منتديات أولاد أم النور
بسم الآب والإبن والروح القدس الإله الواحد آمين
♥️†††♥️†††♥️
لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Omy10
مرحبا ً بك زائرنا العزيز
ينبغي عليك أن تعرّف بنفسك لدخول المنتدي
وإن لم يكن لديك حساب بعد، فنحن نتشرف بدعوتك لإنشائه
منتديات أولاد أم النور
بسم الآب والإبن والروح القدس الإله الواحد آمين
♥️†††♥️†††♥️
لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Omy10
مرحبا ً بك زائرنا العزيز
ينبغي عليك أن تعرّف بنفسك لدخول المنتدي
وإن لم يكن لديك حساب بعد، فنحن نتشرف بدعوتك لإنشائه
منتديات أولاد أم النور
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالرئيسية  المجلةالمجلة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  التسجيلالتسجيل  

 

 لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
انتقل الى الصفحة : 1, 2, 3  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Empty
مُساهمةموضوع: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 2:38 pm

لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات 86369862hr7yb2

لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Fishgnlnrk7


لاهوت مقارن ... الرد على البدع والهرطقات ...

" كتاب مكتوب "

توطئَة


تشهد
المسيحية في نهاية هذا القرن العشرين ظاهرتين متناقضتين. فمن جهة وعند
فئات كثيرة من الشعب فتور في الممارسات الدينية وابتعاد عن الايمان
وإلحاد، ومن جهة أخرى وعند فئات من الشعب لا تقلّ عدداً عن الأولى عودة
إلى القيم الروحية ورغبة متزايدة في التعمّق في مختلف أبعاد الايمان
والدين.
لقد كان يومٌ ظنّ فيه الانسان أن العلم سيحلّ كل مشكلاته.
فتطوِّرَ العلم وبلغ بالانسان ولاسيمَا في البلدان الراقية قمةَ الرفاهية
وبحبوحة العيش. إلا أنه لم يتمكّن من مساعدة الانسان على إزالة ما يشعر به
في أعماق كيانه من فراغ وضياع.


وكان يومٌ ظنّ فيه الانسان أن
مشكلاته ناتجة عن رزوحه تحت نير العبودية والطغيان والاستعمار وان الثورات
هي السبيل الوحيد للبلوغ بالبشر الى الحرية والاخوّة والمساواة. فقات
الثورات وتبدّلت الحكومات وأُنشئت أنظمة جديدة حاولت ضمان الحريات والحقوق
للأفراد والجماعات. إلا أنّ شيئاً لم يتغيّر لا في حياة الانسان
الاجتماعية ولا في عمق كيانه. فقد ظلّ في حياته الاجتماعية والسياسية عرضة
للتعسّف وكبت الحريات وشتى المظالم، وبقي في أعماق كيانه حائراً ضائعاً
غريباً عن ذاته.
فلا بدّ والحالة هذه من إعادة طرح موضوع الايمان
والدين بشكل جذري. فالابتعاد عن الايمان ورفض الدين هل هما ابتعاد عن
الايمان الحقيقي ورفض للدين الصحيح، أم إنّهما ليسا في الواقع سوى ابتعاد
عن إيمان مزيّف ورفض لدين خاطئ؟


ان التحدّيات التي يجابها
الدين المسيحي اليوم إن من قبل الفلسفات الملحدة التي ترفض وجود الله، وإن
من قبل الأديان الأخرى التي يحسب كل مها ذاته الدين القويم، وإنْ من قبل
ما أحرزه العقل البشري في ميادين العلم والتقنية، تحتّم علينا العودة إلى
الأسس التي بُني علها إيماننا للتأكد من قوة ثباتها ومدى ملاءمتها للانسان
المعاصر.
هذا ما سنحاول تحقيقه في سلسلة من المقالات اللاهوتية نوجز
فيها العقيدة المسيحية في مختلف جوانبها وتعاليمها. كثيرون من المسيحيين
يجهلون المبادئ الأوليّة للديانة التي وُلدوا فيها، وكثيرون يتساءلون عمّا
بقي من الدين المسيحي عقب اكتشافات المذهلة التي شاهدها القرن العشرون في
مختلف ميادين العلم والتاريخ والدروس الكتابية.
هدفنا إذاً في هذه
المقالات هو هدف مزدوج. فمن جهة عرض شامل، وان بإيجاز واقتضاب، لجميع
عقائد الايمان المسيحي، ومن جهة أخرى إظهار ما يتميّز به الايمان المسيحي
عن الاديان الأخرى وعن العلم والايديولوجبات المختلفة، ومن ثمّ إبراز
موافقة الدين المسيحي للانسان المعاصر في بعده الشخصي وبعده الجماعي.
ولا
نقصد من هذه المقالات أن نبرهن عقلياً للملحدين وأتباع الديانات الأخرى
انهم على ضلال وأن الديانة المسيحية هي وحدها الديانة الحقيقية. فالبراهين
التي تستند إلى العقل لإظهار صحة الدين المسيحي وضلال سائر الديانات لم
تعد مقبولة في اللاهوت المعاصر. سيقتصر عملنا إذاً على عرض موضوعي لما
نؤمن به نحن المسيحيين وعلى إيضاح الأسباب التي تدفعنا إلى التمسّك بهذا
الايمان.
أما التصميم الذي سنتَّبعه فهو تصميم "قانون الايمان" الذي لا
يزال المسيحيون يتلونه منذ القرن الرابع معبّرين فيه عن مجمل العقائد التي
يؤمنون بها. فنعالج على التوالي:
* الايمان بالله الواحد الآب الضابط الكل.
* الايمان بالله خالق السماء والأرض.
* الايمان بيسوع المسيح ابن الله الوحيد.
* الايمان بالروح القدس والثالوث الأقدس.
* الايمان بالكنيسة الواحدة الجامعة المقدسة الرسولية.
* الاعتراف بالمعمودية والأسرار المقدسة.
* رجاء قيامة الموتى والحياة في الدهر الآتي.

سنعالج في هذا الجزء الأول

المواضيع الثلاثة الأولى،

على أمل معالجة سائر المواضيع في أجزاء لاحقة من هذه السلسلة.


لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Waitloadinglp0




عدل سابقا من قبل خـــ الرب ـــادم في الأربعاء 03 يونيو 2009, 1:39 am عدل 2 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 2:40 pm

القِسم الأول: لمحة تاريخية، من بدعة آريوس إلى مجمع نيقية


القِسم الأول
لمحة تاريخية، من بدعة آريوس إلى مجمع نيقية


1- البدعة الآريوسية
في
بداية القرن الرابع كان يعيش في اسكندرية مصر كاهن فيلسوف ومعلم مقتدر
يدعى آريوس. وكان هذا الكاهن الفيلسوف قد أفلح في إشاعة الفكر المسيحي بين
عامة الشعب في تعابير ومصطلحات فلسفية. إلاّ أنه في الوقت نفسه أدخل إلى
اللاهوت النهج العقلاني الذي كان قد تسرّب إلى مسيحيي الامبراطورية في
الشرق والغرب، كما أنه استخدم، في عرض الايمان المسيحي وتفسيره، المناهج
الفلسفية اليونانية التي كانت آنذاك قد اجتاحت الأوساط المسيحية وبدأت
تنخر قلب الكنيسة.
تخرّج آريوس في مدرسة انطاكية الشهيرة واقتبس من
أساليب مؤسّسها لوقيانوس الذي رأى فيه اسكندر أسقف الاسكندرية باعثَ
العقلانية الآريوسية. لقد أخذ آريوس عن لوقيانوس، إلا أنه فاق معلمه فصاحة
في الجدل واتساعاً في النفوذ. فبتأثير من آريوس ومن مدارس التعليم الديني
في انطاكية والاسكندرية، انتشرت المناقشات والمجادلات الفلسفية بين
الأساقفة والكهنة وعامة الشعب، وسيطرت على الجميع الرغبة في عرض أسرار
الديانة المسيحية عرضاً عقلياً.
ان الغيرة والمحبة لوحي المسيح تحملان
المسيحيين على أن "يكونوا دوماً مستعدّين ليجيبوا كل من يسألهم حجّة عن
الرجاء الذي فيهم"، حسب قول القديس بطرس الرسول (1 بط 3: 15). لكن بعضاً
منهم، من أمثال آريوس، ذهبوا بعيداً في هذا الميدان حتى طغى العقل عندهم
على الإيمان. لقد حاولوا أن يفسّروا تفسيراً عقليًّا ما يفوق قدرة العقل
البشري، فتقلّص الوحي الإلهي عندهم إلى أفكار بشرية محض. لذلك ضلّوا
وتاهوا في الهرطقة.
ان المسيحيين واليهود والمسلمين قد أكّدوا على
الدوام وحدانية الله. فاليهودية تعلن: "اسمع يا اسرائيل ان الرب إلهنا هو
رب واحد، وإله واحد" (تثنية 6: 4). والاسلام يشهد: "الله أكبر! لا إله إلا
الله". والمسيحيون يعترفون: "نؤمن بإله واحد". فالديانات الثلاث تعلِّم
إذاً العقيدة نفسها في وحدانية الله. فالله فيها كلها هو واحد، وليس من
إله آخر سواه.
إلاّ أن وحدانية الله في الإيمان المسيحي تختلف عما هي
عليه في اليهودية والاسلام. فالعقيدة الجوهرية في المسيحية هي الايمان،
ليس بوحدانية الله وحسب، بل بوحدة ثلاثة أقانيم في الله. ولما بلغ وحي
الثالوث كماله في وعي الكنيسة، حاول المسيحيون تفسير التناقض الظاهر بين
تأكيد وحدانية الله والاعتراف بالأقانيم الثلاثة، الآب والابن والروح
القدس. وقد كان جلّ اهتمام المسيحيين في بداية القرن الرابع تبيين
الانسجام بين الوحدانية والثالوث.
إلا أنه بالاقتصار على استخدام
مفاهيم الفلسفة البشرية لم يكن من سبيل منطي يمكّن من القول "إن الله
واحد، وفي الوقت نفسه آب وابن وروح قدس"، كما تقول المسيحية. وكان آريوس
يقبل المبدأ القائل ان الله واحد في ثلاثة أقانيم، آب وابن وروح قدس، غير
أن تفكيره الفلسفي العقلي قاده إلى القول انه، من بين الأقانيم الثلاثة في
الله، الآب وحده هو حقاً وجوهرياً إله منذ الأزل، أما الابن فليس إلهاً
ولا الروح هو إله. ويزعم آريوس أنه كان وقتٌ وُجد فيه الآب وحده. ويعترف
كذلك أن الابن هو "قبل كل الدهور"، ويعتقد أنه أعظم من كل خليقة مادية
وغير مادية، لكنه يعتبره خليقة محضاً. "ويضيف انه قد يصحّ القول عن الإبن
انه إلهي وفي صورة الآب، ولكن لا يجوز القول انه "من جوهر الآب"؛ فالابن
مختلف في جوهره عن الآب، لذلك لم يكن المسيح إلهاً حقاً، بل انه مخلوق ومن
صنع الآب. ويتابع آريوس تفسيره بالتأكيد أنه عندما نقوك إن المسيح هو ابن
الله، فاننا لا نعتي البنوّة بالمعنى الحقيقي الكياني، بل بالمعنى المجازي
الأدبي.
وينتج من ذلك، في رأي آريوس وأتباعه، ان المسيح غير مساوٍ
للآب. فهو ليس إلهاً من إله، إنما هو فقط من أصل إلهى. إلا أن كأنه من أصل
إلهي يعطيه مركزاً رفيعاً لدى الآب. فهو الوسيط بين الآب والخلائق، وهو
أيضاً الوسيط في الخلق. وهو الذي، في لحظة من الأزل، خلق الروح القدس.
فكما أن الابن هو صُنْع الآب، كذلك الروح القدس هو صُنْع الابن. تلك
بإيجاز تعاليم الآريوسية.
لقد كانت لتلك التعاليم نتائج خطيرة فإنها
تهدم كل ما أوحى الله به إلينا عن حياة الثالوث فيه، وتنكر على الجنس
البشري التألّه والاتحاد الحقيقي بالله، ولا تعترف للفداء بأي مفعول جذري
في الطبيعة البشرية، بل تقرّ فقط بتأثير له أدبي وروحي. وهكذا تناقض
الآريوسية مناقضة صريحة الحقائق الجوهرية في الدين المسيحي.
فجوهر
الدين المسيحي يقوم على أن المصالحة بين الله والبشر لم تتمّ على يد مرسل
من العلاء ولا على يد بنيّ ملهم، بل على يد الكلي القدرة نفسه، صانع الكون
والخالق الذي أبدع الأشياء كلها، ما يُرى منها وما لا يُرى. إن فداء
البشرية وتألّهها قد حققهما الله نفسه ينبوع الكائنات الأوحد وغير المنقسم.
إن
المسيحية تؤمن بأنه ليس في مقدور إنسان أن يعيد إلى البشر صورة الله إلا
إذا كان هذا الإنسان إلهاً. الإله المتجسّد يمكنه وحده أن يعيد إلى جنسنا
الساقط صورته الالهية الأولى، ويؤلهنا حقاً. لذلك كان لا بدّ من أن يكون
المسيح "إلهاً من إله، نوراً من نور، إلهاً حقاً من إله حق"، وبالتالي
"مولوداً من الآب وغير مخلوق".
اننا، بسبب حدود عقلنا البشري، نميل إلى
تقريب ما هو متسامٍ وإلهي إلى مستوانا البشري ليسهل علينا تحليله وإدركه.
انه لأسهل بكثير على عقلنا البشري أن نقول ان الله لم يصبح هو نفسه كائناً
بشر،، بل أرسل باسمه إنساناً إلى العالم. كما انه لأسهل بكثير أن نقول
اننا لم نؤلّه بل رفعنا إلى درجة أدبية أما.
ان صراع المسيحية في هذا
الميدان من الايمان ليس فلسفياً وحسب، بل هو نفسيّ أيضاً. فقد يصعب جداً
إقناع البشر بأنهم من أصل إلهي، وبأن كيانهم الراهن هو إلهي، وبأنّ مصيرهم
كذلك هو إلهي، كما يعلّم المسيح. لقد اؤتمن الدين المسيحي على الحقيقة
القائلة ان الله نفسه أصبح انساناً لنصبح نحن إلهيين ونجلس عن يمين الله
الآب. قد تبدو تلك الحقيقة أروع ما يمكن تصديقه. انها رائعة، ولكنها أيضاً
واقعة. اننا نخاف من سموّ كياننا. إنّ قصد الله هو الارتقاء بنا إلى
مستواه. ولكننا نحن، لوعينا ما نحن عليه من ضعف وعجز، نحاول أن ننزل به
إلى مستوانا. لم يستطع آريوس أن يؤمن بقصد الله السامي تأليه الكائنات
البشرية، فاختلق إلهاً على صورة البشر .
نشر آريوس وأتباعه أفكارهم في
كل مكان بالمناقشات الفلسفية العلنية ولا سيمَا بالترانيم الشعبية، بحيث
انه في نهاية القرن الرابع أفاقت الكنيسة المسيحية في الشرق والغرب من
كابوس المجادلات الفلسفية وإنشاد الترانيم الهرطوقية لتجد نفسها على شفير
الآريوسية.
وكلما كان آريوس وأتباعه يمضون في محاولاتهم تفسير الثالوث
الأقدس تفسيراً فلسفياً، كانت الآراء تتشعّب وتزداد الفوضى بين المسيحيين،
وتتّسع شقّة الخلاف في جسم الكنيسة. ورأَسَ تلك المجادلات بعض الأساقفة
ممّن أُوتوا الفصاحة الفلسفية والبلاغة اللاهوتية، فنشأت كنيسة دعاها
مسيحيو الاسكندرية "الكنيسة المتفلسفة". فالكاثوليك والهراطقة والمنشقّون
وتلاميذ اثناسيوس وأتباع آريوس وأتباع دوناتيوس، جميع هؤلاء دخلوا في صراع
محموم اختلطت فيه الآراء وتباينت المذاهب.
وقد عبّر الكاتب اللاتيني
أمانيوس ببضع كلمات عن شعور الشعب المسالم حيال الصراع الشديد الذي أدّى
بالمسيحيين إلى المعاداة والاضطهاد بعضهم لبعض، فقال: "ان الوحوش المفترسة
لا تظهر عداءها للبشر بقدر ما يظهر المسيحيون بعضهم لبعض الحقد المميت".
على
خلاف ذلك كانت الكنيسة في القرنين الثاني والثالث تؤكد على الدوام ضرورة
عدم وضع أن حدّ لحرية المعتقد والتسامح. لقد قال ترتوليانوس: "لا يجوز أن
ننكر على الانسان ما أنعمت به عليه الطبيعة، أعني الحق في عبادة الله
عبادة حرّة"؛ والقول السائد كان: "يجب الدفاع عن الدين لا يقتل الآخرين بل
بالموت لأجلهم"، وكذلك: "ليس من أمر كالدين هو قضية الارادة الحرّة"؟ وأما
يوحنا الذهبيّ الفم، في العصر الذهبيّ للامبراطورية، فقد كان يردّد
باستمرار : "لم يلجأ المسيح إلى القتل بل مات في سبيل الحقيقة". هذا كان
موقف المسيح والانجيل من حرية المعتقد، "فالعابدون الحقيقيون يعبدون الآب
بالروح والحق" (يو 4: 24).
في حين كانت الآريوسية تمزّق الشرق، كان
الانشقاق الدوناتي شمالي أفريقية كالجرح المفتوح فيجسم الكنيسة الغربية،
وقد غذّاه التعصّب الأعمى وأنماه الصراع الطبقي والحقد العرقي. وهكذا كانت
المسيحية في القرن الرابع تنزف في الامبراطورية الرومانية من جرحين
بليغين: العقلانية الآريوسية في الشرق والتعصّب الدوناتي في الغرب.


لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Waitloadinglp0
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 2:43 pm


2- مجمع نيقية

إنّ تفاقم التصلّب في المواقف
الدينية واشتداد حدّة الاضطهادات دفعا الامبراطور قسطنطين إلى التدخّل
بحزم وشدّة، فدعا إلى مجمع مسكوني يعقد في نيقية في آسية الصغرى، بغية
تحديد عقائد الايمان تحديداً جليًّا ووضع حدّ لهذا التصلّب. وتوافد
الأساقفة من الشرق والغرب، من الشمال والجنوب، من جميع أطراف الامبراطورية
الرومانية الشاسعة، ومن خارجها، من بلاد فارس، والتأموا، بما أُوتوه من عم
وقداسة، في نيقية "مدينة النصر".
من 20 أيار حتى 19 حزيران من سنة 325
تناقش الأساقفة عقائد الدين المسيحي. وقد زاد حدّة النقاش ما كانوا عليه
من اختلاف في التعابير الفلسفية. إلاّ أن ما صدر عن مداولاتهم تجنّب كل
المفاهيم الفلسفية العقلية. وبدل أن يفسّروا طبيعة الله، أنشدوا أنشودة
مجد تعظيماً له.
أما اللفظة الفلسفية الوحيدة التي نسبوها إلى المسيح
فهي لفظة ، التي تعني "من ذات جوهر" الآب. إلا أن كلمة لم تكن تعني الجوهر
في ذلك الوقت. فالافلاطونية الحديثة والغنوصية استعملتاها في القرن الثالث
للدلالة على الكائن أو الكائن العاقل أو الشخص. وكانت تستعمل أيضاً
للأشياء المادية. فقطعتان من المادة نفسها كانت تطلق عليهما لفظة ، يعني
أنهما من كيان واحد.
إلا أنه في المجمع تغيّر فجأة معنى الكلمة، وأُعلم
الآباء أن تعني "الجوهر" وليس "الكيان". فإطلاقها على المسيح يعني أن
المسيح هو من جوهر الآب ذاته. وقد أحدث تغيير معنى هذه اللفظة بلبلة في
الكنيسة كلها. فالأساقفة والفلاسفة الذين لم يحضروا المجمع اغتاظوا
لسماعهم أن المجمع قد نسب تلك اللفظة إلى المسيح، وراحوا يتساءلون: من
أعطى لفظة معنى "الجوهر" عوضاً عن "كيان"؟ ومن الذي أقرّ أن تعني "الوحدة
في الجوهر"، وليس، كما يقول الهراطقة، "الوحدة في الكيان"، أي في الأقنوم؟
فلفظة تعني "كائن". فالشخص هو كائن، كما ان الجوهر كائن. وخافوا من أن
ينتقل البعض بسهولة من "وحدة المسيح مع الآب في الجوهر" إلى "وحدته معه في
الكيان" أي في الأقنوم، وعندئذٍ يصبح الابن أقنوماً واحداً مع الآب كما
كان يقول الهرطوقي سابيليوس.
لقد كان الغرب مهد الهرطقة التي تقول ان
في الله أقنوماً واحداً، فوقعت الشبهة على الكنيسة الغربية واتهمت بأنها
هي التي نسبت الى المسيح لفظة ، وذلك لإدخال بدعة سابيليوس في الكنيسة
الشرقية. ورغم ضآلة عدد ممثّلي الكنيسة الغربية في مجمع نيقية وربما بسبب
ضآلة عددهم، اتّهموا بأنهم كانوا من أتباع سابيليوس، لاسيّمَا ان
الامبراطور قسطنطين الذي دعا إلى المجمع ورأسه كان هو نفسه غربيًّا وكان
يناصرهم. فلهذا السبب ولأسباب أخرى، راح أساقفة الشرق، بعد عودتهم من
نيقية إلى كنائسهم، يرفعون إمضاواتهم عن قانون الايمان. وما زاد البلبال
قرار أصدره الامبراطور يفرض فيه لفظة بالقوة.
لقد كان مجمع نيقية
رومانياً غربيًّا في تنظيمه فقط، أما في روحه فكان له نفحة كتابية شرقية
ويهودية، ولقد عبّر عن عقائد الايمان بألفاظ يونانية. إلا أن آباء المجمع
لم يقبلوا أن يفرض أي من المفاهيم الفلسفية. وبهذا تميّزت عبقريتهم، بأنهم
حموا فوق الفلسفة البشرية وابتعدوا عن جميع المناهج الفلسفية الخاصة،
فأعطوا لفظة معنىً مسيحيًّا، بحيث اتخذت كلمة المعنى الجديد التالي: "بما
أن الابن هو من جوهر الآب، فالإبن إله كما أن الآب إله. وبالتالي يجب
القول إن المسيح هو أي من الجوهر الواحد مع الآب".

لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Waitloadinglp0
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 2:46 pm

القِسم الثَاني
قانون الايمان أنشودة تأليه الانسان


في
قانون الايمان أعلن الآباء بوضوح كلّي فكرتين أساسيتين متماسكتين: الفكرة
الأولى هي أن الله واحد، آب وابن وروح قدس، خلق الكون كله، ما يرى منه وما
لا يرى، وبالتجسّد اتّحد هو نفسه بخليقته، وبصعوده إلى السماء أصعد معه
الخليقة وأجلسها على عرش الألوهة. والفكرة الثانية هي أن الجنس البشري قد
اشترك اشتركاً حقيقياً في حياة الله ومحبته ومجده الأزلي. قال أحد
الشعراء: "لا يقبل وحي إلا إذا كان مخطوطاً بأحرف من نور على كبد الشمس".
وقانون إيمان نيقية خطّ الوحي المسيحي أنشودة على كبد شمس الألوهة.


