فرايم حبيب خـادم أم النــور
شفيعـي : دائمه البتولية الهواية : [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td][أولاد أم النور][/td][/tr][/table]
| موضوع: نهاية الاختبار الأربعاء 11 أغسطس 2010, 5:58 am | |
| أثناء صعودي إلى الغرفة تذكرت إنني معتقل من أجـل إيمانى بالرب يسوع المسيح فشعرت بفرح كبير يكفى العالم كله, وأقول الصدق في المسيح إننى دخلت إلى الغرفة وأنا فرحا متهللا سعيدا مبتهجا، حتى إن فرحى هذا قد آثار دهشة كل من كانوا بالغرفة 14، وقد تعجب أحدهم وقال: أنني اعتقلت ثلاث مرات ولم أرى إنسانا واحدا يدخـل إلى غرفة اعتقاله وهو يضحك مثلك! سيج بمدينة المحلة على الإضراب عن العمل، وكان بها ضابط طيران من مدينة بيلا يدعى شاكر, وكان لا يكف عن لعـن وســـب جـمـال عـــــــبد الناصر ليلا ونـهارا، وكـانت الغرفة بالدور الثالث، وكانت نوافذها مغلقة بقضبان من الحديد، هوائها خانق، جوها مكتوم، جدرانها متحجرة كقلوب السجانين، لها بابا حديديا ثقيلا له صوت كئيب مفزع عندما يفتح أو يغلق, وكانت الغرفة هي أيضا دورة المياه، فقد كـان بهـا ثلاثة جرادل الصاج يمثلون دوره المياه, وكـان هناك جردلاً لماء الشرب موضوعا في مكان، وجردلا للبراز وآخر للبول في مكان آخر، وكنا ننام متلاصقين لضيق الغرفة؛ وكان يعطى لكل معتقلا بطانية واحدة لتكون سريره وفرشه وغطاؤه، وكان كل من يدفع رشوة يحصل على بطانية جديدة، وأما من لا يدفع مثلي فيحصل على بطانية مستعملة مليئة بجيوش من حشرات القمل والبراغيث لتزيـده ألما وعذابا وشقاء![/size]وكـان قائد المعتقل رجــلا شهــيراً في مصلحة السجون ويدعـى محمـد عـبد الرحمـان أبو جريشة الشهير بالمطيعى, وكان له نائبين شريرين أحدهما يدعى سميح وكان له صوت مـرعب، والآخــر مسيحي للأسف يدعى محروس عبد الشهيد، وكان كلا منهما يحمل في يده سوطا متعطشا للضرب وكانوا يـتـفنون في إيلامي وإهانتي وتحطيمي، وكانت كل الأبواب تـفـتح في حوالي الساعة السادسة صباحا ويخرج منها المئات إلى دورات المياه لإزالة الضرورة وغسيل الوجه، وبعد حوالي خمس دقائق ينقضي الوقت المصرح به، ونطارد بالعصي من السجانين حتى ندخل إلى غرفنا، ومرات كثيرة كنت أعود إلى الغرفة دون أن أتمكن من غسيل وجهي، وأحيانا كنت أعود إلى الغرفة دون إزالة الضرورة، وفى كـلا الحالتين كنت أحصل على عده ضربات متلاحقة بالعصي تجعلني لا أتوقف عن الجري إلا في الغرفة، ولم أكن وحدي الذي يحدث له ذلك. وكانوا يعطون لكل معتقلا ثلاثة أرغفة من الخبز في كلا مـنهم عددا كبيرا واضحا من الــــدود الأبيض الكبير له رؤوس حمـراء، وكان للخبز رائحة كريهة تزكم الأنوف. وفى الصباح يأخذ كل معتقلا ملعقة واحدة من العسل الأسود به حشرات ميتة؛ وفى الساعة الواحدة يأتي الغذاء وهو عبارة عن فول مدمس كل حبة منه مليئة من السوس الكبير له رأسا تشبه الذبابة.... ثم يغلق الباب ولا يفتح إلا في اليوم الثاني, وفى يوم ما أخذني السجانين مع مجموعة أخرى من المعتقلين الجدد، وقاموا بوضع أرقاما على صورنا ثم صورونا بـهذا الـــرقـم، وكنت أنا المعتقل رقم 700 .