منتديات أولاد أم النور
بسم الآب والإبن والروح القدس الإله الواحد آمين
♥️†††♥️†††♥️
لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Omy10
مرحبا ً بك زائرنا العزيز
ينبغي عليك أن تعرّف بنفسك لدخول المنتدي
وإن لم يكن لديك حساب بعد، فنحن نتشرف بدعوتك لإنشائه
منتديات أولاد أم النور
بسم الآب والإبن والروح القدس الإله الواحد آمين
♥️†††♥️†††♥️
لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Omy10
مرحبا ً بك زائرنا العزيز
ينبغي عليك أن تعرّف بنفسك لدخول المنتدي
وإن لم يكن لديك حساب بعد، فنحن نتشرف بدعوتك لإنشائه
منتديات أولاد أم النور
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالرئيسية  المجلةالمجلة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  التسجيلالتسجيل  

 

 لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 2:38 pm

تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :

لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 86369862hr7yb2

لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Fishgnlnrk7


لاهوت مقارن ... الرد على البدع والهرطقات ...

" كتاب مكتوب "

توطئَة


تشهد
المسيحية في نهاية هذا القرن العشرين ظاهرتين متناقضتين. فمن جهة وعند
فئات كثيرة من الشعب فتور في الممارسات الدينية وابتعاد عن الايمان
وإلحاد، ومن جهة أخرى وعند فئات من الشعب لا تقلّ عدداً عن الأولى عودة
إلى القيم الروحية ورغبة متزايدة في التعمّق في مختلف أبعاد الايمان
والدين.
لقد كان يومٌ ظنّ فيه الانسان أن العلم سيحلّ كل مشكلاته.
فتطوِّرَ العلم وبلغ بالانسان ولاسيمَا في البلدان الراقية قمةَ الرفاهية
وبحبوحة العيش. إلا أنه لم يتمكّن من مساعدة الانسان على إزالة ما يشعر به
في أعماق كيانه من فراغ وضياع.


وكان يومٌ ظنّ فيه الانسان أن
مشكلاته ناتجة عن رزوحه تحت نير العبودية والطغيان والاستعمار وان الثورات
هي السبيل الوحيد للبلوغ بالبشر الى الحرية والاخوّة والمساواة. فقات
الثورات وتبدّلت الحكومات وأُنشئت أنظمة جديدة حاولت ضمان الحريات والحقوق
للأفراد والجماعات. إلا أنّ شيئاً لم يتغيّر لا في حياة الانسان
الاجتماعية ولا في عمق كيانه. فقد ظلّ في حياته الاجتماعية والسياسية عرضة
للتعسّف وكبت الحريات وشتى المظالم، وبقي في أعماق كيانه حائراً ضائعاً
غريباً عن ذاته.
فلا بدّ والحالة هذه من إعادة طرح موضوع الايمان
والدين بشكل جذري. فالابتعاد عن الايمان ورفض الدين هل هما ابتعاد عن
الايمان الحقيقي ورفض للدين الصحيح، أم إنّهما ليسا في الواقع سوى ابتعاد
عن إيمان مزيّف ورفض لدين خاطئ؟


ان التحدّيات التي يجابها
الدين المسيحي اليوم إن من قبل الفلسفات الملحدة التي ترفض وجود الله، وإن
من قبل الأديان الأخرى التي يحسب كل مها ذاته الدين القويم، وإنْ من قبل
ما أحرزه العقل البشري في ميادين العلم والتقنية، تحتّم علينا العودة إلى
الأسس التي بُني علها إيماننا للتأكد من قوة ثباتها ومدى ملاءمتها للانسان
المعاصر.
هذا ما سنحاول تحقيقه في سلسلة من المقالات اللاهوتية نوجز
فيها العقيدة المسيحية في مختلف جوانبها وتعاليمها. كثيرون من المسيحيين
يجهلون المبادئ الأوليّة للديانة التي وُلدوا فيها، وكثيرون يتساءلون عمّا
بقي من الدين المسيحي عقب اكتشافات المذهلة التي شاهدها القرن العشرون في
مختلف ميادين العلم والتاريخ والدروس الكتابية.
هدفنا إذاً في هذه
المقالات هو هدف مزدوج. فمن جهة عرض شامل، وان بإيجاز واقتضاب، لجميع
عقائد الايمان المسيحي، ومن جهة أخرى إظهار ما يتميّز به الايمان المسيحي
عن الاديان الأخرى وعن العلم والايديولوجبات المختلفة، ومن ثمّ إبراز
موافقة الدين المسيحي للانسان المعاصر في بعده الشخصي وبعده الجماعي.
ولا
نقصد من هذه المقالات أن نبرهن عقلياً للملحدين وأتباع الديانات الأخرى
انهم على ضلال وأن الديانة المسيحية هي وحدها الديانة الحقيقية. فالبراهين
التي تستند إلى العقل لإظهار صحة الدين المسيحي وضلال سائر الديانات لم
تعد مقبولة في اللاهوت المعاصر. سيقتصر عملنا إذاً على عرض موضوعي لما
نؤمن به نحن المسيحيين وعلى إيضاح الأسباب التي تدفعنا إلى التمسّك بهذا
الايمان.
أما التصميم الذي سنتَّبعه فهو تصميم "قانون الايمان" الذي لا
يزال المسيحيون يتلونه منذ القرن الرابع معبّرين فيه عن مجمل العقائد التي
يؤمنون بها. فنعالج على التوالي:
* الايمان بالله الواحد الآب الضابط الكل.
* الايمان بالله خالق السماء والأرض.
* الايمان بيسوع المسيح ابن الله الوحيد.
* الايمان بالروح القدس والثالوث الأقدس.
* الايمان بالكنيسة الواحدة الجامعة المقدسة الرسولية.
* الاعتراف بالمعمودية والأسرار المقدسة.
* رجاء قيامة الموتى والحياة في الدهر الآتي.

سنعالج في هذا الجزء الأول

المواضيع الثلاثة الأولى،

على أمل معالجة سائر المواضيع في أجزاء لاحقة من هذه السلسلة.


لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Waitloadinglp0




عدل سابقا من قبل خـــ الرب ـــادم في الأربعاء 03 يونيو 2009, 1:39 am عدل 2 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm

كاتب الموضوعرسالة
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات




لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 4:28 pm


4- ماذا يمكننا أن نستنتج من تعاليم العهد القديم في موضوع الخلق؟


من كل ما سبق يمكننا استخلاص التعاليم التالية:


1) ان الله هو الإله الوحيد الكائن منذ الأزل، الذي لم يأخذ كيانه من أي كائن آخر.


2) ان الله هو الخالق الوحيد للكون كله وللانسان. وعمل الخلق هو فيض من
محبته، فالله حاضر مدى الدهر مع الانسان بصلاحه ومحبته وقدرته.


3) ان عمل الخلق هو عمل حر، لم يكن فيه الله مرغماً ولا مقيّداً بأي عامل خارجي. والكون الذي ينتج من عمله لا يتعلّق إلا به.


4) ان عمل الخلق هذا تصفه تقاليد مختلفة من سفر التكوين في عبارات وتصاوير
وتشابيه متأثرة بالمحيط الذي نشأت فيه تلك التقاليد وبالبيئة التي كتب
فيها سفر التكوين، ولا سيمَا بالحضارتين البابلية والمصرية.



ب- في العهد الجديد


لا
نجد في العهد الجديد كما في سفر التكوين روايات خاصة بخلق العالم. إلا أن
الإيمان بالله الخالق هو الأساس الذي يرى من خلاله العهد الجديد علاقة
الله بالانسان. ثم ان الذين عاشوا مع المسيح أدركوا بالإيمان أنهم يحضرون
في شخص يسوع المسيح تحقيق مواعيد الله ومقاصده التي سبق فحدّدها منذ إنشاء
العالم. لذلك يؤكد العهد الجديد من جهة أُبوّة الله الشاملة لجميع خلائقه
ومن جهة أخرى وساطة يسوع في الخلق كما في الخلاص.


1- الله الخالق


إزاء
العالم الوثني الذي كان يعبد الأصنام أكّد الرسل في كرازتهم عبادة الله
الأوحد "خالق السماء والأرض". فبولس الرسول، في خطابه في لسترا، طلب من
مستمعيه أن يرجعوا "إلى الله الحي الذي صنع السماء والأرض والبحر وجميع ما
فيها" (أعمال 14: 15)؛ وفي خطابه في أثينا في الآريوباغس، قال للجموع
المحتشدة لسماعه:


"ان الإله الذي صنع العالم وجميع ما فيه لا
يسكن، إذ هو رب السماء والأرض، في هياكل صنعتها الأيدي، ولا تخدمه أيدي
البشر كأنه محتاج إلى شيءٍ ما، إذ هو يعطي الجميع حياةً ونفساً وكل شيء.
وهو الذي صنع من واحد كلّ أمة من البشر، ليسكنوا على وجه الأرض كلها،
محدداً لهم مدى الأزمنة وتخوم مساكنهم، لكي يطلبوا الله، لعلّهم يجدونه
متلمّسين، مع انه غير بعيد من كل واحد منا، إذ به نحيا ونتحرّك ونوجد، كما
قال أيضاً بعض شعرائكم: "إنّا نحن ذريّته" (أعمال 17: 24- 28).


فالله،
بحسب تعليم بولس، هو الذي صنع السماء والأرض، وهو الذي صنع من واحد جميع
أُمم الأرض. فهو إذاً خالق الكون وجميع البشر، وبه نحيا ونتحرك ونوجد.



2- الخلق بالمسيح


يضيف
العهد الجديد إلى الإيمان بالله الخالق فكرة جديدة، وهي أن الله خلق كل
شيء بالمسيح. ترد هذه الفكرة عند ثلاثة كتّاب: بولس الرسول ويوحنا
الانجيلي وفي الرسالة إلى العبرانيين التي تَبيَّن أنها ليست من وضع بولس
الرسول.


* النصوص
(كولسي 1: 12- 20)


يقول بولس
في رسالته إلى الكولسيّين إن المسيح هو "صورة الله غير المنظور، المولودُ
قبل كل خلق، إذ فيه خُلق جميع ما في السماوات وعلى الأرض، ما يُرى وما لا
يُرى... به وإليه خلق كل شيء، انه قبل كل شيء، وفيه يثبت كل شيء" (1: 15-
17).


يبدو أن هذا المقطع هو جزء من نشيد مسيحي قديم كان يُنشده
المسيحيون الأوّلون مؤكدين إيمانهم بدور المسيح في الخلق كما في الخلاص.
فبعد الإشادة بدور المسيح في الخلق يتابع بولس: "الذي هو أيضاً رأس الجسد،
أي الكنيسة، انه المبدأ، البكر من بين الأموات -لكي يكون هو الأول في كل
شيء- ففيه ارتضى الله أن يحلّ الملء كله، وأن يصالح به، لنفسه، كل ما على
الأرض وفي السماوات، بإقراره السلام بدم صليبه" (1: 18- 20).



(1 كورنثس 8: 6)


"فنحن إنما لنا إله واحد، الآب، الذي منه كل شيء ونحن إليه، ورب واحد يسوع المسيح، الذي به كل شيء ونحن به".


يعلن
بولس إيمانه بالله الآب الخالق كل شيء، ثم إيمانه بالابن الذي هو الوسيط
في الخلق: "به كل شيء". وهو الوسيط أيضاً في الخلاص: "فنحن به" أي به
افتدينا وتقدّسنا وأصبحنا خليقة جديدة.


(يوحنا 1: 1- 18)


ان
الفصل الأول من انجيل يوحنا هو أيضاً، على ما يرجّح، مستقى من نشيد مسيحي
قديم يشيد بدور المسيح كلمة الله في الخلق والخلاص، فيعلن أن المسيح هو
الكلمة الذي، خلق الله الآب الكون، وأنّه مساوٍ لله: "في البدء كان
الكلمة، والكلمة كان لدى الله، وكان الكلمة الله" (1: 1). ثم تشير الآية
الثالثة إلى وساطة الكلمة في الخلق: "به كوّن كل شيء وبدونه لم يكن شيء
واحد مما كُوِّن"، وتعود الفكرة عينها في الآية العاشرة: "العالم به
كُوَن".


وفي الآية الرابعة يبدو لنا الكلمة، الذي وُصف بأنه
الوسيط في الخلق، الوسيط أيضاً في الخلاص: "فيه كانت الحياة والحياة كانت
نور الناس، والنور يضيء في الظلمة..."، فالحياة والنور لفظتان تعنيان في
انجيل يوحنا الخلاص، وكأنك في الآية 16: "ومن امتلائه نحن كلنا أخذنا
ونعمة فوق نعمة".



(الرسالة إلى العبرانيين 1: 1- 3)


"ان
الله، بعد أن كلَّمَ الآباء قديماً بالأنبياء مراراً عديدة وبشتى الطرق،
كلَّمنا نحن، في هذه الأيام الأخيرة، بالابن الذي جعله وارثاً لكل شيء،
وبه أيضاً أنشأ العالم، الذي هو ضياء مجده وصورة جوهره وضابط كل شيء بكلمة
قدرته، الذي بعد أن طهّرنا من خطايانا، جلس عن يمين الجلال في الأعالي".


في
هذه الآيات التي قد تكون أيضاً مستقاة من نشيد مسيحي قديم يجمع الكاتب عمل
المسيح الخلاصي الذي به "طهّرنا من خطايانا"، ووساطته في الخلق. فبالمسيح
"أنشأ الله لعالم". والمسيح هو "ضابط كل شيء بكلمة قدرته". فالخلق
بالكلمة، الذي هو من عمل لله في سفر التكوين، تؤد هذه الرسالة أنه أيضاً
من عمل الابن كلمة الله والوسيط الوحيد في الخلق كما في الخلاص.



* مصادر فكرة "الخلق بالمسيح"


ان
المراجع الثلاثة التي يعبّر فيها العهد الجديد عن "الخلق بالمسيح" هي
مستقلّة بعضها عن بعض. ومعظم المقاطع التي ترد فيها تلك الفكرة هي بقايا
من أناشيد كان المسيحيون الأولون يتلونها في صلواتهم. ومعروف أن الأناشيد
والصلوات تعبِّر عن الإيمان. فنستنتج من هذا كله ان فكرة الخلق بالمسيح قد
ظهرت في السنوات الأولى للمسيحية، وهي تعبّر عن إيمان الرسل والمسيحيين
الأوّلين بأن يسوع المسيح هو كلمة الله الذي به خُلق كل شيء. ماذا يعني
هذا التعبير، وما هو مصدره؟


ان المسيحيين الأوّلين قد رأوا في
شخص يسوع المسيح تحقيق كل ما ورد في العهد القديم في الحكمة الإلهية،
وعبَّروا عن إيمانهم بتعابير استقوها من الفلسفة اليونانية ولا سيمَا من
أقوال فيلون الاسكندر في العقل الالهي الذي نظّم العالم.



الحكمة في العهد القديم


ان العهد القديم قد تصوّر الحكمة موجودة مع الله منذ خلق العالم. وهذه بعض الآيات التي نجدها في الأسفار الحكمية:


"أنا
الحكمة... الرب حازني في أول طريقه قبل ما عمله منذ البدء. من الأزل مسحت
ومن الأول من قبل أن كانت الأرض. وُلدت حين لم تكن الغمار والينابيع
الغزيرة المياه... حين وضع للبحر رسمه فالمياه لا تتعدى أمره، وحين رسم
أُسس الأرض، وكنت عنده مهندساً" (الأمثال 8: 22- 35).
"كل حكمة فهي من
الرب ولا تزال معه إلى الأبد... قبل كل شيء حيزت الحكمة، ومنذ الأزل فهم
الفطنة. ينبوع الحكمة كلمة الله ومسالكها الوصايا الأزلية" (يشوع بن سيراخ
1: 4، 5).


"هب لي الحكمة الجالسة إلى عرشك... ان معك الحكمة
العليمة بأعمالك والتي كانت حاضرة إذ صنعت العالم وهي عارفة ما المرضيّ في
عينيك والمستقيم في وصاياك" (الحكمة 9: 4، 9).
نجد في هذه النصوص
تعابير سيرى العهد الجديد تحقيقها في المسيح. فهو مولود كالحكة قبل كل خلق
"حين لم تكن الغمار والينابيع الغزيرة". وهو "من الرب"، وهو "كلمة الله"،
وهو "الجالس إلى عرش الله"، وهو "حاضر مع الله عند خلق العالم".


"الكلمة" في الفلسفة اليونانية


وردت
لفظة "الكلمة" في الفلسفة اليونانية للدلالة على العقل الإلهي الذي نظّم
العالم. واعتبر فيلون الاسكندري الكلمة إلهاً أدنى بواسطته خلق الله
الكون. فالكلمة، حسب قوله، "صورة الله التي بها خُلق الكون كله". كذلك
يتكلم فيلون عن الحكمة التي "بها خُلق كل شيء".


فالجماعة
المسيحية اليونانية الأصل نسبت تلك العبارات إلى المسيح الذي رأت فيه حكمة
الله المتجسِّدة وكلمة الله الذي ظهر في العالم وكان منذ البدء مع الله
قبل خلق العالم. ففي الخلق كما في الخلاص لا وساطة غير وساطة المسيح الذي
هو كلمة الله المولود من الله منذ الأزل.


وهكذا نشأت في
الكنيسة الأولى تلك الأناشيد التي تستخدم الثقافة اليونانية للتعبير عن
سرّ المسيح وإظهار علاقته الفريدة بالله الآب. فهو وحده ابن الله الكائن
منذ الأزل مع الله، وبه وحده تمَّ خلق العالم، كما انه به وحده تمَّ
الخلاص الذي هو"خلق جديد": "إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة.
فالقديم قد اضمحلّ وكل شيء قد تجدّد" (2 كور 5: 17).



المسيح هو المبدأ والغاية


ان
الخلق الجديد هو الذي يعطي الخلق الأول ملء معناه. فالخلق الأول كان منذ
البدء موجّهاً ليجد كماله في المسيح. لذلك فان المسيح هو في الوقت ذاته
مبدأ الخلق وغايته الأخيرة، والهدف الذي يجب أن يسير إليه كل انسان. لذلك
يقول بولس: "به وإليه خلق كل شيء" (كولسي 1: 16). ان لفظة "به" تعني أنه
المبدأ، ولفظة "إليه" تعني انه الغاية. ويردف بولس:

"انه قبل كل
شيء، وفيه يثبت كل شيء" (كولسي 1: 17). فكما أن كل عمل يقوم به كائن عاقل
يسبقه دوماً الفكر والتصميم والمبدأ، هكذا فان المسيح هو المبدأ الذي سبق
خلق العالم، "انه قبل كل شيء". وكما ان كل عمل يسير نحو غاية أخيرة، هكذا
أيضاً المسيح هو الغاية الأخيرة التي يسير إليها الخلق، لذلك "فيه يثبت كل
شيء".


هذا الإيمان بما للمسيح من دور فريد في الخلق كما في
الخلاص، عبَّرَ عنه أخيراً يوحنا في سفر الرؤيا بقوله إن المسيح هو "الألف
والياء، الأول والآخر، المبدأ والغاية" (رؤيا 22: 13).



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Waitloadinglp0
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 4:34 pm



القِسم الثَاني
مفهوم الخلق في اللاهوت المسيحي
=============

أ- تصورات خاطئة عن الخلق



لكي
نوضح المفهوم الصحيح للخلق، سنعرض أولاً بعض تصورات خاطئة رأى من خلالها
الناس الخلق على مرّ العصور. منهم من رأى الخلق بداية في الزمن، ومنهم مَن
عَدَّه انبثاقاً من الله، وآخرون صنعاً من مادة سابقة.


1- الخلق ليس بداية في الزمن


كثيرون
من الناس يتصوّرون الخلق عملاً تمَّ على مراحل في الزمن: مرحلة أولى لا
وجود فيها لأي كائن غير الله، ومرحلة ثانية يقصد فيها الله خلق العالم،
ومرحلة ثالثة ينفّذ فيها قصده فيخلق العالم الذي ينتقل هكذا من اللاوجود
والعدم إلى الوجود. ويميِّزون على هذا النحو الزمن الذي قبل الخلق والزمن
الذي بعد الخلق.


ان هذا تصوُّر بشري يرى الانسان من خلاله عمل
الله في الخلق على مثال أعمال البشر. فعندما يريد انسان أن يبني بيتاً
يمتلك أرضاً لا بناء عليها، فيقوم أولاً بالتصميم والتخطيط، ثم ينفّذ
تصميمه فيبني البيت؛ في المرحلة الأولى لم يكن على الأرض بيت، وفي المرحلة
الأخيرة وُجد البيت.


يعتبر هذا التصوّر للخلق ان الخلق هو
"بداية في الزمن". وإذا عدنا إلى معظم تصاوير الكتاب المقدس نرى أنها
تتصوّر الخلق على هذا النحو: قبل الخلق لم يكن شيء سوى العدم، وبعد الخلق
ظهرت الخلائق إلى الوجود. وهذا التصوّر هو الذي يعبِّر بواسطته آباء
الكنيسة ومعلِّموها عن إيمانهم بالله الخالق.


إلا أننا نعم أن
عمل الله لا يمكن أن يكون على مثال عمل الانسان، لأن الانسان عائش في
الزمن وفي النسبي، فيتقلّب ويتحوّل ويتغيّر، وينتقل من الماضي إلى الحاضر
ثم إلى المستقبل. وهكذا كل ما يصنعه الانسان ينتقل معه من مرحلة اللاوجود
في الزمن إلى مرحلة الوجود:

قبل مدة من الزمن لم يكن هناك بيت،
وبعد قليل وُجِد البيت. بيد أنّ الله فوق الزمن؛ انه المتعالي المتسامي عن
الزمن وعن التغيّر، إذ "ليس فيه ظل تحوّل ولا دوران"؛ انه "هو هو أمس
واليوم وإلى الدهور"، لذلك لا نستطيع أن نتصوّر عمله على مثال أعمال البشر
.



ثم كيف يمكننا أن نتكلم عن "قبل الخلق" و"بعد الخلق"، في
حين أنّ لفظتَي "قبل" و"بعد" هما لفظتان تعبّران عن الزمن؟ فهما إذاً
وُجِدتا مع الزمن، ولا وجود للزمن قبل الخلق.


ولكن هل بإمكان
الانسان، في كلامه عن الله وعمله، ألاّ يستخدم الألفاظ والتعابير نفسها
التي يستخدمها للكلام عن الأمور الزمنية؟ نحن العائشين في الزمن وفي
النسبيّ، اذا أردنا التفكير والكلام عن الله، لا نستطيع أن نفكر ونتكلم
إلا بموجب مفاهيم وتعابير تتلاءم وعقلنا البشري، وإلا أرغمنا على الصمت.
غير أننا، في تفكيرنا وكلامنا عن جميع أمور الله، لا بدّ لنا من التنبّه
إلى عجز مفاهيمنا وتعابيرنا البشرية عن الاحاطة بسرّ الله وبعمله.


ثم
ان مسألة قدم العالم، أي أن يكون العالم قد ابتدأ في زمن محدد أم أن يرجع
وجوده إلى ما لا نهاية له في الزمن، هي اليوم مسألة يترك اللاهوت للعلم
أمر البتّ فيها. لا شك أن معظم العلماء اليوم لا يرون كيف يمكن الرجوع
بالعالم إلى ما لا نهاية له؛ فالمادة لها قوة محددة، ولا بدّ انها بدأت في
زمن محدد.


ولكن مهما يكن من أمر، فإنه يعود للاهوت أن يبيّن أن
العالم، وان افترضنا وجوده منذ زمن لا نهاية له، إنما هو متعلق بالله على
مدى الزمن وعلى مدى اللانهاية، وإنّ جوده النسبي مرتبط بوجود كائن مطلق هو
الله، منه يأخذ الوجود ويستقي الكيان.


ان جميع التصاوير
البشرية التي يرى الكتاب المقدس من خلالها الخلق لا تهدف إلى الإجابة عن
مسألة بدء الخلق في الزمن بقدر ما تقصد إظهار الارتباط الوثيق بين الخلائق
والله، فالخلائق مرتبطة كلها بالله على مستوى كيانها ووجودها.



2- الخلق ليس انبثاقاً من الله


كان
بعض الفلاسفة الأقدمين يعتبرون الخلق انبثاقاً من الله. إن تلك النظرة
خاطئة، لأن الانبثاق يعني المساواة بين جوهر الله وجوهر الخلائق وهذا ما
لا يمكننا قبوله.

فجوهر الله مختلف تمام الاختلاف عن جوهر الخلائق:
الله مطلق أما الخلائق فنسبية؛ كيان الله هو من ذاته، أما كيان الخلائق
فهو من الله؛ الله لا يتغيّر ولا يتحوّل، أما الخلائق فهي عرضة للتغيّر
والتحوّل. وهذا ما يعبّر عنه الكتاب المقدس، عندما يتكلم عن قداسة الله
إزاء خطيئة الانسان، وعن النور إزاء الظلمة، وعن ثبات الله وأمانته لنفسه
ولخلائقه إزاء تقلُّب الانسان وخيانته.



3- الخلق ليس صنعاً من مادة سابقة


ان
عملنا البشري هو دوماً عمل على مادة سابقة. فالمادة نجدها قبلنا، فلا
نخلقها بل نطوّرها ونضيف إليها مواد أخرى أو نقسّمها أجزاء مستغلّين كل
طاقاتها الدفينة. أما الخلق فهو، في النظرة المسيحية، "خلق من العدم".
وهذا التعبير يعني أن لا وجود لأي شيء خارجاً عن الله، فكل ما هو موجود
يأخذ من الله، وجميع الكائنات تأخذ كيانها من الله.


يصعب على الفكر البشري تصوّر" الخلق من العدم"، لأنه يفوق اختبار الانسان، إذ إنّ في كل عمل إنساني أربعة عناصر:

العامل
والمادة السابقة التي سيعمل عليها العامل وتحول المادة إلى مادة أخرى
والنتيجة النهائية. اما في عمل الله، في الخلق، فالعنصر الثاني والعنصر
الثالث لا وجود لهما، إذ لا وجود لمادة سابقة ولا وجود بالتالي لأي تحول
من مادة إلى أخرى، فلا يبقى إذاً في مفهوم الخلق سوي عنصرين: الله
والخليقة، وبين الخليقة والله علاقة ارتباط دائم.




لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Waitloadinglp0


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 4:36 pm



ب- المفهوم الصحيح للخلق


هذا هو
في النهاية المفهوم الصحيح للخلق: إن بين الخليقة والله ارتباطاً دائماً،
فالكائنات كلها متعلّقة بالله تعلُّقها بمبدإ وجودها ومصدر كيانها.


ان
عقيدة الخلق في الإيمان المسيحي لا تقصد تفسير كيفية وجود العالم وكيفية
تكوينه. بل جلّ قصدها إظهار معنى وجود العالم والتأكيد أن هذا الوجود
يستقيه من الله ينبوع كل وجود ومصدر كل كيان. واذا استطاع العلم يوماً
تفسير كيفية تكوين العالم تفسيراً أكيداً ونهائياً -كل التفسيرات التي
يعطيها اليوم العلم إنما هي مجرد نظريات قابلة للنقاش- فالإيمان وحده
يستطيع اكتشاف العلاقة الحميمة التي تربط هذا العالم بالله.


وتلك العلاقة هي علاقة محبة، فالعالم هو فيض من محبة الله اللامتناهية وعطيّة مجانية من إله العطاء والمحبة.


الآن
يتضح لنا بأجلى بيان ما قلناه في القسم الأول من هذا البحث عن العلاقة
التي يراها الكتاب المقدس في العهدَين والقديم والجديد بين الخلق والخلاص.
فالله المخلص هو نفسه الله الخالق؛ وكلا الخلق والخلاص فيض من محبة الله.


لتفسير
كيفية خلق العالم وخلق الانسان، تستخدم الرواية الأولى من سفر التكوين
عبارة "وقال الله...". وتعود تلك العبارة عشر مرات في النص مذكرة بوصايا
الله العشر.

فكلمة الله في الوصيايا تمنح الانسان الخلاص
والحياة، وكلمة الله في الخلق تمنح الانسان الوجود والكيان. وكل كلمة وقول
علاقة حوار بين أشخاص. فالانسان الذي أتى إلى الوجود بكلمة من الله، إنما
هو في صميم كيانه علاقة حوار مع الله، والحوار يفترض الحرية، فالخلق إذاً
ليس استعباداً للانسان ولا احتقاراً لكيانه ولا امتهاناً لكرامته.


لقد
رفض ماركس وجود الله الخالق لأنه اعتبر ان مثل هذا الوجود ينقص من قيمة
الانسان. ولكن ماركس لم يفهم معنى الخلق الصحيح، وما رفضه لله الخالق إلا
رفض لصورة خاطئة عن الله الخالق. فبالخلق يعطي الله الانسان الوجود، إلا
أن عطاءه هذا ليس عطاء سيّد لعبد ولا عطاء محسن لمستجدي، بل عطاء صديق
لصديقه وأب لابنه وحبيب لحبيبه. "ان الله محبة"، والخلق هو أول أعماله
التي بها أظهر محبته. يبقى أن يفتح الانسان قلبه لتلك المحبة، لتكون حياته
وكلها جواباً على محبته تعالى له.


في تلك النظرة العميقة
لمفهوم الخلق ندرك أن عمل الله في الخلق لا يقتصر على منح الكائنات وجودها
في بدء الزمن، بل هو عمل دائم أبد الدهر، وعلاقة المحبَة التي تربط الله
وخلائقه دائمة كذلك إلى الأبد.



ج- الخلق والتطوّر


هناك
إذاً نظرتان متميّزتان إلى الكون، نظرة لاهوتية تسبر أعماق الكون للبحث عن
معنى وجوده وتظهر ما بين الخلائق والله من علاقة حميمة على صعيد الكيان
والوجود، ونظرة علمية تحاول العودة إلى أصل الكائنات لتبيِّن كيف برزت إلى
الوجود. ماذا يقول لنا العلم اليوم عن أصل الكائنات، وهل يتفق ما وصل إليه
مع معطيات الوحي والإيمان؟



1- نظرية التطوّر


ان
نظرية التطور هي نظرية علمية ترى التطور في جميع مرافق الكون، من المادة،
في جميع أصنافها على الأرض والكواكب، إلى الحياة في مختلف فروعها النباتية
والحيوانية والبشرية. وقد حدث هذا التطوّر على ثلاث مراحل:


ففي
البدء لم يكن سوى أولى انفجرت فأعطت غازات محرقة، ولما خفّت حرارة تلك
الغازات تحوّلت إلى مليارات من النجوم. والشمس هي إحدى تلك النجوم، تكوّنت
حولها فيمَا بعد الكواكب وظهرت الأرض. وكان ظهورها منذ خمسة مليارات سنة.


وفي
المرحلة الثانية ظهرت الحياة على الأرض من جرَّاء إشعاعات الشمس على جوّ
الأرض. فالحياة النباتية بدأت في أعماق البحار حيث وجدت غذاءً ملائماً، ثم
تحوّلت إلى حياة حيوانية، فتكوّنت قبل كل شيء الأسماك، ومن البحر انتقلت
الحياة الحيوانية إلى البرّ، وتطوّرت الحيوانات وتنوّعت.



اما
الحياة الانسانية فلم تظهر إلا نتيجة تطور بعض أنواع القردة. وبدأ ذلك منذ
سبعين مليون سنة، عندما أخذت بعض أنواع القردة التي لم يعد لها الآن أي
أثر تنتصب على قدميها، ثم واصلت تطورها، فراحت تستخدم الآلات من حجارة
وعظام؛ وظهر عندئذٍ الانسان القديم الذي اكتشف النار منذ مليوني سنة؛ ومنذ
مئة ألف سنة بدأ يدفن موتاه ويضع في مدافنهم بعضاً من آلاتهم الحجرية
وطعاماً زاداً لهم لحياة ما بعد الموت التي أخذ يؤمن بها.


ومنذ
خمسة وثلاثين ألف سنة ظهر "الانسان العاقل" آخر حلقة من مرحلة طويلة. بدأ
هذا الانسان باستخدام عقله وذكائه في رسوم يرسمها على جدران المغاور
للتعبير عن أفكاره ورغباته؛ ومنذ خمسة آلاف سنة اخترع الكتابة ودوَّنَ
أفكاره ومعتقداته في أساطير لا نزال نقرأها حتى اليوم.



