رشا خـادم أم النــور
المزاج : كوووول الهواية : [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td][أولاد أم النور][/td][/tr][/table]
| موضوع: أنتم أقوياء .. بل الأقـوى ...... الأربعاء 26 سبتمبر 2012, 2:34 pm | |
| الذى يملك السلاح يملك القوة ، واذا هذا السلاح هو من نوعية فريدة جدا هذا السلاح هو الله الذى جعل اسكافيا يستطيع ان ينقل جبلا من مكانه ،اقرأوا التاريخ لتمتلئوا قوةوثقة فى وعود الهنا ، والذى يملك هذا السلاح الفريد لا يخاف ، وكيف يخاف ومعه وعد الهى .. بل اكثر من وعد .. هذا المقال لنتذكر كيف كان اجدادنا .. ربنا موجود .. وهذا هو سلاحنا وليس سلاح اعظم من هذا ، فإن وعود الله صادقة وأمينه . " كما كنت مع موسى اكون معك لا اهملك ولا اتركك .. تشدد وتشجع " .
القديس العظيم أثناسيوس الرسولى احد الشخصيات التى يفخر بها التاريخ القبطى والتى تكاد نوعية هذه الشخصية تختفى من الوجود القبطى منذ الغزو العربى عام 642 م لمصر ، وبين الحين والآخر ينجب لنا الشعب القبطى مثل تلك الشخصية العظيمة ، وانجب جيلنا شخصيتين مثل اثناسيوس .. هما المتنيح القمص بيشوى كامل ومثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث الذى لقبه جيله بشنودة ذهبى الفم .
ويذكر المؤرخ الانجليزى ادوارد جيبون فى كتابه "اضمحلال الامبراطورية الرومانية وسقوطها" صفحة 757 يقدّم لنا وصف شيق عن الأقباط حيث يقول " ... وفى الحق ان اثناسيوس نجا من أشد الأخطار احداقا به ، ولا شك ان مغامراته تسترعى انتباهنا وتستحق اهتمامنا ، ففى تلك الليلة المشهودة التى هاجمت فيه قوات سيرانيوس كنيسة ثيوناس ، كان رئيس الاساقفة (اثناسيوس)جالسا على عرشه ينتظر مجئ الموت فى وقار هادئ جرئ ، وعندما قطعت صيحات الغضب وصرخات الفزع حبل الصلاة العامة ، وإرتعدت فرائص المصلين ، طلب منهم ان يعبروا عن ثباتهم الدينى بإنشاد احد مزامير داود الذى يذكر فيه انتصار رب اسرائيل على طاغية مصـر الضال المتشامخ ، وأخيرا حطم العدو الأبواب وأطلق سيلا من السهام على الناس ، واندفع الجنود بسيوفهم المسلولة نحو الهيكل المقدس ، وكانت المصابيح المقدسة المشتعلة حول المذبح تعكس بريق دروعهم المخيف، وظل اثناسيوس يرفض لجاجة الرهبان والقساوسة المحيطين به الذين الحّوا عليه فى ورع وتقوى ان يغادر المكان ، وأبى عليه نبله ان يترك مكانه الاسقفى حتى يخرج آخر فرد من المصلين ، ثم واتته فرصة الظلام والجلبة ومكنته من الانسحاب ، ومع ان الجمهور المرتبك المضطرب كاد يدهسه ويطغى عليه ، ورغم انه وقع على الارض وفقد الحس والحركة ، إلا انه استرد شجاعته التى لا تقهر وتسلل من الجنود الذين كانوا يجدّون فى البحث عنه ، والذين كان اتباع أريوس قد اوحوا اليهم بأن رأس اثناسيوس سوف تكون أحب هدية الى الامبراطور ، ومنذ تلك اللحظة غاب اسقف مصـر عن عيون اعدائه ، وظل أكثر من ست سنوات يحف به ظلام دامس لا تنفذ اليه الانظار .