وبعد عودتي من التصوير إلى الغرفة سألني رئيس الغرفة قائلا: مـا هو سبب اعتقالك يـا زكـريـــا؟ فدق قلبي بشدة وأختل تفكيري واتجه عقلي نحو تأليف قصة لكي أقولها حتى لا أقع تحت غضبهم وخاصة إنني أقيم معم في غرفة واحدة مغلقة ليلا ونهارا, ولكني تنبهت وتـذكرت وعـــود الله القادرة على الإنقاذ في أحلك ساعات الظلام فتشددت بالله وقلت لنفسي إن الله الذي أنقذني من وحوش وزارة الداخلية لهو قادر على حمايتي من شيوخ الإخوان المسلمون وأنا محبوساً معهم في زنزانة واحـدة, وقـوى الله قـلبي فحدثــت رئـيس الغرفــــــــــة عن إيــــماني بالســيد المســـــيح !!! وكان هدوئه يشجعني على مواصـلة الكلام، ولكنه كان هدوئه من ذلك النوع من الهدوء الذي يسبق العاصفة !!!! فقد ثـار وهــاج وسب ولــــعن واشترك معه كل من كان بالغرفة، وكانت أذاني تلتقط أصواتا مختلفة تعبر عن آراؤهم، وكانت كلها تتفق في الهجوم والتقبيح والإدانة والاستنكار، ولكنها كانت تختلف في الأحكام، فقد كان البعض يطالب بقتلى بصفتي مرتدا عن الإسلام، وكان البعض الآخر يطالب بعدم السماح لي بالنوم معهم بالغرفة حتى لا أنجسهم !!!!! و.و.و.لكن رئيس الغرفة الذي سبق اعتقاله عده مرات استخدم خبرته السابقة معي وأصدر قرارات تعرف في المعتقلات باسم: معتقل داخل المعتقل!! وكانت كالآتي: - عدم الصعود إلى إحدى شبابيك الغرفة لكي لا أرى الشمس أو القمر أو السماء أو أي أحد .2- عدم التكلم مع أي معتقل داخل الغرفة .3- عدم النظر إلى أي معتقلا وهو يأكل . 4- عدم المشي ليلا أو نهارا داخل الغرفة .5- عدم التبول أو التبرز نهارا .6- نومي يكون بجوار جردل البـــــول والبراز.فأطعت على الفور ونهضت من مكاني وجلست بجوار جردلى البول والبراز، وأحيانا كان جردل البول يمتليء عن أخره وتنسكب منه المياه على بطانيتي، وكان جردل البراز يخرج منه روائح كريهة، وكان بعض المعتقلين يتبولون على حتى احتج فيضربوني، وكان البعض يتبول على ما تبقى معي من خبز، ثم اخترعوا لي تعذيبا آخر كان سيدفعني إلى الجنون، فقد كانوا يتركوني حتى أنام ثم يكشفون الغطاء عنى ويضعون بين أصابع يداي وقدماي أوراقا كثيرة ثم يشعلون فيها النار دفعة واحدة، فكنت أقوم من النوم مذعورا وأطفيء أكثر المناطق ألما والتهابا في جسدي،وكانوا يضحكون، فكنت أخاف أن أنام وأصبحت رجل لا ينام وكدت أصاب بالجنون . وفى الشتاء يكون البرد قارسا لا يحترم ثقوب بطانيتى فينفذ منها إلى جسدى الهزيل شبه العارى، وكنت استيقظ من النوم ليلاُ لتدليك أطرافي المتجمدة، وكنت أنتهز هذه الفرص وأرنم وأصلى في داخلي بصوت غير مسموع، وكان يدخل إلى الغرفة السجانين الذين سيقومون بحراستنا ليلاً،فيقوم كل واحد من المعتقلين بوضع وجهه نحو الحائط، ثم يقوم الجنود بعملية الإحصاء بالضرب على مؤخرة الرأس فتصطدم الرأس بالحائط، وأحيانا أخرى يكون الإحصاء بالكرباج من أحد الضباط، وكانت عملية التسليم والتسلم تحدث