منتديات أولاد أم النور
بسم الآب والإبن والروح القدس الإله الواحد آمين
♥️†††♥️†††♥️
"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Omy10
مرحبا ً بك زائرنا العزيز
ينبغي عليك أن تعرّف بنفسك لدخول المنتدي
وإن لم يكن لديك حساب بعد، فنحن نتشرف بدعوتك لإنشائه
منتديات أولاد أم النور
بسم الآب والإبن والروح القدس الإله الواحد آمين
♥️†††♥️†††♥️
"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Omy10
مرحبا ً بك زائرنا العزيز
ينبغي عليك أن تعرّف بنفسك لدخول المنتدي
وإن لم يكن لديك حساب بعد، فنحن نتشرف بدعوتك لإنشائه
منتديات أولاد أم النور
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالرئيسية  المجلةالمجلة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  التسجيلالتسجيل  

 

 "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" -

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
انتقل الى الصفحة : 1, 2, 3  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Empty
مُساهمةموضوع: "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" -   "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 6:49 pm

مقدمة
إنّ ما كان من البدء،
ما سمعناه، وما رأينا بأعيننا،
وما تأملناه، وما لمسته أيدينا في شأن كلمة الحياة،
- لأن الحياة قد ظهرت،
لقد رأيناها، ونشهد لها،
ونبشّركم بهذه الحياة الأبدية
التي كانت لدى الآب وظهرت لنا-
إنّ ما رأيناه وسمعناه،
به نبشّركم أنتم أيضاً،
لتكون لكم، أنتم أيضاً، شركة معنا.
وشركتنا نحن، إنّما هي مع الآب،
ومع يسوع المسيح ابنه.
ونكتب لكم بهذه الأمور،
ليكون فرحنا كاملاً" (1 يو 1: 1- 4).
لم نجد أروع من هذه الكلمات لتقديم الجزء الثاني من مجموعتنا: "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر".
لقد
بحثنا في الجزء الأوّل في الله "الآب الضابط الكل، خالق السماوات والأرض"،
الذي ظهر لنا في ملء الأزمنة في كلمته وابنه يسوع المسيح. فني المسيح
رأينا الحياة الإلهية، وسمعناها ولمستهاَ أيدينا.
إلاّ أنّ الله لم يظهر في شخص ابنه يسوع المسيح إلاّ ليشركنا في حياته الإلهية. وهذه الشركة يحققها هو نفسه بواسطة روحه القدوس.
إنّ
المسيح، بعدما صعد إلى الآب، أرسل إلينا من لدنه الروح القدس، الذي به
يبقى معنا حتى انقضاء الدهر، وبه يؤلّه الإنسان ويكوّن الكنيسة.
هذا هو موضوع الجزء الثاني من مجموعتنا. وقد قسّمناه إلى ثلاثة أبواب: الثالوث، الأقدس، النعمة والتألّه، الكنيسة.
تعالج بعض كتب اللاهوت موضوع الثالوث الأقدس حالاً بعد موضوع الله الخالق، وقبل موضوع المسيح ابن الله،
نرى
أن هذا الأسلوب غير ملائم. لأنّ الثالوث الأقدس لم يعتلن في ملئه إلاّ بعد
صعود يسوع إلى السماء وحلول الروح القدس على التلاميذ. وإذّاك بدأت
الكنيسة تعمّد باسم الآب والابن والروح القدس" (متى 28: 19).
لذلك
آثرنا، في عرضنا للاهوت المسيحي، اتّباع طريقة التدبير الخلاصيّ نفسه:
فالآب أرسل إلى العالم الابن (وهذا ما عالجناه في الجزء الأوّل: الله
الآب- ثم يسوع المسيح ابن الله).
ثم إنّ الابن أرسل إلى العالم الروح
القدس من لدن الآب. فاعتلن إذّاك للعالم سرالثالوث الأقدس. وهذا ما نبدأ
به الجزء الثاني (الباب الأول: الثالوث الأقدس).
اما الباب الثاني،
وهو النعمة والتألّه، فيوضح نتيجة عمل الثالوث الأقدس في الإنسان: فالله
يرسل إلينا روحه القدوس ليؤلّهنا، أي ليشركنا بحياته الإلهية: "إنّ شركتنا
هي مع الآب ومع يسوع ابنه"
والباب الثالث، الكنيسة، يبيّن امتداد عمل التألّه هذا إلى شعب الله بأجمعه: "نبشّركم بهذه الحياة كون لكم، أنتم أيضاً، شركة معنا".
من
هنا يبدو لنا أن ديانتنا المسيحية تتّسم ببعض مميّزات حاولنا ابرازها في
عرضنا لمختلف أقسام اللاهوت المسيحي، ونوجزها في النقاط التالية:
1-
ديانتنا المسيحية هي ديانة تاريخية: إنّها تعبّر عن ظهور الله في التاريخ
في شخص ابنه يسوع المسيح وروحه القدوس. لذلك لا ينطلق اللاهوت من تنظيرات
عقلية، بل من خبرة إيمان، اختبر فيها الناس ظهور الله نفسه في تاريخهم
وحياتهم.
2- ديانتنا المسيحية هي ديانة تسبيح لعظائم الله تجاه
الإنسان. فهي لا تستند إلى ما يصنعه الإنسان تجاه الله، بل إلى ما صنعه
الله تجاه الإنسان. فالمبادرة تأتي من الله. فهو الذي أحبّنا أوّلاً:
أحبّنا وخلقنا، أحبّنا وأرسل إلينا ابنه الوحيد، أحبّنا وأرسل إلينا روحه
القدوس. يقول القديس يوحنا الإنجيلي: "على هذا تقوم المحبة: لا أنّا نحن
أحببنا الله، بل هو نفسه أحبّنا، وأرسل ابنه كفّارة عن خطايانا" (1 يو 4:
10).
3- ديانتنا المسيحية هي ديانة التألّه: وهذا ما ردّده آباء
الكنيسة منذ القرون الأولى: "لقد صار الله إنسانًا لكي يصير الإنسان
إلهًا". ان الروح القدس، الذي هو روح الآب وروح الابن، يمكث فينا ليجعلنا
على صورة الابن.
وفكرة التألّه هذه هي الخيط الذهبيّ الذي نسج منه
الفكر المسيحي لاهوته عبر القرون. ونرجو أن ترافق القارئ في قراءته كل
صفحة من صفحات هذا الكتاب.
فالله لا يني يدعو الإنسان إليه. وبين كلفة
الله وجواب الإنسان، يقف الروح القدس الذي يأخذ من المسيح الكلمة ليبلّغنا
إيّاها في أعاق قلوبنا، عاملاً فينا على تأليه البشرية والكون أجمع.
وتلك
الكلمة، "كلمة الحق"، ينطق بها على الدوام روح الحق ويدعوها "الكنيسة".
الكنيسة مكوّنة من أناس خطأة، ولكنّها تحمل في ثناياها المسيح الإله وروحه
القدوس. لذلك هي الهية ومقدسة.
4- ديانتنا المسيحية هي ديانة إلهيّة
وإنسانيّة معًا: ديانتنا هي ديانة الإله المتجسّد. لقد حرمت المجامع
المسكونية الازدواجيِّة النسطوريّة التي ترى في المسيح شخصين، شخصاً
إلهيًا وشخصاً إنسانيًا، متّحدين اتحادًا عّرضياً. كما حرمت بدعة الطبيعة
الواحدة التي تتلاشى فيها الطبيعة الإنسانية لصالح الطبيعة الإلهية، وبدعة
المشيئة الواحدة التي تزول فيها المشيئة الإنسانية لصالح المشيئة الإلهية.
إنّ
هذا التوازن بين العنصر الإلهي والعنصر الإنساني يجب أن يشمل كل المواضيع
اللاهوتية، ولا سيّمَا موضوعي النعمة والكنيسة. فسنبيّن، في موضوع النعمة،
أن العمل البشري، في النظرة المسيحية، هو بكامله عمل الله وبكامله عمل
حرية الإنسان. وكذلك الكنيسة هي في آنٍ معًا هبة الله للبشر ومؤسسة
إنسانيّة؟ هي الاتحاد غير المنظور لله مع البشر، وهي أيضاً البنى الخارجية
من أسار ورتب وصلوات ووظائف خدمة، هي حضور المسيح فيها، وهي أيضاً القربان
الذي يكرّسه الأساقفة والكهنة وسط شعبهم.
5- ديانتنا المسيحية ديانة منفتحة على الفكر المعاصر:
من
الاتزان الضروري بين العنصرين الإلهي والإنساني تنتج ميزة أخيرة حاولنا
أخذها بعين الاعتبار. ألا وهي أن اللاهوت يجب أن يكون في آنٍ معًا
متمسّكًا بالوحي الإلهي وبالتقليد الكتابي والكنسي العريق ومنفتحاً على
تطور الفكر البشري عبر القرون.
اللاهوت علم يحاول التعبير بكلام بشري
عن حقيقة الله وعلاقته بالإنسان. والكلام البشري يخضع حتمًا لتطوّر البيئة
الحضارية التي ينشأ فيها. لذلك كان لا بدّ لنا من أن نعرض لنظرة اللاهوت
المعاصر في مختلف المواضيع التي عالجناها. ان التعدّديّة اللاهوتية أصبحت
اليوم أمراً طبيعياً لدى جميع الكنائس. وانفتاح الكنائس المسيحية بعضها
على بعض يحتّم علينا الانفتاح، ليس على التيارات اللاهوتية الكاثوليكية
وحسب، بل أيضاً على التيارات اللاهوتية الأرثوذكسية والبروتستنتية.
ان
الانفتاح لا يعني مطلقًا القبول بكل شيء دون روح نقدية. لا شكّ في أنّ
اختيارنا لبعض اللاهوتيين المعاصرين قد يُستشفّ منه تحبيذ لآرائهم
وتوجهاتهم اللاهوتيّة. نودّ تنبيه القارئ الكريم إلى أنّ هذا الاختيار لا
يعني حتماً تبنّياً من قبلنا لكلّ الآراء التي نوردها. فهناك آراء متناقضة
نعرضها جنباً إلى جنب. وما التناقض الظاهر في معظم الأحيان الا نظرة إلى
الموضوع من ناحية خاصة. لذلك ندعو القارئ إلى قراءة هذه الفصول بروح
منفتحة ومسؤولة في آنٍ معاً.
إنّ وحي الله قد أتى إلينا في شخصِ إنسان،
وفي كلام إنسان. والكلام البشري الذي ننطق به في اللاهوت يجب أن يتطوّر
وفقاً لتطور الإنسان وحضارته، وذلك في سبيل التعبير تعبيراً ملائماً عن
حقيقة الله التي لا يمكن أيّ عقل بشري أن يدرك غور أبعادها.
وأخيرًا
نودّ أن نلفت انتباه القرّاء إلى أن الجزء الأول من مجموعتنا يعالج
القسمين الأول والثاني من قانون الإيمان، أي من البداية "نؤمن بإله
واحد..." حتى "... الذي لا فناء لملكه".
أما هذا الجزء الثاني فيعالج القسمين الثالث والرابع، أي من "وبالروح القدس..." حتى "مقدسة، رسولية".
أما الجزء الثالث فسيتضمّن القسمين الأخيرين ويبحث في المعمودية وسائر الأسرار وفي "قيامة الموتى والحياة في الدهر الآتي".
الأب سليم بسترس




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Empty
مُساهمةموضوع: رد: "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" -   "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 6:53 pm

الثالوث الأقدس
===========

"وبالروح القدس الرب المحيي، "المنبثق من الآب" "الذي هو مع الآب والابن "مسجود له وممجّد "الناطق بالأنبياء".
كل
مسيحي يعرف اليوم أن الإله الذي يؤمن به هو "إله واحد في ثلاثة أقانيم".
ويبدأ معظم صلواته " باسم الآب والابن والروح القدس، الإله الواحد آمين".
تلك هي العقيدة المسيحية الأساسية، التي بدونها لا وجود لمسيحيّة متميّزة
عن سائر الديانات. وفي تلك العقيدة موجز للإيمان المسيحيّ الذي به يتميّز
المسيحيّون عن غيرهم من المؤمنين بالله.
فمن أين أتت تلك العقيدة؟
وعلى أيّ أسس يرتكز هذا الإيمان؟ كيف نشأت تلك العقيدة، وكيف تطوّرت في
الفكر المسيحيّ منذ القرون الأولى للمسيحيّة، وماذا تعني اليوم للإنسان
المعاصر؟ هذا ما سنحاول بحثه في ثلاثة أقسام:
الثالوث الأقدس في الكتاب المقدس،
الثالوث الأقدس في تاريخ المجامع المسكونيّة والفكر المسيحيّ على مدى العصور،
وأخيرًا لثالوث الأقدس في الفكر اللاهوتيّ المعاصر

الفصل الأول
الثالوث الأقدس
في
الكتاب المقدس

إنّ
وحي الثالوث الأقدس قد أتى إلينا عبر تاريخ الخلاص الذي بلغ كماله في شخص
يسوع المسيح. فعقيدة الثالوث ليست حصيلة تفكير بشريّ نظريّ عن الله، ولا
نتيجة تطوّر ديني بدأ في ديانات الشرق القديم. بل هي تعبير لاهوتي لسرّ
الله الذي ظهر لنا ظهوراً خلاصيّاً في شخص يسوع المسيح. فالمسيح قد أتى
إلينا باس الله حاملاً إلينا خلاص الله، ومن بعد قيامته أرسل إلينا روح
الله. هكذا أوحى لنا الله بذاته آبًا يرسل إلى العالم ابنه المخلّص وروحه
القدّوس. لذلك سيكون محور بحثنا وحي الله بذاته في العهد الجديد.
ولكن قبل ذلك سنتساءل: بمَا أنّ تاريخ الخلاص قد بدأ في العهد القديم، ألا يمكننا أن نجد وحي الثالوث الأقدس حتى في العهد القديم؟
أوّلاً- تهيئة وحي الثالوث الأقدس في العهد القديم
لا
نجد في العهد القديم وحي الثالوث بشكل كامل، وذلك لسبب بسيط، وهو أنّ ابن
الله، الأقنوم الثاني من الثالوث الأقدس، لم يظهر ظهورًا كاملاً إلاّ في
العهد الجديد في شخص يسوع المسيح. وكذلك الروح القدس لم يحلّ على التلاميذ
وعلى كلّ إنسان إلا من بعد قيامة المسيح. ولكن ألا نجد في العهد القديم
عناصر مختلفة هيّأت لهذا الوحي؟
لا بد، قبل المباشرة بالإجابة على
هذا السؤال، من الإشارة إلى أنّ البحث في هذا الموضوع ما كان ممكنًا لو لم
يبلغ الوحي بالثالوث كما له في العهد الجديد. فانطلاقًا ممّا أُوحي به
إلينا في العهد الجديد، نستطيع أن نعود إلى العهد القديمِ لنرى فيه تهيئة
هذا الوحي. وبمَا أنّ عقيدة الثالوث الأقدس في العهد الجديد مرتبطة
ارتباطاً وثيقًا بعلاقة الله بالإنسان بواسطة الابن والروح القدس، فالبحث
في تهيئة تلك العقيدة في العهد القديم لا بدّ له أن يتمحور حول تلك
العلاقة ذاتها في نواحيها الثلاث.
1- علاقة الله الآب بالإنسان
عندما
سأل أحد الكتبة يسوع: "أيّ وصية هي أولى الوصايا جميعًا؟"، أجابه يسوع: "
الأولى هي: اسمع، يا إسرائيل، الربّ إلهنا هو الرب الوحيد. فأحبب الرب
إلهك بكلّ قلبك، وكل نفسك كلّ ذهنك؟ وكلّ قوّتك" (مر 12: 28- 30). تلك
الوصية، التي نجدها في سفر تثنية الاشتراع (6: 5)، والتي كان على كل يهودي
أن يتلوها كل يوم، توجز علاقة الله بالإنسان وعلاقة الإنسان بالله. فالله
هو الإله الوحيد الذي يجب أن يحبّه كلّ إنسان.
هذا الإله الوحيد هو
الله الآب الذي يطلب يسوع أن يثق به الإنسان ويحبّه ويقتدي به: "أحبوا
أعداءكم، وصلوا لأجل الذين يضطهدونكم، لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في
السماوات... فأنتم إذن، كونوا كاملين كما أن أباكم السماوي هو كامل" (متى
5: 44- 48).
يظهر الله الآب في العهد القديم في كلّ ما يقوله العهد
القديم عن الله: الإله الواحد، والإله الخالق، والإله القدوس، والإله
المخلّص، والإله الذي اختار شعبه ليقيم معه عهدًا منذ إبراهيم وإسحق
ويعقوب حتى موسى وداود وسائر الأنبياء.
إلى جانب هذه التسميات التي
يدعو بها العهد القديم الله، يمكن أن نضع تسمية "الأب"، كما نقرأ مثلاً في
سفر أشعيا: "يا رب، أنت أبونا. نحن الطين وأنت جابلنا، ونحن جميعًا عمل
يديك" (أش 64: "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Icon_cool.
ففي هذه العبارة يدعى الله أبا، لأنه الخالق. وفي نصّ آخر يدعى الله أبًا
لأنّه المخلّص والفادي: "أنت يا رب أبونا وفادينا، منذ الدهر اسمك" (أش
63: 16). وفي تثنية الاشتراع نجد علاقة بين تسمية الله "أبًا" وإيمان
الشعب بأنّ الله هو الذي خلقهم واختارهم نصيبًا له: "أبهذا تكافئ الرب،
أيها الشعب الأحمق الذي لا حكمة له؟ أليس أنه هو أبوك مالكك الذي فطرك
وأبدعك؟ سل أباك ينبئك وأشياخك يحدّثوك، حين قسم العلي الأمم... لأنّ نصيب
الرب شعبه، يعقوب حبل ميراثه... الصخر الذي ولدك تركته، والإله الذي أنشأك
نسيته. فرأى الرب واغتاظ لما أغضبه بنوه وبناته" (تث 32: 6- 19).
وفي
تلك الأبوّة يجد الأنبياء حافزًا لدعوة الشعب إلى القداسة: فإنّ دعوة سفر
الأحبار: "كونوا قديسين، لأني أنا الربّ إلهكم قدوس" (أح 19: 2) تجد صداها
في نبوءة إرميا مع ذكر أبوّة الله لشعبه: "ارجعي إليّ، يقول الرب، أما
دعوتِني منذ ذلك الوقت: يا أبتِ، أنت مرشد صبائي... إرجعوا أيّها البنون
المرتدّون، فأشفي ارتداداتكم" (إر 3: 1، 4، 19، 22). "يأتون باكين
وأهديهم... لأنّي أب لاسرائيل، وأفرائيم بكر لي" (إر 31: 9). وفي ذلك يقول
أيضاً النبي ملاخي: "الابن يكرم أباه، والعبد يكرم سيّده، فإن كنت أنا
أبًا، فأين كرامتي، وإن كنت سيّدًا، فأين مهابتي؟" (ملا 1: 6). "أليس أب
واحد لجميعنا؟ أليس الله واحد خلقنا؟ فلِمَ يغدر الواحد بأخيه مدنّسًا عهد
آبائنا؟" (ملا 10:2).
وهوشع النبي يجمع بين محبة الأب وحنان الأم: "اذ
كان اسرائيل صبيًّا أحببته، ومن مصر دعوت ابني... وأنا درّجت أفرائيم
وحملتهم على ذراعيّ، لكنّهم لم يعلموا أني أنا أبرأتهم" (هو 11: 1- 2).
وكذلك يقول أشعيا: "أتنسى المرأة مُرضَعها فلا ترحم ابن بطنها؟ لكن ولو
أنّ هؤلاء نسين، لا أنساكِ أنا" (اش 49: 15).
ان الملك يدعى "ابن
الله"، والله هو أب له بنوع خاصّ. فنقرأ في المزمور 88: "وجدت داود عبدي،
بدهن قداستي مسحته... يدعوني: إنّك أبي وإلهي وصخرة خلاصي، وأنا أجعله
بكراً عليّا فوق ملوك الأرض" (مز 88: 21، 27- 28). وغي نبوّة ناتان لداود
النبي، ترد أيضاً الفكرة ذاتها: "إذا تمّت أيّامك واضطجعتَ مع آبائك،
وأقمتُ من يليك من نسلك الذي يخرج من صلبك، وأقررتُ ملكه، فهو يبني بيتًا
لاسمي، وأنا أقرّ عرش ملكه إلى الأبد. أنا أكون له أبًا وهو يكون لي
ابنًا" (2 ملو 7: 12- 14). والمزمور الثاني يوضح تلك الأبوّة الخاصة
ويؤكّدها: "قام ملوك الأرض والعظماء ائتمروا معا على الرب وعلى مسيحه...
حينئذ يكلّمهم بسخطه وبغضبه يروّعهم: إنّي مسحت ملكي على صهيون جبل قدسي،
لأخبرنّ بحكم الرب. قال لي: أنت ابنى، أنا اليوم ولدتك. سلني فأعطيك الأمم
ميراثًا لك وأقاصي الأرض ملكًا لك" (مز 2: 2- "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Icon_cool.
خلاصة
القول أنّ هناك مقاطع عديدة من العهد القديم تدعو الله أبًا للشعب، وبنوع
خاصّ للملك وللمسيح المنتظر، مظهرة محبة الله لأبنائه وداعية إياهم إلى
الإيمان بتلك المحبة وإلى الجواب عليها بمحبة متبادلة وسيرة مقدّسة.



"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Waitloadinglp0
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Empty
مُساهمةموضوع: رد: "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" -   "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 6:55 pm

