إني أخشى أن أكون غاشاً لنفسي فأظن إني خالص بينما أنا لست كذلكمن كل ألوان الخداع، ربما كان خداع النفس هو أكثر ما نخشاه خاصة الخداع الديني، فما أكثر أضراره.
لكن هناك شيء واحد مؤكد، هو إنك يمكن أن تُغَش وتُخدع فقط من شخص أو من شيء تثق فيه.
لقد ظن حنانيا وسفيرة أن يخدعوا الرسل، لكن بطرس لم ينخدع منهما لأنه لم يصدقهما. والحية همست في أذني حواء بكذبة فانخدعت بهمستها لها وصدقتها. فإن كنت تتفادى النتائج الرهيبة لخداع النفس، فاحذر هذا الفخ العادي- فخ المشغولية بالذات.
إن ذاتك لا تستطيع أن تخدعك إن كنت لا تصدقها، ولذلك نحن نحذرك منها. والقلب البشري بحسب الطبيعة قد استعلن بواسطة الرب الذي وحده يعرفه تمام المعرفة... إنه "أخدع من كل شيء..." (أي1: 9) وحسناً ما قاله سليمان... "المتكل على قلبه هو جاهل" (أم28: 26).
في غرب إنكلترا اتخذ البنوك شعاراً مالياً وطبعه على أوراق النقد الصادرة منه. كان ذلك الشعار يقول: "انسج الحق بالثقة" والفضل في هذا الشعار يكمن في هذه الحقيقة إن "المظاهر لا يمكن أن يوثق بها".
عندما تقدم أليآب بن يسى نحو صموئيل عندما رأى منظره "إن أمام الرب مسيحه" فقال الرب لصموئيل "لا تنظر إلى منظره وطول قامته لأني قد رفضته. لأنه ليس كما ينظر الإنسان لأن الإنسان ينظر إلى العينين وأما الرب فإنه ينظر إلى القلب" (1صم16: 7).
إن المنظر الخارجي خدع اسحق بن إبراهيم. لقد جاءه يعقوب وفي يده أفخر أنواع الطعام زاعماً أنه عيسو وطالباً بركة أبيه وبذلك خدع أباه. ولو أن اسحق نسج الحق بالثقة ما انخدع.
قد يسأل القارئ وكيف نعرف الحق؟ والجواب في (يو17: 1) "كلامك هو حق"، و"رأس كلامك هو حق" أي من البداءة كلامك هو حق (مز119: 160) أتريد أن لا تنخدع؟ اعرف هذا "سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي" (مز119: 105) و "فتح كلامك ينير يُعقّل الجهال" (119: 130).
أتريد أن يكون الحق وحده صافياً من أي غش بشري؟ "كل كلمة من الله نقية ترس هي للمحتمين به. لا تزد على كلماته لئلا يوبخك فتكذب" (أم30: 5و 6) وأيضاً "الحق كما هو في يسوع" (أف4: 21)، المسيح قال "أنا هو الحق" (يو14: 6). "والنعمة والحق بيسوع المسيح صارا" (1: 17).
قال واحد من المؤمنين: عندما تأتي إلى كلمة الله، حسن أن تذكر أشياء ثلاثة هي:
1- لا تضيف شيئاً عليها. 2- لا تحزف منها شيئاً. 3- لا تغبر فيها شيئاً
في إحدى محطات السكة الحديد بمدينة ما، كان يجلس ثلاثة في غرفة مسئول المحطة، وكان الثلاثة بملابسهم الرسمية للعمل. رجل بوليس وجندي وناظر المحطة. فتطلع رجل البوليس إلى الساعة المُعلقة على الحائط وأشار إلى ورقة بيضاء موضوعة على زجاج الساعة، قائلاً ماذا يعني ذلك؟
فقال ناظر المحطة لأن الساعة لا تعمل بدقة، ويمكن لأي شخص أن ينخدع بها، لذلك لصقت هذه الورقة على واجهتها. لكن إذا أردت أن تعرف الوقت بدقة. قال الناظر وهو يخرج ساعته من جيبه، ويمكنني أن أخبرك الآن، فالباقي ثلاث دقائق على موعد القطار.
يا لها من حساسية مطلوبة، فقد تعلم بالإختبار أن ساعة المحطة لا يجب الوثوق منها، وعليه تصرّف كما يجب. كذلك فالنفس المشغولة بذاتها لتتعلم الدرس من ناظر المحطة، وتكتب على المشاعر والعواطف " لا يجب الوثوق بهما". ولكن هذا لا يعني أن كل العواطف والمشاعر خاطئة، كلا.
إننا لا نتكلم ضد مشاعر السعادة التي تنتابنا، وفي ذات الوقت ى نقول أن هناك خطأ ما في سلوك المؤمن أو في طرقه إذا لم يشعر بالسعادة.
ما نريد أن نقوله، إذا أردت ألا تكون مخدوعاً بذاتك فلا تثق في نفسك بأي طريقة. ولا تسترح على ما يثق به عقلك، ولا على كل مشاعر السعادة كذلك. إننا نُسرَ بهما ولكن حالما ننشغل بهما أكثر من مشغوليتنا بالمسيح يصبح من الضروري أن نطرحهما بعيداً. وإلا ففي هذه الحالة نتخبط وكأننا في بحر مضطرب من الشكوك والهواجس بلا قيادة أو توجيه
عن كتاب " نور للنفوس الحائرة" تاليف جورج كتنج