1- التعابير اللاهوتية وخبرة الله

لم
يكن قانون إيمان نيقية مجموعة من الصيغ الفكرية الجامدة، بل كان أنشودة
مجد. فالمجمع لم يَرُم بالألفاظ والتعابير التي استخدمها احتواء الله
وتفسير سرّه اللامتناهي، بل كان مرامه توجيه التفكير اللاهوتي اللاحق.
فالتعابير العقلية تعجز عن الاحاطة بالله الحق الذي لا حدّ له ولا نهاية.
ولا شيء يسعه الإحاطة به. جلّ ما يمكن التعابير البشرية القيام به هو
تقريبنا إلى مَن لن نتمكن أبداً من التعبير عنه، ومساعدتنا على التحاور
بعضنا مع بعض. أما أن نعتبرها تحديدات مطلقة فهذا يؤدي بنا إلى التصلّب
ويقتل كل حوار وكل انسجام في علاقاتنا. وقد حدث هذا مراراً في تاريخ
الكنيسة كما حدث في تاريخ سائر الديانات.



الاستخدام المفرط
للفلسفة في الدين ورفض كل تعبير فلسفي كلاهما يقود إلى التصلُّب في الرأي،
وعن التصلُّب ينجم التعصُّب والاضطهاد. فالتعابير البشرية عن حقائق الله
ليست مطلقة بحيث تقدَّم لها العبادة. إنما هي اشارات استدلال هدفها جعل
الحوار ممكناً، فلا يجوز أن تكون السبب في قطع سُبُل الحوار والتناغم.
والدين المسيحي هو في جوهره دين الحوار والتناغم.



نحن
المسيحيين لا نؤمن بصيغ وتعابير. إيماننا ارتباط بحدث. وهذا الحدث هو شخص
حيّ نختبر صداقته ونلتزم محبته. المرحلة الأولى في مسيرة إيماننا هي مرحلة
اختبار لشخص نعبّ من بحر حياته، لشخص هو الأقانيم الإلهية الثلاثة.
وخبرتنا هذه هي التي نعبّر عنها في كلمات بشرية.


فالصيغ نحن
نخلقها، والتعابير نحن نصنعها. لذلك فالصيغ والتعابير لا تفي من خبرتنا
إلا بالنزر اليسير. خبرة إيماننا هي خبرة حياة في حركة دائمة، هي ريح تعصف
بنهجنا دون توقّف. فان اقتصر إيماننا على الصيغ والتعابير، سكنت الريح
وأمست خبرتنا في ركود. خبرتنا هي التي تعطي التعابير معناها، ونقيض ذلك
انحراف وضلال. والذي نختبره هو شخص الآب الينبوع الحيّ الذي يخلق، وشخص
الابن الحياة التي تخلّص وتفتدي، وشخص الروح القدس الشعلة التي تحيي.



قانون
إيمان نيقية ليس مجموعة من عقائد. انه بالحري إعلان لحقيقة الله واعتراف
بما صنع لنا. انه إعلان لملاقاتنا الأقانيم الالهية التي تؤلّه شخصنا
البشري. وهذه الملاقاة لا نعبّر عنها بألفاظ عقلية بل نعلنها كحدث: الله
يسعى إلينا ونحن نجد أنفسنا قد تألّهنا بمجد يفوق كل توقّع بشري.



ان
حقيقة الله، كما يعبِّر عنها قانون الايمان، ليست صفة مبهمة "كالصلاح" أو
"الفضيلة"، ولا فكرة مجرّدة اختلقها العقل البشري "كالطبيعة" أو "المحرّك
الأول". والله ليس "العجوز الأعزب" ولا "الفرد المنعزل" الذي "يسكن في
أعالي السماء، هناك، بعيداً، في مكانٍ ما"، على ما يظن به الفيلسوفُ
الملحد نيتشه إله المسيحيين. الله، في عرفنا، إله شخصي، آب وابن وروح قدس.
الشخص وحده يستطيع أن يتكلم ويوحي بنفسه. الشخص هو في جوهره علاقة مع شخص
آخر.



2- الله محبة في ثلاثة أقانيم

تعلن المسيحية
أن الله محبة. وتلك المحبة ليست فكرة محضاً. انها حقيقة قائمة في شخص حيّ.
ولأنها تقوم في شخص، ندعو هذا الشخص "الأقنوم" أي الذي تقوم فيه المحبة.
والأقانيم في الله ثلاثة.

أي ان المحبة تقوم في الله على ثلاثة أوجه:


الحب
الذي يعطي وهو أقنوم الآب، والحب الذي يتلقى عطاء الآب وهو أقنوم الابن،
والحب الذي يصل الآب بالابن والابن بالآب وهو أقنوم الروح القدس. فالأقنوم
الأول ندعوه "الآب" لأنه في ذاته فيض من الحب. والأقنوم الثاني ندعوه
"الابن" لأنه يقوم في ذاته على محبة الآب له، لذلك نقول ان الابن "مولود
من الآب قبل كل الدهور"، أي ان الله منذ الأزل هو محبة وعطاء. ولا وجود
للمحبة إن "لم يكن أقنوم ثانٍ يفيض عليه الآب محبته، وتلك المحبة التي
تنبثق من الآب لتفيض على الابن هي الاقنوم الثالث، الروح القدس "المنبثق
من الآب".



فالله في المسيحية ليس إلهاً جامداً. انه في
ذاته علاقة حب أزلية وحركة عطاء دائمة بين الآب والابن والروح القدس. إله
واحد، طبيعة إلهية واحدة، أي محبة واحدة في ثلاثة أقانيم. هذا هو سرّ
الأسرار، سرّ حياة الله الباطنة التي لا تستطيع خليقة من الملائكة والبشر
أن تدركها أو تفسّرها.


لهذا السبب لا نتلو قانون الايمان في
ليتورجيا الموعوظين حيث يمكن اللجوء إلى تفسيرات عقلية، بل في قلب الصلاة
الافخارستية، في ليتورجيا المؤمنين التي تفرض تخطّي كل تفسير عقلي والدخول
في علاقة صميمة مع الله. ولا نتلوه إلا بعد أن تغلق جميع الأبواب في وجه
الذين لم يستنيروا بعد بنور الايمان ولم يدخلوا في سرّ الله.



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Waitloadinglp0


عدل سابقا من قبل خـــ الرب ـــادم في الجمعة 27 فبراير 2009, 2:54 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 2:48 pm


3- الايمان علاقة شخصية مع الله


هذا السرّ لا يدركه إلا
الإيمان. "إذ ما من سبيل، بحسب قول القديس مكسيموس، إلى عقد علاقة بين
الانسان والله إلا بالإيمان. فالإيمان قوة. انه قوة خاصة توحّد الانسان
المؤمن والله الذي به يؤمن توحيداً مباشراً كاملاً يفوق الطبيعة البشرية".



ليس
الايمان علاقة عقلية وحسب. فالشياطين أيضاً قد يكون لهم مثل هذا الإيمان
(يعقوب 2: 19). إنما الإيمان ارتباط حياتي يطال الشخص البشري بكامله بما
يفوق إدراك البشر. لذلك يرى الآباء القديسون أن الإيمان لا يكون إيماناً
حقيقياً إلا اذا شمل الشخص كله وحوّله إلى صورة المسيح. هناك عبارة كتابية
يردّدها الشرق المسيحي في صلاته: "بنورك نعاين النور". وتعني تلك الصلاة
الشعبية اننا بنور الآب -ونور الآب هو الروح القدس- نستطيع أن نرى المسيح
النور الحقيقي.



بالإيمان لا يعتنق المسيحي عقيدة مجرّدة،
بل يتّحد بأشخاص أحياء، بحضور حقيقي. الإيمان هو جواب الإنسان علىِ دعوة
شخصية يكشف له فيها كل من الآب والابن والروح القدس عن ذاته شخصاً حياً
وحضوراً محيياً. وجواب المؤمن على تلك الدعوة يقوم بأن يرتمي في أحضان كل
من الآب والابن والروح القدس ليغرف من بحر حضور الله كما كشف عن ذاته.
والله قد كشف عن ذاته انه آب يرسل الابن للخلاص وبواسطة الابن يمنح الروح
للحياة. فالإيمان، في عرفنا نحن المسيحيين، ليس تحليلاً فكرياً، إنما هو
دخولنا في حياة الأقانيم الالهية لتتحقق فيها كل ممكنات كياننا.
"أُومن
بإله واحد آب ضابط الكل...". عندما يتلو المؤمن قانون الإيمان لا يكتفي
بترداد كلمات، بل يغرق في بحر الحياة، في الآب الذي منه يولد الابن وينبثق
الروح.



"أُومن برب واحد يسوع المسيح...". أقول هذا وأغرق
في بحر الحب، في الابن "الذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا نزل من
السماء... وصار إنساناً".


"أُومن بالروح القدس الرب المحيي...". أقول هذا وأغرق في بحر النور، في الروح الذي فيه يتحقق لي الوجود "لأعبد وأُمجّد الآب والابن".



ان
خبرتنا الشخصية لله هي خبرة علاقة "الأنا" و"الأنت" بين الوجود الالهي
والوجود البشري. فالله يوحي بذاته ملء الحياة والنور والمحبة، ونحن نقبل
وحي الحياة والنور والمحبة. نقبل وحي الحياة وننفتح بكل جوارح ذاتنا على
الحياة، فنمتلئ من ملء الحياة، ونقبل وحي المحبة فنصبح دفقاً من محبة،
ونقبل وحي النور فنضحي أشعة من نور. وهكذا نتخطى نحن البشر كل حدودنا
البشرية وندخل في لانهاية الله ونشترك في أُلوهته.



نحنِ
المسيحيين نلجأ إلى أفكار ونصيغ تعابير، لكننا نحتفل بشخص. اننا نعبد
ونمجّد شخصاً هو الحدث. والحدث يعني، في التعبير المسيحي، الحقيقة القصوى
التي بها يعبّر الشخص عن ذاته في علاقة حياة مع الغير. فالله ليس فكرة بل
حدث: انه في صميم ذاته علاقة حياة بين الآب والابن والروح، ومن صميم تلك
الحياة، حياة الآب والابن والروح، يتدفق الله في الخلق والتجسّد والفدأء.


الحدث
هو تلك العلاقة الجوهرية التي تصل الله بخليقته صلة حياة ومحبة. ان جوهر
الحقيقة هو حدث. وجوهر الله هو هذا الحدث المزدوج المتكامل: الله في صميم
ذاته آب وابن وروح، وفي علاقته بالانسان استمرار وحي ودفق عطاء في الخلق
والتجسّد والفداء والقيامة والصعود. يقول القديس غريغوريوس النزينزي:
"الله هو استمرار كشف ودوام وحي لذاته، يحرّك دون انقطاع الوجدان البشري
وينير ظلماته".



يعلن قانون الإيمان أن ديانتنا ليست مجرد
أقوال، بل هي يقين وموقف حياة. لذلك نحن بحاجة إلى سماع قانون الإيمان كل
يوم وعدّة مرات في اليوم، صباحاً وظهراً وفي صلاة النوم وفي صلاة الليل.
لا غنية لنا عن ترداده مراراً إن أردنا تأكيد وجودنا الديني. لا بدّ من
ترنيمه مراراً لنعلن ارتباطنا بالله وتعلّق عقلنا ونفسنا تعلّقاً مطلقاً
بمن هو عمق حياتنا، قيل بكياننا إلى مماثلة كيانه.


قانون
الإيمان هو ترنيمة يجب إنشادها على الدوام، كما يقول اغوسطينوس أسقف
ايبونة في شيلي أفريقية: "أُتلُ قانون الإيمان كل يوم، صباحاً ومساءً.
أتله لنفسك أو بالحري لله... ردّده دون انقطاع... ألا ترتدي ثوبك كل يوم؟
انك عندما تتلو قانون الإيمان يرتدي قلبك رداء الله".



نحن
المسيحيين على يقين من أقانيم الله. لسنا بحاجة إلى براهين عقلية لإثبات
يقيننا أو تفسيره. فالله ذات وجودنا وخلاصنا. لا شك في أن المسيحية في
العصور السابقة لجأت إلى براهين فلسفية وتفسيرات عقلية لإثبات وجود الله.
وقد تجمّعت لديها تلال ضخمة من المفاهيم الفلسفية ومتاحف برمّتها من
النظريات اللاهوتية.



ولن تتوقف المسيحية عن السعي لإيجاد
طرق عقلية ونفسية وعلميّة تعبّر بها عن خبرة سرّ الله. ولكنها في الوقت
نفسه ستتمسك بيقين مطلق بالوحي الذي يعبّر عنه قانون الإيمان، بتلك
"الحقيقة المخطوطة على كبد الشمس". عندما تبحث المسيحية عن تعابير فلسفية،
لا تعلّق إيمانها ولا ترتاب في يقين ما تؤكّده. انها تتقلّب في مختلف
الأفكار القديمة والتعابير المستحدثة بغية استجلاء خبرتها لسرّ الله، ولكن
دونما خوف من أن ما سيبلغه العقل قد يناقض إيمانها.





لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Waitloadinglp0
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 2:51 pm


4- قانون الايمان سمفونية بحركتين


إن
أردنا تحليل قانون الإيمان وجدنا انه سمفونية بحركتين. الحركة الأولى هي
حركة انحدار تبسط سرّ حياة الله الباطنة، حياة الآب والابن والروح القدس،
وتصف تدفّق هذه الحياة في الخلق والتجسّد والفداء والقيامة والصعود. انها
"رحمة سلام" كما نرنّم في الليتورجيا البيزنطية. أما الحركة الثانية فهي
حركة ارتقاء، "ذبيحة تسبيح"، عودة الانسان والكون إلى الله. في الحركة
الأولى نعترف بأن كل شيء يأتي من الله، "وان كل عطية صالحة وكل هبة كاملة
تنحدر من فوق، من لدن أبي الأنوار" (يعقوب 1: 17)، وفي الحركة الثانية
نعلن أن كل شيء يعود إلى قلب الله في المجد.



في قانون
الإيمان نعلن تلك الحقيقة، بصوت جهير، حتى يستطيع العالم أجمع سماعنا،
اننا من الله جئنا، واننا في الله نستريح، واننا إلى الله سنعود. تلك هي
الحقائق الثلاث التي تتكرّر في كل صفحة من صفحات الانجيل والتي نحن بحاجة
إلى سماعها والعيش بمقتضاها. علينا تذكير البشرية أن بشريتنا هي من أصل
إلهي، وأن وضع كياننا الراهن هو إلهي، وأن مصيرنا إلهي. بتجسّد المسيح
أصبحت بشريتنا واحداً مع الله، وبقيامة المسيح تحوّلنا إلى حياة أبدية
الله، وبصعود المسيح جلسنا عن يمين الله على عرش المجد والكرامة.



أ- الحركة الأولى: انحدار الله إلى الانسان

في
القسم الأول من قانون الإيمان نعلن أن الله حقيقي، بل هو جوهر الحقيقة.
وكل ما ليس منه أو ليس متصلاً به لا حقيقة له ولا وجود. كل الموجودات "ما
يرى منها وما لا يرى" هي من أصل إلهي ويحيط بها جوّ إلهي. لذلك نعلن:
"نؤمن بإله واحد، آب ضابط الكل، خالق السماء والأرض، كل ما يُرى وما لا
يُرى". بقولنا ان الله خالق نؤكد أنه فنّان ومبدع وشاعر. فلفظة "خلَق" في
اليونانية تعني "أبدع الشعر". فانه قد أبدع الكون كما يبدع الشاعر الشعر.



إلهنا
ليس ساحراً يقوم بأعمال سحر وبراعة. انه شاعر يخلق الحياة ويبدع الجمال.
انه شاعر ينير كل ما يلمسه بالمجد والبهاء. الشاعر يخلق ما هو نفسه عليه.
انه في بالمفاجآت لأنه في شعره يعبِّر عن أعماق ذاته.


الله هو
الشاعر الأسمى. لا بدّ لنا لمعرفة شاعر من درس شعره وأعماله. العالِم
والفنّان والباحث هم الدارسون لشعر الله. وحصيلة درسهم تنهّدات أعجاب
ورهبة أمام روعة عمله. وهذا الإعجاب، وما يرافقه من تنهّدات، هو الطريقة
الفضلى لعبادة الله والسجود له. ثم ان من يعاشر شاعراً يتشرّب شعره ويمتلئ
منه. المسيحي يعيش في ألفة إله شاعر. العالِم والفنان والباحث هم اللاعبون
الملهمون لألعاب الله والمرنّمون لموسيقاه وشعره. عندما نفكر بالله نفكر
به دوماً كشاعر مبدع: "أومن بإله واحد، الخالق الشاعر، مبدع السماء
والأرض، كل ما يرى وما لا يرى".



لقد نظم الله عدداً لا
يحمى من القصائد. نظمٍ قصيدة ودعاها "السماء"، ونظم قصيدة أخرى ودعاها
"الأرض"، ونظم أيضا قصائد أخرى دعاها "النجوم" و"الكواكب" و"الماء"
و"الحيوان" و"الملاك" و"الشجر" و"الزهر" و"الزرع". كل قصيدة من قصائد الله
هي مصدر مفاجأة ومدعاة فرح. كل قصيدة من قصائد الله هي ينبوع مفاجآت توسّع
إمكاناتنا وتملأنا إعجاباً وابتهاجاً.



صنع الله السماوات
والأرض بكلمة واحدة منه، بفعل واحد من إرادته. قال الله "ليكن"، فكان. وكل
ما كان "كان حسناً". وسُرّ الله بما صنع. لقد أحبَّ الله عمله: النور في
السماء والشجر على الأرض والعصافير في الفضاء والحيوانات والزحّافات. كل
ذلك كان "حسناً". البذور الصغيرة والحيتان الضخمة جاءت إلى الوجود، وكلها
كانت "حسنة". جمال في الصنع وروعة في العمل!



واذ رأى الله
أنّ ما صنعه على جانب كبير من الجمال، أراد أن يتكاثر. وباركهم الله وقال:
أُنموا واكثروا واملأوا البحار والمحيطات والأرض والسماء. وكلما نظر الله
إلى ما نظمه من شعر، كانت ترد على شفتَي الآب والابن والروح القدس كلمة
إعجاب: "ورأى الله ذلك أنه حسن". إن أصل الكون هو في قلب الله، ان أصل
العالم إلهي.



تروي كتبنا المقدّسة أيضاً قصة خلق الانسان.
فعندما أنهى الله صنع الخليقة المادية، حدث توقّف في الأزل، صمت عميق لفّ
السماء والأرض، اضطراب عظيم ملأ الخليقة كلها، وسرت في أرجاء الكون رعشة
من ترقّب. الله ينظم أُنشودة خاصة، يكتب أروع قصائده. انها قصيدة حياته
الخاصة يرغب في أن يشرك فيها الآخرين. لقد أراد أن يعكس ذاته في شخص يمكنه
بدوره أن يعكس وجه الله. وقال الله: "لنصنع الانسان على صورتنا ومثالنا،
وليتسلّط على سمك البحر وطير السماء وكل حيوانات الأرض. فخلق الله الانسان
على صورته، على صورة الله خلقه، ذكراً وأُنثى خلقهم". وكانت قصيدة الانسان
رجلاً وامرأة.



إن أروع قصائد الله كلها وأعجب عجائب خلقه
هو بلا مراء الكائن البشري الذي وضع فيه الله بعضاً من قدرته وجماله.
القصيدة الانسان هي موجز روائع الخلق وأسمى تعبير لحب الله. وبعد أن خلق
الله الانسان لم يقل، كما قال بعد سائر أعمال الخلق: "انه حسن"، بل، لدى
مشاهدته معجزة الانسان، الرجل والمرأة، هتف هتاف الانتصار والمجد: "انه
حسن جداً".



الكائن البشري هو حقاً آية في الحسن والجمال.
وهو أثمن من الكون بأسره. انه مكوّن من مليارات الذرّات التي تولّدت في
الأفران السماوية، في النجوم، منذ ملايين السنين. لذلك يرى علماؤنا
المعاصرون "ان الكائنات البشرية هي أولاد النجوم". والمسيحية تعطي تاريخ
الجنس البشري ملء معناه بقولها "ان أولاد النجوم هم الآن أولاد الله".



لقد
خرجت الطبيعة البشرية من يد الله على جانب كبير من الجمال بحيث انه قرّر
أن يتّحد هو نفسه بالجسد البشري فيلبسه ويؤلّهه في تجسّده. نقول في قانون
الإيمان: "وتجسّد... وصار إنساناً". يا للمفخرة إذاً أن يكون كائن إنساناً
ويحيا في الجسد! انّ تجسّد الله قد جعل تألّه البشرية المرتكز الأساسي
للمسيحية، إذ إن هذا التألُّه كان مقصده الأخير. فأصل الانسان إذاً هو في
قلب الله. إنه إلهيّ.



خُلق الانسان على صورة الله. فهو
يملك حرية العقل والخيال. إن له الحرية أن يجعل من كل شيء عيداً، ويجبّ كل
شيء، ويهوى بنوع خاص نبض الحياة في عروقه، ويشغف باللعبة العظيمة، لعبة
الحياة، ويعيش في الاعجاب الدائم بروعة أعمال الله.



انها
مفخرة الانسان تلك القدرة التي له على الإعجاب بمغامرات الله في الكون
وعلى التعبير عن إعجابه ورهبته حيالها. هذا هو بالذات عمل العبادة. قوام
عبادة الله الإعجاب بخلائقه. والانسان المؤمن هو الانسان الذي يختبر
الخليقة فينشأ فيه الاشتياق الى الله الخالق "الشاعر المبدع". مصير
الانسان أن يحيا في استمرار من التسبيح والإعجاب، لمشاركته في المغامرة
الحياة التي من خلالها يختبر الله. الكائن الانسان، رجلاً وامرأة، هو حقاً
منشد قصائد الله.



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Waitloadinglp0
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 3:07 pm

ب- الحركة الثانية:

ارتقاء الانسان إلى الله



الحركة الثانية في سمفونية قانون الايمان هي حركة ارتقاء الى الله تتبسّط في الأمجاد التي يحصل عليها الانسان ميراثاً من الله:

"ونؤمن
بكنيسة واحدة جامعة مقدسة رسولِية، ونعترف بمعمودية واحدة لمغفرة
الخطايا". ان الذين يعتمدون في المسيح يصبحون واحداً معه وواحداً بعضهم مع
بعض، ويكوّنون الكنيسة الواحدة.

فالمعمودية، بحسب قول بولس
الرسول، تجعل من كل إنسان عضواً في المسيح (1 كور 6: 15). وجميع الذين
اعتمدوا هم جسد واحد (1 كور 12: 13) رأسه المسيح "الذي منه ينال الجسد كله
التنسيق والوحدة" (أف 4: 16). إنّ مَن يقبل سرّ العماد يدخل في أُسرة
سرّية هي الكنيسة، ويحيا في المسيح كما في سائل سماوي يستقي منه النعمة
والقداسة وبه يصبح ابناً لله ووارثاً للملكوت.



نعلن في
قانون الايمان أن الكنيسة واحدة لأن رأسها واحد وهو المسيح، ولأن الآب
واحد وجميع أعضاء الكنيسة هم أبناؤه، ولأن الروح فيها واحد وهو الذي يحيي
الجميع. ورغم انقسام المسيحيين كنائس مختلفة، فالكنيسة مع ذلك لا تزال
واحدة. نقول في الليتورجيا الالهية إن جسد المسيح "يجزّأ ولا ينقسم، يؤكل
كل حين ولا ينفد أبداً". فالكنيسة، رغم تجزئتها وانقسامها، تبقى واحدة،
لأن معموديتنا واحدة تجعل منا جميعاً أعضاء في جسد المسيح الواحد، ومن
خلال المسيح تصيّرنا واحداً في الثالوث الأقدس.



الكنيسة أيضاً "جامعة" أو "كاثوليكية".

تشير
هذه اللفظة اليونانية الأصل إلى شمولية الايمان، وتعني "ما هو موضوع
الإيمان لدى كل إنسان في كل مكان وفي كل آن". ليست الكنيسة محصورة في موضع
أو بلد، في الشرق أو في الغرب، وحياتها ليست مرتبطة بثقافة معيّنة.
الكنيسة جامعة لأنها تجمع الشرق والغرب، الصينيين والأسكيمو.