2- هل من تناقض بين نظرية التطوّر وعقيدة الخلق؟


هذه
النظرية هي اليوم النظرية الشائعة بين العلماء. ولكن ألا تناقض عقيدة
الخلق؟ ان تلك النظرية تفسّر تفسيراً علمياً كيف ظهر الكون وتكوّن النبات
والحيوان والانسان؛ إلاّ انها لا تجيب على السؤال الذي لا بدّ من طرحه: هل
تلك الكائنات التي اكتشف العلم تطورها هي نفسها مبدأ وجودها، أم أنها
مرتبطة بكائن آخر أعطاها الوجود؟ وهذا السؤال لا بدّ من طرحه، سواء تكوّن
العالم في لحظة واحدة أم على مراحل استغرقت مليارات من السنين؛ وهذا
السؤال لا يستطيع العلم الاجابة عليه، لأن العلم يحلّل المادة ويدرس
تركيبها ويتقصّى تطورها، غير انه ليس من شأنه البحث في مبدإ وجودها.


وهذا
ما يجيب عليه الايمان والوحي. لذلك لا تناقض بين الايمان والعلم. لأن لكل
منهما ميدان بحث خاصاً به: العلم يبحث عن كيفية ظهور الأشياء، أما الإيمان
فيرى أن هذه الأشياء والخلائق كلها ليست هي بذاتها مبدأ وجودها، إنما هي
مرتبطة بالله الذي يعطيها الكيان والوجود.

* الانتقال من الحياة الحيوانية إلى الحياة البشرية


ولكن اذا قبلنا نظرية التطور، فكيف يمكننا تفسير الانتقال من جسد حيواني تحرّكه روح غير عاقلة إلى جسد بشري تحييه روح عاقلة؟


ان
تطوّر الكون والانتقال من مستوى حياة إلى مستوى حياة أرقى يتطلّب تخطّياً
للذات وازدياداً في الكيان؛ وهذا الازدياد في الكيان لا يمكن الكائنات أن
تحصل عليه بقواها الخاصة، لذلك لا بدّ من الإقرار بوجود كائن يملك الكيان
المطلق ويستطيع أن يعطي الكائنات هذا الازدياد في الكيان ويساعدها على
تخطّي ذاتها والانتقال من حياة نباتية إلى حياة حيوانية ثم من حياة
حيوانية إلى حياة انسانية.


يرى بعض اللاهوتيين ضرورة القول
بتدخّل مباشر من قبل الله في لحظة الانتقال من حياة إلي حياة، ولا سيمَا
من الحياة الحيوانية إلى الحياة البشرية ليخلق النفس الانسانية في الجسم
الحيواني المتطوّر؛ ولكننا نقول مع البعض الآخر من اللاهوتيين ان هذا
التدخل المباشر غير ضروري، فعمل الله يرافق التطور منذ بدايته؛ لذلك يجب
ألا نتصوّر عمل الله في التطوّر عملاً موازياً لعمل الخلائق، به يتدخل
الله من الخارج وفي فترات متقطعة، بل هو عمل من الداخل وعمل دائم، فالله
هو المبدأ والقوة والسبب في بلوغ الكائنات قمة تطوّرها في الانسان.



* أصل واحد للبشر أم أُصول عديدة؟


هناك مشكلة أخيرة تعترضنا إذا قبلنا نظرية التطوّر.


فعندما
تفسّر تلك النظرية التحوّل من الحياة الحيوانية إلى الحياة الانسانية، ترى
أقرب إلى الواقع أن يكون هذا التحوّل قد حدث في فترات متقاربة في الزمن
وفي مواضع عديدة من الكرة الأرضية؟ فليس البشر إذاً من أصل واحد بل من
أصول متعدّدة. ولكن سفر التكوين يتكلم عن أصل واحد هو آدم؛ أفلا نجد هنا
تناقضاً بين الكتاب المقدس والعلم؟


ان لفظة "آدم" في العبرية
ليست اسماً لشخص معيّن، بل تعني "الانسان"، فكل ما يريد الكاتب المقدس
تعليمنا إياه هو ان الله قد خلق "الانسان"؛ وقد أعطانا هذا التعليم في
إطار نظرة قديمة هي أقرب إلى الأسطورة منها إلى العلم، تعتبر أن البشر
كلهم ينحدرون من أصل واحد.

أما اليوم، فإذا استطاع العلم أن يبيّن
ان انحدار البشر من أكثر من إنسان هو أقرب إلى الصواب، فلا شيء يمنع من
قبول تلك النظرة العلمية، شرط المحافظة على جوهر التعليم الكتابي، ألا وهو
أن الكائنات كلها، من جماد ونبات وحيوان وبشر، تستقي وجودها وكيانها من
الله، وان الانسان الأول، أفرداً كان أم عدّة أفراد، لم يصل إلى الحياة
الانسانية إلا بقوة الله.


لذلك لا نزال، اليوم، في عصر العلم
والاكتشافات الحديثة، نعلن قائلين: "نؤمن بإله واحد آب ضابط الكل خالق
السماء والأرض، كل ما يُرى وما لا يُرى".


لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Waitloadinglp0
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 4:41 pm



القِسم الأول
تفسيرات خاطئة

========

لقد أعطيت، على مرّ العصور، وفي مختلف الأديان، تفسيرات للشرّ لم تعد مقبولة اليوم.


1- تفسير ميثولوجي في الأديان التي تعتقد بتعدّد الآلهة


كان
الاعتقاد السائد عند اليونانيين والبابليين أنّ الخير هو من صنع الإله
الأعظم، وأنّ الشرّ هو من عمل الآلهة الأدنين. وتلك هي الأسطورة التي
نقرأها في كتاب طيمَاوس لأفلاطون: ان الله الكليّ الصلاح قد أراد أن يكون
كلّ ما في الكون صالحاً على مثاله، فكوّن هو نفسه الآلهة الأدنين، وأزال
عنها كل شرّ، ومنحها الخلود، ووكل إليها مهمّة صنع سائر المخلوقات،
فجبلتها مزيجاً من روح وجسد، من خلود وموت، من خير وشرّ؛ ونشأ هكذا أصل كل
الشرور. وإنّ هذه الأسطورة إذ تنزّه الإله الأعظم عن خلق الشرّ، وتلقي
المسؤولية على الآلهة الأدنين، تجد حلاً لمعضلة الشرّ.



2- تفسير الغنوصيّين والمانويّين: الشرّ في المادة


لتفسير
وجود الشرّ يقول الغنوصيون -وهم بدعة ظهرت في القرون المسيحية الأولى- ان
المادة انبثقت من الله ولكن على مراحل متعدّدة. وفي كل انبثاق كان الخير
يتقلّص والشرّ يزيد، إلى أن انبثقت المادة الحالية التي هي شرّ كلّها.


أما
المانويون -وهم أتباع الفيلسوف الفارسي ماني، الذي توفي في فارس سنة 273
بعد المسيح- فلا يعتقدون بوجود إله واحد خالق للكون، بل بوجود مبدأين
أزليين وغير مخلوقين، النور والظلمة، أحدهما صالح والآخر شرير. فالنور هو
إله الخير، والظلمة إله الشرّ. أما المادة فهي ظلمة، أي شرّ. وفي أساطيرهم
انه حدث يوماً أن أشرق إله الخير بنوره على المادة المظلمة، فأرادت أن
ترتفع إلى مستواه، فصدّها، وخلق الانسان الأول لمساعدته على مقاومتها. إلا
أن الظلمة كانت أقوى من الانسان، فسجنته في المادة. ومن هذا الانسان
المقهور وُلدَت الانسانية الحالية التي لا تستطيع التحرّر من قيود المادة
إلا بالمعرفة الحقيقية.


ان ما يجمع بين الغنوصيّين
والمانويّين، في تفسير الشرّ، هو أنهم يرون الشرّ كلّه في المادة. أمّا
الله فلا وجود للشرّ فيه، لأنه روح محض؛ فهو إذاً الخير والصلاح في ذاته.



3- تفسير الشرّ بالعودة إلى العناية الإلهية:


الشرّ الجزئي يقود إلى الخير العام


يقول
أفلوطين إنّ في العالم "نفساً شاملة" هي عناية الله التي تنتشر من تلقاء
ذاتها في العالم وتقوده إلى الخير، لذلك لا وجود للشرّفي العالم. أما ما
نعتبره شرًّا، من زاويتنا الضيقة، فهو في الحقيقة خير ضروري للنظام العام
ضرورةَ الجلاَّد في الدولة.


وهذا التفسير قد تأثّر به بعض آباء
الكنيسة، كالقديس أوغوسطينوس الذي يرى أنّ العناية الالهية تنظّم كل شيء
بحكمة، وانّ كل شرّ ينتابنا، علينا أن نقبله بفرح لأنه يقودنا إلى الخير
العام.
هذا التفسير نجده أيضاً في القرن الثامن عشر عند الفيلسوف
الألماني لايبنيتز الذي يتصوّر الله مهندساً يبني قصراً جميلاً لمجده
الخاص. ويقول انه يجب علينا، لتفسير معضلة الشرّ، ألاّ ننظر إلى قباحة بعض
التفاصيل بل إلى روعة البناء بجملته. وأكثر من ذلك، فان قباحة تلك
التفاصيل تزيد روعة البناء وتضاعف إعجابنا بحكمة الله الذي يستخدم الشرّ
ليخرج منه الخير الأعظم. لذلك، وان كانت هناك عدّة عوالم ممكنة، فالعالم
الذي خلقه الله هو أفضلها.



إن تفسير الشرّ بالرجوع إلى
العناية الإلهية لا يزال التفسير السائد مختلف الأوساط المسيحية التي تؤمن
بصلاح الله ولا تريد أن تعزو إليه أيّ شرّ. فتقول إن الله يَعلم خيرنا
أكثر منّا، فاذا سمح بالشرّ، فما ذلك إلا ليقودنا إلى الخير. وقد نسمع،
لدى موت شاب في ريعان العمر، أن الله قد أراد له هذا الموت المبكِّر لأنه
يعلم بعلمه السابق أنّه لو بقي على قيد الحياة لعاش في الألم والشرّ.
فموته هو في نظرنا شرّ؛ أما في نظر الله الذي يعلم كل شيء علماً سابقاً،
فإنما هو خير.



وفي نظرة مماثلة يرى البعض أن الشرور
الطبيعية، من أمراض وأوبئة وفيضانات وزلازل، إنما هي "ضربات" يرسلها الله
للبشر عقاباً على خطاياهم. لذلك نسمع بعض الناس يتذمّرون وينتقدون الله
قائلين: ماذا فعلت من إثم لكي يعاقبني الله؟ أيّ ذنب اقترفت ليميت الله
ولدي؟
وفي هذه النظرة يصبح الإنسان هو نفسه مسؤولاً عن الشرّ، حتى عن
الشرّ الطبيعي: فالشرّ هو عقاب الخطيئة. وهذا يقودنا إلى التفسير التقليدي
في المسيحية: الشرّ هو نتيجة الخطيئة الأصلية.



القِسم الثَاني
هل يكون الشرّ نتيجة الخطيئة الاصلية؟
==============

1- الخطيئة الأصليّة في كتابات القديس أوغوسطينوس


هناك
تفسير للشرّ بدأ في المسيحية في القرن الخامس مع القديس أوغوسطينوس، وساد
الفكر المسيحي الغربي طوال قرون عديدة، وتأثرت به عقليتنا الشرقية، في حين
كان في البداية غريباً عن تفكير آباء الكنيسة الشرقية القدامى.


يقول
القديس أوغوسطينوس ان آدم هو، كما يروي سفر التكوين، أول إنسان خلقه الله
على الأرض. وهذا الانسان قد ارتكب الخطيئة الأولى التي يروي الفصل الثالث
من سفر التكوين أحداثها. وبسبب وضعه المميّز في الفردوس ومسؤوليته الشاملة
كجدّ للبشرية كلها، فقد انتقلت الخطيئة بالوراثة منه إلى جميع الناس. وفي
رأي أوغوسطينوس أن الهوة الجنسيّة ليست من صُلب الطبيعة البشرية، أي ان
الله لم يضعها في الانسان عندما خلقه، بل هي نتيجة خطيئة آدم وحواء.


وبما
أنها نتجت من الخطيئة فهي تقود حتماً إلى الخطيئة. لذلك كل انسان يولد
إنما هو ثمرة الشهوة وبالتالي ثمرة الخطيئة. بخطيئة آدم لم تصبح البشرية
خاطئة وحسب، بل فوق ذلك أصبحت تولّد أُناساً خاطئين. فآدم هو الأصل الذي
كان الجنس البشري بجملته حاضراً فيه عندما ارتكب خطيئته. فخطيئته هي الأصل
والسبب لجميع الخطايا التي ارتكبها البشر على مدى التاريخ. لذلك يدعو
أوغوسطينوس خطيئة آدم "الخطيئة الأصلية".



لا يمكننا فهم
تفسير أوغوسطينوس هذا إلا إذا وضعناه في إطاره التاريخي. فهذا التفسير ليس
إلا جواباً على تعاليم المبتدع بيلاجيوس، الذي كان يدَّعي أن طبيعة
الانسان ليست خاطئة ولا فاسدة، وأنّ كل إنسان بالتالي يستطيع الحصول على
الخلاص ودخولَ الملكوت بأعماله البشرية، دون أي حاجة إلى فداء المسيح.
فالمسيح لم يفتدِ الناس، بل كان لهم مجرّد معلّم ومثال. لا ريب في أن
تعاليم بيلاجيوس هذه تقتلع سرّ الفداء من جذوره، إذ تزيل عن المسيح كل
وساطة في الخلاص؛ لذلك ثار عليها أوغوسطينوس؛ إلا أن تفسيره للخطيئة
الأصلية كان متطرّفاً إذ حمّل آدم وحده مسؤولية كل ميل إلى الخطيئة في
الانسان.



وتبع معظم اللاهوتيين الغربيين نهج أوغوسطينوس
وأضافوا إليه، فلم يكتفوا بتحميل آدم مسؤولية الميل إلى الخطيئة وحسب، بل
حمّلوه فوق ذلك مسؤولية المرض والموت وسائر الشرور الطبيعية التي اعتبروها
أيضاً من نتائج الخطيئة الأصلية.


ماذا يقول لنا الكتاب المقدّس عن خطيئة آدم هذه؟


2- الخطيئة الأصلية في سفر التكوين


ان
رواية خطيئة آدم وحواء في الفردوس متعلقة بالرواية الثانية للخلق، التي
نجدها في الفصل الثاني منّ سفر التكوين. فبعد رواية خلق الانسان، يقول
الكاتب:


"وغرس الرب الإله جنة في عدن شرقاً، وجعل هناك الانسان
الذي جبله. وأنبت الرب الإله من الأرض كل شجرة حسنة المنظر وطيّبة المأكل،
وشجرة الحياة في وسط الجنة، وشجرة معرفة الخير والشر... وأمر الرب الإله
الانسان قائلاً: من جميع شجر الجنة تأكل، وأما شجرة معرفة الخير والشرّ
فلا تأكل منها، فانك يوم تأكل منها تموت موتاً" (2: 8، 9، 16، 17).
ثم يتابع الكاتب في الفصل الثالث رواية الخطيئة:

التجربة


السقوط في التجربة


قصاص الله


الطرد من الفردوس



"وكانت الحيّة أحْيَل جميع حيوان البرية الذي صنعه الرب الإله، فقالت
للمرأة: أيقيناً قال الله لا تأكلا من جميع شجر الجنّة؟ فقالت المرأة
للحيّة: من ثمر شجر الجنّة نأكل، وأما ثمر الشجرة التي في وسط الجنّة،
فقال الله لا تأكلا منه ولا تمسّاه كي لا تموتا. فقالت الحيّة للمرأة: لن
تموتا! إنما الله عالم أنكما في يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتصيران
كآلهة عارفي الخير والشرّ. ورأت المرأة أن الشجرة طيبة للمأكل وشهيّة
للعيون، وان الشجرة منية للعقل،
"فأخذت من ثمرها وأكلت، وأعطت بعلها
أيضاً معها فأكل، فانفتحت أعينهما فعلِما أنهما عريانان، فخاطا من ورق
التين وصنعا لهما منه مآزر.
"فسمعا صوت الرب الإله وهو متمشٍّ في
الجنّة عند نسيم النهار، فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإله في ما بين
شجر الجنّة. فنادى الرب الإله آدم وقال له: أين أنت؟ قال: إني سمعت صوتك
في الجنّة فخشيت لأني عريان فاختبأت. قال: فمَن أعلمك أنك عريان، هل أكلت
من الشجرة التي نهيتك عن أن تأكل منها؟ فقال آدم: المرأة التي جعلتها معي
هي أعطتني من الشجرة فأكلت. فقال الرب الإله للمرأة: ماذا فعلت؟ فقالت
المرأة: الحية أغوتني فأكلت. فقال الرب الإله للحية: اذ صنعت هذا فأنت
ملعونة من بين البهائم وجميع وحش البرية، على صدرك تسلكين وترابًا تأكلين
طول أيام حياتك، وأجعل عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها، فهو يسحق
رأسك وأنت ترصدين عقبه. وقال للمرأة: لأكثرنّ مشقات حملك، بالألم تلدين
البنين والى بعلك تنقاد أشواقك وهو يسود عليك. وقال لآدم: اذ سمعت لصوت
امرأتك فأكلت من الشجرة التي نهيتك قائلاً لا تأكل منها، فملعونة الارض
بسببك، بمشقة تأكل منها طول أيام حياتك، وشوكًا وحسكًا تنبت لك، وتأكل عشب
الصحراء. بعرق وجهك تأكل خبزًا حتى تعود الى الأرض التي أُخذت منها، لأنك
تراب والى التراب تعود.


"وسمّى آدم امرأته حوّاء لأنها أُمّ
كلّ حيّ. وصنع الرب الإله لآم وامرأته أقمصة من جلد وكساهما. وقال الرب
الإله: هوذا آدم قد صار كواحد منا يعرف الخير والشر، والآن لعلّه يمدّ يده
فيأخذ من شجرة الحياة أيضاً فيحيا إلى الأبد. فأخرجه الرب الإله من جنة
عدن ليحرث الأرض التي أُخذ منها. فطرد آدم وأقام شرقي جنة عدن الكروبين
وبريق سيف متقلّب لحراسة طريق شجرة الحياة".
(تك 3)


لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Waitloadinglp0
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 4:43 pm



أ) فن أدبي خاص


إن أول ما يسترعي
انتباهنا، لدى قراءتنا تلك الرواية، هو أنها تجعل الحية تنطق وتقود
الانسان إلى الخطيئة. والغريب في الأمر أيضاً أن أحداثها تدور حول شجرة في
وسط الجنة يدعوها الكاتب "شجرة معرفة الخير والشرّ"، يأكل منها الانسان،
خلافاً لوصية الله. وكذلك تتكلم الرواية عن شجرة أخرى هي شجرة الحياة، لا
يستطيع الانسان الوصول إليها، ويطرده الله من الجنة قبل أن يأكل منها.
ونحن نعلم أن الحية لا تتكلم، وأنه لا وجود لشجرة معرفة الخير والشرّ، ولا
لشجرة الحياة.



من هنا نستخلص أن الرواية ليست رواية لحدث
تاريخي جرى مرة في بدء الخليقة، إنما هي رواية رمزية تعليمية هدفها تفسير
واقع الخطيئة، الذي يختبره الانسان في ذاته وفي الآخرين. كل إنسان يسأل:
ما هي الخطيئة؟ ما هي علاقتها بالله؟ ما هي نتائجها؟ للإجابة على تلك
الأسئلة يلجأ الكاتب المقدس إلى فنّ أدبي معروف في الأدب العبري وفي مختلف
الآداب القديمة والحديثة، وهو فن "الأمثال". وهذا الفن الأدبي هو الذي
سيلجأ إليه يسوع في تعليمه. ومن أشهر أمثاله مَثَل الإبن الشاطر، وهو نقيض
حكاية آدم وحواء. فبينما يخرج آدم وحواء من الجنة، أي من الحياة مع الله،
يعود الإبن الشاطر إلى بيت أبيه بعد أن اختبر أن لا حياة له إلا بالقرب من
الله. وكأن يسوع يشير في هذا المَثَل إلى أن مسؤولية مغادرة الجنة
والابتعاد عن الله تقع كلها على عاتق الانسان الذي بملء إرادته غادر البيت
الأبوي. أما الله فلا يزال ذلك الأب المحبّ الرحيم الذي ينتظر عودة أبنائه
إليه ليغفر لهم ويُعيد إليهم الحياة.



وتحت تأثير الأدب
الأسطوري القديم، أدخل الكاتب على فمن الأمثال عناصر من فمن "الأسطورة"،
فأعطى الحية دوراً هاماً في روايته. فالأدب المصري كان يتصوّر الحية تعترض
سبيل الإلهة الشمس لمنعها من الظهور؛ والحية عند الكنعانيين كانت رمزاً
للجنس في بعض العبادات؛ وفي أسطورة جلجامش البابلية تلعب الحية دوراً
مماثلاً للدور الذي تلعبه في قصة آدم وحواء، فهي التي تسرق من البطل
جلجامش "نبتة الحياة" التي استطاع الحصول عليها بعد عناء كثير.



لا
شك في ان اختيار الكاتب المقدس للحية قد تأثّر بالآداب المجاورة. ولكن
تعليمه عن الخطيئة وأسبابها مخالف لتعاليم الأديان القديمة. فبينما يرى
البابليون أن الآلهة هم الذين خلقوا البشر خطأة وأشراراً، يعتبر سفر
التكوين أن الخطيئة ليست من طبيعة الانسان، بل بدأت بتجربة من الخارج في
مقدوره أن يرفضها. فهو إذاً المسؤول عن الخطايا التي يرتكبها.



ب) الخطيئة رفض الله


لتعريف الخطيئة يتكلّم سفر التكوين بأسلوب روائي، في حين يتكلّم سفر تثنية الاشتراع بأسلوب تشريعي. يقول الله للشعب على لسان موسى:


"إن
هذه الوصية التي أنا آمرك بها اليوم ليست فوق طاقتك ولا بعيدة منك. لا هي
في السماء فتقول مَن يصعد لنا إلى السماء فيتناولها ويسمعنا إياها فنعمل
بها. ولا هي في عبر البحر فتقول مَن يقطع لنا هذا البر فيتناولها ويسمعنا
إياها فنعمل بها. بل الكلمة قريبة منك جداً في فيك وفي قلبك لتعمل بها.
أنظر اني قد جعلت اليوم بين يديك الحياة والخير والموت والشرّ... وان زاغ
قلبك ولم تسمع وملت وسجدت لآلهة أخرى وعبدتها، فقد أنبأتكم اليوم أنكم
يكون تهلكون هلاكاً، ولا تطول مدّتكم في الأرض التي أنتم عابرون الاردن
لتدخلوها وتمتلكوها. وقد أشهدت عليكم اليوم السماء والأرض بأني قد جعلت
بين أيديكم الحياة والموت، البركة واللعنة، فاختر الحياة لكي نحيا أنت
وذريتك" (تثنية 30: 11- 20).


نرى في هذا النص التشريعي
العبارات نفسها التي ترد في حكاية آدم وحواء. "فالحياة والموت"، و"الخير
والشرّ" هي بين أيدي الانسان. فان سمع وصية الله حصل على الحياة، وإلا نال
الموت واللعنة وهلك هلاكاً.



ان "شجرة معرفة الخير والشرّ"
التي يتكلم عنها سفر التكوين لا تعني مجرد التمييز بين الخير والشرّ، فهذا
من ميزات الانسان العاقل، بل بالأحرى السلطة على تقرير ما هو خير وما هو
شرّ، وهذا أمر محفوظ لله الذي يعلّم الانسان ما هو خير وما هو شرّ في ما
يعطيه من وصايا.
فخطيئة الانسان إذاً تقوم على التمرّد على الله ورفض
وصاياه. وهنا لا بدّ من الاشارة إلى أنه لا تناقض بين وصايا الله وخير
الانسان. فالله لا يوصي إلا بما يقود الانسان إلى الخير ويمنحه الحياة.
لذلك مخالفة وصايا الله هي في الوقت نفسه مخالفة ما يقود الانسان إلى
الخير ويمنحه الحياة.



ج) نتائج الخطيئة


أما النتائج التي تقود إليها الخطيئة فيعبّر عنها الكاتب في ثلاثة تصاوير:


الخجل من العري


"فانفتحت
أعينهما فعلما أنهما عريانان، فخاطا من ورق التين وصنعا لهما منه مآزر".
ان الابتعاد عن الله لا يقود الانسان إلى المعرفة والحكمة، كما قالت
الحية: "تنفتح أعينكما وقصيران كآلهة عارفي الخير والشرّ"، بل يقوده إلى
اكتشاف عريه. والعري هنا يعني ضعف الانسان وعجزه. ثم ان كلمة عريان في
العبرية (عيروم) قريبة من كلمة محتال (عاروم)، وقد قيل في أول الرواية إن
الحية "أحيل جميع حيوان البرية"؛ فالانسان الذي يسمع كلمة الشرير المحتال
يصبح على مثاله شريراً محتالاً. وإنّ الخجل من العري هو أخيراً تعبير
واقعي عن سيطرة الشهوة على الانسان. فالنتيجة الأولى التي تقود إليها
الخطيئة هي أنها تجعل الانسان خجلاً من نفسه، عاجزاً إزاء شهوته، محتالاً
وشريراً إزاء الآخرين



التعب والمشقّة


قال الرب
للمرأة: لأكثرنَّ مشقّات حملك، بالألم تلدين البنين وإلى بعلك تنقاد
أشواقك وهو يسود عليك. وقال لآدم... ملعونة الأرض بسببك، بمشقّة تأكل منها
طول أيام حياتك، وشوكاً وحسكاً تُنبت لك، وتأكل عشب الصحراء، بعرق وجهك
تأكل خبزاً حتى تعود إلى الأرض التي أُخذت منها". إنّ النتيجة الثانية
التي تقود إليها الخطيئة هي الخلل في العلاقات بين الانسان ونفسه، وبين
الانسان والآخرين، وبين الانسان وعمله. وقد رأى الكاتب أمثلة عن هذا الخلل
في الألم الذي يرافق الولادة، والتعب الذي يرافق العمل، وعدم الانسجام في
العلاقات بين الرجل والمرأة.



فقدان الحياة مع الله


"أخرج
الرب الإله الانسان من جنّة عدن ليحرث الأرض التي أخذ منها": إنّ "جنة
عدن"، أو "جنة النعيم"، هي صورة لحياة الانسان مع الله، والخروج من الجنة
تعبير عن فقدان الانسان صداقة الله. لقد رفض الانسان شريعة الله التي
تحدّد له "الخير والشر"، وأراد أن يكون هو إله نفسه وشريعة نفسه، فقطع
العلاقة الشخصية التي كانت تربطه بالله. فلا عجب من ثمَّ أن يشعر بأنه قد
أصبح بعيداً عن الله، وبأن الله قد أصبح عنه غريباً.



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Waitloadinglp0
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 4:47 pm



أ) فن أدبي خاص


إن أول ما يسترعي
انتباهنا، لدى قراءتنا تلك الرواية، هو أنها تجعل الحية تنطق وتقود
الانسان إلى الخطيئة. والغريب في الأمر أيضاً أن أحداثها تدور حول شجرة في
وسط الجنة يدعوها الكاتب "شجرة معرفة الخير والشرّ"، يأكل منها الانسان،
خلافاً لوصية الله. وكذلك تتكلم الرواية عن شجرة أخرى هي شجرة الحياة، لا
يستطيع الانسان الوصول إليها، ويطرده الله من الجنة قبل أن يأكل منها.
ونحن نعلم أن الحية لا تتكلم، وأنه لا وجود لشجرة معرفة الخير والشرّ، ولا
لشجرة الحياة.



من هنا نستخلص أن الرواية ليست رواية لحدث
تاريخي جرى مرة في بدء الخليقة، إنما هي رواية رمزية تعليمية هدفها تفسير
واقع الخطيئة، الذي يختبره الانسان في ذاته وفي الآخرين. كل إنسان يسأل:
ما هي الخطيئة؟ ما هي علاقتها بالله؟ ما هي نتائجها؟ للإجابة على تلك
الأسئلة يلجأ الكاتب المقدس إلى فنّ أدبي معروف في الأدب العبري وفي مختلف
الآداب القديمة والحديثة، وهو فن "الأمثال". وهذا الفن الأدبي هو الذي
سيلجأ إليه يسوع في تعليمه. ومن أشهر أمثاله مَثَل الإبن الشاطر، وهو نقيض
حكاية آدم وحواء. فبينما يخرج آدم وحواء من الجنة، أي من الحياة مع الله،
يعود الإبن الشاطر إلى بيت أبيه بعد أن اختبر أن لا حياة له إلا بالقرب من
الله. وكأن يسوع يشير في هذا المَثَل إلى أن مسؤولية مغادرة الجنة
والابتعاد عن الله تقع كلها على عاتق الانسان الذي بملء إرادته غادر البيت
الأبوي. أما الله فلا يزال ذلك الأب المحبّ الرحيم الذي ينتظر عودة أبنائه
إليه ليغفر لهم ويُعيد إليهم الحياة.



وتحت تأثير الأدب
الأسطوري القديم، أدخل الكاتب على فمن الأمثال عناصر من فمن "الأسطورة"،
فأعطى الحية دوراً هاماً في روايته. فالأدب المصري كان يتصوّر الحية تعترض
سبيل الإلهة الشمس لمنعها من الظهور؛ والحية عند الكنعانيين كانت رمزاً
للجنس في بعض العبادات؛ وفي أسطورة جلجامش البابلية تلعب الحية دوراً
مماثلاً للدور الذي تلعبه في قصة آدم وحواء، فهي التي تسرق من البطل
جلجامش "نبتة الحياة" التي استطاع الحصول عليها بعد عناء كثير.



لا
شك في ان اختيار الكاتب المقدس للحية قد تأثّر بالآداب المجاورة. ولكن
تعليمه عن الخطيئة وأسبابها مخالف لتعاليم الأديان القديمة. فبينما يرى
البابليون أن الآلهة هم الذين خلقوا البشر خطأة وأشراراً، يعتبر سفر
التكوين أن الخطيئة ليست من طبيعة الانسان، بل بدأت بتجربة من الخارج في
مقدوره أن يرفضها. فهو إذاً المسؤول عن الخطايا التي يرتكبها.



ب) الخطيئة رفض الله


لتعريف الخطيئة يتكلّم سفر التكوين بأسلوب روائي، في حين يتكلّم سفر تثنية الاشتراع بأسلوب تشريعي. يقول الله للشعب على لسان موسى:


"إن
هذه الوصية التي أنا آمرك بها اليوم ليست فوق طاقتك ولا بعيدة منك. لا هي
في السماء فتقول مَن يصعد لنا إلى السماء فيتناولها ويسمعنا إياها فنعمل
بها. ولا هي في عبر البحر فتقول مَن يقطع لنا هذا البر فيتناولها ويسمعنا
إياها فنعمل بها. بل الكلمة قريبة منك جداً في فيك وفي قلبك لتعمل بها.
أنظر اني قد جعلت اليوم بين يديك الحياة والخير والموت والشرّ... وان زاغ
قلبك ولم تسمع وملت وسجدت لآلهة أخرى وعبدتها، فقد أنبأتكم اليوم أنكم
يكون تهلكون هلاكاً، ولا تطول مدّتكم في الأرض التي أنتم عابرون الاردن
لتدخلوها وتمتلكوها. وقد أشهدت عليكم اليوم السماء والأرض بأني قد جعلت
بين أيديكم الحياة والموت، البركة واللعنة، فاختر الحياة لكي نحيا أنت
وذريتك" (تثنية 30: 11- 20).


نرى في هذا النص التشريعي
العبارات نفسها التي ترد في حكاية آدم وحواء. "فالحياة والموت"، و"الخير
والشرّ" هي بين أيدي الانسان. فان سمع وصية الله حصل على الحياة، وإلا نال
الموت واللعنة وهلك هلاكاً.



ان "شجرة معرفة الخير والشرّ"
التي يتكلم عنها سفر التكوين لا تعني مجرد التمييز بين الخير والشرّ، فهذا
من ميزات الانسان العاقل، بل بالأحرى السلطة على تقرير ما هو خير وما هو
شرّ، وهذا أمر محفوظ لله الذي يعلّم الانسان ما هو خير وما هو شرّ في ما
يعطيه من وصايا.
فخطيئة الانسان إذاً تقوم على التمرّد على الله ورفض
وصاياه. وهنا لا بدّ من الاشارة إلى أنه لا تناقض بين وصايا الله وخير
الانسان. فالله لا يوصي إلا بما يقود الانسان إلى الخير ويمنحه الحياة.
لذلك مخالفة وصايا الله هي في الوقت نفسه مخالفة ما يقود الانسان إلى
الخير ويمنحه الحياة.



