كتبها منير بشاي الأحد, 06 سبتمبر 2009 09:47
أولاد أخى الأكبر الآن رجلين فى العقد الرابع من العمر بفارق سنتين بينهما. أحدهما طبيب والآخر مهندس، ناجحان مهنيا ويحبان بعضهما بعضا. ولكن عندما كانا ولدين فى العاشرة والثانية عشر من العمر كانا مثل بقية الأولاد فى سنهما يحبان اللعب مع بعضهما، وأحيانا كان اللعب اللطيف ينقلب إلى عنيف وقد يصل إلى العراك.
وكانت المعارك بينهما تنتهى عادة لصالح الأكبر فهو الأضخم والأقوى. ولكن صرح لى الأخ الاكبر ذات مرة أنه كانت تأتى أوقات حين كان يشعر الأخ الأصغر أنه قد أهين بما فيه الكفاية وأنه لن يسمح بالمزيد، وكنت تستطيع أن ترى نظرات الغضب واضحة فى عينيه. ويكمل الأخ الأكبر قائلا أنه عندما كان يرى هذا كان يعلم أنه قد جاوز مداه وأنه لن يقدر على هزيمة أخيه وأنه أمام خيارين إما أن ينسحب ويتجنب المواجهة أو يستمر فى العراك كالمعتاد والنتيجة أنه هو الذى تكون (العلقة) من نصيبه.
ذكرتنى هذه القصة بأحوال أقباط مصر. كانت معاملة الدولة للأقباط مثل معاملة الأخ الأكبر للأصغر دائما يعتدون عليهم ويسلبون حقوقهم لا لشئ إلا لأنهم الأضعف ولأنهم عادة يقبلون الظلم ولا يتصدون للمعتدين. واستمر الوضع على هذا المنوال الى أن قرر الأقباط أخيرا أن السيل قد بلغ الزبى، وأن الوضع أصبح لا يحتمل، وأنهم لن يقبلوا هذا الظلم فيما بعد. وظهرت علامات الغضب فى أعينهم وأحس الطرف الآخر أن الأمر وصل إلى الذروة وأن الأقباط جادين فى الحصول على حقوقهم وأنهم مستعدين أن يضحوا فى سبيل ذلك بكل شئ حتى بحياتهم، وثار الأقباط.
أمثلة لهذه المواقف التى ثار من أجلها الأقباط وتظاهروا هى:
·أزمة جريدة النبأ وإهانة رجال الدين المسيحى.
·أزمة السيدة وفاء قسطنطين التى طالت زوجة كاهن.
·أزمة تغيير إسم قرية دير أبو حنس القبطى إلى إسم وادى النعناع.
ومن الملاحظ أن الأقباط بعد تظاهرهم أخذوا حقوقهم كاملة فى جميع هذه المواقف. ومن الملاحظ أيضا أنه فى هذه الحالات الثلاثة كانت قد مست مقدسات الأقباط. ويبدو أن الفيصل عند الأقباط هو مقدساتهم الدينية والقومية.
وفيما عدا المساس بمقدساتهم فإن النظام يراهن على أن الأقباط شعب مسالم وصبور ونادرا ما يثور. وأن الأقباط يمكن الضغط عليهم مرارا وتكرارا إرضاء للطرف الأقوى والأكثر عنفا والذى تخشاه الدولة وتعمل حسابه. وحفظا للتوازنات السياسية فالدولة دائما ترجح كفة الإسلاميين وتبخس كفة الأقباط.
ولكن كما يقول المثل "إحذر غضبة الحليم" فقد فاض بالأقباط الكيل وهذا الحليم الوديع قد وصل إلى نهاية طاقته ولا يستطيع أن يتحمل المزيد.
ولذلك نظمت الكتيبة الطيبية فى مصر مظاهرة عامة يوم ١١ سبتمبر للإحتجاج على المظالم التى يعانى منها الأقباط. ونحن نؤيد هذا المجهود ونرجو أن يشارك فيه الأقباط جميعا ومعهم الأخوة المسلمين المتعاطفين الذين يرفضون الظلم والتعصب فيخرجوا جميعا فى تظاهرة قومية قوية من أجل مصر حرة ومن أجل مواطنة غير منقوصة للجميع.
الكتاب المقدس يقول "إغضبوا ولا تخطئوا" أفسس ٤ : ۲٦ فالغضب ليس دائما عملا شريرا لا يرضى عنه الله. الغضب المقدس دفاعا عن الحق عملا أخلاقيا مشروعا يتمشى مع مشيئة الله وقد مارسه السيد المسيح حين ثار على الذين حولوا بيت الله إلى تجارة (يوحنا ۲ : ١٦) الغضب الذى لا يرضى الله هو الذى يتحول إلى إيذاء الآخرين والى الأعمال التخريبية للممتلكات الشخصية والعامة.
لقد آن الوقت أن يخرج الأفباط من صمتهم ويطالبوا بحقوقهم المهدرة كمواطنين أصلاء فى أرض آبائهم وأجدادهم.
أيها الأقباط ثوروا... ليس ضد مصر ولكن من أجل اصلاح مصر، وليس ضد انسان ولكن من أجل حق الجميع فى العدالة والمساواة.