ويستمر ادوارد جيبون فى كتابه يصف موقف الشعب القبطى فيقول " واستخدم الامراء والولاة والتربيونات جيوشا بأكملها لمطاردة الاسقف الهارب ، ولقد أثارت المراسيم الامبراطورية يقظة السلطات المدنية والعسكرية ، كما خصصت مكافأة سخية ’وعـد بها اى رجل يجئ بالاسقف حيّا او ميّتا ، وانذر كل كل من يجرؤ على حماية العدو العام (اثناسيوس) بأشد العقوبات ...وعندما كانت الاماكن النائية التى يلجئون اليها تتعرض لغزو قوة عسكرية يستحيل مقاومتها ، كانوا يقدمون رقابهم فى سكون وصمت الى الجلاد ، مظهرين بذلك طابعهم القومى وهو ان التعذيب لا يستطيع ان ينتزع من مصرى اى اعتراف بسر عقد العزم على عدم إفشائه ، ولقد كرسوا حياتهم فى غيرة وحماس لسلامة اسقف الاسكندريةالذى غاب عن الانظار وسط جمهور منظم متحد ، وعندما كان يقترب الخطر ، كانت ايديهم الرحيمة تبادر الى ابعاده من مخبأ الى مخبأ " .
المقال التالى هو كلمة قداسة البابا شنودة الثالث
التى القاها فى عشية عيد ذكرى انتقال
القديس العظيم اثناسيوس فى عام 1973
بسم الآب والإبن والروح القدس الله واحد آمين
لست ادرى ايها الاخوة الأحباء وأيها الأباء الأفاضل كيف استطيع ان اتكلم وانا واقف الى جوار رفات القديس اثناسيوس ، امام اثناسيوس يصمت الكل ويتكلم هو ونحن الآن نقف امام ذكريات التاريخ الخالدة لكى نحاول ان نستوحى من عبقرية هذا الانسان الخالد كلمة لأفواهنا .
وأود ان احدثكم اليوم بعض الشئ عن اثناسيوس الرسولى .
اثناسيوس ايها الاخوة تاريخ طويل لو اردنا ان نتكلم عنه لا تكفينا ايام وليال ، كل متكلم منا يود ان يتكلم عن نقطة بسيطة من هذا البحر الزاخر العظيم الذى لأثناسيوس ونترك لباقى المتكلمين ان يوفوا الموضوع لأنه لا يستطيع انسان ان يقول كل شئ عن اثناسيوس .
النبوغ المبكر:
اول نقطة نلاحظها فى حياة القديس اثناسيوس النبوغ المبكر ، بدأ القديس اثناسيوس عبقريته وهو فى الثانية عشر من عمره التاريخ الذى تعرف فيه على البابا الكسندروي السكندرى ، كان نابغا من صغره ، ونبوغه جر عليه كثيرا من المتاعب ، كان اكبر من سنه بكثير ، كان جيلا فى شخص واحد بل كان اكبر من جيل ، جيله كله كان اصغر منه ، هذا الشاب الصغير جمع تربية من مختلف النواحى وانتصر على كل العقبات التى وقفت فى طريقه ، فرغم الظروف التى احاطت باثناسيوس وعاش فيها فقد صار أباً للكنيسة كلها ، جمع بين الثقافة اللاهوتية على اساتذة الاسكندرية الكبار ، كتبهم واشخاصهم وجمع ايضا بالاضافة الى الثقافة اللاهوتية التربية الروحية الرهبانية على يد