رشا خـادم أم النــور
المزاج : كوووول الهواية : [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td][أولاد أم النور][/td][/tr][/table]
| موضوع: إنها الثورة فعلا، ومين عارف لعله الانقلاب! الخميس 05 أبريل 2012, 9:58 am | |
| إنها الثورة فعلا، ومين عارف لعله الانقلاب!
فالأمر يعود بى إلى مكالمة منتصف الليل بعد الثورة بشهور قليلة، حيث جاءتنى مكالمة عضو المجلس العسكرى مفاجئة، فيبدو أننى قلت شيئا لشباب الثورة دفعه للاتصال بى، معتبرا أننى هاجمت المجلس العسكرى بقسوة، فأراد طبقا لما بدأ به مكالمته أن يحاورنى بصراحة، هو نفس اللواء الذى أحبته مصر يومها حين ظهر فى بيان من البيانات، وقد أبدى احتراما وتبجيلا لشهداء الثورة، فصارت قلوب المصريين أسيرة للرجل قبل أن يفرج عنها من الأسر بتصريحات وبيانات مسحت صورته الشهيرة، كان متحمسا ومخلصا وصريحا جدا فى المكالمة التى استمرت من منتصف الليل إلى الثانية صباحا فى مناظرة تليفونية عجيبة، كان واضحا فيها أن كل واحد فينا جاء من كوكب آخر، وقد ثار ضدى ملتزما بمنتهى التهذيب، وواصلا إلى أعلى درجات الحماس العصبى حين قلت له بوضوح:
يا سيادة اللواء إن كل ما يفعله المجلس العسكرى من قرارات ومواقف وقوانين يصب فى مصلحة الإخوان المسلمين، ويقود إلى شىء واحد فقط، وهو أنكم تسلمونهم حكم مصر.
كنا وقتها فى موجة قانون الانتخابات بعد قانون الأحزاب، وقد طال هجومى على القانونيين حدًا لم يحتمله الرجل، ثم أنهيت بجملتى السابقة، فاشتعل غضبه المخلص، وقال حاسما الأمر ليخرسنى تماما:
على جثتى لو سلمنا البلد للإخوان المسلمين.
ولما أحس أن حماسه أوصله إلى حدود الأسلاك الشائكة، قال:
ولا لأى تيار أو جماعة.. هذه مصر يا أستاذ إبراهيم.
لعل هناك من يخبر اللواء الآن أننى أسأله (فهو فى الغالب لا يقرأ.. أو لا يقرأنى!):
أليست هى مصر يا سيادة الجنرال التى سلمتموها تسليم مفتاح للتيار الدينى، دون أن يمر التسليم والحمد لله على جثة سيادتك، بل مر على جثثنا جميعا؟
على مدى كل الشهور التالية كان ما يفعله المجلس العسكرى هو نفس ما فعله منذ اليوم الأول لتوليه إدارة البلاد، وهو تسليم البلد للإخوان المسلمين، هل لأنه كان يريد ذلك أو لأنه قاصر سياسيا وفاشل تماما فى إدارة البلد؟ هل لأن هواه دينى؟ هل لخلايا نائمة أو ناعسة هنا أو هناك؟ هل لأنها صفقة مشؤومة ينال فيها كل طرف نصيبه؟ هل لأن الإخوان أذكى منه؟ كل هذا وارد جدا، لكن أكثر ما يجعل الأمر صفيقا فعلا، هو ترشيح خيرت الشاطر للرئاسة!
المفارقة المحزنة هنا أنه كما دفعت مصر ثمنا غاليا جدا، بل لا أبالغ حين أقول إن الأمة العربية والعالم الثالث كله دفعوا ثمنا فادحا لهذه الصداقة القاتلة والعلاقة المركبة بين جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر التى كانت سببا رئيسيا فى نكسة يونيو، فإن مصر -ولعلها كذلك الأمة العربية- ستدفع ثمن الصداقة المجهضة والغيرة القاتلة بين خيرت الشاطر وعبد المنعم أبو الفتوح التى أغرقت جماعة الإخوان فى وحل سياسى وأخلاقى.
تستند الجماعة فى كذبها ونفاقها وتراجعاتها ونكثها العهود ومخالفتها الوعود طيلة الشهور الماضية إلى أنها حصلت على أغلبية الأصوات فى الانتخابات، وما دامت هى انتخابات ديقرطية نزيهة، فإنها إذن حصلت على ثقة وشرعية الشعب، ومن ثم تعمل اللى هيه عايزاه طالما الشعب هو اللى عايزها، والرد على هذه الحجة القوية أننا بصراحة لا نعتبرها لا انتخابات ديمقراطية ولا عادلة، وأنه لا يمكن أن تكون هناك انتخابات عادلة فى وجود حزب دينى ينافس حزبا مدنيا، ومع احترامنا الكامل لإرادة الشعب فهى مسلوبة تماما حين تكون المنافسة بين من يقولون عن أنفسهم بتوع ربنا، وإن الآخرين بتوع البتاع، لكن هذا الرد لا يخص الإخوان ولا «العسكرى»، ويعتبرونها حجة البليد الخايب، لكن الحقيقة أن الإخوان بكل ما يفعلونه من غطرسة وغرور وبطش باسم الأغلبية مدينون سياسيا وتاريخيا للمستشار فاروق سلطان الرجل الذى ربما سيأتى يوم يعلق فيه الإخوان صورته بجوار صورة حسن البنا المعلقة فى مكاتب الجماعة، فهو ومحكمته الدستورية يصمتان -فى توقيت يذهلك فيه الصمت- عن البت فى شرعية هذه الأغلبية المطعون عليها والمتهمة بعدم الشرعية، ويسمحان بصمتهما للإخوان بأن يعلنوا دولتهم بدستور وحكومة ورئيس.. دولة مصر الإخوانية. وليرتاح فى قبره حسن البنا فقد فعلها أحفاده.. وليرتاح فاروق سلطان فى محكمته، فحين سيصدر حكمه المتأخر لن يجد فى الغالب من ينفذه!
عن جريدة التحرير | |
|