الحاجة فاطمة والست أم كريستين

الحاجة فاطمة والست أم كريستين

أحمد جمال بدوي يكتب ..
الحاجة فاطمة والست أم كريستين

احمد جمال بدوى .. ابن الوز عوام .. و ابن الكاتب الراحل والمؤرخ المصرى الكبير جمال بدوى رئيس تحرير جريدة الوفد لأكثر من عشرون عاما والكاتب والباحث فى علم المصريات وأحد اهم دارسى التاريخ القبطى فى العالم وبالتالى التاريخ المصرى وصاحب برنامج حكايات مصرية بالتلفزيون المصرى
ونال على عطائه الغزير وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى من الرئيس
حسنى مبارك عام 1995، كما حصل على الجائزة الأولى من جريدة "الشرق الأوسط"
عن أفضل مقال نشر عام 1996، وحاز كتابه "أنا المصري" على أوسكار أفضل كتاب
في لمعرض الدولي للكتاب عام 2004
لذلك حينما يكتب ابنه عن الوحدة الوطنية وامثلة لوحدة هذا الشعب
هو يكتب من طين الأرض الطيبة
لعل جهلة التاريخ والحضارة يفهمون

الحاجة فاطمة والست أم كريستين 822326

.. حماتي الحاجة فاطمة السباعي سيدة مصرية
طنطاوية لو أردت أن أصفها لكم في كلمتين فعليكم استرجاع شخصية الست أمينة
في روائع نجيب محفوظ الثلاث فهي مثال الأم المصرية .. كتلة من الحنان
وطاقة متفجرة من الأمومة والطيبة والتقوي والكرم .. ترملت الحاجة فاطمة
منذ عشرين عاماً فظلت علي حالها وفي حالها تعيش وحيدة في شقتها بطنطا
رافضة كل محاولاتنا أن تعيش معنا في القاهرة .. فهي مطمئنة لسكنها .. فهي
ليست وحيدة فهنالك من يرعاها ويأخذ بحسها إنها جارتها الست أم كريستين ..
وحكت لي حماتي قصتها مع أم كريستين فعادت بي الذاكرة إلي زمن جميل ونبيل
كنت أحسب أنه ولي وغادر سماء هذا الوطن . فأم كريستين هي جارتها المسيحية
وهي زوجة وأم تسكن فوق حماتي منذ سنوات وحين علمت بظروفها وإقامتها وحيدة
بادرت هي بالتعرف عليها ولم ينته الأمر عند حدود " صباح الخير يا جاري
إنت في حالك وأنا في حالي " بل ما يحدث منذ سنوات ويومياً أن هذه الجارة
الكريمة تبدأ يومها بالمرور علي حماتي في طريقها إلي السوق صباحاً لتعرف
طلباتها علي الإفطار والغداء لتشتري لها كل لوازمها فتأتي لها بالخبز
والخضار والدواء وتدخل المطبخ لتعد لها الإفطار قبل أن تخرج وفي إحدي
المرات ضبطتها حماتي وهي تحاول " تشطيب " المطبخ وهي نائمة فغضبت حماتي
بشدة وبكت تأثراً من فعلها لدرجة أن طلبت عدم دخولها الشقة مرة ثانية إذا
كررت ذلك الأمر . تقول حماتي الحاجة فاطمة إن كل المناسبات الدينية
المسيحية والإسلامية لا يمكن أن تمر دون أن يتبادلا المأكولات والحلويات
بل الهدايا وإن أم كريستين في عيد القيامة الأخير أحضرت لها هدية من وادي
النطرون عبارة عن طقم كوبايات شاي عليها صورة البابا شنودة وبلغ حب
الحاجة فاطمة للست أم كريستين أنها لا تكف عن الدعاء لها ولا الحديث عنها
وتعداد فضلها وكرمها وحسن أخلاقها وأنها ترعاها مثل أولادها تماماً .
الأمر الذي دفعني لكتابة هذه السطور لأوجه الشكر والمحبة للسيدة أم
كريستين وأقول لها .. سيدتي الفاضلة أنت نعم الجار ونعم الصديق فأنت
والحاجة فاطمة الدليل الحي علي صلابة هذه الأمة وعراقة أصولها وقوة نسيجها
وعظمة تاريخها .. أنتما بحق خط الدفاع الأول وحائط الصد الأخير أمام كل
المؤامرات ومحاولات التمزيق والتفرقة وإثارة الفتنة وكل ما يحيكه الكارهون
والطامعون في مصر بعد أن تأكدوا أن سر قوة هذا الشعب علي مدار التاريخ هي
فقط في وحدته .. إن الحاجة فاطمة لم تقرأ كتاباً في مفهوم المواطنة ولم
تحضر ندوات عن الوحدة الوطنية ولم تبحث في جذور الفتنة الطائفية، والست
أم كريستين لا تتابع أخبار الحروب الطائفية ولا تشتكي من أي تمييز عنصري
ولا تعرف شيئاً عن أقباط المهجر
لكنهما يعيشان معاً في وفاق وسلاسة دون
أي شعور بالغبن أو الاستعداء ..
جيرتهما الطيبة هي عقيدتهما الواحدة
علاقتهما الإنسانية هي دينهما المشترك
ومحبتهما المتبادلة هي المواطنة في
أحلي وأجمل صورها ..
إنهما مصر حين يعانق هلالها صليبها
بعيداً عن هؤلاء
الموتورين المطالبين بإلغاء المادة الثانية من الدستور
أو إلغاء تدريس
الدين في المدارس ..
أو هؤلاء الذين مازالوا يحملون مشاعر التطرف وأفكار
التزمُت الكريهة ..
فكل هؤلاء يمتنعون حين تلتقي الحاجة فاطمة والست أم
كريستين .

أخي الغالي أ/مجدي بقينا نتحصر على عيشة أيام زمان وناس أيام زمان ونرى بكل حصرة قلب على ما يجري في أيامنا هذه وكيف بقى الإنسان ينظر لإخيه الإنسان هذه النظرة السوداء الحاقدة على كل ما هو محب للسلام والمحبة والفرح والوفاق مع الأسف أجندات طائفية لا ترحم ضربت عرض الحائط الإنسانية الحقة التي طالما نادى بها الله من خلال أنبياءه ورسله وقديسيه هذه الموجة التي تأثر فيها المسيحيين بشكل خاص في بعض الدول العربية وبعض الدول الأجنبية مع الأسف أين أبناء أيام زمان مثل الحاجة فاطمة وأم كريستين في مصر ومثل الحاجة أم عمر وأم جرجيس في العراق ومثلهما في باقي الدول ....

ياريت أخي وحبيب قلبي ونتمنى ودائماً نصلَي ونطلب من الرب يسوع أن يغفر لهم ويعيدهم إلى رشدهم ويتعلمون من الحاجة فاطمة وأم كريستين ما هو معنى الأخوة والعشرة الطيبة والزاد والملح الذي تناولوه معاً ....
الرب يبارك خدمتك