اكبر أب فى الحياة النسكية وهو القديس انطونيوس ولذلك فان من يقرأ كتابات اثناسيوس يرى فيها اللاهوت الممزوج بالروحيات ، بعض اللاهوتيين يكتب بطريقة عقلية جافة أما اثناسيوس فحين تقرأ له لا تستطيع ان تدرك هل هذه الكتابة لاهوت أم روحيات أم فلسفة ام تفسير للكتاب ام كل هذا معا ، لقد جمع بين اللاهوت والرهبنة ، بين العقل اللاهوتى العميق وبين الروح النسكى الرهبانى وكان وهو شماس جبارا فى جيله استطاع فى سنه المبكرة الصغيرة ان يؤلف كتبا ضخمة اكبر من سنه ، كتابه الكبير الرسالة الى الوثنيين وكتابه تجسد الكلمة من الكتب التى الفها فى شبابه المبكر ، بل انه وهو شماس صغير استطاع ان يقف فى مجمع نيقية كجبار لا يدرك احد مدى جبروته ، تصوروا مجمعا مكونا من 318 من الاباء الاساقفة رؤساء الكنائس ومندوبيها ويكون الشماس اثناسيوس هو البارز وسطهم جميعا ، كان اكثر شهرة فى هذا المجمع من البطاركة ورؤساء الاساقفة والاساقفة واكثر شهرة من علماء اللاهوت ، كان هو بطل مجمع نيقية وهو ما زال شماسا ، انه نبوغ مبكر من اجل هذا النبوغ المبكر وصل اثناسيوس الى كرسى خلافة مار مرقس وصار بابا وبطريرك الكرازة المرقسية وهو لم يبلغ بعد الثلاثين من عمره كشاب صغير ، نبوغ مبكر عجيب فى حياة اثناسيوس لابد ان يرجع لذكاء خارق للعادة فضلا عن المواهب الالهية التى كانت بلا شك تقوى هذا الذكاء وتنيره بالروح القدس .
الصمود الجبـار :
ثانى نقطة الصمود الجبار : اثناسيوس رجل لم يعرف اليأس اطلاقا ، لم يكن يعرف الفشل ، كان قويا جبارا فى صموده مهما وقفت ضده العقبات والعراقيل فقد وقف ضده الاباطرة ، الامبراطور قسطنطين مع كل ما نحمده فيه من حمايته للمسيحية فى كثير من المواقف الا انه وقف من اثناسيوس موقفا عنيفا شديدا وامر بنفيه الى تريف ، قسطنطينوس كان عنيفا جدا ضد اثناسيوس وحكم عليه بالنفى اكثر من مرة ، يوليانوس الجاحد الامبراطور الذى جحد الايمان المسيحى كان ايضا ضد اثناسيوس ، وهؤلاء جميعا وقفوا ضده لكنه كان اقوى منهم جميعا ،كان الاباطرة يملكون السلاح ويملكون القوة ويملكون الاوامر ام هو فكان يملك الايمان المجرد الاعزل الذى كان اقوى من جميع اسلحتهم ، كان يقول عبارته المشهورة " إن الذى يحمينا اقوى من الذى يضطهدنا " ، كان يدرك قوة الله العاملة معه لذلك وقف فى صموده العجيب ، ان قيل لكم ان القديس اثناسيوس الرسولى جلس على كرسى مار مرقس حوالى 45 ، 46 عاما فاعلموا انه جلس من ناحية الخلافة فقط اى من ناحية المركز الكهنوتى ، لكن كرسى مار مرقس ككرسى كان