2- علاقة الله بالإنسان بكلمته وحكمته
إن
علاقة الله بالإنسان تظهر في العهد القديم بنوع خاصّ في كلمته وحكمته
وروحه. فكل ما قيل في العهد القديم عن كلمة الله وحكمته وجد تحقيقه في
العهد الجديد في شخص يسوع المسيح. وكل ما قيل عن روح الله وجد تحقيقه في
الروح القدس. لذلك يمكننا أن نرى في هذه المفاهيم تهيئة لظهور الابن
والروح، الاقنوم الثاني والاقنوم الثالث من الثالوث الأقدس.
أ) كلمة الله
الكلمة
هي تعبير عن فكر الإنسان وتعبير عن إرادته. وفي حال غياب الإنسان تمثّل
كلمته نوعًا من حضوره. هكذا كلمة الله في الكتاب المقدس هي حضور الله في
وسط شعبه. ويتّسم هذا الحضور بثلاث سِمَات: فكلمة الله تكوّن الشعب،
وتخلّصه، وتخلق الكون.
* إن الله، بكلمته، يكشف لشعبة. علاقته به
وتصميمه تجاهه. فهو الذي اختار شعبه "ليكونوا له خاصة من جميع الشعوب".
وهذا ما أعلنه لموسى على جبل سيناء:
"وصعد موسى إلى الله، فناداه
الرب من الجبل قائلاً: كذا نقول لآل يعقوب وتخبر بني إسرائيل. قد رأيتم ما
صنعت بالمصريّين وكيف حملتكم على أجنحة النسور، وأتيت بكم إليّ. والآن إن
امتثلتم أوامري وحفظتم عهدي، فإنّكم تكونون لي خاصة من جميع الشعوب، لأن
جميع الأرض لي، وأنتم تكونون لي مملكة أحبار وشعبًا مقدّسًا" (خر 19: 3-
6).
وعلى جبل سيناء أوصى الله موسى أن يكتب "كلام العهد الكلمات العشر"
(خر 34: 2"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Icon_cool، أي وصايا الله العشر التي ستكون القاعدة والأساس لحياة الشعب
وعلاقته بالله. فالشعب يكوّن وينشأ ويصير شعبًا مقدسًا لله بحفظه كلام
الله. فكلمة الله هي إذن التي تخلق شعب الله، أي تجعل من جماعة من الناس
شعب الله المقدس.
* ثم إن كلمة الله ترافق الشعب الذي خلقته لتقوده مدى
تاريخه وتخلّصه. وذلك بواسطة الأنبياء الذين لا يتكلمون من ذواتهم بل
ينقلون إلى الشعب كلام الله. فيقول أشعيا: "إستمعي أيتها السماوات، وأنصتي
أيتها الأرض، فإنّ الربّ قد تكلّم" (أش 1: 2). ومعظم الأنبياء يبدأون
نبوءاتهم بالعبارة التالية: "هكذا قال الرب" (عا 1: 3، 11؛ 2: 1؛ 3: 1).
وكلمة الله هذه التي تُلقى إليهم تصير جزءًا منهم. وهذا ما يعبّر عنه
إرميا وحزقيال بتعبير رمزيّ، "بأكل" كلمة الله. يقول إرميا:
"إن كلماتك قد بلغت إليّ، فأكلتُها، فكانت لي كلمتك سرورًا وفرحًا في قلبي، لأنّ اسمك ألقي عليّ، أيها الرب إله الجنود" (ار 15: 6).
ويسمع حزقيال صوت الله يقول له:
"يا
ابن البشر، إني مرسلك إلى بني إسرائيل... فاسمع ما أكلّمك به... افتح فك
وكُلْ ما أناولك". ويناوله الله كتابًا فيأكله، "فيصير في فمه كالعسل" ثم
"ينطلق ليكلّم الشعب بكلام الله" (راجع حز 2- 3).
وعندما تثقل كلمة
الله على النبيّ لعدم إصغاء الناس إليها، يودّ ألاّ ينطق بها، بيد أنها
"تصير في قلبه كنار محرقة" (ار 20: 9)، ولا يستطيع إلاّ أن يتكلّم بها.
ولكونها كلمة الله نفسه، فلا يمكن إلاّ أن تؤتي فعلها، حسب قول أشعيا:
"كما
ينزل المطر والثلج من السماء ولا يرجع إلى هناك، بل يروي الأرض، ويجعلها
تنشئ وتنبت لتؤتي الزارع زرعًا والآكل طعامًا، كذلك تكون كلمتي التي تخرج
من فمي لا ترجع إليّ فارغة، بل تتمّ ما شئت وتنجح في ما أرسلها له" (أش
55: 10- 12).
وكلمة الله هذه تقود الشعب وعليه وتخلّصه، وإن شعر النبيّ
بضعفه وتردّده إزاء التبشير بها. فالله هو نفسه الذي يسهر على كلمته
ليجريها. فعندما أعلن الله كلمته لإرميا النبيّ، خاف إرميا وقال لله:
"هاءنذا لا أعرف أن أتكلّم لأني صبيّ، فقال له الرب: "لا تخف من وجوههم،
فإنّي معدّ لإنقاذك". ثم مدّ الرب يده ولمس فمه وقال له: "هاءنذا قد جعلت
كلامي في فمك. أنظر: إنّي أقمتك اليوم على الأمم وعلى الممالك لتقلع وتهدم
وتهلك وتنقض وتبني وتغرس". ثم قال له الرب: "ماذا أنت راءٍ يا إرميا؟"،
فقال: "إني راءٍ قضيبا ساهرًا". فقال له الرب: " قد أحسنت في ما رأيت،
فإني ساهر على كلمتي لأجريها" (ار 1: 6- 12).
لذلك يرجو الشعب كلمة
الله لأنها تخلّصهم: "أرسل كلمته فشفاهم ونجّاهم من مهالكهم" (مز 106:
20). وتؤكد المزامير بنوع خاصّ رجاء المؤمن بكلمة الله وحمده الله على
كلمته: "أحمد الله على كلامه، أحمد الرب على كلامه" (مز 55: 11)، "ذابت
نفسي شوقًا إلى خلاصك، إنّما رجوت كلمتك، كلّت عيناي من انتظار أقوالك،
وأنا أقول متى تعزّيني" (مز 118: 81، 114، 147)
* انطلاقًا من كلمة
الله التي تخلق الشعب وتخلّصه، توصلت أسفار العهد القديم الأحدث عهدًا إلى
القول إنّ كلمة الله أيضاً التي خلقت الكون. ففيمَا تصف رواية الخلق
الأقدم عهدًا أنّ الله جبل الإنسان من طين، تصف الرواية الأحدث أنّ الله
خلق الكون والإنسان بكلمته: "وقال الله: ليكن نور، فكان نور..." (تك 1: 3-
26). ونجد هذا التعبير عن الخلق بالكلمة في المزامير والأسفار الحكمية:
"بكلمة الرب صنعت السماوات، وبروح فيه كل جنودها" (مز 32: 6). "الرب صانع
الجميع بكلمته" (حك 9: 1).
إن كلمة الله التي بها يكوّن الله شعبه
ويرافقه ويخلّصه، والتي بها يخلق الكون، تشير في آن معًا إلى تسامي الله
عن الكون والإنسان من جهة، وإلى حضوره في الكون وقربه من الإنسان من جهة
أخرى. وكل ما قيل عن كلمة الله في العهد القديم سيرى العهد الجديد، ولا
سيّمَا يوحنا الإنجيلي (يو 1: 1- 1"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Icon_cool، تحقيقه تحقيقًا كاملاً في المسيح
الذي هو كلمة الله المتجسّد.
ب) حكمة الله
هناك علاقة وثيقة بين كلمة الله وحكمة الله. فكلاهما
تخلقان الكون وتكوّنان الإنسان وتقودانه وترشدانه إلى إرادة الله وإلى كل
عمل مقدّس. هذا ما نقرأه في سفر الحكمة الذي يجمع بين كلمة الله وحكمته،
فيقول:
"يا إله الآباء، يا ربّ الرحمة، يا صانع الجميع بكلمتك، وفاطر
الإنسان بحكمتك، لكي يسود على الخلائق التي كوّنتها، ويسوس العالم
بالقداسة والبرّ، ويجري الحكم باستقامة النفس، هب لي الحكمة الجالسة إلى
عرشك ولا ترذلني من بين بنيك... فإن كان في بني البشر أحد كامل ولم تكن
معه الحكمة التي منك لا يُحسب شيئًا... فأرسلها من السماوات المقدسة
وابعثها من عرش مجدك، حتى إذا حضرت تجدّ معي وأعلم ما المرضيّ لديك. فإنها
تعلم وتفهم كلّ شيء، فتكون لي في أفعالي مرشداً فطينا وبعزّها تحفظني...
نحن بالجهد نتمثّل ما على الأرض وبالكدّ ندرك ما بين أيدينا، فمَا في
السماوات من اطّلع عليه، ومن علم مشورتك لو لم تؤتِ الحكمة وتبعث روحك
القدوس من الأعالي، فإنه كذلك قوّمتَ سبل الذين على الأرض وتعلّم الناس
مرضاتك. والحكمة هي التي خلّصت كلّ من أرضاك منذ البدء". (حك 9: 1- 19).
تلك الحكمة تراها الأسفار المقدسة موجودة الله منذ الأزل:
"الرب
حازني في أول طريقه قبل ما عمله منذ البدء. من الأزل مُسحتُ من الأوّل قبل
أن كانت الأرض. ولدتُ حين لم تكن الغمار والينابيع الغزيرة المياه. قبل أن
أقرّت الجبال وقبل التلال وُلدتُ. اذ كان لم يصنع الأرض بعد... كنت عنده
مهندسًا... طوبى للإنسان الذي يسمع لي... فانه من وجدني وجد الحياة" (أم
8: 22- 36).
وهي، على مثال كلمة الله، قد خرجت من فم الله. "اني خرجت
من فم العليّ بكرا قبل كل خليقة، وجعلت النور يشرق في السماوات على
الدوام... قبل الدهر من الأوّل حازني، وإلى الأبد لا أزول" (سير 24: 5- 6،
14).
ان العهد الجديد سيرى في يسوع المسيح "حكمة الله" (1 كو 1: 24)، و"ضياء مجده وصورة جوهره وضابط كل شيء بكلمة قدرته" (عب 1: 3).
في
العهد القديم كرز الأنباء بكلمة الله، وتكلّم سليمان بحكمة الله أمّا في
العهد الجديد، فقد حضرت إلينا كلمة الله وحكمته في شخص يسوع المسيح:
"رجال
نينوي سيقومون، في الدينونة، مع هذا الجيل، ويحكمون عليه، لأنهم تابوا
بوعظ يونان، وههنا أعظم من يونان. ملكة الجنوب ستقوم، في الدينونة، مع هذا
الجيل، وتحكم عليه، لأنها أتت من أقاصي الأرض لتسمع حكمة سليمان، وههنا
أعظم من سليمان" (متى 12: 41- 42).
3- روح الله في العهد القديم
إنّ
حضور الله في الكون والإنسان يتّخذ نوعًا آخر، إلى جانب حضوره بكلمته
وحكمته، وهو حضوره بروحه. والروح، في العهد القديم، هو قدرة الله التي
تظهر في الطبيعة وفي الإنسان، ولا سيّمَا في من يختارهم الله من ملوك
وأنبياء وكهنة، على أن تشمل جميع الناس في الأزمنة الأخيرة.
أ) الريح
إنّ
اللفظة العبرية للروح هي "رُوَح"، ترد 389 مرّة في العهد القديم، ولكنّها
لا تعني فقط الروح القدس أو روح الله، بل أيضاً "الريح"، أي الهواء، أكان
نسمة خفيفة أم ريحًا عاصفة. وتعني كذلك نَفَس الإنسان وروحه.
لقد اختبر
الإنسان أوّلاً عمل الريح في الكون ونسبه إلى الله. " فالله هو الذي أرسل
الريح على الأرض لتتناقص المياه بعد الطوفان" (تك 8: 1)، وهو الذي جعل
الرياح تهبّ لينزل المطر مع إيليّا النبيّ (3 ملوك 18: 45)، وهو الذي "ساق
ريحًا شرقية على الأرض" حملت معها الجراد إلى مصر، ثم "ردّ ريحًا غربية
شديدة جدًا فحملت الجراد وطرحته في بحر القُلْزُم" (تك 10: 13، 19). وكذلك
عندما مدّ موسى يده على البحر، أرسل الرب ريحًا شرقية شديدة جفّفت البحر
الأحمر ليمر فيه العبرانيون (تك 14: 21). والريح خاضعة لسلطة الله، على
غرار جميع الكائنات، يستخدمها متى شاء: "هو الذي صنع الأزض بقوّته...
بصوته يجمع غمار مياه في السماء، وينشئ السحب من أقصى الأرض، ويحدث البروق
للمطر، ويبرز الرّيح من خزائنه" (إر 10: 13). "الشعب قد يبس وزهره قد سقط
لأنّ ريح الرب هبّت فيه" (أش 40: 1)
ب) روح الإنسان
فالمعنى الأوّل
للفظة "رُوَح" متعلّق إذًا بقوّة في الطبيعة تعطيها الحياة. والمعنى
الثاني مرتبط بقوة في الإنسان تعطيه الحياة. فالرُوَح هي نَفَس الإنسان
وروحه، نفخها الله ذاته في الإنسان، حسب رواية سفر التكوين: "وإنّ الرب
الإله جبل الإنسان من تراب من الأرض، ونفخ في أنفه نسمة حياة، فصار
الإنسان نفسًا حيّة" (تك 2: 7).
لهذا نرى أن الروح في العهد القديم أمر
واقعيّ يمكن الإنسان، وإن لم يره، أن يشعر به ويدرك فاعليّته. فكما يشعر
بعمل الريح في الطبيعة، كذلك يشعر بذاته كائنًا يتنفّس وروحه فيه.


"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Waitloadinglp0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Empty
مُساهمةموضوع: رد: "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" -   "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 6:59 pm

ج) روح الله
أمّا المعنى الثالث للفظة "رُوَح" فهو روح الله لنفسه، الذي يستطيع الإنسان أن يدرك وجوده من خلال عمله في الطبيعة وعمله في الإنسان.
إن
روح الله هو روح القدرة، الذي يعطي الحياة لجميع الكائنات. فهو الذي خلق
كلّ شيء، كما جاء في الآيات الأولى من سفر التكوين: "في البدء خلق الله
السماوات والأرض. وكانت الأرض خربة وخالية، وعلى وجه الغمر ظلام، وروح
الله يرفّ على وجه المياه" (تك 1: 1-2)، وكما جاء أيضاً في المزامير:
"الجميع يرجونك لترزقهم القوت في حينه... تحجب وجهك فيفزعون، تقبض أرواحهم
فيموتون وإلى ترابهم يعودون. ترسل روحك فيُخلقون، وتجدّد وجه الأرض" (مز
103: 27- 30).
وتؤكّد مختلف أسفار العهد القديم أنّ روح الله هو الذي
يعمل في الذي اختارهم ليقودوا شعبه، كالقضاة والملوك والأنبياء. فعن
عشنيئيل يقول سفر القضاة: "وكان روح الرب عليه، فتولّى القضاء لإسرائيل"
(قض 3: 10)، وعن شمشون، عندما برز أمامه شبل لبؤة يزأر في وجهه: "فحلّت
عليه روح الرب، ففسخه كما يفسخ الجدي، ولم يكن في يده شيء" (قض 14: 6).
وكذلك "حلّ روح الرب على شاول عندما مسحه صموئيل بالزيت، فأخذ يتنبّأ" (1
ملوك 10: 6). وعندما مسح صموئيل داود "حلّ روح الرب على داود من ذلك اليوم
فصاعدًا... وفارق روح الرب شاول وزعجه روح شرّير من لدن الرب" (1 ملوك 16:
13، 14).
إنّ روح الرب يحلّ على الملوك فيمنحهم قوّة إلهيّة. وكذلك
يحلّ على الأنبياء فيجعلهم يعملون ويتكلّمون باسم الرب، فنرى إيليا يقوده
"روح الرب" (3 ملوك 18: 12)، وعند وفاته ينتقل روح الرب الذي كان حالاًّ
عليه إلى أليشع: "ورآه بنو الأنبياء الذين في أريحا تجاهه، فقالوا: قد
حلّت روح إيليا على أليشع" (4 ملوك 2: 15). وميخا النبي يرى في روح الرب
قوّة لإعلان كلام الرب: "لكنّي قد امتلأت قوّة بروح الرب، وحكمًا وبأسًا،
لأخبر يعقوب بمعصيته وإسرائيل بخطيئته" (ميخا 3: "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Icon_cool.
د) روح الله في الأزمنة الأخير
أمّا
الذي سيحلّ عليه روح الرب بشكل دائم فهو المسيح، كما جاء في نبؤة أشعيا:
"ويخرج قضيب من جذر يسَّى، ويَنمي فرع من أصوله. ويستقرّ عليه روح الرب،
روح الحكمة والفهم، روح المشورة والقوّة، روح العلم وتقوى الرب" (أش 11:
1، 2). ويرى أشعيا الثاني روح الرب يحلّ على المسيح ليوصل رسالة الرب إلى
جميع الأمم: "هوذا عبدي الذي أعضده، مختاري الذي سارت به نفسي، قد جعلتُ
روحي عليه، فهو يبدي الحكم للأمم، لا يصيح ولا يجلّب، ولا يُسمِع صوتَه في
الشوارع. قصبة مرضوضة لا يكسر، وكتّانًا مدخنًا لا يطفئ. يبرز الحكم بحسب
الحق. لا يني ولا ينكسر، إلى أن يجعل الحكم في الأرض، فلشريعته تنتظر
الأمم" (أش 42: 1- 3)؛ "إنّ روح السيّد الرب عليّ، لأنّ الرب مسحني لأبشّر
المساكين، وأرسلني لأجبر المنكسري القلوب، وأنادي بعتق للمسبيّين وبتخلية
للمأسورين، لأنادي بسنة الرب المقبولة" (أش 61: 1- 3).
وبواسطة المسيح
سيحلّ روح الرب على جميع الناس ليسلكوا بحسب وصايا الله. وهذا ما يعلنه
حزقيال، "نبي الروح": "أعطيهم قلباً واحدًا وأجعل في أحشائهم روحًا
جديدًا، وأنزع من لحمهم قلب الحجر، وأعطيهم قلبًا من لحم، لكي يسلكوا في
رسومي ويحفظوا أحكامي ويعملوا بها، فيكونون لي شعبًا وأكون لهم إلهًا" (حز
11: 19، 20؛ راجع أيضاً 36: 26- 28).
وهذا ما يتنبّأ به يوئيل للأزمنة
الماسياوية الأخيرة: "وسيكون بعد هذه أني أفيض روحيي على كلّ بشر فيتنبّأ
بنوكم وبناتكم، ويرى شبّانكم رؤى، ويحلم شيوخكم أحلامًا. وعلى عبيدي أيضاً
وإمائي أفيض روحي في تلك الأيام" (يوء 2: 28، 29).
وهكذا لن يعود حلول
الروح هبة خاصة بالملوك والأنبياء، بل يعطى لشعب الله بأجمعه. وهذا الروح
هو الذي سيجدّد قلب الإنسان من الداخل ليحمله على السلوك بحسب وصايا الله
فالخاطئ يُحزن الروح القدس: "لكنّهم تمرّدوا وأحزنوا روَحه القدوس" (أش
63: 10). لذلك يطلب المزمور الخمسون: "قلباً طاهراً فيّ يا الله، وروحاً
مستقيمًا جدّد في أحشائي. لا تطّرحني من أمام وجهك، ولا تنزع مني روحك
القدوس" (مز 50: 13). ويقول سفر الحكمة في هذا الصدد: "من علم مشورتك لو
لم تؤتِ الحكمة، وتبعث روحك القدوس من الأعالي؟" (حك 9: 17). وهذا الروح
القدس يدخل إلى أعماق الإنسان و يملأه حكمة: "انّ الحكمة مهندسة كلّ شيء
هي علّمتني. فإنّ فيها الروح الفهِم القدوس، المولود الوحيد ذا المزايا
الكثيرة، اللطيف السرج الحركة، الفصيح الطاهر النيّر السليم، المحبّ
للخير، الحديد الحرّ المحسن، المحبّ للبشر، الثابت الراسخ، المطمئن
القدير، الرقيب الذي ينفذ جميع الأرواح الفهمة الطاهرة اللطيفة" (حك 7:
21- 23).
وهذا الروح لن يترك الإنسان: "هذا عهدي معهم، قال الرب: روحي
الذي عليك وكلامي الذي جعلته في فمك لايزول من فمك، ولا من فم نسلك، ولا
من فم نسل نسلك، قال الرب، من الآن وإلى الأبد" (أش 59: 21).
والروح الذي سيرسله الرب في الأيام الأخيرة سيُحيي الأموات، كما جاء في نبوءة حزقيال على العظام اليابسة:
"وكانت
عليّ يد الرب، فأخرجني الرب بالروح، ووضعني في وسط البقعة، وهي ممتلئة
عظامًا... وقال لي: تنبّأ نحو الروح، تنبّأ يا ابن البشر، وقل للروح: هكذا
قال السيد الرب، هلمّ أيها الروح من الرياح الأربع، وهبّ في هؤلاء
المقتولين فيحيوا. فتنبّأت كما أمرني. فدخل فيهم الروح، فحيوا وقاموا على
أرجلهم جيشًا عظيمًا جدًّا جدّاً... هكذا قال السيد الرب: ها أناذا أفتح
قبوركم وأصعدكم من قبوركم... وأجعل روحي فيكم فتحيون" (حز 37: 1- 14).
خلاصة
القول انّ الروح في العهد القد يظهر على ثلاثة أوجه يظهر أوّلاً كقدرة
حياة تحيي كل خليقة، ويظهر ثانياً في كلام الأنبياء والمعجزات التي يقومون
بها باسم الله، ويظهر أخيراً كوعد للأزمنة الأخيرة التي فيها سيأتي المسيح
ممتلئًا من الروح القدس، وبواسطته سيحلّ الروح القدس على جميع الشعب وفي
داخلهم، كقوّة قداسة وينبوع حياة جديدة.
وفي جميع هذه الوجوه، لا يبدو
الروح كقدرة مستقلّة عن الله، بل كقدرة مرتبطة بالله. وحضوره هو حضور
واقعي وسرّي في آن واحد، فالله يعمل بواسطة روحه القدوس في قلب العالم،
ولكنّه يبقى متعاليًا عن العالم.
خلاصة
هكذا أوحى الله بذاته في
العهد القديم: إلها أبًا يخلق العالم ويخلّصه بكلمته وروحه. وتلك هي
التهيئة التي نجدها في العهد القديم لكشف سرّ الثالوث الأقدس في العهد
الجديد. فمَا يجب تأكيده هو أن الله لا يكشف ذاته إلا من خلال علاقته
بالإنسان. وقد ظهرت لنا تلك العلاقة علاقة ثالوثيّة: فالله هو الآب،
والكلمة والروح هما قدرة الله وحضوره اللذان يتّصل بهما بالعالم فيخلقه
ويرشده ويخلّصه ويحييه. إنهما، كما يقول القديس إيرناوس، "يدا الله".
وهكذا
يتبيّن لنا ما قلناه في مستهلّ بحثنا أن أيّ محاولة لاهوتيّة للدخول في
سرّ الثالوث الأقدس يجب ألا تنطلق من التأمّل النظريّ الفلسفيّ في الذات
الإلهية لمعرفة تكوينها الباطنيّ، بل من وحي الله لذاته في تاريخ الخلاص.
فالله في العهد القديم من تاريخ الخلاص أوحى بذاته أباً يخلق ويخلص.
"وروحه. وفي العهد الجديد بلغ وحي الله كماله، إذ أرسل إلينا الله ابنه
الوحيد، وبالابن عرفنا الآب وعرفنا الروح القدس.

"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Waitloadinglp0


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Empty
مُساهمةموضوع: رد: "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" -   "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 7:02 pm

ثانيًا- الثالوث الأقدس في العهد الجديد
==============

توطئة:
منهجيّة البحث في الثالوث الأقدس في العهد الجديد


إنّ
من أراد البحث في عقيدة الثالوث الأقدس كما وردت في العهد الجديد يصطدم
بصعوبات وعقبات متعدّدة لا بدّ له من أخذها بعين الاعتبار لئلاّ يقع في
مغالطات أو يطلق أحكامًا غير مبنية على طرق علميّة.
1- الصعوبة الأولى
تأتي من أنّه يستحيل علينا تكوين صورة واضحة عن يسوع التاريخي استناداً
إلى تفسير حرفي للعهد الجديد. ذلك أن أسفار العهد الجديد كلّها هي شهادات
إيمان الرسل والتلاميذ الذين اختبروا المسيح القائم من بين الأموات. وكل
منهم يروي سيرة يسوع على ضوء إيمانه. ومع ذلك يجب التأكيد على أن ما
يروونه ليس من اختراع مخيّلتهم، بل هي أحداث واقعيّة عن يسوع الناصريّ
الذي عاشوا معه وآمنوا به. فيجب من ثمّ من الناحية المنهجيّة الأخذ بعين
الاعتبار الناحيتين معًا: الرواية على ضوء الإيمان، ورواية أحداث واقعيّة.
2-
الصعوبة الثانية هي في التمييز بين أساليب متعددة في النصّ الكتابي: فهناك
العقيدة الإيمانية، وهناك عبارات الكرازة، وهناك التفاسير اللاهوتية. لذلك
يجب ألاّ يُعتبر كلّ تفسير لاهوتيّ، وإن ورد في العهد الجديد، كأنه عقيدة
إيمانية. وهذا التمييز يصحّ أيضاً لتاريخ الفكر المسيحيّ على مدى العصور.
فليس كل تحليل لاهوتيّ عقيدة إيمان
3- التحديات اللاهوتية، مهما كانت
دقيقة، لا تستطيع الإحاطة بسر الإيمان ولا التعبير تعبيرًا وافيًا عن
عقيدة الإيمان. بل إن هناك مسافة دائمة ملازمة لكل يد لاهوتي، بين التعبير
والعقيدة الإيمانية المقصودة من خلال التعبير.
4- إن التحديدات
اللاهوتية التي عبّرت من خلالها المجامع المسكونية عن عقيدة الثالوث
الأقدس ليست جديدة بالنسبة لإيمَان العهد الِجديد. و استعمالها للألفاظ
الفلسفية كالطبيعة والجوهر والأقنوم سوىَ تعبير لإيمَان العهد الجديد ذاته
بلغة يفهمها العصر الذي وردت فيه. وهذا ما يجب إظهاره في البحث في إيمَان
العهد الجديد بالثالوث الأقدس وعلاقة الأقانيم الإلهية بعضها ببعض. وفي
هذا البحث يجب التنبّه إلى عدم استعمال تلك الألفاظ الفلسفية في تفسير
أقوال العهد الجديد، بل الاكتفاء بإظهار ملاءمة ما ورد في العهد الجديد مع
جوهر العقيدة التي أعلنتها المجامع المسكونية في تحديداتها اللاهوتية.
5-
ان عقيدة الثالوث قد أوحيت لنا من خلال شخص يسوع المسيح ورسالته وموته
وإرساله الروح القدس إلى تلاميذه من بعد قيامته. لذلك، للتعمّق في سرّ
الثالوث الأقدس، يجب ألاّ نزيح أيصارنا عن يسوع للتأمل في طبيعة الله
السرمديّة. على العكس من ذلك، بقدر ما نتعلّق بيسوع المسيح ونتعمّق في فهم
شخصه ورسالته، ينكشف لنا سر الثالوث الآب والابن والروح القدس.
اننا،
في أبحاثنا السابقة في تفسير قانون الإيمان، قد توسّعنا في نواح متعدّدة
من هذا الموضوع. ففي تفسير القسم الأول من قانون الإيمان: "نؤمن باله واحد
آب ضابط الكل"، عالجنا كيف يعبّر العهد الجديد عن ظهور الله الآب في تعليم
يسوع وحياته.
وفي تفسيرنا للقسم المتعلّق بيسوع المسيح: "وبربّ واحد
يسوع المسيح ابن الله الوحيد"، رأينا كيف ظهر يسوع في شخصه وتعليمه، في
العهد الجديد، "المسيح"، و"ابن البشر"، و"الرب"، و"ابن الله"، و"الكلمة".
يبقى
لنا الآن أن نعود إلى أهمّ ما جاء في الجهد الجديد من نصوص توضح من جِهة
علاقة الابن بالآب، ومن جهة أخرى علاقة الروح القدس بالآب والابن، وعمل
الروح القدس في الكنيسة، لنستخلص منها إيمَان العهد الجديد بالثالوث
الأقدس.
- الآب والابن
ء) الله أب لجميع الناس
لقد أوضحنا في أبحاثنا
السابقة كيف ظهر الله من خلال تعليم يسوع وعمله أبًا لجميع الناس: فهو
الإله القريب من الإنسان. وهو يعتني بهم أفضل ممّا يعتني بطيور السماء
وزنابق الحقل. وهو الأب الذي يعرف أن يمنح العطايا الصالحة لأبنائه. وهو
الأب الرحيم الذي يسعى بنفسه لطلب الخروف الضالّ، وينتظر عودة ابنه الشاطر
ليعيده إلى فرح الحياة معه.
وقد أظهر يسوع في أعماله أبوّة الله هذه. فنراه يغفر للعشّارين والخطأة: لخلعّ كفرناحوم، وللمرأة الزانية، ولزكا العشّار.
ب) الله أب ليسوع بنوع خاص
لقد
صنع يسوع في حياته أموراً خاصة بالله. فغفر الخطايا، و"ما من أحد يقدر أن
يغفر الخطايا إلاّ الله وحده" (مر 2: 7). ونقض شريعة السبت التي وضعها
الله نفسه (مر 2: 29). وكان في تعليمه يتكلّم بسلطة إلهية: "سمعتم أنه قيل
للأقدمين... أما أنا فأقول لكم..."
تلك كانت نقطة الانطلاق للإيمَان
بالثالوث الأقدس في بدء المسرحية. فلقد آمن تلاميذ يسوع أنّ الله نفسه بكل
قدرته قد ظهر لهم في شخص يسوع المسيح، وأنّه يمكن من ثمّ لكل إنسان ملاقاة
الله في شخص يسوع المسيح.
وقد تثبّت هذا الإيمان بقيامة يسوع من بين
الأموات. فبعد قيامة يسوع راح الرسل يكرزون أنّ يسوع الناصريّ الذي صلبه
اليهود قد أقامه الله، وبقيامته أعلن للعالم أجمع صدق رسالته، وأدخله في
مجده الإلهي، "وجعله ربّا ومسيحا" (أع 2: 36)، كما يقول بطرس الرسول في
خطبته الأولى بعد العنصرة.
لقد آمنت الكنيسة الرسوليّة أن يسوع،
بقيامته، قد حصل على أعلى كرامة إلهية. وهذا ما تشير إليه الألقاب
المختلفة التي دعته بها. فآمنت أنه هو "اِلمسيح"، معبّرة بذلِك عن إيمانها
بأنّ الله قد أقام فيه الملكوت الذي وعد به منذ العهد القديم. ودعته "ابن
البشر"، منتظرة أن يأتي من جديد للدينونة وقيامة الأموات وبدء زمن خلاص
جديد. ودعته "ابن الله"، وهذا اللقب هو، في الأصل لقب من ألقاب المسيح،
الملك الماسيوي، كما جاء في المزمور 2: 7: "أنت ابني، وأنا اليوم ولدتك"
(راجع أع 12: 33) ودعته "الرب"، وهذا اللقب هو أيضاً أحد الألقاب
الماسيوية، والدليل على أنّ الكنيسة الناشئة قد استعملته، العبارة
الليتورجية الآرامية "ماراناثا" (أيها الرب، تعالَ) (راجع 1 كو 16: 22؛ رؤ
22: 20؛ 1 كو 11: 26).
ماذا تعلّمنا تلك الألقاب عن يسوع؟ اذا نظرنا
إلى تلك الألقاب في ذاتها، قد نخلص إلى القول إن الكنيسة الرسولية قدّ
تطورت في التعبير عن إيمانها بيسوع. فانتقلت من الإيمان بأن يسوع هو
المسيح- وهذا الإيمان نشأ في محيط يهوديّ- إلى الإيمان بأن يسوع هو ابن
الله والرب، وهذان التعبيران هما من المحيط اليونانيّ. وهكذا قد يرى البعض
أنّ الجماعة المسيحية كانت ترى في يسوع مجرّد إنسان تبنّاه الله، ثم انتقل
هذا الإيمان إلى الجماعات اليونانيّة التي راحت تعلن أنّ يسوع هو ابن الله
منذ الأزل، وأن حياته على الأرض لم تكن سوى فترة قصيرة عاد من بعدها إلى
المجد السماوي.
إنّ هذا التفسير لإيمان العهد الجديد بالمسيح خاطئ،
لأنه يستند إلى نقطة انطلاق خاطئة. فالجماعات المسيحية الأولى بدأت بالقول
إن المسيح الذي انتظره العهد القديم، المسيح الذي هو ابن البشر وابن الله
والرب، قد أتى. وهو يسوع الذي من الناصرة. فالتعبير الإيماني الأوّل بدأ
إذاً على الشكل التالي: ان المسيح الموعود به هو يسوع وابن البشر المنتظر
هو يسوع، وابن الله هو يسوع، والرب هو يسوع. وفي هذا التعبير تبدو ألقاب
المسيح وابن البشر وابن الله والرب ألقابًا مترادفة مع فروق دقيقة. ولكن
في ما بعد قُلبت هذه التعابير للتعريف بيسوع تعريفًا واضحًا فقيل يسوع هو
المسيح وابن البشر وابن الله والرب. وتحوّل مدلول تلك الألقاب وصارت
كأنّها وصف موضوعيّ ليسوع وتعبير واضح عن علاقته بالله.
أمّا في الواقع
فان تلك الألقاب لا تهدف إلى إزاحة الحجاب عن سر علاقة يسوع بالله، ولا
إلى إدخال تلك العلاقة في نظرة معهودة من تاريخ الديانات. فكل ما أكّدته
الكرازة الرسولية يبقي سرّ يسوع قائمًا، ولا يهدف إلاّ إلى إتاحة المجال
للمؤمن للبلوغ إلى المسيح الحيّ. وقيامة يسوعٍ قد ثبّتت هذا الإيمان: فبها
أعلن الله أن كلّ ما عمله يسوع وتكلّم به كان بقدرة الله، فهو إذاً مرسل
الله ومسيح الله. وبقيامة يسوع أعلن الله أنّ كلّ مؤمن يستطيع اليوم
الوصول إلى الله بواسطة المسيح، الذي يملك الآن أيضاً قدرة الله. وهذا ما
تشير إليه العبارات التالية: "إن يسوع قد ارتفع بيمين الله" (أع 2: 33)،
و"جلس إلى يمين الله" (أع 2: 34، رو 8: 34)، و"أُعطي كل سلطان في السماء
وعلى الأرض" (متى 28: 18)، و"جُعل ربًّا ومسيحًا" (أع 2: 36). لذلك "تجثو
لاسم يسوع كلّ ركبة ممّا في السماء وعلى الأرض وتحت الأرض ويعترف كلّ لسان
أنّ يسوع المسيح هو ربّ لمجد الله الآب" (في 2: 10- 11).
لا ريب في أن
الجماعة المسيحية الناشئة لم تبحث بشكل مفصّل بالعلاقة التي تربط المسيح
بالله كما ستفعله المجامع المسكونية الأولى، ولم تلجأ لذلك إلى التعابير
الفلسفية التي ستستخدمها الكنيسة في ما بعد. إلاّ أنها عبّرت عن العلاقة
ذاتها بتعابير وتصاوير أكثر واقعية: فجلوس المسيح عن يمين الله لا يعني
شيئًا دقيقًا بالنسبة إلى علاقة يسوع الكيانيّة بالله، إنّما هو صورة
للتعبير عن أعلى مرتبة يمكن لإنسان الوصول إليها. فيسوع قد أعطي سلطة الله
نفسه، لذلك يتّخذ كلّ ما قاله وعمله على الأرض بعدًا إلهيًا.


