رشا خـادم أم النــور
المزاج : كوووول الهواية : [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td][أولاد أم النور][/td][/tr][/table]
| موضوع: قصة الملك ميداس ولجنة كتابة الدستور الإثنين 09 أبريل 2012, 10:06 am | |
| قصة الملك ميداس ولجنة كتابة الدستور[b][b][b][b]مضى على قيام ثورة اللوتس المصرية 14 شهرا. أخيرا، تمخض الجبل فولد فأرا. الجبل هنا هو الثورة المصرية، والفأر هو اللجنة التي ستكتب، لا قدر الله، الدستور المصري الجديد، أو دستور الإخوان والسلفيين.
كتبت عدة مقالات عن الدستور. ما هو وكيف يكتب وبأيدي من. وقارنته بالدساتير الأخرى، الفرنسية والأمريكية. لذلك أدعي أنني أعلم شيئا عن أسلوب وضع الدساتير. لكن ما يحدث في بلدي شئ، وما حدث ويحدث في البلاد الأخرى شئ آخر.
بعد إنسحاب غير الإسلاميين من لجنة وضع الدستور، الباقي إسلاميين بالطبع. فما هي أفكارهم وماذا نتوقع منهم؟ لقد وقعنا في أيدي ناس، ليسوا مفكرين ولا فلاسفة ولا علماء، ولكن مجموعة من المتعصبين.
معظمهم محامون يجيدون الخطابة والكلام والجدال. لا يؤمنون بالعلوم ولا بالعقل ولا المنطق. يذكروننا بمجموعة السفسطائيين الذين كانوا يعيشون في أثينا أيام سقراط.
بروتاجوراس (490 – 420 ق م)، أشهر السفسطائيين، كان يقول ما يفيد بأن الطريق للوصول إلى النجاح، هو الإعتراف بعادات المجتمع وقبولها. لا لأنها صحيحة، ولكن لأن هذا أفيد للفرد الراغب في النجاح. أو كما نقول نحن بالبلدي "خليك مع الرايجة"، و "إركب الموجة". إذا كانت الموجة هي موجة الإسلاميين، فلنكن إسلاميين.
سفسطائي ثان هو جورجياس (483 – 375 ق م). حارب الفلسفة وأراد أن يسقطها من عليائها، وقام بإستبدالها بعلم البيان.
يأتي بعد ذلك سفسطائي ثالث، هو سراسيماخوس المعروف بالقول المشهور: "العدالة تكون دائما في جانب الأقوى". ونحن نعرف الآن، من تجاربنا المريرة فى الحياة، أن القوانين مثل بيت العنكبوت. يتلعثم فيها الضعيف ويمزقها القوي.
حزب الوفد في بلادنا يتبنى مقولة سعد زغلول: "الحق فوق القوة"، وسراسيماخوس يقول "القوة فوق الحق". ونظام الحكم في بلادنا يثبت أن سراسيماخوس كان أصدق من سعد زغلول وحزب الوفد.
الكلام عن الأخلاق هو في الواقع صراع خفي على السلطة. قضية الحجاب والنقاب في بلادنا اليوم، حسب رأي سراسيماخوس، هي قضية بسط نفوذ وإستعراض عضلات، قبل أن تكون قضية أخلاق.
إثنان آخران هما كاليكليس وكريشياس. كانا سفسطائيين ساخرين. كاليكليس كان يعتبر أن الأخلاق التقليدية هي مجرد أمل الضعفاء والمساكين في كبح جماح الأقوياء.
أنا غير قادر على هذا المفتري الذي يحتكر السلطة وينهب ثروات البلد. لذلك أنادي بالأخلاق وأتوسل للطاغي لكي يلتزم بها. التوسل والإستعطاف هو الخيار الوحيد الباقي للضعيف. خيار السلام أصبح قضية أخلاقية للعرب اليوم. لأن السلام هو حيلة العاجز وسلاح الضعيف.