ج) نتائج الخطيئة


أما النتائج التي تقود إليها الخطيئة فيعبّر عنها الكاتب في ثلاثة تصاوير:


الخجل من العري


"فانفتحت
أعينهما فعلما أنهما عريانان، فخاطا من ورق التين وصنعا لهما منه مآزر".
ان الابتعاد عن الله لا يقود الانسان إلى المعرفة والحكمة، كما قالت
الحية: "تنفتح أعينكما وقصيران كآلهة عارفي الخير والشرّ"، بل يقوده إلى
اكتشاف عريه. والعري هنا يعني ضعف الانسان وعجزه. ثم ان كلمة عريان في
العبرية (عيروم) قريبة من كلمة محتال (عاروم)، وقد قيل في أول الرواية إن
الحية "أحيل جميع حيوان البرية"؛ فالانسان الذي يسمع كلمة الشرير المحتال
يصبح على مثاله شريراً محتالاً. وإنّ الخجل من العري هو أخيراً تعبير
واقعي عن سيطرة الشهوة على الانسان. فالنتيجة الأولى التي تقود إليها
الخطيئة هي أنها تجعل الانسان خجلاً من نفسه، عاجزاً إزاء شهوته، محتالاً
وشريراً إزاء الآخرين



التعب والمشقّة


قال الرب
للمرأة: لأكثرنَّ مشقّات حملك، بالألم تلدين البنين وإلى بعلك تنقاد
أشواقك وهو يسود عليك. وقال لآدم... ملعونة الأرض بسببك، بمشقّة تأكل منها
طول أيام حياتك، وشوكاً وحسكاً تُنبت لك، وتأكل عشب الصحراء، بعرق وجهك
تأكل خبزاً حتى تعود إلى الأرض التي أُخذت منها". إنّ النتيجة الثانية
التي تقود إليها الخطيئة هي الخلل في العلاقات بين الانسان ونفسه، وبين
الانسان والآخرين، وبين الانسان وعمله. وقد رأى الكاتب أمثلة عن هذا الخلل
في الألم الذي يرافق الولادة، والتعب الذي يرافق العمل، وعدم الانسجام في
العلاقات بين الرجل والمرأة.



فقدان الحياة مع الله


"أخرج
الرب الإله الانسان من جنّة عدن ليحرث الأرض التي أخذ منها": إنّ "جنة
عدن"، أو "جنة النعيم"، هي صورة لحياة الانسان مع الله، والخروج من الجنة
تعبير عن فقدان الانسان صداقة الله. لقد رفض الانسان شريعة الله التي
تحدّد له "الخير والشر"، وأراد أن يكون هو إله نفسه وشريعة نفسه، فقطع
العلاقة الشخصية التي كانت تربطه بالله. فلا عجب من ثمَّ أن يشعر بأنه قد
أصبح بعيداً عن الله، وبأن الله قد أصبح عنه غريباً.



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Waitloadinglp0
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 5:08 pm



3- الخطيئة الأصلية في العهد الجديد


لا
نجد في العهد الجديد روايات خاصة عن الخطيئة الأصلية: إنما هناك مقطعان من
رسالة القديس بولس إلى الرومانيين، يقارن الأول منها بين الخطيئة التي
دخلت إلى العالم مع آدم والنعمة التي حصل عليها البشر بالمسيح، ويصف
الثاني حالة الانسان الخاطئ الذي تسيطر عليه الخطيئة.

أ) روم 5: 12- 19


ان
الفصل الخامس هو القسم الرئيسي من الرسالة إلى الرومانيين، فيه يبيّن بولس
الرسول أن برّ الله ونعمته قد ظهرا للناس في موت يسوع وقيامته. ثم يقارن
بين آدم والمسيح، فيقول: "كما انه بانسان واحد دخلت الخطيئة إلى العالم،
وبالخطيئة الموت، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس، لأن جميعهم قد
خطئوا... كما انه بزَلَّة واحدة كان القضاء على جميع الناس، كذلك ببرّ
واحد يكون لجميع الناس تبرير الحياة. لأنه كما جُعل الكثيرون خطأة بمعصية
انسان واحد، كذلك بطاعة واحد يُجعَل الكثيرون أبراراً".


يظهر
أن بولس يرى في آدم أول انسان خلقه الله، بينما رواية سفر التكوين ترى في
آدم رمزاً لكل إنسان. ينطلق بولس من تفسير معاصريه اليهود الذين كانوا
يعتبرون لفظة "آدم" اسم علم لأول انسان على الأرض، ويبني برهانه عليه
فيقول: كما انه بانسان واحد دخلت الخطيئة إلى العالم، كذلك بانسان واحد
دخل البرّ إلى العالم. ثم يردف قائلاً: "لأن جميعهم قد خطئوا". ان هذه
العبارة قد نقلها آباء الكنيسة اللاتينية إلى: "ففيه (أي في آدم) جميعهم
قد خطئوا". واستناداً إلى هذه الترجمة فسَّروا نتائج الخطيئة الأصلية
بقولهم إن جميع الناس قد خطئوا في شخص آدم. فآدم يصبح في هذا التفسير
المسؤول الوحيد عن دخول الخطيئة إلى العالم.


أما آباء الكنيسة
اليونانية فرأوا أن خطيئة آدم كانت الخطيئة الأولى، وأنّ الجميع خطئوا بعد
الانسان الأول. فالخطيئة الأصلية مكوّنة إذاً، في نظرهم، ليس من خطيئة آدم
وحسب، بل أيضاً من خطايا جميع الناس.


لذلك بينما ينظر
أوغوسطينوس وآباء الكنيسة اللاتينية إلى الخطيئة في أصلها التاريخي،
فيتكلمون عن "خطيئة أصلية" اقترفها آدم وانتقلت منه بالوراثة إلى جميع
البشر، ينظر آباء الكنيسة اليونانية إلى الخطيئة في واقعها الانساني
الشامل. وفي هذه النظرة تصبح مسؤولية الخطيئة مسؤولية شخصية يتحمّلها جميع
الناس كما تحمّلها الانسان الأول.


وهذا الاختلاف في النظرة إلى
الخطيئة الأصلية يبدو واضحاً عندما يتكلّم الآباء عن معمودية الأطفال.
فالنظرة الأولى ترى أن المعمودية ضرورية للأطفال لتنزع عنهم الخطيئة
الأصلية التي ورثوها عن آدم؛ أما النظرة الثانية فتؤيّد معمودية الأطفال،
لا لنزع الخطيئة عنهم، بل لإدخالهم في حياة النعمة. وبينما يتساءل
ترتوليانوس: لماذا نعمِّد الأطفال، إذا كانوا أبراراً وبلا خطيئة؟ يجيب
القدسي كبريانوس: ولِمَ لا نعمِّدهم؟ إنهم بلا خطيئة، لذلك تستطيع النعمة
أن تعمل فيهم بدون عائق. وهذا أيضاً رأي القديس يوحنا الذهبي الفم: "وإن
كان الأطفال بلا خطايا، فإننا نعمِّدهم ليزداد فيهم البرّ والقداسة
ويصبحوا هياكل للروح القدس".



ب) روم 7: 7- 25


في
القسم الذي يضمّ الفصول السادس والسابع والثامن، يبيّن بولس كيف يستطيع
المسيحي، بالإيمان والمعمودية، الدخول شخصيّاً في الخلاص الذي يقدّمه
المسيح لجميع البشر. ففي المعموديّة يحرّر الروح القدس الانسان من عبودية
الخطيئة. ولإظهار جمال تلك الحالة الجديدة، يصف بولس بكل دقّة حالة الضياع
والعبودية التي يقع فيها الخاطئ. وهذا الوصف نجده من الآية 14 إلى الآية
25، وكلّها تدور حول العبارة التالية: "اني لا أعرف ما أفعل. فما أُريده
لا أفعله، وما أكرهه إياه أفعل" (7: 15). والآية 21 تعود فتوضح الأمر:
"أريد أن أفعل الخير، وإذا الشرّ حاضر لديّ". ففي الانسان نزعتان: نزعة
إلى الخير تحمله على أن "يسرّ بناموس الله" (7: 22)، ونزعة نحو الشرّ
تجعله "أسيراً لناموس الخطيئة الذي في أعضائه" (7: 17).


تلك
الحالة اليائسة التي تجعل بولس يصرخ: "يا لي من إنسان شقيّ. مَن ينقذني من
جسد الموت هذا؟" (7: 24)، لا أحد يستطيع أن ينقذنا منها إلا المسيح. لذلك
يختم بولس وصفه بقوله: "الشكر لله بيسوع المسيح ربنا" (7: 25).


ولكن تلك الحالة ما هو سببها؟ وكيف يصل إليها الانسان؟ على هذا السؤال يجيب بولس في الآيات 7- 13:


"ماذا
نقول؟ أوَ يكون الناموس خطيئة؟ كلا، وحاشا. بيد أني ما عرفت الخطيئة إلا
بالناموس. فاني ما كنت عرفت الشهوة لو لم يقل الناموس: لا تشتهِ. فاذ
اتخذت الخطيئة بالوصية سبيلاً، فعلتْ فيَّ كل شهوة، لأن الخطيئة بدون
الناموس ميتة. أجل لقد كنت عائشاً من قبل إذ لم يكن ناموس، ولكن لما جاءت
الوصية عاشت الخطيئة، فمتّ أنا. والوصية التي لي للحياة وُجدَت هي نفسها
للموت. لأن الخطيئة قد اتخذت بالوصية سبيلاً فأغوتني وقتلتني بها.
فالناموس إذاً مقدّس والوصية مقدّسة وعادلة وصالحة. فما هو صالح إذاً صار
لي موتاً؟ كلا، وحاشا. بل هي الخطيئة، لكي تظهر خطيئة، عملت فيَّ بالصلاة
موتاً، حتى تصير الخطيئة بالوصية خاطئة للغاية".


يدور هذا النص
حول عمل الخطيئة في الانسان. وبشكل فلسفي وتحليلي، يعطي بولس هذا العمل
التفسير نفسه الذي يعطيه سفر التكوين بشكل روائي وأُسطوري في قصة آدم
وحواء. وفي كلا النصَّين نجد العناصر ذاتها: حياة الانسان قبل الخطيئة،
التجربة والسقوط فيها، نتائج الخطيئة وانكشاف خداع التجربة.


فموضوع
الحديث هو الانسان عامةً، ممثّلاً، في تحليل بولس، بضمير المتكلم:
"عرفتُ... كنتُ... متُّ..."، وفي سفر التكوين بشخصين رمزيين يدعوهما
الكاتب المقدس باللغة العبرية آدم (أي الانسان) وحواء (أي التي تعطي
الحياة). ففي كلا النصين ليس المقصود شخص بولس، ولا أول رجل وأول امرأة
ظهرا في التاريخ، بل كل إنسان يعيش على هذه الأرض ويسقط في الخطيئة. وإنّ
بولس، بقوله "لقد كنت عائشاً من قبل، إذ لم يكن ناموس"، يعيد إلى الأذهان
حالة آدم وحواء اللذين، قبل الخطيئة، كانا في جنة نعيم، أي في الحياة
الحقيقية، ويعيد بالتالي حالة الإنسان قبل الخطيئة.


أما
المجرّب فهو في كلا النصّين عامل شرّير خارج عن إرادة الانسان، يرمز إليه
شخص الحيّة في سفر التكوين، والخطيئة المشخّصة عند بولس.


وهذا
المجرّب يلجأ في كلا النصّين إلى الاسلوب نفسه: يستخدم الوصية لإغواء
الانسان واجتذابه إلى الشرّ. فالوصية، في سفر التكوين، هي: "أمّا شجرة
معرفة الخير والشرّ فلا تأكل منها. فانك يوم تأكل منها تموت موتاً"؛ وفي
تحليل بولس فهي: "لا تشتهِ". وهذه الوصية هي، كما يقول بولس، "مقدّسة
وعادلة وصالحة"، لكنّ المجرّب يصوّرها للانسان كأنها وصية ظالمة، فيُدخل
في قلبه الشك وفي نفسه الشهوة. وهذا ما صنعته الحية إذ أدخلت في قلب آدم
وحواء الشك في صدق نيّة الله: "أيقيناً قال الله لا تأكلا من جميع شجر
الجنة؟...


إنما الله عالِم أنكما في يوم تأكلان منه تنفتح
أعينكما وتصيران كآلهة عارفي الخير والشرّ"؛ كما أدخلت في نفسيهما الشهوة:
"ورأت المرأة أن الشجرة طيبة للمأكل وشهية للعيون وان الشجرة منية للعقل".
وهذا أيضاً ما يعنيه بولس بقوله: "الخطيئة (أي المجرّب) اتخذت بالوصية
سبيلاً، وفعلت فيَّ كل شهوة... فأغوتني وقتلتني بها".


وأمّا
الرحلة التي تلي التجربة فهي أيضاً نفسها في كلا النصّين: يسقط الانسان في
التجربة، ويكتشف انه قد خُدع و"اغوي"، وان وصية الله كانت في الواقع
"مقدسة وعادلة وصالحة". يقول بولس: "ان الخطيئة قد أغوتني وقتلتني". وحواء
تقول: "ان الحية قد أغوتني فأكلت". آدم وحواء، بعد سقوطهما، طُردا من
الجنة، وتحقق كلام الله: "إن أكلت من شجرة معرفة الخير والشرّ تموت
موتاً". المقصود هنا هو أولاً الموت الروحي، أي الابتعاد عن الله والضياع.


وبولس
أيضاً يتكلم عن الموت الذي ينتج من الخطيئة: "هي الخطيئة، لكي تظهر خطيئة،
عملت فيَّ بالصلاح (أي عن طريق الوصية الصالحة) موتاً؛ ثم يردف: "حتى تصير
الخطيئة، بالوصية، خاطئة للغاية". فالموت الروحي الذي يسقط فيه الانسان
الخاطئ يكشف خداع التجربة، ويظهر حقيقة الخطيئة التي لا تقود إلى التألّه،
كما ادّعت الحية بقولها لآدم وحواء "تصيران كآلهة"، بل تقود إلى الموت
والعبودية والضياع، فيصبح الانسان "مبيعاً للخطيئة وتحت سلطان الخطيئة"،
وهذه هي العبودية، و"لا يعود يعرف ما يفعل"، وهذا هو الضياع. وتلك الحالة
يصفها بولس في الآيات التي بدأنا بتفسيرها (14- 25).



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Waitloadinglp0


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 5:09 pm



4- تساؤلات حول الخطيئة الأصلية


بعد هذا
التفسير لرواية الخطيئة الأصلية كما وردت في سفر التكوين وفي رسالة بولس
إلى الرومانيين، سنعرض الآن بعض الأسئلة التي يطرحها المؤمنون وغير
المؤمنين حول هذه الخطيئة، ثم نحاول تحديدها.



أ) هل آدم اسم علم لشخص عاش في التاريخ؟


تتكلّم
رواية سفر التكوين عن خطيئة آدم وحواء، ويقارن بولس الرسول بين خطيئة آدم
وقداسة المسيح. وفي رأي البعض أنّ لفظة "آدم" هي اسم علم لشخص عاش في زمن
محدد من التاريخ، وارتكب خطيئة كبرى أحدثت خللاً في الكون والانسان، وجرّت
على البشر العذاب والموت، وقد كما نوا قبل خطيئة آدم غير خاضعين لهما،
بينما يرى البعض الآخر انّه لا وجود لآدم وحواء في التاريخ، وانّ قصتهما
هي أسطورة خيالية، ويستنتجون من ذلك أنّه لا وجود للخطيئة الأصلية: ليس
إلا خطايا شخصية يرتكبها الناس بشكل فردي، وكل إنسان هو مسؤول عن خطيئته.


كلا الرأيين، في نظرنا، على خطإ، لأنهما لا ينظران النظرة الصحيحة إلى الخطيئة الأصلية.
فالرأي
الأول على خطإ، لأن آدم ليس اسم علم لشخص محدد عاش في بدء التاريخ؛ فكلمة
"آدم" لفظة عبرية تعني "الانسان"، كما ان حواء تعني "التي تعطي الحياة"؛
لذلك آدم وحواء هما رمز لكل انسان، وقصة خطيئتهما هي قصة خطيئة كل إنسان.


إن
كاتب سفر التكوين يتحدّث من الفصل الرابع حتى الفصل الحادي عشر عن الفساد
والقتل والعنف ومختلف الجرائم والمظالم التي اجتاحت البشرية حتى كارثة
الطوفان. ثم يسأل: مَن المسؤول عن تلك المظالم؟ هل يريد الله كل هذا الشر؟
ويجيب على السؤال، في الثلاثة الفصول الأولى، بقوله إن الله قد خلق كل شيء
صالحاً، وإنّ البشر هم الذين يجنون على أنفسهم باختيارهم الشرّ بدل الخير
والموت بدل الحياة. وهذا الاختيار يقوم به الناس على مدى التاريخ منذ
الانسان الأول. ومهما تنوّعت خطاياهم فهي كلها إنكار لله ورفض لتعاليمه
ووصاياه.


لذلك يجب التمييز بين جوهر الجواب الذي يعطيه سفر
التكوين، والأسلوب الذي جاء فيه هذا الجواب. فقصة آدم وحواء هي قصة
أسطورية، إلا أن تعليمها تعليم إلهي. لهن خلال هذا "المَثَل" يكشف لنا
الكتاب المقدس عن حقيقة دينية ثابتة، وهي ان الانسان لم يُخلَق خاطئاً
وانّ الخطيئة ليست من صلب طبيعته البشرية. ان الله قد وضع أمامه "الحياة
والموت والخير والشرّ"، ومنحه الحرية والارادة. فالانسان هو مسؤول عن
خطيئته.


والرأي الثاني على خطإٍ كذلك لأنه لا يميّز بين
الخطيئة الشخصية التي يرتكبها كل انسان، ووضع العالم الخاطئ الذي يوجد فيه
الانسان منذ ولادته. فإذا رفضنا أن تكون لفظتا "آدم" و"حواء" إسمَي علم
لشخصين عاشا في بدء التاريخ، إلا أنه لا بدّ من الاعتراف بأن الانسان قد
بدأ يوماً. متى بدأ؟ وكيف بدأ؟ هذا من شأن العلم، لا من شأن الدين، البحث
عنه. ولا بدّ لنا من الاعتراف بأن هذا الانسان، في جميع العصور وعلى مدى
التاريخ، قد خطئ، فلا يمكننا إنكار خطيئته.


ثم ان الانسان ليس
فرداً عائشاً وحده في جزيرة؛ انه عضو في مجتمع؛ والأعضاء في الجسد الواحد
يتأثر بعضها ببعض. اني لست مسؤولاً إلا عن الخطايا التي أرتكبها أنا نفسي،
ولكن الخطايا التي أرتكبها تؤثّر في غيري. والخطايا التي ارتكبها البشر
على مدى الأجيال خلقت في العالم وضعاً خاطئاً مناقضاً لإرادة الله. وعندما
أُولَد أنا، إنما أُولَد في عالم خاطئ هو بحاجة إلى خلاص الله ونعمته.
"الجميع قد خطئوا، يقول بولس الرسول، وأعوزهم مجد الله" (روم 3: 23).
فالخطايا التي يرتكبها كل إنسان هي خطايا شخصية، أما الوضع الذي يولد فيه
فإنما هو وضع عالم خاطئ.



ب) أسئلة خاطئة


من
ردّنا على الرأي الأول نستنتج أن هناك أسئلة خاطئة لا تزال تُطرَح اليوم،
كل مرة يؤتى على ذكر الخطيئة الأصلية. ماذا كانت خطيئة آدم وحواء في
الفردوس، أخطيئة زنى أم خطيئة من نوع آخر؟ كم من السنين عاش آدم وحواء في
الفردوس قبل الخطيئة الأصلية؟ أين كان الفردوس؟ هل كان آدم وحواء معرَّضين
للعذاب والموت قبل الخطيئة الأصلية؟


ان جميع تلك الأسئلة
نعتبرها اليوم أسئلة خاطئة، لأنها تُطرح من نقطة انطلاق خاطئة هي أن آدم
وحواء هما إسما علم للشخصين اللذين عاشا في بدء التاريخ وارتكبا خطيئة
كبرى. عندئذٍ لا بدّ من التساؤل: ماذا كانت خطيئتهما؟ وكم من الزمن عاشا
قبل الخطيئة؟ وكيف يرضى الله أن يخلق إنساناً لا يتعذّب ولا يموت، ثم يحكم
عليه بالعذاب والموت لأجل خطيئة واحدة ارتكبها؟ والأسئلة تزداد إلحاحاً
وإحراجاً بعد ان اكتشف العلم أن الانسان لم تكتمل إنسانيته إلا على مدى
ملايين من السنين. ففي أي مرحلة من التطور الانساني ارتكب تلك الخطيئة
الكبرى التي جرّت الويلات على البشرية جمعاء؟



ان هذه
الأسئلة كلّها تسقط، إذا فهمنا رواية سفر التكوين على حقيقتها: انها ليست
رواية لحدث تاريخي محدّد جرى في زمن معيّن من التاريخ، بل رواية رمزية
تروي ما يجري للانسان -لكل إنسان، منذ الانسان الأول- عندما يرفض الله
ويرفض وصاياه. ومن خلال تلك الرواية يدو الله إله القداسة والمحبة
والصلاح، الذي لا يريد أن يعيش الانسان في الخطيئة ويسبّب لنفسه الهلاك،
بل أن يرجع إليه ويجد فيه الحياة والخلاص.



لذلك لا يمكننا
القول إن آدم وحواء قد عاشا فترة من الزمن قبل الخطيئة الأصلية، ولا
إنهما، بخطيئتهما، سبَّبا لذريّتهما المرض والعذاب والموت، وقلبا نظام
الكون بأسره. إن ما ينتاب الانسان من أمراض وأوجاع، والموت المحتّم الذي
يسير إليه جميع البشر، لا يمكن أن يكون نتيجة لخطيئة انسان واحد عاش في
فجر التاريخ؛ فكل هذه الشرور الطبيعية هي من صلب طبيعة الانسان المحدودة.
والتطور الذي أظهر العلمُ أنه شمل العالمَ والانسان، لا يمكن أن يتمّ دون
وجود الموت الذي يفسح المجال أمام التغيّر والتقدّم.



فالتفسير
التقليدي الذي يرى في الموت عاقبة الخطيئة لا يصحّ إلا جزئياً، أي بالنسبة
إلى الموت الروحي. فالخطيئة تبعد الانسان عن الله. لذلك ما ينتج من
الخطيئة إنما هو الموت الروحي والقلق الوجودي. وهذا أوّل ما يريد سفر
التكوين وبولس الرسول تأكيده. أما الموت الجسدي فهو أمر متعلق بطبيعة
الانسان المحدودة، وهو، للمؤمن بقيامة المسيح، انتقال من حياة مائتة إلى
حياة خالدة مع الله.



ج) الخطيئة الأصلية حالة تضامن مع خطيئة العالم


اذا
قلنا إنّ الخطيئة الأصلية لا يمكن أن تكون فقط خطيئة أول رجل وأول امرأة
ظهرا على الأرض، فكيف اذاً نحدّدها؟ ان عبارة "الخطيئة الأصلية" لم تستعمل
في اللاهوت إلا ابتداءً من القديس اوغوسطينوس. إنّ العهد الجديد يتكلم عن
"خطيئة العالم": فالمسيح هو، حسب قول يوحنا الانجيلي، "حمل الله الذي يرى
خطيئة العالم" (1: 29)؛ وبولس يصف، في الفصول الثلاثة الأولى من رسالته
إلى الرومانيين، كيف شملت الخطيئة جميع الناس، يهوداً ويونانيين، ويختم
بقوله: "ان اليهود واليونانيين جميعاً هم تحت سلطان الخطيئة. إذ ليس من
فرق، فالجميع قد خطئوا وأعوزهم مجد الله". ثم يردف: "والجميع بنعمته
يُبرّرون مجاناً، بالفداء الذي بالمسيح يسوع، الذي سبق الله فأقامه أداة
تكفير بالايمان بدمه، لإظهار برّه -بعد أن تغاضى عن الخطايا السالفة في
عهد صبره الالهي- لإظهار برّه، اذاً، في الزمان الحاضر بإعلانه بارّاً
ومبرّراً من آمن بيسوع" (روم 3: 9، 23- 26).
انّ الخطايا السالفة التي
صبر عليها الله، هي التي يندّد بها اشعيا النبيّ بقوله في مطلع نبوءته:
"استمعي أيتها السماوات وأنصتي أيتها الأرض، فان الربّ قد تكلم: اني ربّيت
بنين ورفعتهم، لكنهم قد تمرّدوا عليّ. عرف الثور قانيه والحمار معلف
صاحبه، لكنّ اسرائيل لم يعرف، وشعبي لم يفهم.


ويل للأمة الخاطئة، الشعب الموقَّر بالإثم، ذرية المجرمين، البنين الفجّار" (اشعيا 1: 2- 4).
لقد
جاء المسيح ليفتدي من الخطيئة هذا "الشعب الموقَّر بالإثم، ذرية المجرمين،
البنين الفجّار". ولتعريف الخطيئة الأصلية يجب أن نقارن، مع بولس الرسول،
بين حالة البشرية الخاطئة، لأن "الجميع قد خطئوا"، والفداء الذي حصلت عليه
البشرية بالمسيح يسوع، لأن "الجميع يبرّرون مجاناً بالفداء الذي بالمسيح
يسوع". فلا يمكننا إذاً أن نفهم الخطيئة الأصلية إلا بالمقارنة مع الفداء
بالمسيح. فالخطيئة الأصلية هي حالة التضامن مع خطيئة العالم، أي مع جميع
الذين خطئوا عبر التاريخ منذ الانسان الأول؛ والفداء بالمسيح يدخلنا في
حالة جديدة هي حالة النعمة والبرّ.


ليست الخطيئة الأصلية إذاً
خطيئة انسان واحد عاش في بدء التاريخ، ويرثها كل انسان يولد من ذريته؛
وإلاّ لكان كل انسان يسأل: ما ذنبي أنا لكي يعاقبني الله على خطيئة
ارتكبها الانسان الأول؟ إنما الخطيئة الأصلية حالة نتجت من خطايا جميع
البشر الذين عاشوا عبر التاريخ منذ الانسان الأول. فالبشرية خاطئة، وهذا
واقع لا يمكننا إنكاره، وإنّ الحروب الكثيرة التي نسجت تاريخ البشر
بجرائمها ومظالمها أفصح دليل عليه. فعندما يولد الانسان، يولد ضمن تلك
البشرية الخاطئة، أي في حالة تضامن معها،


وهذا أيضاً واقع لا
يمكننا تجاهله. إلا أن هذا التضامن ليس أمراً محتوماً على الانسان البقاء
فيه، فالمسيح قد افتدانا وبرّرنا، وهو يدعونا إلى الانتقال من حالة
التضامن مع البشرية الخاطئة إلى حالة التضامن معه. وتلك الدعوة يلبّيها
الانسان بقبوله المعمودية؛ فالذين يعتمدون للمسيح يجدّدون في ذواتهم موت
المسيح وقيامته: "فكما ان المسيح بموته قد مات للخطيئة إلى الأبد، وبحياته
يحيا لله، كذلك أنتم أيضاً، احسبوا أنفسكم أمواتاً للخطيئة، أحياء لله في
المسيح يسوع" (روم 6: 10، 11).





لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Waitloadinglp0



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 5:16 pm



القِسم الثَالث
هل من تفسير للشر؟

========


نعود
الآن إلى السؤال الذي طرحناه في مستهلّ بحثنا: إذا كان الله ينبوع الصلاح
والخير، فمِن أين الشر؟ إذا لم يكن الشر عمل إرادة إله شرير، كما بينّا في
القسم الأول، ولا نتيجة خطيئة الانسان الأول، كما أظهرنا في القسم الثاني،
فمن أين يأتي؟


قلنا ان الشر على نوعين، طبيعي وأدبي. والانسان
معرّض لكلا الشرّين؛ فهو من طبيعته خاضع للمرض والموت، ومن طبيعته معرّض
للخطيئة، إذ انه ليس إلهاً بل خليقة. فالشرّ الطبيعي ناتج من كون الانسان
خليقة محدودة، والشرّ الأدبي من كونه خليقة حرّة.


1- الشرّ الطبيعي


أ) حدود الطبيعة البشرية: الخلق ليس ولادة ولا انبثاقاً


لماذا
لم يخلق الله طبيعة غير معرَّضة للمرض والموت؟ ذلك مستحيل، لأنه لو وُجدت
تلك الطبيعة، لما كانت طبيعة مخلوقة، بل طبيعة إلهية غير منفصلة عن طبيعة
الله، ولما كان بالتالي وُجد خلق، بل كان الله وحده في ذاته الالهية.
فالفرق جوهري بين الولادة والخلق. نؤمن، نحن المسيحيين، ان كلمةَ الله
مولودٌ من الآب منذ الأزل، لذلك فهو واحد مع الآب في الجوهر؛ وكذلك نؤمن
أن الروح القدس منبثق من الآب قبل كل الدهور، لذلك هو أيضاً واحد مع الآب
في الجوهر. فالتمييز بين الأقانيم الالهية لا ينتج منه اختلاف في الطبيعة.
أما الخلائق فليست مولودة ولا منبثقة من جوهر الله، بل هي مخلوقة، لذلك
فهي مختلفة عن الله اختلافاً جوهرياً.



إنّ الله لا حدود
لكيانه ولا نهاية لذاته؛ انه منذ الأزل وإلى الأبد. أما الخلائق فمحدودة
في الزمان والمكان وخاضعة للمرض والموت. وكما ان كمال الله هو فيه صفة
جوهرية وأمر متعلق بجوهره، كذلك نقص الخلائق هو فيها أمر جوهري أي مرتبط
بجوهرها. ومن هذا النقص ينتج ضعف الانسان ومرضه وموته.



ب) الإلحاد هو رفض الانسان أن يكون انساناً


هذا
الاختلاف بين طبيعة الانسان وطبيعة الله قد يبدو لنا أمراً جائراً، فنثور
عليه، ونرفض إلهاً يخلقنا محدودين ومعرّضين للمرض والموت، بينما هو كامل
أزليّ. وقد يقود هذا الرفض إلى الإلحاد؛ فكثيرون من الملحدين يرفضون وجود
الله لأنهم لا يستطيعون التوفيق بين صلاح الله ووجود الشرّ في العالم.
ان
هذا الإلحاد هو في الواقع رفض الانسان أن يكون انساناً، أي خليقة محدودة
في طبيعتها. إن في أعماق الانسان رغبة في الارتفاع إلى مستوى الله، ترمز
إليها "شجرة معرفة الخير والشرّ" و"شجرة الحياة": "تصيران كآلهة عارفي
الخير والشرّ". وإنّ الخطيئة تكمن في محاولة الانسان تحقيق تلك الرغبة
خارجاً عن الله، عندئذٍ يرفض الانسان حدود طبيعته وارتباطه بالله.



ج) بالتجسد شارك الله بطبيعة الانسان ليرفعها إليه


إنّ
ما لم يستطع الانسان تحقيقه خارجاً عن الله قد حقّقه الله نفسه، إذ أخذ
جسداً بشرياً في شخص يسوع المسيح. ويسوع، في حياته، عمل على إزالة الشرّ،
وفي موته وقيامته انتصر على الموت وأقام معه الانسان المائت إلى حياة الله.



يسوع لم يُعطِ تفسيراً للشرّ بل عمل على إزالته


يروي
يوحنا، في الفصل التاسع من انجيله، أن يسوع "فيمَا كان مجتازاً رأى رجلاً
أعمى منذ مولده. فسأله تلاميذه قائلين: يا معلّم، مَن خطئ، هذا الرجل أم
أبواه، حتى وُلد أعمى؟ أجاب يسوع: لا هذا خطى ولا أبواه، وإنما لتُظهر
أعمال الله فيه. فما دام النهار ينبغي أن نعمل أعمال من أرسلني. فسيأتي
الليل حيث لا يستطيع أحد عملاً. ما دمت في العالم فأنا نور العالم". ثم
طلى بالطين عينَي الأعمى وأرسله يغتسل في بركة سلوام. فمضى واغتسل ورجع
وهو يبصر بجلاء.



ان سؤال التلاميذ يسوع يطرح معضلة وجود
الشرّ الطبيعي في العالم. لماذا وُلد هذا الرجل أعمى؟ هل مرضه نتيجة خطيئة
أبويه؟ ويمكننا أن نطرح السؤال بشكل عام: هل المرض والموت وسائر الشرور
الطبيعية هي نتيجة خطيئة أبوينا الأوّلين؟ على هذا السؤال يردّ يسوع
بالنفي: الشرّ الطبيعي ليس نتيجة خطيئة الانسان ولا خطيئة الجدَّين
الأولين. ولكنّ يسوع لا يعطي جواباً نظرياً، إنما جوابه عملي، وكأنه يقول
إنّ الجواب الوحيد على مشكلة الشرّ هو العمل على إزالته: "يجب أن تظهر
أعمال الله فيه". وأعمال الله هي شفاء المرض، وهذا ما صنع يسوع إذ "كان
يجول في جميع المدن والقرى، يعلِّم في المجامع، ويكرز بانجيل الملكوت،
ويشفي كل مرض وكل سقم" (متى 9: 35).