"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Waitloadinglp0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Empty
مُساهمةموضوع: رد: "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" -   "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 7:09 pm

ج) تحليل بعض نصوص العهد الجديد التي تظهر علاقة الابن بالآب
* تجارب يسوع: "إن كنت ابن الله" (متى 4: 1- 11)
تبدأ
التجربتان الأوليان بقول المجرّب ليسوع: "إن كنت ابن الله فمُرْ أن تصير
هذه الحجارة خبزًا"، "إن كنت ابن الله، فألقِ بنفسك إلى ما أسفل، لأنه
مكتوب: إنّه يوصي ملائكته بك يحملك على أيديها، لئلاّ تصدم بحجر ما رجلك".
نحن هنا بصدد المفهوم الصحيح للبنوّة الإلهية، لعلاقة الابن بالآب فتجربة
الإنسان تقوم على أن يرى في البنوّة الإلهية وسيلة لاستخدام سلطة الله في
سبيل التحرّر من معطيات الطبيعة البشرية وصنع الخوارق والمعجزات. تلك هي
نظرة الأساطير اليونانية إلى "أبناء الله"، أولئك الأبطال الذين ولدوا من
تزاوج الإلهة وصاروا قادرين على صنع الأعمال الخارقة. فابن الله في تلك
النظرة الأسطورية يحلّ محلّ الله ويستخدم قوة الله لمآربه الخاصة، بدل أن
يكون هو في خدمة إرادة الله. وتبيّن التجربة الثالثة نتيجة تلك النظرة
الشيطانيّة للبنوّة الإلهية: "أعطيك ممالك الدنيا ومجدها، إن خررت ساجدًا
لي". فما يَطلبه المجرّب من يسوع هو التخلّي عن البنوّة الإلهية ليصير
خادم الشيطان "ابي الكذب" (يو 8: 44).
إن علاقة ابن الله بالآب، في
الإنجيل، هي علاقة خضوع وخدمة. فالله يبقى، بالنسبة ليسوع، الإله الذي من
كلمته يحيا: "إنّه لمكتوب: ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل كلمة
تخرج من فم الله". كما يبقى أيضاً بالنسبة إليه "الربّ الإله الذي لا يجوز
أن يجرَّب: "لا تجرّب الربّ إلهك" إن الجماعة المسيحية الأولى لا ترى أيّ
تناقض بين كرامة البنوّة الإلهية وخضوع الابن لله الآب.
وهذا ما يبدو
جليًّا في إنجيل يوحنا. فالابن يحيا بالآب (يو 6: 57). وطعامه أن يعمل
مشيئة الذي أرسله ويتمّم عمله" (يو 4: 34). "فإنّ الابن لا يستطيع من نفسه
أن يعمل شيئًا إلاّ ما يرى الآب يعمله. فما يفعله هذا، يفعله الابن كذلك"
(يو 5: 19). لقد لرأى اليهود في قول يسوع إنّه ابن الله تجديفًا،
لاعتبارهم أنّ ابن الله "يساوي نفسه بالله" (يو 5: 18). لذلك قالوا إنّ
فيه شيطانًا (يو 8: 48). أمّا يسوع فيجيبهم: "ليس بي شيطان، إنما أكرم
أبي... أنا لا أطلب مجدي" (يو 8: 49).
هذه النصوص أنّ بنوة يسوع
الإلهية تقوم أولاً على ارتباطه العمل بالله. فهو يحيا من حياة الآب
ويخدمه ويكرمه. لا يمكننا القول إن هذه النصوص لا تتعلّق بيسوع إلاّ من
حيث هو إنسان لا من حيث هو إله. لا شكّ أنّ هذه النصوص تتحدّث عن يسوع في
حياته على الأرض. ولكن يسوع الابن المتجسّد هو نفسه الابن الأزليّ. لذلك
ما يقال عن بنوّته لله وهو على الأرض يعرّفنا عن علاقته بالله الآب منذ
الأزل.
بالابن وحده نعرف الآب (متى 11: 25- 30؛ لو 10: 21- 22)
في الفقرة السابقة، رأينا تركيز الإنجيل على خضوع الابن للآب. أمّا في
النصّ الحاليّ فالتركيز هو على وحدة الابن مع الآب."فالآب قد دفع كلّ شيء
إلى الابن". لذلك "ليس أحد يعرف الابن إلا الآب، ولا أحد يعرف الآب إلا
الابنُ ومن يريد الابن أن يكشف له". بالابن وحده يستطيع الناس الوصول إلى
معرفة الآب. ان الجملة الأولى ستجد صدى لها في قول يسوع لتلاميذه بعد
قيامته: "لقد دُفع إليّ كل سلطان في السماء وعلى الأرض" (متى 28: 18). وفي
كلا النصّين تتحقّق نبوءة دانيال عن ابن البشر الذي "أعطي سلطانًا ومجدًا
وملكًا، وسلطانه سلطان أبديّ لا يزول، وملكه لا ينقرض" (دا 7: 13- 14).
فسلطان الابن يأتيه من الآب. وهذا السلطان هو لإحلال ملكوت الله ونشر
معرفة الله. والدخول في ملكوت الله ومعرفة الله أمران مترادفان.
يعبّر
الإنجيل في مقاطع متعددة عن رغبة الإنسان في معرفة الآب. وقد عبّر عن تلك
الرغبة فيلبّس بقوله ليسوع: "يا رب أرنا الآب وحسبنا" (يو 14: "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Icon_cool، كما عبّر عنها اليهود أيضاً بقولهم ليسوع: "أين أبوك" (يو 8: 19). فكان جواب يسوع لفيلبّس:
"أنا معكم كلّ هذا الزمان، ولا تعرفني، يا فيلبس. من رآني فقد رأى الآب، فكيف تقول أنت:
أرنا
الآب؟ أفلا تؤمن أني أنا في الآب، وأنّ الآب فيّ؟ الأقوال التي أكلّمكم
بها لا أتكلّم بها من نفسي، بل الآب المقيم فيّ هو يعمل أعماله. صدّقوني
أنّي أنا في الآب والآب فيّ، وإلاّ فصدّقوا من أجل الأعمال" (يو 14: 9-
11).
يؤكد يسوع وحدته مع الآب التي تظهر في أقواله وأعماله. فالأقوال
التي يتكلّم بها لا يتكلم بها من نفسه، والأعمال التي يعملها لا يعملها
بقدرته. إنّما الآب المقيم فيه هو الذي يتكلّم ويعمل أعماله فيه. وهذا
أيضاً مايكرّره لليهود: "إنّكم لاتعرفوني أنا ولا أبي، لو كنتم تعرفوني
لعرفتم أبي أيضاً" (يو 8: 19).
وعندما سأله اليهود: "حتّى مَ تريب
أنفسنا؟ إن كنت المسيح، فقله لنا جهرًا، أجابهم يسوع: "لقد قلته لكم، ولا
تصدّقون. والأعمال التي أعملها باسم أبي هي تشهد لي"، ثم أضاف: "أنا والآب
واحد" (يو 10: 24- 25، 30). فتناول اليهود حجارة لكي يرجموه.
"فأجابهم
يسوع: لقد أريتكم أعمالاً حسنة كثيرة من عند الآب، فلأيّ عمل منها
ترجموني؟، أجابه اليهود: ليس لعمل حسن نرجمك، بل لأجل التجديف، ولأنك تجعل
نفسك إلهًا، وأنت إنسان. فأجابهم يسوع: أوَليس مكتوبًا في ناموسكم: أنا
قلت إنكم آلهة؟ فإن كان الناموس يدعو آلهة أولئك الذين صارت إليهم كلمة
الله- ولا يمكن أن يُنقض الكتاب- فأنا، الذي قدّسه الآب وأرسله إلى
العالم، تقولون لي: إنك تجدّف، لكوني قلت: أنا ابن الله إن كنت لا أعملَ
أعمال أبي، فلا تصدَّقوني. ولكن إن كنت أعملها، ولا تريدون أن تصدّقوني،
فصدّقوا هد الأعمال، لكي تعلموا وتعترفوا أن الآب فيّ وأني في الآب" (يو
10: 2- 38).


"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Waitloadinglp0
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Empty
مُساهمةموضوع: رد: "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" -   "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 7:16 pm

يتساءل الناس اليوم أيضاً كما تساءل اليهود في زمن
الكنيسة الرسولية الناشئة: ما معنى القول إن يسوع هو ابن الله؟ الجواب على
هذا السؤال هو في شخص يسوع نفسه: إن الله قد ظهر لنا ظهورًا نهائيًّا في
شخص يسوع، وأوحى لنا بذاته الوحي الأخير (الاسختولوجي) في حياة يسوع
وأعماله وأقواله. هذا ما يعنيه لقب الابن الذي يطلقه العهد الجديد على
يسوع. يسوع هو الابن الذي به عرفنا الآب. لذلك لا يمكن لأيذ إنسان من بعد
أن يتكلّم عن الله إلاّ من خلال الابن.
تلك هي نقطة الانطلاق لعقيدة
الثالوث الأقدس وفي العهد الجديد وفي المسيحية. فالإيمان بالثالوث الأقدس
ليس نظريّة فلسفيّة اخترعها الفكر البشريّ ولا تصوّرًا عقلانيا عن الله.
إنما هو تعبير عنّ ظهور الله ظهورًا ذاتيًّا في شخص يسوع المسيح. فالله هو
الآب، وقد ظهر لنا في ابنه يسوع المسيح.
ثم إن تلك العقيدة لا تهدف إلى
إرضاء فضول الإنسان وإشباع رغبته في معرفة أسرار الغيب وأسرار العالم
السماويّ. إنّما هي دعوة للدخول في حياة الله.
لذلك يتابع ض متى:
"تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والمثقّلين وأنا أريحكم. إحملوا نيري
عليكم، وكونوا لي تلاميذ، لأني وديع ومتواضع القلب، فتجدوا الراحة
لنفوسكم. أجل إن نيري ليّن وحملي خفيف". فلا يكفي أن يعرف الإنسان أنّ
يسوع هو ابن الله، بل يجب أن يقبل إليه ليجد الراحة لنفسه. وكذلك، في ظهور
يسوع لتلاميذه من بعد قيامته، بعد قوله لهم: "لقد دُفع إليّ كل سلطان في
السماء وعلى الأرض"، يضيف: "فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمّدوهم باسم
الآب والابن والروح القدس. وعلّموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به. وها
أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر" (متى 28: 18- 20).
لقد أعطى يسوع سلطة الله ليُدخل جميع الناس في حياة الله. فبالابن ندخل حياة الآب.
* يسو هو "كلمة الله" و"ابن الله"، الذي به نحيا من حياة الله (يو 1: 1- 18)
ان
الدخول في حياة الآب من خلال الابن، تلك هي الفكرة الأساسية التي يدور
حولها إنجيل يوحنا من بدايته حتى نهايته. فينهي يوحنا إنجيله بقوله إنّ كل
ما كتبه قد كتبه "لتؤمنوا أنّ يسوع هو المسيح، ابن الله، وتكون لكم، إذا
آمنتم، الحياة باسمه" (يو 20: 31). وهذا ما يؤكّده في مطلع إنجيله، الذي
هو أروع ما كتب في علاقة المسيح بالله وعلاقة الإنسان بالله بواسطة
المسيح. فالمسيح هو الوسيط الوحيد بين الله والناس، حسب قول بولس الرسول:
"إنّ الله واحد، والوسيط بين الله والناس واحد، الإنسان، المسيح يسوع" (1
تي 2: 5).
يدور مدخل إنجيل يوحنا حول فكرتين أساسيتين:
1) علاقة
المسيح الفريدة بالله: "فهو الكلمة الذي كان منذ البدء لدى الله" (2) وهو
إله: "وكان الكلمة الله"، "به كوّن كل شيء وبدونه لم يكن شيء واحد ممّا
كوّن"، "فيه كانت الحياة"، و"الحياة كانت نور الناس". إنّه ابن الله
الوحيد الممتلئ من مجد الله: "وقد شاهدنا مجده، مجدًا من الآب لابنه
الوحيد، الممتلئ نعمة وحقًا" (14). وهو "الإله، الابن الوحيد، الذي في حضن
الآب" (18).
2) المسيح هو الوسيط بين الله والناس: إنّه الوسيط في
الخلق، إذ "به كوّن كلّ شيء، وبدونه لم يكن شيء واحد ممّا كوّن"، "العالم
كوّن" (10). وهو الوسيط في الخلاص: فقد منح العالم الحياة والنور: "فيه
كانت الحياة، والحياة كانت نور الناس"، وبه يصير المؤمنون أبناء الله:
"أما جميع الذين قبلوه، فقد آتاهم سلطانًا أن يصيروا أبناء الله، هم الذين
آمنوا باسمه، الذين لم يولدوا من دم ولا من مشيئة جسد، ولا من مشيئة رجل،
بل من الله" (13). وبه نحصل على النعمة والحق: "فإنّ الناموس أعطي بموسى،
وأمّا النعمة والحق فبيسوع المسيح قد حصلا" (17).
والجملة الأخيرة توجز
الفكرتين: "الله لم يره أحد قط، الإله، الابن الوحيد، الذي في حضن الآب،
هو نفسه قد أخبر" (18). فالمسيح هو ابن الله، وقد أخبرنا عن الله الذي لا
يستطيع إنسان أن يراه. الابن وحده، الذي في حضن الآب، أي الذي يعرف الآب
معرفة حميمة، يستطيع أن يعرّفنا بالآب ويقودنا إليه، ويجعلنا أبناء له،
ويملأنا من نعمته وحقيقته.
أما السبيل الذي سلكه ابن الله ليقودنا إلى
الله، فهو التجسّد: "والكلمة صار جسدًا، وسكن في ما بيننا، وقد شاهدنا
مجده، مجدًا من الآب لابنه الوحيد الممتلئ نعمة وحقًا" (14). فيسوع هو
المسيح، كلمة الله وابن الله، الكائن منذ الأزل لدى الله: انه كلمة الله
الذي يعبّر أصدق تعبير عن الله، وهو ابن الله الذي يوحي الوحي الكامل عن
الله.
تجلّي ابن الله (لو 9: 28- 37)
ان يسوع المسيح هو ابن الله
منذ الأزل، وكونه إنسانًا لا يناقض كيانه الإلهي. فكيانه الإلهي الذي ظهر
في أقواله وأعماله، ظهر بكامل مجده في "التجلّي".
يوضح لوقا أنّ تجلّي
يسوع أمام تلاميذه قد حصل "فيمَا هو يصلّي" (9: 29). ذلك أن الصلاة،
بالنسبة إلى يسوع، هي لقاء الابن مع الآب، فيه يضع الابن ذاته بين يدي
الآب، ويؤكّد الآب محبّته للابن.
"وفيمَا هو يصلّي، تغيّر منظر وجهه،
وصارت ثيابه بيضاء لامعة". والتلاميذ الذين كانوا معه "شاهدوا مجده". واذا
برجلين، موسى وإيليا، يخاطبانه، تراءيا في مجد، وأخذا يتحدّثان عن موته
الذي سيقاسيه في أورشليم". إن يسوع، في وسط آلامه وموته، يبقى الابن
الممتلئ من مجد الآب. والتلاميذ، الذين يشاهدون الآن مجده يسمعون في آنٍ
معًا صوت الآب يعلن، من الغمامة (التي ترمز في كل الظهورات، إلى الله).
"هذا هو ابني، مختاري، فاسمعوا له". إنّ الآب وحده يعرف الابن، وها هو
الآن يعلن أنّ "يسوع هو ابن الله".
لقد رأى بعض المفسّرين في الغمامة
التي ظلّلت المسيح إشارة إلى الروح القدس، ويجدون في التجلّي ظهور
الثالوث. وهذا ما يقودنا إلى القسم الثاني من نصوص العهد الجديد، وهي التي
تظهر فيها الأقانيم الثلاثة.


"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Waitloadinglp0
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Empty
مُساهمةموضوع: رد: "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" -   "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 7:19 pm

-َ الآب والابن والروح القدس
أ) البشارة بميلاد يسوع المسيح (لو 1: 26- 38)

يؤكد هذا النصّ بوضوح الأقانيم الثلاثة وعملها في تاريخ الخلاص:
فالأب
هو الله الذي اختار مريم العذراء وملأها نعمة لتكون أمَّا لابنه: "السلام
عيك يا ممتلئة نعمة، الرب معك" (28)، "لقد نلت حظوة عند الله" (30).
وهو"الرب الإله الذي سيعطي المسيح عرش داود أبيه" (32). وهو الذي يرسل
روحه القدوس ليحلّ على العذراء ويظلّلها بقدرته لتحبل دون مباشرة رجل
(35)، وهو "الله الذي "ليس من أمر يستحيل عليه" (37).
ويسوع الذي يولد
من العذراء دون مباشرة رجل هو ابن الله منذ الحبل به، وليس بالتبّني: "انه
يكون عظيماً، وابن العليّ يدعى" (32). وعلى سؤال مريم: "كيف يكون ذلك،
وأنا لا أعرف رجلاً؟"، يجيب الملاك: "الروح القدس يأتي عليك، وقدرة العليّ
تظلّلك"، ثم يردف: "ومن أجل ذلك، فالقدوس الذي يولد منك يدعى ابن الله"
(35). وابن الله هو نفسه المسيح الخلّص ابن داود، الذي "سيعطيه الرب الإله
عرش داود أبيه، ويملك على بيت يعقوب إلى الدهر، ولن يكون لملكه انقضاء"
(32- 33).
والروح القدس هو روح الله وقدرة الله، وهو الذي يظلّل
العذراء (35). إنّ عمل خلاص البشر هو عمل روح القدرة الإلهية. وهذا العمل
يبدأ منذ الحبل بيسوع. وفي هذا أيضا يقول إنجيل متّى: "يا يوسف ابن داود،
لا تخف أن تأخذ امرأتك مريم، فان الذي حبل به فيها إنّما هو من الروح
القدس. وستلد ابناً، فتسميه يسوع، لأنه هو الذي يخلّص شعبه من خطاياهم"
(متى 1: 20- 21).
إن مجيء يسوع إلى العالم بقدرة روح الله في مريم العذراء هو حقًا. مجيء الله نفسه.
معمودية يسوع (متى 3: 13- 17)
في
هذا النص أيضاً تظهر الأقانيم الثلاثة ظهورًا واضحًا: "فلمّا اعتمد يسوع،
خرج كل الفور من الماء، وإذا السماوات قد انفتحت له، ورأى روح الله ينزل
بشكل حمامة ويحلّ عليه. وإذا موت من السماوات يقول: هذا ابني الحبيب، الذي
به سررت" (3: 16- 17).
لقد رأى بعض المبتدعين في هذا المشهد تأييدًا
لقولهم إنّ يسوع هو مجرّد إنسان تبنّاه الله يوم معوديته، إذ في تلك
اللحظة نزل عليه روح الله، وأعلنه الآب ابنه الحبيب. جوابًا على هذه
النظرة الخاطئة، نقول إنّ النصوص الإنجيلية يكمّل بعضها البعض الآخر، فيجب
ألاّ يؤخذ نصّ بمعزل عن باقي الإنجيل. وقد رأينا في الفقرة السابقة أنّ
يسوع حُبل به من الروح القدس، وأنّه بالتالي ابن الله منذ الحبل به، أي في
صميم كيانه، وليس بالتبنّي. وما هذا المشهد سوى إعلان للملإ لمَا هو عليه
يسوع في شخصه، وإعلان لرسالته. وممتلئ من الروح القدس، وهو ابن الله في
عمق كيانه. فالأقانيم الثلاثة تظهر في بدء حياة يسوع العلنية، منبئة بأن
عمل الخلاص الذي سيقوم به المسيح ليس عملاً إنسانيًا وحسب، بل هو أوّلاً
عمل الله في أقانيمه الثلاثة.
ج) المعمودية باسم الآب والابن والروح القدس (متى 28: 19)
"اذهبوا
وتلمذوا جميع الأمم، وعمّدوهم باسم الآب والابن والروح القدس". يرجّح
مفسرو الكتاب المقدس أنّ هذه الوصية التي وضعها الإنجيل على لسان يسوع
ليست من يسوع نفسه، بل هي موجز الكرازة التي كانت تُعدّ الموعظين
للمعمودية، في الأوساط اليونانية. فالمعمودية في السنوات الأولى للمسيحية
كانت تعطى "باسم يسوع المسيح" (أع 2: 38؛ 10: 48) أو "باسم الرب يسوع" (أع
8: 16؛ 19: 5). ففي الأوساط اليهودية، لتمييز المعمودية المسيحية عن غيرها
من طقوس التنقية والتطهير، كان يكفي أن يلفظ اسم يسوع المسيح على المعتمد،
دليلاً على أنه صار خاصة المسيح وخُتم نختمه. أمّا في الأوساط اليونانية
الوثنيّة، فكان يسبق المعمودية "تعليم أوّلي" ينقل المهتدين "من عبادة
الأوثان ليعبدوا الله الحيّ"، كما جاء في رسالة بولس الأولى إلى
التسالونيكيين (1: 3). وفي ذلك تقول الرسالة إلى العبرانيين: "فلندَع
التعليم الأوّلي عن المسيح، ولنرتفع إلى الكامل من غير ما عودة إلى ما هو
أساسي: إلى التوبة من الأعمال الميتة، والإيمان بالله، والتعليم بشأن
المعموديات، ووضع الأيدي، وقيامة الأموات، والدينونة العامة" (عب 6: 1-
2). كان هذا التعليم الأوّلي يُعدّ الموعوظين فيعلّمهم أنّ الله سيرسل إلى
قلوبهم روح ابنه ليستطيعوا أن يقولوا بكل ثقة: "أبّا، أيّها الآب" (غلا 4:
6، رو 8: 15). من هنا يرجّح المؤرخون أن صيغة المعمودية الثالوثية هي موجز
للكرازة التي كانت تعدّ للمعمودية.
وهكذا توسّع استدعاء اسم يسوع ليشمل أبوّة الله وموهبة الروح القدس. ونجد
أيضاً ذكر الأقانيم الثلاثة بمناسبة ذكر المعمودية في قول بولس الرسول:
"إنّكم قد اغتسلتم، قد تقدّستم، قد برّرتم باسم الرب يسوع المسيح وبروح
إلهنا" (1 كو 6: 11). ففي المعمودية يصير الإنسان ابن الله بالتبنّي،
بالإيمان بيسوع المسيح ابن الله وبالمعمودية باسمه: "إنّكم جميعًا أبناء
الله، بالإيمان بالمسيح يسوع، لأنّكم أنتم جميع الذين اعتمدوا للمسيح، قد
لبستم المسيح... والدليل على أنّكم أبناء كون الله أرسل إلى قلوبنا روح
ابنه ليصرخ فيها: أبّا، أيها الآب" (غلا 3: 26- 27؛ 4: 6).