كان يعتقد كاليكليس في نفس الوقت، أنه من واجب القوي، التخلص من هذه القيود المسماة بالأخلاق عندما يستطيع. لأن هذا هو حقه الطبيعي. أليس هذا ما يفعله الإخوان والسلفيون اليوم. كاليكليس لم يكن مخطئا أبدا.
المهم هنا هو أن يطلب الناس السلطة والقوة بدلا من طلب العدالة. أو كما يقول أولاد البلد "طظ في العدالة". لكن لماذا القوة والسلطة شئ جيد يجب أن نسعى إليهما؟ لأنهما وسيلة للبقاء.
لماذا البقاء شئ جيد؟ لأنه يقود إلى المتعة والرفاهية. السكن في القصور ولبس الثياب السندس الخضر وإستبرق، واقتناء السرائر والقنان، وركوب الجياد المطهمة والسيارات ال "بي إم دبليو"، والإستمتاع بالطعام والشراب والجنس. هذه أهدافنا جميعا الغير معلنة، والتي نتمناها ونخزنها في عقلنا الباطن.
وهذا ما يجب أن يطلبه الإنسان الذكي. ولا يجب أن تضيع الوقت، و "تخلّى نفسك في حاجة". قيم اليونانيين القديمة التي تدعو إلى الوسطية والإعتدال، هي ببساطة قيم "يوك" كما يقول الأتراك، لا تصلح إلا للضعفاء والمساكين.
كريشياس، الذي تبين أنه أقسى السفسطائين، قام بمناهضة الديموقراطية، والدعوة إلى الدكتاتورية. كانت دروسه تنصح الحاكم الذكي باستخدام الخوف والرعب، والدعوة لعبادة آلهة وهمية، للسيطرة على رعاياه.
هو سابق لميكافيللي في إستخدام مقولة: "الغاية تبرر الوسيلة"،وألعن من ميكافيللي في النصيحة بإستخدام الدين وتوظيفه لمصلحتك الشخصية.
من هنا يتضح أن جوهر السفسطائية يتضمن عدم الموضوعية والشك والعدمية. بمعنى أن القيم والمعتقدات التقليدية للمجتمع لا أساس لها من الصحة. وأن الوجود لا معنى له ولا غناء فيه ولا يستحق ثمن بصلة. مما يجعل الهدم لقيم المجتمع أمرا واجبا ومرغوبا فيه لذاته، بمعزل عن أي برنامج إنشائي.
ليس هناك حقيقة موضوعية. إذا وجدت، الإنسان غير قادر على إستيعابها. الذي يعنينا هنا هو الوسيلة والتلاعب بالحقيقة، وليست الحقيقة نفسها التي من الصعب الحصول عليها.
هل فكر الإخوان والسلفيين يبتعد كثيرا عن فكر السفسطائيين؟ استمع إلى صبحي صالح أو أبو بركة عندما يتكلمان. استمع إلى مرشدهم أو إلى مشايخ السلفية. وقل لي بالله عليك هل هناك عقل أو منطق أو قيم فيما يزعمون أو فيما يدافعون عنه.
إنهم يتحدثون بلغة القوة والغلبة. لا بلغة العقل والمنطق. وهذا ما تفعله إسرائيل بالنسبة للفلسطينيين. ثم انظر إلى أسلوبهم في استعراض القوة، وانظر إلى أقوالهم التي تقترب من السفه والجنون:
المطالبة بوقف خبز عيش الكروسان الذي يشبه شكل الهلال. فما دخل الهلال بالإسلام؟ لقد كان شعار الدولة العثمانية، ولم يكن معروفا قبلها.
المطالبة بتحريم جوزة الطيب. الشيخ حازم إسماعيل مرشح الرئاسة.
رفض الوقوف دقيقة حداد على وفاة الانبا شنودة البابا الثالث بطريرك الأقباط الأرثوذكس في مصر.
بعد وفاة الأنبا بيوم واحد، قام السلفي وجدي غنيم إلى التهنئة، متلفظا بكلمات قذرة لا تخرج إلا من فم حيوان عديم الإحساس والمشاعر، حيث قال:"بالأمس بفضل الله تعالى، هلك رأس الكفر والشرك".