مرتين في اليوم الواحد، وكان كل معتقلا يأتي إليه أحد لزيارته، وكنت الوحيد الذي لا يزوره أحداً، وكان كل معتقل لديه رصيدا ماليا ويستطيع به شراء ما يشاء من كافتيريا المعتقل، وكنت الوحيد الذي ليس له رصيدا، وكان كل معتقلا تصله خطابات كثيرة من أهله وأصدقائه، وكنت أنا الوحيد الذي وصله خطابا واحدا, وكان الطابع العام للمعتقل هو عدم الاستقرار, عذاب دائم، قلق مستمر, تعليمات مختلفة، تفتيش مفاجىءوالعجيب أن هذه الأيام هي أقوى وأجمل وأعظم أيامي الروحية، وحتى هذه اللحظة لا أستطيع أن أعرف ما هي العناصر والأدوات والقوى والطاقات التي جعلتني أصمد في وجه العواصف ولا انهار أمام الأعاصير، حتى هذه اللحظة لا أفهم من أين جاءتني هذه القوة التي جعلت الضربات التي تلقيتها من الخلف تدفعني إلى الأمام والتمسك بالرب يسوع أكثر فأكثر ؟؟وفى يوم ما وجدت قطعة من الحجر الأبيض بارزة من إحدى جدران الغرفة، فأخذتها وكتبت بها على الحائط الذي فوق رأسي:الإرهاب لا يهز كيانى، بل يثبت إيمانى إن عشنا فاللرب نعيش, وإن متنا فاللرب نموت فإن عشنا وإن متنا فاللرب نحن (رو 8:14) يتبعتوقيع صوت صارخ : الآنَ يَقُولُ الرَّبُّ: «ارْجِعُوا إِلَيَّ بِكُلِّ قُلُوبِكُمْ وَبِالصَّوْمِ وَالْبُكَاءِ وَالنَّوْحِ», وَمَزِّقُوا قُلُوبَكُمْ لاَ ثِيَابَكُمْ وَارْجِعُوا إِلَى الرَّبِّ إِلَهِكُمْ لأَنَّهُ رَأُوفٌ رَحِيمٌ بَطِيءُ الْغَضَبِ وَكَثِيرُ الرَّأْفَةِ وَيَنْدَمُ عَلَى الشَّرِّ, لَعَلَّهُ يَرْجِعُ وَيَنْدَمُ فَيُبْقِيَ وَرَاءَهُ بَرَكَةَ تَقْدِمَةٍ وَسَكِيباً لِلرَّبِّ إِلَهِكُمْ, اِضْرِبُوا بِالْبُوقِ فِي صِهْيَوْنَ. قَدِّسُوا صَوْماً. نَادُوا بِاعْتِكَافٍ, اِجْمَعُوا الشَّعْبَ. قَدِّسُوا الْجَمَاعَةَ. احْشِدُوا الشُّيُوخَ. اجْمَعُوا الأَطْفَالَ وَرَاضِعِي الثُّدِيِّ. لِيَخْرُجِ الْعَرِيسُ مِنْ مِخْدَعِهِ وَالْعَرُوسُ مِنْ حَجَلَتِهَا, لِيَبْكِ الْكَهَنَةُ خُدَّامُ الرَّبِّ بَيْنَ الرِّواقِ وَالْمَذْبَحِ وَيَقُولُوا: «اشْفِقْ يَا رَبُّ عَلَى شَعْبِكَ وَلاَ تُسَلِّمْ مِيرَاثَكَ لِلْعَارِ حَتَّى تَجْعَلَهُمُ الأُمَمُ مَثَلاً. لِمَاذَا يَقُولُونَ بَيْنَ الشُّعُوبِ: أَيْنَ إِلَهُهُمْ؟»رسالة من المصلوب؛ إنكم تصلبوننى من جديد !! أنه مازال ينزف, من أجلى ومن أجلك وبعد أن انتهيت من الكتابة جاء رئيس الغرفة ونظر لما كتبت وقال لي : أنني لم أرى خطا جميلا مثل هذا وكنت أظنك جاهلا؛ ثم طلب منى أن اكتب له خطابا إلى زوجته؛ فكتبته له؛ وكان من عادة إدارة المعتقل إن تراجع الخطابات قبل إرسالها ويمزقون الخطابات رديئة الخط أو الخطابات التي تتحدث عن سوء المعاملة؛ وبعد عدة أيام وصل إلى رئيس الغرفة خطابا من زوجته؛ ففرح به جدا وأعطاني رغيفا من الخبز خاليا من الدود والروائح القذرة؛ وأمر بنقلي من جوار جردلى البول والبراز؛ وطلب من المعتقلين بالتوقف عن اهانتي وتعذيبي؛ وانتشر خبر خطى الجميل وخطاباتي التي تصل سريعا داخل المعتقل؛ فكان يأتي إلى غرفتي كثيرا من المعتقلين لأكتب لهم خطاباتهم؛ وكان يأخذني الكثيرين إلى غرفهم لكتابة خطابات لهما؛ وكان بعضهم يسألني لمــــــاذا آمنت بالمســـــــــــــــيح؟ وكنت أجاوبهم بقوة وشجاعة؛ وقد آمن أحدهم وتعمد بيد القديس الراحل القمص يوســـف أســـعد .[/size]وفى يوم 15-5-1971 سمعنا من ميكرفون المعتقل نبأ الإفراج عن جميع المعتقلين بأمر من الرئيس أنور السادات, فخرجت من المعتقل بعد أن مكثت به حوالي أربعة أعوام, ذقت خلالها من الألم والعذاب والإرهاب والاضطهاد والتحدي والجوع والحرمان والفقر والتهديد والاستهزاء والاتهام والاستفزاز والاحتقار والسخرية من اثنين وثلاثون رجلا متعصبا يقيمون معي ليلا ونهارا في غرفة واحدة لعدة سنوات وهم يتعاملون معي على أنني الرجل الذي يجب أن تكرهه.
وليس هذا هو كل ما قد أصابني في المعتقل، فهذا قليل من كثير؛ ومع كل ذلك لم تستطع السجون أن تخيفيني، أو السلاسل أن تضعفني، أو الاضطهاد أن يحد من صلابتي أو البطش أن يثنى عودي أو القهر أن يكتم شهادتي.
وقد استفدت من كل التجارب التي أصابتني داخل المعتقل أكثر مما استفدت من كل التجارب التي أصابتني خارجه؛ فلقد تعلمت في المعتقل أن الحياة مجموعة من المتناقضات وعلى أن أقبلها وأتحملها؛ لأنها من قبل الله الذي لا يخطيء؛ وأن التجارب يمكن احتمالها جميعا وانه لا يوجد موقف يائس وإنما يوجد الإنسان اليائس الذي لا ينتظر الرسم النهائي لخطة الله,
وعن نفسي سأظل شاكرا إحسانات الله على في تلك الأيام الرائعة؛ فقد لمست أنه وحده
ومعي حتى الآن أوراقا رسمية تثبت وجودي في معتقل المغضوب عليهم من أجل إيماني بالرب يسوع . | |
|
salwa foad
مشرفة المنتديات الأخبارية ومنتدي القصائد والتأملات
شفيعـي : باباكيرلس المزاج : عادى الهواية : [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td][أولاد أم النور][/td][/tr][/table]
| موضوع: رد: نهاية الاختبار الأربعاء 11 أغسطس 2010, 3:38 pm | |
| قصه روووعه بتعلمنا قد ايه ان فيه ناس اتحملت من اجل يسوع
ارحمنا يارب ارحمنا ارحمنا شكرااا ليك فرايم ربنا يباركك
| |
|
فرايم حبيب خـادم أم النــور
شفيعـي : دائمه البتولية الهواية : [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td][أولاد أم النور][/td][/tr][/table]
| موضوع: رد: نهاية الاختبار الأربعاء 11 أغسطس 2010, 4:06 pm | |
| | |
|
ابنة مارجرجس
شفيعـي : مارجرجس & سانت تريز المزاج : الحمد لله على كل الأحوال الهواية : [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td][أولاد أم النور][/td][/tr][/table]
| موضوع: رد: نهاية الاختبار الخميس 12 أغسطس 2010, 1:28 am | |
| بجد تجربة تعتبر معجزة فى حد ذاتها مرسى ليك أخى كتير بأنك أعطيتنا بركة هذا الأختبار الرائع فمدام الرب معنا فمن علينا | |
|
فرايم حبيب خـادم أم النــور
شفيعـي : دائمه البتولية الهواية : [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td][أولاد أم النور][/td][/tr][/table]
| |