"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Waitloadinglp0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Empty
مُساهمةموضوع: رد: "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" -   "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 7:22 pm

د) عبارات ثالوثية في رسائل بولس الرسول

نجد في رسائل بولس الرسول
عبارات يذكر فيها الآب والابن والروح القدس في وحدة عمل وتثليث أقانيم،
دون ذكر لفظة "أقنوم"، التي لا وجود لها في العهد الجديد، إنّما سيلجأ
إليها اللاهوت المسيحي ابتداء من القرن الثالث عندما سيبدأ باستعمال لفظة
"الثالوث".
في ختام الرسالة الثانية إلى الكورنثيين، يقول بولس
الرسول: "نعمة ربنا يسوع المسيح ومحبة الله، وشركة الروح القدس معكم
أجمعين" (2 كو 13: 13). يعتبر معظم المفسرين اليوم أن هذه العبارة
الثالوثية التي تذكر نعمة الله، أي الآب، ويسوع المسيح، أي الابن، والروح
القدس، تعود إلى اللّيتورجيا الأولى. ونجد مقابلها عبارات مختلفة، يختم
بها بولس رسائله، ويذكر فيها فقط يسوع المسيح الرب: "نعمة الرب يسوع معكم"
(1 كو 16: 23)؛ "نعمة ربنا يسوع المسيح مع روحكم" (غلا 6: 18)؛ "نعمة الرب
يسوع المسيح مع روحكم" (في 4: 23)؛ "نعمة ربنا يسوع المسيح معكم أجمعين"
(1 تسا 5: 28؛ 2 تسا 3: 18). إن الصيغة الثالوثية لا تتوسعّ في تفسير
العلاقة التي تربط "الأقانيم أحدهم بالآخر، ولا تذكر لفظة "ثالوث"،
ولكنّها تضع المؤمنين في نعمة الله التي تجلّت لنا بشكل ثالوثيّ في ربنا
يسوع المسيح الذي أظهر لنا محبة الله الآب، ويشترك فيها المؤمنون بواسطة
الروح القدس
وفي الرسالة إلى الفيليبيين يعود بولس إلى الصيغة ذاتها،
ولكن هذه المرة ليس في إطار ليتورجيّ بل في إطار تحريض على المحبة
والاتحاد بين المسيحيين:
"ومن ثمّ أناشدكم بمَا في المسيح من دعوة
ملحّة، وفي المحبّة من قوّة مقنعة، وفي الروح من شركة، وبالحنان والرحمة،
أن أتمّوا فرحي بأن تكونوا على رأي واحد، فتكون لكم محبّة واحدة ونفس
واحدة، وفكر واحد" (في 2: 1- 2).
تلك الدعوة إلى الوحدة يبنيها بولس
أيضاً على وحدة الآب والابن والروح في حديثه عن مواهب الروح المتعددة.
يقول: "ما من أحد ينطق بروح الله، ويقول: يسوع مبسل؛ ولا أحد يستطيع أن
يقول: يسوع ربّ إلاّ بالروح القدس". نجد هنا ذكر الله، أي الآب، والرب
يسوع، أي الابن، والروح القدس. ثم يتابع بولس:
"لا جرم أنّ المواهب على
أنواع، إلاّ أنّ الروح واحد، وأنّ الخدم على أنواع إلاّ أنّ الربّ واحد،
وأن الأعمال على أنواع، إلاّ أنّ الله واحد، وهو يعمل كلّ شيء في الجميع"
(1 كو 12: 3- 6).
يؤكّد بولس أنّ مواهب الروح القدس، مهما تنوّعت،
فمصدرها واحد، وهو الله، لأنّ الروح هو"روح الله"، و"الله هو الذي يعمل
كلّ شيء في الجميع". وهذا الروح عينه هو الذي يقود إلى الإيمان بأنّ يسرع
هو رب.
من هنا نخلص إلى القول أن الحياة المسيحية بمجملها تستند إلى
محبة الله الآب التي ظهرت لنا بالابن وفي الروح القدس والصيغة الثالوثية
هذه لا نجدها في العهد الجديد إلاّ لدى ذكر عمل الله الخلاصيّ تجاه البشر،
وفي وصف اختبار المسيحيين لهذا العمل الخلاصي. ففي الوعظ والإرشاد، كما في
الليتورجيا الافخارستية، وكما في المعمودية، نجد ذكر الله الآب والربّ
يسوع المسيح والروح القدس في وحدة عمل. وهذا العمل هو تقديس الإنسان
وإشراكه في حياة الله الواحد. ولا يرى العهد الجديد أنّ ذكر الآب والابن
والروح القدس في العمل الخلاصي الواحد يشكّل أي خطر على وحدانية الله.
ومجرّد عدم طرح أيّ مشكلة من هذا القبيل هو دليل على وضوح الرؤية لدى
الرسل ومدوّني أسفار العهد الجديد في موضوع وحدانية الله، الإله الواحد
الذي ظهر في تاريخ الخلاص ثالوثًا: إلا وابنًا وروحًا قدسًا. أي إن الله،
بواسطة الابن والروح، منحنا مغفرة الخطايا وأشركنا في حياته الإلهية.

هـ) لاهوت الثالوث في انجيل يوحنا

لقد رأينا في الفقرة السابقة كيف
يؤكّد يوحنا علاقة الابن بالآب منذ مطلع إنجيله... وكذلك في الفصل الأول
من إنجيله يؤكّد علاقة الروح بالآب والابن:
"وشهد يوحنا قائلاً: إنّي
رأيت الروح نازلاً من السماء بهيئة حمامة، وقد استقرّ عليه. فأنا لم أكن
أعرفه. إلا أن الذي أرسلني لأعمّد هو قال لي: إنّ الذي ترى الروح ينزل
ويستقرّ عليه هو الذي يعمّد بالروح القدس. فذلك ما قد عاينت، وأشهد أنّ
هذا هو ابن الله" (1: 32- 33).
"إنّ الذي أرسله الله ينطق بكلام الله، لأن الله لا يعطيه الروح بمقدار. الآب بحبّ الابن، وقد جعل في يديه كل شيء" (3: 34- 35).
إن
الله، أي الآب، يحب الابن، وقد جعل كلّ شيء في يديه، وأعطاه الروح، "لا
بمقدار"، بل بكل ملئه. لذلك يستطيع الابن أن يعمّد بالروح القدس. ويفسّر
القديس كيرلس الاسكندري هذا النص بقوله: "إنّ الابن، الذي هو ممتلئ من
الروح، يعطي الروح "من ملئه الخاصّ".
وهذا ما يشير إليه النص التالي:
"وفي
اليوم الأخير العظيم من العيد، وقف يسوع وصاح قائلاً: إن عطش أحد فليأت
إليّ، وليشرب من آمن بي. فكا قال الكتاب: ستجري من جوفه أنهار ماء حيّ.
قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين أن يقبلوه. فالروح لم يكن
بعد قد أعطي، لأنّ يسوع لم يكن بعد قد مُجّد (7: 37- 39).
إن الروح
سيعطيه يسوع للمؤمنين به بعد تمجيده، أي بعد قيامته. وهذا ما يبيّنه هو
نفسه لتلاميذه في حديثه الأخير معهم في العشاء الفصحيّ. إننا نجد في هذا
الحديث توضيحًا لعلاقة الروح القدس بالآب والابن، وأوّل موجز لاهوتي
لعقيدة الثالوث الأقدس. يقول يسوع:
إن كنتم تحبوني تحفظون وصاياي، وأنا
أسأل الآب فيعطيكم محاميًا آخر ليقيم معكم إلى الأبد، الحق الذي لا يستطيع
العالم أن يقبله، لأنّه لا يراه ولا يعرفه، أمّا أنتم فتعرفونه، لأنه يقيم
معكم ويكون فيكم" (14: 15- 17).
"قلت لكم هذه الأشياء وأنا مقيم معكم،
وأما المحامي، الروح القدس، الذي سيرسله الآب باسمي، فهو الذي يعلّمكم كلّ
شيء، ويذكّركم جميع ما قلت لكم" (14: 25- 26).
"ومتى جاء المحامي الذي أرسله إليكم من لدن الآب، روح الحق الذي ينبثق من الآب، فهو يشهد لي" (15: 26).
"إن
في انطلاقي لخيرًا لكم. فإن لم أنطلق لا يأتكم المحامي، وأما إذا انطلقت
فإني أرسله إليكم... وعندي أشياء كثيرة أقولها لكم، غير أنّكم لا تطيقون
الآن حملها. ولكن، متى جاء هو روح الحق، فإنه يرشدكم إلى الحقيقة كلّها،
لأنّه لن يتكلّم من عند نفسه، بل يتكلّم بمَا يكون قد سمع، ويخبركم بمَا
يأتي. انه سيمجّدني لأنَه يأخذ ممّا لي ويخبركم. جميع ما للآب هو لي، من
أجل هذا قلت لكم: إنه يأخذ ممّا لي ويخبركم" (16: 7- 15).
من هذه النصوص يمكننا استخلاص التعاليم التالية في الثالوث الأقدس:
1)
الروح القدس متميّز عن الآب والابن. فهو ليس شكلاً من أشكال، ولا حالة من
حالات الآب أو الابن. فالابن يسأل الآب أن يرسل الروح: "وأنا أسأل الآب
فيعطيكم محاميًا آخر" (14: 16)، "الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي"
(14: 26). والروح يرسله الابن من لدن الآب، وهو في آن معًا ينبثق من الآب:
"متى جاء المحامي الذي أرسله إليكم من لدن الآب، فهو يشهد لي" (15: 26).
فالمقصود اذن ثلاثة أقانيم متميزة.
2) أما عن علاقة الأقانيم بعضها
ببعض، فنرى أولاً أ، علاقة الروح بالابن هي على مثال علاقة الابن بالآب.
فكما أنّ الابن يشهد للآب: "انّا ننطق بمَا نعلم، نشهد بما رأينا" (3:
11)، "أنا أتكلّم بمَا رأيت عند أبي" (8: 38)، كذلك الروح يشهد للابن (15:
26). وكما أن الابن يمجد الآب: "أنا مجّدتك على الأرض" (17: 4)، كذلك
الروح سيمجد الابن: "انّه سيمجدني..." (16: 14). وكما أن الابن لايقول
شيئاً من نفسه، بل يقول ما حدّده له الآب الذي أرسله" (12: 49؛ 7: 16)،
كذلك الروح "لن يتكلّم من عند نفسه بل يتكلّم بمَا يكون قد سمع... انه
يأخذ ممّا لي ويخبركم" (16: 13- 14). وأخيراً كما أن الابن قد أرسله الآب،
هكذا الروح قد أرسله الابن (15: 26، 16: 7).
3) إن علاقة الروح بالابن
لا تنفي أوّليّة علاقته بالآب. فالابن يرسل الروح، ولكن "من لدن الآب"
(15: 26). ثم إن الابن يسأل الآب، والآب يرسل الروح. والروح سيمجّد الابن:
فيسوع يقول: "يأخذ ممّا لي ويخبركم"، ولكنّه يضيف: "جميع ما للآب هو لي،
من أجل هذا قلت لكم: انه يأخذ ممّا لي ويخبركم" (16: 14- 15). فالابن هو
ابن الآب، وقد أعطاه الآب كل شيء. وكذلك الروح "ينبثق من الآب" (15: 16).
فالآب هو مصدر ولادة الابن، ومصدر انبثاق الروح.


"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Waitloadinglp0



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Empty
مُساهمةموضوع: رد: "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" -   "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 7:25 pm

3- الروح القدس في الكنيسة
===========


أ) يسوع يرسل الروح القدس على تلاميذه

هذا
الوعد الذي وعد به يسوع تلاميذه قد حقّقه بعد قيامته. فمنذ ظهوره الأوّل
لهم يوم قيامته منحهم الروح القدس، كما جاء في إنجيل يوحنا: "قال لهم
ثانية: السلام لكم. كما أنّ الآب أرسلني، كذلك أنا أرسلكم. ولمّا قال هذا،
نفخ فيهم وقال لهم: خذوا الروح القدس. فمن غفرتم خطاياهم غُفرت لهم، ومن
أمسكتم خطاياهم أُمسكتَ" (يو 20: 21- 22) إنّ سلطان مغفرة الخطايا هو
سلطان إلهي. وهذا السلطان قد مارسه يسوع في حياته (راجع مثلاً شفاء مخلع
كفرناحوم: متى 9: 1- "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Icon_cool،
لأنّ روح الربّ كان عليه. فالآن، كما أرسله الآب وملأه من روحه، يرسل
بدوره تلاميذه و يمنحهم الروح القدس، قدرة الآب وسلطانه الإلهي على منح
الحياة الإلهية للناس بمغفرة خطاياهم ومصالحتهم مع الله.
تلك هي
المعمودية بالروح القدس والنار، التي تكلّم عنها يوحنا المعمدان في تبشيره
بالمسيح: "أنا أعمّدكم بالماء للتوبة، وأمّا الذي يأتي بعدي... فهو
يعمّدكم بالروح القدس والنار" (متى 3: 11). والنار هنا رمز التطهير من
الخطيئة. وتلك هي المعمودية بالروح القدس التي وعد بها يسوع تلاميذه قبل
صعوده إلى السماء: "لا تبرحوا أورشليم، بل انتظروا موعد الآب الذي سمعتموه
منّي. فإنّ يوحنا قد عمّد بالماء، أمّا أنتم فستعمّدون بالروح القدس بعد
أيام قليلة" (أع 1: 4، 5).
ويروي لوقا في الفصل الثاني من أعمال الرسل كيف تمّت تلك المعمودية بالروح القدس والنار:
"لمّا
حل يوم الخمسين كانوا كلّهم معًا في مكان واحد. فحدث بغتة صوت من السماء
كصوت ريح شديدة تعصف، وملأ كل البيت الذي كانوا جالسين فيه. وظهرت لهم
ألسنة منقسمة، كأنّها من نار، واستقرَّت على كلّ واحد منهم. فامتلأوا
كلّهم من الروح القدس، وطفقوا يتكلّمون بلغات أخرى، كما آتاهم الروح أن
ينطقوا" (أع 2: 1- 4).
ويفسّر بطرس للشعب أنّ هذا الحدث هو تحقيق نبوءات العهد القديم:
"هذا
هو ما قد قيل عن لسان يوئيل النبي: وسيكون في الأيام الأخيرة، يقول الله،
أني أفيض من روحي على كلّ بشر، فيتنبّأ بنوكم وبناتكم، ويرى شبّانكم رؤى،
ويحلم شيوخكم أحلامًا. أجل، على عبيدي وعلى إمائي أفيض، في تلك الأيام، من
روحي فيتنبّأون... فيسوع هذا قد أقامه الله، ونحن جميعًا شهود بذلك. وإذ
قد ارتفع بيمين الله، وأخذ من الآب الروح القدس الموعود به، أفاض ما
تنظرون وما تسمعون" (أع 2: 16- 18، 32، 33).
ثم يطلب بطرس من مستمعيه
أن يتوبوا ويعتمدوا لينالوا موهبة الروح القدس: "توبوا، وليعتمد كل واحد
منكم باسم يسوع المسيح لمغفرة خطاياكم، فتنالوا موهبة الروح القدس. لأنّ
الموعد هو لكم ولبنيكم، ولجميع الذين على بُعد، بمقدار ما يدعو الرب إلهنا
منهم" (أع 2: 38، 39).
ماذا يعني في الواقع حلول الروح القدس على
التلاميذ؟ وماذا يقصد التلاميذ بقولهم للشعب: توبوا واعتمدوا فتنالوا
موهبة الروح القدس"؟ كيف تظهر تلك الموجة؟ إنّ التلاميذ، قبل حلول الروح
القدس عليهم، كانوا خائفين، مختبئين، كما يقول يوحنا، "في منزل أبوابه
موصدة خوفًا من اليهود" (يو 20: 19). ولمَّا حلّ عليهم الروح القدس، طفقوا
يبشّرون بالمسيح بجرأة، "ويتكلّمون بلغات أخرى"، أي يبشّرون بالمسيح لجميع
الشعوب وفي كلّ اللغات. ويقول يوئيل في نبوّته التي يذكرها بطرس: "أفيض من
روحي على كل بشر فيتنبّأ بنوكم وبناتكم". والتنبّؤ هنا يعنىِ التكلّم باسم
الله والشهادة لله.
فالروح القدس الذي حلّ على التلاميذ منحهم أن
ينطقوا باسم الله ويشهدوا للمسيح. وهذا ما يؤكدونه أيضاً للشعب: إنّ من
يتوب ويعتمد باسم يسوع ينال موهبة الروح القدس في، أي إنّ روح الله يملأه
لينطق باسم الله ويشهد لله وللمسيح.فموهبة الروح القدس هي إذاً الامتلاء
من روح الله، بحيث لا يعود الإنسان يفكّر بأفكار بشرية وينطق بأقوال
بشرية، بل إنّ روح الله الذي يملأه هو الذي يفكّر فيه وينطق فيه. وروح
الله هو أيضاً الذي يعمل فيه، لذلك إلى جانب الشهادة للمسيح نجد الرسل
يجرون آيات وعجائب في الشعب: "حتى إنهم كانوا يخرجون بالمرضى إلى الشوارع،
ويضعونهم على فرش وأسرّة، ليقع ولو ظلُّ بطرس، عند اجتيازه، على بعض منهم.
وكان الجمع يبادرون، حتى من المدن المجاورة لأورشليم، حاملين المرضى
والمعذّبين بالأرواح النجسة، وكانوا جميعهم يشفون" (أع 5: 15، 16).
إنّ هذه الآيات الخارقة هي مواهب خاصة يمنحها الروح القدس لمن يشاء، كما يقول بولس الرسول:
"كلّ
واحد إنّما يعطى إظهار الروح للمنفعة العامة. فالواحد يعطى من قبل الروح
كلام حكمة؛ والآخر كلام علم، بحسب الروح عينه؛ والآخر الإيمان، بذلك الروح
عينه؛ والآخر موهبة الشفاء، بالروح الواحد عينه؛ وآخر إجراء العجائب؛ وآخر
النبوّة، وآخر تمييز الأرواح. وآخر أنواع الألسنة، وآخر ترجمة الألسنة.
وهذه كلّها يفعلها الروح الواحد بعينه، موزّعًا، كيف شاء، على كل واحد
خصوصًا" (1 كو 12: 7- 11).
إنّ عمل الروح القدس لا يقتصر على تلك
المواهب الخاصة، بل يشمل الحياة المسيحية في جميع مرافقها. ويمكننا رؤية
عمل الروح في وصف سفر أعمال الرسل لحياة الكنيسة الأولى. فالمواظبة على
تعليم الرسل والشركة في الصلاة وكسر الخبز، أي القربان المقدس، والشركة في
توزيع الخيرات، هي كلّها من عمل الروح القدس الذي كان يملأ المسيحيبن
الأولين:
وكانوا مواظبين على تعليم الرسل، والشركة، وكسر الخبز،
والصلوات، ووقع الخوف على كل نفس، لأنّ عجائب وآيات كثيرة قد جرت على أيدي
الرسل. وكان جميع المؤمنين يعيشون معًا، وكان كل شيء مشتركًا فما بينهم،
وكانوا يبيعون أملاكهم ومقتنياتهم، ويوزّعون أثمانها على الجميع بحسب حاجة
كل واحد مدنهم. وكانوا كلّ يوم يلازمون الهيكل بنفس واحدة، ويكسرون الخبز
في البيوت، ويتناولون الطعام بابتهاج وسلامة قلب، ويسبّحون الله، نائلين
حظوة عند جميع الشعب. وكان الرب كل يوم يزيد في الكنيسة عدد المخلّصين"
(أع 2: 42-47).