رفض السلفيون الوقوف إجلالا لأي رمز وطني مثل النشيد الوطني أو العلم.
قاموا بتكفير الممثل عادل إمام والشاعر أحمد فؤاد نجم.
عبد المنعم الشحات وياسر برهامي يران أن الديموقراطية كفر، وقام البرهامي بتكفير الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح المرشح للرئاسة. ويقول البرهامي أيضا، أن هدف عضو مجلس الشعب يجب أن يكون لنصرة الشريعة.
وإلا كان العضو كافرا ومشاركا في نصرة برلمان كافر. ويقول أن الدساتير المصرية منذ دستور 23 حتى دستور 71، هي أقبح أنواع الكفر، لأنها تقصي الشريعة.
رؤية السلفيين لا تتحدث عن الوطن أو مصر، ولا يذكرونها بكلمة واحدة طيبة. هدفهم من الإشتغال بالسياسة، هو عودة نظام الإمامة والخلافة. وأنه لابد أن يكون للمسلمين خليفة واحد وحاكم واحد.
الإلتزام باللحية والنقاب والدفاع عنهما دفاع المستميت كأنهما أهم من الإسلام نفسه.
يحرم السلفيون آلات اللهو بما فيها من موسيقى وغناء. بناء على مذاهب الأئمة الأربعة كما يقولون.
يحرمون لعبة كرة القدم وكل الألعاب الرياضية.
يحرمون أيضا تصوير كل ذي روح، آدميا كان أوغيره. ويأمرون بطمس الصور والتماثيل ولعن المصوريين، ويرون أنهم أشد الناس عذابا يوم القيامة.
طالب البحري الجلاصي، رئيس حزب الإنفتاح والوفاء السلفي التونسي، في شهر مارس الماضي بتضمين الدستور التونسي نصا يحق بموجبه لكل فرد اتخاذ جارية إلى جانب زوجته والتمتع بما ملكت يمينه.
شن يوسف القرضاوي رئيس التحاد العالمي لعلماء المسلمين، هجوما ضاريا على التيار الليبرالي في مصر. مؤكدا أن أعضاءه دخلاء على البلد وليس لهم مستقبل سياسي، لأنهم يرفضون شريعة الإسلام.
هنا تظهر عنجهية القوة والشعور بالعزة، التي تحاول السيطرة على المشهد السياسي والإجتماعي والثقافي، والتي تحاول اقصاء كل القوى الوطنية الأخرى التي كان لها الفضل في قيام الثورة.
موقف المجلس العسكري بالنسبة للثورة والثوار، شئ محير للغاية. ولا أجد تبريرا لسلوكه غير أنهم ينتمون فكريا لتيار الإخوان والسلفيين. فكيف سمحوا وساعدوا التيارات الإسلامية في السيطرة على كل شئ قبل أن يوضع دستور مدني يحمي حقوق الجميع؟
أيضا، لو كان المجلس العسكري لا يؤيد التيارات الإسلامية، فلماذا يرفع الحظر عن خيرت الشاطر؟ ومنعا للحرج، رفع الحظر عن أيمن نور أيضا. لكن لحسن الحظ، كلاهما لديه مشاكل قانونية تمنع ترشحهما بسبب قضايا سابقة.
كما أن الدكتور على الغتيت في حواره ل"المصري اليوم"، قال أنه سمع من سليم العوا ، بأن العوا، كان مكلفا من المجلس العسكري بأن يجوب المحافظات للترويج لتأييد الإستفتاء وحث المواطنين على التصويت بنعم.
لقد انحاز الإخوان للسلفيين. وفضلوا مصلحة الجماعة وأذرعها الممتده في كل بلاد العالم عن مصلحة بلدهم. واختاروا فكر سيد قطب، وابتعدوا عن اعتدال مؤسس الجماعة حسن البنا. وانحاز لهم المجلس العسكري الذي تقترب أفكاره من أفكارهم.
لقد أسكرتهم القوة إلى الدرجة التي أصبحوا يعشقونها ويريدونها في كل شئ. وهي تذكرنا بأسطور الملك ميداس الذي كان يعشق الذهب. والذهب نوع من القوة.
