كانت ماي وات، فتاة صغيرة سوداء تسكن في مدينة فيلادلفيا. واستأجر أحد القسس هناك غرفة صغيرة في أحد الأحياء الحقيرة لاستخدامها كمدرسة أحد. فحضرت الفتاة الصغيرة الإجتماع الأول للمدرسة ولكن الغرفة كما قلنا كانت ضيقة لدرجة أن بعض الأولاد، لم يستطيعوا أن يدخلوا ويتمتعوا بالترنيم والأحاديث. وفي المساء أمست ماي حزينة لأن رفقاءها الأقل حظا لم يتسن لهم الحضور والإستماع إلى الأخبار السارة بشأن يسوع، صديق الأولاد، من ثم قضت الايام والليالي تصلي من أجل مكان أوسع وأرحب. إلا أن الصغيرة كانت ضيقة وتوفت بعد سنتين من انتمائها إلى المدرسة الأحدية. وبعد الدفن أرسل والداها وراء القسيس، ولما جاء ذاك ناولاها حقيبة حمراء بالية وجداها تحت وسادة ابنتهما. ففتح القسيس الحقيبة ووجد فيها 57 غرشا مع ورقة مكتوب عليها «هذا لبناء كنيسة أكبر، حتى يأتي عدد أوفر من الأولاد لمدرسة الأحد».
وفي الأحد التالي أخذ القسيس تلك الحقيبة معه الى المنبر، وبدأ يسقط الـ 57 غرشا في الحقيقة واحدا فواحدا. ثم أخبر المستمعين عن الفتاة الصغيرة ومدى سخائها وقرأ عليهم رسالتها الوجيزة. فتأثر الجميع، وفي نهاية الخدمة تقدم أحد الحضور وقدم قطعة أرض كتبرع للكنيسة مقابل دفع تافه أي 57 غرشا.
فانتشر خبر «غروش ماي» وقطعة الأرض الموازية في الصحف اليومية، وقدّم الكثيرون تبرعاتهم من أماكن قريبة وبعيدة. وهكذا بنوا الكنيسة المعمدانية المزودة بثلاثة آلاف مقعد مع قاعة كبيرة مخصصة لصفوف مدرسة الأحد. كل هذا لأن فتاة صغيرة مجهولة اهتمت بعمل الرب وبحاجة الآخرين، فصلت وأعطت كل مالها.
لدينا المجال في جميع الأحوال أن نعطي بسخاء أو لا نعطي. فالرب يحب المعطي السخي حسب قوله لنا: «مغبوط هو العطاء اكثر من الأخذ» (أعمال 20: 35).