"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Waitloadinglp0



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Empty
مُساهمةموضوع: رد: "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" -   "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 7:27 pm

ب) الروح القدس يكوّن الكنيسة
============

وهكذا يكوّن الروح القدس الكنيسة في
كرازة الرسل فيها وانضمام المؤمنين إليها. لقد رافق الروح القدس الكنيسة
منذ نشأتها وفي جميع مراحل نموها لذلك دعي سفر أعمال الرسل، الذي يروي
نشأة الكنيسة ونموّها، "إنجيل الروح القدس". الروح القدس هو قدرة الله
التي تدفع بالكنيسة الناشئة "إلى أقاصي الأرض" حسّب قول يسوع لتلاميذه:
"إنّكم ستنالون قوّة بحلول الروح القدس عليكم، فتكونون لي شهودًا في
أورشليم، وفي جميع اليهودية والسامرة، وإلى أقاصي الأرض" (أع 1: "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Icon_cool.
لذلك
يقود الروح القدس الرسل في كرازتهم. فالروح هو الذي قال لفيلبس أن يقترب
من مركبة قيّم ملكة الحبشة (8: 29). والروح هو الذي قال لبطرس ألاّ يتردد
في الذهاب إلى كرنيليوس قائد المئة، ويفتح أبواب الكنيسة للأمم (10: 19-
20). والروح هو الذي اختار بولس وبرنابا للرسالة (13: 2- 4). ونرى الرسل
يصغون لإلهامات الروح القدس في عملهم الرسولي. فبولس وسيلا "جازا في
فريجية وبلاد غلاطية، إذ منعها الروح القدس أن يبشّرا بالكلمة في آسية.
ولما انتهيا إلى ميسية حاولا أن يشخصا إلى بيثينية، ولكنّ روح يسوع لم
يأذن لهما" (16: 6، 7).
ويصغي الرسل لإلهامات الروح القدس في قراراتهم.
لذلك في إعلانهم ما توصّلوا إليه في مجمع أورشليم بشأن موضوع إخضاع الأمم
لشريعة موسى، نسمعهم يقولون: "لقد رأى الروح القدس ونحن" (15: 2"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Icon_cool
يدعو
سفر أعمال الرسل الروح القدس أحيانًا "روح يسوع" (16: 7)، لأنّ الروح
القدس هو مواصلة حضور يسوع معهم. فالروح القدس هو الذي يعمل فيهم ما كان
يسوع يعمله عندما كان معهم قبل موته وقيامته: التبشير بكلمة الرب، والدعوة
إلى التوبة، وإجراء الأشفية. فالرسل يعلّمون باسم يسوع (4: 1"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Icon_cool، ويدعون
إلى التوبة والإيمان، كما كان يفعل يسوع (2: 38؛ 6: 7)، ويجرون الأشفية
والآيات والعجائب باسم يسوع (3: 6، 4: 10، 30).
الروح القدس يعمل في
الرسل ويعمل أيضاً في المؤمنين، فيجمع الشعب على اختلاف فئاته في جسد واحد
هو جسد المسيح، حسب قو بولس الرسول: "إنّا جميعًا قد اعتمدنا بروح واحد
لجسد واحد، يهودًا كنّا أم يونانيين، عبيدًا أم أحرارًا، وسقينا جميعًا من
روح واحد" (1 كو 12: 13).
الكنيسة، حسب بولس الرسول، متحدّة اتحادًا
وثيقًا باب فالمؤمنون يتبرّرون ويتقدّسون في المسيح وفي الروح (1 كو 1: 2،
30؛ 2 كو 5: 21)، ويتبرّرون ويتقدّسون أيضاً في الروح القدس (رو 14: 17).
وكذلك في المسيح وفي الروح القدس يحصلون على السلام والفرح (في 3: 1؛ 4:
7؛ رو 14: 17). ومحبة الله قد أفيضت في قلوبهم في المسيح (رو 8: 39)، وفي
الروح القدس (كو 1: "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Icon_cool. ويؤكّد بولس: "المسيح فيكم" (رو 8: 10)، "وروح الله ساكن فيكم" (رو 8: 9). والمسيحي هو ابن الله بالمسيح وبالروح (غلا 4: 4- 7).
الروح
القدس يجعلنا أبناء الله: "لقد أخذتم روح التبنّي، الذي به ندعو أبّا!
أيها الآب! فهذا الروح عينه يشهد مع روحنا بأنّا أولاد الله" (رو 8: 15،
16). "والدليل على أنكم أبناء، كون الله أرسل إلى قلوبنا روح ابنه، ليصرخ
فيها: أبّا! أيها الآب! فأنت إذًا لست بعد عبدًا، بل أنت ابنٌ، وإذا كنت
ابنًا، فأنت أيضاً وارث بنعمة الله" (غلا 4: 6- 7). "إنّ جميع الذين
يقتادهم روح الله هم أبناء الله" (رو 8: 14).
المسيحيون هم أبناء الله
وهياكل الروح القدس وأعضاء في جسد المسيح. يقوم عمل الروح القدس في
المؤمنين على أنّه يدخل أعماق الإنسان ليجعل منه عضوًا في جسد المسيح.
لذلك يتكلّم بولس عن سكنى الروح القدس في المؤمنين: "أوَما تعلمون أنّكم
هيكل الله، وأنّ روح الله ساكن فيكم؟" (1 كو 3: 16)، "أوَلا تعلمون أنّ
أجسادكما هي هيكل الروح القدس الذي فيكم، الذي نلتموه من الله؟" (1 كو 6:
19). أمّا بالنسبة إلى المسيح، فالمؤمنون أعضاء المسيح: "أما تعلمون أنّ
أجسادكم هي أعضاء المسيح؟" (1 كو 6: 15). الكنيسة ليست جسد الروح القدس،
بل جسد المسيح. فالروح القديس هو روح الله الذي يسكن في المؤمنين ليوحّدهم
بالمسيح، ويدخلهم في علاقة المسيح بالآب.
الروح القدس هو قدرة الله
الخلاّقة. علاقة المحبة التي عندما تنسكب في قلوب المؤمنين، تجعل منهم
أشخاصاً مرتبطين بعضهم ببعض ومرتبطين بالله. الروح القدس هو علاقة الله
بالبشر، والقدرة التي تربط البشر بالله. كأنّ الله، بروحه القدوس، يخرج من
ذاته ويتّحد بالناس ليوحّدهم به. بالروح القدس يصير الإنسان والله واحدًا:
"بهذا نعرف أنّا ثابتون فيه وهو فينا: بأنّه قد أعطانا من روحه" (1 يو 4:
13).
وتلك هي الكنيسة: حياة الله التي أتت بالمسيح وبالروح القدس
تنسِكب في قلوب البشر، فتجعلهم أبناء الله وهياكل للروح القدس، أي توحّدهم
بالله وتوحّدهم بعضهم ببعض، وتصيّرهم جسدًا واحداً للمسيح.
يقول القديس
إيريناوس: "كما أنّ الله قد نفخ روحه في الجسد الذي كوّنه، منح الحياة لكل
أعضاء الجسد، هكذا أعطى الروح للكنيسة. وهذا الروح الذي تسلّمته الكنيسة
وأعطي لها ونُفخ فيها، هو المبدأ الحي للإتحاد الصميم بالمسيح: هو ثبات
إيماننا، والسلّم الذي به نرتقي إلى الآب. وهو أخيرًا، وعلى الأخصّ، عربون
وبذار لعدم الفساد حتى اللانهاية، حيث نُعتَق إلى الأبد من أصل الموت
وجموده. فحيث الكنيسة هناك أيضاً روح الله، وحيث الله هناك الكنيسة وكلّ
نعمة والروح هو حق: لذلك فانّ من لا يشترك في الروح لا يستقي من جوف أمّه
غذاء الحياة، لا ينال شيئًا من الينبوع الصافي الذي يتدفّق من جسد المسيح"
(ضد الهراطقة 3: 24، 1).


"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Waitloadinglp0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Empty
مُساهمةموضوع: رد: "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" -   "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 7:38 pm

4- الحياة بالروح
يتوسّع العهد الجديد، ولا
سيّمَا بولس الرسول، في الحياة بالروح، التي يجب أن يحياها أبناء الله:
"إن كنّا نحيا بالروح فلنسلكنّ أيضاً بحسب الروح" (غلا 5: 25). أي إن كانت
حياتنا هي من الروح، فينبغي أن يكون سلوكنا بحسب الروح. "إن ناموس روح
الحياة في المسيح يسوع قد حرّرك من ناموس الخطيئة والموت" (رو 8: 2).
فالروح الذي أفيض في قلب المسيحي يصير مبدأ حياته. وكما أنّ الشجرة
الصالحة تنتج ثمرًا صالحًا، هكذا الروح الذي يملأ قلب المسيحي من الداخل
يثمر فيه ثمارًا صالحة: "أمّا ثمر الروح فهو المحبة والفرح والسلام، وطول
الأناة، واللطف والصلاح، والأمانة والوداعة والعفاف" (غلا 5: 22، 23).
وهذه
الأعمال لا تُفرض على الإنسان من الخارج، بل تنبع من داخله بذاتيّة
وحربّة. لا لأنّه "حيث يكون روح الرب، فهناك الحرّية" (2 كو 3: 17). لا
شكّ أنّ الإنسان لا يصنع عندئذ إرادته بل إرادة الله. ولكن، بالروح القدس
الذي أرض في قلبه، الري سكن فيه، الذي صار مبدأ أعماله، تصير إرادة الله
إرادته، ورغبة الله رغبته.
وهذا لن يحدث دون موت وعذاب. فعلى المسيحي،
حسب قول بولس، أن يموت مع المسيح ليستنّى له أن يقوم معه إلى حياة الروح:
"لقد قمتم مع المسيح، فاطلبوا إذن مما هو فوق، حيث يقيم المسيحٍ جالسًا عن
يمين الله... لأنّكم قد متّم للعالم وحياتكم مستترة مع المسيح في الله.
فأميتوا إذا أعضاءكم الأرضية: الزنى والنجاسة والأهواء والشهوة الرديئة
والطمع" (كو 3: 1- 5). "أسلكوا بالروح، فلا تقضوا شهوة الجسد. فإنّ الجسد
يشتهي ضد الروح، والروح ضد الجسد... فإنْ كنتم تنقادون للروح فلستم بعد
تحت الناموس... لأنّ الذين هم للمسيح يسوع صلبوا الجسد مع الأهواء
والشهوات" (غلا 5: 16- 24).
إنّ هذا الموت عن الخطيئة هو الولادة
الجديدة بالروح. فبالروح يصير المسيحي "إنسانًا جديدًا"، "إنسانًا روحيًا"
(1 كو 2: 15)، وبالروح يحبّ، ويؤمن، ويرجو، ويصلّي، ويغلب العذاب والموت،
ويحيا في الفرح والسلام.
أ) روح المحبة
المحبة أوّلاً هي حياة الله،
هي روح الله. والمسيحي الذي يمتلئ من روح الله يمتلئ من المحبة، "لأنّ
محبة الله قد أفيضت في قلوبنا بالروح القدس الذي أعطيناه" (رو 5: 6).
والمحبة هي أوّلاً محبة الله لنا. والروح الذي يملأنا من المحبة التي
أحبّنا بها الله يصير فينا ينبوع محبّة لله وللآخرين. فالروح ليس
كالناموس، لأنّ الناموس يقيّد بأحكامه ووصاياه، ولكنّه لا يمنح أي قوّة
لممارسة تلك الوصايا والأحكام. أمّا الروح فيعلّمنا كيف نحب، و يمنحنا
القوّة على المحبة. ومن يحب يميّز ما يجب فعله: "لا تتشبّهوا بهذا العالم،
بل تحوّلوا إلى صورة أخرى بتجديد عقلكم، لكي يتهيّأ لكم أن تميّزوا ما
مشيئة الله، وما هو صالح وما يرضيه وما هو كامل" (رو 12: 3)؛ "لتكن محبتكم
على نموّ صاعد في المعرفة والإدراك التام، حتى يكون في وسعكم أن تميّزوا
القيم الحقّة" (في 1: 9).
ب) روح الإيمان.
المسيحي هو من يؤمن أنّ
محبّة الله قد أُفيضت في قلوبنا بيسوع المسيح. فالروح القدس يقود إلى
الإيمان بالمسيح. لذلك "ما من أحد يستطيع أن يقول "يسوع ربّ" إلاّ بالروح
القدس" (1 كو 2: 3). "بذلك تعرفون روح الله: أنّ كلّ روح يعترف بأنّ يسوع
المسيح قد أتى في الجسد، هو من الله، وكلّ روح لا يعترف بيسوع ليس من
الله، بل هذا روح المسيح الدجّال..." (1 يو 4: 2، 3).
لذلك يدعو يسوعُ
الروحَ القدس "روح الحق" (يو 16: 13)، وينبئ تلاميذه بأنّ هذا المحامي
"متى جاء فإنّه يفحم العالم بشأن الخطيئة والبِرّ والدينونة. فبشأن
الخطيئة، لأنَّهم لم يؤمنوا بي. وبشأن البر، لأنّي منطلق إلى الآب ولا
تروني من بعد. وبشأن الدينونة، لأن زعيم هذا العالم قد دين" (يو 16: 8-
11). فالروح يفحم العالم أوّلاً بشأن الخطيئة، أي إنّه يظهر للعالم خطيئته
التي قادته إلى صلب المسيح، ثم يبيّن للعالم برّ الله: فالله قد برّر
المسيح، إذ أقامه وأصعده إلى السماء. وكلّ إنسان يمكنه الحصول على هذا
البرّ بالإيمان بالمسيح وقبول المغفرة التي منحنا إيّاها على الصليب.
وأخيرًا يشهد لقيامة المسيح وانتصاره على قوى الشر. وتلك هي دينونة
العالم. وهكذا يُدخِل الروحُ القدس المؤمنين والعالمَ إلى سرّ المسيح
وموته وقيامته.
الكنيسة الأولى كانت تدعو سر المعمودية سر الاستنارة.
وبولس الرسول يرى أنّ الإنسان الروحي يستطيع أن يرى ما لا يراه الإنسان
الطبيعي:
"لقد أعلنه لنا الله بروحه. لأنّ الروح يفحص كلّ شيء حتى
أعماق الله. فمَنْ مِن الناس يعرف ما في الإنسان إلاّ روح الإنسان الذي
فيه؟ فهكذا أيضاً، ليس أحد يعرف ما في الله إلاّ روح الله. ونحن لم نأخذ
روح العالم، بل الروح الذي من الله، لكي نعرف ما أنعم به علينا الله من
النعم. ونتكلّم عينها لا بأقوال تعلّمها الحكمة البشرية، بل بما يعلّمه
الروح، معبّرين بالروحيات عن الروحيات. إن الإنسان الطبيعي لا يقبل ما هو
من روح الله، فإنّه جهالة عنده، وليس في وسعه أن يعرفه، لأنّه بالروح
يُحكَم فيه. أمّا الإنسان الروحي فإنّه يحكم في كل شيء، ولا أحد يحكم فيه.
لأنّه "من عرف فكر الرب فيعلّمه؟ "أمّا نحن فعندنا فكر المسيح" (1 كو 2:
10- 16).
إنّ الوحي، في المسيحية، لا يقوم على أنّ الله يكشف للإنسان
حقائق يستحيل عليه إدراكها بالعقل، بقدر ما يقوم على أنّ الله يخرج من
ذاته، وذلك بروحه القدّوس الذي هو ذات الله، ويلاقي الإنسان في صميم ذاته،
حيث العقل والإرادة والحب. والإيمان الذي ينتج من ذلك هو شركة محبة في
الروح. والمعرفة التي تنجم عن ذلك ليست معرفة عقلية بقدر ما هي معرفة
كيانية تتخطّى كلّ عقل كما أنّ الحب يتخطّى كل إدراك.
ج) روح الرجاء
"المسيح
فيكم رجاء المجد" (كو 1: 27). المسيحي الذي يصير بالإيمان إنسانًا جديدًا
يتّحد بالمسيح. ولكن هذا الاتحاد يبقى اتحادًا أوّليًا يبعث الرجاء في
الاتحاد الكامل. يذكّر بولس التسالونيكيين "بثبات رجائهم بربّنا يسوع
المسيح" (1 تسا 1: 3). ويشكر الله "على أنّهم رجعوا إلى الله عن الأوثان
ليعبدوا الله الحيّ الحقيقي، وينتظروا من السماوات ابنه، الذي أنهضه من
بين الأموات، يسوع الذي ينقذنا من السخط الآتي" (1 تسا 1: 9، 10).
الرجاء
حركة مزدوجة فيها يقين وفيها رغبة. فاليقين هو اللقاء الحاصل مع الرب،
والرغبة هي في لقاء الرب لقاءً كاملاً. وكلا اليقين والرغبة هو عمل الروح
القدس في الإنسان. فما أعطي لنا هو "باكورة الروح" (رو 8: 23): "إنّ الله
هو الذي ختمنا وجعل عربون الروح في قلوبنا" (2 كو 1: 22)؛ "لقد خُتمتم
بروح الموعد القدّوس الذي هو عربون ميراثنا" (أف 1: 13، 14). إنّ الروح
الذي نلناه في المعمودية حاضر فينا حضور البزرة بالنسبة للشجرة (راجع مثل
حبة الخردل: متى 13: 31، 32). الشجرة كلّها حاضرة في البزرة، والقوّة التي
تنمي البزرة لتصبح شجرة حاضرة فيها بملئها، ولكن يلزمها وقت لتنمو وتصل
إلى ما هي عليه. كذلك الروح حاضر فينا بملئه، وعمله فينا عمل دائم، ويقوم
رجاؤنا على ترقّب بلوغه كماله فينا.
وتجدر الإشارة إلى أنّ هذا الرجاء
لن يتحقق بدوننا. فالله صار إنسانًا مثلنا، وأرسل إلينا روحه الإلهي ليعمل
فينا ومعنا على تأليه الكون. ولأنّنا نؤمن بحضور روح الله فينا ونؤمن
بأنّه سيقود العالم إلى كماله، نسهم معه في هذا العمل الإلهي. ويقوم
إسهامنا جوهريًا على أن نصغي إلى إلهاماته ونفسح له في المجال ليعمل فينا.
وهذا ما يعنيه بولس بقوله: "لا تطفئوا الروح" (1 تسا 5: 19)، "لا تحزنوا
روح الله القدّوس، الذي خُتمتم به لأجل يوم الفداء" (أف 4: 30).
اليقين
بحضور الروح فينا ينشئ فينا الفرح والسلام ويحملنا على العمل الدائم مع
الروح. والرجاء ينشئ فينا الحنين إلى تجلّي المسيح النهائي في المجد:
"إنّي
لأحسب أنّ آلام هذا الدهر الحاضر لا يمكن أن تُقابَل بالمجد المزمع أن
يتجلّى لنا. لذلك تتوقّع الخليقة، مترقّبة، تجلّي أبناء الله. لأنّ
الخليقة قد أُخضعت للباطل، لا عن رضى بل بسلطان الذي أخضعها، إنّما على
رجاء أنّ الخليقة ستُعتَق، هي أيضاً، من عبودية الفساد إلى حريّة مجد
أبناء الله. فنحن نعلم أنّ الخليقة كلّها معًا تئنّ حتى الآن وتتمخّض.
وليس هي فقط، بل نحن أيضاً، الذين لهن باكورة الروح، نحن أيضاً نئنّ في
أنفسنا، منتظرين التبنّي، افتداء أجسادنا. لأنّا بالرجاء خلّصنا. على أنَ
رجاء ما يُشاهَد ليس برجاء، لأنّ ما يشاهده المرء كيف يرجوه أيضاً؟ ولكن،
إن كنا نرجو ما لا نشاهد، فبالصبر ننتظره" (رو 8: 18- 25).


"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Waitloadinglp0
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Empty
مُساهمةموضوع: رد: "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" -   "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 7:39 pm

د) روح الصلاة
الصلاة

اتصال بالله واتّحاد به. ولكنّ الله نفسه، بروحه القدّوس، قد أتى إلينا
وسكن فينا. فصلاتنا هي إذًا اتحاد بالروح القدس الساكن فينا: "الروح يعضد
ضعفنا. لأنّا لا نعرف كيف نصلّي كما ينبغي، لكنّ الروح نفسه يشفع فينا
بأنّات تفوق الوصف. والذي يفحص القلوب يعلم ما ابتغاء الروح، لأنّه بحسب
الله يشفع في القديسين" (رو 8: 26، 27). دخولنا في الصلاة هو استجابة
لصلاتنا، لأنّ دخولنا في الصلاة هو دخول في حوار الروح القدس مع الله،
وبالتالي اشتراك في حياة الله نفسه.
فما يجب أن نطلبه إذًا في صلاتنا
هو الروح القدس: "إذا كنتم، مع ما أنتم عليه من الشرّ، تعرفون أن تمنحوا
العطايا الصالحة لأولادكم، فكم بالأحرى أبوكم السماوي يمنح الروح القدس
لمن يسأله" (لو 11: 13). وعندما يسكن الروح القدس فينا يصير هو مبدأ
حياتنا ومبدأ أعمالنا، فيتقدّس فينا اسم الله، ويأتي فينا ملكوته وتتمّ
مشيئته. في بعض المخطوطات القديمة ترد عبارة "ليأتِ روحك"، عوضًا عن "ليأت
ملكوتك"، في الصلاة الربّية. فالاتحاد بروح الله هو في الواقع الدخول في
ملكوت الله. ومع الروح القدس الساكن فينا نعمل على تقديس اسم الله وإحلال
ملكوته وتتميم مشيئته في الآخرين وفي العالم أجمع. لذلك يوصي بولس
الأفسسيين: "صلّوا كلّ حين، في الروح، كلّ صلاة ودعاء. إسهروا لهذا في
مواظبة لا تني" (أف 6: 1"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Icon_cool.
هـ) روح القيامة
العذاب والموت شكٌّ
للإنسان. ويسوع نفسه، في نزاعه في بستان الزيتون قد طلب أن تعبر عنه كأس
العذاب والموت: "يا أبتاه! إنّ كلّ شيء ممكن لديك، فأَجِزْ عنّي هذه
الكأس! ولكن ليس ما أريد أنا، بل ما تريد أنت" (مر 14: 36). عن صلاة يسوع
هذه تقول الرسالة إلى العبرانيين: "إنه هو الذي، في أيّام بشريّته، قرّب
تضرّعات وابتهالات، في صراخ شديد ودموع، إلى القادر أن يخلّصه من الموت،
فاستجيب له بسبب ورعه... وبلغ الكمال (عب 5: 7- 9). استجيب له، لا بأنّه
أُنقذ من الموت، بل بأنّه أقيم من بين الأموات. وقيامته كانت بقدرة الروح:
"إن المسيح بعد إذ أُميت، استردّ الحياة بالروح" (1 بط 3: 1"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Icon_cool.
وكما
أقام الروح يسوع، هكذا سيقيمنا نحن أيضاً: "إنْ كان روح الذي أقام يسوع من
بين الأموات ساكنًا فيكم، فالذي أقام المسيح يسوع من بين الأموات يحي
أيضاً أجسادكم المائتة، بروحه الساكن فيكم" (رو 8: 11). العذاب والموت لن
يغيبا عن حياة الإنسان، ولكن عندما يحلّ في قلبه الروح القدس، يزول عنه
الشك، ويظهر له الله إلهَ القيامة والحياة.
عندما طعن الجند جنب يسوع
بحربة، "خرج من جنبه دم وماء" (يو 19: 34). الدم علامة الموت، والماء
علامة الروح وعلامة الحياة: "إنْ عطش أحد، يقول يسوع، فليأتِ إليّ ويشرب.
من آمن بي فستجري من جوفه، كما قال الكتاب، أنهار ماء حيّ". ويضيف يوحنا:
"قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين أن يقبلوه. فالروح لم يكن
بعد قد أعطي، لأنّ يسوع لم يكن بعد قد مُجّد" (يو 7: 37- 39).
إنّ منح
الروح القدس مرتبط بتمجيد يسوع، أي بقيامته وصعوده إلى السماء ودخوله في
مجد الآب. لكنّ يسوع لم يتمجّد بالروح إلاّ لأنّه قرّب نفسه للموت بالروح:
"إنّ المسيح، بروح أزليّ، تقول الرسالة إلى العبرانيين، قد قرّب لله نفسه
بلا عيب" (عب 9: 14).


"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Waitloadinglp0
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Empty
مُساهمةموضوع: رد: "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" -   "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 7:43 pm


الفصل الثاني
الثالوث الأقدس في تعاليم الآباء والمجامع المسكونيّة
==============

أوّلاً- في القرنين الأول والثاني

1- الثالوث الأقدس في سرّي المعمودية والافخارستيّا
تتّضح
لنا عقيدة الكنيسة الأولى في الثالوث الأقدس ليس فقط في تعاليم الآباء بل
في ممارسة الأسرار المقدسة، ولا سيّمَا سرَّي المعمودية والإفخارستيّا.
إنّ إيمان الكنيسة الأولى بالثالوث الأقدس قد انطلق من خبرة الرسل الذين
عاشوا مع المسيح ابن الله واختبروا عمل الروح القدس في المسيح وفيهم من
بعد قيامه المسيح. وهذا الاختبار هو الذي نقلوه إلى جميع المؤمنين بالمسيح
عبر الأسرار المقدّسة، ولا سيّمَا سرَّي المعمودية والافخارستيّا. فمَا
آمنوا به عبّروا عنه في الأسرار. لذلك نجد علاقة وثيقة بين كرازة الإيمان
وممارسة الأسرار. وتلك العلاقة واضحة في وصية يسوع لتلاميذه بعد قيامته:
"اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمّدوهم باسم الآب والابن والروح القدس،
وعلّموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به" متى 28: 19- 20). فالتعليم يسبق
المعمودية، والمعموديّة تعبّر عن قبول التعليم وصدق الإيمان. والعلاقة
ذاتها نجدها في إنجيل مرقس: "إذهبوا في العالم أجمع، واكرزوا بالإنجيل
للخليقة كلها، فمن آمن واعتمد يخلص" (مر 16: 15- 16). وهنا أيضاً التعليم
والإيمان يسبقان المعمودية.

أ) المعمودية
لذلك ينطلق تعليم الكنيسة
الأولى في عقيدة الثالوث الأقدس من الكرازة التي كانت تهيّئ الموعوظين
لتقبّل سرّ المعمودية. ففي تلك الكرازة كانت تفسّر لطالبي العماد معاني
هذا السر وأبعاده ومضمون الإيمان الجديد الذي سوف يعتنقونه. وقبل
المعمودية وفي طريقة منح السر ذاتها، كان يُطلب من المعتمدين إعلان
إيمانهم.
نقرأ في "العقليد الرسولي" لهيبوليتوس الروماني، الذي كُتب
سنة 215، أنّ الأسقف، أو الكاهن، يقف بجوار الماء، بينما ينزل الشماس في
الماء مع طالب العماد. ويضع الأسقف يده على رأس المعتمد، ويسأله:
- "هل
تؤمن باله الآب القدير؟"، فيجيبه المعتمد: "إنّي أومن به"، فيغطسه إِذّاك
في الماء مرة أولى. ثم يضع من جديد يده على رأسه ويسأله ثانية:
- "هل
تؤمن يسوع المسيح ابن الله، الذي وُلد بفعل الروح القدس من مريم العذراء،
ومات وقبر وقام من بين الأموات في اليوم الثالث، وجلس عن يمين الآب، وسوف
يأتي ليدين الأحياء والأموات؟"، فيجيبه المعتمد: "إنّي أومن به"، عندئذ
يغطسه في الماء مرة ثانية. ثم يسأله ثالثة:
- "هل تؤمن بالروح القدس،
وبالكنيسة المقدسة، وبقيامة الجسد؟"، فيجيب المعتمد: "إنّي أومن". وإذّاك
يغطسه مرة ثالثة. ثم يخرج المعتمد من الماء.
وتلك العادة كانت منتشرة
في معظم الكنائس المسيحية، كما تشير إلى ذلك مؤلفات يوستينوس، وديونيسيوس
الاسكندريِّ، وترتوليانوس، وكبريانوس، وسِيَر الشهداء التي تعود إلى القرن
الثالث.
إن إعلان الإيمان هذا، في أثناء رتبة المعمودية، هو شهادة
لموجز العقيدة المسيحية، و"قانون الإيمان" الكنيسة الأولى. ويبدو لنا
الاعتراف بالثالوث الأقدس، الآب والابن والروح القدس، الركن الأساسي في
تلك العقيدة.