قيامة يسوع هي الجواب الأخير على وجود الشرّ الطبيعي


ان
يسوع، في شفائه المرضى، عمل على إزالة المرض، وفي آلامه وموته وقيامته
انتصر على الألم والموت. لذلك، وإن لم نستطع إيجاد تفسير نظري للشرّ
الطبيعي في العالم، إلا أنه يمكننا التوفيق بين صلاح الله ووجود العذاب
والموت، لأننا نؤمن أن يسوع بقيامته انتصر على العذاب والموت.
إنّ مَن
لا يمسّه الألم والعذاب قد أصبح مثلنا قابلاً للألم والعذاب، ليزيل بألمه
وعذابه ألمنا وعذابنا؛ إنّ مَن لا يعرف الموت قد دخل في عالمنا المائت
ليقضي على الموت الذي، بدون الله، يقضي علينا؛


إنّ مَن لا حدّ
لكيانه قد اتخذ طبيعتنا المحدودة ليرفعها إلى الاتحاد بكيانه غير المحدود.
انّ الموت لا يقطع علاقة الانسان بالله، بل هو الطريق الذي لا بدّ للانسان
أن يسلكه لتتحوّل طبيعته من طبيعة مائتة محدودة إلى طبيعة تشارك الله في
حياته الخالدة وكيانه اللامحدود. إنّ الانسان كحبّة الحنطة التي، إن لم
تمت، تبقى وحدها، معزولة في حدودها الضيّقة، وأمّا إن ماتت فتأتي بثمر
كثير وتدخل في لا نهاية الله.



ان آمال الانسان بالخلود
تبدو وهماً وخيالاً، إن لم ترتكز على قيامة المسيح. لذلك يرى بولس الرسول
في قيامة المسيح أمانة لقيامة الأموات: "إن كان الأموات لا يقومون، المسيح
أيضاً لم يقم. وإن كان المسيح لم يقم، فإيمانكم باطل وأنتم بعد في
خطاياكم؛ ومن ثمَّ فالذين رقدوا في المسيح قد هلكوا. ان كان رجاؤنا في
المسيح في هذه الحياة فقط، فنحن أشقى الناس أجمعين. ولكن لا، فإنّ المسيح
قد قام من بين الأموات، باكورة للراقدين. لأف، بما ان الموت كان بانسان،
فبانسان أيضاً قيامة الأموات. فكما انه في آدم يموت الجميع، كذلك أيضاً في
المسيح سيحيا الجميع" (1 كور 15: 16- 22).



التألّه بواسطة المسيح الإله


وهكذا
لا يستطيع الانسان أن يفهم نفسه ويفهم الكون إلا على ضوء تجسّد المسيح
وحياته وموته وقيامته. فالشر الطبيعي الذي يختبره الانسان في نفسه وفي
الكون ليس نهاية كل شيء. فقد أخذ كلمةُ الله طبيعة البشر ليؤلّهها. وهذا
التألُّه بواسطة المسيح الإله قد تحدّث عنه آباء الكنيسة الشرقية بطريقة
رائعة، وفيه وحده يمكن الانسان أن يتحمّل لغز الشرّ وسرّه. يقول القديس
كيرلس الاسكندري: "لقد صار الإله انساناً لكي يصير الانسان إلهاً"؛
والقديس اثناسيوس: "لقد أصبح الكلمة جسداً لكي نستطيع نحن أيضاً، بما
نناله من روحه، أن نتألّه"؛ واكليمنضوس الاسكندري: "ان كلمة الله قد صار
انساناً لكي نتعلّم من الانسان كيف يستطيع الانسان أن يصير إلهاً"؛
وغريغوريوس النزينزي: "فلنصرْ آلهة به، بما انه، لأجلنا، صار إنساناً".


لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Waitloadinglp0


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 5:17 pm




2- الشرّ الأدبي


أ) في الحرية إمكان الخطيئة


اذا
كان الشرّ الطبيعي ناتجاً من طبيعة الانسان المحدودة، فالشرّ الأدبي ناتج
من سوء استعمال الانسان حريته. إن الله لم يخلق الانسان خاطئاً، بل خلقه
حراً. وفي الحرية يكن إمكان الخطيئة؛ ولكن في الحرية أيضاً يكمن إمكان
التألُّه. فالله لا يستطيع أن يصنع الانسان إلهاً على رغمه، لذلك على
الانسان أن يشارك في بلوغ كماله في الله. تلك هي الحرية.



الحرية
ليست مجرد إمكان الاختيار بين الخير والشرّ، بل هي بالأحرى إمكان الإسهام
في بناء الذات. إنّ مَن يختار الشرّ يظن نفسه حراً، إلا أنه في الواقع
مستعبد للشرّ، بحسب قول يسوع: "كل من يعمل الخطيئة هو عبد للخطيئة" (يو 8:
34). وإنّما جاء المسيح ليحرّرنا من تلك العبودية: "فان حرّركم الابن،
كنتم في الحقيقة أحراراً" (يو 8: 36).



ب) في المسيح الانتصار على الخطيئة


"حيث كثرت الخطيئة طفحت النعمة" (روم 5: 20)؛ "وأما النعمة والحق فبيسوع المسيح قد حصلا" (يو 1: 17).


يسأل
يوحنا الدمشقي: "لماذا خلق الله الكون، مع علمه أن الشرّ سوف يحدث فيه؟".
ويجيب: "لو كان الله قد امتنع عن خلق الكون والانسان بسبب ما سيحدث فيهما،
لكان أظهر أنه أضعف من الشرّ".


لقد خلق الله الانسان حراً؛ وفي
هذه الحرية إمكان السقوط في الخطيئة؛ إلا أن الله لم يكتفِ بخلق الانسان،
بل أرسل إليه ابنه يسوع المسيح مخلصاً وفادياً، لينتصر على الشرّ
والخطيئة، ويكون هو نفسه القوة التي بها يستطيع الانسان أن يتغلّب بملء
حريته على الشرّ والخطيئة.


فالمسيح يكشف للانسان انه لن يستطيع
تحقيق ذاته برفض الله والتنكّر لوصاياه، بل بالاتحاد به وبتتميم وصاياه.
إنّ حياة المسيح كلها كانت حياة اتحاد بالله: "إن طعامي هو أن أعمل مشيئة
الذي أرسلني" (يو 4: 34)؛ ولقد قبل الموت تتميماً لتلك المشيئة الالهية:
"يا أبتاه، إن شئت فأجِزْ عني هذه الكأس. ولكن، لا تكن مشيئتي بل مشيئتك"
(لوقا 22: 42)؛ وصلاته الأخيرة إلى الآب: "يا أبتاه، في يديك أستودع روحي"
(لوقا 23: 46)، قالها وهو على الصليب، وفي قلبه ملء الثقة والايمان بأن
الله لا يزال أباه حتى في الموت، وانه من الموت سيبعث الحياة.



لقد
قضى المسيح على الشرّ والخطيئة دون القضاء على حرية الانسان، وذلك بتجديد
الانسان من الداخل، وتصحيح نظرته إلى الله، بحيث يرى فيه الخير الأعظم
ويحبه ويتّحد به بملء حريته. وهكذا افتدى المسيح الانسان وقوَّمَ ما في
الطبيعة البشرية المحدودة من ضعف وميل إلى الخطيئة والشرّ.
ان خطيئة
آدم الأول، الانسان القديم، تكمن في نظرته الخاطئة إلى ما يعطي الحياة وما
يجلب الموت، إذ قد ظن أنه بالاتحاد بالله يجد الموت، وبمقاومته يحصل على
الحياة.



أما يسوع، آدم الثاني والانسان الجديد، فقد قبل
الموت في الاتحاد بالله ووجد الحياة في القيامة، ولاشى هكذا خطيئة آدم
الأول، وجدّده من الداخل، مظهراً وجه الله الحقيقي، مبيّناً السبيل الوحيد
الذي لا بدّ للانسان أن يسلكه إذا أراد تحقيق ذاته، ومن خلال الموت الذي
هو للانسان حجر عثرة وسب شك، بيّن للانسان أن الله هو أبداً الاب الذي
يعطي الحياة.



خلاصة


هل يجد القارئ في ما قلناه
تفسيراً لوجود الشرّ في العالم؟ ربما لا. غير ان الشرّ، على ضوء المسيح
وحياته وموته وقيامته، لا يعود ذلك اللغز الخانق الذي يقود إلى اليأس.
فنحن المسيحيين نؤمن أن الشرّ، في مختلف مظاهره، في الموت الذي هو نتيجة
طبيعة الانسان المحدودة، وفي الخطيئة التي هي نتيجة إرادته الضعيفة، لم
يعد ذلك السيّد المتسلّط الذي يستعبد الانسان.


ففي المسيح الذي
سحق الموت وانتصر على الخطيئة وحرّرنا من عبودية الشرّ، انكشف لنا عجز
الشرّ، وأصبح في مقدورنا، باتحادنا بالمسيح، السيطرة على الموت والانتصار
على الخطيئة، بحسب قول بولس الرسول في كلامه عن القيامة: "متى لبس هذا
الجسد الفاسد عدم الفساد، ولبس هذا الجسد المائت عدم الموت، فحينئذٍ يتم
القول الذي كتب: "لقد ابتُلع الموت في الغلبة. أين غلبتكَ أيها الموت؟ أين
شوكتك أيها الموت؟".


ان شوكة الموت هي الخطيئة، وقوة الخطيئة هي الناموس. ولكن الشكر لله الذي يؤتينا الغلبة بربنا يسوع المسيح" (1 كور 15: 54- 57).


ولئن
بقي الشرّ سراً، إلا أنه لم يعد عائقاً لنا ولإيماننا بالله الآب الضابط
الكل الخالق كل شيء؛ بل إنه، على العكس، يعطي الانسان كرامة أوفر، إذ يتيح
له أن يسهم مع الله في إكمال عمل الخلق، ويسهم مع المسيح في تجسيد الفداء
في ذاته وفي الآخرين وفي الكون كله، حتى يزول الشرّ وتزول الخطيئة "ويصير
الله كلاً في الكلّ" (1 كور 15: 28).



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Waitloadinglp0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 5:22 pm

توطئَة
===

"... وبربٍّ واحدٍ يسوعَ المسيح،
إبنِ الله الوحيد، المولودِ من الآب قبل كلّ الدهور، نورٍ من نور، إلهٍ حق
من إلهٍ حق، مولودٍ غيرِ مخلوق، مساوٍ للآب في الجوهر، الذي به كان كلُّ
شيء، الذي من أجلنا نحنُ البشر ومن أجلِ خلاصنا، نزل من السماء وتجسّد من
الروحِ القُدسِ ومن مريم العذراء وتأنّس".


بهذه الكلمات يبدأ
القسم الثاني من قانون الإيمان. ففي القسم الأول نعلن إيماننا بالله الآب
الخالق. أما في القسم الثاني فنعلن إيماننا بابن الله يسوع المسيح. وفي
هذا القسم يظهر بأجلى بيان ما يميّز الديانة المسيحية عن سائر الديانات.
فالإيمان بالإله الواحد خالق السماء والأرض هو، في جوهره، إيمان مشترك بين
معظم الديانات ولا سيمَا المسيحية واليهودية والاسلام.


وقد
يقبل العقل دون ارتياب هذا الإيمان بالإله الواحد، ولكن الإيمان بأن يسوع
المسيح الانسان الذي وُلد من مريم العذراء بالجسد هو نفسه "ابن الله
الوحيد المولود من الآب قبل كل الدهور"، وانه بالتالي "إله حق من إله حق
ومساوٍ للآب في الجوهر"، قد يبدو لأول وهلة مناقضاً للعقل البشري، جهالةً
لليونانيين وعثرة لسائر المؤمنين من يهود ومسلمين، يعتبره العقلانيون
جنوناً وبهتاناً، ويرى فيه اليهود والمسلمون تجديفاً على اسم الله
وتحقيراً لعظمته. فكيف يُعقَل أن يُقال عن إنسان وُجد في الزمن انه هو بدء
الزمن؟ وعن كائن فرد وُلد من كائن آخر انه خالق كل الكائنات وأساسها منذ
الأزل؟ وكيف ينحصر معنى التاريخ كله في إنسان واحد عاش في حقبة محددة من
التاريخ؟



ان هذا الإيمان بأُلوهية يسوع المسيح، الذي أنكره
اليهود ورفضه المسلمون، بقي على مدى التاريخ حجر عثرة لكثيرين من
المسيحيين أنفسهم. ويمكننا اختصار تاريخ اللاهوت المسيحي بقولنا إنه تاريخ
مدّ وجزر حول تحديد هوية شخص يسوع المسيح. فالإنجيل هو، بحسب القديس مرقس،
"إنجيل يسوع المسيح ابن الله" (1: 1). ومعظم المجامع المسكونية، ولا سيمَا
في القرنين الرابع والخامس، كان موضوعها المسيح في شخصه وفي طبيعته
الالهية والانسانية. والموضوع نفسه يعالجه اليوم بإسهاب اللاهوتيون
المعاصرون في مختلف البلدان المسيحية محاولين التقرّب من إدراك سرّ ظهور
الله في الزمن في شخص ابنه يسوع المسيح.



سنتطرّق في هذا
الفصل إلى الإيمان بالمسيح كما يظهر من خلال أسفار العهد الجديد، ثم نعالج
في الفصل السادس تعاليم المجامع المسكونية والعقائد التي أعلنتها عن شخص
المسيح وعن طبيعته الالهية والانسانية، وفي الختام نخلص إلى ما يعنيه لنا
اليوم شخص يسوع المسيح ابن الله الوحيد.


1- قيامة يسوع نقطة انطلاق إيمان الرسل به
============

لقد
كانت قيامة المسيح نقطة الانطلاق لإيمان الرسل إيماناً كاملاً ثابتاً بأن
يسوع هو المسيح ابن الله الحيّ. يستند البعض إلى ما رواه انجيل متى عن
اعتراف بطرس في قيصرية فيلبس ليؤكدوا أن الرسل، حتى في أثناء حياة يسوع،
آمنوا بأن يسوع هو ابن الله. فانجيل متى يذكر أنه لمّا سأل يسوع تلاميذه:
"في نظركم، أنتم، مَن أنا؟"، أجاب سمعان بطرس وقال: "أنت المسيح ابن الله
الحيّ"، فقال له يسوع: "طوبى لك يا سمعان بن يونا، فانه ليس اللحم والدم
أعلنا لك هذا، بل أبي الذي في السماوات..." (16: 15- 17). إلا أن إنجيل
مرقس، الأقدم عهداً من إنجيل متى، لدى روايته الحدث نفسه، يضع على لسان
بطرس الاعتراف التالي الموجز: "أنت المسيح". وهذا دليل على أن عبارة "ابن
الله الحيّ" قد أضافها كاتب إنجيل متى، معلناً ليس إيمان بطرس في أثناء
حياة يسوع، بل إيمان بطرس والرسل والكنيسة الأولى بأُلوهية المسيح من بعد
قيامته.
ولدينا دليل آخر على صحة هذا التفسير، وهو ما يقوله متى في
الفصل الرابع عشر عن اعتراف الرسل بيسوع قبل اعتراف بطرس. فبعد أن يروي
متى كيف "مشى يسوع على الماء"، يضيف: "ولما صعد إلى السفينة سكنت الريح،
فسجد له الذين كانوا في السفينة قائلين: "أنت حقاً ابن الله" (14: 33).
فلو كان متى يذكر حرفياً اعتراف بطرس والرسل، حقَّ لنا أن نتساءل: ما
فَضْلُ بطرس على سائر الرسل في الاعتراف بأن يسوع هو ابن الله، إذ إن
الرسل اعترفوا بذلك قبله؟ من هنا نستنتج أن ما يضعه الإنجيل على فم بطرس
وسائر الرسل ليس ما فاهوا به في أثناء حياة يسوع، بل ما وصل إليه إيمانهم
به من بعد قيامته.
وهذا الإيمان هو ما بشَّروا به بعد حلول الروح القدس
عليهم. ففي الخطاب الأول الذي ألقاه بطرس أمام الجموع المحتشدة يوم
العنصرة، نشمعه يعلن دون تردّد: "إن يسوع الناصري، الانسان الذي أيّده
الله لديكم بالعجائب والمعجزات والآيات، التي أجراها على يديه في ما بينكم
-كما أنتم تعلمون-، ذاك الذي أُسلم بحسب مشيئة الله المحدودة وعلمه
السابق، فقتلتموه صلباً بأيدي الأثمة، قد أقامه الله ساحقاً قيود الموت...
ونحن جميعاً شهود بذلك". ثم ينهي خطابه بقوله: "فليعلم إذاً يقيناً جميع
بيت اسرائيل أن الله قد جعل يسوع هذا الذي صلبتموه ربّاً ومسيحاً" (أعمال
2: 22- 36).
لم يصل إيمان الرسل بيسوع المسيح إلى كماله إلا بعد حلول
الروح القدس عليه. ويروي لوقا في سفر أعمال الرسل أنهم، حتى بعد أن قام
يسوع "وتراءى لهم مدة أربعين يوماً يكلِّمهم عن شؤون ملكوت الله"، سألوه
في ظهوره الأخير لهم: "يا رب، أفي هذا الزمان تردّ المُلك لإسرائيل؟"
(أعمال 1: 3- 6). لقد بقيت نظرتهم إليه نظرة دنيوية خاطئة حتى آخر لحظة من
وجوده معهم.
لكننا نجد جذور إيمان الرسل بيسوع في مشاهدتهم أعماله
وسماعهم تعاليمه طوال حياته العلنية. لقد تبع الرسل يسوع وعاشوا معه حياة
ألفة وصداقة مدة ثلاث سنوات، ورأوا عجائبه واستمعوا إلى أقواله، واختبروا
بعضاً من سرّه، إلا أن عيونهم لم تنفتح تماماً ولم ينجلِ الغشاء عن
بصائرهم إلا من بعد قيامته، كما حدث لتلميذَي عماوس اللذين ظهر لهما يسوع
"وسار معهما، إلا أن أعينهما أُمسكت عن معرفته... وبعد أن اتكأ معهما وأخذ
الخبز وبارك وكسر وناولهما، انفتحت أعينهما وعرفاه. ولكنه غاب عنهما. فقال
أحدهما للآخر: أوَلم تكن قلوبنا مضطرمة فينا، إذ كان يخاطبنا في الطريق،
ويفسّر لنا الكتب!" (لوقا 24: 16- 32).
هكذا سار الرسل مع يسوع طوال
حياته العلنية يستمعون إليه يفسّر لهم الكتب ويكلّمهم عن ملكوت الله
فتضطرم فيهم القلوب، ويشاهدون عجائبه فتملأ الحيرة أذهانهم. يرونه يشفي
المرضى ويغفر للخطأة فيروحون يتساءلون من تُرى هذا الرجل، ألعلّه هو
المسيح الذي كانوا ينتظرون مجيئه في آخر الأزمنة؟






لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Waitloadinglp0
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 5:25 pm

- كيف ظهر يسوع في حياته؟
=============
أ) رسالة يسوع: التبشير بملكوت الله

بقول
مرقس في مستهلّ إنجيله: "بعدما أُلقي يوحنا في السجن، أتى يسوع إلى الجليل
وهو يكرز بإنجيل الله، ويقول: لقد تمَّ الزمان واقترب ملكوت الله، فتوبوا
وآمنوا بالانجيل" (1: 14، 15). يعبِّر هذا القول الذي وضعه انجيل مرقس على
فم يسوع عن مضمون رسالته الأساسي، ألا وهو قرب مجيء ملكوت الله. مع ملكوت
الله وسيادته العالم كان اليهود ينتظرون أن ينتشر السلام بين الأفراد
والجماعات والشعوب وتسود العدالة علاقات الناس بعضهم ببعض ويحظى الفقراء
بالحماية والمساندة. في هذا المعنى، بدل لفظة "الملكوت" يستعمل يوحنا لفظة
"الحياة" وبولس لفظة "البر". والألفاظ الثلاث مرادفة للفظة "الخلاص".

منذ
أقدم العصور يتوق البشر إلى السلام والعدالة والحياة والخلاص، لكنهم لا
يستطيعون بلوغ تلك القيم، فيعتقدون وجود قوى معادية تمنعهم من ذلك، تلك
القوى التي يدعوها الكتاب المقدس "الشياطين". من خلال هذا المفهوم المستقى
من الثقافات القديمة الميثولوجية، يعبّر الكتاب المقدّس عن خبرة الانسان
القديمة بعدم تمكّنه بقواه البشرية من تحقيق ما تصبو إليه نفسه من سلام
وعدالة وحرية وحياة.

في نظر الكتاب المقدّس الله وحده هو سيّد الحياة
والتاريخ، وهو وحده يستطيع أن يسحق جميع القوى الشريرة المعادية للانسان
ويمنح الانسان الخلاص والحرية والحياة. هذا هو مضمون ملكوت الله الذي بدأ
يسوع رسالته بالتبشير بقرب مجيئه.

يروي انجيل متى انه "قُدّم إلى يسوع
مجنون أعمى وأخرس، فشفاه، حتى ان الأخرس تكلّم وأبصر. فبُهت الجموع كلهم،
وقالوا: أفلا يكون هذا ابن داود؟ وسمع الفريسيون، فقالوا: هذا الرجل لا
يُخرج الشياطين إلا ببعل زبول، رئيس الشياطين. واذ أدرك يسوع أفكارهم، قال
لهم: كل مملكة تنقسم على ذاتها تخرب، وكل مدينة أو بيت ينقسم على نفسه لا
يثبت. فان كان الشيطان يخرج الشيطان فقد انقسم على نفسه، فكيف إذاً تثبت
مملكته؟... وان كنت أنا بروح الله أُخرج الشياطين، فذلك أن ملكوت الله قد
انتهى إليكم. وهل يستطيع أحد أن يدخل بيت القويّ، وينهب أمتعته، إلاّ أن
يربط القويّ أولاً؟ عندئذٍ فقط، ينهب بيته" (12: 22- 29).


يبدأ ملكوت
الله بتدمير مملكة الشيطان وتحرير الانسان من جميع أنواع الشر: من الخطيئة
والمرض والجنون واستحواذ الأرواح الشريرة. لذلك لا يقتصر ملكوت الله على
حياة ما بعد الموت، بل يبدأ أولاً في هذه الحياة. وليس هو حقيقة روحية
وحسب، بل يشمل الانسان كله في روحه وجسده. وليس هو وعداً لمستقبل بعيد،
إنما يبدأ الآن وهنا في كل انسان يقبل رسالة المسيح فيتوب وينفتح لعمل
الله في داخله.

بعد أن أرسل يسوع تلاميذه الاثنين والسبعين للتبشير
بملكوت الله عادوا إليه يقولون: "ان الشياطين أنفسها تخضع لنا باسمك".
فأجابهم: "لقد رأيت الشيطان هابطاً من السماء كالبرق" (لوقا 10: 17، 18).
وهذا يشير إلى أن مُلك الشيطان لا يمكنه أن يثبت أمام مُلك الله. فملكوت
الله ينشئ في قلب العالم القديم عالماً جديداً يجتاح العالم القديم ويحرّر
من عبوديّة إبليس كل إنسان يقبل في ذاته حياة الله ويتبع يسوع ويصبح له
تلميذاً. ان طريق الحرية في اتّباع يسوع، واتّباع يسوع يعني ألاّ يستسلم
الانسان لمُلك آخر غير ملُك الله الأوحد الذي أعلنه يسوع وسيلة نهائية
للخلاص.
وهكذا يظهر يسوع نفسه مرسل الله وممثله ووكيله في تحقيق
الملكوت. والشعب الذي ينشئه يصبح شعب الله النهائي. وكل من يقبل اتّباع
يسوع والانضمام إلى شعب الله يحصل على المصالحة والمسامحة والسلام والخلاص
والحرية التي يذّخرها الله للذين يخضعون لملكه.

ان جميع أعمال يسوع، من
شفاء المرضى ومسامحة الخطايا وطرد الشياطين، يدعوها الانجيل المقدس
"آيات"، أي علامات تشير إلى بدء تحقيق الملكوت. فهي تدلّ على أن الله أصبح
قريباً من الانسان بمحبته، قريباً من كل إنسان، ولا سيمَا الفقراء
والضعفاء والمرذولين والخطأة. وهذا هو معنى جواب يسوع عندما أرسل إليه
يوحنا المعمدان بعضاً من تلاميذه يسألونه: "أأنت مَن يأتي، أم ننتظر آخر؟
فأجاب يسوع وقال لهم: انطلقوا وأعلموا يوحنا بما تسمعون وترون: العُمي
يبصرون، والعُرج يمشون، والبُرص يطهرون، والصُمّ يسمعون، والموتى ينهضون،
والمساكين يبشّرون، وطوبى لمن لا يشكّ فيَّ!" (متى 11: 2- 6).


إنّ
الدواعي كثيرة للشك في يسوع. فكيف يمكن أن ينشأ ملكوت الله على يد رجل
وضيع قادم من قرية حقيرة في الجليل، يتبعه بعض التلاميذ ورهط من العشّارين
والخطأة والزواني، ويقول عنه ذووه أنفسهم "انه متهوّس"؟ (مر 3: 21).

لذلك
يتكلم يسوع عن ملكوت الله بأمثال تظهر أن الله هو الذي يعمل من خلال عمل
يسوع الوضيع، وان ما يبدو الآن صغيراً سوف ينمو ويكبر بقوة عمل الله:
وهكذا "يشبه ملكوت الله حبّة خردل أخذها انسان وزرعها في حقله: إنها أصغر
البذور جميعاً؛ بيد أنهما اذا نمت تصير أكبر البقول جميعاً؛ ثم تصبح شجرة
حتى ان طيور السماء تأتي وتعشّش في أغصانها".

وكذلك يشبه ملكوت الله
"خميرة أخذتها امرأة وخبّأتها في ثلاثة أكيال من الدقيق، حتى اختمر
الجميع" (متى 13: 31- 33). هناك تناقض بين صغر البذرة وعبر الشجرة وبين
اليسير من الخميرة والكية الكبيرة من الدقيق. هكذا ملكوت السماوات يبدأ
صغيراً ومختبئاً، ولكنه يكبر كما تكبر حبّة الخردل ويمتدّ امتداد الخميرة
في العجين، وينمو نموّ الزرع فيثمر ثلاثين وستين ومئة (مَثَل الزارع: مرقس
4: 3- 20). ولا أحد يستطيع أن يمنع ملكوت الله من النمو، فكما أن القمح لا
يزال ينمو حتى في وسط الزؤان، هكذا ملكوت الله ينمو في وسط الشر (مَثَل
الزؤان: متى 13: 24- 43).

وما شأن يسوع في هذا كله؟ "ان الذي يزرع
الزرع الجيّد هو ابن البشر" (متى 13: 37). وقوّة الله هي التي تنمي الزرع
بشكل خفيّ ولكن في الوقت ذاته بشكل ثابت ومستمرّ: "مَثَل ملكوت الله
كمَثَل إنسان ألقى الزرع في الأرض. فسواء أنام أم استيقظ، في الليل وفي
الأنهار، فالزرع ينبت وينمو، ولا يدري كيف. فالأرض من ذاتها تثمر: تخرج
السّاق أولاً، ثم السنبلة، ثم الحنطة ملء السنبلة، فإذا أدرك الثمرُ أعمل
فيه المنجلَ، في الحال، لأنه قد أحصد" (مر 4: 26- 29).

ب) سرّ يسوع من خلال أعماله وتعاليمه
لقد
ظهر ملكوت الله في أعمال يسوع، ولا سيمَا في شفائه المرضى وطرده الشياطين
وموقفه من الخطأة. وظهر في الوقت نفسه بعض الشيء من سرّ يسوع. إنّ يسوع هو
ممثّل الله في أعماله وفي تعاليمه.

أعمال يسوع

هذا ما يبدو
بوضوح في جميع أعمال يسوع، ولا سيمَا في موقفه من شرائع الناموس ومن
الخطأة. فالشرائع والوصايا التي ينصّ عليها الناموس هي شرائع الله
ووصاياه، ولا أحد يستطيع أن ينقضها إلا الله وحده. لكننا نرى يسوع ينقض
شريعة السبت معلناً انه هو "ربّ السبت" (مر 2: 29)، ونراه ينقض شرائع
الصوم (مر 2: 18- 22) وجميع المراسيم المتعلقة بغسل الأيدي وغسل الكؤوس
والجرار (مر 7: 1- 23). ونراه خصوصاً يغفر الخطايا وهو يعلم أن "ما من أحد
يقدر أن يغفر الخطايا إلا الله وحده" (مر 2: 7). إنّ يسوع يعمل على الأرض
أعمالاً خاصة بالله، مبيّناً أن عمله هو عمل الله وارادته إرادة الله.
يقول للمخلّع: "يا ابني مغفورة لك خطاياك". (مر 2: 5)، وللمرأة الخاطئة:
"مغفورة خطاياكِ" (لو 7: 48). ومن خلال صيغة المجهول يدرك المستمعون أن
الله هو الذي يغفر الخطايا في شخص يسوع. فيسوع إذاً هو ممثّل الله وعمله
انعكاس لعمل الله.

في شخص يسوع ظهر ملكوت الله، ملكوت المسامحة والسلام
والتحرّر من الخطيئة. لذلك يدعو يسوع الخطأة والعشّارين إلى تناول الطعام
معه. واذ يتذمّر الفريسيّون قائلين: "ماذا؟ يأكل مع العشّارين والخطأة؟"،
يجيبهم يسوع: "ليس الأصحّاء في حاجة إلى طبيب بل المرضى. اني لم آتِ لأدعو
الصدّيقين بل الخطأة" (مر 2: 16، 17). لقد كان الطعام المشترك عند اليهود
رمزاً للوليمة السماوية أي للاتحاد بالله في دار الخلود. لذلك لم يكن
تناول يسوع الطعام مع الخطأة والعشّارين تعبيراً عن سعة أفكاره الاجتماعية
وعن تفهّمه البشري لضحايا المجتمع بقدر ما هو تعبير عن بدء تحقيق ملكوت
الله، ملكوت المحبة والمسامحة والخلاص، ملكوت الأخوّة التي تجمع في شركة
واحدة جميع أبناء الله. واهتمام يسوع بالخطأة والفقراء والمهملين
والمنبوذين دليل على مجيء الملكوت في شخص يسوع.

تعاليم يسوع

يظهر
يسوع في تعاليمه، كما في أعماله، أنه ممثّل الله وأنه أعظم من الكتبة
والأنبياء. فالمعلمون والكتبة كانوا يقتصرون، في تعليمهم، على تفسير ناموس
موسى. أما يسوع فيتخطّى الناموس، أو بالأحرى يوصل الناموس إلى كماله، كما
يقول هو نفسه: "لا تظنّوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء؛ إني ما جئت
لأنقض بل لأُكمِّل" (متى 5: 17). لذلك يردف: "اني أقول لكم: إن لم يزد
برّكم على ما للكتبة والفريسيين، فلن تدخلوا ملكوت السماوات" (متى 5: 20).
كذلك
الأنبياء كانوا يتكلمون باسم الله، فيبدأون نبوءاتهم بالعبارة التالية:
"هكذا يقول الرب". لا نجد أي أثر لتلك العبارة في أقوال يسوع، بل إنما
يتكلم بسلطته الخاصة، كما نسمعه يردّد في عظته على الجبل في الفصل الخامس
من انجيل متى: "سمعتم أنه قيل للأقدمين... وأنا أقول لكم". "قيل
للأقدمين": صيغة المجهول في تلك الجملة تعبير مألوف يشير إلى الله. ومن
يستطيع أن يزيد كلام الله شيئاً أو أن يدّعي الوصول بهذا الكلام إلى كماله
إلا الله نفسه؟ ومع ذلك نسمع يسوع يضيف: "وأنا أقول لكم". وهذا دليل على
أن يسوع يدرك أن كلامه ليس كلام إنسان بل كلام الله نفسه، وانه، في
تعليمه، يوصل كلام الله الذي أعطي في العهد القديم إلى كماله، معلناً هكذا
إرادة الله الأخيرة والنهائية.







لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Waitloadinglp0
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 5:29 pm

3- مَن هو يسوع؟
==========

إن انساناً كيسوع يبشّر أنّ ملكوت الله قد أتى في شخصه
وفي أعماله، فيعمل أعمال الله. ويعلّم تعاليم الله، مَن تراه يكون؟ ان لقب
"نبيّ" لا يكفي للتعبير عن رسالته. لذلك يقول عنه الانجيل انه "أعظم من
يونان" و"أعظم من سليمان" (متى 12: 41، 42). لقد رأى فيه الرسل والمسيحيون
الأوّلون "المسيح" و"ابن البشر" و"الرب" و"ابن الله" و"كلمة الله".

