قام اللواء عبدالفتاح عمر "وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشعب" الأسبوع الماضي بهجوم شديد على د. يوسف بطرس غالي "وزير المالية"، حيث قال خلال اجتماع لجنة الصحة بالمجلس وأثناء مناقشة الأزمة المالية التي تعاني منها الممرضات: «وزير المالية لا يولى اعتبارًا لأي مسؤول في الحكومة، والجميع يكرهه سواء على مستوى الحكومة أو الشعب، وربما يتم اغتياله كما اغتيل جده في السابق».
وطالب عبد الفتاح بتشكيل حكومة أمنية تقودها وزارة الداخلية لإعادة الانضباط إلى أداء بعض الوزارات وإلى الشارع -على حد قوله-.
وأضاف: «على الدكتور فتحي سرور، رئيس مجلس الشعب، مخاطبة الدكتور أحمد نظيف، رئيس مجلس الوزراء، لمحاسبة الوزير الذي لا يؤدي عمله ويتسبب في خروج المظاهرات»، مشيرًا إلى أن وزارة الداخلية دائمًا تتحمل أخطاء الوزارات الأخرى.
كانت هذه التصريحات غريبة ولها معانٍ ودلالات كثيرة، خاصة المقارنة بين بطرس الابن والجد، ومطالبته بمحاسبة الوزير الذي يتسبب في خروج مظاهرات ومن المعروف أن هناك مظاهرت كثيره قامت بسبب المرتبات والحوافز والكوادر والتي تتعلق كلها بوزاره المالية؛ هذا وقد اعطت هذه التصريحات بعدًا دينيًا آخر بمقارنة غالي بجده "القبطي" والذي تم اغتياله لأنه قبطي، وقد شك الذين قتلوه في نواياه وإخلاصه لوطنه مصر فأرادوا التخلص منه.
فما قصد وكيل لجنة الدفاع بذلك الإسقاط عن حادث اغتيال الجد وتذكره بطرس الابن بذلك؟ هل يشك المسؤولون في نوايا وإخلاص يوسف غالي وزير المالية؟ أم أنه تحريض بالاغتيال في ظل فتن طائفية تملأ ربوع مصر ولا زال دم شهداء نجع حمادي لم يبرد بعد؟..
أسئلة كثيرة كان لا بد من خوضها في ظل تصريح مسؤول كبير.
بداية، أكد القمص عبد المسيح بسيط "أستاذ الدفاع اللاهوتي بالكليات الإكليريكية وراعي كنيسة السيده العذراء بمسطرد" أن هذا التصريح شبيه بالفتوى التي تسببت في قتل فرج فودة والفتوي التي تسببت في طعن نجيب محفوظ، وهذه فتوى جديدة من نفس النوعية.
مشيرًا إلى أن بطرس غالي الجد كان له ظروف سياسية معينة وكان اغتياله من وجهة نظر المعارضة المصرية أن ذاك مطلب قومي بالنسبة لهم، أما يوسف غالي "وزير المالية الحالي" شخص ينفذ سياسة الدولة بالحرف الواحد من خلال توجيهات رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ومجلس الشعب، فهو لا ينفذ سياسة منفرده بذاته الشخصية.
وأضاف أنه لا يصح من مسؤول بمجلس الشعب أن يصدر منه مثل هذا التصريح الذي يمكن أن يُعتبر في حد ذاتة تحريض على القتل، فهذا التصريح غير مسؤول لأنه من الممكن أن يعتبر تحريض على القتل وإثاره الفتنة الطائفية، خاصة في هذا الوقت تحديدًا، ويجب على المسؤولين أن يكونوا على قدر المواقع الموجودين فيها وأن لا يتكلموا إلا بدبلوماسية وحكمة وحنكة، أما هذا التصريح فيبدو واضحًا أنه مثير للفتنة ومحرض على قتل الوزير، ويجب على رئيس مجلس الشعب أن يصحح هذه المقولة ويقدم اعتذار نيابة عن هذا المسؤول غير المسؤول في تصريحاته؛ فهذا التصريح معناه إما قصد التحريض أو أنه غير مدرك لكلامه، وفي كلتا الحالتين لا يصلح في أن يكون في موقعه.
وناشد المسؤولين أن يتحلوا في أحاديثهم بالحكمة في هذه الفترة الحرجة، وأن لا يثيروا الفتن ويشعلون الحرائق في الوطن وبعد ذلك يقولون أن هناك أيدي خارجية تعبث في أمن الوطن.
ومن جهة اخرى تساءلت النائبة جورجيت قلليني قائلة "مهما كانت سياسة الوزير سواء الشعب راضي عنها أم لا هل سيكون رد فعلها هو الاغتيال؟."
كما تساءلت.. هل قالها من منظور أمني باعتباره رجل أمن سابق أم منظور سياسي باعتباره عضو برلمان؟ وفي كلتا الحالتين فهي تصريحات خطيرة جدًا خاصة وأنه من ضمن نواب مجلس الشعب الذين وافقوا على قانون الضريبة العقارية؛ ولكن كون أن وزير يقع في خطأ فيتعرض للاغتيال فهذة كارثة، والتصريحات أو التلويح بذلك كلام لا يجوز.
وأضافت أنها لا تنفي أن هناك من لا يرغب في القانون وهناك من يطعن في عدم دستوريته، ولكن الوزير الذي يقدم قانون والرأي العام لا يقبله فكيف يكون رد الفعل اغتياله؟ والسؤال هنا ما هي مسؤولية مجلس الشعب الذي أقر القانون والقانون لا يصير قانون إلا بموافقة الأغلبية؟
وعلى صعيد آخر دافع النائب محمد العمدة عن تصريحات عبد الفتاح عمر قائلاً "هو تصريح غير مقصود وعفوي ربما في لحظة غضب أو تسرع ولكني على يقين بأنه لا يقصده حقيقة".
وأشار أنه في ظل المناخ الديمقراطي هناك وسائل لمواجهة أي مسئول عبر الصحافة المستقلة والمعارضة، فلم يعد مجال للحديث عن اغتيالات، وهناك الكثير من المسؤولين تمت إقالتهم بناء على رفض الشعب لهم أو بناء علي سياساتهم.
وضرب مثالاً بمحافظ أسوان اللواء سمير يوسف الذي تمت إقالته عندما أراد نقل الشادر على آخر حدود مركز كوم اومبو فرفض الأهالي وتم عمل مظاهرات في الشوارع، وبعدها بأيام أخذ الرئيس مبارك إجراءاته وأقال المحافظ، ومعني ذلك أن الطرق المشروعة تؤتي ثمارها.
ونفى أن يكون هناك ربط بين الاغتيال وكونه وزير قبطي، مؤكدًا أن العلاقة بين المسيحيين والمسلميين قوية جدًا والخلافات التي بينهم لم يعد لها وجود في مصر.
وأضاف أنه حتى لو أخطأ وزير المالية فلن يُسأل وحده، بل نظام الحكم بالكامل والحكومة والمسؤولين وأعضاء مجلس الشعب كلهم.
وضرب مثلاً عندما استولت وزارة المالية على أموال التأمينات والمعاشات عندما كانت المالية مديونة بحوالي 600 مليون جنيه للتأمينات والمعاشات، لذا قررت الدولة تحويل أموال التأمينات والمعاشات وتبعيتها لوزير المالية وبذلك تم إسقاط مديونية المالية؛ فكيف هنا يتحول الدائن والمدين لشخص واحد متمثل في وزراه المالية؟ فهل هذا القرار هو قرار وزير المالية منفردًا وبذاته؟ بالطبع لا.. فكان ذلك بقرار جمهوري.
لذا أي خطأ هو مسؤلية نظام كامل وليس وزير المالية فقط.
وتعجب العمدة من تصريحات عبد الفتاح قائلاً "أليس اللواء عبد الفتاح عمر شريك في كل الإجراءات السابقة التي ذكرناها ومن ضمن الأغلبية الموافقة على إقرارها باعتباره من ضمن أعضاء الحزب الوطني؟ لذا فهو من أهم الشركاء في الأحداث والذي يريد أن يتنصل منها الآن".