جاء احد الشبان المستهترين المخدوعين بملزات الدنيا الى احد الاباء فى مغارته .... جاءه مستهزئا ومتهكمأ على الطريقه التى يقضى بها الراهب حياته كلها جهاد وتعب ونسك انه فى نظر الشاب لا يعرف طعم الحياه ويعيش على وهم يخدع به نفسه اسمه الابديه ... لذلك قال له الشاب
( ايها الراهب ما اتعس حياتك لو لم تكن ابديه )
وبمنتهى الهدوء اجابه الاب قائلا : نعم حقأ يا ابنى ما اتعس حياتى لو لم تكن هناك ابديه .... ولكن ماذا يكون موقفك انت لو كان هناك ابديه . ؟
ووقف الشاب متسمرأ فى مكانه وكانه صعق من رد الراهب الذى وضعه امام الحقيقه المره .... فحياته لابد ستنتهى يوما بالموت
لاجل هذا يوصينا عاموس النبى قائلا استعد للقاء الهك ( عا 4 : 12 )
فليس فينا احد ينكر حقيقه الموت لاننا كل يوم نودع احد المعارف او الاحباء او الاقارب حتى اصبح الموت حقيقه لا يمكن حتى للملحدين ان ينكروها ..
لكن العجيب حقأ ان كثيرين منا مع اعترافهم بان الموت سيكون من
نصيبهم يومأ ما لكننا نجدهم يسلكون بلا اى استعداد لما هو بعد الموت
مع ان الكتاب يقول : وضع للناس ان يموتوا مره ثم بعد ذلك الدينونه ( عب 9 : 27 ) وان كان عندما يحدث ان يستدعى احدنا للوقوف امام احد القضاه
لاستجوابه فى امر معين فاننا نسعى جاهدين لتجهيز اجابتنا على كل سؤال نتوقع توجيهه لنا .... فكم وكم يجب علينا بالاكثر الاستعداد للوقوف امام اللة يوم الدينونه مع ملاحظه انه هنا على الارض يمكن لكثيرين ان يهربوا من المواجهه والمحاكمه اما فى اليوم الاخير فيستحيل هذا اذ يقول الكتاب : ,, لابد اننا جميعأ نظهر امام كرسى المسيح لينال كل واحد ما كان بالجسد بحسب ما صنع خيرأ كان ام شرأ ( كو 5 : 10 )
ولذلك فكنيستنا القبطيه فى وعيها الروحى وحرصها على خلاص كل ابنائها تضع هذه الحقيقه امام اعيننا كل يوم فى صلاه النوم .....
( هوذا انا عتيد ان اقف امام الديان العادل مرعوبأ ومرتعبأ من كثره ذنوبى لان العمر المنقضى فى الملاهى يستوجب الدينونه لكن توبى يانفسى ما دمت فى الارض ساكنه ..... الخ )
فما اعظم الثمار التى نجنيها من تذكرنا للموت باستمرار ... فها هو
الانبا انطونيوس عند وفاه ابيه يوجه تفكيره بطريقه ايجابيه للانتفاع بدلا
من الحزن السلبى فيقف امام جسد ابيه ويخاطبه ( ها انت تخرج اليوم من العالم بغير ارادتك ولا عجب فى ذلك ولكنى اعجب انا من نفسى ان عملت هكذا ... فلاخرج من العالم بارادتى قبل ان يخرجونى منه بغير ارادتى )
قال هذا وخرج للرهبنه وحدث ذات يوم بينما كان القديس يوحنا ذهبى الفم يعظ فوجىء الشعب انه توقف عن الوعظ فجاه وسكت طويلا ....
فطالبوه ان يكمل ... فأجاب القديس : كيف اعظ فى وجود واعظ الواعظين .....
فلقد كان القديس يرى جنازه قادمه عن بعد لتدخل الكنيسه فاعتبر
القديس ان عظه الموت الذى يراه الناس باعينهم اعظم تاثيرأ فى النفس
من كلام الوعظ
وهذا ما رايناه عمليأ فى قصه خروج الانبا بولا للرهبنه بعدما كان ذاهبا لمقاضاه اخيه الاكبر فى ميراث ابيهما وراى فى الطريق جنازه غنى ومن اجل المنافع التى فى تذكار الموت نجد ان بعض الفلاسفه الذاهدين فى الدنيا كانوا ياكلون فى جماجم موتى بدلا من اطباق ليكون الموت امامهم كل حين .... واحد الحكماء اوصى ان تكتب على قبره هذه العباره كانه يخاطب كل انسان مارأ بقبره قائلا :
( كما انت الان هكذا كنت انا بالامس وكما انا هكذا ستكون انت فى الغد )
ختامأ يا احبائى ..... بقيت حقيقه اخرى هامه ان الذين سلكوا بحسب هواهم وشهواتهم ورفضوا تذكار الموت اذ راوه منغصأ لهم ومفسدأ عليهم
تمتعهم بلذاتهم يقول عنهم الكتاب وقت الدينونه :
,، فى تلك الايام سيطلب الناس الموت ولا يجدونه ويرغبون ان يموتوا فيهرب الموت منهم . رؤ 9 : 6 .
نعم سيطلبون الموت الذى يريحهم من عذابات جهنم ولكن لا وجود لهذا الموت فيما بعد بل سيبقون فى عذاب ابدى .............