعبيرها وتنشره فوق ذلك المكان. وتنفست الهواء العليل المنعش وقلت: هذه بلادي! وهذا شعبي! لقد خدمت عائلتي هذه الأمة طوال سبعة قرون وهذه البلاد بلادي وأنا لا أستطيع أن أفارقها. هذه كانت مشاعري تجاه موطني وبلادي، إنما حدثت أمور كانت خارجة عن نطاق سيطرتي مما اضطرتني بعد ذلك أن أفارق هذا الفردوس الأرضي الذي نشأت وترعرت فيه. إن أمورًا حاسمة وظروفًا شاذة اضطرتني لترك هذا التراث المجيد رغم تصميمي بأن أظل قريبة منه، وسيدة لقصري وممتلكاتي.


وجرت في الباكستان عام 1970 انتخابات عامة، وكان قد مرّ على اهتدائي للمسيحية أربعة أعوام، وكان أولا انتخاب للبلاد بعض التقسيم، الذي فيه نالت البلاد استقلالها. وظهرت الجبهة الوطنية كأكبر حزب سيأسى على مسرح الانتخابات. ولم يكن معظم اصدقائي أعضاء في ذلك الحزب. وكان الشعار الذي اتخذته تلك الجبهة لباكستان هو: الإسلام ديننا، والديموقراطية سيأستنا، والاشتراكية اقتصادنا. وبالطبع فالشعب الباكستاني بعد الاستقلال أخذ يشعر بإحساس جديد، وبيقظة واعية. والرجل العادي أخذ يشعر أن له حقوقًا في الانتخابات ومسئولا عن أمور دولته. ولقد أحببت هذه الروح الجديدة التي دبت في عروق هذه الأمة الناشئة لكن شيئا ظل يخيفني وهو أن هذه الشعارات ستشحذ همة المتعصبين، وتقوي فيهم تعصبهم للإسلام، لا سيما وأن الحكومة التي دينها الإسلام ستدعمهم. وهذه الاشتراكية لم تكن لتتمشى مع تقاليد عائلتنا. ولكوني لم أعد مسلمة فهم سينظرون إليّ بأنني خائنة.


وأخذت أراقب الأحوال السياسية وتطوراتها عن كثب. وجاء ذاب يوم لعندي صديق قديم كان لوالدي، ورغم يأسه واسفه لأنني تركت الإسلام وديني القديم فأنه ظل قريبًا مني وصديقًا مخلصًا لي. وكان يكرر مثل هذه الزيارات لي ليرى إن كنت بخير أو أحتاج إلى مساعدة. جاء هذا الصديق من بلدة سردار وجلس بالقرب مني على الديوان الحريري وشربنا الشاي معا، وقد أخبرني إثناء الحديث أن الجبهة الشعبية هي التي فازت في الانتخابات، وذكر لي إسم زعيمها ذي الفقار علي بوتو. قلت: إنني أعرف هذا الزعيم جيدا. وسأل: إن كنت أتابع قراءة الصحف أو سماع أخبار الإذاعات؟ وقال لقد تغير وضع الحكومة الآن وأشك أن كنت تستطيعين الاعتماد على القادة الجدد الذين تسلموا إدارة دفة البلاد. وقد ضاع الزمان الذي كان لك فيه نفوذ في الدوائر العليا من الحكومة.


وبعد هذه الزيارة من ذلك الصديق المخلص القديم أدركت أن شيئا جديدًا قد حصل في البلاد. وكان الله أراد أن يوحي على لسان هذا الزائر الآن أن أعدّ نفسي لقبول الفكرة بأن أصدقائي القدماء، الذين كنت أتوقع منهم عونا أو حماية، قد زالوا ولم يعد لهم ذلك النفوذ في الدولة الجديدة. ومعنى ذلك أنه ترتب عليّ الاعتماد بالكلمة على الله. وقد مضى بعض الوقت عندما بدأت أتحسس روح العداء التي أخذت تتكون ضدي. وقد بدأت أتلمسها في عيون الناس عندما كنت أسير في شوارع بلدتي واه. وظهر تغيير في معاملة صغار الموظفين عندما كنت أتحدث إليهم عن أمور الضرائب على أملاكي. ففي السابق كان أولئك الموظفون يكلمونني بلطف، ويحنون رؤوسهم احتراما لي. أما الآن فقد تغيّر الوضع كثيرا عندما كنت أحدثهم صاروا يتجاهلون وجودي ويشيحون بوجوههم عني، ويتطلعون إلى الأفق البعيد وكأنهم يراقبونه. وكنت أعلّق على هذه الحالة بقولي: إن سلوكنا يشبّه سلوك الأولاد الجهلاء لا الناس الناضجين والرجال الحكماء.