أ) يسوع هو "المسيح"

يروي
انجيل مرقس انه عندما سأل يسوع تلاميذه في قيصرية فيلبس: "في نظركم، أنتم،
مَن أنا؟" أجاب بطرس وقال له: "أنت المسيح" (8: 29). ويروي انجيل يوحنا أن
أندراوس الرسول، بعد أن تعرّف إلى يسوع، لقي أخاه سمعان فقال له: "لقد
وجدنا ماسيّا، أي المسيح" (1: 41). ثم "صادف فيلبّس نثنائيل، فقال له: ان
الذي كتب عنه موسى في الناموس والأنبياء أيضاً قد وجدناه. فهو يسوع بن
يوسف من الناصرة" (يو 1: 45).

فمَن هو هذا المسيح الذي كتب عنه موسى والأنبياء والذي كان ينتظره اليهود؟

كانت
لفظة "المسيح" في العهد القديم نعتاً للنبي والكاهن والملك، لأنهم كانوا
يُمسحون بالزيت دلالة على تكريسهم لخدمة الله وخدمة شعب الله. فموسى مسح
هارون وبنيه ليكونوا كهنة الله (خروج 30: 30)، وصموئيل مسح داود "ليكون
ملكاً على اسرائيل" (1 ملوك 16: 1- 13؛ 2 ملوك 12: 7). والمسحة بالزيت هي
رمز منح الروح القدس، كما يوضح ذلك سفر الملوك: فعندما "أخذ صموئيل قرن
الدهن ومسح داود من بين اخوته، حلّ روح الربّ على داود من ذلك اليوم
فصاعداً" (1 ملوك 16: 13).


وقد وعد الله داود على لسان ناتان النبي انه
سيقيم له من نسله ملكاً "وسيقرّ عرش ملكه إلى الأبد" (2 ملوك 7: 13). عاش
اليهود على مدى أجيال العهد القديم وهم ينتظرون تحقيق تلك النبوءة بمجيء
ملك من نسل داود "يُمسَح" كسائر ملوك اسرائيل ولكن لا يكون لمُلكه انقضاء.
وازداد رجاؤهم إلحاحاً بعد تدمير مملكتهم وسبيهم إلى بابل. وعندئذٍ راح
الأنبياء يصفون ملامح هذا المسيح الذي سوف يأتي في آخر الأزمنة ممتلئاً من
الروح القدس، نبياً وملكاً يوطّد مملكة اسرائيل إلى الأبد.

ويطبّق
انجيل لوقا على يسوع إحدى تلك النبوءات. فقد دخل يسوع يوم سبت مجمع اليهود
في الناصرة، "وقام ليقرأ. فدُفع إليه سفر أشعيا النبيّ؛ فلما نشر السفر
وقع على الموضع المكتوب فيه: روح الربّ عليَّ، لأنه مسحني لأُبشِّر
المساكين، وأرسلني لأُنادي للمأسورين بالتخلية، وللعميان بالبصر، وأطلق
المرهقين أحراراً، وأعلن سنة نعمة للرب. ثم طوى السفر، ودفعه إلى الخادم،
وجلس. وكانت عيون الذين في المجمع شاخصة إليه بأجمعها. فشرع يقول لهم:
"اليوم تمّت هذه الكتابة التي تُليت على مسامعكم" (4: 16- 21).

وقد
تلاقت نبوءة ناتان وسائر الأنبياء من بعده مع ما أعلنه الرب على لسان
موسى: "سيقيم لكم الرب الإله من بين إخوتكم نبيًّا مثلي؛ فله تسمعون في
جميع ما يكلّمكم به؛ وكل من لا يسمع لذلك النبيّ يُقطع من بين الشعب"
(تثنية 18: 15، 19).

ولقد رأى الرسل أن نبوءة موسى هذه وسائر نبوءات
العهد القديم المتعلقة بالمسيح قد تمّت كلها في شخص يسوع (راجع أعمال
الرسل 3: 17- 26).

جاء المسيح ممتلئاً من الروح القدس، ولكنه لم يأتِ،
كما كان يتوقّعه اليهود، ملكاً زمنياً. "فمملكته ليست من هذا العالم" كما
قال لبيلاطس (يو 18: 36). ولذلك عندما أراد اليهود أن يقيموه عليهم ملكاً
توارى عنهم، كما يروي يوحنا الانجيلي بعد آية تكثير الخبزات: "فلما عاين
الناس الآية التي صنعها يسوع، أخذوا يقولون: هذا الرجل هو في الحقيقة
النبيّ الآتي إلى العالم. واذ علم يسوع أنهم مزمعون أن يأتوا ويختطفوه
ليقيموه ملكاً، اعتزل أيضاً في الجبل وحده" (يو 6: 14- 16).


وهذا هو
المعنى العميق للتجارب التي يروي الانجيليون أن يسوع تعرّض لها في بدء
حياته العلنية (متى 4: 1- 11). فهذه التجارب ليست رواية لما جرى ليسوع مرة
قبل البدء بكرازته بقدر ما هي تفسير بشكل روائي للعراك الذي قام به يسوع
طوال حياته العلنية ليقاوم نظرة اليهود إلى المسيح المنتظر. فبينما كان
اليهود ينتظرون مسيحاً يبهر الناس بالعجائب الخارقة، فيحوّل الحجارة إلى
خبز، ويرمي بنفسه من قمة جناح الهيكل دون أن يُصاب بأذى، ويستعبد نفسه
للقوى الشيطانية للحصول على ممالك الدنيا ومجدها، جاء يسوع مسيحاً ممتلئاً
من الروح القدس يحيي الجائعين بكلمة الله ومسيحاً متألماً يقدّم ذاته على
الحب ذبيحة فداء لتحقيق ملكوت الله في قلوب الناس.

لذلك عندما أنبأ
يسوع تلاميذه بأنه سيتألم ويُقتل "اجتذبه بطرس إليه وطفق يزجره قائلاً:
معاذ الله، يا رب، لا، لن يكون ذلك البتّة. أما هو فالتفت وقال لبطرس:
إذهب خلفني، يا شيطان! انك لي معثرة. لأن أفكارك ليست أفكار الله، بل
أفكار الناس (متى 16: 21- 23). أفكار الناس في المسيح المنتظر هي، في نظر
يسوع، أفكار شيطانية لأنها ترى طريق المجد في السلطة الزمنية والملك
المادي. أما طريق المجد، بحسب منطق الله، فهي طريق المحبة والتضحية
والعطاء حتى الموت، كما قال يسوع للتلميذين اللذين صادفهما في الطريق إلى
عماوس وقد قطعا كل رجاء بعد موت يسوع: "ما أقصر أبصاركما، وما أبطأ
قلوبكما في الإيمان بكل ما نطقت به الأنبياء. أما كان ينبغي للمسيح أن
يكابد هذه الآلام ويدخل إلى مجده؟" (لوقا 24: 25، 26).



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Waitloadinglp0




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 5:32 pm

بعد آلام يسوع وموته وقيامته، فهم الرسل أقوال
الأنبياء في المسيح المتألم، وراحوا يكررون أن تلك الأقوال قد تمّت فيه.
ولنا مثال ذلك في نصّ من اشعيا النبي ورد في ما رواه سفر أعمال الرسل عن
كرازة فيلبس لقيّم ملكة الحبشة: "كشاة سيق إلى الذبح، وكحمل صامت أمام
الذي يجزّه، هكذا لا يفتح فاه. في مذلّته ألغي قضاؤه، وأما مولده فمَن
يصفه؟ لأن حياته قد انتُزعت من الأرض" (اشعيا 53: 7، لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Icon_cool.
ويتابع سفر أعمال الرسل: "أجاب الخصيّ وقال لفيلبس: أرجو منك أن تخبرني
عمّن يقول النبيّ هذا؟ أعن نفسه أم عن رجل آخر؟ ففتح فيلبس فاه وابتدأ من
تلك الكتابة وبشَّره بيسوع" (أعمال 8: 32- 34).

ب) يسوع هو "ابن البشر"

ينسب
هذا اللقب إلى يسوع في 38 مقطعاً مختلفاً من الأناجيل الازائية. ويعتبره
مفسّرو الكتاب المقدّس أقدم لقب أُطلق على يسوع في العهد الجديد. ويرجع
هذا اللقب إلى الفصل السابع من نبوءة دانيال: "ورأيت في رؤى الليل فإذا
بمثل ابن البشر آتياً على سحاب السماء، فبلغ إلى القديم الأيام وقُرّب إلى
أمامه، وأُوتي سلطاناً ومجداً وملكاً. فجميع الشعوب والأمم والألسنة
يعبدونه، وسلطانه سلطان أبديّ لا يزول، وملكه لا ينقرض" (7: 13، 14).

تشير
هذه النبوءة إلى مجيء انسان ملكي وسماوي يظهر في آخر الأزمنة، فيزيل سلطان
سائر الملوك، ويملك إلى الأبد. لقد رأى الرسل في يسوع هذا الانسان السماوي
الذي أرسله الله في آخر الأزمنة لينشى ملكوت الله الذي لا ينقرض. وتجدر
الاشارة إلى أن معظم المقاطع التي يدعى فيها يسوع "ابن البشر" ترد في إطار
الحديث عن آخر الأزمنة وعن الدينونة: "أقول لكم: ان كل مَن يعترف بي قدّام
الناس يعترف به ابن البشر قدّام ملائكة الله" (لوقا 12: 8، 9). "الحق أقول
لكم: إنّ في القائمين ههنا مَن لا يذوقون الموت حتى يروا ابن البشر آتياً
في ملكوته" (متى 16: 28). كذلك يقول يسوع في حديثه عن مجيئه الأخير: "كما
أن البرق ينبثق من المشرق ويلمع حتى المغرب، كذلك يكون مجيء ابن البشر...
عندئذٍ تظهر علامة ابن البشر في السماء، وعندئذٍ أيضاً ينوح جميع قبائل
الأرض ويشاهدون ابن البشر آتياً على سحاب السماء في كثير من القدرة
والمجد" (متى 24: 30).

ويبدأ يسوع وصفه للدينونة الأخيرة بقوله: "متى
جاء ابن البشر بمجده وجميع الملائكة معه، حينئذٍ يجلس على عرش مجده، وتحشر
لديه جميع الأمم، فيفصل بعضهم عن بعض كما يفصل الراعي الخراف عن الجداء.
ويقيم الخراف عن يمينه والجداء عن يساره" (متى 25: 31- 33). وفي تفسير
مَثَل الزؤان يقول يسوع: "فكما أن الزؤان يُجمع ويُحرَق، كذلك يكون في
منتهى الدهر: يرسل ابن البشر ملائكته فيجمعون من مملكته كل المعاثر وفاعلي
الإثم، ويلقونهم في أتون النار. هناك يكون البكاء وصريف الأسنان. عندئذٍ
يضيء الصدّيقون في ملكوت أبيهم" (متى 13: 40- 43). وعندما يسأل رئيس
الكهنة يسوع في أثناء المحاكمة: "أأنت المسيح ابن المبارك؟" يجيبه يسوع:
"أنا هو". ثم يردف: "وسترون ابن البشر جالساً عن يمين القدرة، وآتياً على
سحاب السماء" (مر 14: 61، 62).

ان سلطة ابن البشر لا تقتصر على يوم
الدينونة في آخر الأزمنة. فملكوت الله قد بدأ بمجيء يسوع، لذلك يمارس يسوع
سلطة ابن البشر في أثناء حياته. "فابن البشر له على الأرض سلطان مغفرة
الخطايا" (مر 2: 10)، و"ابن البشر قد جاء ليطلب ما قد هلك ويخلّصه" (لو
19: 10)، و"ابن البشر هو ربّ السبت" (مر 2: 28).

غير أن سلطة ابن البشر
على هذه الأرض ليست سلطة للسيادة بل للخدمة. "فالثعالب لها أوجرة، وطيور
السماء أوكار، أما ابن البشر فليس له موضع يسند إليه رأسه" (متى 8: 20).
"وابن البشر لم يأتِ ليُخدم بل ليَخدم ويبذل نفسه فداء عن كثيرين" (متى
20: 28). وكل مرّة ينبئ يسوع تلاميذه بآلامه يدعو نفسه "ابن البشر" (مر 8:
31؛ 9: 31؛ 10: 33). وكذلك عندما ينبئ بخيانة يهوذا له: "ان ابن البشر
يمضي، على حسب ما هو مكتوب عنه، ولكن، ويل لذلك الرجل الذي يُسْلِم ابن
البشر" (مر 14: 21). وعندما يأتي يهوذا ليقبض عليه يقول لتلاميذه: "لقد
قضي الأمر وأتت الساعة! هوذا ابن البشر يُسْلَم إلى أيدي الخطأة!" (مر 14:
41). ولما دنا يهودا من يسوع ليقبّله قال له يسوع: "يا يهوذا، أبقبلة تسلم
ابن البشر!" (لو 22: 48).

ان يسوع بآلامه وموته وقيامته قد حقق نبوءة
دانيال وأنشأ ملكوت الله الذي لا ينقرض. ويرى انجيل يوحنا علاقة وثيقة بين
موت ابن البشر ودينونة العالم. فعندما يتنبّأ يسوع عن موته في الفصل
الثاني عشر من انجيل يوحنا يقول: "الآن دينونة هذا العالم، الآن رئيس هذا
العالم يلقى خارجاً. وأنا متى رُفعت عن الأرض اجتذبت إليَّ الجميع".
ويوضح
يوحنا: "قال يسوع هذا ليدلّ على أية ميتة كان مزمعاً أن يموتها. فأجابه
الجمع: "لقد علمنا من الناموس أن المسيح يثبت إلى الأبد. فكيف إذاً تقول
أنت: ينبغي أن يُرفع ابن البشر؟ مَن هو ابن البشر هذا؟" فقال لهم يسوع:
"ان النور معكم بعد إلى حين، فسيروا ما دام النور معكم، لئلا يغشاكم
الظلام" (12: 31- 36). ويؤكد يوحنا في موضع آخر العلاقة بين النور
والدينونة: "على هذا تقوم الدينونة: ان النور قد جاء إلى العالم، والناس
آثروا الظلمة على النور، لأن أعمالهم كانت شريرة" (3: 19). ويرى يوحنا في
موت يسوع تمجيده. فعندما خرج يهوذا من العشاء الفصحي ليسلم يسوع، قال
يسوع: "الآن تمجّد ابن البشر، وتمجّد الله فيه" (13: 31). "وكما أنّ موسى
قد رفع الحيّة في البريّة، كذلك ينبغي أن يُرفَع ابن البشر" (3: 14).
فيسوع المرفوع على الصليب هو نفسه ابن البشر المرتفع في مجد الله.


ج) يسوع هو "الرب"

يدعو
العهد الجديد يسوع في مواضع كثيرة بلقب "الرب". وهذا اللقب هو ترجمة
اللفظة اليونانية "كيريوس" التي تعني "السيّد" و"الرب". يدعى سيداً على
وجه العموم كل صاحب سلطة على الأشخاص أو على الأشياء. فسيّد مكان أو قطعة
من الأرض هو الشخص الذي يملك ذلك المكان أو تلك القطعة من الأرض. والسيّد
والرب بالمعنى المطلق هو الله، لأنه خالق الكون بأسره، والخليقة كلها
خاضعة لسيادته.

وتطلق أيضاً لفظة "كيريوس" على أي من الناس، وذلك في
معرض الاكرام والاحترام. وتترجم بالعربية بلفظة "سيّد". ونجد هذا
الاستعمال في عدّة مقاطع من العهد الجديد. فالمرأة السامرية تخاطب يسوع
بقولها: "يا سيدي، أرى انك نبيّ..." (يو 4: 19)؛ ومخلّع بركة بيت حسدا
يقول ليسوع: "يا سيدي، ليس لي من يلقيني في البركة اذا تحرّك الماء" (يو
5: 7)؛ ومريم المجدلية، لدى مشاهدتها يسوع بعد قيامته سألته، وقد ظنت أنه
البستاني: "يا سيدي، إن كنت أنت قد ذهبت به، فقلْ لي أين وضعته وأنا آخذه"
(يو 20: 15)؛ وفي المعنى ذاته يخاطب بعض اليونانيين فيلبس: "يا سيّد، نرغب
في أن نرى يسوع" (يو 12: 21).

إلا أن هناك مقاطع أخرى من العهد الجديد
يدعو فيها الرسل يسوع بلقب "كيريوس" ويعنون به أكثر من مجرد الاكرام
والاحترام. في تلك المقاطع تعني لفظة "كيريوس" الرب بالمعنى المطلق. ولفهم
هذا الاستعمال لا بدّ لنا من العودة إلى العهد القديم.

لقد كان اليهود
في العهد القديم يمتنعون عن لفظ اسم الله "يهوه" احتراماً له. لذلك في
قراءاتهم العمومية للكتاب المقدس، كلما كانوا يشاهدون اسم "يهوه"، كانوا
يقرأونه "أدوناي" أي "الرب". ومن ثم أصبحت لفظة "الرب" مرادفة لاسم
الجلالة "يهوه". وعندما ترجم يهود الاسكندرية كتب العهد القديم من العبرية
إلى اليونانية في القرن الثالث قبل المسيح في الترجمة المعروفة
"بالسبعينية"، ترجموا اسم "يهوه" بكلمة "كيريوس" التي تعني "الرب".

من
هنا نستنتج أن الرسل، باعترافهم بأن يسوع هو "الرب"، يعترفون له بلقب
مختصّ بالله نفسه. لذلك ترد لفظتا الرب والإله جنباً إلى جنب كمترادفين.
ولنا مثال على ذلك في إعلان توما إيمانه بيسوع لدى ظهوره له في اليوم
الثامن لقيامته. فعندما قال يسوع لتوما: "هاتِ إصبعك إلى ههنا وانظر يديّ؛
وهاتِ يدك وضعها في جنبي ولا تكن غير مؤمن، بل مؤمناً"، أجاب توما وقال
له: "ربي! وإلهي!" (يو 20: 27، 28).

ان هذا اللقب مع ما يحمله من معنى
الألوهة لم يطلقه الرسل على يسوع إلا بعد قيامته. فعندئذٍ فقط انكشف لهم
سرّ شخصه وأدركوا أنّ الصلب لم يكن بالنسبة إليه نهاية كل شيء، لأن الذي
صُلب ومات قد قام وظهر لهم وأوكل إليهم مهمّة تبشير جميع الأمم بقوة
السلطان الذي دُفع إليه: "لقد دُفع إليّ كل سلطان في السماء وعلى الأرض.
فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمّدوهم باسم الآب والابن والروح القدس..."
(متى 28: 18- 20). وراحوا يبشّرون أن يسوع الذي صلبه اليهود قد أقامه الله
وأجلسه عن يمينه وجعله ربًّا ومسيحاً ومنحه كل سلطان. وفي قيامة يسوع
واعتلانه ربًّا وجد الرسل الجواب كل السؤال الذي طرحه يسوع على الفريسيين
قبل آلامه: ان المسيح هو ابن داود، فكيف اذاً يدعوه داود ربّه؟ (راجع متى
22: 41- 45). وهذا ما قاله بطرس الرسول في خطابه الأول يوم العنصرة: "ان
داود لم يصعد قط إلى السماوات، ومع ذلك فإنه يقول: قال الرب لربّي: اجلس
عن يميني حتى أجعل أعداءك موطئاً لقدميك". "قال الرب" أي الله، "لربّي" أي
للمسيح، "اجلس عن يميني"، والجلوس عن يمين الله يعني الحصول على سلطة
الله. ثم يختم بطرس قائلاً: "فليعلم اذاً يقيناً جميع بيت اسرائيل ان الله
قد جعل يسوع هذا الذي صلبتموه أنتم ربًّا ومسيحاً" (أعمال 2: 34- 36).

ان
إعلان يسوع ربًّا لا يعني أن يسوع بقيامته قد نال من الله ما لم يكن يملكه
من قبل، أي كان مجرّد انسان ثم أصبح ربًّا بعد قيامته. إن قيامة يسوع هي
كشف وإعلان أمام الملأ لسرّ شخص يسوع كما هو في ذاته منذ الأزل. وهذا ما
يوضحه نشيد قديم يعود إلى المسيحيين الأوّلين، وقد أدخله بولس في رسالته
إلى الفيليبيين (2: 6- 11).

يصف هذا النشيد في ست فقرات المراحل المتعدّدة التي مرَّ بها شخص يسوع:

وجوده قبل التجسّد


تجسّده



تنازله حتى الموت



تمجيده


سجود الخلائق له



إعلانه ربًّا هو القائم في صورة الله
لم يعتدّ مساواته لله حالة مختلسة

بل لاشى ذاته آخذاً صورة عبد،
صائراً شبيهاً بالبشر،
فوُجد كبشر في الهيئة،

ووضع نفسه،
وصار طائعاً حتى الموت،
بل موت الصليب.

لذلك رفعه الله رفعة فائقة،
وأنعم عليه بالاسم الذي يفوق كل اسم،

لكي تجثو لاسم يسوع
كل ركبة ممّا في السماوات
وعلما الأرض وتحت الأرض،

ويعترف كل لسان
بأن يسوع هو ربّ
لمجد الله الآب.



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Waitloadinglp0
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 5:35 pm

ان الاسم الذي يفوق كل اسم والذي أنعم الله به على يسوع هو اسم الله نفسه،
اسم "الرب". ويصل العهد الجديد في هذا اللقب إلى قمّة الايمان بالمسيح.
لذلك يقول بولس في رسالته إلى الرومانيين: "ان اعترفت بفمك أن يسوع هو
ربّ، وآمنت في قلبك أن الله قد أقامه من بين الأموات، فإنك تخلص" (10: 9).

ويؤكد بطرس في أعمال الرسل أمام محفل رؤساء كهنة اليهود: "ما من خلاص بأحد
غيره، إذ ليس تحت السماء اسم آخر أعطي في الناس، به ينبغي أن نخلُص" (4:
12).
ويصبح لقب "الرب" اللقب المميّز ليسوع في العهد الجديد. فيبدأ
بولس معظم رسائله بالتحية التالية: "نعمة لكم وسلام من الله أبينا والرب
يسوع المسيح" (روم 1: 6؛ 1 كور 1: 3؛ 2 كور 1: 2؛ الخ...)، كما ينهيها
بالتحية نفسها: "نعمة ربنا يسوع المسيح مع روحكم" (1 كور 16: 23؛ غلا 6:
18؛ فيليبي 4: 23)، "نعمة ربنا يسوع المسيح ومحبة الله، وشركة الروح القدس
معكم أجمعين" (2 كور 13: 13).

وقد اتخذت الشهادة المسيحية على أن يسوع
هو الربّ مدلولاً خاصاً في القرون الأولى في إطار الامبراطورية الرومانية.
فبينما كان الوثنيون يعلنون امبراطور رومة "ربّاً" و"إلهاً"، كان
المسيحيون، مقابل ذلك، يعلنون أن يسوع وحده هو الرب، ولا إنسان فينه يستحق
هذا اللقب الإلهي.
وهذا ما أراد آباء مجمع نيقية تأكيده عندما أعلنوا في قانون الايمان: "وبربِّ واحدٍ يسوع المسيح".

د) يسوع هو "ابن الله"

ابن الله في العهد القديم والحضارات القديمة

ان
عبارة ابن الله كانت مستعملة في العهد القديم وعند المصريين والبابليين
والرومانيين، ولكن ليس بالمعنى الذي يحمّلها إياه العهد الجديد، ولا سيمَا
بعد قيامة يسوع.
نقرأ في المزمور الثاني: "أنت ابني، أنا اليوم ولدتك، سلْني فأُعطيك الأُمم ميراثاً لك وأقاصي المسكونة مِلكاً لك" (7، لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Icon_cool.
كانت هذه العبارة تستخدم في حفلة تتويج ملوك اسرائيل، وقد أخذها اليهود عن
البابليين والمصريين. فعند هؤلاء الشعوب كان الملك، يوم تنصيبه، يُعلن
"ابن الله".

ولكن بينما كان المصريون يعتبرون ملوكهم أبناء الله بالجسد
بطريقة أسطورية، كان البابليون يعتبرون تلك البنوّة بمعنى التبنّي
القانوني. وهذا المفهوم البابلي هو الذي تبنّاه البلاط الملكي الاسرائيلي،
وهو الذي نجده في مختلف أسفار العهد القديم. فالملك هو ابن الله ليس لأن
الله ولده بالجسد، بل لأن الله اختاره وتبنّاه، فإنّ إرادة الله إرادة
خلاّقة وكلمته كلمة مبدعة، يريد فيتمّ، يقول فيكون؛ يقول الله للملك: "أنت
ابني، أنا اليوم ولدتك"، فيصبح الملك منذ تلك اللحظة ابن الله.
إن فكرة
تبنّي الله للانسان فكرة قديمة نجدها في أسفار الكتاب المقدّس الأولى. وقد
كان الشعب اليهودي بجملته يعتبر نفسه ابناً لله. ففي سفر الخروج نقرأ قول
الله لموسى: "قل لفرعون: كذا قال الرب: اسرائيل ابني البكر، فلذلك أطلق
ابني ليعبدني، وان أبيت أن تطلقه فهاءنذا قاتل ابنك البكر" (4: 22، 23).
وكذلك يقول النبي هوشع: "إذ كان اسرائيل صبياً أحببته، ومن مصر دعوت ابني"
(11: 1).


لقد كان الشعب اليهودي كله اذاً ابناً لله. ولكنّ الملك هو
ابن الله بنوع فائق، فهو يمثّل الشعب كله، وفي شخصه تتجمّع وعود الله
لشعبه. وتوجز تلك الوعودَ الآيةُ الثامنة من المزمور الذي أتينا على ذكره:
"سلني فأُعطيك الأمم ميراثاً وأقاصي المسكونة مِلكاً لك". إن هذا القول
الذي يصحّ في ملوك مصر وبابل العظماء الذين ترتجف المسكونة أمامهم، قد
يبدو حلماً وخيالاً عندما يُلفظ لدى تنصيب ملوك اسرائيل، تلك المملكة
الضعيفة التي كانت دوماً عرضة لهجمات الممالك المجاورة. لذلك كان هذا
القول يعتبر وعداً لمستقبل زاهر يرسل فيه الله إلى شعبه ملكاً قوياً يسود
الأمم ويمتدّ مُلكه إلى أقاصي المسكونة. ويتّفق هذا الوعد مع الوعد الذي
وعد به الله داود على لسان ناتان النبي: "متى تمّت أيامك واضّجعت مع
آبائك، سأُقيم من يليك من نسلك الذي يخرج من صُلبك وأقرّ مُلكه. فهو يبني
بيتاً لاسمي، وأنا أقرّ عرش مُلكه إلى الأبد. أنا أكون له أباً، وهو يكون
لي ابناً" (2 ملوك 7: 12- 14).

لقد كانت تلك النبوءة نقطة الانطلاق
لترقّب مجيء المسيح ملكاً من نسل داود. ويشير المزمور 88 إلى تلك النبوءة
ويضع علامة واضحة بين "المسيح" و"الابن". يبدأ المزمور بذكر وعود الله
لداود. فقد اختاره الله وجعله ابناً له: "حلفتُ لداود عبدي، لأثبتنَّ نسلك
إلى الأبد، ولأثبتنَّ عرشك إلى جيل فجيل... وجدتُ داود عبدي، بدهن قداستي
مسحتُه... يدعوني: انك أبي وإلهي وصخرة خلاصي، وأنا أجعله بكراً عليًّا
فوق ملوك الأرض". ثم يقابل تلك الوعود بالحالة التي وصل إليها ملوك
اسرائيل: "لكنك أقصيت ورذلت. استشطت على مسيحك... أين مراحمك الأُوَل أيها
السيّد التي لأجلها حلفتَ لداود بأمانتك؟". ويطلب إلى الله أن يرسل دون
إبطاء المسيح الحقيقي الموعود به: "اذكر أيها السيّد عار عبيدك، الذي
عَيَّر به أعداؤك يا رب، عَيَّروا بإبطاء مسيحك".


لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Waitloadinglp0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 5:37 pm

ابن الله في العهد الجديد

إنّ الرسل والمسيحيين
الأوّلين قد رأوا في شخص يسوع تحقيق وعود الله بإرسال هذا الملك "المسيح"
و"ابن الله"، الذي سوف يملك على المسكونة كلها ولن يكون لمُلكه انقضاء.
هذا ما عَبَّر عنه لوقا في روايته بشارة الملاك جبرائيل للعذراء مريم
بولادة المسيح. وقد وضع على لسان الملاك الأقوال الحرفية التي جاءت فيها
وعود الله بالمسيح في العهد القديم: "ها أنتِ تحبلين وتلدين ابناً،
وتسمّينه يسوع. انه يكون عظيماً، وابن العليّ يدعى. وسيُعطيه الرب الإله
عرش داود أبيه؛ ويملك على بيت يعقوب إلى الدهر، ولن يكون لملكه انقضاء"
(لوقا 1: 31- 33).
إلا أن تحقيق نبوءات العهد القديم في المسيح لم يكن
تحقيقاً مادياً بل روحياً، كما رأينا في حديثنا عن "ملكوت الله". فالمسيح
لم يصعد على عرش ملك زمني ليسود العالم، بل صعد على الصليب ليجتذب إليه
الجميع وينشئ ملكوت الله: "وأنا متى ارتفعت عن الأرض اجتذبت إليّ الجميع"
(يو 12: 32).

في انتقال لقب "ابن الله" من العهد القديم إلى العهد
الجديد نلاحظ تغييراً جذرياً في المدلول والمعنى، مماثلاً للتغيير الذي
حصل للقبَي "المسيح" و"ابن البشر". ان هذه الألقاب، بانتقالها من عهد
التهيئة إلى عهد الكمال، ومن عهد الرمز إلى عهد التحقيق، قد تحوّل معناها
من الملك المادي البشري المحصور في بقعة ضيقة من الأرض، أرض اسرائيل، إلى
الملك الروحي الإلهي الذي يتخطى حدود الممالك الأرضية ويمتدّ امتداد الله
في الكون بأسره.

إن لقب ابن الله يرد في مواضع كثيرة من العهد الجديد
إلى جانب لقب المسيح وكأنهما مترادفان. فمرقس يبدأ انجيله بقوله: "بدء
انجيل يسوع المسيح ابن الله" (1: 1). وفي انجيل متى يعترف بطرس الرسول
بيسوع قائلاً: "أنت المسيح ابن الله الحيّ" (16: 16). ويوحنا ينهي إنجيله
بالشهادة ليسوع المسيح ابن الله: "وصنع يسوع أمام التلاميذ آيات أخرى
كثيرة لم تدوّن في هذا الكتاب، وإنما دوّنت هذه لكي تؤمنوا أن يسوع هو
المسيح ابن الله" (20: 30، 31).
وفي رسالته الأولى يتكلم عن الايمان تارة
بأن "يسوع هو المسيح"، وطوراً بأن "يسوع هو ابن الله"، وكأنّ اللّقبين
مترادفان. ففي الفصل الرابع مثلاً يقول في الآية الثانية: "ان كل روح
يعترف بأن يسوع المسيح قد أتى في الجسد، هو من الله" ثم يضيف في الآية 15:
"من اعترف بأن يسوع هو ابن الله، فالله يقيم فيه وهو يثبت في الله". كذلك
في الفصل الخامس، يقول في الآية الأولى: "كل من يؤمن أن يسوع هو المسيح
فهو مولود من الله". ثم يضيف في الآية الخامسة: "مَن ذا الذي يغلب العالم
إلاّ الذي يؤمن أن يسوع هو ابن الله؟".
ترد هذه الشهادة على أن يسوع هو
"ابن الله" في الأناجيل الأربعة وفي جميع مراحل حياة يسوع وعلى لسان الله
الآب ويسوع نفسه والملائكة والرسل وكثيرين ممّن شفاهم يسوع أو رأوا أعماله
وعجائبه وموته وقيامته.

فمنذ البشارة يقول الملاك جبرائيل للعذراء
مريم: "لا تخافي يا مريم، فلقد نلتِ حظوة عند الله. وها أنتِ تحبلين
وتلدين ابناً وتسمّينه يسوع. انه يكون عظيماً وابن العليّ يدعى". وعلى
سؤال مريم: "كيف يكون ذلك وأنا لا أعرف رجلاً؟"، يجيب الملاك: "الروح
القدس يأتي عليك وقدرة العليّ تظلّلك، ومن أجل ذلك فالقدّوس الذي يولد منك
يدعى ابن الله" (لوقا 1: 30- 35).
يضع لوقا علاقة بين لقب يسوع "ابن
الله" والحبل به من الروح القدس في أحشاء مريم العذراء دون مباشرة رجل.
وهذا الحبل العجيب من الروح القدس لم يُذكر عن إنسان آخر غير يسوع في
الكتاب المقدس كله. ويتّفق متى مع لوقا في ذكر الحبل بيسوع من الروح
القدس: "أما مولد يسوع فكان هكذا: لما خُطبت مريم أُمه ليوسف، وُجدَت من
قبل أن يسكنا معاً، حبلى من الروح القدس" (1: 18، 19).

وفي أثناء
معمودية يسوع يشهد الآب ليسوع قائلاً: "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت"
(متى 3: 17). والشهادة ذاتها يعطيها الآب ليسوع في أثناء تجلِّيه على جبل
ثابور (متى 17: 5).
ويسوع نفسه، عندما يسأله رئيس الكهنة في أثناء محاكمته: "هل أنت المسيح ابن الله؟"، يجيب: "أنت قلت!" (متى 26: 63، 64).

ويوضح
يسوع في مَثَل "الكرَّامين القتلة" الفرق الجوهري بينه وبين من سبقه من
الأنبياء. فجميع الأنبياء الذين جاءوا قبل يسوع ليبشّروا الشعب ويجنوا من
كرمه الله ثمار التوبة وأعمال الإيمان لم يكونوا سوى خدّام لله. أما يسوع
فهو ابن الله. فبعد أن يروي المَثَل كيف قتل الكرّامون جميع الخدّام الذين
أرسلهم الله إليهم، يضيف: "وبقي له أيضاً واحد، ابن حبيب، فأَرسله إليهم
في الأخير، قائلاً: انهم سيهابون ابني. غير أنّ أولئك الكرّامين قالوا في
ما بينهم: هذا هو الوارث. هلمّوا فلنقتله فيكون الميراث لنا. فقبضوا عليه
وقتلوه وطرحوا به خارج الكرم" (مر 12: 1- لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Icon_cool.
وترد
الشهادة على أن يسوع هو ابن الله على فم يوحنا المعمدان: "ها هوذا حمل
الله، الذي يرفع خطيئة العالم. هذا هو الذي قلت عنه انه يأتي بعدي انسان
قد تقدّم عليَّ لأنه كان قبلي... انا لم أكن أعرفه، إلاّ أنّ الذي أرسلني
لأُعمِّد بالماء هو قال لي إن الذي ترى الروح ينزل ويستقرّ عليه هو الذي
يعمّد بالروح القدس. فذلك ما قد عاينت وأشهد أن هذا هو ابن الله" (يو 1:
29- 34).

كما ترد الشهادة نفسها على فم نثنائيل: "رابي، أنت ابن الله،
أنت ملك اسرائيل" (يو 1: 49)، وسائر الرسل الذين بعد أن عاينوا يسوع يمشي
على الماء سجدوا له قائلين: "أنت حقاً ابن الله" (متى 14: 32).
ويضع
الانجيليون الشهادة نفسها على فم الأرواح النجسة: "وكانت الأرواح النجسة
إذا رأته تخرّ له وتصرخ قائلة: أنت ابن الله" (مر 3: 11؛ راجع أيضاً لوقا
4: 41).
وترد مراراً في رسائل بولس الرسول الشهادة على أن يسوع ابن
الله، في إطار رسالة يسوع الخلاصية، وعلى أوجه ثلاثة. فيسوع هو أولاً ابن
الله الذي أرسله الله في ملء الأزمنة ليفتدي العالم ويصبح بواسطته الناس
أبناء الله: "لما بلغ ملء الزمان أرسل الله ابنه مولوداً من امرأة،
مولوداً تحت الناموس، ليفتدي الذين تحت الناموس، وننال التبّني. والدليل
على أنكم أبناء، كون الله أرسل إلى قلوبنا روح ابنه، ليصرخ فيها: أبّا!
أيها الآب!" (غلا 4: 4- 6). ثم إنّ يسوع هو ابن الله الخاص الذي قدّمه
الله إلى الموت كما قدّم ابراهيم ابنه اسحق: "اذا كان الله معنا، فمَن
علينا؟ هو الذي لم يشفق على ابنه الخاص بل أسلمه عنا جميعاً، كيف لا يهبنا
معه كل شيء؟" (روم 8: 32). ويسوع هو أخيراً ابن الله بمعنى أنه "صورة الله
غير المنظور" (كولسي 1: 25)، و"صورة جوهر الآب" (عب 1: 2، 3).

ان
الشهادة على أن يسوع هو ابن الله قد أصبحت في القرون المسيحية الأولى
الداعي الأكبر لاستشهاد المسيحيين في الامبراطورية الرومانية. فالامبراطور
الروماني كان يدعى "ابن الله"، وكان الشعب كلّه يقدّم له السجود والعبادة
كإلى إله. أما المسيحيون فقد رفضوا الاعتراف بلقب "ابن الله" للامبراطور،
وأعلنوا أن يسوع هو "ابن الله الوحيد" الذي له ينبغي السجود والعبادة.
وتلتقي لفظة "ابن الله" مع لفظة "الرب" التي كانت تطلق أيضاً، كما رأينا، على الامبراطور الروماني.

وهكذا
استقى الرسل والمسيحيون الأوّلون من العهد القديم، الذي تأثّر، في التعبير
عن إيمانه، بالديانات والحضارات القديمة المجاورة، الألقاب الأربعة:
المسيح، ابن البشر، الرب، ابن الله، ليعبِّروا بواسطتها عن إيمانهم بشخص
يسوع، هذا الانسان الذي عرفوه على الأرض وصُلب ومات ثم أقامه الله من بين
الأموات، وليدلّوا على العلاقة الفريدة في تاريخ البشرية كلها، التي تربطه
بالله.



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Waitloadinglp0
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 5:39 pm

هـ) يسوع هو "الابن"

لتوضيح العلاقة الفريدة التي تربط يسوع بالله، يدعو
العهد الجديد أيضاً يسوع "الابن" دون إضافة الله. ويعتبر بعض علماء الكتاب
المقدس ان هذا اللقب يختلف، في أصله وفحواه، عن لقب "ابن الله". فبينما
لقب "ابن الله" هو لقب مرادف لسائر الألقاب الماسوية، كالمسيح وابن البشر،
ويرجع إلى العهد القديم، وله مقابل في الديانات القديمة وفي الامبراطورية
الرومانية، فإنّ لقب "الابن" يعود إلى يسوع ذاته، ويكشف لنا سرّ يسوع
وعلاقته الجوهرية بالله الآب. ويرى هؤلاء المفسّرون صلة وثيقة بين لقب
"الابن" ولفظة "أبّا" التي كان يسوع في صلاته يخاطب بها الله. وتلك لفظة
آرامية ينادي بها الطفل أباه، وقد نقلتها إلينا بلفظها الآرامي الأناجيل
المكتوبة باليونانية. وهذا يدلّ على أن يسوع كان يستعملها في صلاته. وقد
تفرّد يسوع عن العهد القديم كله وعن جميع معاصريه صن المعلّمين في استعمال
تلك اللفظة في صلاته إلى الله، ما يشير إلى ألفة خاصة بينه وبين الله.
فالانسان الذي يدعو الله "أبّا" هو "الابن" بالمعنى المطلق.

ويرى البعض
الآخر من المفسّرين أن لقب "الابن" هو صيغة مختصرة للقب "ابن الله".
ويوحنا يستعمل الذين جنباً إلى جنب كأنهما مترادفان. ففي الفصل الخامس من
انجيله مثلاً يقول يسوع لليهود: "الحق الحق أقول لكم: انها تأتي الساعة
-وها هي ذي حاضرة- التي يسمع فيها الأموات صوت ابن الله، والذين يسمعون
يحيون". ثم يردف: "فكما أن الآب له الحياة في ذاته، كذلك أعطى الابن أن
تكون له الحياة في ذاته، وآتاه سلطاناً أن يدين لأنه ابن البشر" (5: 25-
27).

مهما يكن من أصل هذا اللقب، فالمهم بالنسبة إلى إيماننا بالمسيح
هو التأكيد الذي نجده في العهد الجديد على تلك العلاقة الفريدة التي تربط
يسوع بالله. فيسوَع هو الابن الذي دفع اليه الآب كل شيء، وهو وحده يعرف
الآب ويستطيع أن يقود الناس إليه، كما يقول في انجيل متى: "لقد دفع إليّ
أبي كل شيء، وليست أحد يعرف الابن إلاّ الآب، ولا أحد يعرف الآب إلاّ
الابن ومن يريد الابن أن يكشف له" (11: 27؛ راجع أيضاً لوقا 10: 22).
ويسوع هو الابن الوحيد الذي في حضن الآب، كما يقول يوحنا: "الله لم يره
أحد قط؛ الإله، الابن الوحيد الذي في حضن الآب، هو نفسه قد أخبر" (يو 1:
18).

ويؤكّد يوحنا الوحدة بين الآب والابن. فبعد أن أبرأ يسوع المخلّع
يوم سبت، أخذ اليهود يضطهدونه، فأجابهم: "إنِّ أبي يعمل بلا انقطاع، وأنا
أيضاً أعمل. فازداد اليهود لذلك طلباً لقتله، ليس فقط لأنه كان ينقض السبت
بل أيضاً لأنه كان يدعو الله أباه، مساوياً نفسه بالله. فأجاب يسوع وقال
لهم: الحق أقول لكم: ان الابن لا يستطيع من نفسه أن يعمل شيئاً إلا ما يرى
الآب يعمله، فما يفعله هذا، يفعله الابن كذلك. لأن الآب يحبّ الابن ويريه
جميع ما يفعل، وسيريه أعمالاً أعظم من هذه فتأخذكم الدهشة. فكما أن الآب
ينهض الأموات ويحييهم، كذلك الابن أيضاً يحيي مَن يشاء" (يو 5: 17- 21).

ونسمع
يسوع يقول في بدء صلاته لأجل الوحدة: "يا أبتاه، لقد أتت الساعة! فمجّد
ابنك لكي يمجّدك ابنك، ويعطي -وقد قلّدته السلطان على كل بشر- الحياة
الأبدية لجميع الذين أعطيتهم له" (يو 17: 1، 2).
ان الآب قد أعطى الابن
السلطان على كل بشر. لذلك لا يصنع الابن إلاّ إرادة الآب: "اني قد نزلت من
السماء، لا لأعمل مشيئتي بل مشيئة الذي أرسلني. ومشيئة الذي أرسلني أن لا
أتلف شيئاً ما أعطاني، بل أُقيمه في اليوم الأخير. مشيئة أبي أن تكون لكل
من يرى الابن ويؤمن به الحياة الأبدية، وأنا أُقيمه في اليوم الأخير" (يو
6: 38- 40).
ويوجز يسوع وحدته مع الآب بالعبارتين التاليتين: "أنا والآب واحد" (يو 10: 38)، و"مَن رآني فقد رأى الآب" (يو 14: 9).

و) يسوع هو "الكلمة"

"في
البدء كان الكلمة، والكلمة كان لدى الله، وكان الكلمة الله... والكلمة صار
جسداً وسكن في ما بيننا. وقد شاهدنا مجده: مجداً من الآب لابنه الوحيد،
الممتلئ نعمة وحقاً" (يو 1: 1، 2، 14).
إلى جانب الألقاب التي يستعملها
سائر الانجيليين، يدعو يوحنا يسوع "الكلمة". وقد جمع في هذا اللقب كل ما
قاله العهد القديم عن "كلمة الله" و"حكمة الله"، ولا سيمَا في سفر الحكمة
(7: 21- 30؛ 9: 9- 12)، وسفر الأمثال (8: 22- 36)، وسفر يشوع بن سيراخ
(24: 1- 25). فحكمة الله كانت لدى الله قبل خلق الكون، وقد أرسلها الله
إلى الأرض لتكشف أسرار إرادته الإلهية، ثم تعود إليه بعد إتمام رسالتها
كما يقول أشعيا النبي: "كما ينزل المطر والثلج من السماء ولا يرجع إلى
هناك بل يروي الأرض ويجعلها تنشئ وتنبت لتؤتي الزارع زرعاً والآكل طعاماً،
كذلك تكون كلمتي التي تخرج من فمي لا ترجع إليّ فارغة بل تتمّ ما شئت
وتنجح في ما أرسلتها له" (55: 10، 11). هكذا يعبّر يوحنا عن دور المسيح
الكلمة. "فالكلمة كان لدى الله" قبل خلق العالم، "وبه خُلق كل شيء". وقد
أرسله الله إلى العالم ليخلّص العالم (3: 17). "والذي أرسله الله ينطق
بكلمة الله" (3: 34). وبعد إتمام رسالته سيعود إلى الآب (8: 21- 37).
ما
يعنيه يوحنا في لقب "الكلمة" مماثل لما أراد إظهاره العهد الجديد في لقب
"ابن الله". فكما أن "الابن" هو أصدق صورة "للآب"، كذلك "كلمة" الله أصدق
تعبير لله ولفكره ولإرادته. لذلك يقول يسوع: "مَن نبذني ولم يقبل أقوالي
فله ديّانه: الكلمة التي نطقت بها هي تدينه في اليوم الأخير، لأني لم
أتكلم من نفسي، بل الآب الذي أرسلني هو حدّد لي ما أقول، وما أُبشِّر به،
وأعلم أن وصيته حياة أبديّة. فما أقول إذاً إنّما أقوله على حسب ما أوصاني
به أبي" (يو 12: 48- 50). إنّ الذي رآه الرسل وسمعوه وعاشوا معه ليس مجرّد
إنسان تلقّى رسالة خاصة من الله. انه "كلمة الحياة"، انه "الحياة التي
ظهرت" (1 يو 1: 1- 3). "والكلمة هي الله" (يو 1: 1)، والحياة مرادف لله.
فيسوع اذاً هو ظهور الله في الجسد.


لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Waitloadinglp0

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 5:43 pm


خاتمة
في ختام هذا البحث عن سرّ شخص يسوع
كما يبدو لنا من خلال العهد الجديد، نوع الإصرار مرة أخرى على ما يؤكّده
العهد الجديد في كل سفر من أسفاره وفي كل صفحة من صفحاته بالنسبة إلى
يسوع، أعني العلاقة الوثيقة التي تربطه بالله. وتلك العلاقة هي التي توجز
في النهاية سرّ يسوع وشخصه.
فيسوع إنسان مرتبط بالله في صميم رسالته وعمق
كيانه. ولا فرق، في شخص يسوع، بين رسالته وكيانه. فرسالته هي كيانه وكيانه
هو رسالته. وهذا ما لا يصحّ عند سواه من البشر ولا حتى عند الأنبياء. فكل
إنسان له كيانه الخاص به، ثم يتلقّى من الله رسالة مستقلّة عن كيانه،
فإمّا يرفضها وإمّا يقبلها. أما في يسوع فالرسالة والكيان أمران متماثلان.
ان رسالته هي إعلان إرادة الله وإظهار محبة الله وإنشاء ملكوت الله، وإنّ
كيانه هو تعبير عن إرادة الله وإظهار محبة الله وهو نفسه ملكوت الله. هذا
هو المعنى العميق للألقاب التي يدعو بها العهد الجديد يسوع: المسيح ابن
البشر، ولا سيمَا الرب وابن الله والابن والكلمة.

فالله إذاً قد أوحى
بذاته إلى العالم بشكل نهائي في شخص ابنه يسوع المسيح الذي هو صورة جوهره
وكلمته الأزلي، والذي يعبّر عن كيانه أصدق تعبير. فالله عمل في شخص ابنه
الذي فيه ظهرت محبة الله اللامتناهية، والله تكلّم في شخص كلمته الذي فيه
عرفنا إرادة الله النهائية وفيه سبرنا أعماق الوجود.

لذلك يقول يسوع:

"مَن
رآني فقد رأى الآب" (يو 14: 9)، و"أنا والآب واحد" (يو 10: 38)، ولذلك
يقول يوحنا الانجيلي: "كل من ينكر الابن ليس له الآب، ومن يعترف بالابن له
الآب أيضاً" (1 يو 2: 23)، ولذلك يسوع هو "الطريق والحق والحياة" (يو 14:
6) والنور والفداء والخلاص، و"الألف والياء، والأول والآخر، والمبدأ
والغاية" (رؤيا 22: 13). تلك الوحدة في الرسالة بين الابن والآب تصبح في
انجيل يوحنا وحدة في الكيان: "في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله،
وكان الكلمة الله" (يو 1: 1). فوجود "الكلمة عند الله" يعني تمييزاً في
الأشخاص بين الكلمة والله. إلا أن هذا التمييز لا يدخل انقساماً في الله،
وهذا ما تعنيه العبارة: "وكان الكلمة الله".

إلى هذا الحدّ يصل مفهوم
العهد الجديد لشخص يسوع المسيح.

وانطلاقاً من هذا المفهوم ستتابع المجامع
المسكونية تقصّيها لسرّ المسيح، لتعلن في وجه البدع والهرطقات أن يسوع
انسان حق وإله حق، وان فيه طبيعتين، طبيعة إلهية وطبيعة انسانية، وان كلتا
الطبيعتين متّحدة في أقنوم واحد هو أقنوم الابن، الأقنوم الثاني من
الثالوث المقدس.


كيف وصلت المجامع المسكونية إلى تلك التحديدات والعقائد؟
هذا ما سيكون موضوع بحثنا في الفصل السادس.




لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Waitloadinglp0
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 5:45 pm


الفصل السَّادس: يسُوع المسِيح الإله وَالإنسَان
=================
توطئَة

رأينا
في الفصل السابق أن العهد الجديد يرى في يسوع إنساناً حُبِل به من الروح
القدس في أحشاء مريم العذراء ووُلد وترعرع وعلّم وصنع المعجزات ثم صُلِب
ومات وقام. وتعلن جميع أسفار العهد الجديد أن هذا الانسان هو نفسه المسيح
المنتظر وابن البشر الذي أرسله الله في ملء الأزمنة لينشئ ملكوت الله،
وتشهد أن هذا الانسان الذي عاش في الزمن هو ابن الله وكلمة الله الكائن
منذ الأزل مع الله.
فيسوع إذاً هو إله وإنسان في آن واحد. ولكن كيف
يتّحد الانسان والاله في شخص واحد؟ هذا هو السؤال الجوهري الذي حاول
اللاهوتيون وآباء الكنيسة الإجابة عليه منذ القرون المسيحية الأولى،
فكتبوا مقالات كثيرة وعلّموا في جميع كنائس الشرق والغرب. وتبيّن للبعض أن
تعاليم البعض الآخر حول المسيح يسوع قد حادت عن الايمان القويم، فاتهموهم
بالهرطقة. ولحسم الخلافات القائمة بين هؤلاء وأولئك عقدت المجامع
المسكونية، وهي مؤتمرات دينية يجتمع فيها أساقفة من كنائس المسكونة كلها
في الشرق والغرب لتحديد عقائد الايمان المسيحي. وكان كل مجمع مسكوني يصدر
وثائق يعلن فيها إيمان الكنيسة القويم وعقائدها الثابتة، ويرشق بالحرم
تعاليم المبتدعين والهراطقة.
لذلك يمكننا القول ان عقائد الايمان التي
أعلنتها المجامع المسكونية الأولى كانت كلها، في صياغتها وتعابيرها،
موجّهة ضد الهراطقة. ولو لم تقم في الكنيسة بِدَع وهرطقات لاكتفت الكنيسة
في تعاليمها بتعاليم المسيح والرسل كما وردت في مختلف أسفار العهد الجديد.
إلاّ أنّ البدع والهرطقات التي ظهرت منذ نشأة الكنيسة أرغمت أساقفة
الكنيسة ومعلّميها علىِ توضيح تعاليم المسيح والرسل في صيغ وتعابير جديدة.
وقد كان هذا التوضيح ضرورياً للإحاطة بسرّ يسوع المسيح الانسان والإله
وتحديد أبعاد إنسانيته وأُلوهيته.
لا بد من الاشارة إلى أن المجامع
المسكونية لم تدخل شيئاً جديداً على إيمان المسيح والرسل كما ورد في أسفار
العهد الجديد. إلاّ أنّها عبّرت عن هذا الإيمان بطُرُق جديدة. فبينما
اقتصر العهد الجديد على إظهار يسوع يتصرف في حياته كإنسان وإله، أوضحت
المجامع المسكونية كيف يتّحد العنصران الانساني والالهي في شخص يسوع
الواحد، فأدخلت في العقائد الإيمانية ألفاظاً فلسفية استقتها من الفلسفة
اليونانية السائدة آنذاك، كالأقنوم والشخص والطبيعة والجوهر، وقالت ان
المسيح هو شخص واحد في طبيعتين، طبيعة إلهية وطبيعة إنسانية.
إلاّ أنّ
تلك الألفاظ لم يكن لها المعنى ذاته في جميع المدارس الفلسفية المنتشرة في
أنحاء العالم المسيحي. وقد حدث مراراً أن اتهمت الكنائس بعضها بعضاً
بالهرطقة، مع أن الخلاف بينها لم يكن على الايمان بل على الألفاظ
والتعابير. إلى جانب هذا الاختلاف في الألفاظ، لا شك أنه كانت هناك بِدعَ
حقيقية وتيّارات فكرية خاطئة حرمتها المجامع المسكونية في إعلانها عقائد
الإيمان القويم.
لذلك يجب التمييز، في ما أعلنته المجامع المسكونية،
بين أمرين: فهناك أولاً الإيمان الذي لا يمكن أن نحيد عنه، وهو نفسه إيمان
المسيح والرسل في جميع أسفار العهد الجديد، وهناك ثانياً الألفاظ
والتعابير التي فرضتها المجامع المسكونية، وقد اعتبرتها الأدقّ والأصحّ من
بين جميع الألفاظ والتعابير المتداولة في زمانها للتعبير عن هذا الإيمان.
فتلك الألفاظ والتعابير يمكن مجامع مسكونية أخرى إعادة النظر فيها
وتطويرها وفقاً لتطوّر المفاهيم الفلسفية على مدى التاريخ.
ما هو إيمان المجامع المسكونية في ما يختص بيسوع المسيح؟ وما هي الألفاظ والتعابير التي اختارتها للتعبير عن هذا الإيمان؟


لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Waitloadinglp0


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 5:47 pm


القِسم الأول
يسوع المسيح إنسان حقيقي

==========
1- يسوع هو الكلمة المتجسّد

"الكلمة
صار جسداً وسكن في ما بيننا" (يو 1: 14). بهذه العبارة يؤكد يوحنا أن يسوع
هو إنسان حقيقي. ولفظة "جسد" تعني هنا الانسان بكامله، وليس فقط جسد
الانسان دون نفسه. فعبارة "صار جسداً" تعني صار إنساناً أو، بترجمة أدقّ،
"صار بشراً". فإن اللفظة اليونانية المستعملة هنا هي لفظة ، وهي ترجمة
اللفظة العبرية "بَسَر" التي يقابلها بالعربية "بشر". فما يريد يوحنا
تأكيده هو أن كلمة الله الكائن منذ الأزل عند الله قد دخل في عالمنا وأصبح
بشراً وإنساناً مثلنا، "فسمعناه، ورأيناه بأعيننا، وتأملناه، ولمسته
أيدينا"، كما يقول في مستهلّ رسالته الأولى الجامعة (1: 1). ويجعل الايمان
بتجسّد الكلمة العلامة المميّزة للإيمان الذي يسير بحسب روح الله. فيقول
في رسالته الأولى: "أيها الأحباء، لا تركنوا الى كل روح، بل اختبروا
الأرواح هل هي من الله، لأن أنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا الى العالم. بهذا
تعرفون روح الله: ان كل روح يعترف بأن يسوع المسيح قد أتى في الجسد، هو من
الله؛ وكل روح لا يعترف بيسوع ليس من الله، بل هذا روح المسيح الدجّال
الذي سمعتم أنه يأتي؛ إنه، الآن، في العالم" (4: 1- 3). ويعود الى الفكرة
ذاتها في رسالته الثانية فيقول: "انه قد انتشر في العالم مضلّون كثيرون،
لا يعترفون بيسوع المسيح الذي أتى في الجسد".


المظهرية (docétisme)
يبدو
أن يوحنا يشير في قوله هذا الى فريق من "الغنوصيين" أو "أصحاب المعرفة"،
الذين انتشروا بين المسيحيين منذ نهاية القرن الأول. والمعرفة، في رأي
هؤلاء المبتدعين الذين يعود أصلهم الى ما قبل المسيحية، لا يصل إليها
الإنسان إلا إذا تخلّى عن عالم المادة والجسد، الذي كانوا يعتبرونه عالماً
فاسداً في جذوره. لذلك رفضوا الإيمان بأنّ المسيح كان له جسد حقيقي، بل
كانوا يعتقدون أنه اتخذ "مظهر جسد" أو "شبه جسد"، لذلك دعوا "بالمظهريين"
أو "الشبهيين" (docétes)
ان تجربة المظهرية رافقت الفكر المسيحي على
مدى العصور، ولا تزال قائمة في أذهان كثيرين من المسيحيين، حتى في عصرنا
الحاضر. فيسوع، في نظر هؤلاء المسيحيين، إله يمشي على الأرض مستتراً في
شبه جسد بشري. لذلك لم يحتمل مشاقّ الطبيعة البشرية كما يحتملها سائر
الناس. وإن جاع وعطش وتعب وتعذّب، فكونه إلهاً يجعله يحتمل كل تلك المصاعب
دون أيّ ألم.
القديس اغناطيوس الانطاكي
لقد قاوم آباء الكنيسة منذ
القرون الأولى ذلك التيار الفكري في مختلف مظاهره. فالقديس اغناطيوس
الانطاكي يؤكّد أن إنكار حقيقة بشرية المسيح هو في الوقت نفسه إنكار حقيقة
الفداء، لأنه إن لم يكن ليسوع سوى جسد ظاهري، فهو لم يتألّم إلاّ ظاهرياً،
ونحن لم نحصل على الفداء إلاّ في الظاهر؛ وكذلك تصبح الافخارستيا مجرّد
مظهر؛ ويصبح بذلك مناقضاً للعقل أن نتألم في الجسد لأجل يسوع ونحتمل لأجله
الاضطهاد، فكل شيء يتلاشى في تلك الظواهر. لذلك يدعو اغناطيوس المسيح
"حامل الجسد".

القديس ايريناوس
يعود القديس ايريناوس، أسقف
ليون، الى الموضوع نفسه، ويستند في تفكيره الى المبدأ التالي الذي سوف
عبده في كل التقليد اللاحق: "إن المسيح، لأجل محبته اللامتناهية، قد صار
مثلنا لكي يجعلنا مثله". فالمسيح هو قمة التاريخ البشري ومثال الإنسان
الجديد. لذلك عاش في جسده وفي حياته البشرية جميع مراحل تطور الحياة
البشرية من الطفولة حتى كمال الله.

2- التجسّد يفرض وجود نفس بشرية في المسيح
لا
نجد في العهد الجديد أي تساؤل أو شك حول وجود نفس بشرية في المسيح. على
العكس من ذلك فالأناجيل تؤكد وجود تلك النفس في المسيح، ولا سيمَا عندما
تصفه وهو يعبّر عن عواطفه، كالفرح (لو 10: 21)، والصداقة (يو 11: 3؛ مر
10: 21)، والشفقة (متّى 9: 36؛ 15: 32)، والحزن حتى البكاء (لو 19: 41،
42؛ يو 11: 33)، والغضب (متّى 16: 23؛ مر 3: 5؛ يو 2: 15)، وكلها عواطف
تصدر عن النفس البشرية.
وكذلك يتحدّث الانجيليون عن طاعة يسوع وخضوعه
لإرادة الآب. فالكلمة الأولى التي يضعها إنجيل لوقا على فمه هي قوله لمريم
ويوسف عندما طلباه ووجداه في الهيكل وسط العلماء: "لمَ تطلبانني؟ ألم
تعلما أني ملتزم بشؤون أبي؟" (لو 2: 49). والكلمة الأخيرة قبل موته هي
صلاته للآب: "يا أبتاه، في يديك أستودع روحي" (لو 23: 46). ويذكر
الانجيليون انه كان يصلّي مراراً (مر 1: 35)، بل يقضي ليالي في الصلاة (لو
6: 12) ويصفونه في نزاعه في بستان الزيتون "يرتاع ويكتئب" (مر 14: 33)،
إلاّ أنه يستسلم بملء حريته لإرادة الآب: "أبّا، أبتاه! إنّ كل شيء ممكن
لديك، فأجِزْ عني هذه الكأس! ولكن، ليس ما أريد أنا، بل ما تريد أنت!" (مر
14: 36).
لقد عرف يسوع كل شيء من الطبيعة البشرية ما عدا الخطيئة، كما
تقول الرسالة الى العبرانيين: "ان الحبر الذي لنا ليس عاجزاً عن الرثاء
لأسقامنا، بل هو مجرّب في كلّ شيء، على مثالنا، ما خلا الخطيئة" (عب 4:
15).
إن إنكار النفس البشرية في المسيح قد دعا اليه في القرن الرابع
آريوس الاسكندري وأبوليناريوس أسقف اللاذقية. فآريوس قد اشتهر برفضه أزلية
الكلمة وبالتالي ألوهية المسيح ومساواته للآب في الجوهر، إلاّ أنّه ادّعى
أيضاً أن الكلمة قد حلّ في المسيح محلّ النفس البشرية. أما أبوليناريوس
أسقف اللاذقية فكان يؤمن بألوهية المسيح، إلاّ أنّه في تفسيره لوحدة
الطبيعة الإلهية والطبيعة البشرية في شخص المسيح، اعتقد أن تلك الوحدة لا
يمكن أن تتمّ إلاّ اذا اعتبرنا أن الكلمة قد اتخذ جسداً بشر دون نفس
بشرية. ثم عدّل موقفه في كتاباته الأخيرة فاستخدم تقسيم أفلاطون للإنسان
ثلاثة عناصر: الجسد، والنفس الحسيّة المشتركة بين الإنسان والحيوان ( )،
والنفس الروحية أو العاقلة الخاصة بالإنسان ( ). وقال ان الكلمة اتخذ من
الطبيعة الانسانية الجسد والنفس الحسّيّة، لكنه لم يتخذ النفس الروحية.
واستشهد بقول يوحنا الانجيلي: "الكلمة صار جسداً"، وليس "الكلمة صار
روحاً". وفي تفسير نظريته استند أولاً إلى مبدأ فلسفي يقول بأنه يستحيل
على جوهرين كاملين أن يتحدا فيصيرا كائناً واحداً. ودعم حجته ببرهان
لاهوتي يذهب إلى أنّ المسيح لو كان له نفس بشرية روحية، لتعرّض للخطيئة
واستحال عليه فداء البشرية.
فلضمان قداسة المسيح، اعتبر أبوليناريوس
الإله الكلمة المبدأ والمحرّك الأوحد لجميع أعمال المسيح وتصرّفاته
البشرية. فالفداء، في نظره، هو فقط عمل الإله الكلمة في المسيح، أما
الطبيعة الانسانية فكانت مجرّد ثوب لبسه الكلمة ليقوم بعمله الخلاصي.
إن
تفسير أبوليناريوس للتجسّد والفداء مبني على نظرة خاطئة لعلاقات الله
والانسان في العالم. فبموجب تلك النظرة، هناك تناقض جذري بين عمل الله
وعمل الإنسان وبين حرية الله وحرية الإنسان، بحيث لا يمكن أن يوجدا معاً.
وعندئذٍ يحلّ الله محلّ الانسان، ويفقد الانسان حريته وقيمة عمله.
لقد
رفضت الكنيسة نظرة أبوليناريوس وحرمت تعاليمه في عدّة مجامع ولا سيّمَا في
مجمع خلقيدونية المنعقد سنة 451، حيث أعلنت أن المسيح "إله حق وإنسان حق
مكوّن من نفس عاقلة وجسد، وانه مساوٍ للآب في اللاهوت ومساوٍ لنا في
الناسوت، وقد صار بشراً مثلنا في كل شيء ما خلا الخطيئة". وسنعود الى هذا
النصّ العام في القسم الثالث من هذا البحث.
وقد فسّر آباء الكنيسة
رفضهم لتعاليم أبوليناريوس بقولهم ان فداء الجسد لا يمكن أن يتمّ إلا
بواسطة جسد المسيح، وكذلك فداء النفس لا يمكن أن يتمّ إلا بواسطة نفس
المسيح. في هذا يقول أوريجانيس: "لو لم يكن المسيح إنساناً كاملاً،
لاستحال خلاص الانسان بكامله". وكذلك يقول القديس غريغوريوس النزينزي: "ان
أيّ شيء فينا لا يمكن أن يشفى ويخلص إلا باتحاده بالله". لذلك لو لم يتّخذ
كلمة الله في شخص يسوع المسيح نفساً بشرية روحية، لمَا خلصنا في كياننا
الروحي.
وعلى برهان أبوليناريوس الفلسفي من أن جوهرين كاملين، أي
الطبيعة الإلهية والطبيعة الإنسانية، لا يمكن أن يتحدا في كائن واحد، أجاب
آباء الكنيسة واللاهوتيون على مدى العصور أنّ الطبيعة الانسانية ليست
جوهراً منغلقاً على ذاته، إنما تتضمّن من صلب كيانها انفتاحاً على ما
يتخطّاها، وهذا الانفتاح هو من خصائص النفس لا من خصائص الجسد، لذلك لا
يمكن أن يتّحد الكلمة بجسد بشري تنقصه نفس بشرية، لأن الجسد وحده دون
النفس لا يستطيع أن ينفتح على ما يتخطّاه؛ فالنفس البشرية هي إذاً عنصر
أساسي لا بدّ من وجوده في المسيح لكي يتمّ فيه اتحاد الكلمة بالطبيعة
الانسانية.


لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Waitloadinglp0
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 5:48 pm

القِسم الثَاني
يسوع المسيح إله حقيقي

=========

سنة 325 أعلن الآباء
الملتئمون في مجمع نيقية إيمانهم "برب واحد يسوع المسيح، إبن الله الوحيد،
المولود من الآب قبل كل الدهور، نور من نور، إله حق من إله حق، مولود غير
مخلوق، مساوٍ للآب في الجوهر". وكان هذا الإعلان لألوهية المسيح جواب
الكنيسة الرسمي في أول مجمع مسكوني على نقاشات حادّة دارت بين اللاهوتيين
حول تعاليم آريوس الاسكندري الذي كان يقول ان كلمة الله الذي صار إنساناً
في شخص يسوع المسيح ليس أزلياً ولا مساوياً للآب في الجوهر، إنما هو أول
خليقة خلقها الله.
لم تكن بدعة آريوس البدعة الوحيدة التي أنكرت ألوهية
المسيح في القرون المسيحية الثلاثة الأولى، لكنها حلقة هامة من سلسلة
طويلة رافقت تاريخ المسيحية منذ نشأتها. لا نستطيع في هذا البحث التبسّط
في تاريخ كل تلك البدع وتعاليمها، لأن هذا يتطلّب عدّة مجلّدات ولا يهمّ
إلا الأخصّائيين. فرأينا أن نجمع تعاليم المبتدعين الذين أنكروا ألوهية
المسيح في ثلاثة تيارات أو اتجاهات عقائدية خاطئة حرمتها الكنيسة إذ رأت
أنها، في عرضها لسرّ المسيح وعلاقته بالله الآب، قد شوّهت تشويهاً جسيماً
وجه المسيح ووجه الآب.

1- الشكلانية (Modalisme)

الاتجاه الأول
أراد المحافظة على وحدانية الله ووحدانية مبدأ الكون، لكنه رأى أن تلك
الوحدانية لا يمكن أن تثبت إذا آمنّا بوجود ثلاثة أقانيم في الله؛ لذلك
اعتقد أن الثالوث الأقدس ليس في الواقع إلا أقنوماً واحداً ظهر لنا في
ثلاثة أشكال أو أحوال: حال الآب، وحال الابن، وحال الروح القدس. وعليه
دعيت تلك البدعة "الشكلانية" أو "الحالانية" (modalisme)، أو بدعة المبدأ
الواحد (Monarchianisme)
فالتمييز في الله، بموجب تلك البدعة، ليس بين
أقانيم متساوية في الجوهر؛ بل بين أحوال وأشكال ثلاثة اتخذها الإله الواحد
في الزمن. لذلك نستطيع أن نخلع عليه ثلاثة أسماء، فندعوه تارة الآب لأنه
مبدأ الكون وخالقه، وتارة الابن لأنه تجسّد وصار إنساناً، وتارة الروح
القدس لأنه يملأنا بحضوره.
لقد انتشرت هذه البدعة في آسية الصغرى ورومة
وشمالي أفريقية في أواخر القرن الثاني وفي النصف الأول من القرن الثالث.
ومن أهم دعاتها نوئيطوس الذي بشّر في أزمير بين سنة 180 وسنة 200،
وبراكسياس الذي نشر تعاليمه في قرطاجة ورومة، وصابيليوس أسقف بطوليمَائيس
في الخمس المدن، وقد كان له تلامذة كثيرون في رومة، ودُعيت البدعة نفسها
أيضاً باسمه: الصابيلية.
نجد دحضاً لتعاليم نوئيطوس في كتاب "دحض جميع
الهرطقات" المنسوب إلى القديس ايبوليتوس الروماني (170- 235)، ودحضاً
لتعاليم براكسياس في كتاب لترتوليانوس عنوانه "ضد براكسياس". ويذكر
المؤرّخ افسافيوس أسقف قيصرية في كتابه "تاريخ الكنيسة" (7: 6) أن
ديونيسيوس أسقف الاسكندرية (190- 264) كان ينعت أصحاب تلك البدعة بالتجديف
والكفر وعدم الاحترام للآب والابن والروح القدس. كما نجد ذكر الصابيلية
بين البدع التي يجب نبذها، في القانون الأول من قوانين المجمع المسكوني
الثاني المنعقد في القسطنطينية سنة 381، وكانت تلك البدعة قد فقدت عندئذٍ
قوّتها كتنظيم خاص، إلاّ أنّ آراءها كانت لا تزال شائعة عند بعض فئات من
الناس.
لماذا حرمت الكنيسة تلك البدعة؟ وماذا نستطيع أن نستنتج من هذا الحرم بالنسبة الى إيماننا بالمسيح؟
يقوم
ضلال تلك البدعة على أنها لم تميّز في الله بين الأقانيم الثلاثة والجوهر
الواحد. اعترفت بألوهية المسيح، لكنها قالت ان المسيح هو نفسه الله الآب.
وينتج من هذا القول أن الآب نفسه هو الذي تجسّد في الزمن في أحشاء مريم
العذراء ووُلد منها طفلاً وتألّم وصُلب ومات وقام، ممّا يناقض مناقضة
صريحة كل تعاليم العهد الجديد حول المسيح والآب. فالمسيح الذي عاش على
الأرض هو ابن الله الذي جاء ليتمّم في حياته إرادة أبيه؛ والابن والآب
أقنومان أو شخصان متميزان؛ والابن هو الذي، تتميماً لإرادة الآب، قبل
الألم والصلب والموت؛ أما الآب فبقي منزّهاً عن الجسد والألم والموت.
إنّ
ما أكّدته الكنيسة في رفضها تعاليم تلك البدعة، وما يجب أن نؤكّده اليوم
أيضاً، هو سموّ الله وتعاليه في سرّ التجسّد. فالله "هو هو أمسِ واليوم
وإلى الأبد"، لا يمكن أن يتحوّل فيصير من حال إلى حال، ولا أن يتغيّر
فينتقل من شكل الى شكل. هذا ما تعلنه المسيحية في رفضها القول بتجسّد
الآب. وفي هذا تتّفق مع سائر الديانات التي تؤمن بالإله الواحد، كاليهودية
والإسلام، إلاّ أنّها تدخل كثر من تلك الديانات في سرّ الله، فتؤكّد، إلى
جانب سموّ الله وتعاليه، قربه من الانسان. والله لم يقترب من الانسان فقط،
كما في اليهودية والاسلام، بما أوحاه إلى أنبيائه وبالكلام الذي تكلّم به
على ألسنتهم، فالمسيحية تؤمن أن اقتراب الله من الانسان هو اقتراب شخصي.
فكلمة الله هو نفسه صار بشراً، والكلمة هو شخص في الله: انه الأقنوم
الثاني من الثالوث الأقدس. وهذا الأقنوم هو الذي أخذ من مريم العذراء
طبيعة بشرية وصار إنساناً خاضعاً مثلنا للألم والموت.
إلاّ أن المسيحية
تعود فتؤكّد، في شخص المسيح أيضاً، سموّ الله، فتقول ان المسيح لم يخضع
للألم والموت إلا في طبيعته البشرية. وهذا ما ستوضحه الكنيسة في المجامع
اللاحقة التي سنأتي على ذكرها في القسم الثالث من هذا البحث.

2- التبنّويّة (Adoptianisme)

الاتجاه
الثاني الخاطئ الذي يؤدّي إلى إنكار ألوهية المسيح انطلق أيضاً من التمسّك
بوحدانية الله، فأنكر الثالوث الأقدس، واعتقد أن يسوع المسيح ليس سوى
إنسان تبنّاه الله ومنحه سلطة إلهيّة لتتميم رسالته.
لقد سار في هذا
الاتجاه منذ القرن الأول بعض النصارى من اليهود، الذين آمنوا أن يسوع هو
المسيح، لكنهم رفضوا الاعتراف بأنه ابن الله المولود من الآب منذ الأزل.
ومن بين هؤلاء اليهود النصارى يذكر القديس ايريناوس في القرن الثاني بدعة
الابيونيين الذين كانوا يقولون ان يسوع هو مجرّد إنسان وُلد من مريم
ويوسف، وانه كان أقدس جميع الناس، وقد حلّ عليه في أثناء معموديته كائن
سماوي هو المسيح. وتلك البدعة لم تكن تعترف إلا بإنجيل متّى، وكانت تعتبر
بولس الرسول كافراً وترفض كل رسائله وتعاليمه، وتلتزم جميع تعاليم الناموس
الموسوي ووصاياه.
وفي أواخر القرن الثاني، دعا أيضاً إلى إنكار ألوهية
المسيح ثيوذوتس البيزنطي الذي جحد إيمانه في أثناء اضطهاد حدث ضد
المسيحيين، فهرب من بيزنطية والتجأ إلى رومة؛ ولتبرير جحوده قال انه لم
ينكر إلهاً، بل أنكر إنساناً، لأن المسيح ليس سوى إنسان.
وأشهر
القائلين ببدعة التبنوية، وقد دُعيت كذلك لأنها تقول ان يسوع هو مجرّد
إنسان تبنّاه الله، بولس السميساطي الذي نشأ في "ساموساطة" في ما بين
النهرين على الفرات، ثم صار أسقفاً على انطاكية من سنة 260 حتى سنة 272،
حين حرمه مجمع محلّي وأقاله عن كرسيّه. وكان يقول ان الله والكلمة شخص
واحد كالانسان الذي يكوّن هو وفكره شخصاً واحداً. أما يسوع فاعتبره مجرّد
إنسان متّحد بالله اتحاداً عرضياً. فالله قد ملأه، اكثر من سائر الأنبياء،
من الحكمة الإلهية والقوة الإلهية. فلا مانع إذاً من أن ندعوه إلهاً، ولكن
ليس بصورة بيانية. لذا كان أتباع بولس السميساطي يذكرون اسم الآب والابن
والروح القدس في إتمام سرّ المعمودية، ولكنهم لم يستعملوا تلك الكلمات
بمعناها الحقيقي. لذلك حدّد القانون 19 من قوانين المجمع المسكوني الأول
المنعقد في نيقية سنة 325: "ان أتباع بولس السميساطي اللاجئين الى الكنيسة
الجامعة، يجب أن تعاد معموديتهم".
إن ما أرادت الكنيسة تأكيده في رفضها
تعاليم بدعة التبنّوية هو أنّ يسوع ليس مجرّد إنسان. لو كان يسوع فقط
إنساناً مثلنا، لكان أيضاً مثلنا في علاقته بالله. وعندئذٍ يمكننا أن
نتسائل: لماذا نتبعه هو، ولا نتبع معلماً آخر؟ ولماذا نبشّر به وندعو
الناس إلى أن يعتمدوا باسمه؟ يعلن الايمان المسيحي أن علاقة الانسان بالله
يجب أن تمرّ بالمسيح، لأنّ المسيح لم يكن مجرّد إنسان كسائر الناس، ولا
مجرّد نبيّ كسائر الأنبياء، واتحاده بالله لم يكن اتحاداً عرضياً، بل كان
اتحاداً جوهرياً: انه من ذات جوهر الآب. وهذا ما ستؤكده الكنيسة بوضوح في
رفضها تعاليم آريوس.


لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Waitloadinglp0




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 5:55 pm



3- الآريوسية
========
بدعة آريوس


اتخذت الآريوسية
اسمها من الكاهن المبتدع آريوس. كان ليبيّ المنشأ، وتعلّم في مدرسة
انطاكية لدى لوكيانوس الشهير، ثم انتقل إلى مصر حيث رُسم كاهناً سنة 310،
وأصبح خادماً لإحدى كنائس الإسكندرية، وبسبب تعاليمه المناقضة للإيمان
القويم، حرمه مجمع محلّي عُقد في الاسكندرية سنة 320 برئاسة الاسكندر أسقف
تلك المدينة، فالتجأ الى نيقوميذية حيث كان أسقفاً صديقه أوسابيوس المؤرخ،
وألّف هناك، لنشر تعاليمه، كتاب "الوليمة"، وهو مزيج من النثر والشعر
والأناشيد الدينية الشعبية. وانتشرت أفكاره وتعاليمه في مختلف كنائس الشرق
والغرب، وانقسم المسيحيون بين مساند له ومناوئ. فالتأم في نيقية سنة 325
المجمع المسكوني الأول وحرم بدعته، فنفاه عندئذ الامبراطور قسطنطين، إلاّ
أنّه عاد فعفا عنه بعد بضع سنوات. لكن اثناسيوس أسقف الاسكندرية رفض
استقباله، فحصل له أتباعه أن يلتحق بإكليروس القسطنطينية، إلاّ أنه توفي
سنة 336 قبل دخوله المدينة.

إنّ تعاليم آريوس يمكن إيجازها في النقاط التالية:

ء) إنّ الله واحد أحد، أزلي غير مولود، وكل ما سواه من الكائنات مخلوق من العدم بإرادته الحرة.
ب)
إنّ الكلمة كائن وسط بين الله والخلائق؛ فالله قد خلقه من العدم قبل سائر
الخلائق، ثم أعطاه أن يخلق جميع المخلوقات؛ لذلك نستطيع أن ندعوه إلهاً،
فهو إله ثانٍ أدنى من الله. وهذا التمييز بين الإله الأول والإله الثاني،
استقاه آريوس من الفلسفة الأفلاطونية.
ج) كذلك نستطيع أن ندعو الكلمة
"ابن الله" أو "مولوداً من الله"، الاّ أنّ تلك البنوّة الالهية ليست في
الواقع إلا تبنّياً. فالكلمة ليس من جوهر الله، إنما تبنّاه الله منذ
خلَقه، استباقاً لاستحقاقاته. وفكرة التبنّي هذه أخذها آريوس عن بولس
السميساطي.
د) إنّ الكلمة، بما أنّه مخلوق، فهو معرّض من طبيعته
للخطيئة، لكنه في الواقع استطاع أن يحيا حياة قداسة وكمال ولم يسقط قط في
الخطيئة. فهو أدنى من الله، ولكنه أقدس جميع الخلائق، ولا يمكن أن يُخلق
كائن أعلى منه.
هـ) إنّ الروح القدس هو أوّل خلائق الكلمة، وهو أيضاً ليس من جوهر الله.

مجمع نيقية
سنة
325 التأم في نيقية حوالى 300 أسقف، وحكموا على آريوس وأعلنوا تعاليمه
مناقضة للإيمان القويم، وأوجزوا إيمانهم في القسمين الأول والثاني من
قانون الإيمان الذي لا نزال نتلوه اليوم، أي من أوّله حتى عبارة "وبالروح
القدس". ونلاحظ في معظم التعابير المتعلقة بيسوع المسيح دحضاً لتعاليم
آريوس.
فيسوع هو "ابن الله الوحيد، المولود من الآب قبل كل الدهور".
وبينما كان يقول آريوس ان الكلمة قد خلقه الله من العدم، يعلن المجمع أنه
"مولود غير مخلوق". والفرق كبير بين الخلق والولادة. فالخلق يعني اختلافاً
في الجوهر والطبيعة، أمّا الولادة فتعني أن ابن الله هو من ذات جوهر الله.

لذلك
يضيف قانون الإيمان أن يسوع المسيح هو "مساوٍ للآب في الجوهر"، أو، ترجمة
أدقّ، "واحد مع الآب في الجوهر". والجوهر هنا هو جوهر الألوهة أو الطبيعة
الإلهية. فكما أن الآب إله، هكذا الابن أيضاً إله، والآب والابن لهمَا
جوهر واحد، أي طبيعة إلهية واحدة.
فالابن واحد مع الآب في الجوهر، إلاّ
أنه متميّز عنه في الأقنوم. والأقنوم كلمة سريانية ترجم بها الآباء كلمة
اليونانية، وتعني الشخص، أي الكائن الذي يقوم به الجوهر. فالجوهر لا يمكن
أن يقوم دون كائن فرد يحمله. فالطبيعة الإنسانية مثلاً لا يمكن أن توجد
دون إنسان فرد، دون شخص بشري يحملها، فتقوم به إلى الوجود. كذلك جوهر الله
هو واحد، والطبيعة الإلهية هي واحدة. إلاّ أنّ تلك الطبيعة تقوم في ثلاثة
أشخاص ندعوهم أقانيم، لأنه بهم يقوم جوهر الله أو الطبيعة الإلهية
الواحدة: أقنوم الآب، وأقنوم الابن، وأقنوم الروح القدس. وأقنوم الابن هو
الذي تجسّد في شخص يسوع المسيح.

إن الفرق في النظرة الى يسوع المسيح
بين آريوس وآباء نيقية أن آريوس يعتبر المسيح خليقة، فينكر الوهيته وينكر
معاً الثالوث الأقدس وتجسّد الله. فالذي تجسّد وصار إنساناً، في رأي
آريوس، ليس الله، بل كائن وسط بين الله والإنسان، وفي الواقع كائن أقرب
إلى الإنسان منه إلى الله، لأنه مخلوق من الله.

أما آباء نيقية فقد
أعلنوا أن الذي ظهر لنا في يسوع المسيح ليس كائناً وسطاً بين الله
والإنسان، بل الله نفسه في شخص كلمة الآب الأزلي وابنه الوحيد، الواحد معه
في الجوهر.
وهذا ما يجب أن نركّز عليه اليوم، عندما نتكلّم عن ألوهية
المسيح. إيماننا بألوهية المسيح ليس اعتقاداً أسطورياً بكائن وسط بين الله
والإنسان، نزل في أحد الأيام من أعالي السماء ودخل في إنسان. أن مثل هذا
الاعتقاد نجده في بعض الديانات القديمة، وهو لا يمتّ إلى المسيحية بشيء.
إيماننا المسيحي هو الإيمان بأن الله نفسه، في كيانه وشخصه، قد حضر إلينا
في شخص يسوع المسيح. فمَن رأى يسوع رأى الله، ومَن اتحد بيسوع اتحد بالله،
ومَن اعتمد باسم يسوع اعتمد باسم الله.

ولأن الله نفسه قد حضر إلينا في
شخص يسوع، فيسوع يستطيع أن يؤلّهنا. هذا هو البرهان الذي ردّده مراراً
آباء الكنيسة. فلو اعتبرنا يسوع مجرّد إنسان لاستحال عليه أن يوصلنا إلى
الله. ولكن، بما أن يسوع إله، فهو يستطيع أن يوصلنا إلى الله. هذا هو
المعنى العميق للعقيدة المسيحية القائلة ان يسوع نفسه الكلمة المتجسّد،
الأقنوم الثاني من الثالوث الأقدس، وانه إله حق وإنسان حق، وانه شخص واحد
في طبيعتين، طبيعة إلهية وطبيعة إنسانية.
كيف يجب أن نفهم العلاقة بين الطبيعتين في شخص يسوع الواحد؟ هذا ما تطرّقت إليه المجامع المسكونية التي تلت مجمع نيقية.


لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Waitloadinglp0




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 5:58 pm

القِسم الثَالث
يسوع المسيح شخص واحد في طبيعتين
طبيعة إلهية وطبيعة إنسانية


كيف
يمكن أن يكون شخص واحد في آنِ معاً إنساناً وإلهاً، إبنَ مريم وإبن الله؟
لقد أجابت الكنيسة على هذا السؤال في ردّها على ثلاث بدع ظهرت تباعًا من
القرن الرابع حتى القرن السابع: بدعة نسطوريوس وبدعة أوطيخا وبدعة
"المشيئة الواحدة"

أ- البدعة النسطورية
1- نسطوريوس ولقب "والدة الاله"
ان
موضوع وحدة الشخص في المسيح قد طرح بشكل دقيق في معرض النقاش الذي احتدم
مع نسطوريوس بطريرك القسطنطينية حول استعمال لقب "والدة الاله" لمريم
العذراء. ولد نسطوريوس في مرعش من اعمال سورية على الفرات، ودرس في
انطاكية وترهّب فيها. ثمّ انتخب بطريركا على القسطنطينية سنة 428، وراح في
عظاته يدافع عن الايمان القويم، ولا سيّمَا ضد اتباع ابوليناريوس وآريوس.
ورأى في لقب "والدة الاله" الذي كان يطلق على مريم العذراء في القسطنطينية
لقبا خاطئا يقود الى تعاليم هذين المبتدعين: فالقول بأنّ مريم هي "والدة
الاله" يسوع يعني أمرين: إمّا أنّ يسوع ليس انسانا كاملا، وهذا ما كان
يقوله ابوليناريوس، وإمّا أنّ يسوع هو الله مخلوق، وهذا ما كان يقوله
آريوس.
بلغ الخبر القديس كيرلس أسقف الاسكندرية، وكان لقب "والدة
الاله" يستعمل أيضاً في تلك المدينة، فراح يداه عن هذا اللقب ويتّهم
نسطوريوس بالهرطقة. فقد رأى كيرلس انّ رفض هذا اللقب لوالدة يسوع ينتج منه
رفض لوحدة الشخص في يسوع. فيسوع هو شخص واحد، ووحدة الشخص فيه تفرض ان
تطلق عليه خصائص الطبيعتين معا: الطبيعة الالهية والطبيعة الانسانية.
فيمكننا القول بأنّ ابن الله وُلد من مريم، ونعني بذلك أنه ولد منها بحسب
طبيعته البشرية، كما يمكننا القول بأنّ ابن مريم قد خلق الكون، ونعني بذلك
انه خلقه بحسب طبيعته الالهية. وهذا ما يدعوه اللاهوتيون "اتصال الخصائص"
(Communication des idiomes). وانطلاقا من هذا المبدأ يصحّ القول بأنّ
مريم هي والدة الاله، لا لأنّها خلقت الله، أو لأنّها خلقت شخص ابن الله،
إذ إنّ هذا الشخص كائن منذ الأزل مع الله وهو الذي خلق مريم، بل لأنّ هذا
الشخص الذي اعطته جسدا، وحملته في احشائها مدة تسعة أشهر ثمّ ولدته، هو
نفسه ابن الله الكائن منذ الأزل مع الله والذي صار منها انسانا.
أمّا
رفض نسطوريوس وأتباعه تطبيق خصائص الطبيعتين على شخص يسوع فيعني، في نظر
كيرلس، الاعتقاد أنّ يسوع ليس شخصا واحدا بل فيه شخصان، شخص إلهي وشخص
بشري، متّحدان معا اتحادا خارجيا عرضيا. لذلك اراد كيرلس ان يفرض على
خصومه القبول بعبارة "الاتحاد الشخصي" في المسيح بين العنصرين، العنصر
الالهي والعنصر الانساني. إلاّ أنّ نسطوريوس وأتباعه رفضوا تلك العبارة،
لأنّ لفظة الشخص، بحسب الفلسفة الانطاكية التي كانوا متشرّبينها، تعني
"الطبيعة"، والمبدأ السائد في الفلسفة الانطاكية كان أنّ "كل طبيعة كاملة
هي شخص". فقول كيرلس بأنّ الاله والانسان اتحدا في يسوع "اتحادا شخصيا"
يعني، في نظر نسطوريوس وأتباعه، انهما أصبحا طبيعة واحدة؛ لذلك كانوا
يتّهمون كيرلس بالسقوط في بدعة ابوليناريوس. أمّا تطبيق خصائص ابن على شخص
واحد فقد رفضوه أيضاً لأنه يقود، في زعمهم، الى القول بأنّ المسيح تألّم
ومات في طبيعته الالهية.
لذلك يرى بعض مؤرّخي اللاهوت اليوم أنّ افكار
نسطوريوس لم تكن خاطئة، وأنّ خلافه مع كيرلس لم يكن سوى خلاف على الألفاظ.
وإنّ ما نبذه مجمع أفسس في البدعة النسطورية ليس بتعاليم نسطوريوس بل
التفسير الذي اعطاه كيرلس لتلك التعاليم.

2- مجمع أفسس (431)
مهما
يكن من أمر تلك النظرة، فالأزمة النسطورية أرغمت آباء الكنيسة على توضيح
إيمانهم في وحدة الشخص في المسيح. وهذا ما صنعوه في المجمع المسكوني
الثالث الذي عقد في أَفسس، مدينة العذراء، سنة 431، وأعلنوا خلاله
موافقتهم على الرسالة التي كان كيرلس قد بعث بها الى نسطوريوس. وأهمّ ما
جاء فيها: "اننا نعترف بأنّ الكلمة صار واحدا مع الجسد، اذ اتّحد به
اتحادا شخصيا. فنعبد الشخص الواحد، الابن، والرب، يسوع المسيح. اننا لا
نفرق بين الله والانسان ولا نفصل بينهما وكأنّهما اتحدا الواحد بالآخر
اتحاد كرامة وسلطة. فهذا القول ليس سوى كلام فارغ. ولا ندعو الكلمة
المولود من الله مسيحا آخر غير المسيح المولود من امرأة. انما نعترف بمسيح
واحد هو الكلمة المولود من الآب وهو الذي اتخذ جسدا".
أمّا عن العذراء
فتقول الرسالة: "بما أنّ العذراء القديسة قد ولدت بالجسد الاله الذي صار
واحدا مع الجسد بحسب الطبيعة، فإننا ندعوها والدة الاله".
لقد رافقت
هذا المجمع أحداث معقّدة. ففي أواسط حزيران سنة 431، وصل الى أَفسس حوالي
مئتي أسقف يمثّلون جميع الكنائس، ما عدا وفد أنطاكية الذي كان يرئسه يوحنا
بطريرك انطاكية، ومندوبي بابا رومة الذين تأخروا في السفر. وفي 22 حزيران،
إذ كان موعد افتتاح المجمع قد انقضى، دعا كيرلس الاسكندري الاساقفة
الحاضرين الى مباشرة اعمال المجمع. ودعي نسطوريوس الى الحضور ثلاث مرات،
فرفض. فقرئ قانون ايمان نيقية ثم رسالة كيرلس الى نسطوريوس فجواب نسطوريوس
فوافق الآباء على رسالة كيرلس وحكموا على نسطوريوس واعلنوا في اليوم نفسه
إقالته عن كرسيّه.
وبعد بضعة ايام قدم يوحنا مع اساقفة انطاكية، وقد
كانوا من محبّذي نسطوريوس. وفي 26 حزيران حكموا على كيرلس لكونه تصرّف
خلافا للشرع الكنسي، ورأوا في اقواله سقوطا في ضلال ابوليناريوس وآريوس.
وفي
أوّل تموز وصل مندوبو البابا. وبعد سماعهم محضر جلسة 22 حزيران وافقوا على
كل ما جاء فيها وثبّتوا الحكم على نسطوريوس. ومن ثمّ حرم المجمع يوحنا
بطريرك انطاكية. وإزاء هذا البلبال أمر الامبراطور بإقفال المجمع وتوقيف
كيرلس ونسطوريوس معا. إلاّ أنّ كيرلس استطاع بعد بضعة اشهر العودة الى
كرسيّه. أمّا نسطوريوس فنفي الى ديره الأوّل قرب أنطاكية ثم الى احد أديرة
صعيد مصر.

3- قانون الوحدة (433)

بعد الاحداث الأليمة التي جرت
في أَفسس ومزّقت الكنيسة، عمل يوحنا بطريرك أنطاكية مع بعض الاساقفة على
إعادة السلام الى الكنيسة ولاسيّمَا بين أنطاكية والاسكندرية. واعيدت
الوحدة سنة 433 بعد أن تمّ الاتفاق على قانون الايمان التالي الذي دعي
بقانون الوحدة وهو من وضع لاهوتي أنطاكية: "اننا نعترف بأنّ ربنا يسوع
المسيح، الابن الوحيد لله، هو الله حق، وانسان حق مؤلّف من نفس عاقلة
وجسد؛ وانه ولد من الآب قبل كل الدهور بحسب الوهيته؛ وانه هو نفسه، في
الأزمنة الأخيرة، ولد، لأجلنا ولأجل خلاصنا، من مريم العذراء بحسب
بشريّته؛ وأنه مساوٍ للآب في الجوهر بحسب الألوهية، وكذلك مساوٍ لنا بحسب
البشريّة. فقد صار اتحاد من طبيعتين؛ لذلك لا نعترف إلاّ بمسيح واحد وابن
واحد ورب واحد. وبسبب هذا الاتحاد المنزه عن أيّ اختلاط، نعترف بأنّ
العذراء القديسة هي والدة الاله، لأنّ الاله الكلمة قد صار جسدا، قد صار
انسانا، واتحد، منذ، لحظة الحبل به، بالهيكل الذي أخذه منها".
قبل
كيرلس هذا النص والعبارة الواردة فيه والتي تتكلم عن "الاتحاد من
طبيعتين". إلاّ أنّ بعضا من أتباعه رفضوا تلك العبارة، وهم الذين سيرفضون
في ما بعد قرار مجمع خلقيدونية وسيدعون "القائلين بالطبيعة الواحدة".
إنّ
ما رفضه مجمع أفسس هو أن يكون يسوع مجرّد انسان متحد بكلمة الله اتحاد
حرية واختيار. فهذه النظرة "تنقض سرّ التجسد من أساسه"، كما كتب المجمع في
خلاصة اعماله التي أرسلها الى البابا كلستينوس. لأنّ التجسد لا يعني
اتحادا خارجيا بين الله وانسان، بل انّ الاله الكلمة نفسه صار انسانا، اي
اتخذ الى جانب طبيعته الالهية طبيعة بشرية دون دمج أو اختلاط بين
الطبيعتين.
هذا ما سيعالجه بوضوح المجمع الخلقيدوني في ردّه على بدعة القائلين بالطبيعة الواحدة.
ب- بدعة "الطبيعة الواحدة في المسيح" (Monophysisme)
1- اوطيخا
نشأت
هذه البدعة مع اوطيخا الذي كان رئيس دير في القسطنطينية يضمّ ثلاث مئة
راهب. وسنة 448 بدا أنّ تعليمه حول سرّ التجسد كان مناقضا للإيمان القويم،
إذ يقول انّ طبيعتي المسيح، الطبيعة الالهية والطبيعة الانسانية، اتحدتا
وصارتا بعد التجسد طبيعة واحدة. ولتبرير موقفه كان يستند الى عبارة
استعملها القديس كيرلس الاسكندري: "الطبيعة الواحدة المتجسدة للاله
الكلمة".
لا شك أنّ كيرلس كان يستعمل تلك العبارة التي ظنّ انها من
القديس اثناسيوس وهي في الواقع من ابوليناريوس. إلاّ انّه كان يعني بلفظة
"طبيعة" الشخص الفرد، إذ كان يقول ان يسوع هو "طبيعة واحدة" مكوّنة من
عنصرين، عنصر الهي وعنصر انساني، أي ان يسوع هو "كائن فرد"، "شخص واحد"،
اله وانسان معا.
اما في لغة انطاكية والقسطنطينية فكانت لفظة "طبيعة"
تعني الخصائص التي تحدّد الكائنات وتميّزها بعضها عن بعض. ففي هذا المعنى
تتميز الطبيعة الانسانية عن الطبيعة الحيوانية بخصائص محددة كالعقل
والحرية. وكذلك تتميّز الطبيعة الالهية عن الطبيعة الانسانية بالأزلية
والقدرة والتنزه عن الألم والفساد والموت. وهذا ما نعنيه اليوم أيضاً
بلفظة طبيعة، فنقول ان في المسيح طبيعتين، طبيعة الهية وطبيعة انسانية.
وقد وافق كيرلس على استعمال تلك اللفظة في هذا المعنى بموافقته على قانون
الوحدة سنة 433 كما رأينا. أما في كتاباته السابقة فكانت لفظة "طبيعة"
تعني الكائن الفرد. وللتعبير عن طبيعتي المسيح كان يستعمل لفظة التي تعني
"العنصر" أو "الشيء"، أو لفظة التي تعني "الأقنوم" أو "الشخص"، وقد
استعملها كيرلس بمعنى "الجوهر".
وهنا يتساءل المؤرّخون: عندما كان
أوطيخا يقول ان المسيح "طبيعة" واحدة بعد التجسد، فماذا كان يعني بلفظة
"طبيعة"؟ فاذا كان يعني بها "الشخص"، على غرار كيرلس، يكون تعليمه قويمًا؛
أما اذا كان يعني بها خصائص الشخص، فعندئذ يصبح تعليمه خاطئًا، لأن
الخصائص الانسانية والخصائص الالهية في المسيح تبقى كما هي بعد تجسد
الكلمة، وتنسب الى شخص واحد، كما رأينا في الأزمة النسطورية.



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 6:00 pm

2- مجمع اللصوص في أفسس (449)
مهما يكن من أمر
اوطيخا ونواياه، فقد بدا أنّ تعليمه مناقض للإيمان القويم. لذلك حرمه سنة
449 فلابيانوس بطريرك القسطنطينية. فطلب اوطيخا الى الامبراطور تيوذوسيوس
أن يدعو الى مجمع للبحث في تعاليمه، فدعا الامبراطور الى مجمع مسكوني عقد
في أَفسس سنة 449. إلاّ أنّ ذيوسقورس، الذي كان قد انتخب اسقفا على
الاسكندرية سنة 444 بعد وفاة كيرلس، ترأس المجمع، وبمؤازرة اساقفة مصر
وقوة سواعد زمرة من الرهبان المتعصّبين وضربات عصيّهم، فرض رأيه على جميع
آباء المجمع، وكان عددهم 135، وبرّر اوطيخا من كل التّهم التي ألصقت به،
وحرم بعض مناوئيه من الأساقفة، ولاسيَّمَا فلابيانوس بطريرك القسطنطينية
الذي توفي بعد ثلاثة ايام متأثرا بجراح الضربات التي انهالت عليه في
المجمع. فهرب موفدو البابا لاون حاملين رسائل الاستدعاء من ضحايا هذا
المجمع الذي دعي بحق "مجمع اللصوص".

3- مجمع خلقيدونية (451)
سنة
450 توفي الامبراطور تيوذوسيوس وخلفه مركيانوس، فدعا الى مجمع جديد. وسنة
451 التأم في خلقيدونية المجمع المسكوني الرابع برئاسة موفدي البابا لاون.
فحرم هذا المجمع اوطيخا لتعاليمه الخاطئة وذيوسقورس لتصرّفه الشاذ في مجمع
أفسس، وقرئت الرسالة التي كان البابا لاون قد بعث بها الى فلابيانوس
بطريرك القسطنطينية سنة 449. وأهمّ ما جاء في هذه الرسالة قول البابا عن
طبيعتي المسيح: "ان الذي هو الله حق هو نفسه انسان حق. وليس في هذا
الاتحاد اي خداع. فاتضاع الانسان وسمو الله حاضران معا في علاقة تبادل.
وكما أنّ الاله لا يتغيّر عندما يتحنن على الجموع، كذلك الانسان لا يذوب
في الكرامة الالهية. فانّ كلتا الطبيعتين تعمل، بالاتحاد مع الأخرى، ما هو
خاص بها. فالكلمة يعمل ما هو خاص بالكلمة، والجسد يحقّق ما هو خاص بالجسد.
احدهما يشرق بالعجائب والآخر يخضع للاساءات التي توجّه اليه. وكما أن
الكلمة لم ينفصل عن مساواة مجد الآب، كذلك الجسد لم يفارق طبيعتنا
البشرية. واحد هو، وهو نفسه -وهذا ما يجب ترداده مرارا- حقا ابن الله وحقا
ابن الانسان. فهو الله لأنه "في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله،
وكان الكلمة الله"، وهو انسان "لأن الكلمة صار جسدا وسكن في ما بيننا". هو
اله لأنه "به كوّن كل شيء، وبدونه لم يكن شيء واحد ممّا كوّن"، وهو انسان
لأنه "مولود من امرأة، مولود تحت الناموس". فولادة الجسد هي ظهور الطبيعة
البشرية، والولادة من عذراء هي علامة القدرة الالهية".

ثم تتابع
الرسالة: "وبسبب وحدة الشخص هذه التي تجمع بين الطبيعتين نقول ان ابن
الانسان نزل من السماء، عندما نتكلم عن اتخاذ ابن الله جسدا من العذراء
التي ولد منها. وعلى العكس من ذلك نقول ان ابن الله صلب ودفن، بينما لم
يتعذّب في الوهيته نفسها -تلك الالوهية التي بها ولد من الله منذ الأزل
وبها هو مساوٍ للآب في الجوهر- انما في ضعف الطبيعة البشرية. لهذا السبب
نعلن في قانون الإيمان ونعترف ان ابن الله الوحيد صلب ودفن".
أمّا عن
اوطيخا فيقول البابا في رسالته: "ان اوطيخا قد أجاب على سؤالكم بقوله: اني
اعترف بأنّ ربنا مؤلّف من طبيعتين قبل التجسد، أمّا بعد التجسد فلا أقرّ
الا بطبيعة واحدة. إني اتعجب من ان هذا الاعتراف الفاسد والقول الكافر لم
يشجبه احد منكم... فانه من الكفر القول بأنّ ابن الله الوحيد كان مؤلفا
قبل التجسد من طبيعتين؛ ولا يقلّ عن ذلك كفرا القول الآخر انه بعد التجسّد
ليس فيه سوى طبيعة واحدة".

وافق آباء المجمع على رسالة البابا لاون
هاتفين: "هذا هو إيمان الرسل، هكذا كلنا نؤمن، وهكذا يؤمن المستقيمو
الرأي..."، ثم أعلنوا تحديدهم للعقيدة القويمة. وأهم ما جاء في هذا
التحديد: "اننا نتمسّك باتباع الآباء القديسين في الاعتراف بمن هو واحد
وهو نفسه الابن (ابن الله) وربنا يسوع المسيح. وبصوت واحد متّفق نعلن أنه
هو نفسه تامّ في الألوهية وتامّ في البشرية، الله حق وانسان حق، وهو نفسه
مكوّن من نفس عاقلة وجسد. إنّه مساوٍ للآب في الالوهية ومساوٍ لنا في
البشرية، شبيه بنا في كل شيء ما خلا الخطيئة. قبل كل الدهور ولد من الآب
بحسب الألوهية، وفي الأيام الأخيرة هو نفسه، لأجلنا ولأجل خلاصنا، ولد من
مريم العذراء والدة الاله، بحسب البشرية. واحد هو، وهو نفسه المسيح، الابن
الوحيد، الرب، الذي يجب الاعتراف به في طبيعتين متحدتين دون اختلاط ولا
تحوّل ولا انقسام ولا انفصال.

"انّ اتحاد الطبيعتين لم يُزل ولم يُلغ
بأي شكل من الأشكال ما فيهما من تباين، بل على العكس من ذلك، قد حُفظت
سالمة جميع خصائص الطبيعتين اللتين اتحدتا في شخص واحد وأقنوم واحد. وهو
لم ينقسم ولم ينفصل الى شخصين، بل واحد هو، وهو نفسه الابن الوحيد، الاله
الكلمة، الرب يسوع المسيح.
"هكذا تكلّم عنه الانبياء قديمًا، وهكذا علّمنا يسوع نفسه، وهذا ما سلّمنا اياه الآباء في قانون الإيمان".

بهذه
الكلمات اوضح آباء خلقيدونية ما جاء في قانون إيمان نيقية سنة 325. وقد
أكّدوا أمرين هامّين في ما يتعلّق بشخص يسوع المسيح: الأمر الأول هو وحدة
الشخص في المسيح، وهذا هو معنى العبارة التي ترد عدّة مرّات في النص:
"واحد هو، وهو نفسه..."؛ فيسوع المسيح هو شخص واحد، وهذا الشخص هو نفسه
كلمة الله، الاقنوم الثاني من الثالوث الأقدس، ابن الله المولود من الآب
قبل كل الدهور، وقد ولد من مريم العذراء في الجسد. والأمر الثاني هو
محافظة كل من الطبيعتين على خصائصها في وحدة الشخص. فابن الله صار انسانا
وأخذ كل شيء من الطبيعة البشرية، ما خلا الخطيئة، دون ان يتغيّر شيء في
ألوهيته.

كيف يمكن ان يكون شخص واحد بطبيعتين؟

لا بدّ أوّلا من
إدراك الفرق بين الطبيعة والشخص. فالطبيعة هي الجواب على السؤال الذي
نطرحه أمام كل كائن: "ما هذا؟"، فنقول: هذا إله، هذا إنسان، هذا حيوان،
هذا نبات... ولكلّ من الكائنات طبيعته الخاصة التي يتميّز بها عن غيره.
والطبيعة لا يمكن ان تقوم في الوجود دون شخص أو فرد يحملها؛ لذلك هي
منفتحة لتقبّل الاشخاص. وانفتاح الطبيعة هذا أمر لا بدّ منه لكي تبرز
الكائنات الى الوجود. وهكذا فإنّ الطبيعة البشرية منفتحة لتقبّل الشخص
البشري وتقبّل عدد لا يحصى من الاشخاص البشرية. ولا وجود لأيّ شخص بشري
قبل بروزه الى الوجود بطبيعة بشرية.

أمّا في المسيح فالطبيعة البشرية
يتقبّلها شخص موجود منذ الأزل هو شخص ابن الله الكائن منذ الأزل مع الآب.
وهذا الشخص هو، قبل التجسّد، شخص قائم (وهذا معنى لفظة أقنوم) في الطبيعة
الالهية الواحدة مع الآب والروح القدس. أمّا بعد التجسّد فيبقى الشخص هو
نفسه، وطبيعته الالهية لا تتغيّر. الا أنه يسخذ أيضا طبيعة بشرية، فيصبح
شخصا واحدا بطبيعتين.
تلك هي عقيدة التجسّد كما عبّر عنها مجمع
خلقيدونية بتعابير فلسفية، بينما اكتفى العهد الجديد باظهار يسوع انسانا
تاما وابن الله الكائن منذ الأزل مع الله. فالمفاهيم الفلسفية كان لا بدّ
منها لتوضيح جوهر العقيدة. وهذا الجوهر هو ما يجب التمسّك به: فيسوع
المسيح هو انسان شبيه بنا في كل شيء ما خلا الخطيئة، إلاّ أنه ليس مجرّد
انسان تبنّاه الله، كما قال بولس السميساطي، ولا إلهًا أدنى كما قال آريوس.

لسنا
هنا إزاء أساطير هي من نسج الخيال، إنما ازاء سرّ محبة الله التي لا تدرك
أبعادها. هكذا أحب الله العالم حتى انه أرسل ابنه الوحيد الى العالم ليشرك
العالم في حياته الالهية. فيسوع المسيح الانسان هو نفسه ابن الله وكلمته
الذي صار انسانا ليرفع الانسان الى الله. انه عمانوئيل، أي الله-معنا،
وحضور الله في ما بيننا، فيه التزم الله التزاما نهائيا حياة البشر ليسير
بها الى التألّه.



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Waitloadinglp0


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 6:02 pm

4- الكنائس غير الخلقيدونية
لقد عمل مجمع خلقيدونية على توضيح العقيدة،
إلاّ أنّه لم يفلح في جمع الكنائس حولها، بسبب استعماله عبارة "الطبيعتين
في المسيح". فبعض الكنائس الشرقية، السريانية والارمنية والقبطية، رفضت
تحديد هذا المجمع اذ رأت في تلك العبارة عودة الى النسطورية التي تعتقد
بوجود "شخصين في المسيح"، وبقيت متمسّكة بعبارة القديس كيرلس: "الطبيعة
الواحدة المتجسدة للاله الكلمة"؛ ولذلك دعيت بالكنائس "القائلة بالطبيعة
الواحدة" (Monophysites)
لا شكّ في أنّه كان في تلك الكنائس متطرّفون
يعتقدون بطبيعة واحدة في المسيح، إلاّ أنّ السواد الاعظم من الاساقفة
واللاهوتيين فيها كان إيمانه قويمًا. وقد تبيّن بعد خمسة عشر قرنا أن
الخلاف بين تلك الكنائس والكنائس التي تبعت مجمع خلقيدونية، كالكنيسة
الرومانية والكنيسة البيزنطية والكنيسة الملكية، لم يكن خلافا على العقيدة
بل على الألفاظ. وقد أُعلن ذلك في لقاء مسكوني جَمَعَ لاهوتيين من مختلف
تلك الكنائس ولاهوتيين من الكنيسة الكاثوليكية الرومانية في فيينة عاصمة
النمسة سنة 1970، كما أْعلن رسميا في لقاءين هامين تمّا، الأوّل بين
البابا بولس السادس والبطريرك اغناطيوس يعقوب الثالث، والثاني بين البابا
بولس السادس والبابا شنودا الثالث بطريرك الأقباط الارثوذكس. وعقب هذا
اللقاء الأخير الذي تمّ في 10 أيار 1973، وقّع المجتمعان بيانا مشتركا جاء
فيه: "اننا نعترف بأنّ ربنا والهنا ومخلصنا وملكنا جميعا، يسوع المسيح، هو
الله تام من حيث ألوهيته وانسان تام من حيث بشريته. والوهيته متحدة فيه
ببشريته اتحادا حقيقيا كاملا دون امتزاج ولا اختلاط ولا تشوّش ولا تغيّر
ولا انقسام ولا انفصال. والوهيته لم تنفصل عن بشريته لحظة واحدة حتى ولا
زهاء طرفة عين. هو الاله الازلي وغير المنظور قد أصبح منظورا في الجسد
آخذا صورة عبد، وبقيت فيه سالمة جميع خصائص الالوهية وجميع خصائص البشرية،
متحدة معا اتحادا حقيقيا كاملا غير منقسم ولا منفصل.
"واننا نكرّم مريم
العذراء أم النور الحقيقي، ونعترف بأنها والدة الاله والعذراء الدائمة
البتولية. إنّها تشفع فينا. وبما أنها والدة الاله، فانّها تفوق كرامة
جميع طغمات الملائكة".
يظهر بوضوح من خلال هذا النص الاتفاق الجوهري
على أنّ يسوع هو الله تام وانسان تام وانّ الوهيته وبشريته قد اتحدتا فيه
دون ان تفقدا شيئًا من خصائصهما. وقد تحاشى النص استعمال لفظة
"الطبيعتين"، التي نشأ بسببها الشقاق، فلم يتكلم عن "الطبيعة الالهية
والطبيعة البشرية في المسيح"، بل عن الوهية المسيح وبشريته، وفي ترجمة
أخرى، عن لاهوت المسيح وناسوته. وهذا في الواقع ما كان يعنيه مجمع
خلقيدونية بلفظة "الطبيعتين". لذلك لم تعد اليوم الكنائس التي رفضت مجمع
خلقيدونية تدعى بالكنائس "القائلة بالطبيعة الواحدة"، بل فقط بالكنائس غير
الخلقيدونية. فمن حيث العقيدة لم يعد أيّ داع لبقاء الانقسام بين تلك
الكنائس والكنائس الكاثوليكية والارثوذكسية الخلقيدونية.
إلاّ أنّ
استعادة الوحدة الكاملة بين كل تلك الكنائس يلزمها بعض الوقت، كما جاء في
ختام هذا البيان المشترك.: "اننا نقرّ بتواضع انه ليس بوسع كنائسنا ان
تشهد شهادة اكمل لتلك الحياة الجديدة في المسيح، بسبب الانقسامات الحالية
التي لا تزال تحمل ثقل اجيال من التاريخ العصيب. فمنذ سنة 451 بعد المسيح
برزت خلافات لاهوتية غذّتها وأثقلتا عناصر غير لاهوتية. وهذه الخلافات لا
يمكن تجاهلها. غير أننا، بالرغم منها، نكتشف ذواتنا من جديد كنائسَ لها
ميراث مشترك، ونعمل جاهدين، بتصميم وثقة بالرب، للوصول الى الملء والكمال
من تلك الوحدة التي هي هبة منه".

ج- بدعة "المشيئة الواحدة في المسيح" (Monothélisme)
1
- مبادرة سرجيوس
في
بداية القرن السابع كانت الامبراطورية البيزنطية مهدّدة من كل صوب بخطر
اجتياح الفرس ثم العرب. وأدرك هرقل الامبراطور وسرجيوس بطريرك القسطنطينية
ضرورة توحيد المسيحيين في جميع أقاليم الامبراطورية على الصعيدين السياسي
والديني، إذ كانت الكنيسة مقسومة شطرين من حين رفض جزء من كنائس الشرق،
كما رأينا، قرارات مجمع خلقيدونية. فاقترح البطريرك على الامبراطور عبارة
لاهوتية جديدة ظن أنها تستطيع اعادة الوحدة بين شطري الكنيسة. فجمع أفسس
حدد ضد النسطورية انّ يسوع شخص واحد لا شخصان، ومجمع خلقيدونية حدد أنّ
فيه طبيعتين. فالكنائس التي رفضت قرار خلقيدونية رفضته لأنها رأت فيه عودة
الى النسطورية. فارتأى سرجيوس ان يعيد الوحدة معها حول عبارة "الفعل
الواحد للمسيح"، أو، بصيغة أخرى، "القوة الفاعلة الواحدة للمسيح". وقد
استعمل اللفظة اليونانية التي تعني "فعل الشخص" أو "القوة الفاعلة فيه" أو
"القوة التي بها يفعل جميع افعاله". لذلك أطلق على نظريته اسم "بدعة الفعل
الواحد" (Monoénergisme)
ففي رأي سرجيوس ان المسيح، لكونه شخصا واحدا،
جميع اعماله الالهية والانسانية صادرة عن فعل واحد أو عن قوة فاعلة واحدة
فيه. وهذا ما سيرفضه الايمان القويم الذي سيحدّد انّ القوة الفاعلة في
الإنسان مرتبطة لا بالشخص، كما رأى سرجيوس، بل بالطبيعة. فبمَا أنّ في
المسيح طبيعتين، طبيعة الهية وطبيعة انسانية، لا بدّ ان يكون له قوّتان
فاعلتان، قوة الهية بها يعمل الاعمال الالهية وقوة انسانية بها يعمل
الاعمال الانسانية.

2- صيغة الوحدة (633)
سنة 631 عيّن
الامبراطور الاسقف كيروس بطريركا على الاسكندرية، فعقد هذا فيها سنة 633
مجمعا محلّيا تمّ الاتفاق فيه على صيغة تعيد الوحدة الى الكنائس المنقسمة.
وينصّ البند السابع من تلك الصيغة أنّه "يمكننا اعتبار المسيح بطبيعتين،
إنّما نعني بذلك أنّه هو نفسه تام في الالوهية وتام في البشرية". ثم يضيف
البند: "ان المسيح الواحد نفسه قد عمل الاعمال الالهية والاعمال الانسانية
بفعل واحد الهي-انساني".
وأرسلت هذه الصيغة الى سرجيوس، فأجاب
بالموافقة عليها. ومما جاء في جوابه: "ان المسيح الواحد نفسه هو الذي يعمل
الاعمال الالهية والاعمال الانسانية بفعل واحد. لأنّ كل فعل الهي وانساني
ينبثق من واحد هو نفسه الكلمة المتجسد".

3- جواب صفرونيوس
نمى
خبر تلك المداولات الى راهب يدعى صفرونيوس كان قيم في أحد اديرة بيت لحم
وله من العمر ثمانون سنة، فرأى فيها تعاليم مناقضة لمجمع خلقيدونية، لأنّ
الفعل مرتبط بالطبيعة لا بالشخص، وكلّ كائن يعمل بحسب طبيعته، وبما أن
للمسيح طبيعتين فلا بدّ أن يكون له أيضاً قوّتان يعمل بهما. فسافر الى
الاسكندرية وارتجى كيروسَ أن يعدل عن هذا التعليم الجديد فلم يقتنع. وقصد
القسطنطينية وحاول عبثا اقناع سرجيوس. فعاد الى فلسطين فانتخب بطريركا على
اورشليم سنة 634. عندئذ كتب رسالة أوجز فيها كل العقيدة المسيحية في
الثالوث الأقدس والتجسّد، وبعث بها الى هونوريوس بابا رومة والى البطاركة
الشرقيين. وفي تلك الرسالة يبيّن صفرونيوس انّ يسوع هو شخص واحد وهو نفسه
يقوم بالاعمال الالهية والاعمال الانسانية. وكما اننا لا نرى تناقضا بين
كونه الها وكونه هو نفسه انسانا، كذلك يجب الا نرى تناقضا بين اعماله
الالهية واعماله الانسانية. ويختم بقوله إنّ المسيح بطبيعتين لكل منهما
فعلها الخاص الذي به تعمل الاعمال المناسبة لها. فالفعل الالهي يعمل
الاعمال الالهية، والفعل الانساني يعمل الاعمال الانسانيّة. إلاّ انّ ذلك
يتمّ بانسجام في العمل دون انقسام، وفي الوقت نفسه دون اختلاط، لأنّ
المسيح واحد وهو نفسه يقوم بالاعمال الالهية والانسانية.

4- "المشيئة الواحدة" وتفاقم الأزمة
سنة
638 علّق الامبراطور هرقل في كنيسة آجيا صوفيا في القسطنطينية بيانا
عقائديا كتبه البطريرك سرجيوس بمؤازرة معاونه بيروس، وفيه يوجز الايمان
القويم في المسيح، ويحظّر استعمال عبارتي "الفعل الواحد" و"الفعلين" في
المسيح. فالقول بالفعل الواحد ينتج منه انكار الطبيعتين، والقول بالفعلين
يقود الى الاعتقاد بوجود ارادتين متناقضتين في المسيح الواحد. "لهذا
السبب، يقول البيان، نقرّ ونعترف بمشيئة واحدة في ربنا يسوع المسيح الاله
الحقيقي، بحيث انه لم يحدث مرة واحدة انّ جسده الذي تحييه نفس عاقلة تبع
ميله الطبيعي وعمل ما يناقض رغبة الاله الكلمة الذي كان متحدا به اتحادا
جوهريا، بل انه عمل دوما ما اراده الاله الكلمة نفسه ومتى اراده ومثلما
اراده".
ثم كتب سرجيوس الى البابا هونوريوس يفسّر له موضوع البيان، فأجاب البابا بالموافقة على كل ما جاء فيه.
اراد
سرجيوس ان يوحّد الكنيسة فخلق أزمة جديدة أحدثت بلبلة دامت زهاء نصف قرن
حتى المجمع المسكوني السادس الذي عقد في القسطنطينية سنة 681. ونكتفي هنا
بذكر المراحل الهامّة التي مرت بها تلك الأزمة:
سنة 640 توفي البابا هونوريوس وخلفه يوحنا الرابع، فعقد مجمعا في رومة وحرم بدعة "المشيئة الواحدة".
سنة 647 اعلن بولس، بطريرك القسطنطينية الجديد، ايمانه بمشيئة واحدة في المسيح.
سنة
648 أصدر الامبراطور قسطنديوس الثاني قرارا عقائديا يحظّر فيه التكلم عن
هذا الموضوع مكتفيًا بأقوال الكتاب المقدّس وقرارات المجامع المسكونية
السابقة.
سنة 649 عقد البابا مرتينوس المنتخب حديثا مجمعا في كنيسة
اللاتران في رومة، غير آبه لقرار الامبراطور. حضر المجمع 105 أساقفة
معظمهم من ايطالية وصقلّية وسردينية وبعضهم من أفريقية. وترأس البابا نفسه
المجمع واعلن أنه كما انّ في المسيح طبيعتين كذلك فيه مشيئتان، مشيئة
الهية ومشيئة انسانية، وفعلان، فعل الهي وفعل انساني.
سنة 653 أمر
الامبراطور بتوقيف البابا، فقبض عليه ونفاه الى القسطنطينية ثم الى بلاد
القرم حيث توفي سنة 655. وقبض أيضاً على الراهب اللاهوتي مكسيموس المعترف
الذي دافع دفاعا مستميتا عن عقيدة المشيئتين في المسيح، ونفاه الى القفقاز
هو واثنين من تلاميذه، فتوفي هناك سنة 662.
سنة 678 بعث الامبراطور
الجديد قسطنطين الرابع برسالة الى بابا رومة يطلب إليه ارسال مندوبين من
قبله الى القسطنطينية للتداول في أمر المشيئتين. وصلت الرسالة الى رومة
بعد انتخاب البابا اغاثوس سنة 679، فأراد البابا استشارة اساقفة الغرب في
الموضوع، فعقد سنة 680 مجمعا في رومة اشترك فيه 125 أسقفا أعلنوا ايمانهم
بالطبيعتين والمشيئتين والفعلين في المسيح الواحد.


لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Waitloadinglp0



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
St.Mary'Son
وســــــــام كبار الشخصيـــات
وســــــــام كبار الشخصيـــات
St.Mary'Son


شفيعـي : الملكة والمناهري
المزاج : طالب صلواتـــكم
الهواية : لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Swimmi10
ذكر
My SMS [table style="WIDTH: 150px; HEIGHT: 100px" border=3][tr][td]
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، فنبتهج ونفرح به. يارب خلصنا، يارب سهل طريقنا. الله الرب أضاء علينا: الليلويا.إخرستوس أنستى .. إليسوس أنستى .. المسيح قام بالحقيقة قام .. صلبوا يسوع فارتفع، أما صالبيه فصاروا تحت قدميه.كل سنة وانتم طيبين .[أولاد أم النور][/td][/tr][/table]



لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات   لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Emptyالجمعة 27 فبراير 2009, 6:03 pm


5- المجمع المسكوني السادس (681)
عقد هذا المجمع في القسطنطينية سنة 681 واعلن بشكل رسمي عقيدة المشيئتين في المسيح:
"نصرّح
ان في المسيح مشيئتين طبيعيّتين وفعلين طبيعيّين بلا انقسام أو تحول أو
انفصال أو اختلاط، كما جاء في تعليم الآباء القديسين. وهاتان المشيئتان لا
تعارض احداهما الأخرى، كما يزعم باصرار المبتدعون الجاحدون. فمشيئته
البشرية تخضع بدون مقاومة او تلكّؤ للمشيئة الالهية الكلية القدرة...
"واننا
نمجّد فعلين طبيعيّين في ربنا يسوع المسيح الهنا الحقيقي نفسه، فعلين غير
منقسمين وغير متحدين وغير مختلطين وغير منفصلين. نعني بذلك فعلا الهيا
وفعلا بشريا كما يقول الواعظ الالهي لاون مؤكّدًا بكل صراحة وعلى النحو
التالي: "ان كل طبيعة تعمل، بالاشتراك مع الأخرى، ما تختصّ به. أي انّ
الكلمة يعمل ما يختصّ به الكلمة، والجسد يعمل ما يختصّ به الجسد"، لأننا
لا تسلّم بعمل طبيعي واحد في الله وفي المخلوق، كما اننا لا نرفع الى
الجوهر الالهي ما قد خلق، ولا نحطّ من قدر مجد الطبيعة الالهية الى درجة
معادلة للمخلوق.
"اننا نعترف بصدور العجائب والآلام عن الشخص الواحد
نفسه، ولكننا نعترف بأنّها إمّا لهذه الطبيعة وإمّا للطبيعة الأخرى، وهو
كائن بكلتيهما، كما يقول كيرلس بحق... وان اجتمعت الطبيعتان معا، فكل
طبيعة منهما تشاء وتعمل ما تختصّ به، بدون انقسام ولا اختلاط ولا امتزاج.
ولذلك نعترف بمشيئتين وفعلين متّفقين احسن اتفاق لخلاص الجنس البشري".

6- أهمية هذا الموضوع

قد
يتساءل المرء لماذا أثيرت تلك الضجة وعقدت المجامع المحلية والمسكونية
واستشهد القديسون، والأمر يبدو لنا اليوم وكأنه لا أهمية له؟ ألم يكن من
الأفضل، كما قال البابا هونوريوس في رسالته الى سرجيوس، "تحاشي التحدث عن
مسألة "الفعل والفعلين"، وترك الموضوع لأساتذة علم القواعد والفلاسفة
الذين لا عمل لهم سوى مناقشة أمور وهمية. اما تلاميذ الصياد بطرس فيجدر
بهم الا ينجرّوا الى تلك الأوهام. وحسبنا الاقرار بأنّ ربنا يسوع المسيح
هو شخص واحد وهو نفسه الذي يعمل في طبيعته الالهية وطبيعته الانسانية؟".
ليس
الأمر على هذا القدر من البساطة. فالسؤال المطروح مرتبط بمفهوم الطبيعة
البشرية التي اتخذها الاله الكلمة حين تجسّد، وفيها افتدى الجنس البشري.
فالموضوع متعلق اذًا بسرّي التجسّد والفداء.

المشيئة البشرية والتجسّد
إن
قلنا انّ المسيح لم يكن له سوى مشيئة واحدة هي المشيئة الالهية، فهذا يعني
ان الكلمة اتخذ بتجسّده طبيعة بشرية ناقصة. وبهذا القول نسقط في بدعة
مماثلة لبدعة ابوليناريوس. فلقد اعتقد هذا انّ الكلمة اتّخذ من الطبيعة
البشرية الجسد دون النفس. والقائلون بالمشيئة الواحدة يعتقدون ان الكلمة
اتخذ جسدا ونفسا بشرية تنقصها الارادة البشرية. وفي كلتا البدعتين انقاص
لبشرية المسيح وافساد لمعنى التجسّد. فلا يصحّ ان يقال ان الكلمة صار
انسانا دون ارادة انسانية وحرية انسانية.
اما تخوّف مؤيّدي المشيئة
الواحدة من أنّ القول بالمشيئتين في المسيح يعني الخلاف بين هاتين
المشيئتين، فقد أجاب عليه القديس مكسيموس المعترف بقوله انّ الخلاف بين
ارادة الانسان وارادة الله لا يحدث إلاّ بسبب خطيئة الانسان؛ أما المسيح
فطبيعته البشرية كانت كاملة ومقدّسة بسبب اتحادها بالطبيعة الالهية. فكما
ان الحديد، عندما يوضع في النار، يتّحد بطبيعة النار فيحمرّ دون ان يفقد
شيئا من جوهره، هكذا طبيعة المسيح وارادته البشرية، باتحادهما بشخص الكلمة
وطبيعته الالهية، قد تقدّستا دون ان تفقدا شيئا من جوهرهما البشري.

الفداء والحريّة البشرية
انّ
تأكيد المسيحية أنّه لا بدّ، لكي يكون التجسد حقيقيا، ان يكون للمسيح
مشيئة بشرية، وبالتالي حرية بشرية، لهو أمر له نتائج هامة أيضاً بالنسبة
الى مفهوم الفداء ومفهوم الحرية الانسانية في الفكر المسيحي. فالفداء لم
يتمّ فقط لأنّ كلمة الله اتخذ جسدا واحتمل فيه الألم والموت، بل لأنه
أيضاً بملء حريته البشرية قبل الألم وصار طائعا حتى الموت، موت الصليب. لا
شكّ ان الخلاص هو أولا عمل الله الذي دخل تاريخ البشر واعلن محبته للعالم،
إلاّ أنّ هذا العمل لم يتمّ خارج ارادة الانسان بل في ارادة الانسان يسوع
المسيح ممثل البشرية كلّها.
انّ الهدف من التجسد والفداء هو تأليه
الانسان، لكنّ التأليه لا يعني الاستعاضة عن عمل الانسان بعمل الله ولا عن
حرية الانسان بحرية الله ولا عن إرادة الانسان بإرادة الله، بل يعني تجديد
طبيعة الانسان وارادته ليتجاوب بملء حريته مع نعمة الله التي تعمل فيه.
هذا
هو المفهوم المسيحي للعلاقة بين عمل الله وعمل الانسان. فكل شيء في هذا
العمل هو من الله وكل شيء هو من الانسان. لذلك فانّ تأليه الانسان لا يمكن
ان يتمّ الا اذا أسهمت طبيعته الانسانية بهذا العمل بكلّ ما فيها من قوى،
العقل والحرية والارادة.
هذا ما نستنتجه من تحديد المجامع المسكونية
أنّ في يسوع طبيعتين تامّتين ومشيئتين تامّتين. فالمسيح هو انسان حقيقي
أخذ كل شيء من الطبيعة البشرية، الجسد والنفس والارادة والحرية، وعاش في
تلك الطبيعة دون خطيئة. وقد كان متحدا بالله ليس في عمله وحياته فحسب، بل
أيضاً في عمق كيانه. فهو "ابن الله الوحيد، المولود من الآب قبل كل
الدهور، نور من نور، الله حق من الله حق، مولود غير مخلوق، مساو للآب في
الجوهر"


لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات - صفحة 2 Waitloadinglp0


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://omalnoor.mam9.com/portal.htm
 
لاهوت مقارن - الرد على البدع والهرطقات
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 2 من اصل 3انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» لاهوت المسيح من خلال تصريحاته
» لاهوت المسيح عند آباء ما قبل نيقية
» النور المقدس والقبر الفارغ ..دليل دامغ على لاهوت المسيح
» هام جداً : الأنبا بيمن يصرح وفاء قسطنطين تصلح استاذة لاهوت ولغة قطع الأذن...
» واحد يكتب من قلب,,, وانواع التحطيم في الرد

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات أولاد أم النور :: المنتـــديــــــــات الروحــــية :: اللاهوتيات والعقـائـد :: اللاهوت المقارن-
انتقل الى: