رشا خـادم أم النــور
المزاج : كوووول الهواية : [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td][أولاد أم النور][/td][/tr][/table]
| موضوع: الجدِّيَّة والتدقيق بقلم قداسة البابا شنوده الثالث الخميس 05 أبريل 2012, 2:13 pm | |
| الجدِّيَّة والتدقيق بقلم قداسة البابا شنوده الثالث <P dir=rtl style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"> إن الفارق الجوهري بين أكثر الناجحين في حياتهم وغيرهم من الفاشلين، هو عنصر الجِّديَّة في حياة أولئك الناجحين. بحيث شملت الجدِّيَّة كل مناحي الحياة عندهم. نرى ذلك في حياة أصحاب المشروعات، أو كبار رجال الأعمال، أو حتى طلبة الجامعة والمدارس الثانوية، حيث أن الطالب الجاد الذي يهتم بالدراسة والمراجعة وتثبيت المعلومات اهتماماً جاداً، هو الذي يتفوَّق في حياته ويصير ممتازاً. إن الجدِّيَّة في الحياة دليل على الرجولة وقوة الشخصية. فالإنسان الجاد في روحياته، هو إنسان يحترم نفسه، ويحترم مبادئه، ويحترم الكلمة التي تخرج من فمه، ويحترم الطريق الروحي الذي يسلكه. فلذلك هو يتميَّز بالثبات وعدم الزعزعة. إنه كسفينة ضخمة تشق طريقها في بحر الحياة بقوة متجهة نحو هدفها. وليس كقارب تعصف به الأمواج في أي إتجاه.?? الجدِّيَّة في الحياة الروحية لا تقبل الإهمال والتراخي والتردد، والرجوع أحياناً إلى الوراء، ولا تقبل التأرجح بين الفرقتين: محبة العالم، ومحبة اللَّه. والإنسان الروحي الجاد لا يتساهل في حقوق اللَّه مطلقاً. إنه يأخذ حق اللَّه من نفسه أولاً قبل أن يأخذه من غيره. وهو يسلُك في وصية اللَّه بكل حزم وبكل دقة وبكل عُمق. وإذا نذر نذراً، لا يعاود التفكير فيه أو المساومة. ولا يؤجِّل الوفاء بنذره، ولا يحاول استبداله بغيره. ولا يُماطل ولا يرجع في كلمته. إنه بكل جدِّيَّة وبكل سرعة ودِقَّة ينفذ النذر واضعاً أمامه تلك العبارة: " خير لك أن لا تنذر، من أن تنذر ولا تفي ".?? والإنسان الروحي يكون أيضاً جاداً في توبته. لا يؤجل التوبة. وإن ترك خطيئة، يتركها بجدِّيَّة، فلا يعود إليها مرة أخرى. ويكون جاداً في مقاومة الخطايا بكل ضبط للنفس. وما أجمل قول أحد القديسين: " لا أتذكر أن الشياطين قد أطغوني في خطية واحدة مرتين ". والإنسان الجاد في توبته، لا يعذر نفسه في سقطاته، ولا يُقدِّم تبريرات لخطاياه. ولا يضعف أمام الظروف الخارجية وضغطاتها. شأنه في ذلك شأن يوسف الصديق العفيف الذي كانت تضغط عليه الظروف الخارجية، وتحاول إخضاعه للخطية. ولكنه لم يتساهل مطلقاً مع إغراء السقوط، ولا بُحجة أنه كان عبداً وتحت سلطان غيره، وبإمكان سيدته أن تؤذيه.?? والإنسان الجاد، بكل جدِّيَّة وقوة يستخدم أية موهبة منحه اللَّه إيَّاها لتسير في طريق الخير. ولعلَّ في مقدمة هذه المواهب: الوقت. فالإنسان الجاد يعتبر أن الوقت هو جزء من حياته. إن فقد شيئاً منه، يكون قد فقد