ب) الافخارستيا
في الافخارستيا، سرّ الشكر، تحتفل
الكنيسة بعظائم الله وتشكر له كلّ ما صنعه لأجلنا، ولا سيّمَا إرساله
إلينا ابنه يسوع المسيح وروحه القدوس. لذلك يرد ذكر الأقانيم الإلهية
الثلاثة في إقامة. كل افخارستيا، لدى تقدمة القرابين وتقديسها (ما يُدعى
باليونانية الأنافورا).
يروي هيبوليتوس الروماني في التقليد الرسولي كيف كانت الكنيسة الأولى تحتفل بهذا السر:
"يقدّم
الشمامسة القرابين إلى الأسقف، فيضع يده عليها، ويتلو عليها الصلاة
التالية: "نرفع لك الشكر، يا الله، بابنك الحبيب يسوع المسيح، الذي أرسلته
إلينا في تمَام الأزمنة مخلّصاً وفاديًا ومبلغًا إيانا ارادتك". وبعد ذكر
كلام الرب على الخبز والخمر، يتابع قائلاً: "نطلب إليك أن ترسل روحك
القدوس على تقدمة الكنيسة المقدّسة، وأن تجمع النفوس لتوطيد الإيمان في
الحق". ويختم بالتمجيد: "ولذا نريد أن نسبّحك ونمجّدك بابنك يسوع المسيح،
الذي به نرفع إليك التمجيد والإكرام، أيها الآب والابن والروح القدس، في
الكنيسة المقدّسة، الآن وإلى دهر الداهرين. آمين".
على هذا المثال كانت
تُتلى كل صلاة افخارستيّة: فالصلاة تتوجّه إلى الآب، الذي أرسل ابنه
المخلّص، وتطلب إليه الآن أن يرسل روحه القدوس على القرابين ليكرّسها
ويجعلها جسد المسيح ودمه، وكل الشعب كله ليقدّسه ويوطده في الإيمان ويجمعه
في الوحدة.


"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Waitloadinglp0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Empty
مُساهمةموضوع: رد: "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" -   "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 7:46 pm


2- الثالوث الأقدس في تعليم الآباء

لم يكتف الآباء في تعليمهم
بترداد. أقوال العهد الجديد في الثالوث الأقدس، بل حاولوا توضيح علاقة
الأقانيم بعضها ببعض، وذلك في تفسير العقيدة المسيحية للمسيحيين، والدفاع
عنها إمّا ضد الوثنيين وإمّا ضد الغنوصيين.

أ) الآباء المناضلون
يستقي
الآباء المناضلون دفاعهم عن الإيمان المسيحي وعقيدتهم اللاهوتية من الكتاب
المقدس ومن إيمان الكنيسة الأولى. إلاّ أنهم يعبّرون عن هذا الإيمان
بتعابير مستقاة من الفلسفة اليونانية، وذلك في سبيل إيصال الإيمان المسيحي
إلى اليونانيين المتشرّبين تلك الفلسفة.
لكن التعبير عن الإيمان
المسيحي بمفاهيم الفلسفة اليونانية له مخاطره، اذ يمكن أن يؤثّر اللجوء
إلى تلك المفاهيم على العقيدة نفسها. ولم يقو اللاهوت المسيحي على إزالة
كل تلك المخاطر إلا تدريجيًّا.
لذلك نلاحظ عند الآباء المناضلين، من
أمثال القديس يوستينوس، وتاتيانوس، وأثيناغوراس، والقديس ثيوفيلوس أسقف
أنطاكية، بعض الالتباس في تأكيد أزليّة الابن والروح القدس ووحدتهما في
الجوهر مع الآب. وقد تأثروا، في هذا الموضوع، بالنظرة الافلاطونية لله
التي تضع بين الله الأسمى والإنسان قافلة من الكائنات التي تحتلّ مرتبة
وسطًا بين الله والإنسان، لأن الله، في نظرها، بعيد كلّ البعد عن العالم
المخلوق، ولا يمكنه أن يتصل به إلا بواسطة تلك الكائنات. والكلمة
(باليونانية "لوغوس") هي أعظم تلك الكائنات، وبالكلمة خلق الله العالم.
فالخطر، في اللاهوت المسيحي، يكن في اعتبار ابن الله، الأقنوم الثاني من
الثالوث الأقدس، وكلمة الله، كائنًا وسطًا بين الله والإنسان. وفي هذا
الموضوع لا تخلو كتابات الآباء المناضلين من الالتباس. يقول مثلاً
يوستينوسِ:
إنّ ابن الله، الوحيد الذي يدعى ابنًا بالمعنى الحقيقي،
والكلمة الذي، قبل كل الخلائق، كان مع الله، وولد عندما صنع الآب، به، في
البدء، كل شيء ونظّمه" (دفاع 2: 1، 2).
فكأن كلمة الله لم يولد الا عندما صنع الله الكون. وكذلك يقول ثيوفيلوس:
"لمّا
أراد الله أن يصنع ما قرّره، ولد هذا الكلمة، لافظاً إيّاه بكر كل خليقة،
اذ لم يحرم ذاته من الكلمة، بل ولد الكلمة، وكان بتحدّث دومًا معه" (كتاب
إلى اوتوليكوس 2: 22).
يميّز ثيوفيلوس بين الكلمة الباطني، القائم منذ
الأزل في الله، الذي هو فكر الله وعقل الله وعلم الله؟ والكلمة الملفوظ أو
المنطوق به، الذي ولده الآب لمّا لفظه ونطق به قبل الخلائق، وبمساعدته صنع
الكون:
"ان الله، اذ فيه كلمته الباطني، ولده مع حكمته، لافظًا إيّاه
قبل كل شيء" (2: 10). "قبل ان يخلق أيّ شيء، كان الكلمة الباطني موجودًا
على الدوام في قلب الله. لقد كان له مشيرًا، هو عقله وفكره" (2: 18).
يؤكد
هؤلاء الآباء الوهية الابن والروح، اذ يميّزون بين "صنع الخلائق"، وولادة
الابن، ووحدة الجوهر الإلهي بهن الآب والابن والروح القدس. يقول
اثيناغوراس:
"إنّ ابن الله هو كلمة الآب بالفكر والقدرة. اذ فيه وبه
كوّن كل شيء، لأن الآب والابن هما واحد فالابن هو في الآب، والآب هو في
الابن في وحدة الروح وقدرته. إنّ ابن الله هو عقل الآب وكلمته. واذا
أردتكم، بحكمتكم السامية، أن تعرفرا ما معنى "الابن"، سأقوله لكم ببضع
كلمات: إنه وُلد من الآب، لا بمعنى أنه صُنع. فالله، منذ البدء، هو عقل
أزلي، وبمَا أنه عاقل منذ الأزل، كان معه كلمته (الذي هو عقل الله)".
سترفض
الكنيسة في ما بعد التمييز بين الوجودين لكلمة الله: الوجود الباطني في
الله، والوجود الخارجي الذي حصل عندما لفظ الله الكلمة ونطق به. ففي هذا
التمييز التباس بالنسبة إلى تأكيد ازلية الكلمة، وخطر الانحراف نحو
الاعتقاد بتطوّر كلمة الله وتبدّله من حال إلى حال. إلا أن لاهوت الآباء
المناضلين في الثالوث الأقدس قد سار منذ البدء في الاتجاه الصحيح، الذي
يؤكّد في آن معًا تثليث الأقانيم ووحدة الجوهر. وهذا ما سيعبّر عنه بوضوح
أكثر القديس ايريناوس.

ب) القديس إيريناوس، أسقف ليون (140- 202)
توسّع
ايريناوس في عقيدة الثالوث الأقدس في كتابيه: "ضد الهراطقة"، و"تبيين
الكرازة الرسولية". فالكتاب الأوّل موجّه ضد الغنوصيين الذين كانوا
يفرّقون بين الإله الأسمى البعيد عن الكون والذي لا علاقة له بأيّ من
الكائنات، والإله الأدنى الذي انبثق عن الإله الأسمى، وسقط بالتالي من
جوهر الالوهة، وبه خلق الإله الأسمى الكون. فالخالق هو إذًا، في نظرهم،
الإله الأدنى. والكتاب الثاني هو عرض بسيط شعبي للعقيدة المسيحية وتبيين
أسسها الرسولية.
معرفة الله: يؤكد إيريناوس أنّ الإله الأسمى هو نفسه
الإله الخالق، وأنه لا وجود لآلهة أدنين سقطوا من جوهر الالوهة. فالإله
واحد، وهذا الإله قد عرّف ذاته لجميع الناس معرفة أولى بواسطة الخلق. ثم
أوحى ذاته تدريجيًّا بواسطة الأنبياء، وأخيرًا بواسطة ابنه وكلمته يسوع
المسيح.
أما بشأن إمكانية توصّل الناس إلى معرفة الله، فكان الغنوصيون
يقسمون الناس إلى ثلاث فئات: المادّيين، أبناء الشيطان، الذين لا يمكنهم
الوصول إلى معرفة الله، والنفسيين، أبناء الإله الأدنى، الذين يرتفعون
بالمعرفة ثم يسقطون عنها، وأخيرًا الروحيين، أبناء الله، الذين يعرفون
الله منذ الآن معرفة ثابتة بحَدْسهم الطبيعي. وهؤلاء فقط يمكنهم القول
أنهم يعرفون الله معرفة كاملة.
جوابًا على هذه النظرة يؤكّد إيريناوس
أنّ جميع الناس متساوون إزاء سر الله، الذي لا يمكن كشفه كشفًا تامًا
بواسطة العقل، بل بواسطة الوحي الذي أتانا به ابن الله.
والكلمة، اذ
يظهر الله للناس، لا يظهره بشكل يتيح لهم رؤيته رؤية مباشرة، وذلك لئلاّ
يصل الإنسان إلى احتقار الله، وليكون دومًا أمامه هدف يحثّه على التقدّم"
(ضد الهراطقة 4: 20، 7).
وحتى في السماء لن يزول هذا التقدّم في معرفة الله. يقول إيريناوس:
"ان
كانت هناك، حتى في عالمنا المخلوق، أمور يحتفظ بها الله وأمور يستطيع
علمُنا البلوغ إليها، فهل من الغريب أن نجد في الكتاب المقدس الذي هو روحي
بمجمله، مسائل يمكننا حلّها بنعمة الله، ومسائل أخرى يحتفظ بها الله
لنفسه، ليس في هذا العالم وحسب، بل أيضاً في العالم الآخر، وذلك لكي يبقى
الله دوما يعلَمنا، ويظلّ الإنسان على الدوام يتعلّم على يد الله" (ضد
الهراطقة 2: 28، 2- 3).



"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Waitloadinglp0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Empty
مُساهمةموضوع: رد: "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" -   "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 7:50 pm

* المعمودية باسم الآب والابن والروح القدس

يؤكّد
ايريناوس أنّ معرفة الله لدى المسيحيين تبدأ بالمعمودية التي ينالونها على
اسم الآب والابن والروح القدس. يقول في "تبيين الكرازة الرسولية":
"إليكم
ما يؤكده لنا الإيمان، كما سلّمنا إياه الكهنة، تلاميذ الرسل. انه يذكّرنا
أوّلاً أننا نلنا المعمودية لمغفرة الخطايا باسم الله الآب، وباسم يسوع
المسيح ابن الله الذي تجسّد ومات وقام، وفي روح الله القدوس... عندما نولد
من جديد بالمعمودية التي تُعطى لنا باسم هذه الاقانيم الثلاثة، نغتني في
هذه الولادة الجديدة من الخيرات التي في الله الآب بواسطة ابنه، مع الروح
القدس. فالذين يعتمدون ينالون روح الله، الذي يعطيهم للكلمة، أي للابن،
والابن يأخذهم ويقدّمهم للآب، والآب يمنحهم عدم الفساد. وهكذا بدون الروح،
علينا رؤية كلمة الله، وبدون الابن لا يستطيع أحد الوصول إلى الآب. فان
معرفة الآب هي الابن، ومعرفة ابن الله نحصل عليها بواسطة الروح القدس.
ولكن الابن هو الذكي من شأنه توزيع الروح، حسب مسرّة الآب، على الذين
يريدهم الآب، وعلى النحو الذي يريد" (الكرازة الرسولية 3 و 7).

* الإيمان بالثالوث الأقدس أساس خلاصنا

يتّضح
لنا من خلال النص السابق أنّ الإيمان بالثالوث الأقدس لا يمكننا البلوغ
إليه إلاّ انطلاقًا من تدبير الله الخلاصي. لذلك يعتبر هذا الإيمان أساس
خلاصنا وركن بنائه. يقول في كتابه ضد الهراطقة:
"هوذا تعليم إيماننا
المنهجي وأساس خلاصنا وركن بنائه: إنّه الله الآب الذي لم يُخلق ولم يولد
ولا يرى، الإله الأوحد، خالق كل شيء، هذا هو البند الأول من إيماننا. أما
البند الثاني فهو التالي: إنّه كلمة الله، وابن الله، ربنا يسوع المسيح،
الذي ظهر للأنبياء في الشكل الذي وصفوه به في نبؤاتهم ووفق تدبير الآب
الخاصّ، الكلمة الذي كوّن كلّ شيء، والذي في ملء الأزمنة، صار إنسانًا
ليعيد كلَ شيء ويضبطه، فوُلد من البشر، وسار منظورًا وملموسًا ليبيد الموت
ويظهر الحياة، ويعيد الوحدة بين الله والإنسان. أما البند الثالث فهو
الروح القدس الذي نطق بالأنبياء، وعلّم آباءنا الأمور الإلهية، وقاد
الصديقين في طريق البر. وهو الذي، في ملء الأزمنة، أفيض بشكل جديد على
البشرية، فيمَا كان الله يجدّد الإنسان على الأرض كلّها" (الكرازة
الرسولية 3 و6)

وهذا الإيمان هو إيمان الكنيسة الجامعة منذ الرسل:
"إن الكنيسة، وان
تكن منتشرة في المسكونة كلّها حتى أقاصي الأرض، قد تسلّمت من الرسل
وتلاميذهم الإيمان بإله واحد، آب ضابط الكل، خالق السماء والأرض والبحار
وكل ما فيها؛ وبيسوع المسيح الواحد، ابن الله، الذي تجسّد لأجل خلاصنا؛ و
بروح قدس واحد نطق بالأنبياء معلنًا تدابير ربنا الحبيب يسوع المسيح،
ومجيئه وميلاده البتولي وآلامه وقيامته من بين الأموات، وصعوده بالجسد إلى
السماوات، ومجيئه الثاني عندما سيظهر من السماوات، عن يمين الآب، ليعيد
كلّ شيء ويقيم كلّ جسد من جميع البشر، لكي تجثو أمام ربنا يسوع المسبح
وإلهنا ومخلّصنا وملكنا، وفق إرادة الآب الذي لا يُرى، كل ركبة ممّا في
السماء وعلى الأرض وتحت الأرض، ويعترف به كلّ لسان...
هذه هي الكرازة
التي تسلّمتها الكنيسة. وهذا هو إيمانها، على ما قلنا، ومع أنها منتشرة في
العالم أجمع، فهي تحافظ على تلك الكرازة باعتناء، كما لو كانت تقيم في
منزل واحد، وتؤمن بها باتّفاق، كما لو كان لها نفس واحدة وقلب واحد.
وبوحدة رأي تكرز بها وتعلّمها وتسلّمها، كما لو كان لها فم واحد" (فقد
الهراطقة 1: 10، 2).
ويعلن ايريناوس ضد الغنوصيين، الساعين وراء معرفة
الله جديد يكتشفون سرّه بتنظيرهم العقليّ، أن لا الله إلاّ الإله الذي ظهر
لنا في المسيح وفي الروح القدس:
"عندما سيبلغ كل شيء كماله في
السماء، لن نرى آبا آخر غير الآب الذي نودّ أن نراه...، ولن نشاهد مسيحًا
آخر ابن الله غير ذاك الذي ولد من مريم العذراء، وتألم، الذي به نؤمن
وإيّاه نحب...، ولن نحصل على روح قدسٍ آخر غير ذاك الذي معنا والذي يصرخ
فينا: "أبّا أيّها الآب. فبهم سنواصل السعي والتقدم، متمتعين بمواهب الله،
ليس بعد من خلال الرموز وكما في مرآة، بل وجهًا إلى وجه" (ضد الهراطقة 4:
9، 2).
* وحدة الجوهر الإلهي والطبيعة الإلهية
لا يكتفي إيريناوس بذكر الأقانيم الثلاثة، بل يوضح وحدتها في الألوهة.
فيقول
عن الآب والابن: "الآب ربّ، والابن ربّ، الآب إله والابن إله، لأن الذي
ولد من الله هو إله. وهكذا، وإن كان هناك، حسب تدبير فدائنا، ابن وآب،
نبيّن أن ليس إلاّ إله واحد، في جوهر كيانه بالذات وطبيعة هذا الكيان"
(الكرازة الرسولية، 47).
ويؤكّد ألوهيّة الابن: "إنّ الابن، الذي هو
موجود دومًا مع الآب، يوحي الآب منذ البدء للملائكة ورؤساء الملائكة
والقوات ولكل من يريد الله أن يوحي له ذاته" (ضد الهراطقة 3: 9)، "لقد
بيّنّا بوضوح أن الكلمة موجود منذ البدء لدى الله... وهكذا أرغمنا على
الصمت أولئك الذين يقولون: بمَا أن المسيح ولد، فهذا يعني أنّه لم يكن
قبلاً. فقد برهنّا أن وجوده لم يبدأ بولادته، بمَا أنه موجود دائمًا لدى
الآب" (3: 18، 1).
لا يتكلم كثيرًا إيريناوس عن ألوهيّة الروح القدس،
لأن موضوع النقاش في الكنيسة الأولى لم يكن الروح القدس بل الابن. ومع ذلك
بشير إلى ألوهية الروح القدس في ذكر وحدة العمل الإلهي بين الآب والابن
والروح القدس:
"الآب يسرّ ويأمر، والابن يعمل ويخلق، والروح يغذّي
وينمي، والإنسان يتقدّم رويدًا ويرتقي إلى الكمال، أي إنه يتقرّب من الله
غير الخلوق، لأنّ من هو غير مخلوق، فهو كامل، وهذا هو الله" (ضد الهراطقة
4: 38).
غن الروح يغذّي الإنسان بغذاء الله وينميه في معرفة الابن
والآب. فهو واحد مع الابن والآب. ويدعو إيريناوس الابن والروح "اليدين"
اللتين بهما خلق الآب العالم ولا يزال يعمل بهما متابعًا عمل خلاص الإنسان
ليصل به إلى ملء حياة الله:
"إنّ الإنسان، الذي جبلته في البدء يدا الله، أي ابنه وروحه، يصير في كل وقت على مثال الله وصورته" (ضد الهراطقة 5: 28، 3).
لقد
رأى البعض في تشبيه "اليدين" انتقاصا لوحدانية الله، أو عدم مساواة بين
الأقانيم الإلهية. إلاّ أن ايريناوس لا يرى في هذا التشبيه سوى صورة
للتأكيد على وحدة الأقانيم الإلهية في الطبيعة الإلهية وفي عمل الله في
الكون. وكذلك القول عن العبارات التالية التي توضح عمل الأقانيم الثلاثة
في خلاص الإنسان:
"إن الرب قد أفاض روح الآب على الإنسان ليوحّده بالله ويدخله في شركة معه، بمنحه الله للإنسان بالروح القدس" (ضد الهراطقة 5: 6، 6).
"بالروح يرتقي التلاميذ إلى الابن، وبالابن إلى الآب، والابن يسلّم عمله إلى الآب" (ضد الهراطقة 5: 36، "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Icon_cool.
"إن
الذين يحملون في ذواتهم روح الله يُقادون إلى الكلمة، والابن يأخذهم
ويقدّمهم إلى أبيه، والآب يمنحهم عدم الفساد" (الكرازة الرسولية، 7).
لا
نجد أروع من هذه التعابير لتفسير عمل الأقانيم الثلاثة في تاريخ الخلاص،
بيد أن إيريناوس يقتصر في لاهوته في عقيدة الثالوث الأقدس على هذا العمل،
دون الخوض في موضوع كيان الله في ذاته وعلاقة الأقانيم الثلاثة ضمن حياة
الله الباطنيّة.


"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Waitloadinglp0


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Empty
مُساهمةموضوع: رد: "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" -   "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 7:52 pm

ثانياً- في القرن الثالث
======
1- البدع الثالوثية: بين الشكلانية والتبعية
إن
الفكر اللاهوتيّ في عقيدة الثالوث الأقدس كان في القرن الثالث يحتلّ مرتبة
وسطًا بين تيّارين متناقضين: تيّار يميل إلى إزالة التمييز بين الأقانيم،
فيرى في الثالوث الأقدس إلهًا واحدًا ظهر لنا في ثلاثة أشكال مختلفة،
وتيار يميل إلى رفض المساواة بين الأقانيم، فيعتبر أن الآب وحده هو إله
بالمعنى الحقيقي. أما الابن والروح، فليسا من جوهر الآب الواحد. التيّار
الأول يدعوه اللاهوت الشكلانيّة، والتيّار الثاني يدعوه التبعيّة.

أ) الشكلانية
ينطلق
هذا التيّار من وحدانية الله. فيقول إنّ الإله واحد وهو الآب، كما يؤكّد
ذلك الكتاب المقدس في كلا العهدين ولكن المسيح، حسب العهد الجديد، هو أيضا
إله. فالمسيح إذن هو نفسه الله الآب. ولتفسير ذلك، يقولون إنّ الله قبل
التجسّد، كان فقط آباً، ولمّا تجسّد صار هو نفسه ابنًا، وتألم وصلب ومات
وقام. وكذلك الروح القدس غير متميّز عن الآب. فهو الآب نفسه الذي يملأ
الكون، والذي، في التجسّد، حلّ على مريم العذراء وولد منها ابنًا. فالآب
هو ذاته الابن وهو ذاته الروح.
إنّ تلك النظرة إلى الثالوث تزيل كل
تمييز في الذات الإلهية، اذ تجعل من الأقانيم الإلهية الثلاثة أشكالاً
خارجية لا تتميّز إلا بالنسبة إلينا نحن البشر، أما بالنسبة إلى الله، فهي
أشكال مختلفة لأقنوم واحد. وينتج من تلك النظرة إزالة كلّ سموّ في الله،
فالله أقنوم واحد، وهذا الأقنوم هو ذاته قد تجسّد وتألّم ومات وقام وحلّ
على التلاميذ يوم العنصرة.
لقد رفضت الكنيسة هذا المفهوم للثالوث
الأقدس، حرصاً منها على احترام حموّ الله عزّ وجلّ الذي لا يمكن أن يكون
عرضة للتحوّل والتغيّر والتبدّل في عمق ذاته الإلهية. تؤمن المسيحية أنَّ
التجسد هو اتّحاد الله بالإنسان اتّحادًا شخصيًا، لكنّها تتمسّك في الوقت
ذاته بسموّ الله، لذلك تعتقد أن أقنوم الابن هو الذي تجسّد وليس أقنوم
الآب. وهذا ما ستؤكّده أيضاً في إعلانها التمييز بين الطبيعة الإلهية
والطبيعة الإنسانية في المسيح. فالكلمة، الذي هو من ذات جوهر الآب، قد
اتّخذ طبيعة بشرية كاملة واتّحد بها اتّحادًا جوهريًا، وفي هذه الطبيعة
البشرية تألم وصلب ومات. إلاّ أنه في طبيعته الإلهية لم يزل غير متألم
وغير مائت.
إنّ ما تقصده الكنيسة في إيمانها بطبيعة المسيح في سر
التجسّد هو عينه ما تقصده في إيمانها بتثليث الأقانيم في سر الثالوث
الأقدس. أعني به المحافظة كل أمرين معًا: سموّ الله وتعاليه من جهة،
واتحاده بالإنسانية اتحادًا شخصيًا وجوهريًا من جهة أخرى. فسمو الله
تؤكّده بقولها إنّ الآب هو أقنوم متميّز عن أقنومي الابن والروح القدس،
وإنّ أقنوم الابن وحده هو الذي تجسّد. واتحاد الله بالإنسانية اتحادًا
شخصيًا وجوهريًا، تؤكّده بقولها إنّ الابن الذي تجسّد هو من طبيعة الله
الواحدة ومن ذات جوهر الله الواحد.

ب) التبعيّة
التيار الثاني الذي
رفضته الكنيسة ودعاه اللاهوت "التبعيّة" يعتبر الله الآب وحده إلهًا
بالمعنى الحقيقيّ، أي إنّه الله منذ الأزل وفيه ملء جوهر الألوهة وملء
الطبيعة الإلهية. أمّا الابن والروح فهما، في نظر هذا التيّار اللاهوتي،
تابعان للآب وخاضعان له، وليسا من جوهر الآب ذاته ولا هما أزليّان معه.
لقد
سلكت هذا الطريق في تفسير الثالوث الأقدس بدعتا التبنّوية والآريوسية،
اللتين توسّعنا في تاريخها وتعاليمهما في معرض حديثنا عن ألوهية المسيح.
فالتبنّوية لا ترى في المسيح سوى إنسان تبنّاه الله أو اتّحد به كلمة الله
اتّحادًا عرضيّا. والآريوسيّة تعتبر الكلمة كائنًا وسطًا بين الله
والخلائق. وكلتا البدعتين أرادتا في نظرتهما إلى الثالوث المحافظة على
وحدانيّة الله.
إن الكنيسة قد حرمت كلتا البدعتين، اذ رأت فيهما
إنكارًا لتجسّد الله وإنكارًا لاتّحاده اتّحادًا جوهريًا بالإنسانية،
وعودة إلى الأساطير القديمة التي تتحدّث عن وجود إله أعظم ينبثق منه آلهة
أدنَوْن ويقيم إلى جانبه رهط من أنصاف الإلهة.
ليست عقيدة الثالوث
الأقدس عقيدة تعود بالفكر البشريّ إلى تعدّد الإلهة، بل عقيدة تنطلق من
ظهور الله، الإله الواحد الذي لا الله سواه، ظهورًا ذاتيًّا في شخص ابنه
يسوع المسيح وروحه القدوس، وتؤكد أ،ه من خلال هذا الظهور الخلاصيّ، يمكننا
معرفة الذات الإلهية المثلّثة الأقانيم. هذا ما سيعمل على توضيحه اللاهوت
الناشئ ابتداء من القرن الثالث.


