6
رأساً مشغولة وتائهة بين دوامات هذا العالم:
دائماً مشغولة ومرتبكة في أمور
كثيرة جداً.. تائهة بين دوامات ولُجج بحر هذا العالم الزائل.. وقد لا تهدأ
ولو للحظات لتفكر في إلهها.. وكم تتعب هذه الرأس من كثرة المشغوليات
ودوامة هذه الحياة الفانية
..
ولكن عندما تطلب أن يسندها
إلهها القدوس.. يأتي الحبيب القدوس ويمسك برأسها هذه المشغولة والتائهة،
ويسندها بحنانه الفائق علي شماله، وهو يقول لها: "ماذا ينتفع الإنسان لو
ربح العالم كله وخسر نفسه؟" (مت 26:16).. فباطل الأباطيل، "الكل باطل وقبض
الريح ولا منفعة تحت الشمس" (جا 11:2).. وهنا تستيقظ هذه الرأس، وتستقر
بفرح علي شمال الحبيب
..
7.
رأساً مستريحة مستقرة علي شمال الحبيب:
+
تأملوا يا أحبائي هذه الرأس المباركة المستندة بالحب كل أيامها علي شمال حبيبها القدوس..
+
تأملوا
مدي هدوئها الروحاني.. مدي راحتها الحقيقية الكاملة.. مدي انسجامها بالحب
مع دقات قلب الحبيب.. المفعمة حُبّاً.. تترنم هذه النفس كل الأيام بملء
الفرح، والابتهاج، وتنشد مع عروس النشيد قائلة:
شماله تحت رأسي
صدقوني يا أحبائي أن إلهنا
القدوس يقف بالحب فاتحاً أحضانه لكل أحد.. ونفوس حكيمة كثيرة تستند علي
شماله في راحة حقيقية كاملة. بينما نفوس جاهلة كثيرة جداً تقف بعيداً عنه
تشكو من آلام رأسها، ولا تريد أن تذهب إليه لتلقي برأسها المريضة علي
شماله الشافية الأمينة
..
أمّا أولئك الحكماء الذين
سندوا بالحب رؤوسهم علي شماله المباركة، فليس فقط نعموا بالراحة
والاستقرار الحقيقي الكامل. بل تأهلوا لعناق يمينه القدوس.. تأهلوا
لأحضانه الإلهية الحانية التي لا يُعبّر عنها. مترنمين مع عروس النشيد
:
شماله تحت رأسي ويمينه تعانقني
ويمينه تعانقني...
+ ويمينه تعانقني، فأستقر تماماً في أحضانه الحانية. وأنسي هذا العالم بكل ما فيه، لأني في أحضان إلهي المُتعجّب منه بالمجد...
+
ويمينه تعانقني، فيحتويني بمحبته المملوءة جمالاً، ويسبيني بنظراته المملوءة حناناً...
+
ويمينه تعانقني، فيملأ كياني من حبه وحنانه...
وأتفرَّس في جماله ومجده وبهائه.. وكم تسري في أعماقي مشاعر وأحاسيس
جميلة، وعميقة، وعجيبة للغاية...
إنها مذاقة يا إخوتي الأحباء..
مذاقة أحضان إلهنا العجيبة والحانية للغاية، تلك التي تذوقَّها آباؤنا
القديسون واختبروها، فكانت أنشودة حياتهم هي نشيد العروس
:
ويمينه تعانقني
وهذا هو طريقنا يا أحبائي إلي تلك الأحضان الإلهية الحانية
1.أن نكون من أحباء الرب:
يقول الوحي الإلهي: "حبيب الرب يَسكُنُ لديْهِ آمناً. يَسترُه طول النهار. وبين منكبيه (في أحضانه) يَسكن" (تث 12:33
فحبيب الرب تجده دائماً ساكناً
في أحضانه.. هكذا كان القديس العظيم يوحنا الرسول -التلميذ الذي كان يسوع
يحبه- كان دائماً مُتّكئاً في أحضانه، ولا يخجل من هذا أمام باقي
التلاميذ... وما حدث علي العشاء يوم خميس العهد يصف كيف أن هذا القديس كان
مكانه في أحضان الرب.. يقول الوحي الإلهي: "قال يسوع: الحق الحق أقول لكم:
إن واحداً منكم سيسلمني!.. وكان مُتَّكِئاً في
حضن يسوع واحد من تلاميذه، وكان يسوع يحبه. فأومأ إليه سمعان بطرس أن يسأل
مَن عَسى أن يكون الذي قال عنه. فاتَّكأ ذاك علي صدر يسوع وقال له: يا
سيد، مَن هو؟" (يو -25 )21:25
فمكانه كان في أحضان الرب. حتى حينما أومأ إليه بطرس أن يسأل الرب سؤالاً، رجع إلي أحضان إلهه ثم سأل السؤال
فكلما كُنّا من أحباء الرب يا
إخوتي، كلما نعمنا بأحضانه الإلهية.. تماماً كالعلاقات بين البشر، فليس كل
مَن تُسلّم عليه تأخذه في حضنك، إنما الحبيب جداً فقط.
فلنجاهد يا أحبائي في حفظ وصايا إلهنا،
لكي نكون من أحبائه (وننعم بأحضانه الحانية).. كما قال رب المجد: "الذي
عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يُحبُّني، والذي يُحبُّني، يحبه أبي، وأنا
أُحبُّه، وأُظهر له ذاتي" (يو 21:14)