فقد روت الأساطير أن هذا الملك كان يعشق الذهب أكثر من أي شيء آخر، وكان يقتنيه ويختزنه في الطابق الأسفل في قصره، وكان يتغزَّل به كما يتغزَّل العاشق بمحبوبته.
تسجل الأسطورة أن ميداس تمنَّى لو تمنحه الآلهة القدرة على تحويل أي شيء يلمسه إلى ذهب. تحققت أمنيته وخرج ليجد أن كل ما يلمسه في قصره يتحول إلى ذهب في الحال.
اكتشف أن طعامه وشرابه قد تحولا إلى ذهب خالص. أدرك أنه سوف يموت لا محالة. كانت المفاجأة الكبرى عندما زارته ابنته تشكو إليه أن أزهار الحديقة كلها قد صارت ذهباً. عندما انحنى عليها ليقبلها، تحوَّلت هي الأخرى إلى تمثال بارد من الذهب.
تقول الأسطورة : إن ميداس استطاع أن يتخلَّص من هذه اللعنة باستحمامه في مياه ينبوع يقع عند مصب أحد الأنهار. حمل معه بعض الماء، وصبه على ابنته، فعادت إليها الحياة.
أدرك الملك ميداس أن هناك أشياء أثمن بكثير من الذهب. وأنا أقول للإخوان، أن هناك أشياء أغلى وأجمل وأنبل من مجرد القوة والغلبة. حب السلطة المطلقة مدمر.
يقول اللورد البريطاني أكتون في نهاية القرن التاسع عشر: السلطة مفسدة، والسلطة المطلقة فساد مطلق. الرجال العظام غالبا مايكونون رجالا سيئين. الأشرار هم قبل غيرهم الساعون للسلطة المطلقة.
السلطة مثل الوحش الضارى. إذا لم تروض تدمر الحاكم والمحكوم على السواء. هذا ما يقوله التاريخ. إننا لا نتعلم من التاريخ ونكرر نفس الخطأ.
ننتظر الإخوان والسلفيين، لكي يرحموننا من الظلم الذى نحن فيه. ولكي ينصفوننا وينشروا العدل فى ربوع البلاد. هذا لن يحدث، هكذا يقول التاريخ.
لذلك روضت البلاد المتقدمة السلطة، وقامت بتفتيتها. حرمت أى مسئول من وضع كل السلطات فى يده، مهما كان شأنه وإخلاصه وإيمانه.
قامت بفصل السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية. وأكدت سيادة القانون والحريات وحقوق الإنسان. وقامت بتفتيت كل سلطة من الداخل.
فمثلا السلطة التشريعية، قامت بتفتيتها هى أيضا إلى أكثر من مجلس نيابى. داخل المجلس النيابى الواحد، اختلف وقت انتخاب الأعضاء، حتى لا يتكتلوا جميعهم ويكونون سلطة قوية.
السلطة القضائية مفتتة أيضا إلى قاض ومحلفين. وأنشئت محكمة دستورية عليا لا سلطان عليها حتى لا يُستخدم الدستور والقانون فى إستعباد الناس. رئاسة الجمهورية حددت بفترة أو فترتين على الأكثر، ولمدد محدودة. هذا كله لتفتيت السلطة وترويضها.
لعل قصة الملك ميداس تكون عبرة لمن يعبد السلطة. الذهب ليس هو كل شيء في هذه الحياة. هناك أيضا الحب والعطف والعدل. وهي قيم لا تقدر بمال. ابتسامة طفل برئ أجمل من الدنيا وما فيها.
من شعر الرائع فاروق جويدة:
إستضافة ألجيريان هوست وختاماً ما كان ظني أن تكون نهايتي في آخر المشوار دمع عتاب ويضيع عمري في دروب مدينتي ما بين نار القهر والإرهاب ويكون آخر ما يطلّ على المدى شعب يهرول في سواد نقاب
[/b][/b][/b][/b] [color:d1f9=#f00]للمصدر الأقباط الأحرار | |
|