بعيدا عنه عشرات السنوات عاش خلالها مشردا منفيا هاربا يحتمل الضيق كل الضيق فى صمود وفى قوة وفى صلابة ، فى اعصاب هادئة ، فى نفسية مستريحة ، فى روح مطمئنة الى عمل الله فيه ، ولم يكن ضده فقط الاباطرة انما كان ضده الاريوسيين بكل قوتهم وعنفهم وبكل ضلالهم وفسادهم وبكل مؤامراتهم وتهمهم التى كانوا يكيلونها له كيلا ، اتهموه بالزنى ، اتهموه بالقتل ، اتهموه بالهرطقة ، اتهموه بالوقوف ضد الدولة ، اتهموه بأمور عديدة ، عزلوه عن كرسيه ، حكموا عليه بالحرم ، عقدوا المجامع ضده ، ، شردوه ، هيجوا عليه الولاة والحكام ، كانوا قوة عنيفة ، كان أب اعتراف الامبراطور آريوسيا ، كانت حاشية الامبراطور آريوسية تميل ضد اثناسيوس فماذا كانت النتيجة ؟ كانت النتيجة ان اثناسيوس ذهب الى العاصمة وكان الامبراطور قسطنطين يحاول ان يتهرب من مقابلته فوقف فى طريق موكب الامبراطور وهو متخف فى زى راهب بسيط واتى الامبراطور ممتطيا صهوة جواده ، فاعترض اثناسيوس طريقه وامسك بالجواد فى الطريق وقال " قف ياقسطنطين لى كلمة معك " وذهل الامبراطور ونظر بدهشة الى المتكلم فاذا به اثناسيوس فأخذه وتفاهم معه فلما اقنعه اثناسيوس بقضيته حكم ببراءته وارجعه مكرما الى كرسيه ، كان رجلا قويا لا يعرف للخوف معنى ، لا يخاف ولا يهاب أحدا ، لا يهاب جمهورا ولا يهاب جيشا ، لا يهاب المنفى ولا السجن ولا العزل ولا يهاب الحرمان ولا المجامع .
الشجاعة والثبات واليقين :
هذا هو اثناسيوس الصامد الجبار القوى الذى امسك بدفة الايمان يحميها من البدع والهرطقات ووقف ضد العالم وحيدا يحمى العالم من نفسه ويحمى الايمان من العالم ، رجل يتميز بالصمود وبالشخصية الصامدة ، نسمع عن الكثيرين من الجبابرة اباء الكنيسة المشهورين سقطوا فى الصراع الاريوسى خافو امام المذابح وامام الاضطهادات اما اثناسيوس فكان من القلائل النادرين الذين لم يخافوا ، واستطاع ان يبعث شجاعته فى كل قلب ، لم يكن شجاعا فقط وانما كان مصدر للشجاعة تتدفق منه الى كل قلب خائف فتقويه ، هكذا كان اثناسيوس .انه درس فى الثبات على الايمان ، درس فى اليقين قلب واثق من الداخل لم يهتز ولم يتأرجح ولم يساوم فى الايمان ولم يتنازل عن الايمان المسلّم له من القديسين ، لقد كان جبارا فى عقليته ، يشرح ويعلم ويرشد حتى لقبوه بمعلم الكنيسة ، انه يذكرنا بأبائنا البطاركة الجبابرة فى التعليم الذين لم يقتصروا فقط على الصلاة ولا على الرعاية والافتقاد وانما كانوا جبابرة فى التعليم ينفذون كلمة الكتاب " من فم الكاهن تطلب الشريعة " .
