طين الحمأة
انتظارًا انتظرت الرب، فمال إليَّ وسمع صراخي، وأَصعدني من جُب الهلاك، من طين الحمأة ( مز 40: 1 ، 2)
هذا التعبير في مزمور 40: «طين الحمأة» هو تشبيه بلاغي، يصور حالة الفساد والبُعد عن الله، ويذكِّرنا بتلك الحياة التي كنا نحياها قبل تعرفنا على ربنا يسوع المخلِّص والفادي. فكلمة «الحمأة» تقابل، بالتعبير الدارج، كلمة ”الوحَل“. ويُقال إن «الحمأة» هي عبارة عن الطين الأسود المتعفن. وهل نجد صورة أفضل من هذه، تكلمنا عما كنا عليه في خطايانا. فاللون الأسود يتكلم عن ظلام الجهل الذي كنا فيه، وعن عَمَى البُعد عن الله. والعَفَن يتكلم عن كل ما كانت تُصدره وتُنتجه طبيعتنا الفاسدة. وأفضل ما كان ينطبق على حالتنا وقتئذٍ هي كلمات مرثا لربنا يسوع المسيح عن أخيها: «قد أنتن» ( يو 11: 39 ).
لكن يا للعجب! فإن ابن الله الحبيب جاء إلينا، مدفوعًا بمحبةٍ قوية كالموت ( نش 8: 6 )، ووصل إلى حيث أوصلتنا خطايانا. وكان عليه أن يغوص ـ تبارك اسمه ـ في هذه الحمأة العَفِنة، لكي ينتشلنا من وَحَل ذنوبنا، إذ قيلَ عنه: «والرب وضع عليه إثم جميعنا» ( إش 53: 6 ). فلقد عُلِق ربنا على صليب العار ليأخذ عقابنا ودينونتنا.
حَمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة» ( 1بط 2: 24 ). فكم نحن مدينون لحَمَل الله الكريم، إذ بهذا العمل العظيم أصعدنا من طين الحمأة، وجعل في أفواهنا ترنيمة جديدة! فيا لعظمة، ويا لروعة محبة بلا حدود، أكبر وأوسع من كل التصورات
يا ليتنا نتفاعل بصدق مع هذا الحب الكبير، فنُكرم ونقدِّر سيدنا الغالي، فنحيا لأجله حياة الأمانة، والتكريس
الحقيقي
ونقول هذا المزمور مع داوود
المزمور الأربعون
لإمام المغنين. مزمور لداود
(مز 40 : 1). انتظارا انتظرت الرب فمال إلي وسمع صراخي
(مز 40 : 2)وأصعدني من جب الهلاك من طين الحمأة وأقام على صخرة رجلي. ثبت خطواتي
(مز 40 : 3)وجعل في فمي ترنيمة جديدة تسبيحة لإلهنا. كثيرون يرون ويخافون ويتوكلون على الرب.
(مز 40 : 4)طوبى للرجل الذي جعل الرب متكله ولم يلتفت إلى الغطاريس والمنحرفين إلى الكذب.
(مز 40 : 5)كثيرا ما جعلت أنت أيها الرب إلهي عجائبك وأفكارك من جهتنا. لا تقوم لديك. لأخبرن وأتكلمن بها. زادت عن أن تعد.
(مز 40 : 6)بذبيحة وتقدمة لم تسر. أذني فتحت. محرقة وذبيحة خطية لم تطلب.
(مز 40 : 7)حينئذ قلت: "هئنذا جئت. بدرج الكتاب مكتوب عني
(مز 40 : 8)أن أفعل مشيئتك يا إلهي سررت. وشريعتك في وسط أحشائي".
(مز 40 : 9)بشرت ببر في جماعة عظيمة. هوذا شفتاي لم أمنعهما. أنت يا رب علمت.
(مز 40 : 10)لم أكتم عدلك في وسط قلبي. تكلمت بأمانتك وخلاصك. لم أخف رحمتك وحقك عن الجماعة العظيمة.
(مز 40 : 11)أما أنت يا رب فلا تمنع رأفتك عني. تنصرني رحمتك وحقك دائما.
(مز 40 : 12)لأن شرورا لا تحصى قد اكتنفتني. حاقت بي آثامي ولا أستطيع أن أبصر. كثرت أكثر من شعر رأسي وقلبي قد تركني.
(مز 40 : 13)ارتض يا رب بأن تنجيني. يا رب إلى معونتي أسرع.
(مز 40 : 14)ليخز وليخجل معا الذين يطلبون نفسي لإهلاكها. ليرتد إلى الوراء وليخز المسرورون بأذيتي.
(مز 40 : 15)ليستوحش من أجل خزيهم القائلون لي: "هه هه!"
(مز 40 : 16)ليبتهج ويفرح بك جميع طالبيك. ليقل أبدا محبو خلاصك: "يتعظم الرب".
(مز 40 : 17)أما أنا فمسكين وبائس. الرب يهتم بي. عوني ومنقذي أنت. يا إلهي لا تبطئ.