السلام لمريم الثيئوتوكس الكنز الثمين الذي وجده العالم [ السلام لمريم الثيئوتوكس ،
الكنز الثمين الذي وجده العالم ،
المصباح غير المنطفئ قط ،
تاج البتولية ،
قضيب الأرثوذكسية ،
الهيكل غير المنهدم ،
الموضع الذي احتوى غير المُحوى ،
الأم الباقية عذراء ] ( القديس كيرلس الكبير )
لقب
القديس العذراء مريم " الثيئوتوكوس " ( أي والدة الإله ) ليس لفظاً لتكريم
العذراء كما يعتقد البعض ، وإنما هو تعريف لاهوتي بالدرجة الأولى ، يحمل
حقيقة واقعية وإيمان حي وجهاد قوي على مر العصور ، ورؤية في الخلود .
والنطق بهذه الكلمة مدخل أساسي للإيمان الأرثوذكسي وبدونه مستحيل أن يُقبل
أحد في الإيمان . ويؤكد على هذا القديس غريغوريوس في رسالته إلى
لكليدونيوس 101 قائلاً : [ إذا لم يؤمن أحد أن مريم هي " الثيئوتوكس " فهو
غريب عن الله ]
فمنذ فجر عصور المسيحية ولقب العذراء القديسة مريم
هو " أم الله " يُنطق على كل لسان وهذا ما يقوله جميع الآباء على مر
العصور ، وحتى اصحاب الآراء المتعارضة لم ينكروا ابدا كرامة القديسة
العذراء مريم ...
يقول القديس كيرلس الكبير : [ حيث أن العذراء
القديسة ولدت حسب الجسد الله المتحد بالجسد ، من أجل هذا السبب نقول عنها
إنها " والدة الإله " ثيئوتوكس ، ليس أن الكلمة أخذ بدايته من الجسد ،
حاشا لأنه موجود منذ البدء " في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله
وكان الكلمة الله " ، وهو خالق العالم سرمدي مع الآب ، ولكن كما سبق وقلنا
إذ انه اتحد شخصياً بطبيعة الإنسان فإنه سمح أيضاً أن يولد بالجسد من
رحمها ]
عموماً كلمة " ثيئوتوكس " لا تستحدث أي عنصر جديد في
الإيمان أو تفتح نقاش جديد أو تعطي مفهوماً جديداً ، وإنما تجمع شمل
الإيمان في تعبير يحمية من أي إلتباس أو تأويل ، فهي كلمة قاطعة استخدمتها
الكنيسة قبل عصور المجامع المقدسة ثم أقرها المجمع الثالث في أفسس ،
لتحديد مفهوم طبيعة المسيح المتحدة من اللاهوت والناسوت بدون تغيير . حيث
لم يكن موضوع الحوار - في المجمع - بخصوص " الثيئوتوكس " يدور حول العذراء
مريم ، إنما دار حول طبيعة المسيح له المجد . فكلمة " ثيئوتوكس " أي والدة
الإله ليست إذن لقب شرف للعذراء الدائمة البتولية ، وإنما عقيدة لاهوتية
تخص طبيعة المسيح له المجد ، بمعنى أن المسيح له المجد المولود من العذراء
القديسة مريم لاهوت وناسوت متحدان بلا امتزاج أو اختلاط أو تغيير ، وأنه
هو المسيح الواحد بلا انفصال أو انقسام ، فهو الله الكلمة المتجسد ...
ومن
هنا يتضح لنا أن ما يخص القديسة العذراء مريم يدخل ضمن عقيدة الإيمان
المسيحي بالضرورة . هكذا نرى أن " الثيئوتوكس " كلمة عميقة تُعتبر في
العقيدة الأرثوذكسية مدخل رسمي للإيمان المستقيم ، واي محاولة للتخلص من
هذه الكلمة يخلخل الإيمان المسيحي من أساسه ...
فالمدخل الوحيد
لفهم شخصية القديسة العذراء مريم فهماً أرثوذكسياً سليماً هو من جهة طبيعة
ربنا يسوع المسيح المتحدة من اللاهوت والناسوت المولودة منها . فالقديسة
مريم العذراء الدائمة البتولية عنصر أساسي في التجسد [ وتجسد من الروح
القدس ومن مريم العذراء ] ( قانون الإيمان )
إذن اي محاولة لفهم
قداسة العذراء القديسة مريم أو تكريمها كشخصية مستقلة عن المسيح له المجد
شيء مستحيل على الإطلاق ، لأن طبيعة المسيح له المجد ، إن كانت قد اصبحت
قادرة على أن تجذب إليها البشرية بدالة العنصر البشري الذي فيها " إذ
تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضاً فيهما كذلك ... من ثم كان
ينبغي أن يشبه إخوته في كل شيء " ( عب 2 : 14 - 16 ) ، فبالأولى جداً
تُصبح " الأم " التي أعطته من لحمها ودمها هذا العنصر البشري في طبيعته
الكاملة القائم بها حتى الآن وإلى الأبد ، ذات اتصال دائم ووثيق ...
ولنختم كلماتنا القليلة بتسبحة ننطق بها معاً قائلين :
السلام للسماء الجديدة التي صنعها الآب وجعلها موضع راحة لإبنه الحبيب
السلام للكرسي الملوكي الذي للمحمول على الشاروبيم
السلام للمرتفعة جداً أكثر من رؤساء الآباء ومكرمة أفضل من الأنبياء
السلام للتي صار لها دالة عند الله أكثر من الشاروبيم والساروفيم
أيتها العذراء القديسة مريم والدة الإله الثيئوتوكس
يا من صرتِ فخر جنسنا وشفيعة نفوسنا
أشفعي فينا أمام مخلصنا لكي يثبتنا في الإيمان المستقيم
وينعم لنا بغفران خطايانا ، حتى نفوز برحمة بواسطة شفاعتك
المجد لك أيها الثالوث القدوس الإله الواحد آمين