أعدائه الجبابرة :
كان اصحاب الرأى فى الدولة آريوسيين وقفوا جميعا ضده بكل عنف بل وقف ضده ايضا اشخاص مطارنة خونة من ايبارشيته من اساقفة الكرسى المرقسى ممثلين فى ميليتس ومن تبعه واضطروا كثيرين من احبابه ومن اصدقائه ان يوقعوا ضده خوفا وجبنا ، حاربوا شعبه محاربة مرعبة ، ذبحوا الالاف داخل الكنيسة ، طارادوه فى كل موقع حتى قيل له يااثناسيوس العالم كله ضدك فقال كلمته الخالدة " وانا ضد العالم " لذلك سموه اثناسيوس ضد العالم CONTRA MONDUM وقف اثناسيوس ضد العالم ووقف ضد العالم غير خائف من شئ ، أعصاب من حديد ، ايمان من نور ونار ، روح من السماء لا من الارض ، كان القوة التى ترفع من معنويات الشعب المضطهد الذى يذبح فى الكنائس ، كان وجه اثناسيوس الباسم المطمئن وهو يعزى ويرشد ويجول يثبت الناس فى الايمان فترتفع معنوياتهم الى فوق ، كان قوة جبارة قال عنه القديس اغريغوريوس الناطق بالالهيات " ان اثناسيوس هو الصخرة التى لم تقوى عليها ابواب الجحيم " ، كان صامدا ، كانوا يعقدون ضده مجمعا يحكم عليه بالحرمان فيظل يقابل الاساقفة ويسافر ويقنع ويعقد مجامع اخرى تحكم ببراءته وتؤيد الايمان النيقاوى السليم . لم يكن ييأس ، كم من حرمان صدر ضدك يااثناسيوس ولم تيأس ، كان الامبراطور احيانا يقف ضده ويأمر بنفيه ، ويحكم بعزله فماذا تكون النتيجة ؟ كان يذهب الى حيث يوجد الامبراطور ليقابله فى رباطة جأش بل وفى هيبة اثناسيوس وفى جلال اثناسيوس ولا يزال به حتى يقنعه
ويجعله يرجع عن حكمه .
محبــوه :
ولكنى لا استطيع ان اقول ان اثناسيوس كان محاطا بالاعداء فقط ، فكثيرين كانوا يحبونه من اعماقهم ، ويقدرونه من اعماقهم ، الامبراطور قسطنطين الصغير ، كتب عنه مرة قائلا " اثناسيوس انا شخصيا لم استطع ان اقاوم جاذبيته " ، عندما نفى اثناسيوس الى تريف كان .... قسطنطين الصغير لا يزال اميرا وأحب اثناسيوس جدا من اعماقه واتخذه معلما له وارسل الى ابيه قسطنطين الكبير يوصيه من اجل اثناسيوس ، الامبراطور قسطنطس فى الغرب ايضا كان يحبه وطلب منه ان يكتب له تفسيرا للكتاب المقدس كما كتب له يدعوه الى ميلانو وحل ضيفا مكرما عليه وارسل الى قسطنطينوس فى الشرق يوصيه باثناسيوس وتوسط فى عقد مجمع سرديكا من اجل حماية اثناسيوس وهذا المجمع برأ اثناسيوس فعلا، الامبراطور قونيانوس ايضا كان يحب اثناسيوس ويقدره وارسل اليه يقول " اننى معجب بشخصيتك القديسة وبصمودك " وارجعه الى بلاده من نفيه ، كان محبوبا من هؤلاء الاباطرة الذين كانوا يحبونه ، لم يعيشوا طويلا بعضهم عاش شهورا قليلة فقط ، لعلها ارادة الله لكى يجعل الاكليل الكبير الذى ناله اثناسيوس اكليلا اعظم وابهر لأن الله بسط طريق الالم امام اثناسيوس لكى يبسط امامه طريق المجد " ان كنا نتألم معه فلكى نتمجد ايضا معه " كما يقول الكتاب ، عجيب انه لم يوجد شخص كاثناسيوس دافع عن اللاهوت كما لم يوجد شخص اضطهد وعذب مثله من بين البطاركة .
حكمته وحماية الله له :
اثناسيوس كان حكيما واستطاع ان يفلت مرارا عديدة من الشباك والفخاخ المنصوبة له ، صدقونى كلما اقرأ قصته اشعر بأن يدا الهية كانت تمسه ، كم من مرة ارادوا قتله ولم يستطيعوا ، فى احد المرات عزم الامبراطور على قتله ودبر الامر تماما وذهب الى البطريركية الى مقر اثناسيوس المقيم به ذهب الى هناك ليجد الكنيسة فارغة وليجد مسكن اثناسيوس فارغا فيرجع فى خيبة مرّه ، السبب ان بعض رجال البلاط من محبى اثناسيوس سبقوا فأخبروه عن المؤامرة فترك الكنيسة ليأتيها الامبراطور دون ان يجد احد .