إنها
مشرّعة على جميع الناس من أقاصي الشرق إلى أقاصي الغرب. انها أوسع من
البيزنطيين والرومانيين، أي إنه لا يجوز اعتبار هاتين الكنيستين التعبير
الوحيد عن كنيسة المسيح. لا تعصّب في الكنيسة ولا تسلُّط من قبل ثقافة على
أخرى، ولا حصر في نمط واحد ضيّق. الكنيسة جامعة لأنها تفسح لكل إنسان
المجال للتعبير عن ذاته، ولأن جميع الثقافات تأتلف فيها ائتلافاً تاماً
منسجماً. الكنيسة تنسج وحدتها من مختلف إسهامات الأفراد والثقافات.



تدعى
الكنيسة أيضاً "أرثوذكسية". إنّ لفظة "ذُكسا" تعني في اليونانية أولاً
المجد، وتعني ثانياً الرأي. فالجماعة الأرثوذكسية هي أولاً الجماعة التي
تنشد التسابيح لمجد الله. ولكنّ تلك اللفظة قد اتخذت معنىً خاصاً بعد
المجمع المسكوني الخلقيدوني (453)، فأصبحت نعتاً للكنيسة التي قبلت قرارات
هذا المجمع وسارت على "رأيه القويم وعقيدته القويمة".


لذلك
كانت لفظتا "ارثوذكسية" و"كاثوليكية" مترادفتين تستعملان الواحدة بدل
الأخرى، وظلّتا تنسبان إلى الكنيستيين البيزنطية والرومانية معاً إلى ما
بعد المجمع النيقاوي الثاني (787). ولدى انقطاع الشركة بين بطريركية
القسطنطينية وبطريركية الغرب في القرن الحادي عشر، اختصت الكنيسة الغربية
بلفظة "كاثوليكية"، وانفردت الكنيسة الشرقية بلفظة "أرثوذكسية". إلاّ أنّ
كل واحدة منهما ادّعت ولا تزال تدّعي أنها في جوهرها "كاثوليكية
وأرثوذكسية معاً".



الكنيسة واحدة جامعة و"مقدّسة". فعلى
الرغم من خطايا أعضائها، تبقى الكنيسة مقدسة لأنها جسد المسيح وقد افتداها
وغسلها بدمه، ولأن الآب أحبّها وتبنّاها وأرسل إليها روحه القدوس ليمكث
فيها ويحييها.


والكنيسة أخيراً "رسولية" لأنها تأسست على إيمان الرسل وكرازتهم، ولأنها لا تزال تعلن هذا الايمان وتبشّر بتلك الكرازة.



ويختم النشيدَ بمجد ترنيمةٌ لمصير البشرية الاهي، أي للقيامة والحياة الأبدية: "ونترجّى قيامة الموتى والحياة في الدهر الآتي. آمين".



انه
لضلال وانحراف أن تهمل بعض الكنائس المسيحية في عصرنا ترتيل قانون
الايمان، ولا سيمَا في أثناء الليتورجيا الالهية، فتستبدله ببعض الترانيم
المستحدثة التي تعطي غذاءً عقلياً جافاً وينقصها الملء والأصالة.


لقد
فقد قانون الايمان النيقاوي فتنته ومجده في الأوساط المسيحية منذ أن جعل
منه المجمع التريدنتيني مجموعة عقائد وعبارات تفسّر براهين فلسفية في
"التعليم المسيحي" الذي وضعه. وهكذا غاب عن بالنا أن قانون الايمان لا
يعرض الايمان المسيحي في عبارات عقلية وعقائدية بل في شهادة حياتية تجعل
المسيحي يهتزّ حياةً وفرحاً ومجداً.


الايمان المسيحي يصلنا صلة
مباشرة بالحياة، بالمجازفة، بالمغامرة. انه لا يدخلنا في أمان العقل
وطمأنينته الهنيئة الزائفة، بل يرمي بنا في بحر اللانهاية، في عالم الله.


لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Waitloadinglp0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 3:08 pm


الإيمَان بالإله الواحِد


"نؤمن بإله واحد..."



أخذت
المسيحية عن اليهودية إيمانها بالإله الواحد، ثم أخذ الاسلام عن المسيحية
واليهودية معاً إيمانه بالإله الواحد. فالإيمان بالإله الواحد هو اذاً
عنصر مشترك بين هذه الديانات الثلاث. أما أن يقول بعض المسلمين عن
المسيحيين إنهم مشركون لأنهم يؤمنون بالثالوث الأقدس فهذا دليل جهل مطبق
للمبادئ الأولية في الديانة المسيحية، سنردّ عليه في الجزء الثاني من هذه
المقالات، في معرض حديثنا عن الروح القدس والثالوث الأقدس. نكتفي الآن
بالقول أن المسيحية هي من الديانات التي تؤمن بالإله الواحد. ماذا نعني
بذلك؟


1- أسماء الله في مختلف الحضارات


1- أسماء الله في مختلف الحضارات


إنّ
كلمة "إله" مشتقّة من كلمة "إيل" وهو الاسم الذي كانت جميع الديانات
الساميّة تدعو به آلهتها، ويعني "القوة والقدرة". أما كلمة "الله" فناتجة
من إدخال ال التعريف على كلمة إله، فأصبحت "الإله"، ثم من إدغام الألف في
وسط الكلمة باللام التي قبلها وتشديد اللام، فأصبحت "الله". فالله هو
الإله الأعظم بين سائر الآلهة، عند العرب قبل الاسلام. أما في اليهودية
والمسيحية والاسلام، فالله هو الإله الوحيد.


أسماء الله في
اللغات اليونانية واللاتينية (Deus) واللغات الاوروبية المشتقّة من
اللاتينية، كالفرنسية (Dieu) والايطالية (Dio) والاسبانية (Dios)، مشتقّة
من السنسكريتية وهي أقدم اللغات الهندية الأوروبية؛ ففي هذه اللغة "ديو"
تعني "النور". وحتى يومنا هذا كلمة "ديوا" تعني "المصباح الصغير" في بعض
اللغات الهندية.



أما أسماء الله في اللغة الانكليزية (God)
والالمانية (Gott) وسائر اللغات الجرمانية، فمشتقّة من كلمة "غوتو" التي
تعني في اللغات الهندية الاوروبية "الذي ندعوه أو نبتهل إليه".


في
العهد القديم استعمل الشعب اليهودي كلمتين للإشارة إلى الله، كلمة
"ايلوهيم" وهي اسم جمع أو تفخيم لكلمة "إيل" التي استعملتها مختلف الشعوب
الساميّة للدلالة على الله، وكلمة "يهوه" وهي مشتقّة من فعل "هيا" ويعني
في العبرية "كان".


فاسم "يهوه" يعني "الذي يكون". ونجد تفسيراً
لهذا الاسم في رواية ظهور الله لموسى في العلّيقة المحترقة على جبل سيناء.
فعندما سأل موسى الله عن اسمه أجابه "أكون الذي أكون"، ثم قال له: "كذا قل
لبني اسرائيل: أكون أرسلني إليكم" (خروج 3: 14). وفي الآية التالية يضيف
النص: "وقال الله لموسى ثانية: كذا قل لبني اسرائيل يهوه إله آبائكم إله
ابراهيم وإله اسحق وإله يعقوب بعثني إليكم. هذا اسمي إلى الدهر وهذا ذكري
إلى جيل فجيل".



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Waitloadinglp0
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 3:12 pm


2- من تعدّد الآلهة إلى الإله الواحد:


خبرة الشعب اليهودي في العهد القديم


نشأت
الديانة اليهودية وسط شعوب وحضارات كانت العقيدة السائدة فيها الايمان
بتعدّد الآلهة، كالبابلية والمصرية والفينيقية واليونانية. وقد توصّل
الشعب اليهودي إلى الايمان بوحدانية الله تدريجياً مع ابراهيم وسائر
الآباء وبشكل واضح ونهائي مع موسى. وتكرّس هذا الايمان في الوصية الأولى
من وصايا الله: "أنا يهوه (الرب) إلهك الذي أخرجك من أرض مصر من دار
العبودية. لا يكن لك آلهة أخرى تجاهي" (خروج 20: 2، 3).



أ- إله الحياة وإله الخلاص


لم
يكن وصول الشعب اليهودي الى الايمان بوحدانية الله نتيجة تفكير فلسفي في
ضرورة وجود كائن مطلق يملك كمال الكيان، كما توصّل إلى ذلك بعض فلاسفة
اليونان كأفلاطون وأرسطوطاليس، بل كان نتيجة خبرة حياتية عرفها الشعب في
تاريخه الطويل. فمع ابراهيم ظهر الله للشعب إله الوعد وإله الحياة. فبينما
كان ابرام بعد في حاران دعاه الله ووعده بأن يعطيه أرضاً جديدة ويجعل منه
أمّة كبيرة: "قال الرب لأبرام: انطلق من أرضك وعشيرتك وبيت أبيك الى الأرض
التي أريك، وأنا أجعلك أمّة كبيرة وأُباركك وأُعظِّم اسمك وتكون بركة"
(تكوين 12: 1، 2).



ومع موسى ظهر الله إله الخلاص الذي أخرج
شعبه من أرض العبودية إلى أرض الحرية: "كلَّمَ الله موسى وقال له: أنا
يهوه. أنا الذي تجلّيت لابراهيم واسحق ويعقوب إلهاً قادراً على كلّ شيء.

أما
اسمي يهوه فلم أُعلنه لهم. وأقمت معهم عهدي على أن أُعطيهم أرض كنعان أرض
غربتهم التي نزلوا بها. وأيضاً قد سمعت أنين بني اسرائيل الذين استعبدهم
المصريون، فذكرت عهدي.

لذلك قل لبني اسرائيل: أنا يهوه، لأخرجنّكم
من تحت أثقال المصريين وأُخلِّصكم من عبوديتكم، وأفديكم بذراع مبسوطة
وأحكام عظيمة، وأتّحذكم لي شعباً، وأكون لكم إلهاً، وتعلمون أني أنا يهوه
إلهكم، الخرج لكم من تحت أثقال المصريين. وسأُدخلكم الأرض التي رفعت يدي
مُقسماً أن أُعطيها لابراهيم واسحق ويعقوب، فأُعطيها لكم ميراثاً، أنا
يهوه" (خروج 6: 2- لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Icon_cool.



في
كلام الله هذا لموسى يأخذ اسم "يهوه" كل معناه. ان الله "يكون مع" شعبه
ليخلّصهم. فالله هو، في العهد القديم، إله الوعد والحياة والقدرة وإله
الخلاص والفداء.


وإيمان اليهود بالله، في العهد القديم، لم يكن
إيماناً نظرياً فلسفياً، بل كان إيماناً وجودياً عملياً بأنّ الإله الوحيد
الذي خلق السماوات والأرض قد اختارهم له شعباً وصنع معهم عهداً أبدياً،
وانه سيبقى معهم إله الحياة وإله الخلاص مهما انتابهم من محن ومصائب.


لذلك
في أثناء سبيهم في بابل نسمع أشعيا الثاني يعدهم بالخلاص: "هكذا قال الله،
يهوه، خالق السماوات وناشرها، باسط الأرض مع ما ينبت ما، الذي يعطي الشعب
عليها نسمة والسالكين فيها روحاً. أنا، يهوه، دعوتك لأجل البرّ وأخذت بيدك
وحفظتك وجعلتك عهداً للشعب ونوراً للأمم" (اشعيا 42: 5، 6).

"هكذا
قال يهوه، خالقك يا يعقوب وجابلك يا اسرائيل: لا تخف فانّي قد افتديتك
ودعوتك باسمي. انّك لي. اذا اجتزت في المياه فانّي معك، أو في الأنهار،
فلا تغمرك، واذا سلكت في النارفلا تُلذَع، ولا يلفحك اللهيب" (اشعيا 43:
1، 2).



ب- أُبوَّة الله

على هذا الإيمان
باختيار الله لشعبه بنى العهد القديم فكرة "أُبوَّة الله". نقرأ في تثنية
الاشتراع هذا النصّ الذي يعود إلى القرن السابع قبل المسيح: "أبهذا تكافئ
يهوه، أيها الشعب الأحمق الذي لا حكمة له؟ أليس انه هو أبوك الذي فطرك
وأبدعك؟" (تثنية 32: 6).


وقد أكّد الأنبياء على تلك الفكرة.
فالإله الوحيد هو أيضاً الأب الوحيد لشعبه. يقول النبي ملاخيا: "أليس أب
واحد لجميعنا؟ أليس إله واحد خلقنا؟" (ملاخيا 2: 10).


ويقول
النبي اشعيا مخاطباً الله في صلاته: "انك أنت، يهوه، أبونا وفادينا. منذ
الدهر اسمك... الآن، يهوه، أنت أبونا. نحن الطين وأنت جابلنا، ونحن جميعاً
عمل يديك" (اشعيا 63: 16؛ 64: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Icon_cool.
ويصف
هوشع أُبوَّة الله بتعابير مليئة بالعطف والحنان: "إذ كان اسرائيل صبياً
أحببته ومن مصر دعوت ابني... أنا درّجت افرائيم وحملتهم على ذراعيّ" (هوشع
11: 1- 3).


ان الإيمان بوحدانية الله، الذي نعدّه اليوم أمراً
طبيعياً، لم يصل إليه الحدود إلاّ من خلاله خبرة عاشوها على مدى تاريخهم.
وتلك الخبرة قد قادتهم إلى رفض تعدّد الآلهة وإلى الإيمان بوجود إله واحد
خلق الكون والبشر جميعاً واختار الشعب اليهودي ليصنع بواسطته عهداً مع
جميع أُمم الأرض وشعوبها.



ج- الإيمان بالإله الواحد في عصرنا الحاضر

لم
يبقَ اليوم أي مشكلة بالنسبة إلى الاعتقاد بتعدّد الآلهة. فجميع الذين
يؤمنون اليوم بالله يؤمنون بإله واحد. فالله هو كمال الكيان، ولا يمكن أن
يكون الكمال منقسماً بين اثنين. والله هو مبدأ الكون، ولا يمكن أن يكون
للكون مبدأان. فمن يؤمن بالله يؤمن بأن الخلائق كلها متعلّقة بكائن مطلق
كامل هو أصل جميع الكائنات ومبدأها وغايتها.


لذلك ينقسم الناس
اليوم، بالنسبة إلى الإيمان بالله، إلى فئتين: فئة تؤمن بوجود الله، وهم
المؤمنون، وفئة ترفض وجود أي إله، وهم الملحدون.


مَن مِن
الفئتين على حق ومَن منهما على ضلال؟ هل يستطيع المؤمن أن يبرهن للملحد
بالبراهين العقلية الجازمة انه على ضلال وان الله موجود؟ ومن جهة أخرى هل
يستطيع الملحد أن يبيّن للمؤمن بالبراهين العقلية الجازمة انه على ضلال،
وان لا وجود لأي إله؟




لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Waitloadinglp0


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 3:15 pm

3- البراهين على وجود الله أو السبُل إلى الله


هناك ثلاثة أنواع من البراهين لجأ إليها اللاهوت المسيحي عبر القرون لإثبات وجود الله، يمكن أن يكون كل منها سبيلاً للوصول إلى الله:


1- براهين ترتكز على وحي الله نفسه، إذ ترى أن العقل البشري لا يمكنه بقواه المجرّدة إثبات أي شيء أكيد عن الله.


2- براهين تنطلق من الطبيعة والعالم وترى أن العقل يستطيع من خلال الكون إثبات وجود الله.


3-
وبراهين وتنطلق من الانسان ومن شعوره الكياني بأن لحياته مبدأً وأساساً
وغاية ومعنى، وتظهر أنّ الله هو مبدأ حياته وأساسها وغايتها.



أ- البراهين التي ترتكز على وحي الله


يرى
بعض اللاهوتيين البروتستنتيين من أمثال كارل بارت ورودولف بولتمن ان
الانسان لا يمكنه معرفة الله إلا إذا أوحى الله له بذاته. وقد تمّ هذا
الوحي في الكتاب المقدّس الذي هو وحده كلام الله وفيه وحده يستطيع الانسان
أن يعرف الله معرفة حقيقية. وكل ما يقوله الانسان عن الله خارجاً عن وحي
الله لذاته في الكتاب المقدّس ليست سوى صورة مزيّفة للإله الحقيقي، لأنه
مجرّد انعكاس لرغبة الانسان في الارتفاع من واقع ضعفه وحدوده إلى المطلق
الأسمى.



ان الخوف من أن يؤلّه الانسان صورة رغباته البشرية
هو الذي حمل كارل بارت على رفض كل معرفة لله خارج الوحي. لا ريب في أن هذا
الخوف له ما يبرّره. غير أن الايمان بالله، وان ارتكز على الوحي، لا بدّ
له من الاستناد أيضاً إلى خبرة انسانية ومعرفة بشرية، وإلا أصبح افتراضاً
لا أساس له أو مجرّد وهم أو شريعة تفرض من الخارج ويحتّم على الانسان
القبول بها دون محاولة تفهّمها.



فالايمان لا يمكن أن يكون
إيماناً أعمى بل هو إيمان مسؤول. لذلك لا يفرض الايمان على الانسان من
فوق، بل يتّخذ كل مؤمن قرار الايمان انطلاقاً من خبرة شخصية متّصلة بواقع
حياته.


ب- البراهين التي تستند إلى الطبيعة والعالم والمخلوقات


يعتقد
اللاهوت الكاثوليكي التقليدي أن الانسان يستطيع التوصّل إلى معرفة الله من
خلال الكون والطبيعة وسائر المخلوقات. فالتأمّل بالمخلوقات وبما فيها من
جمال ونظام يمكن أن يقود إلى الاعتراف بوجود إله خالق خلقها ووضع ما فيها
من جمال ونظام.


ويرتكز اللاهوتيون الكاثوليكيون في تحليلهم على
البراهين الفلسفية لوجود الله التي وضع أُسسها أرسطوطاليس وأفلاطون،
وأدخلها القديس اغوسطينوس في اللاهوت، ثم نظّمها وتوسّع فيها القديس توما
الاكويني.


وقد عالج المجمع الفاتيكاني الأول (سنة 1870) هذا
الموضوع وأخذ بنظريّة توما الاكويني بعد أن أدخل عليها بعض التعديل.
فبينما يقول توما الاكويني إن العقل البشري يمكنه مبدئياً أن يبرهن عن
وجود الله، اكتفى المجمع بالقول إن الانسان يمكنه مبدئياً أن يعرف الله،
ويضيف أن هذه الامكانية المبدئية قد أصبحت واقعاً بفضل وحي الله.


وتبنّى
المجمع الفاتيكاني الثاني أيضاً هذا الموقف في "الدستور العقائدي في الوحي
الالهي" (سنة 1965)، الذي يعلن فيه "ان العقل البشري يستطيع بنوره الطبيعي
أن يعرف الله مبدأ كل شيء وغايته معرفة أكيدة، وذلك عن طريق المخلوقات".


ويستشهد
بما يقوله بولس الرسول في رسالته الى الرومانيين (1: 20) "ان صفات الله
غير المنظورة، ولا سيمَا قدرته الأزلية وأُلوهته، تبصر منذ خلق العالم،
مدركة بمخلوقاته". ثم يضيف المجمع: "إلا أنه من الواجب أن يُعزَى إلى
الوحي أن الأمور الإلهية التي ليست في حدّ ذاتها صعبة المنال على عقل
الانسان، يستطيع الجميع، حتى في ظروف الجنس البشري القائمة، أن يعرفوها
بسهولة، وأن يتيقّنوا منها يقيناً ثابتاً لا يخالطه غلط" (رقم 6).



ان
هذا الموقف، الذي دُعي باللاهوت الطبيعي، هو حلّ وسط بين موقف العقلانيين
الذين ينكرون الوحي ولا يرون في الايمان إلا عملاً عقلياً، وموقف الذين
يرفضون الارتكاز على أي معرفة عقلية لله ولا يرون في الايمان إلا
استسلاماً لله ولكلامه.


لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Waitloadinglp0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 3:17 pm


ويؤكد اللاهوت الطبيعي أن هناك نوعين من المعرفة: معرفة طبيعية ترتكز
على العقل البشري، ومعرفة فائقة الطبيعة ترتكز على الوحي والايمان.
فالمعرفة الطبيعية هي نقطة الانطلاق التي يوجد فيها الانسان عندما يسمع
كلام الوحي. عندئذٍ ينتقل من المعرفة العقلية إلى الايمان.



ان
السبيل إلى الله من خلال الكون والطبيعة والتفكير العقلي لا يزال يعتمده
الكثيرون من اللاهوتيين المعاصرين. إلا أن كثيرين غيرهم، وعددهم يزداد
يوماً بعد يوم، يرون أن البراهين العقلية عن وجود الله قد ضعفت قدرتها على
الاقناع، ولا سيمَا بعد ما أظهر الفيلسوف الالماني كانط حدود العقل البشري
وعدم قدرته على تأكيد أي شيء يخرج عن نطاق الطبيعة والخبرة الانسانية.
فالعقل لا يمكنه، في نظر كانط، أن يقدّم براهين جازمة عن وجود الله ولا عن
عدم وجوده.



لا شك أن كانط يصل إلى الايمان بوجود الله عن
طريق أخرى. فيقول إن تأكيد وجود الله هو من المسلّمات التي يفترضها
الانسان ويقبل بها انطلاقاً ما يشعر به في داخله من واجب يدفعه إلى عمل
الخير ومن رغبة في السعادة اللامتناهية مرتبطة بتتميم هذا الواجب. فالشعور
بالواجب غير ممكن إن لم يكن هناك إله يفرض هذا الواجب.

والرغبة في السعادة غير ممكنة إن لم يكن هناك إله يشبع تلك الرغبة ويكافئ بالسعادة الأبدية من يصنع الخير في حياته على الأرض.
غير
أن تلك المسلَّمات، كما يرى بعض اللاهوتيين المعاصرين، هي أيضاً بحاجة إلى
إثبات، ولا يمكنها بالتالي أن تقود إلى تأكيد وجود الله.



ج- السبيل إلى الله من خلال خبرة الانسان


* القلق الوجودي


ان
من ينظر إلى ما يختبره الانسان في واقع حياته يرى أن الانسان يعجز دوماً
عن تحقيق ما تصبو إليه نفسه، وأن هناك تبايناً مستمراً بين ما يريد أن
يكون وما هو عليه في الواقع. يريد كياناً مطلقاً ووجوداً خالداً ولا يختبر
إلا كياناً محدوداً ووجوداً مائتاً، يريد حياة مليئة بالقيم ولا يختبر إلا
الفراغ والعبث، يريد عمل الخير وراحة الضمير ويصطدم بالشرّ والشعور
بالذنب. ونتيجة لتلك الخبرة يساوره الخوف وينتابه القلق.


لقد
أوجز اللاهوتي الالماني "بول تيليخ" (1886- 1965) حالة الانسان هذه في
كتاب دعاه "الجرأة على الكيان"، ميَّزَ فيه ثلاثة أنواع من الخاطر تهدّد
كيان الانسان في

أبعاده الثلاثة:


- فالمصائب والموت تهدد الانسان في حياته ووجوده،
- والشعور بالفراغ والعبث يهدّدان كيانه الروحي،
- والشعور بالذنب والهلاك الأبدي يهدّدانه في كيانه الأدبي



وتكون
هذه المخاطر نسبية أو مطلقة وفقاً لما تحدثه من دمار في كيان الانسان:
فالمصائب والأمراض تهدّد حياة الانسان تهديداً نسبياً، أما الموت فيقضي
عليها نهائياً، والفراغ يهدّد كيان الانسان الروحي تهديداً نسبياً، وأما
العبث فيقضي عليه نهائياً؛ والشعور بالذنب يهدّد كيان الانسان الأدبي
تهديداً نسبياً، أما الهلاك الأبدي فيقضي عليه نهائياً.


