الأتجاة الى الشرق
إننا
نبني كنائسنا إلي الشرق . ونصلي ونحن متجهون إلي الشرق ، لأن الشرق يوجه
قلوبنا إلي تأملات نعتز بها ، حتي أصبح بالنسبة إلينا رمزا . وأيضا من أجل
أهمية الشرق في فكر الله كذلك ، فإن كان الله قد اهتم به ، فلنهتم به بحن
أيضا …
***
1)* قبل أن يخلق الإنسان ، اعد الله الشرق كمصدر للنور . ورأي الله النور أنه
حسن وفي لغتنا نقول عن ظهور الشمس أنه شروقها . واصبحت عبارة تشرق الشمس
أي تظهر من الشرق ، أي تنير . والشمس خلقت في اليوم الرابع قبل خلص
الإنسان في اليوم السادس {تك1}.
وشروق الشمس رمز للسيد المسيح ونوره . وقد سمي الرب { شمس البر } وقيل { تشرق شمس البر ، والشفاء في أجنحتها }{ملاخي2:4}.
***
2)* وقبل خلق الإنسان أيضا ، غرس له الله جنة عدن شرقا {تك8:2}. ووضعه فيها ،
وهناك أياض كانت شجرة الحياة ، وكانت الحياة الأولي للإنسان قبل الخطية ،
وجنة عدن ترمز إلي الفردوس الذي نتطلع إليه.
وصار اتجاه الإنسان إلي الشرق ، يرمز لتطلعه إلي الفردوس الذي حرمته منه الخطية ، ويرمز لتطلعه إلي شجرة الحياة .
***
3)* ونلاحظ أيضا أن السيد المسيح ولد في بلاد الشرق ، والمجوس رأوا نجمه في المشرق {
مت2:2}. وكان هذا النجم يرمز إلي الإرشاد الإلهي . ولما تبعه المجوس قادهم
إلي الري . ما أجمل هذا التأمل !
4)* والمسيح الذي ولد في الشرق ، ونجمه في المشرق ، شبهت أمه العذراء بباب في المشرق
{حزقيال 44: 1،2}.
5)* وهكذا نري أن الخلاص قد أتي إلي العالم من المشرق . فالمسيح صلب أيضا في بلاد المشرق ، وهناك بذل دمه عن غفران خطايا العالم كله .
***
6)* وفي المشرق بدأت الديانة والكنيسة . في الشرق أورشليم ، مدينة الملك
العظيم ، وفيه تأسست أول كنيسة في العالم . ومن الشرق امتدت رسالة الإنجيل
، إلي العالم كله . وفيه سالت دماء أول شهيد في المسيحية .
***
7)* كذلك الكتاب المقدس تحدث كثيرا عن أن مجد الله في المشرق .
ففي
{ أش15:24}{ في المشارق مجدوا الرب } وفي سفر حزقيال نبوءة عن مجيء المسيح
في مجده من المشرق . يقول { وإذا مجد إله إسرائيل جاء عن طريق المشرق ،
وصوته كصوت مياه كثير ، والأرض أضاءت من مجده }{حز43: 1،2}.
***
* لذلك فإن غالبية اللاهوتيين يقولون :
{
إن المجيء الثاني سيكون من المشرق وكما صد هكذا يأتي }{أع11:1}. ففي نبوءة
زكريا {14: 3،4}. أن { الرب تقف قدماه في ذلك اليوم علي جبل الزيتون الذي
قدام أورشليم من المشرق }.
***
9)* الكلام عن المشرق جميل وذكرياته حلوة :
في
حزقيال {47: 1-19}يتكلم عن { أنهار حياة في المشرق }وفي {2مل13: 17} يتكلم
في الشرق عن { سهم خلاص الرب } وفي {أش15:24}{ في المشارق مجدوا الله }.
***
10)* إن الذكريات لها في القلب تأثير :
ولها
مفعولها الروحي في النفس . ويعجبني أن دانيال النبي حينما تحدي العبادات
الوثنية ، وصعد إلي عليته ليصلي ، فتح الطاقة التي تطل علي أورشليم ، وركع
وصلي … حقاً إن الله موجود في كل مكان ، ولكن الاتجاه إلي أورشليم في
الشرق كان له معني وتأثير عميق في القلب ، والذكريات تعطي القلب أهمية
لأمكنة معينة ، تثير ذكراها عواطف مقدسة .
***
11)* إننا لسنا عقلاً صرفا في عبادتنا : فالحواس تعمل ، وتتأثر ، وتؤثر في
مشاعر الروح . ومثال ذلك . أننا نصلي ونرفع نظرنا إلي فوق ، بينما الله
موجود في كل مكان .. ولكن النظر إلي فوق ، يحرك في قلوبنا مشاعر روحية
لصلاتنا عمقاً خاصا . كذلك الاتجاه إلي الشرق …
والمسيح نفسه ، في أكثر من منسابة ، نظر إلي فوق ، مع أن الآب فيه وهو في الآب . ولكن النظر إلي فوق له دلاله خاصة …
***
12)* ونحن حينما ننظر إلي الشرق ، إنما نتجه إلي المذبح الموجود في الشرق ، لأن
الذبيحة لها في قلوبنا الروحية ، والمسيح فصحنا ، كان ذبيحة في الشرق .
***
13)* وفي المعمودية ، بطريقة رمزية أيضا، يتجه المعمد وأشبينه نحو الغرب لجحد
الشيطان ، ثم يتجهان إلي الشرق لتلاوة قانون الإيمان ، وبهذا يشعر أنه في
المعمودية ينتقل من الغرب إلي الشرق ، أي من الظلمة إلي النور .
***
14)* ونحن نسأل : لماذا يحارب البروتستانت الشرق بكل ما يحمل من رموز ومن معان
روحية وتأملات زكريا مقدسة ، تسندها نصوص من الكتاب المقدس . ولا يوجد في
ذلك أي خطأ عقيدي يثير الغيرة المقدسة؟!