"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Waitloadinglp0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Empty
مُساهمةموضوع: رد: "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" -   "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 7:53 pm


2- اللاهوت الناشئ
في القرن الثالث صار
اللاهوت علمًا قائمًا بذاته، وحاول آباء الكنيسة واللاهوتيون التوسعّ في
عقيدة الثالوث الأقدس، فأكّدوا وجود الأقانيم الثلاثة، الآب والابن والروح
القدس، في وجه اليهوديّة التي تعترف باله واحد دون تمييز في الأقانيم
وتنكر التجسّد. كما سعوا في إظهار وحدة الأقانيم في الألوهة والكرامة إزاء
الوثنية التي تقول بتعدّد الإلهة.
إلاّ أنّهم، في تفكيرهم اللاهوتي،
لم ينظروا إلى الثالوث الأقدس في ذاته وفي كيانه الأزليّ بقدر ما نظروا
إليه في ارتباطه بالعالم. وقد تأثّروا، في عرضهم للعقيدة، بالفلسفات
اليونانية التي كانوا متشرّبين منها. لذلك لم يبلغوا إلى إزالة كل التباس
في تعليمهم، وقد نرى في تعليم ترتوليانوس وأوريجانوس بعضًا من التبعيّة في
كلامهما عن علاقة الابن والروح القدس بالآب.

أ) ترتوليانوس
ترتوليانوس
هو أوّل لاهوتيّ في الكنيسة الغربيّة توسّع في عقيدة الثالوث الأقدس،
واستخدم للتعبير عنها ألفاظًا ستثبت حتى يومنا هذا، ولا سيّمَا لفظتي
"جوهر"، وأقنوم أو شخص.
لقد تأثّر ترتوليانوس بالفلسفة الرواقيّة
الحلوليّة، التي كانت ترى في مبدإ الكون جوهرًا واحدًا حيًّا يجمع في ذاته
بين الروحيّ والجسديّ، ويبرز خارج ذاته في تعدّد الخلائق، دون أن يفقد
وحدته.
لذلك ينطلق ترتوليانوس، في عرضه لسر الثالوث الأقدس، من الجوهر
الإلهي الواحد الذي ظهر بثلاثة أقانيم في الخلق والخلاص. فالأقانيم
الإلهية هي، في نظره، ثلاثة أنواع من العلاقات يرتبط من خلالها الإله
الواحد بالعالم، وتتساوى في جوهر الالوهة، غير أنها تتفاوت في الظهور.
فالآب هو منذ الأزل، و"هو الجوهر كلّه" (ضد براكسياس، 9). أما الابن
والروح فيشاركان الآب في جوهر الألوهة، إنّما بدرجة أدنى.
كذلك القول
عن أزلية وجود الابن والروح جمع الآب. فهما أزليان مع الآب، ولكن ليس
كأقنومين متميّزين عن أقنوم الآب، انما كصفتين في الذات الإلهية. ولم
يتميّزا كأقنومين إلاّ في الزمن، أي لدى خلق الكون ولدى حلول الروح القدس
على التلاميذ يوم العنصرة. يقول ترتوليانوس:
"أن الله كان وحده... ومع
ذلك لم يكن، إذّاك، وحده بالمعنى الحقيقيّ. فقد كان معه العقل الذي فيه.
إن الله عاقل، والعقل كان فيه منذ البدء، وبه كان كلّ شيء. هذا العقل
يدعوه اليونانيون "لوغوس" (ضد براكسياس، 5).
ويميّز ترتوليانوس، كما فعل يوستينوس قبله، بيت الكلمة الذي هو فكر الآب وعقله منذ البدء، والكلمة الذي نطق به الآب لدى خلق العالم:
"إن
الله لم ينطق بكلمته منذ البدء بيد أن كلمته كان فيه مع العقل ذاته وفي
العقل ذاته، مفكراً في ما سوف يعبّر به بكلمته ومنظّمًا إيّاه" (ضد
براكسياس، 5).
إن العقل والكلمة الذي قبل الخلق هو صفة خاصّة بالله،
ولكنّه ليس أقنوم الابن. فعندما قال الله "ليكن نور"، وُلد منه كلمته،
إذّاك ظهر الابن الوحيد المولود من الآب، والمتميّز عنه. فالابن لم يظهر
في الوجود متميّزًا عن الآب إلاّ لدى خلق العالم، والروح لم يظهر متميّزًا
عن الآب والابن إلاّ لدى حلوله على التلاميذ. وكما أن الابن أخذ وجوده من
الآب، كذلك الروح القدس أخذ وجوده من الابن الذي طلب إلى الله الآب بعد
صعوده إلى السماء أن يرسل الروح القدس على التلاميذ. وهذا ما يعنيه
ترتوليانوس بالتعبير الذي صار تقليديًّا في اللاهوت الغربي: "الروح ينبثق
من الآب والابن".
هكذا نلاحظ أن تعليم ترتوليانوس اللاهوتي في عقيدة
الثالوث الأقدس، رغم عمقه وتأكيده على وجود "ثلاثة أقانيم في الألوهة
الواحدة"، ينقصه التوازن والانسجام في الربط بين التثليث في الأقانيم
والوحدة في جوهر الألوهة من جهة، ومن جهة أخرى بين ظهور الأقانيم الثلاثة
ووجودها منذ الأزل في الإله الواحد.


"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Waitloadinglp0
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Empty
مُساهمةموضوع: رد: "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" -   "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 7:54 pm

ب) أوريجانوس

تأثّر أوريجانوس، في عرضه لعقيدة الثالوث الأقدس، بالأفلاطونية الحديثة. كيف كانت تلك الفلسفة تنظر إلى الالوهة؟
كانت
الأفلاطونية الحديثة ترى في الألوهة ثلاث درجات متفاوتة. فالكائنات كلها
تستق كيانها من الواحد الذي يعلو كل كيان، ولا يستطيع أي كائن بشريّ إلا
حاطة به. وهذا الواحد المتسامي يظهر لذاته في كلمته الذي هو صورته وظهور
كل صفاته وكمالاته. فالكلمة هو وحي الله. لذاته، هو فكر الله، وهو الإله
الثاني الذي ينتقل بواسطته كيان الله من الواحد إلى تعدّدية العالم. لكن
وجود العالم يبقى في فكر الله إلى أن يتحقّق بواسطة المبدأ الثالث الذي
تدعوه الأفلاطونيّة الحديثة "روح العالم"، وهو الذي يمنح العالم الحياة
والوجود. تلك المبادئ الثلاثة تحمل في ذاتها جوهر الألوهة، إلاّ أنّ
الألوهة فيها على درجات متفاوتة.
تأثّر أوريجانوس بتلك النظرة، فرأى
في الآب صفات الكائن الإلهي الأوّل، وفي الابن صفات الكلمة الإله الثاني،
وفي الروح القدس صفات الإله الثالث وروح العالم. فنتج في رؤيته للثالوث
الأقدس المسيحيّ تدرّج في الألوهة بين الآب والابن والروح، ومع ذلك فقد
أكّد، على خلاف ما سيعتقده آريوس، المساواة في جوهر الألوهة بين الأقانيم
الثلاثة، وأزليّة وجود الابن والروح مع الآب.
فالابن هو، في نظره، ضياء النور الأزليّ، فيقول:
"كما
أن النور لا يمكن أن يكون دون ضياء، كذلك الابن لا يمكن أن تنظر إليه
منفصلاً عن الآب، هو الذي ندعوه ختم الجوهر، والكلمة، والحكمة. فكيف يمكن
القول إنه كان زمن لم يكن فيه الابن؟ من يقول هذا القول يؤكّد أنه كان زمن
لم تكن فيه حقيقة ولم تكن حكمة ولم تكن حياة. هذا كلّه من جوهر الله الآب،
ولا يمكن أن بنزع عنه ولا أن يفصل عن جوهره"
إلاّ أن أوريجانوس، مع
تأكيده وحدة الجوهر بين الآب والابن والروح، يعلن أن الآب أعظم من الابن،
وأن الابن أعظم من الروح القدس. فالابن هو ملء لاهوت الآب، إلا أنّه
باتّصاله بالعالم يمتدّ إليه ظلّ العالم. الآب هو الواحد، أمّا الابن
فيتأثّر بالتعدّديّة، الآب هو واحد وبسيط، أمّا الابن فهو "مثال المثل
وجوهر الجواهو" ومبدأ كلّ خليقة، وهو أقنوم الحكمة الذي يتضمّن كلّ
إمكانات الخلائق المستقبلة وتصاويرها: "انه يحوي المبادئ أو التصاوير أو
الأوجه لكلّ ما هو مخلوق". فالابن هو الحكمة، أمّا الآب فهو فوق الحكمة،
الابن هو مبدأ الوحي للعالم، أمّا الآب فهو فوق الحكمة؛ الابن هو مبدأ
الوحي للعالم، أمّا الآب فهو الإله الخفيّ.
والابن أعظم من الروح القدس، لأنه يسبقه في الكيان، مع أنّ أوريجانوس يشير إلى أنّ من يتّصل بالروح القدس، فكأنه اتّصل بالآب والابن.
إن فكر أوريجانوس اللاهوتي في عقيدة الثالوث الأقدس لا يزال يشوبه بعض الالتباس، وإنْ كان في عمقه منسجمًا مع الإيمان القويم.


"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Waitloadinglp0
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Empty
مُساهمةموضوع: رد: "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" -   "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 7:56 pm


ثالثاً- من القرن الرابع حتى القرن الثامن
==========
1- الآباء الشرقيّون في القرن الرابع


إن
لاهوت الثالوث الأقدس لم يبلغ الوضوح والدقة في التعبير إلاّ في القرن
الرابع، مع القديس أثناسيوس الاسكندري، و بنوع خاصّ مع الكبّاذوكيّين، وفي
الغرب مع القديس أوغسطينوس.

أ) القديس أثناسيوس الاسكندريّ
كان همّ
أثناسيوس الأكبر، في عرض عقيدة الثالوث الأقدس، الدفاع عن الإيمان القويم
ضدّ آريوس. لذلك ركّز على الوحدة في الجوهر بين الآب والابن، فصرّح أن
الابن هو صورة من ذات جوهر الآب، وأن الروح القدس هو صورة الابن، كما أن
الابن هو صورة الآب: "ففي الابن يمكننا رؤية الآب. وعندما نستنير بالروح،
فالمسيح نفسه هو الذي ينيرنا به". "واحد هو التقديس الذي نحصل عليه من
الآب بالابن في الروح. فكما أنّ الابن هو ابن وحيد، كذلك الروح، الذي
يمنحه ويرسله الابن، هو واحد... الآب يرسل الابن، والابن يرسل الروح...
الابن يمجّد الآب، والروح يمجّد الابن".
يركّز أثناسيوس تعليمه على عمل
الابن والروح في تقديس الإنسان، دون التوسّع في علاقة الروح القدس بالآب
وانبثاقه منه في حياة الثالوث الباطنية، مع أنّه يؤكّد هذا الانبثاق. لذلك
يبقى عرضه لسرّ الثالوث ناقصاً في نواح متعددة.
ب) الكبّاذوكيون
يعود
للكبّاذوكيين، باسيليوس الكبير وأخيه غريغوريوس النيصيّ، وغريغوريوس
النزينزي، الفضل في رسم النهج الواضح للاهوت الثالوث الأقدس، وقد سار عليه
اللاهوتيون في الشرق ثم في الغرب.
فقد ميّزوا أوّلاً بين الأقنوم،
والجوهر. فالأقانيم الثلاثة، الآب والابن والروح القدس، لهما جوهر واحد،
أو طبيعة إلهية واحدة. وما يميّز الأقانيم أحدها عن الآخر هو العلاقة
الخاصّة التي تربط كلا منها بالآخر. فالأبوّة هَي ميزة الآب، والولادة مَن
الآب هي ميزة الابن، والانبثاق من الآب هي ميزة الروح القدس.
والأقانيم
الثلاثة لها الكرامة ذاتها، لأن مساواتها هي في الجوهر وفي الأزلية.
فالابن مولود من الآب منذ الأزل، والروح منبثق من الآب منذ الأزل. يقود
غريغوريوس النزينزي:
"إنّهما ليسا بدون بداية، ولكن، في آن واحد وعلى
نحو ما، هما بدون بداية. لا تناقض في هذين القولين إلا في الظاهر، لأنهما
ليسا دون بدابة على صعيد العلّة والسبب... إنّما هما دون بداية على صعيد
الزمن".
ويبين غريغوريوس النيصيّ، في مقالته "ليس هناك ثلاثة آلهة"،
أنّ كل عمل يقوم به أحَد الأقانيم الثلاثة خارج الثالوث، إنّما يقوم به
بالاشتراك مع الأقنومين الآخرين، مع أن كلّ أقنوم يقوم بالعمل نفسه على
نحوه الخاصّ، فيقول:
"في الطبيعة الإلهية لا يعمل الآب شيئاً ما إلاّ
مع الابن، وكذلك الابن لا يقوم بعمل ما منفصلا عن الروح القدس، بل كلّ عمل
يمتدّ من الله إلى الخليقة، ويمكننا تمييزه وفق مفاهيمنا، إنّما أصله في
الآب، ويأتي من الابن، ويجد كماله في الروح القدس".
ويؤكّد غريغوريوس
النبيصيّ وحدة الطبيعة الإلهية والفرق به الأقانيم، جاعلاً هذا الفرق في
العلّة والسبب فالآب هو علّة وجود الابن والروح، غير أنّ الابن يولد
مباشرة من الآب، أما الروح فينبثق من الآب بواسطة الابن. لذلك يدعى الروح
القدس في الكتاب المقدّس روح الله الآب و"روح المسيح"، كما جاء في قول
بولس: "من ليس فيه روح المسيح فهو ليس له" (رو 8: 9). ثمّ يضيف:
"إن
الروح الذي هو من الله هو إذًا أيضاً روح المسيح. أمّا الابن فهو من الله
وليس من الروح، ولا يقال عنه كذلك. وترتيب العلاقات هذا ثابت، ولا يمكن أن
يعكس، فيقال مثلا: إن المسيح هو مسيح الروح، كما يقال إن الروح هو روح
المسيح".

* ألوهية الروح القدس
لقد اهتمّ الكباذوكيون اهتماماً خاصّاً بتبيين ألوهيّة الروح القدس ضد مكدونيوس وأفنوميوس وأتباعه.
اغتصب
مكدونيوس كرسيّ القسطنطينية بأيدٍ من الملك قسطنديوس بعد إنزال أسقفها
القانونيّ بولس. إلا أنه لم يعتّم أن خلع عن كرسيّه سنة 360. وكان
مكدونيوس من أتباع الآريوسية المعتدلة التي كانت تعظّم الابن غير الخلوق،
إلاّ أنها تنكر عليه أن يكون "من ذات جوهر الآب". أمّا عن الروح القدس،
فكان مكدونيوس يقول "إنّه أحد الأرواح الخادمة، وإنّه لا يختلف عن
الملائكة إلا بالرتبة". فكان إنكار ألوهيّة الروح القدس ضلاله الرئيس،
لذلك دعي أتباعه "محاربي الروح".
أمّا إفنوميوس وأتباعه فكانوا من
الآريوسيين المتطرّفين. فكتب باسيليوس مقالة "ضد أفنوميوس"، وأخرى "في
الروح القدس". ففيمَا كان يقول أفنوميوس: "إنّ الروح القدس هو ثالث
بالكرامة والمرتبة، لذلك هو ثالث بالطبيعة"، يجيب باسيليوس إنّ الروح
القدس، وإن احتلّ المرتبة الثالثة في الكرامة بعد الآب والابن، إلا أنه من
جوهرهما الإلهي الواحد. يقول:
"فكما أن الابن يحتلّ المرتبة الثانية
بعد الآب، لأنه من الآب، ويحتلّ المرتبة الثانية في الكرامة، لأن الآب هو
المبدأ والعلّة، وليس هو مع ذلك ثانيًا في الطبيعة، لأنّ الألوهة في
كليهما واحدة، كذلك، وإن كان الروح القدس يلي الابن في الرتبة والكرامة،
إلاّ أنّ ذلك لا يجيز لنا القول إنّ الروح القدس هو من جوهر آخر".
ورغم
كل هذه البراهين لم يجرؤ باسيليوس أن يقول عن الروح القدس إنه إله، لأنه
لم يجد هذا القول في الكتاب المقدس، بك كان يكتفي بالقول إنه إلهيّ.
أما غريغوريوس النزينزي فيؤكّد أنّ الروح القدس هو إله، ويبيّن ألوهيّته مع الآب والابن:
"ماذا إذن؟ هل الروح القدس هو إله؟- دون جدل.- ماذا إذن؟ ومن الجوهر الواحد؟- نعم، بمَا أنه إله".
"لنرتعد
أمام عظمة الروح الذي هو أيضا إله. فبالروح عرفنا الله. إنّه إله بأجلى
بيان، هو الذي يؤلّهني، وكلّي القدرة وموزّع المواهب الإلهية، يعطي الحياة
للكائنات السماوية والأرضية، هو الذي يحيا في الأعالي، وينبثق من الآب.
إنّه القوة الإلهية، ومع ذلك يعمل من تلقاء نفسه. ليس هو بالابن، لأنّ
للآب السماويّ ابنًا وحيدًا مملوءًا من صلاحه، ولكنّه ليس بغريب عن الإله
غير المنظور، بل يتمتعّ بمجد مماثل لمجده".
أمّا الفرق بين ولادة الابن
وانبثاق الروح فيبقى في نظره سرًّا، ويكتفي بالقول: الابن والروح هما من
جوهر الآب، إلاّ أنّهما يتميّزان أحدهما عن الآخر، كما أنّ أناسًا من
البشرّية ذاتها يرتبطون بعضهم ببعض بعلاقات قرابة مختلفة.
وكذلك
غريغوريوس النبيصيّ، في عظته "ضدّ المكدونيّين"، يبيّن ألوهيّة الروح
القدس انطلاقًا من عمل الروح، الذي لا ينفصل عن عمل الآب والابن. فالنعمة
الإلهية تأتينا من الآب بالابن والروح. فكيف يمكن أن يكون الروح مخلوقاً،
وهو الذي يحيينا بالمعمودية؟ إن ما يعطى لنا هو مسحة الابن الملكيّة، بيد
أنّ هذا الملك الإلهي الذي ينزل مع المسيح على الأرض ويمنحه الروح هو ملك
أزليّ: فلا بدّ أن يكون الروح أزليّاً.


"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Waitloadinglp0
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Empty
مُساهمةموضوع: رد: "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" -   "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 7:58 pm


لقد تميّز الكباذوكيّون، في عرضهم لعقيدة الثالوث الأقدس، بثلاث ميزات:

1)
ينطلقون من تثليث الأقانيم، ويبيّنون أنّ الأقانيم الثلاثة متّحدون في
جوهر واحد، هو جوهر الألوهة، و الطبيعة الإلهية.

2) يرون في الكتاب المقدس
أساس تثليث الأقانيم ووحدة الجوهر: فالآب ظهر بالابن وبالروح، وعمل الآب
والابن والروح هو عمل واحد بالنسبة إلى تقديس الإنسان وتأليهه. فعلى
السؤال الذي يمكن طرحه: لماذا نؤمن أنّ الإله الواحد هو في ثلاثة أقانيم
وليس أكثر، نجيب انطلاقًا من هذه النظرة: لأن الله ظهر لنا في الوحي
الكتابيّ ثالوثًا، وهذا الظهور هو كمال وحي الله لذاته.

3) الميزة الثالثة
تقوم على الترتيب الذي يضعونه بين الأقانيم تأكيد وحدة الجوهر: فالأب هو
المصدر الذي منه وُلد الابن، ومنه انبثق الروح. بيد ان هذا الترتيب هو فقط
بالنسبة إلى المبدأ والعلّة، لا بالنسبة إلى الجوهر ولا بالنسبة إلى
الأزليّة.. فالابن والروح هما من ذات جوهر الآب، وهما أزليّان معه.
لذلك
يرتكز التوحيد، أي إن الله واحد، في لاهوت الكبّاذوكيّين ومن بعدهم في
اللاهوت الشرقيّ عامّة، على دعامتين: وحدة الجوهر، أي وحدة جوهر الألوهة
أو وحدة الطبيعة الإلهية، ووحدة المصدر والمبدإ والينبوع.

2- القديس أوغسطينوس

في
حين ينطلق الآباء الشرقيّون، في نظرتهم إلى الثالوث الأقدس، من الأقانيم
الثلاثة للوصول إلى الجوهر الواحد، ينطلق أوغسطينوس، على غرار ترتوليانوس،
من وحدة الجوهر، ثم ينتقل إلى الأقانيم الثلاثة فالجوهر الإلهيّ، في نظره،
يسبق منطقياً الأقانيم الثلاثة. ويعبّر عن ارتباكه إزاء لفظة أقنوم التي
يستعملها مرغمًا لعدم توفّر لفظة أفضل. ويشير إلى أن الله ليس ثلاثيًا
وحسب، بل ثلاثي الوحدة.
ومن الوحدة في الجوهر تنتج نظرة أوغسطينوس إلى
علاقة الثالوث الأقدس بالعالم. فلا يكتفي بالقول، على غرار الكبّاذوكيين،
إنّ الأقانيم الثلاثة بعضها غير منفصل عن بعض في أعمالها تجاه العالم، بل
يذهب إلى القول إن الأقانيم الثلاثة مرتبطة بالعالم كمبدإ واحد.
غنيّ
عن البيان أنّ الكتاب المقدس يتكلّم لغة أخرى. وهذا ما رآه جليًّا
الكبّاذوكيون الذين يؤكّدون أن كل أقنوم متميّز في عمله عن عمل الآخرين،
دون أن يكون منفصلاً عنهما. أمّا أوغسطينوس فيعتبر أن هذا التمييز بين عمل
الأقانيم هو في الواقع مجرّد تعبير بشري يدعوه "التخصيص"، أي إننا نحن
البشر نخص كلاًّ من الأقانيم بالأعمال التي تتوافق أكثر مع مصدره، مع ان
كلّ تلك الأعمال هي في الواقع من عمل الأقانيم الثلاثة.
أمّا ما يميّز
الأقانيم فهو فقط العلاقة التي تربط الواحد بالاثنين الآخرين وهذه العلاقة
هي علاقة محبة. ولقد استند أوغسطينوس إلى تعريف الله كما ورد عند يوحنا
الإنجيلي: "الله محبة" (1 يو 4: 16)، ورأى في الأقانيم الثلاثة العناصر
الثلاثة الضروريّة التي تكوّن المحبة: المحبّ، المحبوب، والمحبة ذاتها.
فالآب هو الذي يحبّ الابن، والابن هو الذي يحبّه الآب، والروح القدس هو
المحبة ذاتها، كما جاء في قول بولس الرسول: "إنّ محبّة الله قد أفيضت في
قلوبنا بالروح القدس الذي أعطيناه" (رو 5: 5). فالروح القدس هو علاقة
المحبة التي تربط الآب بالابن والابن بالآب، هو المحبة المتبادلة بين الآب
والابن. وهذا ما يفسّر، في رأي أوغسطينوس ما ورد في العهد الجديد عن الروح
القدس من أنّه تارة "روح الآب" وتارة "روح الابن".
وانطلاقًا من هذا
التفسير لعلاقة الروح القدس بالآب والابن، يؤكّد أوغسطينوس أنّ الآب
والابن هما للروح القدس بمثابة مبدإ واحد. فيقول إنّ الروح القدس "ينبثق
من الآب والابن" (في الثالوث 5: 12). ثم يضيف "كمن مبدإ واحد" (5: 15).
لكنّ دور الآب في انبثاق الروح هو أهمّ من دور الابن، فانّ المبادرة في
المحبة تأتي من الآب. لذلك يعود أوغسطينوس في مواضع أخرى فيقول إنّ الروح
ينبثق من الآب والابن، إلاّ أنّه ينبثق من الآب "بشكل رئيس". وهكذا يحافظ
على فكرة "المبدأ الواحد" بين الأقانيم الثلاثة، تلك الفكرة التي ركّز
عليها الآباء الشرقيّون إلى جانب تأكيدهم وحدة الجوهر في الآب والابن
والروح القدس.


"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Waitloadinglp0
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Empty
مُساهمةموضوع: رد: "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" -   "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 8:00 pm


3- القديس يوحنا الدمشقي

إنّ القديس يوحنا الدمشقي هو آخر الآباء
الشرقيِّين، وقد عمل في لاهوته على عرض أفكار الآباء اللاهوتيّة في منهج
تعليميّ. لذلك، في موضوع الثالوث الأقدس، لا تختلف نظرته عن نظرة الآباء
الكباذوكيّين. ولقد أوجزها في الفصل الثامن من القسم الأوّل من كتابه
"المئة مقالة في الإيمان الأرثوذكسيّ".

أ) ينطلق من الإيمان بالإله الواحد فيقول:
"إذاً
نؤمن بإله واحد، بدءٍ واحد لا بدءَ له، غير مخلوق ولا مولود، لا يزول ولا
يموت، أبديّ، لا يُحصر ولا يُحدّ، ولا يحاط به، لا تُحصر قوّته، بسيط وغير
مركّب... صانع كل المخلوقات مايرى منها وما لا يرى... مترفّع عن كلّ جوهر
لجلال جوهره، وكائن فوق كلّ الكائنات. فائق اللاهوت وفائق الصلاح وفيّاض.
هو النور بالذات والصلاح بالذات والحياة بالذات والجوهر بالذات، لأن وجوده
ليس من غيره ولا من كلّ الموجودات، لأنه هو ينبوع الوجود لها كلّها،
وينبوع الحياة للأحياء والنطق للمتمتّعين بالنطق وعلّة جميع الخيرات
للجميع. هو عالم بكلّ الأشياء قبل كيانها، وهو جوهر واحد ولاهوت واحد
وقوّة واحدة ومشيئة واحدة وفعل واحد ورئاسة واحدة وسلطة واحدة، وتؤمن به
كل خليقة ناطقة وتعبده".
ثم يضيف، مؤكّداً اتّحاد الأقانيم رغم تمييزها:
"فالأقانيم
متّحدون دون اختلاط، ومتميّزون دون انقسام- وهذا أمر غريب-. هم آب وابن
وروح قدس، بهم اعتمدنا. فإنّ الربّ قد أوصى تلاميذه أن يعمّدوا على النحو
التالي قائلاً: "معمّدين إيّاهم باسم الآب والابن والروح القدس" (متى 28:
19).

ب) ثم ينتقل إلى التمييز بين الأقانيم، مبتدئًا من التمييز بين الآب والابن، فيقول:
"
نؤمن بآب واحد، مبدإ الجميع وعلّتهم. لم يلده أحد وهو وحده أيضاً غير
معلول ولا مولود، صانع الكلّ، وأب بالطبيعة لمن هو وحده "الابن الوحيد"،
ربنا وإلهنا ومخلّصنا يسوع المسيح. وهو مصدر الروح القدس.
"ونؤمن بابن
الله الواحد والوحيد، ربنا يسوع المسيح، المولود من الآب قبل كل الدهور،
نور من نور، إله حق من إله حق، مولود غير مخلوق، من ذات جوهر الآب، الذي
به كان كل شيء. فبقولنا إنّه قبل الدهور، نبيّن أنّ ولادته لم تكن في
الزمن ولم تيتدئ، لأنّ ابن الله لم ينتقل من العدم إلى الوجود فهو بهاء
المجد... الذي كان دائماً مع الآب وفي الآب، مولود من ولادة أزلية لا بدء
لها. فإنّه ما كان قطّ زمن لم يكن الابن فيه، بل حيثما الآب فهناك الابن
المولود منه، لأنه بدون الابن لا يسمّى آباً. وإذا لم يكن له الابن، فليس
هو آباً. وهذا أفظع من كلّ كفر. وعليه لا يمكن القول إنّ الله خالٍ من
الخصب الطبيعي. والخصب هو أن يلد المِثْلَ من ذاته –أي من جوهره الخاصّ-
مثيلاً له في الطبيعة".
ويوضح لماذا يدعى الابن "ابن الله الوحيد":
"فهو الوحيد، لأنّه وُلد وحده من الآب ولادة وحيدة. فليس من ولادة أخرى تساوي ولادة الابن من الله، وليس من ابن الله سواه".
ثم يتابع موضحًا الفرق بين الابن والروح:
"أمّا
الروح القدس، فينبثق من الآب لا بالولادة بل بالانبثاق. وطريقة الوجود
الأخرى هذه لا تدرك ولا تعرف، شأنها شأن ولادة الابن. لذلك كل ما هو للآب
هو أيضاً للروح، ما عدا اللاولادة التي لا تشير إلى جوهر أو رتبة مختلفين،
بل إلى طريقة الوجود. فإنّ آدم مثلا هو غير مولود لأنّه جبلة الله وشيتًا
مولود لأنّه ابن آدم، وحواء منبثقة من ضلع آدم وهي غير مولودة. ولا يختلف
واحدهم بالطبيعة عن الآخر، لأنّهم بشر، بل يختلفون في طريقة وجودهم".
ج) ثم يوضح كيف أن الثلاثة إله واحد:
"إن
كلاًّ من الأقانيم هو في الآخر، لئلاّ نصير إلى كثرة وجمهرة في الإلهة.
لذلك نقرّ بعدم تركيب الأقانيم الثلاثة وبعدم اختلاطهم، ولذلك أيضا نعترف
بوحدة الأقانيم في الجوهر، و بأنّ كلّ واحد منهم هو في الآخر، وبأنها هي
هي مشيئتهم وفعلهم وقوّتهم وسلطتها وحركتهم- إذا صحّ التعبير، وبأنّهم إله
واحد غير منقسم. فإنّ الله واحد حقاً، وهو الله وكلمته وروحه.
" إني لا
أقول بتشابه، بل بوحدة هوّية، ووحدة انطلاق الحركة. فالجوهر واحد والصلاح
واحد والقوّة واحدة والمشيئة واحدة والفعل واحد والسلطة واحدة، بل هي
واحدة وهي هي نفسها، لا ثلاثة أمثال بعضهم في بعض، بل حركة واحدة وهي هي
في الأقانيم الثلاثة. فلكلّ منهم، بالنسبة لغيره، ليس أقلّ مما له بالنسبة
لنفسه، أي إن الآب والروح القدس واحد في كلّ شيء، ما عدا اللاولادة
والولادة والانبثاق. وهذا التمييز بكون بفعل التفكير، فنعرف الله واحدا،
ونعرف في وحدة خواصّه الأبوّة والبنوّة والانبثاق. ونفهم الفرق على حسب
العلّة والمعلول وكمال كل أقنوم، أي طريقة وجوده. فلسنا نستطيع القول
بانفصال مكانيّ- كما هو الحال عندنا- في اللاهوت غير المحدود، لأنّ
الأقانيم هم أحدهم في الآخر، لا على طريقة الاختلاط، بل التواجد، على نحو
قول الرب القائل: "أنا في الآب... والآب فيّ" (يو 14: 11).
"ولسنا نقول
باختلاف في الإرادة أو الرأي أو الفعل أو القوّة أو أي شيء آخر، الأمر
الذي يُحدث الانقسام الفعليّ الذي فينا في كلّ شيء. لذلك لا نقول بآلهة
ثلاثة، آب وابن وروح قدس، بل بالأحرى بإله واحد، الثالوث المقدّس، مرجعُ
الابنِ والروحِ فيه إلى علّة واحدة بدون تركيب ولا اختلاط - ذلك ضد هرطقة
صابيليوس- فإنهم متّحدون، كما قلنا، لا للاختلاط بل للتواجد بعضهم في بعض
ونفوذ أحدهم في الآخر، بدون امتزاج، ولا تشويش، ولا انفصال، ولا انقسام-
ذلك ضد هرطقة آريوس".



"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Waitloadinglp0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Empty
مُساهمةموضوع: رد: "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" -   "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 8:01 pm


يؤكد يوحنا الدمشقيّ في هذا النصّ، وحدة الجوهر، أي وحدة الألوهة
ووحدة الخواص الإلهيّة: الصلاح والقوّة والمشيئة والفعل والسلطة. لذلك لا
نقول بآلهة ثلاثة، بل بإله واحد. لكن الإله الواحد الذي نؤمن به هو في
ثلاثة أقانيم غير مختلطين، أي متميّزين (وذلك ضد صابيليوس والبدعة
الشكلانية)، وغير منفصلين ولا منقسمين (وذلك ضد آريوس). ثم يوضح هذا
التمييز بين الأقانيم في الإله الواحد، فيقول:
وإذا وجب الاختصار
نقول: إنّ اللاهوت لا يمكن أن يُقسم إلى أقسام، وهو على نحو ما يصير في
ثلاثة شموس متواجدة بعضها في بعض وهي لا تنفصل، فيكون مزيج النور واحداً
والإضاءة واحدة إذاً عندما ننظر إلى اللاهوت، على أنه العلّة الأولى،
والمبدأ الواحد، والواحد، وحركة اللاهوت ومشيئته الواحدة- إذا صحّ القول-،
وقوّة الجوهر وفعله وسيادته ذاتها، فالذي يتصوّر في ذهننا هو الواحد. أما
عندما ننظر إلى مَنْ فيهم اللاهوت أو- بعبارة أدق- إلى مَنْ هم اللاهوت،
لا سيما إلى الصادرَين من العلّة الأولى بلا زمن والمساويَين لها في المجد
وعدم الانفصال- أعني الابن والروح-، فالمسجود لهم ثلاثة: الآب آب واحد وهو
لا مبدأ له- أي لا علّة له-، لأنّه ليس من أحد. والابن واحد وهو ليس بلا
مبدإ- أي بلا علّة- وهو من الآب. وإذا اعتبرت البدء انطلاقاً من الزمن،
فالابن لا بدء له، لأنّه صانع الأزمان وهو ليس تحت الزمن. والروح القدس
روح صادر من الآب وذلك ليس بالولادة بل بالانبثاق، لأن الآب لم بنفكّ أن
يكون غير مولود- فإنّه قد ولد الابن- والابن لن ينفكّ أن يكون مولوداً-
لأنه وُلد من غير المولود-، فكيف إذاً؟ والروح القدس لا يستحيل إلى الآب
أو إلى الابن، لأنه منبثق ولأنّه إله. فإنّ خاضته لا تتحرّك، وإلاّ كيف
تبقى خاصّة إذا تحرّكت واستحالت؟ فإذا صار الآب ابناً، فلا يكون آباً
بالحقيقة- لأنّ الآب واحد حقاً- وإذا صار الابن آباً فلا يكون ابناً
بالحقيقة، لأن الابن واحد حقاً. والروح القدس واحد.
" واعلم أننا لا
نقول إنّ الآب من أحد، بل نقول إنّه أبو ابنه، ولا نقول إنّ الابن علّة أو
آب، بل نقول إنّه من الآب وإنّه ابن الآب. ونقول أيضاً إنّ الروح القدس من
الآب، ونسمّيه روح الآب. ولا نقول إنّ الروح القدس من الابن، ومع ذلك
نسميه روح الابن. يقول الرسول الإلهي: " إن كان أحد ليس فيه روح المسيح
فهو ليس منه" (رو 8: 9). ونعترف أنّ الابن يظهره ويمنحه لنا، فقد قال:
"نفخ في تلاميذه وقال لهم: خذوا الروح القدس" (يو 20: 22). فكما أن الشعاع
والنور من الشمس- وهي ينبوع الشعاع والنور- كذلك يمنح لنا إشراق نوره
بواسطة الشعاع، فينيرنا به ويكون متعتنا. ولسنا نقول إن الابن ابن الروح
ولا إنه من الروح".
إنّ تشبيه الأقانيم الثلاثة في الجوهر الواحد
بالشمس وشعاع الشمس ونور الشمس هو تشبيه قديم في اللاهوت المسيحي. وهو
يوضح أنّ الشمس لا يمكن أن تكون شمساً دون شعاع ودون نور. كذلك الآب لا
يمكن أن يكون آباً دون ابن ودون روح. وكما أنّ الشمس لا تأتي إلينا كلّها،
بل فقط بشعاعها ونورها، كذلك الله الآب لا يأتي إلينا إلاّ بابنه وروحه.
وكما أنّ الشعاع والنور هما من ذات جوهر الشمس، كذلك الابن والروح هما من
ذات جوهر الآب. فإذا حدّدنا الجوهر بقولنا إنه الجواب على السؤال: "ما
هذا؟"- والأقنوم بأنه الجواب على السؤال: "من هذا؟"، نقول إنّ مما يأتي
إلينا، في التجسد هو الله في جوهره الإلهي، أما مَنْ يأتي إلينا فهو ليس
أقنوم الآب، بل أقنوم الابن وأقنوم الروح القدس.
تلك هي تعاليم
القديس يوحنا الدمشقيّ في الثالوث الأقدس، وقد استفضنا فيها بعض الشيء،
لكونها توجز تعليم الآباء الشرقيّين في هذا الموضوع الأساسيّ في الإيمان
المسيحيّ.

4- المجامع المسكونية
إستناداً إلى الكتاب المقدس
وتعاليم الآباء منذ الرسل، التأمت المجامع المسكونية وحدّدت عقيدة الكنيسة
في موضوع الثالوث الأقدس، وذلك على مراحل مختلفة.

أ) المجمع المسكونيّ الأول (نيقية- 325)
أعلن
هذا المجمع، ضد آريوس، أنّ "الابن هو من ذات جوهر الآب"، فهو متميّز عن
الآب، لكونه ابنه الوحيد، إلاّ أنه غير منفصل عنه في جوهره الإلهي. لذلك
هو "مولود غير مخلوق"، مولود من الآب قبل كل الدهور". وقد أوجز إيمان
الكنيسة بالثالوث الأقدس في "قانون الإيمان النيقاويّ"، وهو قانون الإيمان
الذي لا نزال نتلوه اليوم، منذ مطلعه "نؤمن باله واحد..." حتى عبارة "...
وبالروح القدس".
في هذا القانون إعلان إيمان واضح بالثالوث الأقدس:
"الآب الضابط الكل... وابن الله الوحيد... والروح القدس"، ولكن دون توسّع
في علاقات الأقانيم بعضهم ببعض. أما الفقرة الأكثر توسّعا فهي الفقرة
المتعلّقة بالابن، وذلك جواباً على بدعة آريوس التي التأم المجمع للنظر
فيها.
ونلاحظ أيضاً، في طريقة عرض الإيمان المسيحي بالثالوث، أنّ
وحدانيّة الله، أو ما يدعى بالتوحيد، ترتكز أولاً على وحدانيّة الآب:
"نؤمن بإله واحد آب ضابط الكل". فالإله الواحد هو الآب. أمّا الابن فهو
"الرب الواحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد...". ووحدانيّة الله ترتكز
ثانياً على الوحدة في الجوهر بين الآب والابن. فالابن "مساوٍ للآب في
الجوهر"، أو "من ذات جوهر الآب".


"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Waitloadinglp0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Empty
مُساهمةموضوع: رد: "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" -   "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 8:03 pm

ب) المجمع المسكونيّ الثاني (القسطنطينية- 381)

يعزو التقليد إلى
المجمع المسكونيّ الثاني إضافة العبارات المتعلّقة بالروح القدس إلى قانون
الإيمان النيقاويّ. فجمع نيقية اكتفي بالقول إنّنا نؤمن بالروح القدس"،
أما مجمع القسطنطينية فأضاف إلى هذه العبارة الموجزة التوضيح التالي:
"الرب المحي، المنبثق من الآب، الذي هو مع الآب والابن مسجود له وممجّد،
الناطق بالأنبياء". وقد أتت هذه الإضافة جواباً على بدعة المكدونيّين
الذين كانوا ينكرون ألوهيّة الروح القدس. وقد أكّد المجمع تلك الألوهيّة،
فنسب أولاً إلى الروح القدس لفظة "الرب"، في حين لم يكن في نظر
المكدونيّين، سوى أحد الأرواح الخادمة، ثم أعلن أنه منبثق من الآب، في حين
أن المكدونيّين يقولون إنّه خليقة الابن. كما حدّد أنه ينبغي له السجود
والعبادة مع الآب والابن. وكذلك في القول إنّه هو "الناطق بالأنبياء"
إشارة إلى ألوهيّته. فكلّ نبيّ ينطق باسم الله ويعلن إرادة الله.
قد
يبدو أن ما قاله المجمع المسكونيّ الثاني عن الروح القدس غير كافٍ.
ويتساءل المؤرّخون لماذا لم يستعمل المجمع، لتأكيد ألوهيّة الروح القدس،
تعابير تضاهي بوضوحها التعابير التي استعملها لتأكيد ألوهيّة الابن: "إله
حقّ من إله حقّ"، أو "من ذات جوهر الآب". نلاقي الجواب عند ساويروس
الأنطاكيّ الذي أشار إلى أنّ آباء المجمع اكتفوا بتلك التعابير المعتدلة،
"لا لأنّهم مالوا إلى معتقدات المكدونيّين، بل ليخفّفوا من النزاعات ولا
ينفّروا الضعفاء في الإيمان".
ان تحديد المجمع المسكونيّ الثاني، الذي
أضيف إلى قانون الإيمان النيقاويّ، قد أكّد ألوهيّة الروح القدس، بيد أنّه
لم يوضح علاقات الروح القدس بالآب والابن، ولم يقل إنّ الروح القدس هو من
ذات جوهر الآب. وهذا النقص في الوضوح سيكون سبباً للخلافات التي ستنشأ في
ما بعد بين الشرق والغرب، ولا سيما في موضوع انبثاق الروح القدس. ففي حين
اكتفى المجمع بالقول إن الروح القدس "منبثق من الآب"، سيضيف الغرب
المسيحيّ أنّه "منبثق من الآب والابن"، كما سنرى في فقرة لاحقة.

ج) المجمع المسكونيّ الثالث (أفسس- 431)
أعلن
هذا المجمع، ضدّ نسطوريوس، أنّ المسيح يسوع هو نفسه ابن الله وكلمته،
المولود من الآب قبل كل الدهور. لم يوضح هذا المجمع أيّ شيء عن الثالوث
الأقدس في ذاته، بل اقتصر على الوحدة الشخصيّة بين ابن الله والإنسان يسوع
المسيح.

د) المجمع المسكونيّ الرابع (خلقيدونية- 451)
لم يتطرّق
هذا المجمع إلى عقيدة الثالوث في ذاتها، بل أعلن أنّ المسيح هو شخص واحد
في طبيعتين تامّتين: طبيعة إلهيّة وطبيعة إنسانية، "متحدتين دون اختلاط
ولا تحوّل ولا انقسام ولا انفصال".

========

رابعاً- معضلة انبثاق الروح القدس
==========
إنّ موضوع "انبثاق الروح القدس" قد شغل اللاهوتيين طوال خمسة عشر قرناً، ولا يزال اليوم المسيحيون على اختلاف فيه.

1- في العهد الجديد
نقرأ
في إنجيل يوحنا قول يسوع لتلاميذه: "متى جاء المعزّي الذي أرسله إليكم من
لدن الآب، روح الحق الذي ينبثق من الآب، فهو يشهد لي" (يو 15: 26).
واستنادا إلى هذه الآية أقرّ آباء المجمع المسكوني العبارة التالية
وأضافوها إلى قانون الإيمان: "وبالروح القدس الرب المحيي المنبثق من
الآب...". بيد أنّ هذه العبارة تبدو لنا اليوم ناقصة لأنّها لا توضح دور
الابن في انبثاق الروح.
هناك نظرتان إلى هذا الموضوع، فإمّا أن ننظر
إلى انبثاق الروح في الزمن في تاريخ الخلاص بعد صعود يسوع إلى السماء،
وإمّا أن ننظر إلى انبثاق الروح منذ الأزل ضمن الثالوث الأقدس ذاته.
إنّ
يسوع، في توله "روح الحق الذي ينبثق من الآب". لا يشير إلى انبثاق الروح
القدس منذ الأزل ضمن الثالوث، بل إلى انبثاق الروح من الآب ليحلّ على
التلاميذ وليعمل في العالم. وهذا واضح من قوله: "المعزّي الذي أرسله إليكم
من لدن الآب...". فالحديث يدور حول إرسال الروح القدس إلى التلاميذ، وليس
حول انبثاق الروح منذ الأزل ضمن الثالوث. أمّا لفظة "ينبثق" المستعملة في
اليونانية  فتعني "يخرج"، "يصدر".
كذلك نقرأ في سفر الرؤيا:
"ثمّ أراني نهر ماء الحياة صافياً كالبلّور، خارجاً من عرش الله والحمل"
(رؤ 22: 1). فنهر ماء الحياة هو إشارة إلى الروح القدس، كما ورد في إنجيل
يوحنا: "إن عطش أحد فليأت إليّ ويشرب. من آمن بي، فكما قال الكتاب، ستجري
من جرت أنهار ماء حيّ. قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين أن
يقبلوه" (يو 7: 37-39). والحمل هو المسيح الفادي. فالروح يخرج من عرش
الله، أي من الآب، ومن المسيح الفادي. هذا النصّ يشير أيضاً إلى خروج
الروح من الآب والابن في إطار تاريخ الخلاص.
ثم إنّ إنجيل يوحنا، عندما
يتكلّم عن إرسال الروح القدس في تاريخ الخلاص، يعزو هذا الإرسال تارة إلى
الآب: "وأنا أسأل الآب فيعطيكم معزّياً آخر" (14: 16)، "الروح القدس الذي
سيرسله الآب باير" (14: 26)، وتارة إلى الابن: "ومتى جاء المعزّي الذي
أرسله إليكم من لدن الآب" (15: 26).
أمّا انبثاق الروح القدس منذ الأزل
ضمن الثالوث الأقدس فلا نجد له أيّ توضيح في نصوص العهد الجديد. إلاّ أنّ
المجمع المسكوني الثاني في قوله "بالروح القدس الرب المحيى المنبثق من
الآب" يشير إلى انبثاق الروح منذ الأزل من الآب، ولا يخبرنا شيئاً عن دور
الابن في هذا الانبثاق.


"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Waitloadinglp0
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Empty
مُساهمةموضوع: رد: "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" -   "اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 8:09 pm


2- آباء الكنيسة

إنّ دور الابن في انبثاق الروح القدس منذ الأزل
ضمن الثالوث الأقدس قد أكّده الشرق والغرب معًا وإن بعبارات مختلفة.
فأوغسطينوس، كما رأينا، يقول "إنّ الروح القدس منبثق من الآب والابن كمن
مبدأ واحد"، و"منبثق من الآب بشكل رئيس". ونجد تعبيراً مماثلاً عند كيرلّس
الإسكندري الذي يقول إنّ الروح القديس "يصدر من الآب والابن"، "من كليهما
معًا". إلاّ أنّ معظم الآباء الشرقيين يؤكّدون انبثاق الروح القدس من الآب
"بالابن" أو "بواسطة الابن"، أو يقولون، على ما نقرأ في كتابات يوحنا
الدمشقي الذي أوجز لاهوت الآباء الذين سبقوه:
"الروح القدس، الرب
المحيي، المنبثق من الآب والمستريح في الابن... الإله مع الآب والابن...
في كلّ شيء شبيه بالآب والابن الذي بنبثق من الآب ويوزعه الابن، فتقبله كل
الخلائق، وهو الذي يخلق من ذاته ويعطي الأشياء كيانها ويقدّسها ويجمعها.
إنّه موجود في أقنومه الخاص، غير منفصل ولا منقسم عن الآب والابن، له كل
ما للآب والابن ما عدا ميزة الغير المولود والمولود. فالآب غير مولود وهو
مبدأ كلّ شيء... والابن مولود من الآب. وكذلك الروح القدس هو من الآب،
ولكن ليس بالولادة بل بالانبثاق. لقد عرفنا أنّ هناك فرقاً بين الولادة
والانبثاق، إلاّ أنّنا لا نعلم قوام هذا الفرق، ولكنّ ولادة الابن وانبثاق
الروح هما من الآب".
أمّا عن دور الابن في انبثاق الروح فيقول الدمشقي:
"نقول
إن الروح القدس هو من الآب وندعوه روح الآب، ولكنّنا لا نقول إنه من
الابن. ومع ذلك ندعوه روح الابن، بحسب قول الرسول الإلهي: "من ليس فيه روح
المسيح فهو ليس له" (رو 8: 9). ونعترف أنّ الابن قد أظهره ووزّعه، كما
كتب: فنفخ فيهم وقال: خذوا الروح القدس" (يو 20: 29). وذلك على مثال
الشعاع والضياء في الشمس. فالشمس الواحدة هي مصدر الشعاع والضياء، ولكن
الضياء يوزَّع علينا بواسطة () الشعاع، وهذا الضياء هو الذي ينيرنا
وفيه نشترك. إلاّ أنّ ذلك لا يتيح لنا القول إنّ الابن هو خاصة الروح أو
منه".
حتى القرن الثامن لا نجد أيّ تناقض بين التعابير الشرقية
والتعابير الغربية في توضيح دور الابن في انبثاق الروح القدس، وقد قبل
الآباء كلّ تلك التعابير كأنّها مترادفة، على ما أكّده القدّيس مكسيموس
المعترف، المناضل الجريء عن الإيمان القويم، في رسالة بعث بها سنة 655 إلى
مارينوس القبرصي، يفسّر العبارة التي كان الغربيون يستعملونها: "الروح
القدس المنبثق من الآب والابن". يقول:
"إنّهم يرتكزون على شهادات
الآباء اللاتينيين المتّفقة وعلى شهادة كيرلّس الإسكندري (في تفسيره
لإنجيل يوحنا). وقد بيّنوا أنّهم لا يعتبرون الابن علّة أو سبباً للروح
القدس، إذ يعلمون أنّ الآب وحده هو علّة الابن والروح: الابن بالولادة،
والروح بالانبثاق. فما يقصدونه هو أنّ الروح ينبثق بالابن، مشيرين إلى
الوحدة والمساواة التامة في الجوهر".

3- إضافة "والابن" على قانون الإيمان

إنّ
معضلة انبثاق الروح القدس قد بدأت في الواقع عندما أضاف الغرب في تلاوة
قانون الإيمان لفظة والابن (Filioque)، فأخذ يقول: "وبالروح القدس، الرب
المحيي، المنبثق من الآب والابن". ويبدو أنّ تلك اللفظة أضيفت أوّلاً في
إسبانية في أواخر القرن السادس، تأكيداً لألوهية الابن ضدّ الهراطقة
المتشرّبين الآريوسية الرافضين تلك الألوهية. فالقول بأنّ الروح القدس
منبثق من الآب والابن يؤكّد وحدة الابن مع الآب في الجوهر. وقد قبل الغرب
إضافة تلك اللفظة لأنّها تنسجم مع طريقة تعبيره عن سرّ الثالوث الأقدس وعن
وحدة الألوهية، منذ أغوسطينوس في القرن الرابع. ومع ذلك فقد تردّد في
إضافة عبارة يرفضها الشرق في قانون إيمان صاغه الشرق والغرب معاً في
المجمع المسكوني الأوّل(325) والثاني (381).
فسنة 809 أمر الإمبراطور
شارلمان بإضافة تلك اللفظة إلى قانون الإيمان، ولكنّ البابا لاون الثالث
أعلن سنة 810 في رومة أنّه، وإن كانت تلك العبارة غير مناقضة للإيمان، فلا
يجوز إضافتها إليه. وحفر قانون الإيمان النيقاوي، دون إضافة "والابن"،
باللغتين اليونانية واللاتينية، على لوحتين من فضة في كنيسة القدّيس بطرس
في رومة حيث لا تزالان محفوظتين حتى الآن.


"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" - Waitloadinglp0
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
 
"اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر" -
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 3انتقل الى الصفحة : 1, 2, 3  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» من اللاهوت المقارن / موضوع هااااااااام
» مجموعة صور لابونا فانوس القديس المعاصر
» سيرة القديس المعاصر القمص جورجيوس المقارى
» صوتيات اللاهوت المقارن لقداسة البابا شنودة الثالث
» البيت المسيحي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات أولاد أم النور :: المنتـــديــــــــات الروحــــية :: اللاهوتيات والعقـائـد-
انتقل الى: