عين لاتشبع ... أذن لاتمتلئ ( جا 1 : 6-8 )6 الريح تذهب الى الجنوب وتدور الى الشمال تذهب دائرة دورانا و الى مداراتها ترجع الريح 7 كل الانهار تجري الى البحر والبحر ليس بملان الى المكان الذي جرت منه الانهار الى هناك تذهب راجعة 8 كل الكلام يقصر لايستطيع الانسان ان يخبر بالكل العين لا تشبع من النظر والاذن لا تمتلئ من السمع . ( جا 1 : 6-8 )
العين والأذن هما نافذتان يطل منهما الإنسان رؤية وسمعا على العالم المحيط به .. بدونهما لايستطيع الإنسان أن يدرك أين هو أو متى أو ما الذى يحيط به ويبقى للإنسان بدون هاتين النافذتين نافذة ثالثه هى اللمس ورابعة هى الشم وخامسة هى التذوق .
وفى هذا الجزء من سفر الجامعه نرى عملا ساهمت فيه نافذتي السمع والبصر .. فالريح لانراها ولكننا نسمع صوت هبوبها من حيث تأتى فندرك دورتها من الجنوب الى الشمال وتستمر فى دورتها باستمرار رجوعها الى مداراتها وهكذا إستطاع الإنسان منذ قديم الزمان أن يدرك حقيقة لم يستطع أن يراها بعينيه ولكنه أحسها بأذنيه وتتبعها فى مساراتها حتى أدرك ما لم تستطع عينه أن تدركه .
والعين أيضا تساهم بنصيبها فى إكتمال ما يحتاجه الإنسان أن يدركه فها النهر يجرى فالى أين يذهب وباستمرار تتبع الإنسان للنهر إذ إستطاع إدراكه بعينه – بإستمرار تتبعه إستطاع الإنسان أن يدرك أن النهر يجرى ليلتقى البحر .. ومع ذلك فالبحر ليس بملآن فما هو هذا البحر ؟!
صحيح أنه ذلك المصب الذى يصب فيه النهر دائما مياهه .. ولكنه مع ذلك يمثل حواس الإنسان التى مهما أدركت فهى دائما لاتشبع ولاتمتلئ . فالعين دائما ترى ولكنها دائما أيضا تتطلع الى أن ترى المزيد والمزيد ولا تشبع أبدا وكذلك الأذن لاتمتلئ ..
فمتى يارب تشبع حواسى حتى لاأحتاج الى التطلع بحواسى لكى لأدرك المزيد ؟ إنه تساؤل ظل يراود سليمان الحكيم الذى نال سؤل قلبه بإقتناء الحكمه إذ منحه الرب الذى يعطى بسخاء ولا يعير .. منحه حكمة لم يرها أحد من قبل ولن يراها أحد من بعده إلا شخص الرب يسوع المسيح الذى فيه تذخر كل كنوز الحكمه .. سليمان الحكيم هذا ظل يطاوع حواسه مهما إشتهت لم يمنعها عنه إلا أنه كان دائما يدرك أنه لامنفعه تحت الشمس ! وأن كل هذا الذى لم يمنعه عن حواسه .. كل هذا ماهو إلا باطل الأباطيل . فاذا كان الكل باطل الأباطيل كما أنه لامنفعة له فلهذا لاتستطيع الحواس أن تشبع أو تمتلئ ... فأين المفر ؟ !
هنا يجيئ صوت الله عبر كل الأزمان مخترقا كل الحواجز حتى قرأناه واضحا فى سفر التكوين عندما خلق الله الإنسان .. لم يكن الإنسان الأول هكذا فها هوذا يرى نفس الأشياء ويسمع نفس الأصوات ولكن ليست لهذه الأشياء ولا لهذه الأصوات سلطان عليه بل كان هو المتسلط عليها بحسب أمر الرب
"تتسلط عليها " ولكن بإقتحام الخطيه طبيعة الإنسان الأول فقد الإنسان هذا السلطان فصارت تتسلط عليه ما كانت هى تحت سلطانه .
ولهذا جاء الرب يسوع فى جسد تواضعنا ليعطينا حياة , وليعطينا الأفضل .. جاء يرد لنا نفس السلطان الذى فقده الإنسان بالخطيه .
فالرب يسوع الذى أكد لنا " ثقوا أنا قد غلبت العالم " أعطانا أيضا أن نعيش نفس هذه الغلبه إذ رد لنا سلطاننا الأول .. فهو أعطانا نفسه مثلا حيا حقيقيا نراه بيننا , كما أعطانا إمكانية أن نشابهه فى غلبته من خلال كلمته وسائر وسائط النعمه .
فها يانفسى جسد الرب ودمه على المذبح كل يوم ينادياننى " تعالى وإقترب منى كى تتبرر من خطاياك "... وها صوته ينادينى فى كتابه " من له أذن للسمع فليسمع مايقوله الروح للكنائس " فهل تستجيبى يانفسى حتى تشبع عينك وتمتلئ أذنك فتعيشين فى فرح حقيقى بالإمتلاء .