والقلق الذي يعانيه الانسان ينتج ما يشعر به من خوف حيال تلك الخاطر. لذلك يكون هو أيضاً إما قلقاً نسبياً وإما قلقاً مطلقاً.



* السيطرة على القلق


بعد
هذا التحليل للوضع الانساني، يصف تيليخ كيف يتمكّن الانسان من السيطرة على
القلق. فيرى أن الانسان لا يمكن أن يبقى في الوجود رغم ما يهدّد كيانه من
مخاطر إلا إذا كانت له "الجرأة على الكيان". وتلك الجرأة يستمدّها الانسان
من مصادر ثلاثة: من المجتمع ومن ذاته ومن الله.


فالانسان يشعر
بأنه جزء في مجتمع يتفاعل معه فيعطيه ويأخذ منه ويجد فيه الراحة لنفسه
والمعنى لحياته. كما يشعر الانسان انه شخص له كرامته وهدف يسعى إليه وفيه
يحقّق ذاته. وبقدر ما يندمج الانسان في المجتمع ويحقّق فيه ذاته بقدر ذلك
يمكنه أن يتغلّب على ما يهدّد وجوده من مخاطر وما يعانيه في كيانه من قلق.


إلا
أن تلك الجرأة التي يستمدّها الانسان من المجتمع ومن ذاته لا تقوى على
السيطرة إلا على المخاطر النسبية التي تهدّد كيان الانسان في مختلف أبعاده
وعلى ما ينتج عن ذلك من قلق نسبي. فأي قوة يستطيع الانسان أن يجدها في
ذاته أو في المجتمع للسيطرة على القلق الذي يشعر به إزاء الموت والعبث
والهلاك الأبدي؟


في تلك الحالات القصوى، يقول تيليخ، لا يبقى
للانسان إلا ملجأ واحد يلجأ إليه، وهو الايمانُ بوجود حقيقة قصوى تفوق
الطبيعة وتسمو على الكون، والاعترافُ بوجود كائن مطلق يستطيع أن يرتمي في
أحضانه بثقة كاملة. وحده الايمان بالكائن المطلق يمكّن الانسان من التغلّب
على القلق المطلق الذي يعانيه حيال المخاطر التي تهدّد كيانه تهديداً
مطلقاً في مختلف أبعاده.


لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Waitloadinglp0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 3:19 pm


* التغرّب والضياع


ان هذا القلق الوجودي العميق، إن لم يتمكّن الانسان من السيطرة عليه، لا بدّ من أن يقوده إلى التغرّب. والضياع.


التغرّب
والضياع كلمتان لمفهوم واحد تردان كثيراً في الفلسفة المعاصرة للتعبير عن
حالة الانسان الذي يعيش غريباً عن نفسه وعن الآخرين، ضائعاً في عالم وُجد
فيه دون أن يعرف من أين أتى وإلى أين هو ذاهب.


يقول شارل مالك في وصف تغرّب الانسان:

"غريب
هو الكائن الانسان -غريب في امتلائه سراً وغرابة، وغريب هو في كونه
متغرّباً- غريب متغرّب. وسرّ أسراره يكمن في ذلك التغرّب إياه. لذلك نسأل:
متغرّب عن ماذا؟ متغرّب عن مَن؟ ونجيب انه متغرّب عن شيء كانه أو بإمكانه
أن يكونه، لكنه، وهو في حالة التغرّب هذه، يكون دون ذلك الشيء أو بعيداً
عنه، وحنينه الأخير هو في الرجوع إليه.


فغرابة الانسان، إذن،
هي في كونه متغرّباً عن شيء يحنّ للرجوع إليه. كلّنا غرباء. أنا أعرف
تماماً أيّ غريب، وأزعم، أيها القارئ، أنك أنت أيضاً غريب. غرابتك انك
طافح بالأسرار التي أجهل، بل، والتي تجهل أنت أيضاً. وهذا هو الأغرب.
غرابتك انك تجيش بالمهام التي لست واثقاً منها أنت نفسك. انك مثلي، تتلمّس
أسرارك ومعنى حياتك كلها في هذا التلمّس.


ان سرّك الدفين هو
أنك تريد، مثلي، إنهاء تغرّبك والعودة إلى كيانك، وتفتّش، مثلي، عن طريق
العودة. متى نعود؟ وكيف نعود؟ وإلى أين بالذات؟ وإلى مَن؟ ثم هل نستطيع
العودة؟ أم انه قُضي علينا بالتغرّب طيلة العمر؟ وهل من طبيعة كياننا أن
نبقى غرباء، نعاني حسرات الغربة؟ تلك هي الأسئلة الأخيرة الحاسمة... "


التغرّب
اذاً هو حالة الانسان العائش غريباً عن غاية وجوده، بعيداً عن معنى حياته.
ولن يستطيع إنهاء تغرّبه والعودة إلى كيانه ما لم يجد غاية وجوده ومعنى
حياته. كيف السبيل إلى ذلك؟



* اكتشاف القيمة القصوى


في
وجود كل انسان قيم متعدّدة يسعى إلى تحقيقها لأنه يرى في ذلك تحقيقاً
لذاته. وتختلف هذه القيم باختلاف الحاجات والرغبات والأطباع والأميال.
فهناك حاجات بيولوجية لا بدّ من إشباعها كالحاجة إلى الطعام والكسوة
والمسكن، وهناك حاجات فكرية كالحاجة الى المعرفة والجمال؛ وهناك حاجات
اجتماعية كالحاجة إلى عائلة ومجتمع ووطن.


ويختلف البحث عن تلك
القيم باختلاف أهميتها. فمن القيم ما هو أساسي في حياة الانسان ومنها ما
هو ثانوي. وفي الواقع لكل إنسان سُلَّم من القيم يبنيه هو نفسه، وفي أعلى
هذا السُلَّم يضع قيمة أساسية قصوى، كالحب، والصداقة، والمال، والشرف،
والسلطة، والمكانة الاجتماعية، والحزب، والوطن، الخ...


وهذه
القيمة القصوى هي التي تعطي معنى لوجود الانسان وتساعده على تحمّل صعوبات
الحياة والتغلّب على ما يعانيه من حيرة وقلق. لذلك يوجّه إليها كل قواه،
ولا ينظر إلى الحياة إلا من خلالها، ولا يبحث عن سائر القيم إلا بقدر ما
تتيح له تحقيق تلك القيمة القصوى، لأنه يرى في تحقيقها تحقيقاً لذاته، وفي
فقدانها فقداناً وضياعاً لذاته، فهي محور نظرته الى الكون والواقع، ومركز
ائتلاف كيانه وشخصيته.



معظم الناس يختارون لذواتهم قيمة قصوى يسعون لتحقيقها في حياتهم، ولكن المهم في الأمر ليس الاختيار بل حسن الاختيار.


ومشكلة
الانسان الكبرى، التي هي في أساس تغرّبه، هو انه، في معظم الأحيان، يخطئ
في اختياره. يختار لنفسه قيمة قصوى من بين هذه الأمور التي تشبع رغباته
الوقتية وحاجاته الزمنية، ولكنها لا تقوى على إشباع رغبته في المطلق وعطشه
وإلى اللامتناهي، ولا تستطيع من ثَمَّ إزالة الخاطر المطلقة التي تهدّد
الانسان في عمق كيانه: خطر الموت وخطر العبث وخطر الهلاك الأبدي. لذلك ان
اكتفى بها الانسان ووضع فيها رجاءه الأخير، لا بدّ له من الشعور بخيبة
الأمل وبالتغرّب عن غاية وجوده ومعنى حياته.



ان الأمر
الوحيد الذي يستطيع أن يكون الغاية القصوى الحقيقية للانسان يجب أن يصحّ
فيه ما يقوله أيضاً شارل مالك عن الحقيقة: "انه شيء موجود، شيء حقيقي ثابت
وأكيد، لا غشّ فيه ولا زيف، شيء لا يخدع ولا يغالط، وهو، على بعده وخفيته،
شيء متاح،

ممكن الأخذ والمنال، شيء يرتاح إليه العقل ويطمئنّ
تماماً، بل ليس في مقدور العقل أن يشكّ فيه، أو يتساءل عنه، أو يدور حوله،
انه شيء يقنع ويشبع، شيء مضبوط لا عطب في أيّ من جوانبه كافة، يملأ النفس،
فتطمئنّ إليه، وتجد فيه سعادتها، شيء باقٍ أركن إليه بسلام،

وهو
حين أجده أقول انه كان موجوداً منذ الأزل وهو الذي كنت أبحث عنه طيلة
حياتي؛ شيء يغنيني عن أيّ شيء آخر إن أنا وجدته ومكثت فيه؛ شيء مباح عمومي
بمقدار ما هو خصوصي أمتلكه شخصياً،

شيء إن أنا حزته واعتنقته
تمكّنت من شرحه ونقله إلى غيري، وتمكّن غيري من حيازته واعتناقه هو أيضاً،
دون أن ينتقص مثقال ذرّة من حيازتي له واعتناقي إياه، شيء بقدر ما أشرحه
وأكونه وأشهد له، وأشرك فيه غيري، بقدر ما يزداد فيّ تمكّناً ووثوقاً".
ولكن هل من سبيل للتأكد من وجود هذا الكائن المطلق؟


لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Waitloadinglp0
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 3:22 pm

4- بين الإلحاد والإيمان


أ- الإيمان والإلحاد كلاهما ممكن


لا
بدّ لنا من الإقرار أولاً اننا لا نستطيع أن نثبت بالبراهين العقلية
الجازمة التي لا تقبل الشك لوضوحها وصفائها وجود هذا الكائن المطلق وتلك
الحقيقة القصوى. فكثافة الجسد الذي نحن فيه وكثافة المادة التي تكتنفنا
تحولان دون ظهور هذا الكائن ظهوراً جلياً. لذلك يستحيل علينا إقناع
الملحدين بالبراهين العقلية أنّ إلحادهم خاطئ.


ولكن من جهة
أخرى لا بدّ للملحدين من الإقرار بأنهم هم أيضاً لا يستطيعون أن يبرهنوا
بالبراهين العقلية الجازمة التي لا تقبل الشكّ ان هذا الكائن المطلق الذي
نؤمن بوجوده هو وهمٌ محض وصنع خيال.


فمن الناحية المبدئية اذاً
الايمان ممكن والالحاد ممكن، وكلاهما لا يرتكز على براهين عقلية. انهما
موقفان يختارهما الانسان انطلاقاً من نظرة أساسية شاملة إلى الكون والحياة
فالايمان يرتكز على نظرة إيجابية، نظرة ثقة بالكون والحياة، بينما يرتكز
الإلحاد على نظرة سلبية، نظرة شكّ وتشاؤم بالكون والحياة.




ب- الإيمان والإلحاد موقفان من الحياة


المؤمن
يرى ان للحياة مبدأ ومعنى وغاية، وان الله هو مبدأ الكائنات ومعناها
وغايتها. لذلك يستطيع ان يتغلّب على ما يشعر به من قلق. فالموت لن يعود في
نظره نهاية كل شيء بل دخول في حياة الله؛ والحياة لن تعود فراغاً وعبثاً،
بل اشتراك مع الله في متابعة خلق العالم؛ والخطيئة لن تقوده إلى اليأس
والخوف من الهلاك الأبدي، بل تحمله على الرجاء برحمة الله اللامتناهية.


وهكذا يجد في الله الحلّ الله الذي ينشده للخروج من قلقه والسيطرة على تناقضات حياته والعيش في أمان وسلام.



اما
الملحد فبرفضه الله يرفض أن يكون للحياة مبدأ دائم ومعنى مطلق وغاية
أخيرة. فهو يكتفي بأن يحيا في النسبي من الأمور. وإن رأى في الكون ما
يبرّر الحياة ويجعلها حلوة في نظره، فلن يتمكّن من حلّ مجمل ألغازها
والإجابة على التساؤلات القصوى التي لا بدّ له من طرحها يوماً في ميادين
المعرفة والعمل والرجاء:



- ماذا نستطيع أن نعرف؟ لمَ الحياة ولمَ الكون؟ من أين يأتي الانسان؟ وإلى أين هو ذاهب؟ ولمَ هذا العالم؟


-
ماذا يجب علينا أن نعمل؟ لماذا نحن مسؤولون وأمام مَن؟ ما هو المصير الذي
يجب أن يتوق إليه الانسان؟ وما هو المصير الذي يجب أن يجتنبه؟ ما الذي
يقرّر مصير الانسان؟ وما معنى الأمانة والصداقة؟ لماذا العذاب؟ لماذا
الخطيئة؟


- ماذا يمكننا أن نرجو؟ ما هي غاية وجودنا؟ ماذا
سيحدث للكون؟ ما هو مصيرنا: الموت النهائي الذي سوف يقضي على كل شيء؟ ما
الذي يحملنا على البقاء بجرأة على قيد الحياة؟ وما الذي يحملنا أيضاً على
قبول الموت بجرأة؟


إن تلك الأسئلة تهمّ الناس جميعاً:

الجهّال
والحكماء، الضعفاء والأقوياء، المرضى والأصحّاء، المائتين والأحياء. في
وسط كل ما هو معرَّض للتحوّل والتغيُّر والزوال والفناء، هل من حقيقة
ثابتة تسند الكون وتسند الانسان وتمنعه من الانقياد إلى اليأس؟ لا جواب
لأي من تلك الأسئلة عند الملحدين.



فالملحد لا يرى إلا ما
تقع عليه حواسه، ولا يقبل إلا ما يدركه عقله إدراكاً مباشراً. ولكنه برفضه
الانفتاح على ما يتجاوز العقل والحواس، يحصر الانسان في حدود ضيقة هو مدعو
الى تجاوزها، ويغلق على العقل في آفاق قصيرة المدى هو مدعو الى الذهاب
أبعد منها. وبذلك يجرم الى الانسان والى العقل الانساني ويبقيهما في حيرة
وخوف وقلق.



يرى الملحد أن المادة. أصل كل شيء وكل فكر وكل
روح؛ انها أزلية لا شيء قبلها ولا كائن آخر أوجدها. أما المؤمن فيرى ان
المادة، إن لم يكن هناك روح يحرّكها، لا يمكن أن يخرج منها الروح. ويرى ان
الانسان، ذاك الكائن الضعيف المعرّض للموت، لا يمكن أن يكون هو أصل كيانه،
إذ لا يملك في ذاته ما يجعله يكتفي بذاته. الانسان متعلِّق بالكائن الأسمى
المطلق الذي يملك كل شيء وهو أصل كل شيء وغاية كل شيء.



الملحد
يعدّ الانسان "كائناً خُلِقَ ليموت" بعد فترة من الوقت يقضيها على الأرض.
أما المؤمن فيعدّ الانسان "كائناً خُلِقَ ليحيا" مع الله إلى الأبد.
الملحد يعيش دون رجاء، أما المؤمن فيحيا في الرجاء.
الملحد والمؤمن
كلاهما يختبر ضعف الانسان وحدود كيانه في المرض والألم والشقاء والموت.
ولكن بينما يغلق الملحد على ذاته في تلك الخبرة ويضيع فيها كيانه،
يتجاوزها المؤمن ليرى فيها دعوة الى الاتحاد بمن لا حدود لكيانه ولا نهاية
لحياته.



إن لم نتمكّن من إثبات وجود الله بالبراهين
العقلية الجازمة، فإننا نستطيع أن نظهر أن إيماننا لا يناقض العقل، بل،
على العكس من ذلك، يجيب على تساؤلاته وقلقه وتطلباته أكثر من الإلحاد.
لا
يدّعي اليوم المؤمنون أنهم يستطيعون إقناع الملحدين بالبراهين العقلية.
حسابهم أن يشهدوا على ما يؤمنون به وعلى ما يختبرونه في إيمانهم.


لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Waitloadinglp0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 3:24 pm

- خبرة الإيمان


أ- الإيمان والتغرّب


ليس الإيمان
اعتناقاً لبعض المبادئ النظرية أو قبولاً لبعض العقائد الموضوعية البعيدة
عن حياة الانسان. إنما الإيمان خبرة حياتية تشمل نظرة الانسان إلى الكون
بأسره وإلى وجوده في هذا الكون.


وتلك الخبرة هي الناحية
الإيجابية لما يختبره الانسان سلبياً في التغرّب. فبالايمان يدرك الانسان
أن ما يشعر به من تغرّب ليس سوى غشاء يحجب الحقيقة الأخيرة، وانه بامكانه
الاتحاد بتلك الحقيقة، وإنْ من خلال الغشاء الذي يحجبها. بالايمان يدرك
الانسان ان ما يبحث عنه ليس مجرد سراب ووهم خيال، بل هو كائن حقيقي، هو
الكيان بالذات، أصل كل الكائنات ومبدأها وغايتها، هو الموجود الأول الذي
لولاه ما وُجد شيء.



ومن خلال وجود هذا الكائن المطلق ينظر
المؤمن إلى الكون وإلى نفسه. فلا يغدو الكون عمل الصدفة أو السحر، بل عمل
مبدع خالق منظّم أبدع الكون من لا شيء وخلق الانسان من العدم ودعاه إلى
مشاركته في تنظيم الخلق وإلى متابعة عمل الخلق.



بموجب تلك
النظرة الإيمانية يرى المؤمن في معطيات الكون والواقع والعالم والتاريخ
نعماً أُعطيت له من قبل الله لتحقيق ذاته ونموّ كيانه. لا يتعامى المؤمن
عن النواحي السلبية والجوانب الشاقة التي لا بدّ لكل كائن بشري من أن
يصطدم بها في الكون.


إنما لا يتوقف عندها ولا يبقى أسيرها، بل
يرى في وجودها دعوة إلى تجاوزها وتحقيق حريته أن خلالها. فيدرك من جهة انه
مرتبط بالكون وبالآخرين وبالله بعلائق لا يستطيع أن يحيا من دونها، ويعرف
من جهة أخرى انه حر، غير انه لا يحسب حريته قائمة على رفض تلك العلائق، بل
بالأحرى على تحويلها إلى علائق تكامل وصلات محبة.



ب- أبعاد الإيمان


هكذا
يبدو الإيمان نظرة إلى الكون وموقفاً من الحياة يتيحان للانسان اكتشاف عمق
الأشياء وأصلها ومستقبلها في نظرة شاملة تحيط بكل أبعاد الواقع.


* نظرة إلى عمق الأشياء


لا
يتوقف المؤمن عند القشرة من الأشياء بل ينفذ إلى لبّها وجوهرها، لا يكتفي
بالنظر إلى سطحيات الأمور، بل يسبر غورها وعمق معناها. من خلال ما يُرى
يكتشف ما لا يُرى، من خلال الرمز يكتشف المعنى.


فكما ان
الانسان يرى في ابتسامة أوفي باقة ورد تُهدى له علامة صداقة، هكذا في جمال
الخلائق يرى جمال الخالق، وفي الكون والحياة يشاهد وجه الكائن والإله الحي
الذي خلق الانسان ليشركه في كيانه ويملأه من حياته.


تلك النظرة
إلى عمق الأشياء توصل الانسان إلى اكتشاف أساسها الراسخ الثابت الأمين،
وبالتالي إلى اكتشاف قيمتها. فهي ليست نتيجة الصدفة بل عمل الله الذي
خلقها ليحقّق الانسان ذاته من خلالها.


تلك النظرة إلى عمق الأشياء من شأنها مساعدة الانسان في محاولته السيطرة على ما يشعر به من حيرة وقلق وتغرّب وضياع.



* نظرة إلى أصل الأشياء


في
حياتنا اليومية تتبادر دوماً إلى أذهاننا أسئلة عن أصل الأشياء وأصل
الانسان: مَن صنع هذا الشيء وما هو مصنوع؟ من أين أتى هذا الانسان؟ مَن هم
ذووه؟ أين وُلد وأين تعلَّم؟ من خلال ماضي الانسان نحاول أن نكتشف حاضره.
وللتعمّق في معرفة ذواتنا نحاول أن نتذكّر نحن أيضاً تاريخنا الماضي
وحياتنا السالفة.


لا يكتفي الايمان بتلك العودة في الزمن إلى
ماضي الأشياء وماضي الانسان، بل يحاول اكتشاف الأصل اللازمني لجميع
الكائنات، أي علّة وجودها ومبدأ كيانها.


كل انسان يختبر حدود
وجوده في المكان والزمان، ولا سيمَا في أوقات الضيق والمرض والضعف والموت.
من خلال تلك الخبرة يكتشف المؤمن أن الكائن المحدود لا يمكن أن يكون هو
أصل ذاته. عندئذٍ ينفتح الكائن المطلق ويرى فيه أصل كل كيان وكل وجود.
ويدرك إذّاك ان حياته هي نعمة أُعطيت له من قبل الله.


هذا ما
تؤمن به مختلف الديانات وتعبّرعنه في عقيدة الخلق. وتلك العقيدة ليست
نظرية علميّة تهدف إلى تفسير الطريقة التي خلق الله بها الكون، بل تعبير
عن إيمان الانسان بعلاقته بالله أصل كيانه وعلّة وجوده.



* نظرة إلى مستقبل الأشياء


الايمان
بأن الله هو خالق الكون لا يقتصر على الزمن الماضي. فالخلق عمل دائم، لأن
العلاقة بين الله والكون هي علاقة دائمة. لذلك لا يكتفي المؤمن بالنظر إلى
الماضي والحاضر، بل يتجاوزهما إلى المستقبل. وفي كل نقص يختبره في الحاضر
يرى دعوة من الله للعمل في سبيل بناء مستقبل يحقّق فيه كل انسان ما تصبو
إليه انسانيته.


فالايمان هو إذاً نظرة إلى الكون والانسان كما
يريدهما الله أن يكونا، وفي آن معاً التزام للإسهام مع الله في تحقيق
تصميمه وإرادته في الكون والانسان.


استناداً إلى هذا الالتزام
الذي هو من صميم الايمان، ندرك أن الايمان ليس من مخلَّفات العصور
السابقة، كما يدّعي الملحدون، بل هو أساس لبناء المستقبل. انه الركيزة
الثابتة التي يستطيع الانسان أن يعتمد عليها للحفاظ على تفاؤله بانتصار
الخير على جميع قوى الشر المعادية، وللثبات في جهاده لبناء أرض تسود فيها
المحبة ويسود السلام.

فالمؤمن موقن انه لا يعمل وحده، يل يعمل مع
الله الساكن فيه، وانه بقوة الله يستطيع أن يحقّق ما لا يستطيع الانسان
تحقيقه وحده. فاذا كان هذا العمل مستحيلاً عند الناس، "فعند الله كل شيء
ممكن" (متى 19: 26).



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Waitloadinglp0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 3:26 pm


* نظرة شاملة إلى الكون والحياة


والايمان هو أخيراً نظرة
شاملة إلى الكون والحياة. لا ريب في أن الخبرة البشرية، بسبب حدود الانسان
وحدود معرفته، هي دوماً خبرة جزئية. أي ان الانسان لا يمكنه أن يختبر
الواقع كلّه. إنما كل حدث فردي من أحداث الواقع يمكن أن يحيلنا إلى الكل.
لذلك لا يغلق المؤمن على ذاته ضمن ما يجري في حياته من أحداث فردية، بل
يضعها دوماً في إطار نظرة شاملة لحياته ومصيره.


فإزاء موت قريب
له أو صديق، وما يسبّبه له هذا الحدث المفجع من حزن وألم، يتساءل المؤمن
ليس عن نهاية حياة هذا الانسان وحسب، بل عن نهاية حياته هو ونهاية حياة كل
انسان. من خلال تلك الخبرة يدرك أن الانسان لم يخلق فقط لبضع سنوات يقضيها
على هذه الأرض، بل خُلق للحياة الدائمة مع الله. عندئذٍ لا يعود الموت في
نظره نهاية كل شيء بل مروراً إلى حياة الله.


