الخير الذي نصنعه يعود علينا والشر الذي نعمله يرتد علينا

في أيام الحرب العالمية الثانية كانت الأم الأرملة تقوم كل يوم بصنع الخبز وخبزه على حسب حاجتها
وتقضي أيام الشتاء القاسية في تلك البلدة الصغيرة وهي تنتظر رجوع ابنها الشاب الذي ذهب للمشاركة في الحرب في ذلك الوقت
وفي أحد الأيام قرع باب منزلها رجل عجوز ففتحت الباب وسألته:
كيف لي أن أساعدك يا عم؟
فقال:أريد رغيفا من الخبز أسد به جوعي.
فأعطته من الخبز الذي كانت قد خبزته منذ عدة دقائق
فسر الرجل من عملها وقال لها:
يا ابنتي,احفظي هذا الكلام , الخير الذي تصنعيه يعود عليك والشر الذي تعمليه يرتد عليك.
استغربت المرأة من كلام هذا الرجل ولم تعره اهتماما ورحل الرجل عن كوخها الصغير.
وفي اليوم التالي جاءها ذلك الرجل أيضا فأعطته رغيف خبز وكرر لها نفس الكلام.
وأصبح يزورها كل صباح ويكرر نفس الكلام
وأحست المرأة أن غياب وحيدها قد طال فأخذت تساورها الشكوك والمخاوف
وفيما هي تائهة حائرة وغائصة بأفكارها قرع الباب ففزعت وهمت مسرعة وهي تظن أن ابنها قد عاد
وإذا به الرجل العجوز نفسه وبينما كانت ذاهبة لتجلب له رغيف الخبز قالت في نفسها:لقد مضى وقت طويل وهذا الرجل يزعجني بكلامه التافه سأضع له السم في الخبز وأنتهي منه
فوضعت السم في الخبز ووضعت الأرغفة في الفرن ثم أخرجتها وذهبت حاملة الرغيف المسموم لتعطيه للرجل
ولكن,ضميرها وبخها وأحست يثقل العمل الذي هي مقدمة عليه
فرمت الرغيف المسموم وأعطت الرجل من الخبز الصالح وبعدها رحل الرجل وغاب لأيام ولم يعد يزورها
وفجأة ذات صباح قرع الباب وإذا بابنها عائد من سفر طويل ومشقة وقد تغيرت ملامحه حتى أنها بالكاد قد عرفته
فقال لها الابن: أشكر الله أني وصلت أخيرا لأراك يا أمي وكم قد رأيت الموت مرات ومرات وفي آخر المطاف وأنا في طريق العودة لم يبقى معي طعام ومشيت أياما أخرى إلى أن سقطت على مسافة عدة أميال متبقية وكنت أنتظر الموت وقد يئست من رؤياك
إلى أن أنقذتني يد القدير بواسطة رجل عجوز أعطاني رغيفا من الخبز ولولا هذا الرغيف ما كنت الآن واقفا أمامك
فصمتت الأم وتذكرت كلام الرجل العجوز عن الخير والشر
وتذكرت أيضا الرغيف المسموم الذي لو أعطته للرجل العجوز في ذلك اليوم لما رأت ابنها الآن أمامها
فسقطت على الأرض وهي تبكي وتطلب من الله المغفرة وتشكره على رجوع ابنها سالما

جميلة اووي ..