حب الشعب واخلاصه وامانته لقائده :
فى مرات اخرى ارادوا قتله وهجموا على االكنيسة وأمضوا فيها ذبحا اما اثناسيوس فحمله الرهبان وهربوا به ولم يستطيعوا ان يصلوا اليه ، وفى مرة اخرى صدر امر الامبراطور بنفيه لكن الشعب اجتمع بقوة عجيبة حول الكاتدرائية وقالوا لرئيس الجند لن تستطيع ان تصل الى البابا الا على اجسادنا جميعا ، سنستشهد واحدا واحدا ، ورجع رئيس الجند يقول للامبراطور لم استطع ، ونجا اثناسيوس ، كان اثناسيوس محبوبا من شعبه ، محبة لا يعبر عنها ، لا استطيع اطلاقا عندما اتكلم عن جبروت اثناسيوس فى حماية الايمان ان اغفل شعب اثناسيوس المحب له ، حين كانت تصدر الأوامر بقتله وبنفيه وبالقبض عليه كان يتجول آمنا فى شوارع الاسكندرية ، كل بيت من البيوت كان ملجأ له ومقراً ، كل الشعب يحميه ، كل الشعب يكتم عليه ، كل الشعب ، كل الشعب يخفيه ويعامله بمنتهى الاخلاص ويعامله بمنتهى المحبة ومنتهى الامانة مع هذا الشعب عاش اثناسيوس مؤمنا مخلصا جبارا فى ايمانه ، هذا الشعب تمسك بإيمان اثناسيوس الى الموت ، الآلاف كانوا يذبحون ولا يتركون اثناسيوس تناله ايد الجند او ايدى الامبراطور ، كانت القوى الغاشمة تعزل اثناسيوس وتعين بطريركا دخيلا فكان الشعب كله يرفض الصلاة مع البطريرك الدخيل لدرجة انه فى احد المرات هذا البطريرك الدخيل دخل الكنيسة فوجدها فارغة ، الشعب كله تركها وفضّل ان يذهب الى الصحراء ويصلى فى العراء على ان يصلى وراء هذا الدخيل ، كان امينا لإيمان اثناسيوس لأن اثناسيوس كان يمثل الشجاعة والصمود يمثل الحق المضطهد المنتصر ، كان الشعب يحبه حباً لا مثيل له ، عندما كان اثناسيوس يرجع من نفيه كان الشعب يقابله بمحبة لا يمكن ان يعبر عنها خاصة فى التفافه الكبير من حوله .
بطولة شعـب :
على انى لا استطيع ان اقول ان اثناسيوس كان الحامى الوحيد للإيمان لئلا يظن البعض انه لولا اثناسيوس لضاع الايمان ، كلا صدقونى ياأخوتى كل مصـرى فى هذه البلاد كان اثناسيوس آخر فى تمسكه بالايمان . حقا ان اثناسيوس كان يمثل البطولة القائدة ولكن الشعب ايضا كان يمثل البطولة المؤمنة ، البطولة الخاضعة لقائدها ، بطولة التمسك بالايمان وعدم الانقياد وراء الهرطقات ، وحماية البطل الموجود الذى حموه واطاعوه وتمسكوا به وفتحوا بيوتهم له .. كان اثناسيوس لا يعرف له مقرا ، فى بعض الأوقات اختفى فى مقبرة ابيه ، ومرة اختفى عند عذراء شماسة ، اختفى كثيرا فى الصحراء عند الرهبان ، وكما احبه الشعب كان ايضا الرهبان يحبونه كان بالنسبة لهم بطل الايمان وقائده القوى الوحيد الباقى ، وكان هناك اساقفة قديسون يحبونه ، نذكر منهم فى فخر كبير القديس بيلارى اسقف بواتييه الذى من حماسه الكبير للإيمان سمىّ اثناسيوس الغرب ، نذكر يوليوس اسقف ميلانو واسقف تريف نذكر كثيرين كانوا يحامون عنه ، القديس بيلارىاسقف بواتييه ارسل رسالة شديدة اللهجة للأمبراطور قسطنطينوس مدافعا عن اثناسيوس مظهرا له جرأة عجيبة ، كان كثيرون من الاساقفة يحمونه ويقفون بجواره ومصر فى ذلك الحين كانت عامرة بالآباء الاساقفة غير اساقفة الشرق والغرب ، فى احد المجامع التى حضرها وهو مجمع سرديكا اصطحب اثناسيوس معه 95 اسقفا من اساقفة مصر غير الذين بقو فى البلاد ، كانوا كثيرون يحبونه ولكنهم كانوا عزلا وكان كثيرون يحاربونه وكانوا اقوياء ولكن الرب كان معه ، كيف حفظ اثناسيوس رغم المؤمرات والدسائس ؟ هذه يد الله ، كيف حفظ رغم قيام كثيرين من الاباطرة ؟ هذه ايضا يد الله ، كيف حفظ اثناسيوس بينما كثير من العمالقة رضخوا للقوة ووافقوا الاريوسيين ؟ هذه ايضا يد الله .
فترات مبارك فى حياته :
صدقونى ان فترات نفيه كانت فترات مباركة للكنيسة فكثير من مؤلفاته كتبها وهوفى المنفى او اثناء هربه ، عندما نفى الى تريف شجع الإيمان المسيحى فى فرنسا وبلجيكا ، عندما ذهب الى روما هاربا من مصر قـوّى الحياة النسكية فى روما وكتب لهم حياة انطونيوس فإنتشرت الرهبنة حبا فى كتابات اثناسيوس وتأثّرا به . حينما كان يهرب الى الاديرة كان يكتب وعندما لم يجد ورقا ليكتب كان يكتب على الاحجار، على الشقاف ، الف كتابه المكون من اربعة اجزاء ضد الاريوسية وهو فى هروبه ، كتب رسائل عديدة جدا وألّف كثيرا من الكتب ، وهذا يدل على انه لم يكن مزعزا ، بل كان مستريحا يستطيع ان يؤلف وان يكتب ..
حياته كتاب واسع :
ان حياة اثناسيوس كتاب واسع كبير .. لقد وقفت قليلا على شاطئه احدثكم من على الشاطئ عن جمال هذا البحر العظيم ولكنى اترك للاباء الفضلاء والعلماء الافاضل الذين سيتكلمون بعدى ، اترك لهم الدخول فى هذا البحر الخضم، وعرض ما فيه من لؤلؤ ، ومن ذخائر ومن نفائس عليكم جميعا . ولتكن بركة اثناسيوس معنا ، لتكن معنا روحه القوية الصامدة المملؤة بالإيمان، ليكن اثناسيوس درسا لكل جيل ، درسا فى القوة الراسخة، وفى الايمان العميق ، وفى الفهم السليم للأمور اللاهوتية وعلى ايمان اثناسيوس وعلى ايمان كيرلس ندخل مع الكنائس فى مناقشاتنا اللاهوتية، اتذكر ان من الكلمات التى قلتها فى روما فى خطابى الى قداسة البابا بولس السادس " ان اثناسيوس نقطة التقاء بيننا نجتمع حولها جميعا ، هو ابونا وابوكم ومعلمنا ومعلمكم وخلفه كيرلس الكبير نقطة التقاء اخرى بيننا معلم كلينا وعلى ايمان اثناسيوس وكيرلس نتفق ونجد نقطة اتفاق نجتمع حولها . نرجوا ان يجعل الله القديس اثناسيوس وذكراه بركة لهذه الكنيسة وبركة لكل كنيسة وبركة لهذا الجيل وبركة لكل جيل ولإلهنا المجد الدائم الى الأبد آمين .
جرجس جودة جرجس
| |
|