ج- الإيمان بالله هو الإيمان بالمحبة


لا
شك في أن تلك النظرة لن تزيل من حياته كل ألم. فالفواجع التي تنتابه
والمصائب التي تلمّ به تبقى أحداثاً لا يمكنه كإنسان إلا أن يشعر بمرارتها
وقسوتها. ولكنه يؤمن ان الله أعظم منها، وان محبة الله له أقوى من الموت
وأقوى من كل ما يمكن أن يحدث له.


عندما أراد يوحنا الانجيلي
التعريف بالله لم يلجأ إلى تعبير فلسفيّ نظريّ، بل قال: "ان الله محبة.
فمن ثبت في المحبة ثبت في الله وثبت الله فيه" (1 يو 4: 16). وفي تعريفه
بالمحبة يقول: "على هذا تقوم المحبة: لا أنّا نحن أحببنا الله، بل هو نفسه
أحبَّنا وأرسل ابنه كفّارة عن خطايانا" (1 يو 4: 10). لقد عرّفنا يوحنا
بالله من خلال علاقة الله بالبشر. وتلك العلاقة هي علاقة محبة.


ويجد هذا التعريف بالله صدى في قول جبران خليل جبران: "أما أنت إذا أحببت فلا تقل: الله في قلبي، لكن قل: أنا في قلب الله".


هذا
هو موقف المؤمن الحقيقي إزاء الحياة والكون وكل ما يمكن أن يحدث له في
اليسر والضيق، في الفرح والحزن، في السعادة والشقاء، في الحياة والموت،
يؤمن انه ليس وحيداً في هذا الكون ولا غريباً في هذه الحياة. فالله قد
أحبّه واختاره وقبله.


انه في قلب الله إلى الأبد.
تلك هي البشرى الصالحة التي بشّرنا بها يسوع المسيح في كلامه عن الله، وفي حياته كلها وموته وقيامته.
كيف ظهر لنا الله في شخص يسوع المسيح؟


لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Waitloadinglp0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 3:56 pm

الفصل الثانى
=========

الله الآب في العَهْد الجَديد


"نؤمن بإلهٍ واحدٍ آبٍ ضابطِ الكل..."


"الله لم يره أحد قط، الإله، الإبن الوحيد الذي في حضن الآب هو نفسه قد أخبر" (يو 1: 18).
ان
الإله الذي يتوق كل إنسان إلى معرفته والذي ظهر للأنبياء في العهد القديم،
قد ظهر لنا في ملء الأزمنة في شخص ابنه يسوع المسيح. وقد رسمت لنا
الأناجيل المقدسة، في لوحات رائعة، صورة الله كما تجلَّت من خلال تعاليم
يسوع وأعماله وموته وقيامته، ونجد في تلك الصورة خطوطاً اعتدناها في العهد
القديم وخطوطاً جديدة برزت لنا في المسيح.



1- الإله الوحيد


فعلى
غرار العهد القديم، يبدو لنا اللهُ في العهد الجديد الإلهَ الوحيد الذي له
وحده يجب السجود والعبادة، والإله القريب من الانسان، الذي يعتني بجميع
الناس ويدعوهم إلى دخول ملكوته.
فعندما يتكلم يسوع عن الله لا يبشّر
بإله جديد، بل بالإله الوحيد الذي ظهر في العهد القديم لابراهيم واسحق
ويعقوب وموسى وسائر الأنبياء. وقد سأل يوماً أحد الكتبة يسوع عن أولى
الوصايا، فأجابه يسوع مردّداً كنت العهد القديم: "أُولى الوصايا هي: اسمع
يا اسرائيل: الرب إلهنا هو الرب الوحيد. فأحبب الرب إلهك بكل قلبك وكل
نفسك وكل ذهنك وكل قوّتك" (مر 12: 29، 30؛ راجع تثنية الاشتراع 6: 4، 5).



وللتعريف
بهذا الإله لا يلجأ يسوع إلى لغة فلسفية وتعابير نظرية تصف الله في ذاته،
بل يستخدم، على مثال أنبياء العهد القديم، لغة حياتية وتعابير واقعية
وأمثالاً شعبيّة لا تعرّف بالله في ذاته بقدر ما تعرّف به في علاقته
بالعالم والانسان. فيبدو الله، في تعاليم يسوع، قريباً من العالم
والانسان، على خلاف آلهة الفلاسفة الأقدمين.



فالله، عند
أفلاطون، هو الفكرة المطلقة المجرِّدة للخير، وهو بعيد كل البعد عن هذا
العالم، عالم الظواهر الحسية والمادة الفاسدة. وينتج من تلك النظرة إلى
الله موقف عداء للمادة ورذل للجسد.
والله، عند أرسطوطاليس، وان كان قد
أبدع الكون، إلا أنه يحيا منذ الأزل بعيداً عن الكون. فهو العقل الذي يعقل
ذاتَه ولا يبالي بالعالم: لا علاقة له بشؤون البشر، فلا يعتني بهم ولا
يطلب منهم شيئاً.
والله، عند أفلوطين، هو الواحد المنفصل عن الكون،
الذي منه انبثق عالم المادة. إلا أن العالم، بانبثاقه من الواحد، سقط في
فساد الكثرة والتعدّدية. لذلك، بينما الإله الواحد هو إله الخير، لا يرى
أفلوطين في المادة إلا الشر والفساد. ويتحتّم من ثم على الانسان الذي يريد
الوصول إلى الله أن يبتعد عن المادة ويتحرّر منها.



2- الإله القريب من الانسان


هذا
التناقض بين الله والكون لا وجود له في العهد القديم ولا في تعليم يسوع.
فالله، منذ العهد القديم، هو الذي خلق الكون والمادة وخلق الانسان روحاً
وجسداً، "ورأى ذلك كله انه حسن". وبعد أن خلق الكون والانسان لم يتخلَّ
عنهما بل بقي ملتزماً ما خلق. فهو سيّد التاريخ وسيّد الانسان، وهو الذي
يقود البشرية جمعاء إلى الخلاص. وقد أعلن للانسان مشيئته القدوسة في ما
رسم له من أحكام ووصايا، وطلب منه الطاعة لأحكامه والأمانة لوصاياه. ومهما
ابتعد الانسان عن الله، يبقى الله قريباً من الانسان يخاطبه ويذكّره بعهده
ووصاياه، تارة في كلام الأنبياء وطوراً من خلاله أحداث التاريخ، يلاطفه
مرّة ويداعبه، ويؤنّبه مرّة ويقاصّه.



هذا الإله يصوّره لنا
الكتاب المقدّس منذ سفر التكوين في ملامح بشرية. فنراه يتكلم ويأمر ويَعِد
ويهدّد ويقاصّ ويسامح ويتطلّب ويغار ويغضب ويندم، يشعر بالفرح والحزن،
بالمحبة والكره. لا تعني تلك التصاوير البشرية أن الله هو على مثال
الانسان في تقلُّب عواطفه وتغيّر طبعه ومزاجه. فالقصد منها إظهار قرب الله
من الانسان وعنايته الدائمة به وغيرته المستمرة عليه.



فالله
ليس كائناً مبهماً ولا حقيقة مجرّدة. وليس هو بالفراغ المظلم الذي لا يمكن
التعريف به ولا الهاوية التي لا يمكن تحديدها. الله في تعليم يسوع، كما في
العهد القديم، يظهر لنا كائناً شخصياً يمكن التحدّث إليه، وكائناً حياً
أعطى الحياة للإنسان، وكائناً محباً يعتني بالبشر كما يعتني الأب بأبنائه.
وهذا الكائن الشخصي الحي المحب هو الذي أخذ المبادرة وأوحى بنفسه إلى
الانسان داعياً إياه إلى أن ينشى معه علاقات شخصيّة وحيّة، وعلاقات محبة.



فالله
هو الذي يقترب من الانسان ويريد أن يقترب منه الانسان بثقة ومحبة فيخاطبه
ويتحدث إليه في الصلاة داعياً شاكراً ساجداً مبتهلاً. ومن خلال تلك
العلاقات يريد الله من الانسان أن يزيل من نفسه كل خوف وقلق يمكنه أن يشعر
بهما في هذا العالم، ويثق بالله ثقة الصديق بصديقه ويحبه محبة الابن لأبيه.



لذلك
لا نجد لا في العهد القديم ولا في تعاليم يسوع براهين فلسفية عن وجود
الله. فيسوع لا ينطلق من الكون والانسان ليبرهن من خلالهما عن وجود الله.
إلاّ أنه عندما يتكلم عن الكون والانسان يظهرهما دوماً مرتبطين بكائن آخر
هو مبدأ كيانهما وثبات وجودهما. لا يرى يسوع العالم إلا في نور الله، فاذا
به عالم حسن يستطيع الانسان، دون خوف وقلق، أن يحقّق فيه ذاته ويصل من
خلاله إلى سعادته وغاية وجوده.



وهكذا يظهر وجود الله في
تعليم يسوع جواباً ليس على رفض الملحدين ولا على فضولية علمية تحاول تقصّي
أسرار الكون، بل على حاجة وجودية كامنة في أعماق كيان الانسان.
فالله،
في نظر يسوع، لا يهمل الناس بل يعتني بهم جميعاً كما يعتني بطيور السماء
وزنابق الحقل. لذلك يجب على الانسان ألاّ يعيش في الخوف والقلق والاضطراب.
وهذا معنى عدم الاهتمام المفرط بأمور الحياة الذي يطلبه يسوع بقوله:

"لا
تهتموا لأنفسكم بما تأكلون، ولا لأجسادكم بما تلبسون. أليست النفس أفضل من
الطعام، والجسد أعظم من اللباس؟ انظروا إلى طيور السماء، فإنها لا تزرع
ولا تحصد، ولا تجمع إلى الأهراء، وأبوكم السماوي يقوتها؛ أفلستم أنتم أفضل
منها بكثير؟ مَن منكم يستطيع، مع الجهد، أن يزيد على عمره ذراعاً واحدة؟
ولماذا تقلقون بشأن اللباس؟


تأمّلوا زنابق الحقل كيف تنمو،
إنها لا تتعب ولا تغزل؛ وأنا أقول لكم: ان سليمَان نفسه، في كل مجده، لم
يلبس كواحدة منها. فاذا كان عشب الحقل، الذي يكون اليوم، ويُطرَح في
التنّور غداً، يلبسه الله هكذا، فكم بالأحرى يلبسكم أنتم، يا قليلي
الايمان؟ فلا تقلقوا إذن قائلين: ماذا نأكل؟ أو: ماذا نشرب؟ أو: ماذا
نلبس؟ فهذا كله يطلبه الوثنيون، وأبوكم السماوي عالم بأنكم تحتاجون إلى
هذا كله. بل اطلبوا أولاً ملكوت الله وبرّه، وهذا كلّه يُزاد لكم".
(متى 6: 25- 34)

وهذا ما يعنيه يسوع أيضاً في مَثَل القاضي الجائر الذي كانت تأتي إليه أرملة قائلة: أنصفني من خصمي.


"فامتنع
زماناً طويلاً، ثم قال في نفسه: اني وإن كنت لا أتّقي الله، ولا أرعى
للناس حرمة، أنصف هذه المرأة بما أنها تبرمني، لئلا تعود، على غير نهاية
وتوجع رأسي". ثم قال الرب: "اسمعوا ما يقول القاضي الجائر! والله، ترى،
أفلا ينصف مختاريه الذين يصرخون إليه نهاراً وليلاً؟ وهل يتوانى عنهم؟
أقول لكم: انه ينصفهم سريعاً".
(لوقا 18: 4- لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Icon_cool


ويشبّه يسوع الله بالأب الذي يعرف أن يعطي العطايا الصالحة لأولاده:

"إسألوا
فتعطوا، اطلبوا فتجدوا، إقرعوا فيفتح لكم. فإن كلّ من يسأل يُعطى، ومن
يطلب يجد، ومن يقرع يُفتح له. أي إنسان منكم يسأله ابنه خبزاً فيعطيه
حجراً؟ أو يسأله سمكة فيعطيه حيّة؟ فاذا كنتم، مع ما أنتم عليه من الشرّ،
تعرفون أن تعطوا العطايا الصالحة لأولادكم، فكم بالأحرى أبوكم الذي في
السماوات يمنح الصالحات للذين يسألونه!"
(متى 7: 7- 11)


في
تلك التصاوير والتشابيه والأمثلة يجد الانسان الجواب على ما يلاقيه في
حياته من صعوبات ومضايق: في الشدّة والعذاب، في الضيق والألم، في الحزن
والحرمان، يعلم أن الله لا يهمله، بل هو قريب منه، وانه باستطاعته في كل
لحظة أن يلتجئ إلى الله فيجد الراحة والسلام والفرق والحياة.
لم يأتِ
يسوع ليشبع فضولية الانسان ويكشف له عن أسرار الكون، بل جاء ليعطيه موقفاً
جديداً من الحياة، موقف إيمان بأن الحياة هي عطية من الله الأب المحبّ
القريب من الانسان.




لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Waitloadinglp0
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 4:00 pm

3- إله الملكوت


إنّ قُرب الله من الانسان قد تحقق بشكل خاص
بمجيء الملكوت في شخص يسوع المسيح. كان اليهود في العهد القديم ينتظرون
زمناً يملك فيه الله على البشر ملكاً مباشراً فيزيل من الأرض الشقاء
والظلم، ويحيا الناس متّحدين اتحاداً صميماً بالله الحاضر في العالم
حضوراً دائماً ومتمّمين على الدوام إرادته المقدسة.


عندما باشر
يسوع كرازته بدأها بالتبشير مجيء الملكوت: لقد تمّ الزمان واقترح ملكوت
الله، فتوبوا وآمنوا بالإنجيل. والأدلّة على قرب الملكوت أعطاها يسوع في
ما اجترح من معجزات. ففي نقاش مع الفريسيين قدّم لهم يسوع معجزاته دليلاً
على قرب الملكوت: "اذا كنت أنا بروح الله أُخرج الشياطين، فقد اقترب منكم
ملكوت الله" (متى 12: 28).


وبينما كان يوحنا المعمدان في السجن
أرسل اثنين من تلاميذه يسألان يسوع: أأنت الآتي أم ننتظر آخر؟ فأجابهما
يسوع: "انطلقوا وأعلِموا يوحنا المعمدان بما تسمعون وترون: العمي يبصرون
والعرج يمشون والبرص يطهرون والصمّ يسمعون والموتى ينهضون والمساكين
يبشّرون وطوبى لمن لا يشكّ فيّ" (متى 11: 4- 6).


كل تلك
المعجزات هي آيات، أي أعمال رمزية تظهر حضور الله وعمله في العالم بشكل
نهائي في شخص يسوع المسيح، وتدعو الناس إلى الايمان بالمسيح ودخول
الملكوت. ولا يستطيع أحد أن يلاقي الله ويدخل ملكوته إلا بتجديد حياته.
فالسامرية والمرأة الزانية وزكّا العشّار ونيقوديمس ومتى العشّار وبطرس،
جميعهم دخلوا الملكوت عندما آمنوا أن الله قد حضر اليهم في شخص يسوع.
التقوا الله في الايمان بالمسيح ومن ثم جدّدوا حياتهم ليحيوا حياة الله
فيهم.



قلنا في الفقرة الثانية إن يسوع لا يبرهن عن وجود
الله فلسفياً بل يرى كل شيء في نور الله، فيبدو وجود الله أساساً لوجود
الكون ووجود الانسان.


نضيف هنا أن الله ليس وهماً ولا صنع
مخيّلة البشر ولا انعكاساً لرغباتهم كما يدّعي الملحدون من أمثال وماركس
وفويرباخ فالله، في نظر يسوع حقيقة تسبق الانسان وكائن لا يستسلم لرغبات
الانسان بل يدعوه إلى تجديد حياته للولوج إلى حياة الله. وقد أصبح ذلك
ممكناً بمجيء المسيح.



ان الله الذي هو قريب من الانسان منذ
أن خلقه، والذي التزم محبة الانسان منذ أن أوجده، قد أصبح حاضراً في الكون
ومع الناس حضوراً خاصاً ومميّزاً في شخص يسوع المسيح. ففي المسيح يسوع
يملك الله على البشر لا كما يملك ملك على عبيده، بل لا يملك الحق في قلب
عاشق الحق. وفي المسيح يسوع يحيا الناس مع الله، لا كما يحيا عبيد مع
أسيادهم بل كما يحيا أبناء مع أبيهم. فبيسوع ابن الله يستطيع الجميع أن
يصبحوا أبناء الله.



"لما بلغ ملء الزمان أرسل الله ابنه
مولوداً من امرأة، مولوداً تحت الناموس ليفتدي الذين تحت الناموس وننال
التبنّي" (غلا 4: 4، 5)، "وكل الذين قبلوه آتاهم سلطاناً أن يصيروا أبناء
الله" (يو 1: 12).


لذلك في العهد الجديد يبدو لنا الله إله والملكوت وإله النعمة والرحمة في آن واحد.


4- إله النعمة والرحمة


"إن الناموس قد أُعطي لنا بموسى، وأما النعمة والحق فبيسوع المسيح قد حصلا" (يو 1: 17).
إن
قمة كشف الله عن ذاته في العهد القديم هي في ظهوره لموسى على جبل سيناء.
فهناك أبرم الله عهداً مع بني اسرائيل وهناك أعطاهم الناموس ووعدهم بأن
يكون معهم إن حفظوا وصاياه. وأصبح الناموس في العهد القديم الطريق الذي
يقود الانسان إلى الله.


أما في العهد الجديد فالله ليس إله
الناموس بل إله النعمة والرحمة. وهذا ما أظهره يسوع في عمله وفي تعليمه.
فنراه ينقض الناموس ليجري الأشفية يوم السبت، فيشفي اليابس اليد (متى 12:
1- 14)، والمرأة الحدباء (لوقا 13: 10- 17)، ويرفض أن تطبّق شريعة موسى
القائلة برجم المرأة الزانية ويستبدلها بالرحمة والمغفرة (يو 8: 3- 11).


لقد
أظهر يسوع بنوع فائق رحمة الله للخطأة. "فكان العشّارون والخطأة جميعاً
يقبلون إليه ليسمعوه، ما جعل الفريسيين والكتبة يتذمّرون قائلين: ان هذا
الرجل يقبل الخطأة ويأكل معهم" (لوقا 15: 1، 2).


فيغفر لمخلّع كفرناحوم: "يا رجل مغفورة لك خطاياك"، ثم يشفيه: "لك أقول: قمْ واحمل فراشك وامضِ إلى بيتك" (لوقا 5: 17- 26).


وفي
بيت سمعان الفرّيسي يغفر للمرأة الخاطئة التي جاءت إليه تبكي وتبلّ رجليه
بالدموع وتمسحهـا بشعر رأسها، ويقول لسمعان: "إن خطاياها، خطاياها
الكثيرة، مغفورة لها، بما أنها أحبّت كثيراً" (لوقا 7: 36- 50).


ويغفر
لزكّا العشّار قائلاً: "اليوم قد حصل الخلاص لهذا البيت، فإنه هو أيضاً
ابن لابراهيم. لأن ابن البشر قد جاء ليطلب ما قد هلك ويخلّصه" (لوقا 19:
1- 10).


وتفسيراً لموقفه من الخطأة يصف في عدة أمثال موقف الله
نفسه من الخطأة. وقد جمع لوقا في الفصل الخامس عشر من إنجيله ثلاثة من هذه
الأمثال: الخروف الضالّ والدرهم المفقود والابن الشاطر.



أ- مَثَل الخروف الضالّ


فالله
يشبه الراعي الصالح الذي لا يرضى بأن يهلك أحد من خرافه، "فاذا كان له مئة
خروف وأضاع واحداً منها، يترك التسعة والتسعين في البرّية ويمضي في طلب
الضالّ حتى يجده، واذا ما وجده يحمله على منكبيه فرحاً، ويعود إلى بيته
ويدعو الأصدقاء والجيران ويقول لهم: افرحوا معي، فإني قد وجدت خروفي
الضالّ".

ثم يردف يسوع منتقداً الفريسيين والكتبة الذين كانوا
يتذمّرون لقبوله الخطأة ومؤاكلتهم، ومنتقداً الصورة المشوّهة التي كانوا
يرون الله من خلالها: "أقول لكم: هكذا في السماء يكون فرح بخاطئ يتوب أكثر
ما يكون بتسعة وتسعين صدّيقاً لا يحتاجون إلى توبة" (15: 4- 7). ويعني
بهؤلاء التسعة والتسعين الفريسيين الذين يعتقدون أنهم صدّيقون وأنهم ليسوا
بحاجة إلى توبة (راجع في ذلك مَثَل الفريسي والعشّار، لوقا 18: 9- 14).


ب- مَثَل الدرهم المفقود


والله
يسعى أيضاً وراء الخاطئ كما تسعى المرأة الفقيرة وراء درهم أضاعته من
دراهمها العشرة، "فتوقد سراجاً وتكنِّس البيت، وتطلبه في اهتمام حتى تجده؛
واذا ما وجدته تدعو الصديقات والجارات وتقول لهنّ: افرحن معي، فاني قد
وجدت الدرهم الذي أضعت". ثم يضيف يسوع: "أقول لكم، إنه هكذا يكون الفرح
عند ملائكة الله بخاطئ يتوب" (15: 8- 10).



ج- مَثَل الإبن الشاطر أو الأب الرحيم


أما
قمّة الوحي الانجيلي بصورة الله فنجدها في مَثَل الإبن الشاطر. فالله
الملك يصبح الله الأب، وعلاقة الله مع الناس لم تعد علاقة ملك مع عبيده،
بل علاقة أب مع أبنائه، الخطأة والصدّيقين، الأشرار والصالحين.


فالله
هو ذلك الأب الذي ينتظر عودة ابنه الأصغر الذي أخذ حصّته من الميراث وقصد
إلى بلد بعيد وأتلفها هناك عائشاً في التبذير. ولدى عودته، "وإذ كان بعد
بعيداً، أبصره أبوه، فتحرّكت أحشاؤه وبادر إليه وألقى بنفسه على عنقه
وقبَّله طويلاً" (15: 20).


ولما أراد الابن أن يعتذر عمّا
صنعه، قائلاً: "يا أبتاه، قد خطئت إلى السماء وإليك، ولا أستحقّ بعد أن
أُدعِى لك ابناً" قاطعه الأب قائلاً لغلمائه: "هلمّوا سريعاً بأفخر حلّة
وألبسوه وضعوا في يده خاتماً وفي رجليه حذاء، وأْتوا بالعجل المسمَّن
واذبحوه، ولنأكل ونفرح، لأن ابني هذا كان ميتاً فعاش، وكان ضالاًّ فوُجِد"
(15: 22- 24).



يجب أن يدعى هذا المَثَل، لا مَثَل "الإبن
الشاطر"، بل مَثَل "الأب الرحيم"، لأنه لا يركّز على موقف الإبن الشاطر
بقدر ما يركّز على موقف الأب من ابنه الأصغر ثم من ابنه الأكبر. فالأب
يغفر لابنه الأصغر ويعيده إلى بيته مكرَّماً، ثم يدعو ابنه الأكبر الذي
يغضب ويرفض الدخول إلى البيت، إلى مشاركته الفرح بعودة أخيه الأصغر "الذي
كان ميتاً فعاش وكان ضالاًّ فوُجِد" (15: 32).