جزء من حياته. لذلك فهو يستخدم وقته كله من أجل خير المجتمع الذي يعيش فيه، ومن أجل خيره هو شخصياً. وهكذا لا يُضيِّع أي جزء من وقته بغير فائدة.?? إن الجدِّيَّة ترتبط أيضاً بحياة التدقيق. ولكي نفهم التدقيق في عُمقه نفترض الآتي: لنفرض أن ملاكاً أعلن الإنسان أن حياته على الأرض ستنتهي بعد أسبوع. فلا شك أن هذا الإنسان سيسلُك في خلال ذلك الأسبوع بكل تدقيق، استعداداً لأبديته. وعلى هذا القياس نود أن نتحدَّث عن حياة التدقيق. وهكذا فالإنسان الروحي الجاد يُدقِّق في كل علاقاته مع اللَّه، ومع الناس، ومع نفسه. ويكون مُدقِّقاً في كل تصرُّف، وفي كل كلمة يلفظها، وفي كل أفكاره ونيَّاته. ويكون مُدقِّقاً من جهة حواسه ومشاعره وإتجاهاته. ومن جهة مواعيده ووقته والنظام الذي يسير عليه. والإنسان المُدقِّق، لا يكون مُدقِّقاً فقط وهو مع الناس. وإنما حتى حينما يكون في حجرته الخاصة يسلك بتدقيق. إن التدقيق في التصرف قد يكون سهلاً نوعاً ما في حضرة الناس. لأننا بطبيعتنا لا نحب أن ينتقدنا الغير، ونخشى أن ننكشف أمام الناس وتظهر أمامهم عيوبنا. ولذلك فالمقياس الحقيقي للتدقيق هو عندما نكون بمفردنا. وأن يكون التدقيق بدافع داخلي تتمثَّل فيه مبادؤنا وقيمنا.?? الإنسان المُدقِّق كما هو حريص على وقته، هو أيضاً يكون مُدقِّقاً من جهة وقت غيره. فلا يشغل وقت غيره بغير ضابط، وبخاصة لو كان هذا الغير يخجل من أن يصده. لذلك فهو لا يُضيِّع وقت الآخرين في التوافه، أو في أحاديث تأخذ وقتاً لا تستحقه. والإنسان الروحي ينبغي أيضاً أن يكون مُدقِّقاً في كلامه: يزن كل كلمة قبل أن يقولها، سواء من جهة معنى الكلمة أو قصدها أو مناسبتها للمجال أو للسامعين. ومعروف أن السرعة في الكلام أو إبداء الرأي أو السرعة في الحُكم على الآخرين، أو في الاستسلام للغضب، كل ذلك يُعرِّض الإنسان للخطأ فلا يكون مُدقِّقاً أو موفقاً في كلامه. وكما يُدقِّق الإنسان في كلامه، ينبغي أن يُدقِّق في مزاحه وضحكه. فلا يتحول ذلك إلى نوع من التهكم على الغير أو الإستهزاء به. كما ينبغي أيضاً أن يكون مُدقِّقاً في نقضه وفي عتابه وفي توبيخه. فلا يجرح شعور غيره حينما ينصح. ولا يوبِّخ فيحطم.?? والإنسان المُدقِّق تظهر دقته في أداء آيَّة مسئولية تُعهَد إليه. وطبعاً ستقوده هذه الدقة إلى النجاح وإلى إتقان عمله، وإلى إحترام الناس له وثقتهم به.?? على أن البعض قد يُدقِّق فيما يسميه الخطايا الكبيرة. أمَّا ما يسميها بالخطايا الصغيرة، فهو يستهين بها ولا يوبِّخه ضميره عليها. كذلك على الشخص الروحي أن يُدقِّق في كل حركاته، في دخوله وفي خروجه، في صوته وفي مشيته. إن كل خطوة عنده لها حسابها. فلا تجرفه التيارات السائدة. ولا يجاري الأخطاء الشائعة. كما ينبغي أن يكون حكيماً في تدقيقه لا ينجرف بالتدقيق إلى الوسوسة حيث يُكبِّر البعض قيمة الخطأ، أو يظن خطأ حيث لا يوجد خطأ. | |
|