أل بيتر والده الذي يتسم بروح البشاشة الدائمة: "كيف أعرف أنني أسير في طريق الرب؟".
أجابه الوالد: "علامة سيرك في طريق الرب أنك تشعر أنك أسعد كائن على الأرض، وأن اللحظة التي تعيش فيها الآن هي أسعد لحظات حياتك، لأنك محمول على الأذرع الأبدية.
تلمس يدَّ اللَّه التي عملت معك في الماضي، وتعمل الآن، وستعمل في المستقبل حتى تدخل بك إلى حضن الآب".
قال بيتر: "كيف أشعر أنني أسعد كائن على الأرض، وأنا كثيرًا ما أشعر بالضيق لأن كل أصدقائي أغنى مني، وأكثر مني في المواهب؟"
أجاب الوالد: "سأروى لك يا بيتر قصة شعبية مشهورة : عاد قاطع حجارة إلى بيته، وبعد العشاء جلس على كرسي قديم ورفع عينيْ قلبه نحو اللَّه وهو يقول:
"لماذا أتيت بي يا إلهي في أسرة فقيرة لم تدفعني إلى دراسة، ولا قدمت لي أموالاً تسندني في عمل مشروعٍ مربحٍ؟! كثيرون لا يبذلون الجهد الذي أقوم به وهم أكثر مني غنى! ألا تستطيع أن تغنيني، فأستريح وأفرح وأشعر حقًا بالسعادة".
في الليل رأى قاطع الحجارة حلمًا أنه وهو يضرب في المحجر وجد كنزًا مخفيًا ففرح جدًا. خبأه وترك المحجر ليبدأ حياة جديدة. قال في نفسه: "لقد كانت ساعة مقبولة، فيها سمع اللَّه لطلبتي وجعلني غنيًا... ليتني طلبت أكثر!"
عاش الرجل بين الأغنياء والعظماء، وإذ دُعي إلى حفلٍ ملوكيٍ رأى ما ناله الملك من كرامةٍ وعظمةٍ، فاشتهى أن يكون ملكًا. طلب من اللَّه ذلك لكي يكون فرحًا وسعيدًا.
سمع اللَّه لطلبته وصار الرجل ملكًا، وكان الكل يكرمونه ويبجلونه... وإذ سار في موكب ملوكي والجماهير من كل جانب تحييه شعر بحرارة الشمس الشديدة، وأدرك أنه ضعيف أمامها. اشتهى أن يكون شمسًا تبسط أشعتها على كل الأرض، بل وعلى الكواكب الأخرى.
بسطت الشمس أشعتها، لكن سحابة كثيفة حجبت الأشعة عن بقعة في الأرض، فشعرت الشمس بضعفها أمام السحابة، واشتهت أن تكون سحابة كثيفة ليس ما يعوق تحركها. صارت الشمس سحابة كثيفة للغاية، وتحولت إلى أمطارٍ سقطت على الأرض... كان يخشاها الإنسان كما حاولت الحيوانات الهروب منها، وتركت الطيور الأشجار لتجد لنفسها ملجأ، لكن بقيت صخرة قوية راسخة لم تهتز أمام الأمطار.
استصغرت السحابة نفسها أمام الصخرة فاشتهت أن تصير صخرة لا يمكن للسحاب ولا للأمطار أن تهزها.
صارت السحابة صخرة عظيمة... وفجأة جاء قاطع حجارة يضرب بفأسه ليقطع منها الحجارة، فشعرت الصخرة بضعفها أمام قاطع الحجارة... وطلبت من اللَّه أن تصير قاطع حجارة، وبالفعل صارت الصخرة قاطع حجارة.
هكذا رجع قاطع الحجارة إلى ما كان عليه.
قام الرجل من نومه وهو يشكر اللَّه الذي أعطاه فرصة أن يكون قاطع حجارة وليس صخرة أو سحابة أو شمسًا أو حتى ملكًا أو واحدًا من الأغنياء والعظماء.
تحولت حياته إلى حياة شكر وتسبيح للَّه، لكن في غير تراخٍ أو إحباطٍ، يبذل كل جهده في عمله ويسند أولاده ويشجعهم على الدراسة بقلبٍ متهللٍ!
V أسبحك يا إلهي! لأنك لم تتركني معوزًا شيئًا!
الآن هي أسعد لحظات عمري.
وأنا أسعد كائن في المسكونة!
أقمتني من التراب وفتحت لي بابًا في السماء!
جعلتني يا مخلصي عضوًا في جسدك المقدس
وهبتني روحك القدوس ساكنًا فيّ.
قدمت لي أحضان الآب مسكنًا أبديًا!
ماذا أطلب بعد؟! لتهلل نفسي بك على الدوام!
لأبقي مبتهجًا عبر طريق الصليب! ولتفرح نفسي بك يا سعادتي