المشاركات: 9,349





كيف عرفت ابويا Male



كيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_pos






كيف عرفت ابويا Icon1 رد: أقدر أقوله يا بويا


لم يكن للحكومة الجديدة والأوضاع المستحدثة في الدولة تأثير كبير على المستخدمين عندي في البيت. فمعظم الخدام كانوا من المسلمين، عدا ريشام التي كانت مسيحية ونورجان التي بدأت تشعر بالفرح والسلام القلبي لأنه بدأت تعرف طريق المسيح. وفي كثير من المرات قال لي الخدام المسلمون: لا تضطربي بشأننا يا سيدة! فإذا قررتِ أن تتركي البلدة ففي سمعنا أن نجد لنا أعمالا جديدة بسهولة. وغدت العلاقات مع الموظفين الذين يعملون عندي تختلف عما كانت عليه قبل أربع سنوات، ولا عجب في ذلك فأحوال البلاد تغيرت وعالمنا تطور والباكستان استقلت.


ولعبت الأحلام دورا هاما في حياتي لا سيما تلك الأحلام التي مهدت لاختباراتي المسيحية وظهور الله الأب السماوي لي. وما زلت أتذكر كيف أني التقيت بالمسيح الأول مرة عن طريق الحلم إذ تراءى لي هذا السيد يجلس معي على المائدة وتناولنا طعام العشاء سوية. وما أسرع ما غدت هذه الرؤى والاختبارات الصوفية فعالة في حياتي. ففي أحد الأيام وجدت حالي محمولة بالروح، ومجتازة الأوقيانوس، وشعرت أنني انتقلت بسرعة مثل سرعة البرق إلى ولاية إنكلترا الجديدة في الولاية المتحدة، ومع أنني لم أكن قد زرت أميركا أو معالم العالم الجديد قبلا، إلا أنني وجدت نفسي أقف أمام بيت للتمريض ودار إيواء العجزة والمسنين. ولما وخلت تلك الدار وجدت في إحدى غرفها سيدة في منتصف عمرها، وجهها مستذير، وعيناها زرقاوان، وشعرها يخطه سواده الشيب، وكانت مضطجعة على سرير مغطى بغطاء قطني جذاب المنظر، وكانت تلك السيدة مريضة وعلمت أنها مصابة بالسرطان. وبالقرب منها جلست ممرضة تقرأ لها بعض القصص المسلية. وفيما أنا في تلك الغرفة تراءى لي سيدي الرب واقفًا في إحدى الزوايا. فركعت وسألته ما هو المطلوب مني أن أعمله. أجابني صلي من أجل هذه المريضة فاقتربت من السرير وصليت بحرارة من أجل شفاء تلك السيدة المريضة. وعند الصباح أفقت من حلمي وبتّ مذهولة من ذلك الحلم الذي حملني عبر البحار.


وسألت نفسي لما طلب مني السيد الإله أن أصلي من أجل تلك السيدة المريضة ما دام هو حاضرا في الغرفة؟ وإذا بالوحي الإلهي يذكرني بأن صلواتنا أمر ضروري وحيوي. لأن ذلك الإله يعمل بواسطتها. وقادني هذا الحلم إلى مراجعة الإصحاح الخامس من رسالة يعقوب الرسول حيث يقول: إن صلاة الإيمان تشفي المريض (15:5) وحقا أن الصلاة تولد قوة في الشخص الذي نصلي من أجله. ومرة أخرى حلمت أني أسير على ممر خضبي لأصل إلى مركب. وعندما دخلت إحدى غرف المركب رأيت المسيح واقفا هناك. وأشار لي بيده إلى العودة على الممر الخشبي وهناك رأيت سيدة ترتدي ملابس غربية تنتظرني. فاقتربت مني وأمسكت يدي، واقتادتني بعيدا. وسألتها: إلى أين؟ وأين المصير النهائي؟ لكنها لم تجب ولم أحصل على أي جواب منها. وكأن هذه الرؤيا شاءت أن تنبئني بأني سأذهب في رحلة إلى مكان مجهول. وكأن هذه الأحلام كانت تمهد إلى تغيير في أوضاعي وتجعلني على استعداد لأن أتقبل فكرة مباركة دياري، وألا أفزع عن الأخبار التي أخذت تتوارد عليّ من تغيير الأوضاع في ظل الحكم الجديد للباكستان.