فالابن
الأكبر يمثِّل الفريسيين في كبريائهم وقسوتهم تجاه موقف يسوع من الخطأة.
كل ما عرَف الابن الأكبر عن أبيه الخدمة والأوامر. فيقول لأبيه: "كم لي من
السنين في خدمتك، ولم أتعدَّ قط أمراً من أوامرك" (15: 29). وكل ما عرف
الفريسيون عن الله الناموس والوصايا. ولكن الله، في نظر يسوع، ليس إله
الأوامر والنواهي والناموس والوصايا، بل الله هو إله الرحمة والمحبة،
وبقدر ما يبتعد أبناؤه عنه، بقدر ذلك تزيد محبته لهم. وهذا ما لم يستطع أن
يفهمه الفريسيون المتعلقون تعلُّقاً أعمى بحرف الناموس.



الله،
في نظر يسوع، ليس إله الكبت والضغط والإكراه، بل إله التحرّر الذي يحرّر
الانسان من حواجز التقاليد الاجتماعية والأحكام البشرية التي تفصل
السامريين عن اليهود والعشّارين عن الفريسيين، وتغلق على الخطأة في
خطيئتهم وعلى المنبوذين في انتباذهم وعلى المحرومين في حرمانهم وعلى
الضعفاء في ضعفهم.



الله، في نظر يسوع، هو إله الممكنات
الذي يفتح أمام الانسان آفاق المستقبل، فيحرّره من قيود نفسه ويدعوه إلى
تجاوز ذاته باستمرار؛ الله فيض من العطاء المجاني لا نستطيع أن ندرك عمقه
أو سعة امتداده.



والايمان بهذا الإله لا يستطيع الانسان أن
يصل إليه عن طريق التحليل الفكري بل عن طريق الاختبار الشخصي. ان الإله
الحقيقي قد ظهر لنا في شخص يسوع المسيح. والرسل والتلاميذ الذين آمنوا
بيسوع وعاشوا معه اختبروا من خلاله الله وعرفوا وجهه الحقيقي.


وعندما
أراد يوحنا الانجيلي أن يعرّف بالله كما ظهر له من خلال تعاليم يسوع
وحياته، ومن خلال خبرته الشخصية وخبرة سائر الرسل، لم يجد أجمل وأعمق
وأصدق من هذا التعبير : "ان الله محبة" (1 يو 4: 16).


لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Waitloadinglp0


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 4:04 pm

5- كمال الله في كمال المحبة


في نهاية
الفصل الخامس من انجيل متى، يطلب يسوع من مستمعيه أن يتشبّهوا بكمال الله:
"فأنتم اذاً كونوا كاملين كما أنّ أباكم السماوي هو كامل" (متى 5: 48).


قد
يتبادر إلى أذهاننا أن كمال الله هو في قدرته المطلقة على كل شيء، وعلمه
الكامل بكل شيء، وتنزّهه عن المادة، وأزليته التي لا يستطيع أحد أن يدرك
مداها، وعدم تحوّله وتغيّره.

ونتساءل:


كيف يسعنا، نحن البشر الضعفاء المحدودين في الوجود والمعرفة، أن نتشبّه بكمال الله؟


ان
يسوع يعلم ضعف البشر وحدودهم، ومع ذلك يطلب منهم أن يكونوا كاملين مثل
الله. ذلك لأنه أوجز جميع صفات الله في صفة واحدة هي في متناول الانسان،
وتلك الصفة هي المحبة:


"سمعتم أنه قيل:

أحبب قريبك
وأبغض عدوّك. أما أنا فأقول لكم: أحبّوا أعداءكم، وصلّوا لأجل الذين
يضطهدونكم، لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السماوات، فانه يطلع شمسه على
الأشرار والصالحين، ويمطر على الأبرار والأثمة.

فإنكم إن أحببتم من
يحبكم فأيّ أجر لكم؟ أليس العشّارون أنفسهم يفعلون ذلك؟ وإن لم تسلِّموا
إلاّ على اخوانكم فقط، فأيّ عمل خارق تصنعون؟ أوَليس الوثنيون أنفسهم
يفعلون ذلك؟ فأنتم إذن كونوا كاملين كما أنّ أباكم السماوي هو كامل".
(متى 5: 43- 48)


لن
يصل الانسان إلى كمال الله، في نظر يسوع، إلا بالتشبّه بمحبة الله الشاملة
لجميع الناس. "قل لي مَن هو إلهك، أقُل لك مَن أنت". إلهنا محبة، فينبغي
أن نكون نحن محبة. والله هو الذي بادرنا بالمحبة. وانطلاقاً من تلك المحبة
التي أحبَّنا، يطلب منا أن نحبّ بعضنا بعضاً. بهذا فقط نستطيع أن نصل إلى
الله: "ان الله محبة، فمن ثبت في المحبة ثبت في الله وثبت الله فيه" (1 يو
4: 16).


ان الله قد أحبّنا أولاً وغفر لنا خطايانا. فنحن البشر
كلنا نشبه ذلك العبد الذي قُدِّمَ إلى سيّده وعليه عشرة آلاف وزنة، وإذ لم
يمن له ما يوفي به، تحنّن عليه سيّده وترك له الدَّين. (راجع المَثَل في
متى 18: 21- 35). وكما غفر لنا الله دون حدّ، كذلك يطلب منا أن نغفر بعضنا
لبعض زلاّتنا، وذلك ليس فقط إلى سبع مرّات بل إلى سبعين مرّة سبع مرات أي
دون أي حد.



أ- صفات الله


بهذا تتميّز المسيحية
عن سائر الديانات، في نظرتها إلى الله. ان إله المسيحية لم يخترعه
المسيحيون كما يدّعي الملحدون. فالله هو الذي أظهر لنا ذاته في شخص يسوع
وتعليمه. وقد ظهر لنا محبة متجسّدة. فالمحبة هي التي تحدّد الله في
المسيحية وانطلاقاً من هذا التحديد تأخذ صفات الله التي تتحدّث عنها
الفلسفة ومختلف الديانات معاني جديدة:


فأزلية الله لا تعني ابتعاده عن الزمن، بل حضور محبته حضوراً دائماً ومعاصراً لجميع الأزمنة.
وروحانيته
لا تعني تنزّهه عن المادة الفاسدة، بل سلطته المطلقة على الخليقة كلها
وشمول محبته الكون بأسره؛ فالروح يهبّ في كل مكان ولا يستطيع أحد أن يوقف
عمله.


وصلاحه ليس إشعاعاً طبيعياً لما فيه من خير بقدر ما هو عمل اختيار عطوف ومحبة حرة.
وعدم
تحوّله لا يعنى الجمود بل الأمانة الكاملة لذاته ولمحبته. وعدله لا يعني
مجازاة كل واحد بحسب أعماله وفقاً لنظام لازمني، بل هو فيض من المحبة
والرأفة والخلاص.


وعدم ادراكنا له لا يعني اننا أمام كائن مبهم
وحقيقة غامضة، بل ان الله يسمو على كل ما يستطيع الانسان أن يتصوّره، وان
محبته لا يمكن أحداً أن يسبر عمقها، حسب قول بولس الرسول:
"يا لعمق غنى
حكمته وعلمه! ما أبعد أحكامه عن التنقيب وطرقه عن الاستقصاء! فمن عرف فكر
الرب؟ ومَن كان له مشيراً؟ من سبق فأعطاه، فيردّ اليه؟ ان كل شيء هو منه
وبه وإليه. فله المجد إلى الدهور، آمين"
(روم 11: 33- 36).



ب- المحبة حتى الموت


ولقد
ظهرت محبة الله في أقصى حدودها في موت يسوع على الصليب: "فانه هكذا أحبّ
الله العالم حتى انه بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون
له الحياة الأبدية" (يو 3: 16).
فالله الآب بذل ابنه لأجل العالم.
ويسوع ابن الله بذل ذاته لأجل العالم متمماً ما قاله لتلاميذه: "ليس لأحد
حبّ أعظم من أن يبذل الحياة عن أصدقائه". (يو 15: 13).

والابن في
بذل ذاته حتى الموت هو صورة لله الآب: "مَن رآني فقد رأى الآب" (يو 14:
9). ان يسوع المسيح هو صورة لله الآب ليس فقط في حياته ومعجزاته وموقفه
تجاه الخطأة، بل أيضاً وبنوع خاص في موته. فالابن في محبته لنا حتى الموت
هو صورة حقيقية للآب الذي أحبنا حتى أقصى حدود المحبة.


يتصوّر
البعض أن يسوع على الصليب قد سكَّنَ غضب الله الثائر على البشر من جرّاء
خطاياهم. ان هذا التصوّر البشري بعيد كل البعد عن الموقف الالهي. فيسوع في
بستان الزيتون كان يخاطب الله قائلاً: "يا أبتاه، إن شئتَ فأَجزْ عني هذا
الكأس. ولكن لا تكن مشيئتي بل مشيئتك" (لوقا 22: 42). الكأس هنا هي كأس
العذاب ولكنها في الوقت نفسه كأس الخلاص.


ومشيئة الله ليست في
الانتقام من الخطأة بل في خلاصهم وتبريرهم. ويسوع في وسط عذابه يستعمل
لفظة يا أبتاه (بالعبرية "أبّا")؛ ففي لحظة عذابه وموته، كما في كل حياته،
نرى ان إرادته متّحدة بإرادة الله الآب لخلاص البشر بالمحبة حتى الموت في
سبيلهم.



ان حوار يسوع مع أبيه في بستان الزيتون يذكّرنا
بحوار اسحاق مع أبيه ابراهيم عندما أصعده ابراهيم إلى جبل موريّا ليقدّمه
ذبيحة لله: "فكلّمَ اسحاق ابراهيم أباه وقال: يا أبتاه! قال: لبّيك يا
بُنيّ! قال: هذه النار والحطب، فأين الحَمَل للمحرقة؟ فقال ابراهيم: الله
يرى الحَمَل له للمحرقة يا بُنيّ. ومضيا كلاهما معاً" (تكوين 22: 7، لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Icon_cool.



إن
إله ابراهيم ليس إلهاً سفاحاً كآلهة الوثنيين العطشى إلى دم البشر، وإله
يسوع كان بإمكانه أن يرسل لنصرته اثنتي عشرة جوقة من الملائكة. ولكن إله
يسوع، كإله ابراهيم، ليس إله الحرب والقتل والدمار، إنه أب لإبن وحيد.
وهذا الابن قد أسلمه لأجلنا نحن، حسب قول بولس الرسول: "اذا كان الله
معنا، فمَن علينا؟ هو الذي لم يشفق على ابنه الخاص بل أسلمه عنا جميعاً،
كيف لا يهبنا معه كل شيء؟" (روم 8: 31، 32).



بموت يسوع
ظهرت صورة الله الحقيقية. فالله ليس إله القدرة والتسلّط والعظمة
والانتقام. إنه إله العطاء والمحبة الذي بذل ابنه الوحيد للموت ليظهر
للبشر محبته لهم ويمنحهم الفداء والخلاص.
إلا أن الموت ليس نهاية كل شيء.


فالله
الذي أظهر أقصى محبته للعالم ببذل ابنه إلى الموت لأجل حياة العالم، أظهر
أيضاً أقصى محبته لابنه وللعالم بإقامته يسوع من بين الأموات وإدخاله
البشرية إلى مجده السماوي. "فالله ليس إله أموات، بل إله أحياء" (متى 22:
32). ثم "ان المسيح قد قام من بين الأموات، باكورة للراقدين" (1 كور 15:
20).




لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Waitloadinglp0


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 4:07 pm

6- الله والانسان


هل انكشف لنا، من خلال ما قلناه، وجه الله الحقيقي؟


لربما
لم يتضح لنا وجه الله في ذاته بقدر ما اتضح لنا وجه الله في علاقته
بالانسان. فالله في ذاته لا يستطيع انسان أن يراه ويبقى حياً. اننا نبقى
إزاء سرّ الله كموسى الذي ظهر له الله على جبل سيناء فطلب إليه أن يريه
وجهه فقال له الله: "لا يستطيع انسان أن يراني ويبقى حياً".

لم
يقدر موسى أن يشاهد وجهه، لكنه شاهد مجده أي بعضاً من حضوره، لم يعرف موسى
الله إلا من خلال عمله. فلما أخرج الله شعبه من عبودية مصر، عرف موسى ان
الله هو إله الخلاص والمحبة والحرية.


أ- يسوع المسيح طريق الانسان إلى الله


هكذا في العهد الجديد أيضاً عرفنا الله من خلال ابنه يسوع الذي هو حضور الله بالجسد.
جميع
الذين يؤمنون بالإله الواحد يعترفون بأن الله هو خالق الكون وخالق
الانسان. وجميع الذين يؤمنون بالوحي يعترفون بأن الله قد أوحى بذاته
للانسان بواسطة أنبيائه ومرسليه.


إلا أن الإيمان بالإله الواحد
يتَّسم في المسيحية بسِمَة خاصة. فإله الكون وخالق الدنيا الذي يؤمن
بوجوده المسيحيون والمسلمون واليهود معاً هو، تبعاً للإيمان المسيحي، إله
المحبة الذي لم يكتفِ بإظهار وجوده في الكون والطبيعة وإعلان إرادته لبعض
الأنبياء المختارين كإبراهيم وموسى عند اليهود و++++ عند المسلمين، بل ظهر
شخصياً في تاريخ البشر وأوحى بذاته في شخص ابنه وكلمته يسوع المسيح، ليشرك
البشر جميعاً في حياته الالهية.



"ان الله، بعد إذ كلَّمَ
الآباء قديماً بالأنبياء مراراً عديدة وبشتى الطرق، كلَّمنا نحن، في هذه
الأيام الأخيرة، بالإبن الذي جعله وارثاً لكل شيء كما وبه أيضاً أنشأ
العالم، الذي هو ضياء مجده، وصورة جوهره، وضابط كل شيء بكلمة قدرته".
(عبرانيين 1: 1- 3)


بهذا
يتميّز الايمان المسيحي عن إيمان اليهودية والاسلام: "ان الناموس قد أُعطي
بموسى، وأما النعمة والحق فبيسوع المسيح قد حصلا. الله لم يره أحد قط،
الإله، الابن الوحيد الذي في حضن الآب، هو نفسه قد أخبر" (يو 1: 17، 18)



ان
الناموس الموسوي هو الطريق الذي يقود اليهود إلى الله، والقرآن المحمّدي
هو الطريق الذي يقود المسلمين إلى الله؛ أما الطريق الذي يقود المسيحيين
إلى الله فهو شخص يسوع المسيح، ابن الله المتجسّد، الذي هو "الطريق والحق
والحياة ولا يأتي أحط إلى الآب إلا به" (يو 14: 6).



ماذا يعني شخص يسوع المسيح بالنسبة إلى البشر؟

لقد
تمّ في شخص يسوع المسيح اتحاد الله والانسان. فيسوع المسيح هو ابن الله
الذي أظهر لنا الإله الحقيقي، وهو الانسان الكامل الذي كان، في عمق كيانه
وفي كل حياته، متّحداً اتحاداً تاماً بالله الآب. لذلك حقّق في ذاته وفي
حياته حلم الانسان الدائم ببلوغ الاتحاد الكياني بالله.



ان
المسيحيين، بقبولهم يسوع المسيح واتحادهم به، يكرزون برؤية جديدة للكون
وللواقع الانساني. فالكون الذي يرى فيه كل مؤمن وجه الله الخالق يرون هم
فيه أيضاً وجه الله المخلص، بيسوع المسيح الكائن الجديد الذي حقق في الكون
الخليقة الجديدة وصالح الانسان مع الله ومع نفسه ومع الآخرين.



نؤمن
نحن المسيحيين أن الكيان الانساني قد ظهر في الوجود والتاريخ دون نقص أو
اعوجاج في شخص يسوع المسيح الذي، باتحاده العميق بالله في كيانه وحياته،
تغلَّبَ على المخرّب والضياع وبلغ كمال الانسانية. ان الكائن الجديد قد
ظهر في شخص يسوع المسيح. وهذا الكائن الجديد وحده يطابق جوهر الانسان ما
يجب أن يكون.


وعلى هذا الإيمان نرتكز لنؤكد أن الانسان يستطيع
أن يتغلّب على ما يشعر به من تغرّب وضياع وقلق ويحقّق ما يصبو إليه في عمق
كيانه. فالبشر لا يطلبون جواباً نظرياً على تغرّبهم وقلقهم، بل يطلبون
السيطرة على تغرّبهم والخلاص من قلقهم، وهذا ما يجدونه في الاشتراك في
الكيان الجديد الذي ظهر في شخص يسوع المسيح. عندما يعتمدون بالمسيح يلبسون
المسيح ويصبحون خلائق جديدة: "أنتم الذين للمسيح اعتمدتم المسيح قد لبستم"
(غلا 3: 27)؛ "إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة، فالقديم قد اضمحلّ
وكلّ شيء قد تجدّد" (2 كور 5: 17).



لقد رأينا في الفصل
الأول أن هناك ثلاثة أنواع من الخاطر تهدّد الانسان في أبعاد كيانه
الثلاثة: فالشعور بالفراغ والعبث يهدّدانه في كيانه الروحي، والشعور
بالذنب والهلاك الأبدي يهدّدانه في كيانه الأدبي، والمصائب والموت تهدّده
في وجوده وحياته. وقد أظهر لنا يسوع في حياته وأعماله وموته وقيامته انّ
من يؤمن بالله ويحيا متّحداً به لا يمكن أن يخاف من بعد أو يقلق إزاء أي
من تلك الخاطر.



فلا شعور من بعد بالفراغ والعبث عندما نعلم أن لحياتنا قيمة لامتناهية، إذ ان الله أحبّنا إلى حدّ أنه بذل ابنه الوحيد لأجلنا.


ولا
شعور من بعد بالذنب ولا خوف من الهلاك الأبدي عندما نعلم أن الله هو إله
الرحمة والمغفرة الذي لا يريد موت الخاطئ بل يسعى إليه كالراعي الصالح
ليعيد إليه الحياة، وينتظر عودته كما ينتظر الأب الرحيم عودة ابنه الضالّ.


ولا
خوف من بعد أمام المصائب ولا قلق أمام الموت، عندما نعلم أن الله نفسه
يمنحنا قوته لنتغلب على المصائب ونزيل الشرّ من العالم، وننتصر أخيراً على
الموت وندخل مع ابنه القائم من بين الأموات إلى الحياة الأبدية.



ب- حياة الانسان مع الله


يتساءل
بعض الناس اليوم: ماذا يفيد الانسان أن يؤمن بالله في عصر الذرّة والعلم
والتقنية؟ لقد توصل العلم إلى اكتشاف أسرار الكون وتوصلت التقنية المعاصرة
إلى تلبية معظم حاجات الانسان المادية. فما الحاجة بعد إلى الايمان بالله؟


لا
يهدف الايمان بالله إلى كشف أسرار الكون للانسان ولا إلى تلبية حاجاته
المادية. "نؤمن بإله واحد آب ضابط الكل". الإيمان بالله، في المسيحية، هو
الإيمان بأن الله هو أب لجميع البشر، وبأن هذا الأب قد أوحى لنا بذاته في
شخص ابنه يسوع المسيح ليصبح كل إنسان في المسيح ابناً لله.
الله محبة،
والمحبة علاقة بين أشخاص. لذلك فالإيمان بالله هو أولاً الإيمان بأن الله
بادرنا بالمحبة وأعطانا ابنه الوحيد ليظهر لنا عمق تلك المحبة ويكون هو
نفسه العلاقة بيننا وبين الله، وهو ثانياً الدخول إلى تلك المحبة والحياة
بموجبها.



وبقدر ما يحيا المسيحي بموجب تلك المحبة، وبقدر
ما تتوطّد أواصر العلاقة بينه وبين المسيح، بقدر ذلك ينكشف له الله: "مَن
كانت عنده وصاياي وحفظها، يقول يسوع، فهو الذي يحبني، والذي يحبني يحبّه
أبي، وأنا أُحبّه وأُظهر له ذاتي" (يو 14: 21). لن يظهر الله ذاته للانسان
ولن يعرف الانسان الله إلا بقدر ما يحفظ الانسان وصايا الله ويحيا في
المحبة. فكما ان المعرفة بين الأشخاص تزيد بقدر ما تزيد محبتهم بعضهم
لبعض، كذلك تنمو معرفتنا لله بقدر ما تنمو محبتنا له: "إن أحبّني أحد يحفظ
كلمتي، وأبي يحبّه، وإليه نأتي، وعنده نجعل مقامنا" (يو 14: 23).


الهدف
من الإيمان بالله هو البلوغ بالانسان إلى أن يحيا في ذاته حياة الله،
فيقيم الله فيه ويقيم هو في الله. عندئذٍ يسيطر على قلقه وضياعه وتغرّبه،
ويجدّد كيانه على صورة المسيح يسوع ابن الله القائل: "أنا في الآب والآب
فيَّ" (يو 14: 10).


"إن الله لم يشاهده أحد قط، ولكن إن نحن أحببنا بعضنا بعضاً، أقام الله فينا، وكانت محبته كاملة فينا" (1 يو 4: 12).


الله
لم يره أحد قط، ولكن من يحيا في المحبة على مثال المسيح وبالاتحاد معه
يستطيع أن يختبر الله، ولن نقوى نحن المسيحيين على أن نقود الناس إلى
الايمان بالله وإلى اختبار الله في ذواتهم إلا عن طريق المحبة.


"إنّ الله محبة. فمن ثبت في المحبة ثبت في الله وثبت الله فيه" (1 يو 4: 16).





لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Waitloadinglp0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 4:13 pm


الفصل الثالث: الله الخَالق
==========

توطئَة
"خالقِ السماءِ والأرض، كلِّ ما يُرى وما لا يُرى".



في
التعبير عن الإيمان المسيحي بالله الخالق نجد صلة وثيقة بين الخلق
وأُبوَّة الله. فالإله الذي نؤمن بأنه خلق السماء والأرض ليس الإله
المتجبِّر المتسلِّط بل الله الآب. لذلك نعتبر أن الإيمان بالله الخالق هو
الإيمان بأن محبة الله هي التي أوجدت الخلائق كلها، وان العالم ليس وليد
صدفة بل ثمرة اختيار الله وقصده المحبّ.


لقد أوجز يوحنا
الانجيلي فحوى الإيمان المسيحي بقوله: "نحن قد عرفنا المحبة التي لله فينا
وآمنّا بها" (1 يو 4: 16). إنّ في أصل الكون وفي أصل الإنسان كائناً محباً
من فيض محبته يعطي الوجود لجميع الكائنات.


ان الإيمان بالله
الخالق هو نتيجة لقاء بين كشف الله عن ذاته وخبرة الانسان لمحبة الله.
وهذا اللقاء نقرأ حكايته في الكتاب المقدّس في كلا العهدَين القديم
والجديد. ففي العهد القديم اختبر اليهود محبة الله المخلّص الذي أنقذهم من
عبودية مصر، وانطلاقاً من تلك الخبرة راحوا يتأملون في الإله الخالق.
فالإله الذي أحبّهم وخلّصهم هو نفسه الإله الذي أحبّهم وخلقهم وخلق الكون
بأسره.


كذلك في العهد الجديد:

فلقد ظهر خلاص الله في
شخص يسوع المسيح؟ وانطلاقاً من الا يمان بالله الذي خلّصنا بالمسيح يعبّر
الرسل والمسيحيون الأوّلون عن إيمانهم بالله الذي خلقنا بالمسيح.


بعد
قسم كتابي نتطرّق فيه الى الإيمان بالله الخالق كما عبّر عنه العهد القديم
ثم العهد الجديد، ننتقل إلى المفهوم اللاهوتي للخلق ونعالج المشكلات التي
نتجت من مختلف اكتشافات المعاصرة


القِسم الأول
الخلق في الكتاب المقدس

أ- في العهد القديم

1- روايتا الخلق بين العلم والدين


ان رواية الخلق في العهد القديم نجدها في الفصلين الأوّلين من سفر التكوين.


