رشا خـادم أم النــور
المزاج : كوووول الهواية : [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td][أولاد أم النور][/td][/tr][/table]
| موضوع: يوميات سائح ضرير في المحروسة بعد الثورة الإثنين 07 مايو 2012, 8:37 am | |
| يوميات سائح ضرير في المحروسة بعد الثورة | | <TABLE class=inner_date cellSpacing=0 cellPadding=0 border=0>
<TR> <td> </TD> <td> : </TD> <td> </TD> <td></TD> <td> </TD></TR></TABLE> | | | | <P id=_ctl0_ContentPlaceHolder1_imageDiv align=center> | | <TABLE cellSpacing=0 cellPadding=0 width="40%" align=center border=0>
<TR> <td>
</TD> <td width=90> </TD> <td width=26></TD></TR></TABLE> | عندما تحدث عن تاريخها كان افتتانه واضحا.. وعندما تعامل مع أهلها لمس الكرم والشهامة.. وعندما لمس رمالها وصفها بالذهب, أما عطورها وطعامها فقال إنها ملأت عليه حواسه..
<P align=justify> ورغم أن هذا السائح العاشق الضرير لبلادنا رأي ما جعله يدرك كم هي صعبة الحياة عليها إلا أنه عاد لبلاده ليكتب عما أسماه 48 ساعة استثنائية في بلاد ليس لها مثيل.
يوم واحد لرجل ضرير في شوارع القاهرة جعله يتندر كيف يستطيع المبصرون المشي فيها! هكذا بدأ السائح الكندي رايان نايتون الذي وصفته الصحف الغربية بالشجاعة كلمات مقاله الذي نشر في أكثر من موضع والذي كان محور اهتمام عدد من البرامج التليفزيونية التي استضافته ليحكي عن أيامه القليلة في القاهرة. سبب هذا الاهتمام الأساسي يأتي في إطار الشغف الذي لا يزال و الذي سيظل يسيطر علي الغرب فيما يتعلق بمصر وآثارها وتاريخها وثقافاتها وهو ما يطلقون عليه اسم الاجيبتومانيا, ولكن زاد من اهتمام الناس بهذا الرجل أنه وبالرغم من تحذير حكومته, اختار أن يسافر آلاف الأميال عبر الاطلنطي قادما من كندا بدون شخص يرافقه رغم أنه كفيف وذلك بعد ثلاثة أشهر فقط من قيام ثورة 25 يناير.
- من الطائرة إلي الميدان
يحكي السائح الكندي رايان نايتون البالغ من العمر 49 سنة كيف أن شغفه بمصر وما سمعه عنها ساقه للمجيء رغم عدم استقرار الأوضاع في تلك الفترة هناك في المنطقة ككل لدرجة أن الطائرة لم يكن فيها من الركاب سواه وامرأة عائدة مع أطفالها. كان أول وأبرز ما لفت نظر رايان هو شهامة المصريين وترحيبهم بالضيوف واستعدادهم لتقديم يد المساعدة, فبمجرد هبوط الطائرة, سأله القبطان إذا ما كان وحده, وعندما أجاب رايان بالإيجاب بابتسامة واسعة وواثقة,
رفض الرجل تركه وصاحبه حتي انتهي من إجراءات الجوازات واستلام الحقائب وأحضر له سيارة أجرة ووضع حقيبته بنفسه داخل السيارة و أرشد السائق للفندق الكائن في حي الزمالك. الصوت الصاخب للسيارات كان أول ما تعرف عليه رايان من ملامح شوارع العاصمة, ثم كان ميدان التحرير الذي أصر علي المرور به, ووصف إحساسه بالمكان الذي كان حديث العالم كله و رمزا لإرادة الشعب المصري الذي صبر طويلا ثم انتفض علي الظلم وأدرك أنه يستحق هو وأولاده مستقبلا أفضل يليق بشعب بعراقة وشخصية مصر فوقف وقفة رجل واحد واثق مما يريد. هذه كانت كلمات رجل كفيف البصر ولكنه قادر علي رؤية الوجه الجميل للميدان.
يستمر رايان الذي لا يخلو حديثه من الدعابة في سرد كيف كان يصر في كل مكان يذهب إليه أن يتجول وحده بدون أن يمسك بيده أحد. حدث ذلك في محيط الفندق الذي كان ينزل فيه رغم تحذير العاملين فيه له, وحدث ذلك عندما وصل إلي خان الخليلي حيث ابدع في وصف المشغولات التي تحسسها بيديه ليتغلغل في وجدانه الإحساس بجمال المهارة والدقة المكتسبة جيلا بعد جيل, كذلك أصر علي الاستعانة بعصاه فقط عندما وطئت قدماه منطقة الأهرامات
وهناك جثا علي ركبتيه ليصف الرمال بالذهب ويتغزل في صوت الرياح الموحي باتساع الصحراء والذي يحكي قصص التاريخ التي تتبعت علي أرضها هيبة الأهرام التي وصفها ولم يرها وعبق التاريخ الذي تغلغل فيه من مجرد الوقوف في المكان واستحضار ما جري به الدهر هناك والجمال الذي ملك عليه شغاف قلبه من ملمس الأرض وصوت الصحراء, كل ذلك يجعلنا نتواري من الخجل ونحن المبصرون نمر علي تلك المشاهد مرور الكرام ولا نشعر بعشر ما أحس به بدون بصيص ضوء واحد.
الإصرار نفسه علي المشي مستندا فقط علي عصاه كان عندما زار اثنين من المطاعم التي تقدم الوجبات المصرية الأصيلة والتي وصفها بأنها ذات رائحة نافدة ومذاق يتملك الحواس وخص بالذكر الكشري وحمص الشام والفلافل والملوخية التي قال عنها إنها أذهبت عنه عناء السفر! كل مكان ذهب إليه رايان أثناء زياراته كان يتحسس طرقه بعصاه وحدها لأنه بهذه الطريقة يتعرف علي حقيقة المكان أكثر المحزن أنه لم يجد بدا من الاعتراف بأنه بين كل حفرة والثانية كان يجد ثالثة, وأنه بالرغم من إعجابه بشهامة المصريين الذين كان دائما يجد منهم علي كل الأصناف والأشكال من يظهر فجأة ليلتقطه قبل أن يسقط أو يرتطم بشيء, إلا أن صعوبة الحركة وعدم شعوره بتوافر التيسيرات لمن يعانون نفس الإعاقة البصرية كل ذلك جعل سؤالا واحدا يلح عليه وهو: ما حال الكفيف في شوارع القاهرة؟
للإجابة عن هذا التساؤل قام صديقنا الكندي بالاتصال بسفارة بلاده وطلب أن يلتقي بنماذج مصرية من فاقدي البصر, فجأة اتصال بعد ذلك بفترة وجيزة من السيدة آمال فكري رئيسة جمعية النور والأمل التي أرسلت له سائقا ليصطحبه إلي مقر الجمعية حيث التقي بفتيات وصفهن بأنهن مدعاة للفخر, ففي كل غرفة كان يجد من لم تقف أمام إعاقتها عاجزة بل حاولت واستطاعت تسخير حواسها الباقية في دعم موهبة أو صقل مهارة لتصبح عنصرا فاعلا في المجتمع,
منهن من امتهنت التطريز وأخريات صناعة السجاد ووقف رايان مشدوها علي وجه الخصوص أمام الأوركسترا الموسيقي المكون من 37 فتاة كفيفة كل منهن اتقنت العزف بمهارة علي إحدي الآلات. عندما سأل رايان مديرة الموسسة السؤال الذي كان يحيره عن كيفية استطاعة الكفيف المصري المشي في الشوارع أجابت بأنه يستعين بالعصا التي لا يجد حرجا في استخدامها أمام الناس علي عكس الفتيات اللواتي يتحرجن كثيرا من هذه المسألة فيتحسسن الطريق بأيديهن إن استلزم الأمر, ولكنهن يلزمن الأماكن المغلقة والبيوت في أغلب الأحوال وهو من الأشياء التي وجدها رايان مؤلمة للغاية.
آخر محطة زارها الرجل كانت عروضا لفرق الشباب الموسيقية في ساقية الصاوي ليسجل بعدها إعجابه بموهبة الأجيال الجديدة في الدمج بين القديم والحديث وليغادر القاهرة الرجل الكندي الضرير الذي اختار أن يأتي سائحا لمصر في ابريل الذي أعقب الثورة ليكتب في الديلي ترافلر والأوبزرفر عما أحس به من جمال رغم صعوبة الحركة وعن أصالة الشعب المصري.
|
| |
|