وجاءني عام 1971، وكان ذلك بعد تسلم الزعيم بوتو زمان الحكم ببضعة أشهر، أن زارني صديق قديم باسم يعقوب. وكان هذا مقربا ن عائلتنا لعدد من سنين. وفي الوقت الذي كان فيه زوجي وزيرا للدولة عانت البلاد أزمة اقتصادية وتقصا في الميزان التجاري. وعند ذاك فكرت مع ذلك الصديق يعقوب أن نبدأ مشروعا لتحسين الأحوال. فبدأنا بمشروع يساعد الإنسان فيه نفسه بنفسه، وسميناه: (مشروع العيش البسيط‘. والفكرة الأساسية في ذلك المشروع هي تشجيع الصناعات الوطنية، وأن يعتمد المواطنون على الإنتاج المحلي والصناعات المحلية، والعمل على التقليل من التوريد الأجنبي. ومن أجل ذلك أخذنا نجوب القرى والأرياف نشجع العمال على نسج الأقمشة بالأنوال، ودعونا الجماهير لاتخاذ برنامج تقشفي للحياة. وقد بدأنا نحن بتطبيق هذه البرامج. وسرعان ما انتقلت العدوى للآخرين وهكذا كتب لمشروعنا النجاح والازدهار. وعلى الأثر أخذت الحالة الاقتصادية تتحسن، والمصانع المحلية يزيد انتاجها، وبفضل مشروع العيش البسيط ارتفع مستوى المعيشة، وازداد مدخل البلاد.


ولمدة سنة من ذلك العهد ظل يعقوب يزورني وكان يحدثني عن الشؤون العائلية، والسياسة الدولية، وأحوال الحكومة، وعن المشاريع الجديدة التي أخذت بلادنا الناشئة تستهدف إليها. ولكون يعقوب قد تجول كثيرا، فإنه يعرف ما لنا من ثروة متجمدة وما لنا من ثروة مسجلة في الأطيان والعقار في شتى المقاطعات الباكستانية. ومرة قال لي: يا سيدة بلقيس! هل فكرت في بيع قسم من ممتلكاتك إذ ليس من المستحسن أن تجعلي كل ثروتك في الأراضي والممتلكات، ومن المستحسن أن تحصلي على نقود، فهذه السيولة في النقد ستكون نافعة لك لا سيما وان الزعيد بوتو يفكر بأجراء بعض الإصلاحات في توزيع الأراضي. وكانت خطوة جريئة من يعقوب أن يفكر في أموري، ويقدم لي هذه النصائح المفيدة. وخشيت علية من الانتقاد والملاحقة ن قبل الحكومة لتردده علي. فشكرته على زياراته وقلت له أنا مصممة على البقاء في بلادي. ولا قوة تستطيع أن تجبرني أن أترك موطني أو تجردني عن ممتلكاتي.


هكذا كانت بلقيس القديمة تبدو بروحها المتمردة وأفكارها المتصلبة، وسلوكها العنيد. وهذا الوضع لم يكن مستهجنا لدى يعقوب لأنه كان يعرفني معرفة جيدة. وقال لي عند ذاك: سيأتي يوم فيه تفكرين بترك هذه البلاد، وتذكري وعدي باستعدادي لمساعدتك دوما. وشكرته على وعده بالمساعدة وقلت له: إذا استدعت الشرورة لأن أطلب مساعدتك فتأكد يا صديقي بأني سأذكر وعدك الصادق هذا واستعدادك لمساعدتي. وسوف آتى لطلب العون منك والمشورة من لدنك.





كيف عرفت ابويا Male



كيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_posكيف عرفت ابويا Reputation_pos






كيف عرفت ابويا Icon1 رد: أقدر أقوله يا بويا


وحلمت ريشام حلمًا وجاءت ترويه لي وهي تذرف الدموع وقالت: ربما تعذّر علي أن أرويه لك. أجبتها، وهي راكعة أمامي وأنا جالسة على الديوان في الغرفة، تكلمي وسأصغي لك باهتمام. قالت الخادمة: رأيت بعض الأشرار يفدون على هذا البيت ويلقون القبض عليك. وعلى الأثر صرخت اهربي يا سيدتي! وشاهدتك في منامي وأنت تركضين، وتتخلصين من هؤلاء المعتدين. وامتلأت عينا ريشام بالدموع، فأخذت اعزيها، وخلت نفسي وأنا أصغي إلى تفاصيل هذا الحلم وإلى الكلمات التي تقوهت بها ريشام أن هذا كان نذيرا لي من الله، ونصيحة يتوجب علي الأخذ بها لعمل الترتيبات لدرء الإخطار المتوقعة. وأخيرا قلت: لقد سمعت الكثير يا عزيزتي ريشام من الله عن إمكانية ضرورة التأهب لترك المكان والهرب من وجهه هذه الإخطار. وفي بادئ الأمر لم أكن أصدق ما تراءى لي لكني الآن بعد سماع حلمك الغريب هذا بدأت أفكر جديا في المسألة. وقلت في نفسي هل هذا ممكن أن يحدث لي؟ وهل أجبر أخيرا على ترك هذا الوطن ومباركة هذه الديار العزيزة علي قلبي؟! ولا شك أنه يترتب أن أقبل ما رتبه الله لي، وأستسلم لمشيئته الربانية!


وصمتت ريشام برهة وقد هدا روعها قليلا وقالت: ما أعجب الطريقة التي تعيشينها يا سيدتي إذ تسلمين أمورك لله وتضعين دفة حياتك في يديه، قلت لها: إنها الطريقة الوحيدة التي يمكن للمؤمن أن يتخذها. فكل شئ مرتب من قبل الله ولم يعد شئ تحت سيطرتي. ومع أني صدقت ما قالته ريشام وما تراءى لها في ذلك الحلم المريع، غير أنني لم أستطع السيطرة على عواطفي. وبدأت أفكر جديا في الهرب وأخذ الترتيبات اللازمة للفرار ومباركة هذه الديار.


وفي خريف عام 1971 دخلت على نورجان وهي منفعلة في عواطفها، وكانت قادمة لتمشط شعري كعادتها فسألتها: ماذا جرى يا نورجان ليجعلك مضطربة وخزينة. وللحال أخذت تبكي وتصرخ أنا لا أريد الأذى لك يا سيدتي! ثم أخذت تسرد لي ما سمعه أخوها في جامع البلدة في اليوم السابق إذ صرح بعض المتعصبين من المواطنين أن الوقت قد حان لاتخاذ إجراءات ضدك، وقد نعتوك بالكافرة والمرتدة! وسألتها: هل صرح هؤلاء عن نوع الإجراء الذي سيتخذونه؟ قالت: لا، وأصبحت أخشى مما قالت نورجان: لا سيما وهذه البلاد قد تغيرت أوضاعها ولم تعد كما كانت عليه قبل خمس سنوات.


قلت في نفسي إن حلم ريشام المريع، وما سمعته نورجان عن حديث الشبان المتعصبين هي من سلسلة الإنذارات التي أخذت تمر عليّ في هذه الأيام. والأفضل أن نكون حريصين، ونتخذ الاحتياطات الضرورية لدرء هذه الإخطار عنا. وفعلا فأنه لم تمض أكثر من بضعة أسابيع حتى ترضت لبعض الفواجع الأليمة. إذ حدث في يوم من أيام خريف الجميلة، وكانت الرياح الموسمية قد هدأت، ولهيب الصيف قد انتهى أن قلت لأنزلن إلى الحديقة مع محمود لنمتع الإنظار في عمل الله في هذه الطبيعة الجميلة حولنا. كان الطقس مؤاتيا ولم تحصل أمور مفاجئة في البلاد. قلت نحن الآن في عام 1971 لا في عام 1571 حيث كان الحروب الدينية مشتعلة، ونحن نعيش في عصر جديد. عصر النور والحرية. وتناولت كتاب الله واصطحبت محمود معي للنزهة في الحديقة. وفي الوقت الذي وطئت فيه أقدامي أرض الحديقة شممت رائحة حريق لأغصان الصنوبر. وكان المعروف لدينا أنه لا يجوز لأحد أن يحرق شيئا من النفايات أو الأغصان الجافة جافة ممتلكاتي. وذهبت لأفتش عن البستاني، وما أن جئت خلف البيت حتى رأيت الخدام في رعب واضطراب. لقد شاهدت كومة كبيرة من أغصان الصنوبر موضوعة قرب باب البيت وقد أشعلت النار فيها، وكان اللهب قويا، والدخان متصاعدًا، وكادت النار أن تصل إلى أعلى البناية، وتصيب السقف، فصرخت للعمل على إطفاء تلك النار المشتعلة.


وهرع الخدام حاملين السطول التي كانوا يملأونها من ماء الغدير المنساب في الحديقة، وسلّط بعضها خراطيم الماء التي اعتدنا إن نسقي بها الأزهار وباقي النباتات. ثم أصطف الخدام صفا متراصا وهم يتناولون السطول الملأ بالماء. وخشيت أن تصل النار أخشاب السقف فتأتي عليها ويسقط البيت طعمة للنيران المتأججة. وأخذنا نقارع الزمن ونعمل بكل ما أوتينا من قوة لإطفاء تلك النار. واستغرقت عملية الإطفاء قرابة الساعة من الزمن. وفي النهاية استطعنا بهذه الجهود المتضامنة أن نسيطر على النار المشتعلة. ووقفنا حول النار مذهولين ومرعوبين، لأنه لو تركت النار بضع ساعات أخرى لكانت قد أتت على البيت وأحرقته. وحدجتني نورجان بنظرة خفية وكأن لسان حالها يقول: لقد نفذ الشبان المتعصبين ما ضمروه من شر لنا، وما اختطوه من ضرر لسيدة هذه الدار!


شكرت الله بأن لا شيئ خطير حدث. نعم لقد اسودت الجدران البيضاء من الدخان، ونالت أخشاب السقف شيئا من الاحتراق لكن لا شئ أخرى خطير قد حدث. وأخذت أحسب ألف حساب لو إن البيت قد احترق. وقلت أن دافعا من السماء هو الذي دفعني أن أنزل إلى الحديقة، في تلك الفترة الرهيبة من بداية الحريق. وبعد ساعة جاءت الشرطة لأجراء التحقيق وأخذ الإفادات، وتدوين ما حدث. وأما أنا فرجعت إلى غرفتي وفتحت كتابي المقدس لأرى إن كان لدى الله في كتابة العزيز شيئا خاصا يكلمني به على لسان أنبياءه فوقع نظري على ما هو مدون في سفر التكوين (22:19) إذ يقول: "اسرع اهرب إلى هناك لأني لا أستطيع أن أعمل شيئا حتى تجئ إلى هناك". وقد تكون هذه إرادة الله لي أن أهرب من وجه الإخطار المحدقة بي. وقلت كل ما ابتغيه منك يا إلهي هو أن ترشدني إلى الطريق الذي يتحتم عليّ سلوكه، وهل تريدني حقا أن أترك البلاد! وهل ذلك الطريق صعب أم سهل؟ لقد أتجرد عن كل ما أملك، ولست أدري إن كان هذا التجرد سيشمل الصبي محمود؟!


وفي شهر مايو عام 1972, أي بعد مضي ستة أشهر من الحريق المفتعل في منزلي تكلم الله بحلم آخر. ولشد ما جاءت ريشام في أحد الأيام تقول: أرجوك يا سيدتي أن تتفقدي نقودك وتري إن كان صندوق النقود في أمان. وقد بدأ القلق يرتسم على محياها، وأشارت بيدها إلى الصندوق القوي الذي كنت أختزن فيه نقودي. أجب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : كيف عرفت ابويا Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



كيف عرفت ابويا Empty
مُساهمةموضوع: رد: كيف عرفت ابويا   كيف عرفت ابويا Emptyالثلاثاء 31 أغسطس 2010, 2:56 pm

شكرا علي النقل اخ افرايم

تم دمج الردود في موضوع واحد للتيسير علي الجميع قرائة الإختبار في موضوع واحد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
فرايم حبيب
خـادم أم النــور
خـادم أم النــور
فرايم حبيب


شفيعـي : دائمه البتولية
الهواية : كيف عرفت ابويا Unknow11
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



كيف عرفت ابويا Empty
مُساهمةموضوع: رد: كيف عرفت ابويا   كيف عرفت ابويا Emptyالثلاثاء 31 أغسطس 2010, 4:46 pm

كان دة اختبار كامل كل فصل فيه لو قراتة بعمق ترى كيف يد الله

كان يترك كما هو لعمق المعرفه
لو تعرف انا قراتة مرتين وتلك ليس من عادى فى اى موضوع ولكن للتعمق ومعرفه الصراح بين الانسان والله
وفى النهايه تنتطر ارادة الله
والتسليم المطلق له فى النهايه يوصل الى النجاة من كل شر والاتكال على الله
والبحث عن ماذا يريد منا الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كيف عرفت ابويا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات أولاد أم النور :: المنتديات الإجتماعية والخدمية :: قسم المعجزات والإختبارات الشخصية-
انتقل الى: