سبع مناظر للصليب
الرسول بولس :
الرسول بولس يرى الصليب من جهاته الأربعة :
العرض والطول .. العمق والعلو .
قال بولس الرسول للأفسسيين :
(( بسبب هذا أحنى ركبتى لدى أبى ربنا يسوع المسيح ليحل المسيح بالإيمان فى قلوبكم وأنتم متأصلون ومتأسسون فى المحبة حتى تستطيعوا أن تدركوا مع جميع القديسين ما هو العرض والطول والعمق والعلو وتعرفوا محبة المسيح
الفائقة المعرفة لكى تمتلئوا إلى كل ملء الله ))
( أف 3 : 14 - 17 : 19 )
بهذا السرد الذى قدمه الرسول بولس نرى أموراً أربعة :
هو حضن مفتوح ينادى بالحب ويفتح ذراعيه مرحباً :
( تعالوا إلى يا جميع المتعبين والثقيلى الأحمال وأنا أريحكم )
( مت 11 : 28 )
العرض إذن هو الحب .
فالذى قاد السيد المسيح إلى قبول المحاكمة والرضوخ للحكم ليس عسكر الرومان الذين خرجوا إليه بمشاعل وعصى وسيوف , إنما حبه الذى جعله يقبل احتمال كل ذلك العذاب من أجلنا .
المقطع الأفقى للصليب دل على حب السيد المسيح واحضانه المفتوحة ...
أما المشهد الرأسى فيبرهن على بذله وصموده وصبره وجهاده ومثابرته .
يقف بلا أنثناء ولا أنحناء , صامداً .. صامتاً .. رابض الجأش .. مشدود الهمة .المسيح يموت واقفاً لا راكعاً .
مات بطريقة رفعته عن الأرض ...
بينما كل ميت ينزل إلى الأرض ومن ثم تحتها .
قال السيد بفمه المبارك :
(( وأنا إن ارتفعت عن الأرض أجذب إلى الجميع )) ( يو 12 : 32 )
(( متى رفعتم ابن الإنسان فحينئذ تفهمون إنى أنا هو )) ( يو 8 : 28 )
كم جاهد هيرودس فى إيجاد حجة لإطلاق سراحه وكم حاول بيلاطس تبرئتة ,ولكن المتهم يسوع لم يساعدهما فى هذا , لأنه أثر أن يموت عن أن تهلك أمة بأثرها , ولم يجب حتى عندما حاولا معه قائلين :
(( أما تجيب بشئ )) ( مت 26 : 62 ) ( مر 14 : 60 ) ( لو 22 : 17 )
الجزء المغموس فى جبل الإقرانيون والمغروس فى الجلجثة يحمل الصليب ويحمل المصلوب فوق الصليب .. ولا يراه أحد .
عبر الأباء عن هذا الدور بالنعمة . تعمل النعمة .. وتحل النعمة ولكن لا يراها أحد .
وهى التى عبر ربنا يسوع فى قوله :
(( بدونى لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً )) ( يو 15 : 5 )
عندما نأخذ الأسرار المقدسة , نحن لا نرى منها سوى ظاهرها ..
فالعمل الخفى قد أخفى عن عيوننا وأبعد عن أحساسينا , فلا نرى ولا نحس بشئ لأن النعمة عمل خفى لا ظاهر ..
كقاعدة الصليب التى لا يراها أحد رغم أنها للصليب والمصلوب تحمل .
الإيمان هو العلة التى علقت فوق صليب المصلوب .. هذا الإيمان فى صحته يشهد قائلاً هذا هو :
يسوع الناصرى ملك اليهود ( مت 26 : 71 ) ( مر 14 : 67 ) ( لو 18 : 37 ) ( يو 19 : 19 )
الإيمان ثقة وإيقان كتعبير الرسول بولس :
وعلو الصليب يبرهن الإيمان بالمصلوب . ( عب 1 : 1 )
+ يسوع : هذا هو اسمه البشرى .
+ الناصرى : اسمه الأجتماعى ونسبه العالمى
+ ملك : هذا هو اسمه الأبدى
+ اليهود : هذا هو اسمه العنصرى
بهم جاء .. وبهم رحل .
ربما لم يضعوا علة أخرى أو ثالثة للصين الذين على جانبيه , وأختصوا السيد المسيح بهذه اللافتة ,
فنحن لا نحتاج أن نؤمن بلص مصلوب , لأنه صلب لأجل خطاياه السالفة , وربما لم يغفر له صليبه خطاياه ولم يكفر عن ذنوبه .
أما السيد المسيح فصلب لأجلنا وعنا وصليبه غفر خطايا كل البشر .
أن الأربعة معاً :
الحب والبذل .. الإيمان والنعمة .. أختزلهم القديس يوحنا فى إنجيله ,
عندما سجل لنا أجل حديث دار بين الرب يسوع معلم المعلمين ونيقوديموس معلم الناموس حين قال :
(( لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكى لا يهلك كل ما يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية ))
( يو 3 : 16 )
+ هكذا أحب الله العالم ( الصليب عرضاً ... الحب )
+ حتى بذل ابنه الوحيد ( الصليب طولاً ... البذل )
+ لكى لا يهلك كل من يؤمن به ( الصليب علواً ... الإيمان )
+ بل تكون له الحياة الأبدية ( الصليب عمقاً ... النعمة )
الله عندما أحب بذل , والإنسان عندما أمن قبل الحياة الأبدية .. الحياة الأبدية هبة من الله الأبدى .. الذى منح الخلود للبشر , لأن الخلود ليس من طبع كل ذى جسد , فإذ هو مبتدئ هو أيضاً منتهى .
حب السيد المسيح ظهر لكل الناس حين صلب , لا حين أطعم الجموع الجائعة ,لأنى لم أكل شقفة خبز ولا قطعة سمكة من تلك القفف الباقية ولكن حظوت بما حظى به كل اترابى فى عالم البشر من هبات الصليب .
هنا تتجلى المحبة , لأنه بدون الصليب ما كانت لأعمالى الصالحة أيه قوة تدخلنى إلى سمائه ولكن بعد الصليب صار لنا نحن البعدين قربى به ونحوه . ( أف 2 : 13 - 17 )
كان هذا ملخص الفصل الأول من كتاب سبع مناظر للصليب
للرائع القمص سيداروس عبد المسيح