رشا خـادم أم النــور
المزاج : كوووول الهواية : [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td][أولاد أم النور][/td][/tr][/table]
| موضوع: الراهب "موسيه" يعيش وحيدًا فى الجبل وينفق أمواله على الفقراء الثلاثاء 18 سبتمبر 2012, 2:53 pm | |
| عمره تجاوز الثمانين عامًا ومنذ ستة وعشرين عامًا يعيش وحيدًا منعزلًا أعلى جبل الدير بسانت كاترين، فى منطقة يطلق عليها المجفة، وعلى فترات متباعدة يسافر إلى اليونان وطنه الأصلى ليعود مرة أخرى لعزلته
يصلى ويتأمل ويدعو للعالم، فى الماضى قبل أن يشيخ جسده كان ينزل من معزله فى الجبل يحمل على كتفه أكياس الأرز والسكر والخبز ويقوم بتوزيعها على البدو الرحالة فى الوديان البعيدة، يفعل هذا كل يومين وعندما وجد الفقر مازال صامدًا.
اشترى من راتبه كراهب ماكينات تطريز وحياكة قام بتوزيعها على بدو الوديان ثم يشترى منهم ما يصنعونه، ومقابل بيع المنتجات للسائحين القادمين للدير، يمنحه مرة أخرى لسكان الوديان على شكل سلع غذائية، فهو ليس فى حاجة إلى المال وإنما كل ما يسعى إليه هو الحب وعندما سألته عن ثروته وما يفعل بما يمتلكه من أموال نظر إلى بشفقة، قائلًا: وهو ينظر إلى أعلى «الأموال عند الله» وقبل مغادرتى لعزلته، أحضر مقصًا وطلب منى الانتظار وذهب إلى وردة «بلدي» وحيدة، وقطعها وهو يقول: هذه هدية رمزية من اليونان إلى كل المصريين. إنه الراهب موسى الشهير فى كل أنحاء سانت كاترين «بموسيه» الذى قضى 26 عامًا من العزلة.
فى ظلمة لا ترى فيها أصابع يديك إلا من خلال خيوط نورية من النجوم التى انتشرت فى السماء التى كانت تغطينا فى الطريق المظلم والصامت ونحن نهبط جبل موسى رأينا من بعيد وفى قمة جبل الدير أضواء مرتعشة وكأنها نار، وعندما سألت مرافقنا «جميعى» ما هذه الأضواء أخبرنى بأنه مكان «موسيه» وروى لى حكايته، وعندما سألته كيف الطريق إليه أخبرنى أنه لا يمكن الوصول إليه إلا سيرًا لمدة ساعة ونصف، فى اليوم التالى بدأت المسيرة إليه.
امتدت رحلة الصعود إلى «موسيه» من ساعة ونصف إلى الساعتين بسبب ضعف نسبة الأوكسجين أعلى الجبل، والمنحنيات فى الممر الضيق الذى مهد بحصى مصقول حتى البوابة الخشبية العتيقة للمجفة، كان المكان يندرج على الأحجار الجبلية الضخمة التى بدت كبيض ديناصورات، والمكان عبارة عن أربعة أماكن مستوية تتصل بعضها بالأخرى بدرجات حجرية ضخمة، على جانبيها مجموعة من الزهور وأشجار الزيتون وفى الأعلى أماكن للجلوس عبارة عن «مصاطب» حجرية بأسقف من القماش المغزول بالصوف، وبعد أن ابتلعنا دهشتنا وإعجابنا بالمكان، وعندما تحول حواء الجبل فى نهاية النهار إلى الوداعة تحدث موسيه عن رحلته من اليونان إلى جبال سانت كاترين،
ولدت فى اليونان وتحديدًا فى كريت، وعشت كشخص عادى جدًا، ولكن هناك حلم دائمًا ما يراودنى فى نومى ويقظتى، أرى نفسى فى مكان بعيد وسط الجبال، وفى البداية لم ألتفت لهذا الحلم، ولكننى كنت أتمنى أن أصبح فى يوم من الأيام راهبًا فى مكان بعيد، ولم ألتفت إلى هذا الأمر إلا عندما لاحظت أن كل ما أطلبه من الله يحققه لي، فأدركت أن الله يحبنى، وفى أحد الأيام عندما كنت أقدم اعترافا للراهب فى اليونان، التقيت بأحد الرهبان وحكى لي عن زيارته لمدينة سانت كاترين، وأخذ يصف شكل جبالها وجوها الرائع، ولحظتها تأكدت أن مكانى هناك، وجئت إلى الدير منذ ثلاثين عامًا، وأعيش هنا فى الجبل منذ 26 عامًا.
وعما إذا كان ينتابه شعور بالوحدة أو الرهبة فى الجبل قال: لم أمر ولوحتى فى أيامى الأول هنا، بمثل هذه المشاعر، بل إننى أشكر الله يوميًا على أنه أتى بى إلى هنا، وأنا أحب أن أكون فى الجبل وحدى أمارس صلواتى ودعواتى للعالم بالسلام.
وحول قراءته ومتابعته للأحداث والأخبار «أنا لا أقرأ أى شيء سوى الإنجيل وسير الرهبان والقديسين القدامى، ولا أشاهد أى تليفزيون ولكننى أعلم أن الحياة بها صراع دائم، وأن المحبة تتضائل بين الناس وكل إنسان يريد كل شيء لنفسه فقط، ولهذا أدعو للعالم كله ولا أكره أحدًا، فالله وليس أوباما هو من خلق الناس، وبالتالى فنحن شيء عظيم، ومن يسيء ويخطئ اليوم، لابد أن يهديه الله فى يومًا من الأيام.
| |
|