إلا
أنّ علماء الكتاب المقدس يجمعون اليوم على أن هذه الرواية تضمّ في الواقع
روايتين مختلفتين: رواية أولى تعود إلى القرن السادس قبل المسيح (تك 1: 1-
2: 4)، وقد كتبت في محيط كهنوتي في أثناء جلاء بابل؛ ورواية ثانية أقدم من
الأولى ترجع إلى القرن العاشر قبل المسيح، وضعها كتبة وحكماء من بلاط
سليمان الملك (تك 2: 4 ب- 25). وبعد العودة من جلاء بابل جمعت الروايتان
ودُوِّنتا الواحدة تلو الأخرى في الفصلين الأوّلين من سفر التكوين.



ماذا كان قصد كاتبي هاتين الروايتين؟


عندما
استقرّ الشعب اليهودي في فلسطين بعد خروجهم من مصر مع موسى، راحوا يكتبون
تاريخهم استناداً إلى روايات شفوية وصلت إليهم من الأجيال السالفة. إلاّ
أن تاريخهم لا يعود إلى أبعد من ابراهيم أي إلى القرن التاسع عشر قبل
المسيح.

ولكن ماذا جرى قبل ذلك؟ إنّ الذي دعا ابراهيم "ليجعل منه
أمّة عظيمة" (تك 12: 2)، ألم تكن له علاقات مع البشر قبل ابراهيم؟ وسائر
الشعوب التي تدين بأديان أخرى وتؤمن بآلهة أخرى هي في الواقع "أصنام من
ذهب وفضة من صنع أيديهم" (مز 134: 15)،


ما هي علاقتها بهذا
الإله الأوحد؟ والأرض وما عليها من نبات وحيوان، والسماء وما في جَلَدها
من كواكب ونجوم، ما هي علاقتها بالله أيضاً؟



لقد عاش
ابراهيم في القرن التاسع عشر قبل المسيح، ولكن العلم قد بيّن لنا اليوم أن
ظهور أول إنسان على الأرض يعود إلى أكثر من مليون سنة، وان تكوين الأرض
يرجع إلى ما يقارب العشرة مليارات من السنين. فهل يُعقَل والحالة هذه أن
تكون روايات الكتاب المقدّس للحوادث التي جرت منذ إنشاء العالم تاريخية
بالمعنى الحديث للكلمة؟ وهل يُعقل أن يكون وصفها لتكوين الأرض والسماء
وصفاً علمياً؟



ان الكتاب المقدّس ليس كتاباً علمياً يهدف
إلى وصف كيفية تكوين الكون، ولا كتاباً تاريخياً، بالمعنى الحديث للكلمة،
يروي بالتدقيق سيرة البشر منذ ظهور أول إنسان على الأرض.


وهنا،
من الناحية التاريخية، لا بدّ لنا من التمييز بين الحوادث التي يرويها
الكتاب المقدس ابتداءً من ابراهيم (أي ابتداءً من الفصل الثاني عشر من سفر
التكوين)، والحوادث التي سبقت ابراهيم والتي نقرأ روايتها في الفصول الأحد
عشر الأولى من سفر التكوين.


فاذا كانت رواية حوادث ابراهيم على
جانب كبير من الموضوعية التاريخية، فالفصول الأحد عشر الأولى من سفر
التكوين هي مجموعة أساطير استقاها الشعب اليهودي من آداب الشعوب المجاورة
ولا سيمَا الأدب البابلي؛ وما قَصْدُه في روايتها إلا إظهار علاقة شعوب
العالم أجمع وارتباط الكائنات جميعها بالإله الأوحد الذي هو وحده خالق
الكون وسيّد جميع الشعوب.



فالكتاب المقدّس هو قبل أي شيء
آخر كتاب ديني. لذلك لا يعنى بتفسير كيفية تكوين الأشياء بقدر ما يعنى
بإظهار معنى وجودها. فبينما يحاول العلم أن يعرف كيف نشأ العالم كيف
تكوّنت الأرض كيف ظهر الانسان، يبيّن الدين معنى تكوين العالم وغاية حياة
الانسان.


يستطيع العلم تحليل المادة تحليلاً كيميائياً
وتحليل الجسم البشري تحليلاً بيولوجياً، إلا أنه لا يقوى على إدراك غاية
وجود المادة، ويعجز عن الدخول إلى أعماق النفس البشرية وفهم علائق المحبة
والإيمان التي تربط الانسان بالله.


هذا الإيمان بالله وبمحبته
هو ما أراد كاتبو الأسفار المقدسة التعبير عنه في روايتهم لتاريخ الكون
منذ خلقه ولتاريخ الشعوب منذ نشأتها.





الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 4:15 pm



2- الخلاص والخلق


لقد تأثرت
كتابة واضعي الأسفار المقدسة لكلا التاريخين ليس بالآداب المجاورة فحسب بل
أيضاً بما اختبروه في حياة شعبهم طيلة الزمن الذي دوّنوا فيه تلك الأسفار.


قلنا
إن رواية خلق العالم كما نجدها في سفر التكوين قد اتخذت شكلها النهائي في
القرن السادس بعد عودة الشعب اليهودي من جلاء بابل. ففي بابل اختبر اليهود
الذلّ والعبودية وراحوا ينتظرون خلاصهم وتحريرهم متذكّرين إنقاذ الله لهم
من مصر على يد موسى، ومعبّرين عن إيمانهم بالله مخلّصهم.


وقد
انطلقوا من هذا الاختبار لخلاص الله على مدى تاريخهم لتأكيد عمل الله
الخالق في بدء الأزمنة. فالإله المخلّص الذي يصنع المعجزات مع شعبه
وينقذهم من أعدائهم هو نفسه الإله الخالق الذي في بدء الأزمنة خلق الكون
مسيطراً على جميع قوى الشرّ المعادية.



تلك الصلة بين الإله
المخلّص والإله الخالق يعبّر عنها أجمل تعبير سفر اشعيا النبي، ولا سيمَا
في القسم الثاني منه، الذي كُتب في أثناء السبي في بابل. فقد كان اليهود
عندئذٍ بحاجة إلى سلطة تقوى على سلطة بابل، فاتخذ الإيمان بالله الخالق
أهمية كبري، إذ جمع أول عمل خارق قام به الله في خلقه العالم، والعمل
الخارق الذي كان الشعب ينتظره منه الآن أي نصرته على أعدائه الذين كانوا
يستعبدونه. لذلك يطلب اشعيا من الشعب ألاّ يخافوا ممن يعتبرون ذواتهم
أسياد الكون والتاريخ.


فالله خالق السماوات والأرض هو وحده سيّد الكون والتاريخ:


"هكذا
قال الرب صانعك وجابلك الذي أعانك منذ البطن: لا تخف يا يعقوب عبدي... أنا
الرب صانع الكل، ناشر السماوات وحدي وباسط الأرض بنفسي، مبطل آيات الكذبة
ومحمّق العرّافين، ورادّ الحكماء إلى الوراء ومسفِّه علمهم، مثبِّت كلام
عبده ومتمّ مشورة رسله، القائل لأورشليم ستعمرين ولمدن يهوذا ستُبنين،
وأنا أُقيم المتهدّم منها" (اشعيا 44: 1، 24- 26).


هذا الإله صانع الكل، ناشر السماوات وحده وباسط الأرض بنفسه، كيف يروي سفر التكوين خلقه للعالم؟

3- تفسير روايتَي الخلق




اليوم الأول:
خلق النور

اليوم الثاني:
خلق الجَلَد

اليوم الثالث:
خلق اليبس
والبحار والنبات
والشجر المثمر



اليوم الرابع:
خلق الشمس
والقمر والكواكب



اليوم الخامس:
خلق الحيوانات
البحرية والطيور



اليوم السادس:
خلق الحيوانات
البرية والبهائم
وخلق الانسان





لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Waitloadinglp0
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 4:17 pm

اليوم السابع:


فيه استراح الله


الرواية الأولى (تك 1: 1- 2: 4 أ)


"في البدء خلق الله السماوات والأرض. وكانت خربة وخالية وعلى وجه الغمر ظلام وروح الله يرفّ على وجه المياه.


وقال
الله ليكن نور فكان نور. ورأى الله النور أنه حسن. وفصل الله بين النور
والظلام. وسمىَّ الله النور نهاراً والظلام سمَّاه ليلاً. وكان مساء وكان
صباح يوم واحد.


"وقال الله: ليكن جلد في وسط المياه وليكن
فاصلاً بين مياه ومياه. فصنع الله الجَلَد وفصلَ بين المياه التي تحت
الجَلَد والمياه التي فوق الجَلَد، فكان كذلك. وسمَّى الله الجَلَد سماء.
وكان مساء وكان صباح يوم ثانٍ .


"وقال الله لتجتمع المياه تحت
السماء إلى موضع واحد وليظهر اليبس. فكان كذلك. وسمىَّ الله اليبس أرضاً
ومجتمع المياه سمّاه بحاراً. ورأى الله ذلك انه حسن. وقال الله لتنبت
الأرض نباتا عشباً يبزر بزراً وشجراً مثمراً يخرج ثمراً بحسب صنفه بزره
فيه على الأرض. فكان كذلك. فأخرجت الأرض نباتاً وعشباً يبزر بزراً بحسب
صنفه وشجراً يخرج ثمراً بزره فيه بحسب صنفه. ورأى الله ذلك أنه حسن. وكان
مساء وكان صباح يوم ثالث.


"وقال الله لتكن نيّرات في جَلَد
السماء لتفصل بين النهار والليل، وتكون لآيات وأوقات وأيام وسنين، وتكون
نيّرات في جَلَد السماء لتضيء على الأرض. فكان كذلك. فصنع الله النيّرين
العظيمين النيِّر الأكبر لحكم النهار والنيِّر الأصغر لحكم الليل
والكواكب. وجعلها الله في جَلَد السماء لتضيء على الأرض، ولتحكم على
النهار والليل وتفصل بين النور والظلام. ورأى الله ذلك انه حسن. وكان مساء
وكان صباح يوم رابع.


"وقال الله لتفض المياه زحافات ذات أنفس
حيّة وطيوراً تطير فوق الأرض على وجه جَلَد السماء. فخلق الله الحيتان
العظام وكلّ دابّ من كلّ ذي نفس حية فاضت به المياه بحسب أصنافه وكلّ طائر
ذي جناح بحسب أصنافه. ورأى الله ذلك انه حسن. وباركها الله قائلاً انمي
واكثري واملأي المياه في البحار وليكثر الطير على الأرض. وكان مساء وكان
صباح يوم خامس.


"وقال الله لتخرج الأرض ذوات أنفس حية بحسب
أصنافها بهائم ودبابات ووحوش أرض بحسب أصنافها. فكان كذلك. فصنع الله وحوش
الأرض بحسب أصنافها والبهائم بحسب أصنافها وكل دبابات الأرض بحسب أصنافها.
ورأى الله ذلك انه حسن.


وقال الله لنصنع الانسان على صورتنا
كمثالنا، وليتسلّط على سمك البحر وطير السماء والبهائم وجميع الأرض كل
الدبابات الدابّة على الأرض. فخلق الله الانسان على صورته، على صورة الله
خلقه، ذكراً وأُنثى خلقهم. وباركهم الله وقال لهم انموا واكثروا واملأوا
الأرض وأخضعوها وتسلّطوا على سمك البحر وطير السماء وجميع الحيوان الدابّ
على الأرض.


وقال الله ها قد أعطيتكم كل عشب يبزر على وجه الأرض
كلها وكل شجر فيه ثمر يبزر بزراً يكون لكم طعاماً. ولجميع وحش الأرض وجميع
طير السماء وجميع ما يدبّ على الأرض ما فيه نفس حية، جميع بقول العشب
جعلتها مأكلاً. فكان كذلك. ورأى الله جميع ما صنعه فاذا هو حسن جداً. وكان
مساء وكان صباح يوم سادس.


"فأكملت السماوات والأرض وجميع
جيشها. وفرغ الله في اليوم السابع من عمله الذي عمل، واستراح في اليوم
السابع من جميع عمله الذي عمل. وبارك الله اليوم السابع وقدّسه لأنه فيه
استراح من جميع عمله الذي خلقه الله ليصنعه.

"هذه مبادئ السماوات والأرض اذ خلقت".



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Waitloadinglp0
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 4:19 pm

* تناقضات بين هذه الرواية والعلم


إن أول ما يصدمنا في قراءة
هذه الرواية أنها تناقض في بعض عناصرها معطيات العلم الأولية. فالنور يخلق
في اليوم الأول، بينما لا تخلق الشمس إلا في اليوم الرابع. ونحن نعلم
اليوم أن النور مرتبط بالشمس. ثم هناك ذكر لمياه علوية فوق جَلَد السماء،
والعلم يؤكد لنا أن لا وجود لمثل هذه المياه. وتقول لنا هذه الرواية أن
الكون خُلِق في ستة أيام، بينما يؤكد لنا العلم أن تكوين "الأرض والسماء"
استغرق مليارات من السنين.



لحلّ تلك التناقضات بين الكتاب
المقدسِ والعلم، لا بدّ لنا من التأكيد من جديد أن الكتاب المقدس ليس
كتاباً علمياً يحوي دروساً في علم الكون أو في علم الحياة؛ إنما هو كتاب
ديني يحتوي تعاليم عن علاقة الكون بالله خالقه. وعندما يعمد إلى وصف عمل
الله الخالق لا يستطيع أن يصفه إلا في إطار الصورة التي كان البشر في
القديم يرون فيها العالم:


فالأرض في نظرهم صفحة منبسطة تعوم
على وجه المياه، والدليل على ذلك ظهور الينابيع التي تتفجّر من هنا ومن
هناك من جوف الأرض. والجَلَد (أي الفضاء) الذي فوق الأرض هو نصف كرة ترتكز
أطرافها على حدود الأفق. وفوقه وضع الله المياه العلوية التي تنزل مطراً
على الأرض عندما يفتح لها سدود الجَلَد. وتحت الجَلَد أثبت الله الكواكب
وخطّ للشمس والقمر مسيرهما. أما النور فهو مستقلّ عن الشمس، والدليل على
ذلك ظهور النور حتى عند احتجاب الشمس وراء الغيوم.



قد
نبتسم ابتسامة الاستهزاء لتلك التخيّلات البدائية. لا ريب في أن العلم قد
تقدّم وأننا لا نستطيع بعدُ قبول تلك التفسيرات. لكن الله لا يكلمنا إلا
عن طريق البشر، والكتاب المقدس الذي هو كلام الله لا يمكنه أن يعطينا
تعاليمه إلا في لغة الشعب الذي نشأ فيه، وفي عقليته وتصوراته للكون. فلا
بدّ اذاً من فهم تلك العقلية وتلك التصورات لاكتشاف إرادة الله وإدراك
تعاليمه المقدسة.



* تعاليم هذه الرواية


نجد في
هذه الرواية أجوبة دينية على أسئلة طرحت البشر منذ أقدم العصور ولا تزال
تُطرح اليوم: ما أصل الكون؟ ما علاقة الانسان بالشمس والقمر والكواكب، وهل
هي آلهة أم خلائق؟ ما علاقة الانسان بسائر الخلائق، وهل له سلطة على كل لا
في الأرض من نبات وحيوان؟ ما علاقة الرجل بالمرأة، وهل المرأة مساوية
للرجل؟ لِمَ الراحة يوماً في الاسبوع، وما شأن الله والصلاة في يوم الراحة
هذا؟



الله الخالق


نلاحظ أولاً أن لفظة الله هي
التي تتكرر تقريباً في كل آية من آيات هذا الفصل. "خلق الله"، "قال الله"،
"رأى الله"، "سمّى الله"، "فصل الله"، "صنع الله"، "باركها الله"، الخ...
لا يقصد الكاتب المقدس في رواية الخلق هذه وصف الخلائق وتكوينها وميزاتها
بقدر ما يقصد إظهار علاقتها بالله الخالق؛ فالله وحده هو أصل جميع
الكائنات ومبدع كل الخلائق، هو وحده خالق الأرض وما فيها من نبات وحيوان
وبشر، وهو وحده خالق السماء وما يدور فيها من كواكب ونجوم.



"ورأى الله ذلك أنه حسن"


تعاد
هذه العبارة ست مرات في النص، وفي المرة السادسة يؤكد الكاتب أن "جميع ما
صنعه الله... هو حسن جداً". وفي ذلك اسم إعلان لمجال الحمل الذي قام به
الله وتركيز على قيمة الخلائق، ليس في تكوينها البيولوجي،

بل في
علاقاتها بالله. فالله أو الري أرادها، لذلك لها قيمة كبرى في ذاتها. وهذا
التركيز على حسن الخلائق هو في الوقت نفسه شهادة على وحدانية الله الخالق
ورفض للازدواجية التي نجدها في بعض الديانات القديمة والتي تؤكد وجود
إلهين في أصل الخلائق، إله الخير وإله الشر. أما هنا فالكتاب المقدس يعلن
وجود إله واحد قد خلق جميع الكائنات؛ لذلك هي حسنة. أما موضوع الشرّ
فسنعالحه في القسم الثاني من هذا البحث.


"وكان مساء وكان صباح..."


تعود
تلك العبارة ست مرات أيضاً، في نهاية كل يوم من أيام الخلق، مذكرّة الشعب
بالذبيحتين اللتين كانتا تقامان كل مساء وكل صباح. فذبيحة المساء كانت
تقام "نحو مغيب الشمس" معيدة إلى الأذهان العمل الخلاصي الذي قام به الله
عندما أخرج شعبه من مقصر (تثنية 16: 6)؛ وذبيحة الصباح كانت تقدّم بالغداة
"محرقة دائمة كما قدمت في سيناء" (العدد 28: 6)، معيدة ذكرى العهد الذي
أبرمه الله مع شعبه على يد موسى في سيناء.


ترتيب خلق الكائنات لأهميتها


نلاحظ
أن الكائنات قد برزت للوجود في تدرّج تصاعدي وفقاً لأهميتها. ففي البدء لم
يكن سوى أرض خربة خالية وعلى وجه الغمر ظلام. ثم خلق الله النور فالمياه
فاليابسة فالنبات فالعشب فالشجر فالكواكب، فالحيوانات البحرية فالطيور
فالحيوانات البرية فالبهائم، ثم توّج عمله بخلق الانسان على صورته كمثاله
ليتسلّط على جميع الخلائق.


الانسان صورة الله


بينما
تأتي النباتات والأشجار والحيوانات إلى الوجود "كلّ بحسب صنفه" (1: 11،
24)، يُخلق الانسان "على صورة الله كمثاله". تقوم صورة الله في الانسان
على اشتراك الانسان في سيادة الله على سائر الخلائق. وتلك السيادة تفرض
العقل والحرية والارادة. فقد خلق الانسان "ليتسلّط على سمك البحر وطير
السماء والبهائم وجميع الارض" (1: 26، 28).


أما لفظة كمثالنا
في قوله تعالى: "لنصنع الانسان على صورتنا كمثالنا"، فيقصد الكاتب بها
إلغاء المساواة التامة بين الانسان والله. فالانسان هو على صورة الله
ولكنه ليس مساوياً له في الألوهة. وقد رأى بعض الآباء القديسين الشرقيين
في الصورة الطبيعة التي خُلق عليها الانسان، وفي المثال الدعوةَ التي هو
مدعو لبلوغها. فقد خُلق على صورة الله، ولكنه مدعو إلى أن يصبح على مثال
الله في قداسته.


والمرأة هل هي مساوية للرجل في تلك الصورة؟
جواباً على هذا السؤال يؤكد الكاتب المقدس مساواة الرجل والمرأة. فكلاهما
خُلق على صورة الله: "فخلق الله الانسان على صورته، على صورة الله خلقه،
ذكراً وأُنثى خلقهم" (1: 27).

الأيام الستة


ان الكاتب
وزّع على ستة أيام عمل الخلق الذي قام به الله. يجب ألاّ نرى في هذا العدد
تحديداً علمياً للمدة الزمنية التي استغرقها تكوين العالم. فقد قسّم
الكاتب المقدس الكائنات كلّها ستة أقسام، وبيّن أن الله قد خلقها في ستة
أيام، ثم استراح في اليوم السابع.


وما ذلك إلا طريقة تعليمية
تظهر في عمل الله مثالاً لعمل الانسان وتؤكد ضرورة تقديس يوم السبت كما
جاء في الوصية الثالثة من وصايا الله: "اذكر يوم السبت لتقدّسه. في ستة
أيام تعمل وتصنع جميع أعمالك. واليوم السابع سبت للرب إلهك، لا تصنع فيه
عملاً لك، أنت وابنك وابنتك وعبدك وأمتك وبهيمتك ونزيلك الذي في داخل
أبوابك. لأن الرب في ستة أيام خلق السماوات والأرض والبجر وجميع ما فيها،
وفي اليوم السابع استراح، ولذلك بارك الرب يوم السبت وقدّسه" (خروج 20: 8-
11)


الأرض الجافة


خلق الانسان

غرس الجنة


وصية الله
للانسان

خلق الحيوانات


لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Waitloadinglp0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 4:21 pm

خلق المرأة الرواية الثانية (تك 2: 4 ب- 25)


"يوم
صنع الرب الإله الأرض والسماوات، كلّ شجر البرية لم يكن بعد في الأرض كلّ
عشب البرية لم ينبت بعد، لأن الرب الإله لم يكن قد أمطر بعد على الأرض،
ولم يكن انسان ليحرث الأرض.


"وان الربّ الإله جبَلَ الانسان تراباً من الأرض ونفخ في أنفه نسمة حياة، فصار الانسان نفساً حيّة.
"وغرس الرب الإله جنة في عدن شرقاً وجعل هناك الانسان الذي جبله.

وأنبت
الرب الإله من الأرض كل شجرة حسنة المنظر وطيبة المأكل، وشجرة الحياة في
وسط الجنة، وشجرة معرفة الخير والشرّ. وكان نهر يخرج من عدن فيسقي الجنة،
ومن ثم يتشعب فيصير أربعة رؤوس: اسم أحدها فيشون وهو المحيط بجميع أرض
الحويلة حيث الذهب، وذهب تلك الأرض جيد، هناك المقل وحجر الجزع. واسم
النهر الثاني جيحون وهو المحيط بجميع أرض الحبشة. واسم النهر الثالث
حدّاقل وهو الجاري في شرقي أشور. والنهر الرابع هو الفرات.


"وأخذ
الرب الإله الانسان وجعله في جنة عدن ليفلحها ويحرسها. وأمر الرب الإله
الانسان قائلاً: من جميع شجر الجنة تأكل، أما شجرة معرفة الخير والشر فلا
تأكل منها، فانك يوم تأكل منها تموت موتاً.
"وقال الرب الإله لا يحسن
أن يكون الانسان وحده، فأصنع له عوناً بإزائه. وجبل الرب الإله من الأرض
جميع حيوانات البرية وجميع طير السماء وأتى بها آدم ليرى ماذا يسمّيها،
فكلّ ما سمّاه به آدم من نفس حية فهو اسمه. فدعا آدم جميع البهائم وطير
السماء وجميع وحش الصحراء بأسماء. وأما آدم فلم يوجد له عون بإزائه.


"فأوقع
الرب الإله سباتاً على آدم فنام، فاستلّ إحدى أضلاعه وسدّ مكانها بلحم.
وبنى الرب الإله الضلع التي أخذها من آدم امرأة، فأتى بها آدم، فقال آدم:
ها هذه المرة عظم من عظامي ولحم من لحمي. هذه تسمى امرأة لأنها من امرئ
أُخذت. ولذلك يترك الرجل أباه وأُمه ويلزم امرأته، فيصيران جسداً واحداً.
وكانا كلاما عريانين آدم وامرأته وهما لا يخجلان".



تعود
هذه الرواية إلى القرن العاشر قبل المسيح. فهي اذاً أقدم من الأولى. إلا
أنها ليست من كاتب واحد؛ فهي بدورها تجمع تقليدين مختلفين، تقليداً أول
يتكلم عن خلق الانسان (2: 4 ب- لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Icon_cool


الله الخالق


يبدو لنا الله
في هذه الرواية أيضاً الإله الوحيد الذي خلق وحده كل شيء، الانسان والجنة
والحيوانات والمرأة. وتتميّز صورة الله في هذه الرواية بأنها تنسب إلى
الله أعمالاً انسانية، فتصفه وهو يغرس الجنة ويجبل تراباً ليصنع الانسان،
ثم يأخذ ضلعاً من أضلاعه ليصنع المرأة، ويسدّ مكانها بلحم. وفي الفصل
الثالث نراه "يتمشّى في الجنة عند نسيم النهار" (3: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Icon_cool،
ويصنع لآدم وحواء بعد الخطيئة "أقمصة من جلد ليكسوهما" (3: 21). تظهر هذه
الرواية قرب الله من الانسان وعطفه عليه، إلا أنها لا تقلّص شيئاً من
قدرته، فهو وحده الخالق، وهو وحده السيد الذي يعطي الانسان وصاياه وفي يده
الحياة والموت.



خلق الانسان


تصف هذه الرواية
خلق الانسان بطريقة بدائية. فالله يجبل تراباً وينفخ فيه. من البديهي أن
الله روح وليس له جسد ولا يدان ليجبل التراب. لقد استخدم الكاتب صورة
معروفة في عمره ليعطي من خلالها تعليماً دينياً. فالأساطير المصرية
القديمة كانت تصوّر الإله الكبش يكوّن الملك على آلة الخزاف. فمن خلال تلك
الصورة يؤكد الكاتب ان الانسان هو من صنع الله في جسده وروحه.



الجنة


ان
الإطار الذي ستجري فيه حوادث الخطيئة الأولى هو "جنة في عدن شرقاً".
يستحيل على علماء الكتاب المقدس اليوم تحديد هذا الموضع جغرافياً. إلا أن
لفظة "عدن" مشتقّة بالعبريّة من أصل يعني "النعيم". وبما ان الرواية ليست
رواية تاريخية بل تعليمية، نكتفي بهذا المعنى لنستنتج منه هدف الكاتب
المقدس، ألا وهو التشديد على محبة الله للانسان.

فبعد أن خلقه وضعه
في "جنة نعيم" فيها كل ما كان الانسان القديم العائش في الصحراء يتمناه:
واحة ظليلة مليئة بالشجر المثمر والمياه الغزيرة. وكذلك القول عن الأنهر
الأربعة التي كانت تخرج من الجنة، وعن أسماء البلدان التي تسقيها، فانها
ليست مواضع جغرافية نستطيع تحديدها، إنما تعني أن الأنهار التي تسقي جهات
الأرض الأربع تخرج من الجنة، فهي اذاً من صنع الله.



العمل


"وأخذ
الرب الإله الانسان وجعله في جنة عدن ليفلحها ويحرسها" (2: 15). يعتبر
الكاتب عمل الانسان أمراً أراده له الله منذ أن خلقه. فليس العمل في ذاته
قصاصاً على الخطيئة الأولى، كما يقال أحياناً. ان نتيجة الخطيئة ستكون
المشقّة في العمل، كما ورد في قول الله لآدم: "إذ سمعت لصوت امرأتك فأكلت
من الشجرة التي نهيتك قائلاً لا تأكل منها، فملعونة الأرض بسببك، بمشقة
تأكل منها طول أيام حياتك، وشوكاً وحسكاً تُنبت لك" (تك 3: 17، 18).
فالخطيئة، أياً كانت، تحدث خللاً في طبيعة الانسان وفي علاقاته مع الله
ومع الآخرين ومع الكون. أما العمل فهو في ذاته من صلب الطبيعة الانسانية.



سيادة الانسان على الحيوانات


بعد
أن خلق الله الحيوانات "أتى بها آدم ليرى ماذا يسمّيها. فكل ما سمّاه به
آدم من نفس حية، فهو اسمه" (2: 19). ان الله قد أعطى الانسان السيادة على
الحيوانات. وهذه السيادة عبّرت عنها الرواية الأولى بقوله تعالى للانسان:
"تسلّطوا على سمك الحر وطير السماء وجميع الحيوان الدابّ على الأرض" (1:
28). أما هذه الرواية الثانية فتعبّر عن الفكرة عينها بقولها ان الله قد
ترك للانسان نفسه تسمية الحيوانات.



خلق المرأة


يتصوّر
الكاتب أن الله خلق المرأة من ضلع الرجل. هذه صورة شعبية للدلالة على أن
المرأة والرجل هما من جبلة واحدة: "هذه تسمى امرأة، لأنها من امرئ أخذت"
(2: 23)، وانهما متساويان في الطبيعة الانسانية. وفي هذه الصورة أيضاً
إصرار على أن الزواج أمر مقدّس أراده الله نفسه: "لا يحسن أن يكون الانسان
وحده، فأصنع له عوناً بإزائه" (2: 18). ويضيف الكاتب: "لذلك يترك الرجل
أباه وأُمه ويلزم امرأته فيصيران جسداً واحداً" (2: 24). وهذا النص سيعود
إليه يسوع في حديثه عن الزواج وشجبه الطلاق (متى 19: 3- 6).



الخلق والعهد وشجرة معرفة الخير والشر


نلاحظ
إذاً في هذه الرواية أيضاً ان الكاتب المقدس لم يقصد أن يروي بالتدقيق ما
جرى من حوادث في فجر البشرية، بل أن يبرز علاقة الله بالانسان وعلاقة
الانسان بالكون وعلاقة الرجل بالمرأة، كما أرادها الله منذ خلق الكون
والانسان والرجل والمرأة.


ان علاقة الله بالانسان هي علاقة عهد
على مدى التاريخ منذ بدء الكون. فالله الذي قطع مع الشعب اليهودي عهداً
بأن يكون معهم ويخلّصهم من أعدائهم، هو نفسه قد قطع مع البشرية جمعاء
عهداً مماثلاً منذ خلق الانسان الأول. ويمكننا أن نجد أوجه شبه متعددة بين
عهد الخلاص وعهد الخلق:


- فكما ان الله خلّص اسرائيل إذ أخرجه
من مصر وقاده عبر الصحراء ليقيمه في أرض خصبة "تدرّ لبناً وعملاً"، هكذا
خلق الله الانسان الأول على أرض "لم يكن فيها أي شجر أو عشب" (2: 5)، ثم
غرس له جنة وأقامه فيها ليفلحها ويحرسها.


- وكما ان الله أعطى
شعبه على جبل سيناء بواسطة موسى وصاياه وأحكامه انطلاقاً من الوصية
الأساسية "لا يكن لك آلهة تجاهي" (خروج 20: 3)، هكذا، منذ خلق الانسان،
أوصاه ألا يأكل من شجرة معرفة الخير والشر. وترمز تلك الشجرة، لا إلى
التمييز بين الخير والشر

- لأن هذا من صلب طبيعة الانسان العاقل،
والله قد أعطى الانسان هذا التمييز منذ أن خلقه- إنما إلى السلطة على
تحديد الخير والشر. وتلك السلطة هي بيد الله وحده، فهو الذي يحدّد الخير
والشرّ، وهو الذي يعطي الوصايا التي توضح ما الخير الذي يجب فعله وما الشر
الذي يجب الابتعاد عنه. فالأكل من شجرة معرفة الخير والشر هو إذاً رفض لله
والاستقلال عنه في كل ما يتعلّق بالخير والشر، والتخلّي عن وصاياه، انه
رفض الانسان أن يكون خليقة، أي كائناً مرتبطاً بالله.


- وفي
عهد سيناء وعد الله بالبركة من يتبع وصاياه وهدّد بالموت من يخالفها:
"انظر، اني قد جعلت اليوم بين يديك الحياة والخير والموت والشر. بما اني
آمرك اليوم أن تحب الرب إلهك وتسير في طرقه وتحفظ وصاياه ورسومه وأحكامه
لتحيا وتكثر ويباركك الرب إلهك. وان زاغ قلبك ولم تسمع وملت وسجدت لآلهة
أخرى وعبدتها، فقد أنبأتكم اليوم أنكم تهلكون هلاكاً" (تثنية 30: 15- 18).

وفي
الجنة أيضاً هدّد الله الانسان بالموت إن لم يتبع وصاياه: "أما شجرة معرفة
الخير والشر فلا تأكل منها، فانك يوم تأكل منها تموت موتاً" (2: 15). ليس
القصد من الموت في هذه الجملة الموت الجسدي، لأن الموت الجسدي هو طبيعي
للانسان، بل موت النفس؛


فعبارة "تموت موتاً" هي مرادفة
لعبارة "تهلكون هلاكاً" التي نقرأها في سفر تثنية الاشتراع. ان الانسان
الذي يرفض الله ويريد أن يكون هو إله نفسه لا محالة هالك. كل ما يستطيع
بلوغه من دون الله إنما هو اكتشاف عريه وبؤسه، وهذا ما عبّر عنه الكاتب
المقدس بقوله ان آدم وحواء بعد خطيئتهما "انفتحت أعينهما فعلما أنهما
عريانان" (تك 3: 7).

وما طرد آدم وحواء من الجنة (تك 3: 23) إلا
صورة رمزية للموت الروحي الذي حصل لهما بعد الخطيئة، أي لفقدانهما بركة
الله وحياة الألفة معه.

وخلق المرأة (2: 18- 24)، وتقليداً ثانياً يدور حول حوادث الخطيئة الأولى.
فيصف أولاً الإطار الذي ستجري فيه تلك الحوادث، أي الجنة وما فيها من
أشجار ولا سيمَا شجرة الحياة وشجرة معرفة الخير والشر. ثم يتكلم عن وصية
الله بالامتناع عن الأكل من شجرة معرفة الخير والشر (2: 9- 17). ثم يتابع
هذا التقليد روايته في الفصل الثالث فيروي قصة التجربة وعصيان آدم وحواء
أوامر الله (3: 1- 24).



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Waitloadinglp0
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 4:28 pm


4- ماذا يمكننا أن نستنتج من تعاليم العهد القديم في موضوع الخلق؟


من كل ما سبق يمكننا استخلاص التعاليم التالية:


1) ان الله هو الإله الوحيد الكائن منذ الأزل، الذي لم يأخذ كيانه من أي كائن آخر.


2) ان الله هو الخالق الوحيد للكون كله وللانسان. وعمل الخلق هو فيض من
محبته، فالله حاضر مدى الدهر مع الانسان بصلاحه ومحبته وقدرته.


3) ان عمل الخلق هو عمل حر، لم يكن فيه الله مرغماً ولا مقيّداً بأي عامل خارجي. والكون الذي ينتج من عمله لا يتعلّق إلا به.


4) ان عمل الخلق هذا تصفه تقاليد مختلفة من سفر التكوين في عبارات وتصاوير
وتشابيه متأثرة بالمحيط الذي نشأت فيه تلك التقاليد وبالبيئة التي كتب
فيها سفر التكوين، ولا سيمَا بالحضارتين البابلية والمصرية.



ب- في العهد الجديد


لا
نجد في العهد الجديد كما في سفر التكوين روايات خاصة بخلق العالم. إلا أن
الإيمان بالله الخالق هو الأساس الذي يرى من خلاله العهد الجديد علاقة
الله بالانسان. ثم ان الذين عاشوا مع المسيح أدركوا بالإيمان أنهم يحضرون
في شخص يسوع المسيح تحقيق مواعيد الله ومقاصده التي سبق فحدّدها منذ إنشاء
العالم. لذلك يؤكد العهد الجديد من جهة أُبوّة الله الشاملة لجميع خلائقه
ومن جهة أخرى وساطة يسوع في الخلق كما في الخلاص.


1- الله الخالق


إزاء
العالم الوثني الذي كان يعبد الأصنام أكّد الرسل في كرازتهم عبادة الله
الأوحد "خالق السماء والأرض". فبولس الرسول، في خطابه في لسترا، طلب من
مستمعيه أن يرجعوا "إلى الله الحي الذي صنع السماء والأرض والبحر وجميع ما
فيها" (أعمال 14: 15)؛ وفي خطابه في أثينا في الآريوباغس، قال للجموع
المحتشدة لسماعه:


"ان الإله الذي صنع العالم وجميع ما فيه لا
يسكن، إذ هو رب السماء والأرض، في هياكل صنعتها الأيدي، ولا تخدمه أيدي
البشر كأنه محتاج إلى شيءٍ ما، إذ هو يعطي الجميع حياةً ونفساً وكل شيء.
وهو الذي صنع من واحد كلّ أمة من البشر، ليسكنوا على وجه الأرض كلها،
محدداً لهم مدى الأزمنة وتخوم مساكنهم، لكي يطلبوا الله، لعلّهم يجدونه
متلمّسين، مع انه غير بعيد من كل واحد منا، إذ به نحيا ونتحرّك ونوجد، كما
قال أيضاً بعض شعرائكم: "إنّا نحن ذريّته" (أعمال 17: 24- 28).


فالله،
بحسب تعليم بولس، هو الذي صنع السماء والأرض، وهو الذي صنع من واحد جميع
أُمم الأرض. فهو إذاً خالق الكون وجميع البشر، وبه نحيا ونتحرك ونوجد.



2- الخلق بالمسيح


يضيف
العهد الجديد إلى الإيمان بالله الخالق فكرة جديدة، وهي أن الله خلق كل
شيء بالمسيح. ترد هذه الفكرة عند ثلاثة كتّاب: بولس الرسول ويوحنا
الانجيلي وفي الرسالة إلى العبرانيين التي تَبيَّن أنها ليست من وضع بولس
الرسول.


* النصوص
(كولسي 1: 12- 20)


يقول بولس
في رسالته إلى الكولسيّين إن المسيح هو "صورة الله غير المنظور، المولودُ
قبل كل خلق، إذ فيه خُلق جميع ما في السماوات وعلى الأرض، ما يُرى وما لا
يُرى... به وإليه خلق كل شيء، انه قبل كل شيء، وفيه يثبت كل شيء" (1: 15-
17).


يبدو أن هذا المقطع هو جزء من نشيد مسيحي قديم كان يُنشده
المسيحيون الأوّلون مؤكدين إيمانهم بدور المسيح في الخلق كما في الخلاص.
فبعد الإشادة بدور المسيح في الخلق يتابع بولس: "الذي هو أيضاً رأس الجسد،
أي الكنيسة، انه المبدأ، البكر من بين الأموات -لكي يكون هو الأول في كل
شيء- ففيه ارتضى الله أن يحلّ الملء كله، وأن يصالح به، لنفسه، كل ما على
الأرض وفي السماوات، بإقراره السلام بدم صليبه" (1: 18- 20).



(1 كورنثس 8: 6)


"فنحن إنما لنا إله واحد، الآب، الذي منه كل شيء ونحن إليه، ورب واحد يسوع المسيح، الذي به كل شيء ونحن به".


يعلن
بولس إيمانه بالله الآب الخالق كل شيء، ثم إيمانه بالابن الذي هو الوسيط
في الخلق: "به كل شيء". وهو الوسيط أيضاً في الخلاص: "فنحن به" أي به
افتدينا وتقدّسنا وأصبحنا خليقة جديدة.


(يوحنا 1: 1- 18)


ان
الفصل الأول من انجيل يوحنا هو أيضاً، على ما يرجّح، مستقى من نشيد مسيحي
قديم يشيد بدور المسيح كلمة الله في الخلق والخلاص، فيعلن أن المسيح هو
الكلمة الذي، خلق الله الآب الكون، وأنّه مساوٍ لله: "في البدء كان
الكلمة، والكلمة كان لدى الله، وكان الكلمة الله" (1: 1). ثم تشير الآية
الثالثة إلى وساطة الكلمة في الخلق: "به كوّن كل شيء وبدونه لم يكن شيء
واحد مما كُوِّن"، وتعود الفكرة عينها في الآية العاشرة: "العالم به
كُوَن".


وفي الآية الرابعة يبدو لنا الكلمة، الذي وُصف بأنه
الوسيط في الخلق، الوسيط أيضاً في الخلاص: "فيه كانت الحياة والحياة كانت
نور الناس، والنور يضيء في الظلمة..."، فالحياة والنور لفظتان تعنيان في
انجيل يوحنا الخلاص، وكأنك في الآية 16: "ومن امتلائه نحن كلنا أخذنا
ونعمة فوق نعمة".



(الرسالة إلى العبرانيين 1: 1- 3)


"ان
الله، بعد أن كلَّمَ الآباء قديماً بالأنبياء مراراً عديدة وبشتى الطرق،
كلَّمنا نحن، في هذه الأيام الأخيرة، بالابن الذي جعله وارثاً لكل شيء،
وبه أيضاً أنشأ العالم، الذي هو ضياء مجده وصورة جوهره وضابط كل شيء بكلمة
قدرته، الذي بعد أن طهّرنا من خطايانا، جلس عن يمين الجلال في الأعالي".


في
هذه الآيات التي قد تكون أيضاً مستقاة من نشيد مسيحي قديم يجمع الكاتب عمل
المسيح الخلاصي الذي به "طهّرنا من خطايانا"، ووساطته في الخلق. فبالمسيح
"أنشأ الله لعالم". والمسيح هو "ضابط كل شيء بكلمة قدرته". فالخلق
بالكلمة، الذي هو من عمل لله في سفر التكوين، تؤد هذه الرسالة أنه أيضاً
من عمل الابن كلمة الله والوسيط الوحيد في الخلق كما في الخلاص.



* مصادر فكرة "الخلق بالمسيح"


ان
المراجع الثلاثة التي يعبّر فيها العهد الجديد عن "الخلق بالمسيح" هي
مستقلّة بعضها عن بعض. ومعظم المقاطع التي ترد فيها تلك الفكرة هي بقايا
من أناشيد كان المسيحيون الأولون يتلونها في صلواتهم. ومعروف أن الأناشيد
والصلوات تعبِّر عن الإيمان. فنستنتج من هذا كله ان فكرة الخلق بالمسيح قد
ظهرت في السنوات الأولى للمسيحية، وهي تعبّر عن إيمان الرسل والمسيحيين
الأوّلين بأن يسوع المسيح هو كلمة الله الذي به خُلق كل شيء. ماذا يعني
هذا التعبير، وما هو مصدره؟


ان المسيحيين الأوّلين قد رأوا في
شخص يسوع المسيح تحقيق كل ما ورد في العهد القديم في الحكمة الإلهية،
وعبَّروا عن إيمانهم بتعابير استقوها من الفلسفة اليونانية ولا سيمَا من
أقوال فيلون الاسكندر في العقل الالهي الذي نظّم العالم.



الحكمة في العهد القديم


ان العهد القديم قد تصوّر الحكمة موجودة مع الله منذ خلق العالم. وهذه بعض الآيات التي نجدها في الأسفار الحكمية:


"أنا
الحكمة... الرب حازني في أول طريقه قبل ما عمله منذ البدء. من الأزل مسحت
ومن الأول من قبل أن كانت الأرض. وُلدت حين لم تكن الغمار والينابيع
الغزيرة المياه... حين وضع للبحر رسمه فالمياه لا تتعدى أمره، وحين رسم
أُسس الأرض، وكنت عنده مهندساً" (الأمثال 8: 22- 35).
"كل حكمة فهي من
الرب ولا تزال معه إلى الأبد... قبل كل شيء حيزت الحكمة، ومنذ الأزل فهم
الفطنة. ينبوع الحكمة كلمة الله ومسالكها الوصايا الأزلية" (يشوع بن سيراخ
1: 4، 5).


"هب لي الحكمة الجالسة إلى عرشك... ان معك الحكمة
العليمة بأعمالك والتي كانت حاضرة إذ صنعت العالم وهي عارفة ما المرضيّ في
عينيك والمستقيم في وصاياك" (الحكمة 9: 4، 9).
نجد في هذه النصوص
تعابير سيرى العهد الجديد تحقيقها في المسيح. فهو مولود كالحكة قبل كل خلق
"حين لم تكن الغمار والينابيع الغزيرة". وهو "من الرب"، وهو "كلمة الله"،
وهو "الجالس إلى عرش الله"، وهو "حاضر مع الله عند خلق العالم".


"الكلمة" في الفلسفة اليونانية


وردت
لفظة "الكلمة" في الفلسفة اليونانية للدلالة على العقل الإلهي الذي نظّم
العالم. واعتبر فيلون الاسكندري الكلمة إلهاً أدنى بواسطته خلق الله
الكون. فالكلمة، حسب قوله، "صورة الله التي بها خُلق الكون كله". كذلك
يتكلم فيلون عن الحكمة التي "بها خُلق كل شيء".


فالجماعة
المسيحية اليونانية الأصل نسبت تلك العبارات إلى المسيح الذي رأت فيه حكمة
الله المتجسِّدة وكلمة الله الذي ظهر في العالم وكان منذ البدء مع الله
قبل خلق العالم. ففي الخلق كما في الخلاص لا وساطة غير وساطة المسيح الذي
هو كلمة الله المولود من الله منذ الأزل.


وهكذا نشأت في
الكنيسة الأولى تلك الأناشيد التي تستخدم الثقافة اليونانية للتعبير عن
سرّ المسيح وإظهار علاقته الفريدة بالله الآب. فهو وحده ابن الله الكائن
منذ الأزل مع الله، وبه وحده تمَّ خلق العالم، كما انه به وحده تمَّ
الخلاص الذي هو"خلق جديد": "إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة.
فالقديم قد اضمحلّ وكل شيء قد تجدّد" (2 كور 5: 17).



المسيح هو المبدأ والغاية


ان
الخلق الجديد هو الذي يعطي الخلق الأول ملء معناه. فالخلق الأول كان منذ
البدء موجّهاً ليجد كماله في المسيح. لذلك فان المسيح هو في الوقت ذاته
مبدأ الخلق وغايته الأخيرة، والهدف الذي يجب أن يسير إليه كل انسان. لذلك
يقول بولس: "به وإليه خلق كل شيء" (كولسي 1: 16). ان لفظة "به" تعني أنه
المبدأ، ولفظة "إليه" تعني انه الغاية. ويردف بولس:

"انه قبل كل
شيء، وفيه يثبت كل شيء" (كولسي 1: 17). فكما أن كل عمل يقوم به كائن عاقل
يسبقه دوماً الفكر والتصميم والمبدأ، هكذا فان المسيح هو المبدأ الذي سبق
خلق العالم، "انه قبل كل شيء". وكما ان كل عمل يسير نحو غاية أخيرة، هكذا
أيضاً المسيح هو الغاية الأخيرة التي يسير إليها الخلق، لذلك "فيه يثبت كل
شيء".


هذا الإيمان بما للمسيح من دور فريد في الخلق كما في
الخلاص، عبَّرَ عنه أخيراً يوحنا في سفر الرؤيا بقوله إن المسيح هو "الألف
والياء، الأول والآخر، المبدأ والغاية" (رؤيا 22: 13).



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات Waitloadinglp0
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
 
لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 3انتقل الى الصفحة : 1, 2, 3  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» لاهوت المسيح من خلال تصريحاته
» لاهوت المسيح عند آباء ما قبل نيقية
» النور المقدس والقبر الفارغ ..دليل دامغ على لاهوت المسيح
» هام جداً : الأنبا بيمن يصرح وفاء قسطنطين تصلح استاذة لاهوت ولغة قطع الأذن...
» الرد القوى للكنيسة على العوا و الجزيرة ...

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات أولاد أم النور :: المنتـــديــــــــات الروحــــية :: اللاهوتيات والعقـائـد :: اللاهوت المقارن-
انتقل الى: