رسائل الأرطستيكا

رسائل الأرطستيكا

† كلمة ارطستيكا كلمة يونانية بمعني " عيدية " اطلقت علي الرسائل البابوية التي كانت ترسل في كل عام في عيد القيامة " الفصح "، وكانت ترد مصحوبة بالسنة التي تصدر فيها هذه الكتابة العيدية ... فقد كان من المعتاد حتي القرن التاسع ان يرسل اساقفة الاسكندرية رسائل إلي كنائس مصر ليعلنوا فيه ميعاد عيد الفصح وبدء الصوم الكبير في كل عام، وقد اتخذت هذه الرسائل سمة حسابية خاصة بتحديد العيد وتاريخ بدء الصوم وتوجيهات رعوية وروحية للمؤمنين كي يعيشوا المناسبة.

† أول بابا سكندري قام بأرسال هذه الرسائل العيدية لاساقفة الايبارشيات هو البابا ديونيسيوس الـ 14 (247 – 264 م) وقد اشتهر بثقافته العالية وقد انتفع بالثقافة السائدة، وبالرجوع إلي رسائله نستشف روحنيته العالية ومحبته الجمة لكنيسة الله التي صمدت قبالة قوات الجحيم، وقد وجد ان اكليل وحدة الكنيسة لا يقل عن اكليل الشهادة.

قضية عيد الفصح:
† يعتبر عيد الفصح من اقدم واكبر الاعياد السنوية السيدية الكنسية، وقد اتبع مسيحيو آسيا الصغري وانطاكية التقويم العبري، فكانوا يعيدون الفصح في 14 نيسان، الذي قد يقع في اي يوم من أيام الاسبوع، واطلق عليهم Quartade cimanians اي الاربعشريين . أما كنائس الاسكندرية وروما والغرب فكانت تتمسك علي ان يكون الاحتفال بصلب المسيح في يوم "جمعة" وبالتالي يكون الاحتفال بالقيامة يوم "احد"، واصبح تاريخ الاحتفال بعيد القيامة يشغل الكنيسة، كقضية جدال وبحث، لذا تمت مناقشتها في المجامع المقدسة. بداية من مجمع نيقية ... الذي اتفق فيه بالصواب ان يتم الاحتفال بالعيد الجزيل القداسة في كل مكان في نفس اليوم عينه.
وكلف المجمع اسقف الاسكندرية بتحديد موعد الفصح، بماله من دراية فلكية واسعة حيث ان قضية تحديد ميعاد الفصح تتطلب عملية حسابية فلكية ... ولكن هناك جدال استمر واصرار من بعض الجماعات والتي تسمت بالاربعة عشرية علي الاحتفال بالفصح يوم 14 نيسان.
† حافظ البابا اثناسيوس الرسولي علي تقليد كتابة رسائل الارطستيكا حتي وهو في النفي فقد كتب 45 رسالة لاعياد قيامة فترة حبريته (329 – 373م) وقد جمعت كتابات ارطستيكا لاثناسيوس، وقد تضمنت مضامين تفسيرية ولاهوتية ودفاعية وروحية ثمينة... كذلك واصل البابا ثاؤفيلس الـ 23، والبابا كيرلس عمود الدين رسائلهم الارطستيكا والتي تضمنت مفاهيم لاهوتية وفصحية عميقة، بالاضافة إلي دفاعات عقيدية تتعلق بالصراعات الكريستولوجية ومناهضة الاوريجانية والابولينارية.

† كذلك استمر بابوات الاسكندرية في توجيه رسائلهم الفصحية رغم الظروف التي صاحبت الفتح العربي ... وكانت اللغة التي تكتب بها الرسائل أما اليونانية أو القبطية، كذلك اعتبرت تقليد كنسي مملوء نعمة وتعليم روحاني يتغذي منه كل احد، حيث كانت تصل إلي البيع والرعية فيتلقفها الشعب ويفرحوا بها ويشكروا الله الذي اعطي باباواتهم نعمة وموهبة الروح القدس الذي للقديسين الاولين ... وها الكنيسة تتوارث وتنقل الترتيب والتدبير نفسه.

† واتت رسائل الارطستيكا لتكون اعتراف وامانة الاباء القديسين وتجمع فكرهم وعقيدتهم الواحد عبر الزمان، وتتناول المقالات القدسية التي وضعتها الكنيسة كأعتراف حسن بالايمان المستقيم المملوء فضيلة.

† كذلك برزت في رسائل الأرطستيكا جوانب عقيدية وروحية وسلوكية وليتورجية، بل تضمنت جوانب دفاعية لدحض الهرطقات المائلة ونشر هذه التعاليم في كل كراسي كرسي الاسكندرية في كل سنة.

† وهذا ليس بغريب علي كنيسة الاسكندرية التي تركت اثراً عميقاً في المسيحية والتي لها ان تتفاخر بنصيبها الكبير في الجهاد من اجل انتشار وتثبيت الكرازة، بأعداد علماء كنسييين على مستوي عالي من المعرفة الفلسفية والبلاغية والهندسية والحسابية والفلكية واللغوية. لذلك عندما زار الامبراطور هادريان مدينة الاسكندرية في عام 130م قال: اني لم اجد هناك كهنة مسيحيين لم يكونوا علماء رياضيين. وقد ظهرت كل هذه المعارف علي ايدي عظماء مدرسة الاسكندرية بنينوس وكلمنضس واريجين وديديموس والبابا ديونيسيوس والكسندروس وثاؤفيلس والبابا العظيم اثناسيوس وكيرلس ... بروحهم الموسوعية وحفظهم لذاكرة العلم الالهي..


† كانت لرسائل الأرطستيكا سمات اساسية وهي:
1. انها سنوية ؟؟؟ ، تصدر في عيد الفصح كل سنة (يذكر فيها رقم السنة).
2. يصدرها الاب البطريرك اسقف الاسكندرية (راكوتي).
3. ترسل إلي جميع ايبارشيات الكرازة المرقسية.
4. ممهورة بامضاء وخاتم الاوراق الرسمية للبطريركية بالاسكندرية الذي كان يحمل الاسم "راكوتي".
5. التشديد في رسائل الارطستيكا علي اعتراف الايمان وتثبيت العقيدة وحفظ تقليد الكنيسة كأقرار ثابت، إلي جانب النصائح والتداريب الروحية والفكر السلوكي العملي، حيث ان العقيدة المستقيمة هي اساس الحياة والممارسة الروحية السليمة.



القمص اثناسيوس فهمي جورج

على الموضوع اخى prayer

الرب يبارك حياتك وخدمتك